صدرت حديثًا عن دار ألكا للنشر والترجمة النسخة العربية لكتاب ألكسندر دوغين “الخلاص من الغرب.. الأوراسية.. الحضارات الأرضية مقابل الحضارات الأطلسية”، من ترجمة الروائي والكاتب علي بدر.
وقال المترجم في مقدمته للكتاب: منذ فترة وجيزة، كنت ترجمت وقدّمت للعربية كتاب “الإنسان الإله” ليوفال نوح هراري، وأطروحته الأساسية هي الانتصار الساحق لليبرالية الغربية، بوصفها الخلاصة النهائية لجميع جهود البشر، اليوم أترجم أطروحة معاكسة تمامًا فبدلًا من الانتصار الساحق للتقنية وتكنولوجيا النانو التي يبشر بها هراري في العصر ما بعد الليبرالي، فإن الفيلسوف الروسي ألكسندر دوغين يبشر بالحركة الثقافية الأوراسية، التي تشتمل على أطروحة فلسفية سياسية معادية لليبرالية تمامًا، ومعادية للنظم الغربية وللحضارات الأطلسية. ويبين عبر قراءة معمقة تناقضاتها وانهيارها الوشيك، إذ ستسمح كحتمية تاريخية للنظرية الأوراسية بالانتصار الساحق، ولكنها كفلسفة لا تدعي عالميتها، ولا قطبيتها الوحيدة، ولا تفرض نفسها على الثقافات الأخرى، كما فعلت الليبرالية طوال القرن العشرين، وبداية هذا القرن.
فما هي هذه العقيدة؟ وإلى أية فلسفة تنتمي؟، يتابع بدر موضحًا: للأوراسية شقان، شق جيوبوليتيكي، وشق أيديولوجي سياسي. الجيوبولتيكي يعين الأوراسية بالمنطقة الممتدة بين أوروبا وآسيا، وتشمل حضارات أربع، الحضارة الروسية، والحضارة الصينية، والحضارة الهندية، والحضارة الإيرانية. وهي حضارات أرضية تللورية تقوم بصراع أبدي مع الحضارات الثالاسقراطية البحرية والأطلسية، مثل بريطانيا وفرنسا قديمًا، والآن أميركا. وتتعلق الحضارات التللورية بالأرض، فالفكرة الأساسية في هذا المفهوم أنها فلسفة تفسر الناس وحياتهم وثقافتهم من خلال الأرض التي يسكنونها، فهذه الشعوب تحافظ على القديم والروحاني، وتتصف بالشمولية والمحافظة، وتقاوم بضراوة قيم الحضارات البحرية التي تصفها بالتقلب، كما أن الحضارات الأرضية تنافي قيم الحضارات الدنيوية، وتعادي أفكارها ولا سيما الأفكار الليبرالية وأيديولوجيا الحداثة وقيم عصر الأنوار.
وطبقًا لهذه النظرية، فإن روسيا والسلاف والرومان واليونانيين والصينيين والهنود والمسلمين “هم كيان قاري” في حد ذاته يدعى أوراسيا. وهو تعريف قدمه الفيلسوف بيوتر ياكوفليفيتش تشاداييف في عام 1829، الذي يقول: “نحن لا ننتمي إلى أي من العائلات العظيمة للبشرية. نحن لسنا من الغرب، ولا من الشرق، وليس لدينا تقاليد هذا أو ذاك… نتكئ بمرفق واحد على الصين، والآخر على ألمانيا. يجب أن نوحد فينا المبدأين العظيمين للطبيعة الذكية”، على العكس من الفيلسوف ألكسندر هرتزن، الذي كان يقول “نحن ذلك الجزء من أوروبا الذي يمتد بين أميركا وأوروبا، ويكفينا ذلك”.