اجتماعالتنويري

هوامش على جدران الصراع الفلسطيني الصهيوني

انشغلت وسائل الإعلام العربية والعالمية منذ أيام مضت بالأحداث والمشاهد التي لا تبدو تتصل بالإنسانية تلك التي حدثت بحي الشيخ جراح على أيدي قوات المحتل الصهيوني ضمن مفردات الصراع الفلسطيني مع الكيان الصهيوني وهي مفردات لم تنقضي حتى حين الكتابة، وعلى حسب كافة وسائل الإعلام في الكرة الأرضية فإن تفاصيل هذا العدوان ترجع إلى قصة قديمة ؛ تحديدا حينما  هُجرت عدة عائلات فلسطينية من ذلك الحي عام 1948، وكان عام 1972، هو الوقت الذي زعمت فيه، جمعيات يهودية، أنها تمتلك وثائق بملكيتها للأراضي التي أقيمت عليها، منازل الحي، وتعود تلك الوثائق إلى أواخر القرن التاسع عشر، بحسب ادعاء لجنتي اليهود الأشكناز والسفارديم. وتذكر الموسوعة المعرفية العالمية (ويكيبيديا ) عن حي الشيخ جراح أنه  قرية مقدسية – فلسطينية تتبع لمدينة القدس وهي في الجانب الشرقي لها الذي وقع تحت الاحتلال الإسرائيلي السافر في حرب 1967.

وهي الآن من أحياء القدس الشرقية. وتذكر الموسوعة أن حي الشيخ جراح أخذ بالقدس اسمه، من الأمير حسام الدين بن شرف الدين عيسى الجراحي، طبيب القائد الخالد صلاح الدين الأيوبي، الذي لا يزال يمثل الرمز العربي والإسلامي الرائع والمثالي للقائد والمجاهد منذ نحو 900 عامًا، ووهذا الحي منذ سنوات وليس الآن يتهدده ـ حسب المصادر التاريخية المعاصرة ـ مخطط إسرائيلي استيطاني تم الإعلان عنه ويتضمن بناء 200 وحدة سكنية لإسكان مستوطنين يهود فيها، وسط هذا الحي العربي الواقع في القدس الشرقية المحتلة عام 1967م.

وتؤكد المصادر التاريخية التي تناقلتها وسائل الإعلام مؤخرا بأن مجير الدين الحنبلي المقدسي العُمري (860-928هـ) ذكر في كتابه الموسوم بـ “الأُنس الجليل في تاريخ القدس والجليل” والذي يُعرف في عالم الوثائق والمكتبات بتاريخ الحنبلي، إنه رأى زاوية في القدس، باسم الزاوية الجراحية، وتقع بظاهر القدس، من جهة الشمال كما حددها، وأضاف الحنبلي في كتابه: “ولها وقفٌ ووظائف مرتبة ونسبتها لواقفها الأمير حسام الدين الحسين بن شرف الدين عيسى الجراحي”.

والقصة المكرورة التي نجترها بصورة مدرسية والتي تعني شراسة العدوان الصهيوني على القدس وأهلها وهذه الرارة الإلكترونية المتمثلة في تغريدات العرب ومنشوراتهم أيضا على الفيس بوك وثمة تصريحات ودعوات تبدو بطيئة كالعادة من الحكومات العربية وسط تغافل عالمي غربي بحكم العلاقات الوطيدة بين الغرب الأوروبي وأمريكا والكيان الصهيوني تجعلنا نرمز بغير تلميح بل بقوة التصريح إلى أن العالم العربي من قدره المسكين أنه لم ينتبه العالم العربي بعد أن غفوته الاستثنائية عن الخطر الصهيوني ستسبب له عما قريب الكثير من المشكلات والأزمات التي قد يجد نفسه حائرا في مواجهتها بفضل ما يعتري العالم العربي من أزمات سياسية وظواهر وافدة على المشهد العربي مثل تنظيم الدولة الإسلامية( داعش ) والذي يقدم للكيان الصهيوني أكبر خدمة ممكنة في إضعاف وتفتيت النسيج العربي.

كذلك وقبيل العودة إلى قصة الكيان الصهيوني ومجازره الدموية بحق الشعب الفلسطيني، فإن هذا التنظيم جنبا بجنب مع آلاف المنتسبين لجماعة الإخوان الذي ادعوا أنهم سيزحفوا إلى القدس بالملايين ضمن أكاذيبهم التاريخية، فضلا عن مئات بل وآلاف السلفيين وأنصار بيت المقدس وجماعة التكفير والهجرة الذين لم يهاجروا إلى فلسطين بل هاجروا للداخل بحكم تكوينهم النفسي المريض، كل هؤلاء لم ينطلقوا لنصرة شعب فلسطين، ولم يتحرك لهم ساكن صوب القدس الشريف، بل كان ولا يزال جُل همهم ومنالهم ومطمحهم الخالد هو قتال المسلمين في الداخل والجهاد في وجه الشرطة والجيش والمدنيين أيضا بدلا من تجسيد كافة ادعاءاتهم السابقة والزائفة أيضا بنصرة فلسطين.

إن كافة أحداث حي الشيخ جراح تؤكد حقيقة كذب وزيف الجماعات المسلحة في فلسطين مثل حماس التي دعمت جماعة الإخوان في مصر من أجل تقويض الأمن والاستقرار، وصورت أقبح مشهد يمكن توصيفه حينما نجحت جماعات الإرهاب في فلسطين وأيضا تنظيم داعش في تمويل وتغذية التطرف والإرهاب داخل مصر وقتل المئات من الجنود والضباط المصريين وتهريب الأسلحة الثقيلة والخفيفة والمتوسطة وإمداد المتطرفين في سيناء وغرب مصر بالمتفجرات من أجل قتل الضباط والجنود المصريين، وفي الوقت ذاته لم يبرروا هذا التقاعس البليد في نصرة فلسطين.

وربما هوس الإرهابيين وولعهم بمصر وفتنتهم الغرامية بحكم المحروسة جعلتهم لم يقرأوا المشهد بعناية بل اعتبروه إحدى ألعاب التكنولوجيا التي يغرمون بها مثلها مثل غرامهم بالأفلام الإباحية وفقا لم تم الكشف عنه في أجهزة الحاسوب الخاصة بقيادات تنظيم القاعدة، كذلك هوسهم المحموم بجهاد النكاح والحب والمرأة التي تشكل صداعا برؤوسهم الأمر الذي يستدعي التدخل النفسي العلاجي، كل هذه المغيبات التي تجعلهم بمنأى عن أحداث فلسطين    لم توقظهم من سباتهم الطويل ولم يلتفتوا حتى الآن إلى أن الكيان الصهيوني هو عدو غاشم، وأن كل الجماعات التي تتدعي الجهاد الإسلامي هي حفنة من الأسطوانات الصوتية والأفلام الوثائقية والخطب المنبرية فحسب.

1 ـ مَشْهَدُ الغَفْوَةِ:

وهناك ثمة مشكلة تتعلق بهوية المواطن العربي الجغرافية، ودونما شك أن هذا المواطن الذي اغرورق في إحداثيات المشهد السياسي الداخلي ولم يستفق بعد على كتابات وتحذيرات المفكر العربي المصري جمال حمدان، لم يلتفت إلى وجود الكيان الصهيوني في دائرة جغرافيته التي هي بالقطع تاريخ الإنسان على الأرض، والمشكلة أن المواطن العربي لم يلتفت إلى المحاولات الاصطناعية الصهيونية لتغيير معالم الخريطة العربية ليس بحدودها وتخومها التضاريسية والمادية، بل هو تغيير ثقافي وحضاري وتغلغل أيديولوجي في الوقت الذي فطنت فيه إسرائيل بأن العرب أصبحوا مؤهلين تماماً لاستمراء مشهد الغفوة التاريخية لمصيرهم الراهن.

وبرغم احترامنا للخريطة ولعلماء الجغرافيا الأكاديمين رغم فقرهم التنويري في الألفية الثالثة إلا أن علاقتنا بالخريطة وبشكل المنطقة الجغرافي أصبحت علاقة عكسية لدرجة أننا لو استطلعنا الرأي بشأن احتفاظ العربي بخارطة الوطن العربي لاكتشفنا ندرة الاقتناء مما يعكس حالة التوهان والاستغراق في الغفوة القومية. ولاشك أن الكيان الصهيوني في حالة من السعادة المطلقة لشيوع فوضى الإحساس الجغرافي لدى العرب وانتشاء المواطن العربي بحالات الجمود السياسية لاسيما في سوريا واليمن والعراق وليبيا.

 

2 ـ رَأسِيَّاً صَوْبَ الاسْتِيْطَانِ:

الاعتماد على الذاكرة فيما يخص العلاقة بين العرب وإسرائيل من التفاصيل التي لا يمكن الفكاك من شَرَكها الحتمي، وكعادة الشعوب العربية هي لا ترى أزماتها التاريخية والسياسية والثقافية والاجتماعية حتى مشكلاتها المتعلقة بالبنية التحتية إلا من منظور صهيوني استثنائي، بل وبات العرب مولعاً بفكرة الصراع الصهيوني ذي الصبغة الأمريكية على الاستحواذ على عقله وجسده وهويته، وبالتأكيد هذا المعنى موجود بالفعل في أجندة المؤامرات الصهيونية على دول الشرق الأوسط لاسيما الدول التي تتمتع بهويات فريدة وتاريخ ضارب في التكوين مثل مصر وسوريا وبعض الأحايين المملكة المغربية بوصفها آخر القلاع الإسلامية التي كانت شريكة للأندلس قبل سقوطها.

لكن تبقى المشكلة الأزلية التي يعاني منها العقل العربي ولا يمكنه التخلص من آثارها، وهي توصيف الكيان الصهيوني المعروف بإسرائيل من خلال ذهنية عربية خالصة، وهي رؤية تكاد تكون تخييلية قائمة على المشاهد الدموية التي تبثها بعض القنوات الإخبارية عن المجازر الإسرائيلية بشأن الشعب الفلسطيني، أو من خلال مجموعة من المتون الثقافية القديمة التي تصور اليهودي إما على أنه تاجر مرابي، أو صاحب حانوت لبيع الخمور، أو جاسوس متلصص، وهذا بفضل الإعلام المرئي السطحي الذي يعاني منه المجتمع العربي منذ عقود بعيدة.

وبحق، تعد مشكلة الصراع العربي الإسرائيلي من أبرز المشكلات المعاصرة والتي تلقي بظلالها على ممارسات المشهد السياسي، وهي مشكلة لها جذور متأصلة  لكننا نصر دوماً على الاقتناع بالرواية الرسمية الفلسطينية الإسرائيلية وهو السرد التي نراه مكتوب في مساجلات المفاوضات العلانية بين طرفي النزاع وإن كان العرب كدول يعد طرفاً رئيساً في هذا النزاع التاريخي، وهذه الرواية الأقرب لمؤتمرات حقوق الإنسان ؛ كلام مجرد وفعل غائب، وجوهر ضائع.

وهذه القضية، قضية الصراع العربي الإسرائيلي تاريخ طويل من المفاوضات السرية التي لا يعلمها المواطن سوى مجموعة من المشاهد التي تبثها الفضائيات، وهذا التاريخ الطويل من المفاوضات السرية يمكن توصيفه بالمعقد أحياناً وبالغامض أحيانا أخرى، فهو معقد لأن المشكلة لم تحل سياسياً حتى اليوم وإسرائيل نفسها تعلم أن بناء دولة حقيقية لفلسطين مالكة الأرض والتاريخ والتكوين يعني زوال الدولة اليهودية أو بالأحرى الكيان الصهيوني، وغامض لأنه لا توجد أجندة واضحة المعالم وضابطة ذات شرائط حاسمة وحازمة لتلك المفاوضات تلزم طرفي النزاع بحقوق وواجبات غير تمييزية.

 

3 ـ العَرَبُ وإسْرَائِيْل.. مِن الصِّرَاعِ إلى الصِّرَاعِ:

ويعد جوهر الصراع العربي الإسرائيلي معقداً وغامضاً أيضاً، فالعرب ينظرون إلى إسرائيل  على أنها دولة شريرة سارقة لا أخلاق لها، وعلى الشاطئ الآخر يرى اليهود أن العرب ارتضوا الصفقة التي أبرموها مع الفلسطينيين والخاصة ببيع وشراء الأراضي هناك، بل إن من اليهود من يرى أن فلسطين دولة قائمة بذاتها لكنها تحت الانتداب الإسرائيلي بغرض تأهيل وإعداد السكان العرب للحكم الذاتي بعد ذلك، لكن تبقى لهذه القضية ملامح وجذور هي التي تحدد مسار المفاوضات والممارسات بين العرب وإسرائيل.

ولأننا رهن الرواية الفلسطينية الإسرائيلية للأحداث التي تجري على الأراضي العربية فلا يمكن التسليم بصدقها مطلقاً، ولا يمكننا فهم تلك الرواية السياسية بمعزل عن إرهاصاتها التاريخية، ففلسطين التي نراها اليوم جريحة وتستحق الدعم والمساندة كانت الفرصة سانحة أمامها للقضاء على الوجود الصهيوني بأراضيها منذ عقود بعيدة. فهذا محمد أمين الحسيني مفتي القدس 1921 ـ 1922م، طالب بإنهاء فوري الانتداب البريطاني، وبإيقاف الهجرة اليهودية إلى أرض فلسطين، لكنه رغم ذلك قام بوعد غامض وسري من خلال وثيقة سرية مكتوب فيها نصاً ” مع احترام الحقوق الدينية والمدنية لليهود الموجودين في البلاد “.

وإذا نظرنا باستقراء إلى نص الوثيقة الظاهري فيمكننا الإشادة بمفتي القدس آنذاك، ولكن ما وراء السطور أن رأياً كهذا من سلطة دينية وفقهية رسمية أباحت لليهود الاستيطان المشروع ليس فقط من خلال حقوقهم الدينية وشعائرهم التعبدية التي تخالف شريعة الإسلام، بل إن فيها التزاماً بالحقوق المدنية لليهود وربما هذه الوثيقة اتخذها اليهود ذريعة للمواطنة والإقامة في أرض فلسطين بغض النظر عن وجودهم بأمر بريطاني عسكري.

 

4 ـ فِلِسْطِيْنُ الحَائِرَة:

الغريب في شأن تاريخ القضية الفلسطينية، أن بريطانيا نفسها التي أعطت ومنحت بغير وجه حق اليهود صك إقامتهم في فلسطين بمقتضى وعد بلفور جاءت في عام 1939 وأعلنت هدفاً لحكومتها آنذاك وهو كبح جماح الهجرة اليهودية نظراً لتعدد مصالحها ومطامعها التجارية والاقتصادية مع بعض الدول العربية. ورغم صدور هذا الهدف في صورة إعلان رسمي إلا أن الفلسطينيين والعرب لم يستغلوا تلك الفرصة التاريخية في تبرؤ بريطانيا من وعد بلفور المشئوم كمحاولة لزرع سيطرة عربية مطلقة على أرض فلسطين، وربما لأن فلسطين في ذاك العهد كانت تعاني من ثمة أمور مثل المجتمع الزراعي الأمي ثقافياً، والحالة البدائية من الناحية السياسية والتمثيل السياسي الرسمي العالمي هي التي أودت إلى التغلغل اليهودي في الأراضي وسط غياب سياسي رسمي لحكومة فلسطينية. بجانب الافتقار إلى الوعي السياسي على مستوى الأفراد، وغياب مؤسسات الحكم الذاتي هناك.

ثم جاءت عوامل أسهمت بصورة مباشرة في الضياع النسبي للحق الفلسطيني في أرضه، ففلسطين منذ الانتداب البريطاني شهدت حالات الانقسام السياسي والتصدع الداخلي وظهور ما يسمى بالفصائل الفلسطينية وليس اليوم فقط الذي نرى فيه فصائل عديدة مثل فتح وحماس وكتائب عز الدين القسام وأنصار بيت المقدس وغيرها من التيارات والفصائل التي بقدر تعددها وزخمها بالأنصار والعتاد بقدر ما أصبحت وسيلة مساعدة للكيان الصهيوني لتهويد فلسطين ؛ لما تعانيه تلك الفصائل مع انقسام في رؤية المواجهة وآلياتها. بجانب ما يغفل عنه تاريخ العلاقة العربية الإسرائيلية منذ بدء مشكلة الصراع، فالمسيحيون على سبيل المثال في فلسطين وقت الانتداب البريطاني ساعدوا بشكل غير مباشر في استمرار هذا الانتداب الذي يعد البوابة الحقيقية والرسمية لعبور اليهود داخل أرض فلسطين بطريقة شرعية من الوجهة السياسية لكنها غير شرعية من ناحية التاريخ والحقوق.

فحينما كانت سلطة الحسيني نسبة إلى الحاج أمين الحسيني هي السلطة الفلسطينية الرسمية داخل فلسطين، شهدت البلاد وقتها موجات حارة وثورات مستدامة وعنف موجه ضد مسيحي فلسطين الأمر الذي دفع بعضهم إلى مغادرة البلاد، ودفع بالبعض الآخر التسليم بقوة الانتداب البريطاني ومن ثم الوجود الصهيوني. وظهرت في هذه الآونة شيوع التعبيرات الكتابية على جدران المنازل التي توحي بالعداوة تجاه المسيحيين فكاد رد طبيعي نزوح هؤلاء بعيداً عن مناطق التشاحن والصراع الطائفي والديني. وربما لم يلتفت مؤرخ إلى أن حالات الانقسام الإسلامي المسيحي في فلسطين من أبرز العوامل التي هيأت المناخ لليهود لتسيد البلاد وقتها، بل يمكننا الإشارة أيضاً إلى أنه سادت شكوك في صفوف المسلمين الفلسطينيين من أن يقدم المسيحيون على الخيانة لمصلحة البريطانيين، وانتهزت بريطانيا هذه الفرصة باستغلال عامل الديانة في شق وحدة الصف الفلسطيني لصالح الدولة اليهودية المزمع إنشاؤها بعد ذلك.

وهذا الأمر هو الذي دفع وزير الخاريجية البريطاني إرنست بيفن إلى إطلاق مقولته الشهيرة ” ربما يتم التبادل السكاني في المناطق المخصصة للعرب واليهود ” وهو نفس المعنى الذي أشار إليه مهندس الدولة الصهيونية تيودور هرتزل بمصطلح الإبعاد الجماعي اللطيف للعرب. وامتداد لذلك وجدنا الأمم المتحدة منذ أبريل 1947 وهي تدرس الموقف وتوحي باستحياء إلى إنشاء دولتين، عربية ويهودية، غير مشيرة إلى كلمة دولة فلسطينية. حتى كان القرار في التاسع والعشرين من نوفمبر 1947 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة والخاص بتقسيم فلسطين إلى دولتين.

ومنذ ذلك التاريخ والجهود العربية إزاء قضية التقسيم خائبة وباهتة، حتى عمليات السلام التي لا تزال تجري يمكن توصيفها بسلام الخائب الذي فقد كل ما يملكه، واليوم حينما نرى هجوم بعض الدول العربية على بعضها البعض واستمرار التراشق اللفظي وحالات الانقسام السياسي بشأن بعض الأوضاع الداخلية الأكثر خصوصية ندرك على الفور غياب العرب التام عن المشهد الفلسطيني.

5 ـ إِلَى أيْن سَتأخُذُنِي البُقْعَةُ المُسَمَّاةُ بِأرْضِ العَرَبِ ؟

إن تفكك القيادة العربية و جموح التطرف والإرهاب ببعض بلدانها وشيوع حالات الهياج الإعلامي والاستثماري لبعضها أيضاً عوامل تساعد ربما بشكل مقصود غي ضياع قضية أمة وليست قضية وطن فحسب، وبدلاً من أن تهرع بعض القنوات الفضائية الموجهة إلى تقويض الأمن والاستقرار في الشأن الداخلي للدول المجاورة عليها أن تخصص مساحات كبيرة للتأكيد على عروبة هذه القضية المهمة.

إن مشكلات الشأن الداخلي بالعراق وسوريا وليبيا واليمن ربما ستحل قريباً هذا حسب الظن لا اليقين، لاسيما وأن المواطنين هناك ألفوا حياة الاستقرار منذ عقود بائدة، ونعموا طويلاً بحالات من الرفاهية والضبط الأمني، لكن فلسطين التي من قدرها أن تعاني التهميش العربي والتجاهل العالمي على مستوى المؤسسات هي بحق أولى وأهم من إلقاء الضوء على حقها التاريخي في أراضيها، وإذا كان اليهود في شتى بقاع الأرض ينقبون هنا ويفتشون هناك ويزيفون حقيقة ويشوهون معلماً من أجل بقاء لن يدوم على أرض فلسطين، فإن حالات الغياب العلمي عند العربي مؤسفة ومحزنة، ومن المحزن حقاً انفراد جامعاتنا العربية ببحوث مستهلكة ودراسات تفتقر إلى الصدق والمنهجية العلمية من أجل اللهاث وراء شهرة أو مال أن تغيب عن المشهد الفلسطيني، فأين بحوثهم المدعمة وأين الاكتشافات الجيولوجية والجغرافية التي تدحض مزاعم هؤلاء اليهود. وإذا كان من قدر إسرائيل أن تغتصب وطناً عربياً وسط تجاهل وغياب عربي، فإن من قدرها أيضاً أن من بين العرب الغافلين أناساً مهمومين بتقويض الكيان الصهيوني الخبيث، وحلم استرداد المسجد الأقصى بغير رجعة لليهود، وللأيادي الملطخة بدماء الخيانة والتقاعس.

6 ـ فِي تَوْصِيْفِ مَلامِحِ الصِّرَاعِ العَرَبِيِّ الإسْرَائِيلِيِّ:

ولعله من اليسير  توصيف ملامح الصراع بين العرب كدولة كبيرة موحدة ومتكاملة وبين الكيان الصهيوني الذي ظل يسعى ولا يزال لتكوين دولة مؤسسات تستهدف تقويض هذه الدولة القوية والمتماسكة من جهة، وإلى نسف كل معالم العربية والعروبة في منطقة فلسطين في الوقت الذي غاب العرب فيه عن المشهد سياسياً واقتصادياً وتعليمياً وتحول من سيد مطاع إلى حالات من التشتت في الوقت الذي سعت فيه إسرائيل إلى إعلان التسيد المطلق في جوانب التسليح والأمن الداخلي و الارتقاء غير المنازع في مجال الاقتصاديات المعرفية وتكنولوجيا المعلومات.

وبمجرد أن انتهى الكيان الصهيوني من توثيق استيطانه الهمجي الذي خالف فيه كل الأعراف الإنسانية بمساعدة أمريكية وتمويلات مشبوهة من قطاعات أوروبية كثيرة بحجة التعاطف التاريخي إزاء ما جرى لليهود من تعذيب واضطهاد وممارسة عنصرية وتحقير في المجتمعات الأوروبية، جاء التفكير إلى كتابة سيرة ذاتية جديدة لكيان صهيوني تتيح لليهود إقامة وطن ولو عن طريق الاغتصاب وتشتيت الأعراق والأنساب الأخرى، ويكفي للقارئ أن يقرأ مقدمة كتاب الباحث المصري محمد السماك المعنون بـ ” الصهيونية المسيحية والموقف الأمريكي ” رغم صغره ليكتشف تاريخ التغلغل الصهيوني في فلسطين والذي يمكن توصيفه بملامح كتابة السيرة الذاتية لوطن لا أصل له، لكن حينما نستعرض التواريخ منذ سنة 1492 م حتى عامنا هذا لأدركنا على الفور أن بني صهيون يسيرون وفق مخطط محكم ومنظم ولا يتغير بتغير الأجواء الزمانية والمكانية والإحداثيات السياسية والاجتماعية الواقعة بالمحيط العربي أو بتغير الأنظمة الحاكمة سواء داخل إسرائيل أو في الدول والبلدان المجاورة. ولعل عام 1839 م هو البداية الحقيقية لتكريس واقع وحقيقة جديدة تسمى إسرائيل وبداية تاريخية تمنحهم الوجود المكاني لإقامة دولة وكيان على أرض فلسطين العربية.

فهؤلاء اليهود الذين اعتقدوا أنهم بحق شعب الله المختار، فكروا لوقت طويل كيف يكون لله شعب ولا يكون للرب وطن ؟ ومن هنا جاءت المؤامرة الخبيثة لتكريس وجود صهيوني على أرض فلسطين ولو بصورة ورقية ومؤتمرات تنظيرية وكتب ومطبوعات تمهد لكتابة سيرة ذاتية لوطن لا وجود له في الأصل. ففي عام 1839 جاءت مذكرة سكرتير البحرية الإنجليزية إلى وزير الخارجية بالمرستون التي يقترح فيها دعوة أوروبا إلى الاقتداء بقورش لإعادة اليهود إلى فلسطين. وبعدها بعام واحد أس في سنة 1840 كانت الرسالة من بالمرستون إلى سفير إنجلترا بالقطسنطينية من أجل حث السلطان العثماني الضعيف زمنياً وعسكرياً وسيادياً على تحويل هجرة يهود أوروبا الشرقية إلى فلسطين.

وسرعان ما تحولت الرسائل والمذكرات الشخصية وإن كانت بصفة رسمية إلى مؤتمرات وندوات علانية من أجل تعميق فكرة إقامة وطن يهودي صهيوني على الأراضي الفلسطينية وتلازم مع هذه المؤتمرات قرارات برلمانية تؤيد الفكرة، ففي سنة 1844 وافق البرلمان البريطاني على تأليف وتشكيل لجنة اسمها ” إعادة أمة اليهود إلى فلسطين “، ثم جاء عام 1845 ليكون بداية للمشروع الصهيوني في فلسطين بشكل رسمي، فلقد ظهر لأول مرة مشروع إدوارد متفورد وهو ” إقامة دولة يهودية متكاملة في فلسطين ” وبالطبع كان المشروع تحت الحماية الإنجليزية المؤقتة وذلك حتى تتمكن الدولة الناشئة من الوقوف على أقدامها بثبات. وتوالت الكتب والمشروعات الدنيئة التي تسعى وتحث قادة العالم بضرورة إعادة الأمة اليهودية إلى إسرائيل مثل كتاب إرنست لاراهان المستشار الخاص لنابليون الثالث بعنوان ” المسألة الشرقية: إعادة بناء الأمة اليهودية “. ثم كتاب ” أرض جلعاد ” لعضو البرلمان الإنجليزي لورنس أوليفنت الذي صار بعد ذلك وزيراً للخارجية، وفي هذا الكتاب اقترح إقامة مستوطنة يهودية على مساحة مليون ونصف المليون فدان إلى الشرق من نهر الأردن، وتحديداً ليهاجر إليها يهود روسيا ورومانيا.

 

7 ـ لِمَاذَا تَسْعَى إسْرَائِيْل إلى تَرْوِيْجِ سِيْرَتِها الذَّاتِيَّةِ ؟

وبالقطع أمر خطير أن نشير على عجل إلى تفكير الكيان الصهيوني بتوثيق وكتابة أي حدث سياسي أو اجتماعي أو ثقافي تتم فيه إشارة بسيطة إلى كلمة يهود أو يهودية أو إسرائيل، وكذلك توثيق أية كلمات تتعلق بوطن أو دولة أو هجرة أو مستوطنة تحديداً في الفترة التي سبقت الإعلان عن الوجود الرسمي لإسرائل في المحافل الدولية أي قبيل عام 1948، وهذه الفترة التي سبقت الإعلان تفرغت الكيانات الصهيونية العالمية إلى تسجيل كل إشارة أو لمحة دالة عن إسرائيل أو وطن لليهود حتى وإن كانت مجرد خبر صحافي قصير في جريدة غير مقروءة أو مطبوعة محلية. وربما المساندة الأمريكية التي وقفت بجانب المساعي غير المحمودة للصهاينة هي التي أغرت اليهود بتوثيق وكتابة سيرة ذاتية لملامح دولة في طريقها للإنشاء. فها هو هاري ترومان الرئيس الأمريكي في عام 1947 يدعو إلى تحقيق أكثرية يهودية في فلسطين، ووجه مذكرة بشأن ذلك إلى رئيس الحكومة الإنجليزية تسمح لمائة ألف مهاجر يهودي بدخول فلسطين.

المثير في شأن المسألة الصهيونية حقا هو الدعم المسيحي لتأكيد وتكريس هذا الكيان، وهذا لم يكن وليد القرن العشرين، بل له إرهاصات متجزرة في السيرة الذاتية للصهيونية، فنجد على سبيل المثال مارتن لوثر وهو زعيم ورائد حركة الإصلاح الديني المسيحي ورائد المذهب البروتستانتي يقول في كتابه المعنون بـ ” عيسى ولد يهودياً ” المنشور عام 1523م: ” إن اليهود أبناء الله ونحن الضيوف الغرباء ” ويردف قائلا في كتابه في موضع آخر: ” إن الروح القدس أنزل كل أسفار الكتاب المقدس عن طريق اليهود وحدهم “. وربما هذا وإن كان يعكس الطبيعة المسالمة بعض الشئ للمسيحيين إزاء اليهود إلا أنه يبرهن عن خشية التيار المسيحي آنذاك من الشعور الدائم بالكراهية من جانب اليهود وهذا نجده في الأسفار اليهودية مثل: ” من يفعل خيراً للمسيحيين فلن يقوم من قبره قط “، وأيضاً ” يجب على اليهود السعي الدائم لغش المسيحيين “.

لكننا نرى مداً سافراً لمارتن لوثر وهو يمجد اليهود واليهودية بغير تبرير سوى الذي ذكرناه سالفاً فنجده يقول في موضع آخر من كتابه: ” علينا أن نرضى بأن نكون كالكلاب التي تأكل مما يتساقط من فتات مائدة أسيادها كالمرأة الكنعانية تماماً “. وربما هذا التحول في فكر المسيحية تجاه اليهود واليهودية ارتبط بالظهور الثاني للمسيح والمرهون بقيام دولة لهم على أرض فلسطين.

لكن بات من الملفت للنظر والاهتمام معا أن الظهور الصهيوني في منطقة الشرق الأوسط تحول من مجرد استيطان بشري طفيف إلى موجات استعمارية تعكس الهدف الأسمى لديهم وهو استقطاب المنطقة وامتلاكها والسيطرة على مفاصلها جميعاً، وهذه الموجات بدأت بالفعل منذ الانهيار العسكري الذي تم في الخامس من يونيو عام 1967، والذي بمقتضاه بدأ الكيان الصهيوني في تسجيل سيرته الذاتية بسطور من الصعوبة محوها رغم انتصارنا التاريخي العظيم في حرب أكتوبر 1973، إلا أن هذا الانكسار الموسوم بنكسة يونيو كان بمثابة الإعلان عن علم ووطن وجيش لكيان هيولي لا أصل له بالنسبة لاعتقاداتنا التاريخية، لكنه تم بالفعل. وهذا ما سمح لإسرائيل التي أصبحت دولة رغم امتعاض الدول العربية والإسلامية ورفضها المطلق لوجودها دون نتيجة أو قرار بحلها، بالإعارة على المخيمات الفلسطينية على الأراضي اللبنانية في 1969مستخدمة طائرات أمريكية الصنع، وهي في الأساس لم تكن تستهدف المخيمات الفلسطينية أو بحاجة إلى مطاردة الفلسطينيين الذين فروا من أراضيهم المقدسة بقدر ما حاولت إسرائيل أن تسجل فصلاً جديداً في سيرتها الذاتية الصنع بأنها قادرة على النيل من دول الجوار أيضاً تحقيقاً لنفوذ عسكري حتى وإن لم تسعى إلى احتلال الأراضي اللبنانية.

وباسترجاع تواريخ سابقة يمكن تحديد معالم السيرة الذاتية التي دشنتها إسرائيل، وهي بالقطع سيرة ذاتية دموية، ولك أن تتأمل الفترة العسكرية التي خاضتها ومرت بها إسرائيل من أجل تفكيك القوة العربية، وسرعان ما انتهت هذه الفترة بتقويض الطاقات العربية حتى تسيدت إسرائيل المجلات الاقتصادية والمعرفية والتكنولوجية، ففي الفترة من 1978 وحتى 1990 نجد إسرائيل تجدد الهجوم على لبنان وتقصف المفاعل النووي بالعراق، وترتكب أبشع مجازر القرن العشرين في صبرا وشاتيلا، ثم تستهدف تهجير يهود الأرض من كل مكان مثل الاتحاد السوفيتي سابقا وأثيوبيا إلى فلسطين العربية، وفي الوقت الذي انشغلت فيه الدول العربية المسكينة في تضميد جراحها سعت إسرائيل إلى التفرد والانفراد الثقافي والعلمي بدليل عدد براءات الاختراعات الهائلة في الكم والكيف والاستخدام والإفادة أيضاً، وأيضاً عدد الفائزين بجائزة نوبل في الطب والفيزياء والكيمياء، في الوقت الذي ذهبنا نحن مهتمين بالبحث لنا عن مكان ما بزاوية منسية لإلقاء قصيدة تندد بوحشية الصهاينة، وآخر ذهب ليجدد بكاء العجائز من السيدات من خلال رواية محلية الصياغة تشجب مجازر الإسرائيليين، بينما هم مستمرون في كتابة سيرتهم الذاتية بحروف لا تنمحي بتعاقب السنين.

الأمر الذي لم يعد خافياً على المراقبين للمسألة الصهيونية، أن هناك مرحلة رئيسة بعد قيام دولة إسرائيل تحديداً مرحلة السيرة الذاتية لهذا الكيان غير الطبيعي في الأراضي العربية، وهو المساعدات الأمريكية غير المنتهية ففي عام 1984 أقرضت الولايات المتحدة إسرائيل مئة مليون دولار، وبعدها بعام واحدة أي في 1949 قامت بمساعدة إسرائيل من أجل إنمائها بمنحة قيمتها مئة وخمسين دولار، في الوقت الذي فرضت شروطاً صارمة على بيع الأسلحة إلى باقي الدول العربية وهذا ما حدث بالفعل في 1954، وفي الوقت الذي تمد فيه الولايات المتحدة الأمريكية إسرائيل بأحدث الأسلحة النووية تلجأ هي إلى قرارات مجلس الأمن المسيس بضرورة إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أية أسلحة نووية حفاظاً على تميز إسرائل العسكري من ناحية وبقاء للسيادة العسكرية الأمريكية من ناحية أخرى.

وقد يعجب القارئ حينما يكتشف وجود عدة مؤتمرات ومنظمات أمريكية يهودية استهدفت ربط سلامة أمريكا بسلامة إسرائيل مثل مؤتمر القيادة الوطنية المسيحية من أجل إسرائيل ومقره بنسلفانيا وشعاره ” حتى تكون مسيحياً يجب أن تكون يهودياً “، ومهمته نشر بيانات صحافية تأييداً لإسرائيل،وكذلك الاتحاد المسيحي من أجل سلامة أمريكا الذي يؤكد نظرية رضى الرب على أمريكا من خلال حسن معاملتهم لإسرائيل، بالإضافة إلى منظمة ” جبل المعبد ” ومهمتها إعادة بناء هيكل سليمان في القدس، ومقرها مدينة القدس نفسها، وهي تقوم بمهمة جمع الأموال لامتلاك العقارات والمباني المجاورة لموقع الهيكل بالإضافة إلى الإنفاق على عمليات الحفر التي تجري ليل نهار تحت المسجد الأقصى.

أخطر ما في الأمر أن خطابنا الثقافي والديني تجاه الكيان الصهيوني لا يزال يردد النغمة القديمة والمكرورة والتي تشير بأن الصهاينة هم أرذل البشر وأنهم القردة والخنازير وعلينا محاربتهم دوماً، وهذا ليس بكفيل لتحقيق النصر والانتصار على كيان ليس طبيعياً لأنه بالفعل جنين مشوه بأرض عربية إسلامية، لقد اعتدت سماع الخطب وقراءة الكتب التي يمكن توصيفها بالرقائق، تلك التي تندد بإسرائيل وبأهلها وأنهم أهل دعارة وفجور وفساد، ويميلون بطبيعتهم إلى الغدر والخيانة، وعشرات بل ومئات المنشورات الورقية التي توزع على المارة من أجل تصوير المجازر الإسرائيلية، لكن الأمر ينبغي أن يتعدى هذا الفعل الأخرس، لأن إسرائيل بالفعل تعمل وتنتج وتصدر وتبتكر وتسعى بأي صورة مشروعة وغير مشروعة للتسيد وافتراس المنطقة العربية من خلال نخب من العلماء والمخترعين والمبدعين، وكثيراً ما أرى أسماء كثيرة إسرائيلية ضمن قوائم علماء الطبيعة والرياضيات والفلك والاقتصاد و الصناعة عموما والزراعة مؤخراً، وقلما أجد أسماء لامعة أو ذات مكانة مرموقة في مجال الأدب والشعر والفلسفة والتاريخ، على العكس من واقعنا المتأجج أدباً وكلاماً وأقوالاً وحكمة وشعارات ضاقت بها الكتب حتى استقرت على الجدران والحوائط المعروفة الآن بالجرافيتي.

 

الدكتور بليغ حمدي إسماعيل

أستاذ  المناهج وطرائق تدريس اللغة العربية (م)

كلية التربية ـ جامعة المنيا

________________

**يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب، وليس بالضرورة عن رأي التنويري.


اكتشاف المزيد من التنويري

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة