التنويريتربية وتعليمسلايدر

وسائل التواصل الاجتماعي وأثرها على الأبناء

                                        

تهدف مواقع التواصل الاجتماعي بشكل عام إلى تسهيل عمليَّة التواصل في جميع أنحاء العالم وخلق التفاعل بين الناس على مختلف مشاربهم وأضحت جزءاً من حياتنا لا يمكننا الاستغناء عنها، ونجد فيها الكثير من المنافع لأبنائنا، كما نلمس بعض أضرارها وسلبياتها، فما هي أوجه الاستفادة منها؟ وكيف السبيل إلى ترشيد استعمالها؟ وما هو أثرها على الأبناء؟

ما هي وسائل التواصل الاجتماعي؟

وسائل التواصل الاجتماعي عبارة عن شبكات إلكترونيَّة تسمح للمستخدم بإنشاء موقع خاص مع إمكانيَّة ربطه بالمواقع الأخرى بهدف التواصل والتعارف وتبادل المعلومات والمقاطع الصوتيَّة والمرئيَّة والمدوّنات الصغيرة، وأعظم ما أضفته هذه الوسائل هو التفاعل بين الناس حيث صار بإمكاننا التعليق على آراء الآخرين واستشارتهم والاقتباس منهم [1].ويعد الفيس بوك وتويتر ويوتيوب وإنستغرام والوتساب أفضل البرامج وأبرزها التي تتيح للمستخدمين العديد من الميزات والخدمات.

مقالات ذات صلة

أوجه الاستفادة:

لوسائل التواصل الاجتماعي فوائد عديدة، تتجلى في سهولة التواصل بين أفراد المجتمع بشكل مباشر، وتساهم في زيادة المفاهيم والمعلومات وتطوير المهارات لدى الأبناء، فتشبع خيال الطفل بشكل لا مثيل له وتزيد من نشاطه وحيويته وتنمي ذكاءه وتزيد من سرعة التفكير لديه[2]، والألعاب الإلكترونيَّة بدورها تعزِّز من القدرات العقليَّة المختلفة لدى الصغار بنفس الأسلوب الذي تعزِّز فيه التمارين الرياضيَّة والمهارات الحركيَّة وبنفس الأسلوب الذي تقوى به عضلات أجسامنا[3]،وهذه الوسائل قد اختصرت كثيرا من الوقت ووفَّرت لنا عددا هائلا من الإحصائيات والأرقام والمؤشِّرات، وكل يوم نجد على مواقع التواصل ملايين الفيديوهات التي يتعلَّم منها الكبار والصغار وهم في بيوتهم وهذا شيء رائع ومفيد، والجميل أنه بإمكان الأبناء اليوم في أي مكان من العالم الحصول على التعليم والتدريب عن بعد فهناك الملايين من الموارد الرقميَّة التعليميَّة التي توضع كل يوم على شبكة الانترنيت وبذلك تمَّ إلغاء القيود والمشكلات التي يفرضها التباعد الجغرافي، وأصبحت المعرفة في متناول الجميع.

أثرها على الأبناء

ظهرت مجموعة من الدراسات تحذِّر من خطورة وسائل التواصل الاجتماعي على الأبناء من خلال تغيير سلوكهم الاجتماعي وتأثّرهم بأفكار وصور ومشاهد تتعارض مع طبيعتنا كمجتمع إسلامي، فما ينشر في مواقع التواصل لا يراعي ثقافتنا الإسلاميَّة حيث إنَّ الشركات التي تنتج المواقع مهتمَّة بالربح المادّي[4] ،ولا تعير أي اهتمام للأخلاق، لذلك يجب علينا كآباء  فرض نوع من الرقابة على الأبناء لاسيما في البرامج والمواقع التي يلجونها معظم أوقاتهم، فأبناؤنا هم مسؤوليَّة في أعناقنا سنسأل عنها يوم القيامة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته[5].

ويحذِّر العديد من المختصّين أنَّ الإفراط في استعمال وسائل التواصل الاجتماعي يسبِّب أضراراً صحيَّة ونفسيَّة جسيمة ويحدث فجوة من الانعزال بين الأبناء وأسرهم، كما يشدِّد هؤلاء المختصين على مراقبة رفقائهم، فهناك العديد من أصدقاء السوء يحملون أدوات هدم القيم النبيلة، ويزوّدونهم بمصادر ملوّثة وغير آمنة، تميل بهم إلى الوحدة والانعزال والتباعد الاجتماعي.

ولا شكّ أنَّ الاستعمال المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي يؤثِّر على المستوى الدراسي للأطفال فيتولَّد الكسل والخمول من خلال التمارين الجاهزة المنجزة على الانترنيت، وتضعف قدرتهم على التركيز بفعل الأشعَّة (الكهرومغناطيسيَّة)، وتورث الملل وقلَّة الانتباه والقلق والعزلة، فهذه اضطرابات وأعراض توشك أن توقع الابن في الحمى، لا بد من الانتباه لها، ويجب على الآباء التدخّل فلا يسمح للأطفال باستخدام الهواتف بحريَّة فعقولهم ليست مهيّأة لذلك، والإسراف في استعمال وسائل التواصل يسبب الإدمان للصغار والكبار، فمن خلال عمل منشور أو مشاركة رابط وحصوله على الإعجاب والتعليق والمشاركة، وهذا كافٍ لفتح الهاتف وتفقّده باستمرار، وهذه الكميَّة الزائدة من النشوة والسعادة التي نشعر بها هي هرمون (الدوبامين)،هرمون السعادة قائم على المكافأة يجعلنا نشعر بسعادة أكبر فنحتاج إلى جرعات جديدة باستمرار  فنسقط  في مستنقع الإدمان، والعلم اليوم يحذِّر من هذا الأمر فقد أجريت مجموعة من التجارب على الفئران حيث يقومون بوظائف معيّنة ثمّ يضعون الأضواء الساطعة للمحاكاة تنبعث من الحاسوب إلى الخلوي إلى التلفاز، فالفئران التي تعرَّضت إلى هذه النوبات من التغييرات والأضواء احتاجت وقتا أطول ثلاث مرّات لحلّ المتاهة مقارنة بالفئران التي لم تتعرَّض لذلك.

الاستخدام الرشيد لوسائل التواصل:

إنَّ وسائل التواصل الاجتماعي ومواقعه وكل أجهزته ليست سيئة على نحو مطلق وتجاهلها وإخراجها من المنزل على نحو شامل غير ممكن، وترك الأطفال يستخدمونها من غير توجيه ورقابة ومتابعة شيء خطير جدا[6]، فعواقبها وخيمة جدا على المستوى الصحي والاجتماعي لدى الأطفال، فهذه الوسائل الاجتماعيَّة سهّلت علينا حياتنا وقرَّبت لنا الكثير من المعارف والمعلومات المهمَّة جدا وأصبحت حياتنا سهلة، لكن تبقى هذه المواقع افتراضيَّة فلا يجب أن نعلِّق بها سعادتنا ونمضي في سجنها بقيَّة حياتنا، فالسعادة الحقيقيَّة نحقِّقها في الواقع، فما أثمن الوقت الذي نضيّعه وما أغلاه، ونحن الآباء نحْمِل بوصلة ترشيد استخداماتها الإيجابيَّة المفيدة، وأولادنا هم أمانة في أعناقنا  يجب علينا حفظها وعدم خيانتها قال الله تعالى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27) وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (28) (الأنفال 27-28).

 أولادنا وسائل التواصل الاجتماعي د عبد الكريم بكار ص 9.[1]

[2]  مقال منشور على النت بجريدة الوطن بعنوان “ايجابيات وسائل التواصل الاجتماعي”.

[3]  أولادنا ووسائل التواصل الاجتماعي ص 25 وما بعدها.

[4]  المصدر السابق ص 14.

[5]  صحيح البخاري رقم الحديث 2409.

[6]  أولادنا ووسائل التواصل الاجتماعي, دعبد الكريم بكار  ص 33


اكتشاف المزيد من التنويري

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة