تربية وتعليمسلايدر

أنطولوجيا التجربة: جدل التربويُّ والفنّي لدى جون ديوي

مقدّمة

          إنّ ما ينجم عن قراءة متنبّهة لنصوص جون ديوي من جهة إسهامه في تصوّر جديد لمسألة “التربية”، هو قبل كل شي علاقة التضامن التي تربطها بمفهوم “التجربة” الخاضعة بدورها لنظرة جديدة بالقياس إلى تاريخ الفن والاستطيقا.

     لذا فإنّه من المهمّ الإحاطة بمختلف عناصر مفهوم “التجربة” كما يتجلَّى من خلال مؤلَّفات جون ديوي لأجل فهم علاقة التآلف والترابط بين التربوي والفنيّ أو بطريقة أخرى الحفر في العناصر الفنيَّة داخل المشروع التربوي للمفكِّر الأمريكي جون ديوي. والجدير بالذكر في هذا الموضع أن النظرة التي نحاول الاشتغال عليها في هذا المقال ترتكز على منهج يراوح بين التحليل حينا والتأويل أحيانا أخرى. 

        لكن رغم  ما نلحظه من فروق  بين المجالين البحثيين الاستطيقا من جهة والتربية من جهة ثانية، فإن الباحث يرصد جملة من الملاحظات الأوليَّة تتعلَّق بندرة البحوث والكتابات في الأولى أي الاستطيقا كمصادر باعتبار أن ديوي ([1]John Dewey) لم يكتب إلا كتابا يتيما في الاستطيقا وهو “الفن خبرة”، مقابل غزارة كتاباته في التربية، فقد عرف كعالم في البيداغوجيا ومختصّ في فلسفة التربية، وقد لفتت انتباهنا محاور كثيرة تهتمّ  بالعلاقة بين “التربوي والفنّي في مدونة جون ديوي”، سيما أن ديوي قد خصّ “الاستطيقا” بكتاب يعتبر أحد أهم المراجع “الإستطيقيَّة” للفكر البراغماتي وفلسفة الفن بعامّة. وهذا ما يشرّع السؤال التالي: “ما الذي نقصده بأنطولوجيا التجربة: جدل الفنيّ والتربوي في مدونة جون ديوي”؟ بل ما معنى التجربة أصلا؟ وما هي سبل الوصل بين الإستطيقي والتربوي؟ كيف يفكّر رواد المدرسة البراغماتيَّة بهذا المفهوم؟ وإذا كان فلاسفة الحداثة والعلوم الإنسانيَّة قد صنّفوا الواقع وقاموا بقراءته رياضيا، فإن فيلسوف البراغماتيَّة أضفى عليه، كمعطى محايث ودقيق، بعدا “عمليّا”، لذلك يجوز طرح الأسئلة التاليَّة: هل التجربة نظرانيَّة محضة أم هي تآصر واجتماع النظراني والعملي في آن؟ وما هو الجذر المعرفي لمفهوم التجربة وما علاقته بالواقع؟ وما هي قيمة التجربة في مجالات الفنّ والتربية؟ وكيف تعاطي جون ديوي مع التراث الفلسفي؟ وماهي مقوّمات نظريته التربويَّة؟

1-  التجربة من التأصيل إلى الأصالة: أو التجربة بين الفن والتربية

أ‌-      مقاربة في المفهوم

       يصعب على المشتغل بالفلسفة أن يتحدَّث عن التجربة دون أن يزاول مساءلة معضلاتها واستشكال مشكلاتها، والوقوف عند دلالاتها المفهوميَّة والاصطلاحيَّة. يستعين جون ديوي في كل كتاباته بمفهوم “التجربة” التي تلغي الفصل بين مختلف مجالات البحث. فالتجربة هي الخيط الناظم في مدونته، لذلك كان لزاما علينا أن نولي هذا المفهوم جانبا من الاهتمام في هذا العنصر من البحث الذي وسمناها بمقاربة في مفهوم التجربة. فما هي التجربة؟ وما هو الإطار النظري الذي من شأنه أن يحتضن معالجة العلاقة بين التربوي والإستطيقي؟ وماهي الآليَّات المنهجيَّة للولوج إلى مفهوم “التجربة”؟

         إنّ كل تعريف يعطى للتجربة في مدونة جون ديوي، وإن كشف عن محدوديته، يكون في حاجة إلى أن يبرِّر نفسه تبريرا فلسفيَّا باعتباره تعريفا ينتمي هو ذاته إلى مجال الفلسفة. فالفلسفة عنده تضم فكر الإنسان كلّه وقوله برمّته، وإن رُمْتَ الدقّة قلت إن التجربة عنده هي هذا الكلّ وقد غدا محلّلا، فارتفع إلى مصاف الوعي بمحتواه المبني. وهكذا فالتجربة هي حركة لا متناهيَّة، لا بالمعنى الدارج حيث تعني الكلمة إمكانيَّة المواصلة إلى ما لا نهاية له (وهو معنى ما هو غير محدد) وإنما بمعنى مغاير تماما، وهو المعنى الفلسفي الوحيد، حيث أنّ ما هو متناه هو ما يكون محكوما بأي شيء خارج عنه يحدّ مجاله.

إنّ مفهوم “التجربة” الذي يصطلح عليه في اللسان الفرنسي (Experience[2])وفي اللغة الإنجليزيَّة بـــ(Experiment)يبدو مفهوما غامضا، وفضفاضا وشديد التعميم، فهو يشير إلى موضوعات متباينة قد تكون بينها صلات ولكنها لا تعبّر عن الفعل على نحو واحد أو وفقا لمعيار ونظام موحّد. وإلاّ فما هو المعيار المشترك بين كل الأفعال التي تؤصّل كل التجارب الإنسانيَّة لننتهي إلى معنى واضح للتجربة.

       وتقترن التجربة بفعل التفلسف، فهما صنوان لا يفترقان، فلو تناولنا المفهوم من الناحية “الكرونولوجيَّة” لأمكننا أن نلاحظ أن نظريَّة المحاكاة عند أرسطو [3] تعتمد مفهوم “التجربة” في “الجمال الطبيعي” المجسَّد في الظواهر والأشياء والكون أولاً ومفهوم التناسب الذي يتركّب من نظام الأشياء الكثير في ذلك كله ثانيا. فالجمال يظهر في الشكل من جهة التناسب والتناظر والتوافق والتوازن والدقّة والوضوح؛ وما يقدِّمه من إيحاء اللذة والمتعة التي تستلذه النفس عن طريق الحواس.

       وممَّا لا شكّ فيه أنّ مواضيع الفلسفة كما يلخِّصها جون ديوي ترتب وفق تحقيب زمني مرّ به الفكر الفلسفيّ من القديم إلى المعاصر مرورا بالوسيط والحديث، وهو ما يتجسَّد فيما يأتي: ” أ.الفلسفة القديمة والوسيطة: الأشياء .ب.الفلسفة الحديثة: الأفكار. ج.الفلسفة المعاصرة: الكلمات”.[4]  من هنا اعتبر جون ديوي أنَّ “التجربة” كفعل ومفهوم هي تقليعة البراغماتيَّة لذلك أولاها أهميَّة بالغة في مدونته. حيث ينصبّ عمل جون ديوي بدرجة كبيرة على نقد الفلسفات المجرَّدة فلقد أعلن الفيلسوف في خضم مشروعه الفكري عن نزعته التفكيكيَّة الساعية إلى إماطة اللثام عن مزاعم وادِّعاءات الفلاسفة الذين جعلوا نصب أعينهم البحث في الفلسفة عن مفاهيم ميتافيزيقيَّة كالمطلق، الطبيعة الإنسانيَّة المشتركة، الماهيَّة، الحقيقة. هذه المفاهيم في اعتقاد جون ديوي لم يضف الاهتمام بها أي شيء إلى المجهود الفلسفي المبذول، بل أنها عرقلت مسار البحث الفلسفي وقادته إلى وجهات لم تثمر ويعود السبب في ذلك لتجاهلها مفهوم التجربة. فكيف لنا التوغّل داخل متون ديوي والحال أنّ الطرق شعاب ومفترقات ومسارب يتوه فيها المبتدئ؟ كيف يكون للتجربة معنى فلسفيّ؟ أيكون ديوي أوّل من نبّه فلسفيّا إلى ضرورة تنزيل التجربة فلسفيّا؟ وأيَّة قيمة فلسفيَّة تمنحها التجربة للتفكير الفلسفيّ؟ أ ليست التجربة هي تلك المساحة الفلسفيَّة للنظر في الإنسان ذاته؟

ب‌-  منزلة التجربة في مدونة جون ديوي:

      في كل ثقافة من الثقافات يعمد أصحابها إلى اصطفاء ميدان بعينه أو جملة من ممارساتهم ومن ثم ينظرون إليها على أنها نموذج للنشاط الإنساني ويسعون إلى تعميمه على بقيَّة قطاعات الثقافة، وحسب جون ديوي دائما فهذا ما حصل بالضبط في التراث الفلسفي الغربي، أين أخذت المعرفة على أنها ما يمثل هذا النموذج الذي أنجبته الفلسفة الحديثة عندما رأت أنّ برادغيم المعرفة يتمثل فيما نمتلكه من اعتقادات حقيقة ومبررة أو من اعتقادات تحمل في ذاتها حقيقتها وليست بحاجة إلى تبرير. ظهور البراغماتيَّة لم يكن ليعرف هذا الانتشار لولا التقدُّم الحاصل في العلوم والذي يبدو لنا أنه أمر بديهي أن يرافق هذا التقدُّم مبحث فلسفي مهمّ يكون من مهامه تسليط ضوء التحليل والنقد على المعرفة والعلم بغرض الكشف عن معوقات التقدم الفلسفي وعقباته. وما تاريخ الفلسفة إلا محاولة لاستبعاد تدريجي للصعوبات والعقبات التي أعاقت تطور الفلسفة.

وفي اتصال مجرى البحث، كانت “براغماتيَّة جون ديوي نظريَّة تكوينيَّة لما يقصد بالحقيقة”[5] فهي تكوينيَّة لأن الحقيقة تقوم تدريجياً جراء البحث وليس بشكل مسبق عنه. وهي خاضعة كذلك لمبدأ التقدم والتطور في المنطق، وهذا يتجلى في (اهتمامات ديوي التي هي بيولوجيَّة أكثر منها اهتمامات رياضيَّة وهو يتصور الفكر عمليَّة تطوريَّة). فإذا كانت الأفكار المعاني، التصورات، المفاهيم، النظريات، والأنظمة أداتيَّة لإعادة تنظيم فعال ونشيط للمحيط المعطى وللانتقال من الفوضى والاضطراب فإن امتحان صلاحيتها وقيمتها مرهون بإنجاز هذا العمل. فإذا نجحت في هذا الدور فهي موثوق بها سليمة، صالحة وحسنة وحقيقيَّة، وإذا فشلت في توضيح الخلط وفي القضاء على الخلل وازداد معها الارتباك والارتياب أثناء نشاطها وفعلها فإنها خاطئة. وهو ما يطلق عليه جون ديوي اسم تبرير ضمن حالة مثاليَّة (لا بمعنى المثاليَّة في أنها ذات طبيعة فكريَّة أو روحيَّة ولكن من حيث هي أفضل النتائج المحصلة) أو حسب تعبير بيرس “نهاية البحث”.

         ليس هناك في نظر جون ديوي حدّ فاصل يعزل “التجربة” عن “الحياة العمليَّة”أو عن “الحياة السياسيَّة” “والحياة التربويَّة”، وعليه يمكن القول إنَّ التجربة توجد في كامل ميادين الحياة. وفي تصوّره التربوي كما في تصوّره الفنيّ يدعو جون ديوي إلى “الثورة على كل نزعة أرستوقراطيَّة تريد أن تجعل من الفن ميزة خاصَّة يتمتَّع بها بعض أصحاب الأمزجة الرقيقة، والأذواق الرقيقة”[6]. وربما يمكن أن نفسِّر هذه الدعوة بأصل الإستطقيا لدى جون ديويف جذور التجربة الفنيَّة كامنة في جحيم تجاربنا اليوميَّة العاديَّة، فالتجربة كامنة فينا مبثوثة حولنا، لهذا السبب يعتبر أنّ “الفنّ ينحو أساساً إلى وضع الناس في علاقة مع بعضهم بعضاً، علاقة ترتبط بالتجارب المشتركة المباشرة”[7]. وقد نفسِّر هذا التوجّه بالمنزلة التي يحتلها الفنّ والتجربة معا في مدوّنة الرجل. والفن والتجربة يلتقيان في اعتبارهما الوسيلة الوحيدة لتمكين الإنسان من الإفلات من نزعته الفرديَّة. وفي السياق ذاته أيضا، يرى جون ديوي أن وحدة الشكل والمضمون في العمل الفنيّ، ليست في حقيقتها سوى التعبير الحميم عن العلاقة بين السلبيَّة والفاعليَّة اللّتين ستتتبعهما أي تجربة ملموسة يعيشها البشر، ذلك أن الاستنكاف عن إبداء أيّ ردّ فعل على شعور ما، من طريق مشاعر وتصرفات أخرى، ليس في حقيقته سوى سلبيَّة ليست من طبع الإنسان في شيء. أما فنّ إعطاء شكل محدَّد وملموس لهذا الشعور فإنه يمثِّل أعلى درجات الفاعليَّة الممكنة لدى الإنسان.

       هنا يرى ديوي، مستنتجا، أنه إذا كانت الفلسفة تهتمّ بالمشكلات الإستطيقيَّة، فما هذا إلا لأن “الجميل”، إذ يحقق التوليف بين الخاص والعام، بين القديم والجديد، وبخاصة بين الواقعي والمثالي، يتخذ دلالة أكثر عمقا بكثير من تلك الدلالة التي تكون لمختلف عناصر العمل الفني- بالمعنى الحرفي للكلمة- حينما تكون معزولة عن بعضها بعضا، وموضوعة في تصرف حكم عقلاني صرف ووحيد عليها. 

        يعتبر جون ديوي التجربة بأنّها تلك العلاقات التي قد تربط بين الكائنات والعالم الطبيعي كله – أي التفاعل الناجم بين الكائن والطبيعة ينجم عنه تحقيق المنفعة – ولقد أضحت “التجربة” مصطلحا مركزيا في كامل مدونته، بما أنها مست مجال التربية والسياسة والفن، لذلك لا يمكن فهم ديوي خارج إطار “التجربة” أو فهم التجربة في مجال منعزل عن بقيَّة الميادين التي تناولها ديوي في فلسفته. فما هي منزلة السؤال الفنيّ في مدونة جون ديوي الفلسفيَّة؟ وما هو دور التجربة في استئناف السؤال التربوي؟

2- السؤال الإستطيقي واستئناف مسألة التربية

أ‌-      ديوي والإرث الفنيّ

       تتمثّل جرأة اللغة الفلسفيَّة عند ديوي، في جانب من جوانبها المتعددة، في القدرة على جعل الوعي الفنّي بنظام ارستقراطي نظاما متهافتا. فكيف لنا أن نأخذ الازدراء الذي يبديه ديوي لهذه الإشكال الفنيَّة على محمل الجد؟ أي ما هي السبل التي يسرت لفيلسوفنا نقد هذه التوجهات الفنيَّة؟ وماهي أسس نظريته الفنيَّة؟ وما علاقة التربية بالفنّ في مدونته؟ وهل تتمثّل أصالة النقد الجذري لديوي تجاه تاريخ الفن في تملّك أسباب الموقف الفلسفي الذي يطرحه؟

       اتخذت فلسفة جون ديوي مسارها التاريخي، من خلال متابعته للتراث الفلسفي العالمي الذي كان له قواعده وأصوله، فلاسفة الإغريق أمثال أرسطو وأفلاطون وفلاسفة من العصور القديمة و”الفلسفة الألمانيَّة”[8]. وقد تميَّزت فلسفة جون ديوي بشموليتها كيف لا وهي التي جمعت “النظريّ بالعملي”[9]، بل نفت في عديد الأحيان الفصل بينهما، وربما هذا ما أضفى عليها نوعا من العمق في تعاطيها مع عديد المسائل. ولم يكن جون ديوي استثناء عند الفلاسفة الأمريكيين:فقد “ظلت الفلسفة البراغماتيَّة عامّة منذ القرن التاسع وعشرين  حتى نهايات القرن العشرين تقريبا مقرونة لدى العديد من الأمريكيين بالنجاح المادي الذي حققته الولايات المتحدة في مختلف الميادين”[10].  فكانت فلسفة جون ديوي منسجمة مع الروح الأمريكيَّة، وفيَّة لما استهلّه رواد المدرسة البراغماتيَّة.

     ظل ذلك الاهتمام الذي عرفته هذه الفلسفة التي تغذَّت من التيارات الفلسفيَّة الأوروبيَّة إنها: “منهج يرى أن حقيقة أي شيء هي مجموع آثاره وأنها كامنة في التجربة الإنسانيَّة، وقد لاقت انتشارا ملحوظا في عدد كبير من البلدان، حيث تغلغلت إلى مختلف الحياة الثقافيَّة والروحيَّة وسيطرت على نظام التعليم لعشرات السنين”.. ولعل ما يميز هذه الفلسفة هو توسلها لمفهوم التجربة لذلك، شكّلت علاقة النظر بالعمل والنظريَّة بالممارسة والفكر وبالفعل[11]، موطنا من مواطن تسآل الفلسفة البراغماتيَّة لجون ديوي وما تزال  توتراته مكررة حتى اليوم ليس في خطابات الفلاسفة وحدهم، بل وعند الإبستمولوجيين والإتيقيين وحتى الساسة والغالب في تباين الإجابات هو القول بأحد السبقين، إمّا سبق الفكر للفعل – وهوما تتبنّاه كل المثاليّات بما فيها الوضعويّات بتنويعاتها التحليليَّة في اللّغة وفي السياسة – أو بأسبقيَّة الفعل على الفكر وهو ما تقول به الماديــــــــــــات سواء كانت ميتافيزيقيَّة أو موضوعانيَّة أو جدليَّة” [12].

يمارس ديوي ويفعِّل نظريته الفلسفيَّة في التربية والفنّ من خلال تغيير صيغ التعامل مع الحياة والفن والطبيعة. لذلك، فالفلسفة عند ديوي ترسم مسارات العلم ولا يمكن الفصل بين النظري والعملي بأي حال من الأحوال. فالأوَّل يقدِّم التصوّرات الضروريَّة والثاني يمثِّل التطبيق العملي لتلك التصورات. إنَّ إسهامات ديوي يمكن تصنيفها تحت العلوم التربويَّة والفلسفيَّة والنفسيَّة والسياسيَّة. إذا أردنا أن نوجز فلسفة ديوي العمليَّة فإننا نختزلها في التربية، فإنّ التعليم الأمثل عنده هو الذي يغرس مهارات ولا يكدِّس معلومات، وهو الذي يلامس متطلَّبات الواقع، ولا ينغمس في تقديس الماضي.

      ويترتب على الرؤيَّة الفلسفيَّة لجون ديوي جملة من التطبيقات التربويَّة لعلّ أهمها يمكن حوصلته في: “أنّ التربية تقوم على مبدأ تفاعل المتعلم مع البيئة المحيطة به والمجتمع الذي يعيش فيه ولذلك فإنه يحتاج إلى تنميَّة مهاراته الفكريَّة والعمليَّة دائماً ليقوم بحل المشكلات بشكل راشد وأسس علميَّة”[13]. استناداً لهذه الرؤيَّة فإن العلوم النظريَّة وتشعّباتها الكثيرة ليست ذات أهميَّة لدى جون ديوي، طالما أنها لا تخدم الإنسان في تصريف شؤون حياته. لذلك، قام جون ديوي بتحويل عمليَّة تهذيب الإنسان من العنايَّة بالمُثل العقليَّة المجردة إلى الاهتمام بالنتائج الماديَّة الملموسة.ينظر جون ديوي للتربية بصفتها التجسيد الفعلي للعقل العملي، على أنها أسلوب من الحياة المجتمعة والتجارب المشتركة المتبادلة، ويعتبر أيضا أن الديمقراطيَّة، بوصفها مجالا نظريا ليست مجرّد نظام سياسي أو تطبيق لمفهوم قديم يرجع إلى اليونان. وقد حددها في أشكال عدة؛ كالمساواة بين الأفراد في المجتمع دون أي تمييز أو إقصاء، تكافؤ الفرص على مستوى التعليم، حريَّة الأفراد في الاعتقاد، إشراك الجميع في الحياة الاجتماعيَّة المعيشة داخل كل مجتمع، وتوفير تعليم متقدم يستجيب لتطلعات القرن الجديد.

