صدر عن دار جداول كتاب “جذور الرومانتيكية” للمفكر البريطاني ازايا برلين، وهو من ترجمة الأستاذ سعود السويدا.
في هذا الكتاب يسعى ايزايا برلين لمقاربة موضوع الرومانتيكية، متجنبا الخوض في محاولة التعريف، باعتبارها طريقاً مضللاً كما يرى، وينحو بدلاً عن ذلك، باتجاه البحث في تاريخ نشوء الافكار التي عدّها البذور الأولى للرومانتيكية، وهو يرى، عكس الشائع، أن منشأها كان في المانيا وليس في انجلترا. وتجد منبعها في التقاليد “التقويّة” التي نشأت عن تعاليم مارتن لوثر وأعلت من شأن الورع الذاتي والعلاقة الشخصية مع الإله ورفض المظاهر والاحتفالات والطقوس حسب التعاليم الدينية المسيحية.
الرومانتيكية، بحسب برلين، تمثل احتجاجاً على قيم عصر التنوير، بعقلانيته وتوازنه وإصراره على قابلية جميع الأسئلة للإجابة.
وعلى الرغم من أن نقد مقولات عصر التنوير قد بدأ في العصر ذاته، من خلال مونتيسكو وهيوم مثلا، إلا أن ذلك النقد لم يحدث صدوعا كبيرة فيما دعاه برلين “الجدار المتماسك لعصر التنوير”. وهو يتتبع بدقة وتحليل، كيف لتلك الأفكار أن مهدت لنقد مُثُل عصر التنوير، حتى بعد ظهور الأصوات الرومانتيكية المحتجة، ومن بين مفكرين أظهروا عداء واضحاً للحركة الرومانتيكية، مثل الفيلسوف الألماني كانط. إذ يرى برلين، أن كانط كان، دون أن يدري، أحد الذين خدموا الحركة الرومانتيكية عبر تزويدها بأدوات مكنتها من توجيه هجومها الاقوى على مقولات عصر التنوير، وذلك من خلال فلسفته الأخلاقية، نقد العقل العملي، والتي تتمحور حول فكرة الإرادة الحرة.
يتتبع برلين، الشخوص الاكثر تأثيراً في تشكيل الأسس، التي غدت منطلقات الحركة الرومانتيكية وفلسفتها، كما يستعرض الفترة التاريخية التي تزامنت مع ظهور بوادر الحركة الرومانتيكية والأحداث المفصلية لنهاية القرن الثامن عشر، وأهمها الثورة الفرنسية والثورة الصناعية.