الحق الإنساني
شرع الله تعالى للإنسان الحقوق التي من شأنها تحقيق سعادته وحفظ مصالحه، فكان القرآن الكريم هو الأسبق في تقرير حقوق الإنسان التي تتغنَّى بها حضارات اليوم، والأشمل لجميع أنواع الحقوق والأكثر عدالة واحترامًا للإنسان، ومن الحقوق التي نصَّ عليها القرآن الكريم حقّ الحياة والمساواة والحرّيَّة والملكيَّة والتعليم والعمل والأمن وحقوق الأسرة والضمان والتكافل الاجتماعي.
وتكاملت الصيغة النهائيَّة لدستور حقوق الإنسان بنزول الدساتير الإلهيَّة التي أولت تلك الحقوق اهتمامًا عظيمًا انطلاقًا من مبدأ تكريم الإنسان خليفة الله في الأرض لإنسانيته الحقَّة التي لا تتكامل إلا بعد أن تحقّ له الحقوق الموجبة لإنسانيته ولفطرته البشريَّة، فحقّه في الحياة وفي حرّيَّة التفكير والتعبير من مصاديق الإكرام له وطلب المساواة والسلام وعدم الاعتداء وحبّ الفضيلة وازدراء كل ما من شأنه التقليل من كرامته حقّ مشروع له مكفول بما شرعه الله تعالى له ويجب أن تكفله له أيضًا القوانين الوضعيَّة ولنتوسع في حقّ الحريَّة المكفولة ضمن حقوقه الإنسانيَّة نظرًا لما به الحرّيَّة هي في جوانب التفكير والتعبير والحوار التي تربط مع بعضها ارتباطًا وثيقًا؛ لأنّها تنبع من مصدرٍ واحد هو العقل البشري جوهر الإنسان المميَّز.
الإسلام يقرّ بأنّ من العدل تأتي الحقوق وتضمن سائر المقرّرات والحرّيّات المشرّعة لبني الإنسان، وإذا ما اغتصبت حقوق الإنسان الطبيعيَّة وصودرت حرّيّاته، فإنَّ ذلك يعني تفشّي الظلم والطغيان وما يترتّب على ذلك، من اضطهاد ومعاناة لأبناء الشعوب والأمم، سواء من المسلمين أو غيرهم وكل ذلك يعني الإخلال بالسلوك والنظام الإنساني وتغييب العدل.
إنَّ جميع الحقوق تستقى من حرّيَّة الإنسان، وتصبح مضمونة بتنفيذ الواجبات والتكاليف في الاجتماع والسياسة والمجتمع السليم والسعيد هو الذي تكون فيه الحرّيّات والحقوق مكفولة.
لقد دعا الإسلام منذ بزوغ فجره إلى صيانة حقوق الإنسان، ورفع شعارها في جميع المجالات، كما أنّه دعا على حرّيَّة التفكير ولم يلغ الطاقات العقليَّة التي وهبها الله للإنسان، فهو يقرّ إقرارًا صريحًا واضحًا بحرّيَّة الفكر وانطلاق النفس من كل خرافة ووهم، ودعا بقوّة إلى نبذ ما كان عليه السلف الجاهلي من ضلالات وتقاليد وهميَّة جائرة وسياسات ذات نزعة تسلّطيَّة، فهو قرَّر العبوديَّة لله وحده، وهي التحرّر الواقعي من الخضوع للغير.
غير أنَّ بعض المتأسلمين للأسف حوّلوا معاني الرّحمة والرأفة والسلام التي يكرِّرها النصّ القرآني وراحوا يؤولونها بما تخدم مصالحهم الجشعة وتسيء إلى الإسلام.
______
*الراصد التنويري/ العدد الرابع (4)/ نيسان- إبريل/ 2009.
اكتشاف المزيد من التنويري
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.