         إنّ اهتمام جون ديوي بالديمقراطيَّة والتربية، لم يكن مجانيا أو عبثا، وإنما إيمانا منه بفاعليَّة هذا الاختيار ونجاعته، بما هو تآصر النظري والعملي بالإضافة إلى النتائج المثمرة الذي يترتب عنها، إذ بالنسبة إليه هي الضامن الوحيد لتربية الأجيال والنهوض بالتعليم في العالم. فـ”التربية الديمقراطيَّة تؤمن بقيمة الشخصيَّة الإنسانيَّة وبضرورة إعلاء شأنها، معتبرة إياها مصدرا للسلطة في الدولة ومرجعا في الحكم”[14]. فليس غريبا أن تولي التربية الديمقراطيَّة أهميَّة كبرى للتجربة في تعليم الفرد وتثقيفه بوسائل تعمل على تنميَّة شخصيته ومهاراته في الحياة. فالديمقراطيَّة باهتمامها بالشعب قد أدركت حقيقة غائبة في الأنظمة الأخرى، وهي أن هذا الشعب هو أساس الدولة في المستقبل وعمادها وأن جميع الأفراد سيصبحون مسؤولين عن مصالح معينة يوما ما، فلا يجوز أن يبقى مهملا أو أن نميز بين طبقات المجتمع كما فعل اليونانيون، إذ يقول جون ديوي: “إنه من المؤسف حقا أن يكون بين أفراد الطبقات الكادحة كنوز ثمينة تذهب هباء، هذا ما حدث عند اليونانيين القدماء إذ أغفلوا طبقة العبيد. ونفهم من كلامه هذا أن التربية الديمقراطيَّة تتوخى تربية جميع الأفراد، تربية متساوية تأخذ بعين الاعتبار مختلف الجوانب والميولات وتعمل على تنشئتها وتنميتها إلى أقصى حدّ. ومن جهة أخرى تحترم مختلف آرائهم ووجهات نظرهم وتشجعهم على تفحصها ومناقشتها بكل حريَّة.

ب‌-  التجربة والحقيقة

         إنّ فلسفة “جون ديوي” هي فلسفة عمليَّة بما تحمله الكلمة من معنى، فالمفهوم المتعارف عليه للعمليّ وكما سبق الإشارة إليه، أنه التطبيق الفعليّ للنظريَّة، لكنه “النظريَّة والممارسة عند جون ديوي متساوقين متكاملين لا تنفي أحداهما الثانية ولا تقل إحداها شأنا عن الثانية. في ظل هذه الفلسفة التي عُرفت باسم البراغماتيَّة والأداتيَّة والوظيفيَّة، فإنّ البحث العمليّ لحل المشكلات الواقعيَّة أهم أداة في الحياة لمعرفة الحقائق ولتربية الفرد ولتكوين المجتمع الديمقراطي. وفي هذا السياق، يُعرِّف جون ديوي الديمقراطيَّة بأنها طريقة شخصيَّة للحياة، وهي بالتالي ليست مجرد شيء خارجي يحيط بنا فهي جملة من الاتجاهات والمواقف التي تشكّل السمات الشخصيَّة للفرد والتي تحدد ميوله وأهدافه في مجال علاقاته الوجوديَّة. ويترتّب على هذا التصور ضرورة المشاركة في إبداء الرأي وصنع القرار. في ظلّ هذه المنظومة نرى أنّ الديمقراطيَّة تعني ممارسات اجتماعيَّة تؤكد قيمة الفرد وكرامته، وتجسد شخصيته الإنسانيَّة، وتقوم على أساس مشاركة أعضاء الأسرة والجماعات في إدارة شؤونها ديمقراطياً[15].

       من الواضح أن كتابات ديوي تحمل في طياتها نقدا لاذعاً للنظريات المثاليَّة والترنسندنتاليَّة السائدة في عصره والسابقة والتي سبقت وخيّرت النظري على العملي فهي في نظره مفلسفات ميتافيزيقيَّة بامتياز. “يقدم ديوي مفهوما مختلفا عن الحقيقة باعتبار أن الحقيقة هي الفكرة النافعة لا سواها”.[16] الفكرة النافعة هنا تعني الفكرة التي تجيب على سؤال لدى الإنسان وتحل المشكلة التي تواجهه. فعلى سبيل المثال الفكرة الحقيقيَّة في الرياضيات هي الفكرة التي تقدم حلا لسؤال رياضي. الفكرة التي لا تقدم حلا تدخل عند ديوي ضمن المعرفة التي تشمل التجارب الناجحة والفاشلة ولكن الحقيقة مخصصة فقط للأفكار التي أثبتت الخبرة نجاحها. عند ديوي هذا هو التفكير العلمي. التفكير الذي يربط مباشرة بين الفكر والعمل ويحاكم الأفكار بحسب قدرتها على الإنتاج.

في كتابه إعادة البناء في الفلسفة[17] يرى ديوي أن الفلسفة ضلت الطريق حين فصل الفكر عن التجربة العمليَّة، أي النظري عن الواقعي. “فالأفكار المتعاليَّة الترانسندنتاليَّة التي يدّعي أصحابها أنها متعاليَّة على الاختبار العملي تعدّ إعاقة وقيدا للتفكير الفلسفي”[18]. مع هذه الأفكار يفقد الفيلسوف الحريَّة في الحكم والنقد باعتبار أنّ هذه الأفكار تقدم وكأنها خارجة عن أي فضاء للاختبار. الحجّة المقابلة لدعوى جون ديوي هنا أنّ الأفكار التي لا يمكن اختبارها تجريبيّا يجري التحقق منها عقليا. هنا يعود جون ديوي إلى مشكلة أعمق في التراث الفلسفيّ وهي فصل العقلي عن التجريبي وكأن العقل بمنطقه وأفكاره لم يكن منتجا من منتجات التجربة البشريَّة. وربما هذا ما يفسّر عودة جون ديوي لنفس الفكرة من أجل تأسيس المنطق على مفهوم التجربة.

      إن مفهوم الواقع عند جون ديوي يختلف كثيرا عن سابقيه فهو يخضع أولا وبالأساس للتجربة والمنطق. والتفكير المنطقي لا يبتعد كثيرا عن السلوك الطبيعي للإنسان في حياته المباشرة. التعلم بالتجربة، بالمحاولة والخطأ، هو السلوك الذي يقوم به الطفل وهو المنطق الذي يتحرك داخله العالم. العالم كالطفل حين يقوم بتجربة فكرة ما ليحكم على صلاحيتها من خلال نفعها. الطفل مثلا يحاول طرقا كثيرة لفتح الباب. الطريقة التي تنجح هي التي يحتفظ بها ويترك الطرق التي فشلت. في المرة اللاحقة لا يعيد الطفل المهمة ذاتها بل يستعمل الفكرة النافعة السابقة وإذا لم تساعده باعتباره أمام باب مختلف فإنه يبحث عن فكرة جديدة وهكذا. يقول ديوي: “إن ما نفعله في التراث الفلسفي مع دعاوى الأفكار المتعاليَّة هو القيام بإعاقة التفكير الطبيعي. بمعنى أننا نفعل كما لو طلبنا من الطفل أن يتبنى طريقة متعاليَّة لفتح الباب رغم أن التجربة تثبت فشلها باعتبار أن هذه الطريقة متعاليَّة وغير قابلة للاختبار. الفلسفة النظريَّة نموذج لهذه المعضلة”[19].

      الأخلاق بطبيعتها عمليَّة، بمعنى أنها قواعد للتعامل بين البشر. هل يمكن تأسيس الأخلاق العمليَّة على تصورات لا يمكن اختبارها عمليا؟ هذا السؤال الذي يطرحه ديوي على التراث الأخلاقي ويعتقد أن البشر وإن نجحوا في استخدام التفكير العلمي في مجالات عدة إلا أنهم لا يزالون مترددين في تطبيقه على الأخلاق. حسب ديوي الأخلاق يجب أن تخضع أيضا للاختبار والتمحيص وما يثبت منها عدم نفعه يجب التخلص منه. هنا “تتحول الأخلاق من علم جامد إلى علم متحرك يترافق مع تطور تجربة الإنسان واتساع معارفه وخبرته في الحياة”[20]. وهو ما فسح المجال لتدخل البراغماتيَّة داخل منطقة من أكثر المناطق حساسيَّة، وهي منطقة الواقع منطقة ال “هنا” و”الآن”، منطقة المنطق، وهوما أدى إلى تشكل صورة نمطيَّة عنها باعتبارها عدم الالتزام بأيّ مبدأ والتحرك فقط لتحقيق المصلحة.

        يرفض جون ديوي هذا الفهم باعتبار أن الأخلاق لا يمكن تأسيسها من منطلق فردي باعتبار أنها علاقة بين أطراف متعددة. الإنسان في البراغماتيَّة كائن اجتماعي ويجب أن تفهم فردانيته داخل العلاقات الاجتماعيَّة التي ينشأ فيها. فـ”الحديث عن الإنسان خارج علاقاته الاجتماعيَّة هو حديث عن الإنسان خارج تجربة حياته العمليَّة وهو المبدأ الذي ترفضه البراغماتيَّة”[21]. بهذا الشكل إذا كانت الأخلاق اجتماعيَّة بطبعها فإنه لا يمكن تأسيسها على النفع الفردي الضيق بقدر ما تتأسس على حسبة فرديَّة اجتماعيَّة للمنظومة الأخلاقيَّة ومدى قدرتها على تقديم نفع للمجتمع وللفرد وللإنسانيَّة. الأفكار الأخلاقيَّة غير النافعة يجب التخلص منها وهذا كان أحد الاعتراضات التي قدمها جون ديوي على الأخلاق الدينيَّة باعتبارها تريد فرض قيم أخلاقيَّة معينة بغض النظر عن نتائج وثمار وآثار تطبيق تلك المبادئ. بهذه الطريقة يتم قطع الدائرة الطبيعيَّة للتفكير التي تنطلق من مشكلة – مقترحات – تجريب للمقترحات – الناجح من المقترحات هو الصحيح حتى نواجه مشكلة أخرى وهكذا. إذا لم تكن الأفكار الأخلاقيَّة من ناحيَّة المبدأ خاضعة للتجريب والاختبار فإننا سنصل مباشرة إلى وجود قواعد أخلاقيَّة غير نافعة ولا يمكن التخلص منها، وهنا تتحقق الإعاقة الكبرى للتفكير الطبيعي عند الإنسان. هنا تتوقف إنتاجيته وقدرته على التعلم والتعليم. “الأفكار المتعاليَّة على التجربة تقفل باب الحريَّة والإمكان المستقبلي أمام الأفراد والمجتمعات”.[22]

        في كتابه “الحريَّة والثقافة”[23]يناقش جون ديوي، الماركسيَّة كفلسفة سياسيَّة واقتصاديَّة ويخالفها من حيث حريَّة الفرد ويؤكد أنّ البيت أول مكان يتعلم فيه الفرد الديمقراطيَّة ويعتبرها منهج حياة ثم في نهاية الكتاب يتحدث عن أمريكا كنموذج عالمي يقوم على البحث العلمي والتجربة والإيمان بالتعدديَّة الثقافيَّة. يقوم التفكير العملي نشاطا إنسانيا على مبدأ الإيمان بقدرة الحواس والعقل والبرهان من أجل الوصول للحقائق بصورة موضوعيَّة تعتمد على إجراء التجارب، وإثبات النتائج تحت مجهر الاختبار. جاء جون ديوي ليركز على الحواس وكل ما يمكن قياسه مادياً وبذلك أخذ جانباً من المنهج العلمي السليم في حين أنه فرَّط في قدرة العقل على الاستنباط والاستدلال فيما يتصل بأمر الدين فأخلّ ديوي بالمنهج العلمي الشامل للتفكير. إنّ أسلوب حل المشكلات الحاضرة خير مهارة يتعلمها الإنسان لمستقبله ولمواجهة تغيرات الحياة والتغلب على مشكلاتها.

        في الواقع كان ديوي حازما في هذا الموضوع ونراه يقول صراحة:” الحقيقة أنّ أفكارنا تعتمد على التجربة، ولكن إحساساتنا تعتمد عليها كذلك، وهذه التجربة التي تعتمد عليها كل الأفكار والإحساسات هي عمليَّة تكوين العادات”[24]. فهل يعني هذا تلازما بين التجربة والفنّ والتربية؟ أم تميزا لطرف عن الآخر؟ أم دونيَّة للواحد عن الأخر؟ من الملاحظ هنا يسم جون ديوي بعيدا عن كتاب الفن خبرة بين الإحساسات في معناها الشامل والإحساسات بمنطوقها الفنّي والتجربة في تلازمها مع فعل التجربة وحركة التاريخ. ورغم إنه يقول أنّ الإحساسات تعتمد على التجربة. لنا أن نسأل هل أن الطفل الذي تتكون عنده بعد تجربة حتى في التفريق بين الألوان قدرة على الإحساس بالجمال والتمكّن من التربية؟ كل هذه الأسئلة سنحاول الإجابة عنها في مقالات لاحقة. لأننا قد نكون تعسفنا على جون ديوي في هذا المقال الموجز الذي لم يعط الرجل حقه وجعلنا نوجز القول في مجمل العناصر.

خاتمة

         ما يمكن استنتاجه في خاتمة هذا البحث، يتمحور رئيسا حول الاستشكال التالي: ما منزلة التجربة في المشروع التربوي الفنيّ لجون ديوي؟ وكيف تمظهرت التجربة عند جون ديوي على نحو مغاير لما كانت عليه الفلسفات التي سبقته؟ وما مدى تأثيرها وتفاعل ديوي مع السلف الفلسفي؟ ذلك ما يمكننا الإجابة عنه في خلاصات فلسفيَّة ثلاث:

  • أوّلا، أن الحياة الفلسفيَّة للتفكير تتقوّم بالتجربة الدائبة على التفعّل في حياة الناس. ولعل هذا ما خلق هذه المكانة للتجربة نكتشفها حينما ندرك مدى الاهتمام الذي أولته هذه الفلسفة لدور “الفلسفة” ووظيفتها في النهوض بالإنسان وتسخير كل مكونات العالم لخدمته ومساعدته في حل مشاكله. وبالتعمق في هذا الواقع والتشديد عليه، كانت التجربة باعتبارها وصلا بين “النظر والعمل” حاضرة في الخطاب الفلسفيّ البراغماتي بصفة عامة. أما عند جون ديوي فقد عدت الخط الواصل بين جميع المباحث الإنسانيَّة. وهو ما يطرح حزمة من الأسئلة حول كنهها وطبيعتها ووظيفتها ومنزلتها. وعليه، يحق لنا أن نتساءل حتى ونحن على أبواب ختم هذا البحث أن نجعل من السؤال تسآلا فنصرخ مرة أخرى ما معنى التجربة أصلا؟ هل هي ذلك المفهوم الثابت أم تلك الكلمة التي تعني الحركة؟ ولمَ التجربة والفلسفة في العموم نظر وتجريد؟ هل هي تقليعة فلسفيَّة أبدع جون ديوي في ابتكارها؟ ثم ماهي وظيفتها؟ ويبقى السؤال الأهم: ماهي منزلتها الإستطيقيَّة عند جون ديوي؟
  • ثانيّا، إنّ العنصر الفني في نظر جون ديوي ليس خاصا بالفنون الجميلة وحدها، بل إنه يعتبر أنّ أي عمل يقوم به الإنسان يستحق أن يحمل سمة إستطيقيَّة. وهو ما يبين أن الفنّ من وجهة نظر جون ديوي هو تجربة يوميَّة.
  • ثالثا وأخيرا، يحسن بنا أن ننتبه في هذا المقام، إلى موقف جون ديوي في التجربة بماهي صنو الفعل وهي أساس كل عمل تربوي.  وتجلى ذلك بوضوح في الفصل بين الجميل والنافع، فالفنون الجميلة بلا شك فنون نفعيَّة، تمتلك قيمة أداتيَّة عمليَّة لا تقلّ عن قيمة بعض الصناعات، كونها ذات صيغة جماليَّة تكون جماليَّة عندما تكون أشكالها أو صورها متلائمة مع استعمالاتها الخاصّة. فالمعلم الذي يتقن عمله يرتقي لدرجة الفنان، فالشيء المناسب في المكان المناسب عند جون ديوي، والفن كما التربية لهما طبائع نفعيَّة. ويمكن أن تنطبق هذه التجربة الفنيَّة على مختلف تجاربنا اليوميَّة، فليس هناك حدّ فاصل يعزل التجربة الفنّيَّة على التجربة العاديَّة، بالعكس فالتجربة الفنّيَّة هي تجربة كامنة في بواطن تجاربنا اليوميَّة. وللفنون علاقة بحياتنا المدرسيَّة، فهي تعكس حاجات الإنسان والبيئة التي ينحدر منها.

البيلوغرافيا

  1. المصادر
  2. John Dewey, L’art comme Experience, préface, Richard Hultermans, trad., Jean-Pierre Cometti, Edition, GALLIMARD ,2010.
  3. Jhon dewey, La formation des valeurs, traduit de l’anglais par Alexandra Bidet, Louis Quéré, Gérôme Truc (La Découverte, 2011.
  4. John Dewey, Expérience et éducation, Paris, Armand Colin. 1968.
  5. Dewey. J. (1925, 2012). Expérience et nature. Trad. par J. Zask (Experience and Nature). Paris : Gallimard.
  1. مصادر معرّبة
  • جون (ديوي)، الديموقراطيَّة والتربية، ترجمة متى عقراوي وزكريا ميخائيل، لجنة التأليف القاهرة 2000
  • جون (ديوي)، الفن خبرة، ترجمة، زكريا إبراهيم، مراجعة وتقديم زكي نجيب محمود، تقديم الطبعة التي اشتغلنا عليها، سعيد توفيق، المركز القومي للترجمة، 2011.
  • ديوي (جون)، التربية في العصر الحديث، ترجمة عبد العزيز عبد المجيد ومحمد حسين المخريخي، مراجعة محمد بدران، الجزء الأول، نشر مكتبة النهضة المصريَّة، 1949.
  • ديوي (جون)، الدّيمقراطيَّة والتربية، ترجمة منى عفراوي وزكرياء ميخائيل، الطبعة الثانية، القاهرة، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، 1954.
  • ديوي (جون)، المدرسة والاجتماع، ترجمة ديمتري قندلفت، نشر مطبعة المعارف بمصر، 1928.
  1. المراجع
  1. مراجع خاصّة بفلسفة جون ديوي في اللّسان الأعجمي
  2. G. Deledalle, L’idée d’expérience dans la philosophie de John Dewey, Paris, PUF, 1967
  3. Roberto Frega, Le Pragmatisme Comme Philosophie Sociale Et Politique, Le Harmattan, 2006.
  4.   Tawfik chrif, Esthetique et critique, Publication de la F.S.H.S. de Tunis 1995 
  5. R. Frega, Pensée, expérience, pratique. Essai sur la théorie du jugement de John Dewey, Paris, L’Harmattan, 2006
  6. G.Genette, Esthetique et poetique, le Seuil, coll.  « Points », 1992
  7. G. Deledalle, L’idée d’expérience dans la philosophie de John Dewey, Paris, PUF, 1967
  8.   Mayen, P. (2013). John Dewey, l’éducation et la reconstruction continue de l’expérience. Education Permanente.
  • مراجع خاصّة بفلسفة جون ديوي في اللّسان العربيّ
  • جديدي (محمد)، فلسفة الخبرة –جون ديوي نموذجا– المؤسسة الجامعيَّة للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت –لبنان 2004.
  • مطر (أميرة حلمي)، مدخل إلى علم الجمال وفلسفة الفنّ، دار التنوير للطباعة والنشر،القاهرة، مصرط1 -2013.
  • شنيدر(هربرت)، تاريخ الفلسفة الامريكيَّة، ترجمة، محمد فتحي الشنيطي، مكتبة النهضة المصريَّة، 1964.
  • وين (رالف .ن.)، قاموس جون ديوي للتربية مختارات من مؤلفاته، ترجمة محمد علي العريان، مكتبة الانغلو-مصريَّة، القاهرة، ص 1964.
  • جيمينيز (مارك)، ما الجماليَّة، ترجمة د. شربل داغر، بدعم من مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، ط1 بيروت2009.
  • جيمس (وليام)، البراغمــاتيَّة، ترجمة محمد علي العريان، نشر مؤسّسة فرانكلين للطباعة والنشر، 2006.
  • الحاجي (صالح)، من أعلام الفكر البيداغوجي، سيراس للنشر، تونس، 2000.
  • غوتيه (كليرمان) وآخرون،” من أجل نظريَّة في البيداغوجيا “، ترجمة أ. وجيه أسعد، المنظّمة العربيَّة للتربية والثقافة والعلوم والمركز العربي للتعريب والترجمة والتأليف والنشر، دمشق، 2002.
  1. المعاجم
  1. ندوات ودوريات
  2. عالم المعرفة، عنوان العدد: الخيال (من الكهف إلى الواقع الافتراضي)، تأليف شاكر عبد الحميد، العـــــــــــــــــــــــــ360ـــــــــــدد، الكويت، فيفري 2009.
  3. العرب والفكر العالمي، العـــــــــ2ــــــــدد، مركز الإنماء القومي، بيروت/باريس، ربيع 1988.
  4. الفكر العربي المعاصر، العـــــــــ58-59ــــــــدد، مركز الإنماء القومي، بيروت/باريس، نوفمبر- ديسمبر 1988.
  5. الوحدة، محور الفلسفة بين الإبداع والإتباع، العــــــــ60ـــــــدد، المجلس القومي للثقافة العربيَّة، الرباط/ باريس، سبتمبر 1989.
  6. كتابات معاصرة: فنون وعلوم (مجلّة الإبداع والعلوم الإنسانيَّة)، العــــــ80ـــــدد، المجلّد 20، بيروت، أيار –حيزران 2011.
  • مقالات، نصوص وفصول منتزعة
  • دولوز (جيل)، الفيلسوف المترحّل (علامات وأحداث)، تعريب محمّد ميلاد، ورد في مجلّة العرب والفكر العالمي، العـــــــ13-14ــــــددان، مركز الإنماء القومي، بيروت/ باريس، ربيع 1991، (صص. 206-2019) النص في الحقيقة هو حوار مع فيلسوف، أجراه معه ريمون بيلّور وفراسنوا إوالد، وقد نشر ضمن: Magazine litteraire,n257,Paris, septembre 1988 .

[1]John Dewey né le 20 octobre 1859 à Burlington dans le Vermont et mort le 1er juin 1952 à New York, est un psychologue et philosophe américain majeur du courant pragmatiste développé initialement par Charles S. Peirce et William James. Il a également beaucoup écrit dans le domaine de la pédagogie où il est aussi une référence en matière d’éducation nouvelle. Enfin, il a eu des engagements politiques et sociaux forts, notamment à travers ses articles publiés dans le journal The New Republic.

[2]– وإذا عدنا إلى المعجم لاروس “LA ROUSSE”سنجد أنّ”التجربة” تعني:

Pratique de quelque chose, de quelqu’un, épreuve de quelque chose, dont découlent un savoir, une connaissance, une habitude ; connaissance tirée de cette pratique : Conducteur sans expérience.Fait de faire quelque chose une fois, de vivre un événement, considéré du point de vue de son aspect formateur : Avoir une expérience amoureuse.Action d’essayer quelque chose, de mettre à l’essai un système, une doctrine, etc. ; tentative : Tenter une expérience de vie commune.Mise à l’épreuve de quelque chose, essai tenté sur quelque chose pour en vérifier les propriétés ; expérimentation : Faire l’expérience d’un médicament.Épreuve qui a pour objet, par l’étude d’un phénomène naturel ou provoqué, de vérifier une hypothèse ou de l’induire de cette observation : Expérience de chimie.AstronautiqueMatériel scientifique embarqué sur un engin spatial.StatistiqueEnsemble d’opérations à exécuter pour vérifier une probabilité.

[3]– انظر تحليل كتاب فن الشعر لأرسطو، لعبد الرحمن بدوي، ص. 48 ضمن تحقيقه لكتاب الشعر، دار الثقافة بيروت ط 2 1973. كما يمكن العودة أيضا لابن سينا، المباحثات، المقدمة، في: أرسطو عند العرب لعبد الرحمان بدوي، مكتبة النهضة المصريَّة، 7 4 9 1م، ج 1. ويذهب ابن سينا في قراءته لفكر أرسطو مذهبا يجعلها تفصح عما تخزنه من دلالة وعمق، فيما يتعلق بإخراج العمل الفني من دائرة التبعيَّة للواقع واجتراره أو تقليده، ووضعه في دائرة التشكيل والتصوير الفني نفسه، بحيث يصبح العمل الفني مكتفيا بذاته، لا يتوقف على ما هو خارج عنه. يقول ابن سينا فن الشعر ص. 183: “الشعر إنما يتعرض لما يكون ممكنا في الأمور وجوده، أو لما وجد في الضرورة. وذلك لأن الشعر، إنما المراد فيه التخييل لا إفادة الآراء”.

[4]– محمد السيد نعيم و د.عوض حجاذى، الفلسفة الاسلاميَّة وصلاتها بالفلسفة اليونانيَّة، دار الطباعة المحمديَّة بالاذهر-القاهرة الطبعة الثانيَّة-1959-ص171.

[5]– هناك مشكلات خاصة بالبراغماتيَّة لدى جون ديوي: كالموضوعيَّة والفهم والتفسير والجانب الأيديولوجي لأحكامها. والعلاقة بين المنطقي والتاريخي في المعرفة الإنسانيَّة، وإمكانيَّة قيام نظريَّة اجتماعيَّة، وهل هناك ملامح قانونيَّة عامة في السيرورة الاجتماعيَّة أم أن الواقعة الاجتماعيَّة واقعة فذة؟ وتبعا لذلك يطرح جملة من الأسئلة الهامّة: هل هناك غائيَّة في التطور الحي؟ وما العلاقة بين مفهوم الطفرة والتطور التدريجي في العالم الحي؟ وما الدور الذي يقوم به، منهجياً، مفهوم البيئة في تفسير الظواهر الحيَّة؟

[6] Deledalle, G. (2006). La théorie de l’enquête et le problème de la vérité. Présentation. In J. Dewey. Logique : la théorie de l’enquête (p. 99). Paris : PUF.

[7] Dewey, J. (1934, 2010). L’art comme expérience. Trad. par J-P Cometti (Art as Experience). Paris : Gallimard, p201.

[8]– انظر في هذا السياق أبو يعرب المرزوقي، النظر والعمل والمأزق الحضاري العربي والإسلامي الراهن، حيث يقول: “كان لإشكاليَّة العلاقة بين النظر والعمل بوجه يهم االمجرد والمطبق ولايزال لها منزلة كبرى بين مطالب الفكر الفلسفي والديني عامّة وبين مطالب هما في الحضارة العربيَّة الإسلاميَّة على وجه الخصوص. ومع ذلك فدراستها الجديَّة تكاد تكون مغامرة محفوفة بمخاطر أكيدة مصدرها الحالات وضعا لفكر في ميزان القراءة في الثقافة العربيَّة الإسلاميَّة الراهنة.

[9] – حول الفرق بين العمل والنظر يمكن العودة إلى لسان العرب لابن منظور، ص 563: لمّا كان الجميل صنفين، صنف هو علم فقط، وصنف هو علم وعمل، صارت صناعة الفلسفة صنفين به يحصل معرفة الموجودات التي ليس للإنسان فعلها وهذه تسمّى النظريَّة، والثاني به تحصل معرفة الأشياء التي من شأنها أن تفعل، والقوة على فعل الجميل منها وهذه تسمى العمليَّة.

[10]– حيرش سميَّة، البراغماتيَّة بين العقل والتصوّف، مجلة لوغوس الفلسفيَّة، دار كنوز، تلمسان، العدد التجريبي، أفريل 2011، ص50.

[11]– يقوم دولوز فى نهايَّة كتابه حول فلسفة كانط النقديَّة بمقارنة بين العقل النظرى والعقل العملى على مستوى مصالحهما. فيؤكد أولا على الاختلاف بين الإثنين. إذ أن مصلحة العقل النظرى ترتبط بمجال الحسيات “فينومان” أما مصلحة العقل العملى فهى تستند إلى الكائنات العاقلة باعتبارها أشياء فىذاتها Chases en Soi لكن العقالة بينهما وطيدة وتتمثل باختصار فى أن العقل النظرى يستمد جدواه من إمكانيَّة تحقيقهما هو فوق حسي  Suhrasewaleوهى فى نهايَّة الأمر علاقة الفينومان بالشيء في ذاته.

[12]- عبدالعزيزالعيّادي، فلسفةالفعل، علاء الدين للنشر تونس، 2007، ص7.

[13]– جون ديوي، الديمقراطيَّة والتربيَّة، ترجمة لجنه التأليف والترجمة والنشر، القاهرة، مصر، الطبعة الثانيَّة، سنة 1954م؛ ص28.

[14]-الدكتور جميل حمداوي، من مستجدات التربيَّة الحديثة والمعاصرة، منشورات الزمن، سلسلة شرفات رقم:23، الطبعة الأولى سنة 2008؛ ص 220.

[15]– الدكتور محمد مصطفى القباج، التربيَّة على المواطنة والحوار وقبول الآخر في التعليم الثانوي: تحليلات واتجاهات، مجلة علوم التربيَّة، المغرب، العدد:32،أكتوبر 2006م؛ ص201.

[16] – Dewey. J. (1925, 2012). Expérience et nature. Trad. par J. Zask (Experience and Nature). Paris : Gallimard, p 192.

[17]– جون ديوي، إعادة البناء في الفلسفة، يعد هذا الكتاب واحد من أهم وأشهر الكتب التي صدرت في عصره فقد كان ثورة فكريَّة فى مضمونه ومحتواه وما يحمله من فكر.

[18]– بالنسبة للبراغماتيَّة فإنه لا يتعين على المعرفة أن تمثل العالم ماعدا ماهو مطلوب لتفسير كافل مهمة أووضع.

[19]– Dewey J., Reconstruction en philosophie (trad. Di Mascio P.), Œuvres philosophiques I, Pau/Paris, PUP/Farrago/Éd. Léo Scheer, 2003 [1920], p. 96

[20]-Micheline Milot et Fernand Ouellet,Religion, éducation et démocratie.Montréal, 1977,pages257. 

[21]– Dewey. J. (1925, 2012). Expérience et nature. Trad. par J. Zask (Experience and Nature). Paris : Gallimard, p 48.

[22]–  John Dewey, Démocratie et éducation, Paris, Armand, Colin, 1975,

[23]– جون ديوي، الحريَّة والثقافة، ماحفّز جون ديوى إلى انتهاج هذا الطريق سوى رغبة صادقة ملحة في العمل على ترقيَّة الحياة الإجتماعيَّة وتحقيق الحريَّة الثقافيَّة بأكمل معانيها وأوسعها في ظلال حريَّة السياسيَّة، الديمقراطيَّة السليمة، والنظم الاقتصاديَّة التى تتيح للفرد المجال للخلق والابتكار.

[24]– جون ديوي، الطبيعة والسلوك الإنساني، ترجمة، محمد لبيب النجيحي، مؤسسة الخناجي، القاهرة، مصر. ط1، 1963، ص68.

                للملاحظة تمت الاستعاضة في هذا الشاهد عن الخبرة بالتجربة. وفي العموم يمكن حوصلة هذا الكتاب في التالي: “يعد هذا الكتاب عمل قيم من الآمال القليلة التي تحمل ثراء معرفيا كبيرا في مجال الدراسات النفسيَّة، حيث يعبر بمنتهى الشفافيَّة عن نظريَّة الفيلسوف الأخلاقيَّة. ويتناول هذه النظريَّة من منظور ” علم النفس الاجتماعي والنمو” فالأخلاق ينبغي أن تتأسس على ” الطبيعة البشريَّة ” فالشخصيَّة الإنسانيَّة والمجتمع الإنساني يتكونان من التأثيرات المتبادلة بين هذه الطبيعة البشريَّة والبيئة الاجتماعيَّة والمحيط الطبيعي.”


اكتشاف المزيد من التنويري

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة