أبو العلي الحسن بن الهيثم، ويعرف اختصاراً بابن الهيثم، ويطلق عليه في الغرب اسم “الحسن”. ويشار إليه أحياناً باسم البصري نسبة إلى البصرة التي كانت آنذاك جزءاً من إمارة آل بويه التابعة للإمبراطوريَّة العبّاسيَّة.
وعادة ما يسمّى بـ
“أبو البصريّات الحديثة” أو ببساطة “الفيزيائي” وينظر إليه حاضراً
باعتباره شخصيَّة محوريَّة في تاريخ البصريّات والضوء. وسمّي شرفاً بـ “بطليموس
الثاني” في أوروبا القرون الوسطى بسبب آثار أعماله وبحوثه.
قدَّم ابن الهيثم مساهمات رائدة خصوصاً في مبادئ البصريّات وفهم آليَّة الضوء،
وفضلاً عن ذلك فقد عمل في فلسفة اللاهوت، وتشير معظم المصادر إلى أنه كان شخصيَّة
مهمَّة في مدرسة المعتزلة التي نشأت في البصرة، بينما تؤكِّد مصادر أخرى أنّه كان
من الأشاعرة.
يعكس عمله الضخم والرائد في كتاب “المناظر” من سبعة مجلّدات اهتمامه الخاصّ بالضوء، وكان أوّل من اقترح بأنَّ سرعة الضوء محدودة، كذلك أوّل من اقترح وبشكلٍ صحيح، أنَّ أصل أشعّة الضوء تقع خارج عين المراقب، وتتمّ الرؤيّة عند سقوط الأشعَّة على الأشياء ثمّ انعكاسها لترى من قبل أعيننا.
ويقول البروفيسور جيم الخليلي في كتابه “باحث المسار” إنَّ ابن الهيثم “ينبغي اعتباره أعظم فيزيائي في العالم بين حقبتي أرخميدس ونيوتن، وقبل نيوتن كان هناك ابن الهيثم، وسمّيت حفرة ابن الهيثم على سطح القمر تكريماً له، كما في كوكب 59239.
أثّرت أعماله على عدد من أبرز مفكّري وعلماء أوروبا العصور الوسطى أمثال روجر بيكون الذي ذكره باسم “الحسن” وشكّلت ترجمة كتابه “المناظر” إلى اللاتينيَّة التأثير البالغ، ليس على أعمال روجر بيكون، فحسب، وإنما على روبرت كروستوستيا، ويتلو، جيامباتيستا، ديلا بورتا، ليوناردو دافينشي، غاليليو غاليلي، فيرما ويوهانس كيبلر وغيرهم.
وفي الوقت ذاته أثّرت أعمال ابن الهيثم على كتابات ابن رشد في علم البصريّات، والأهم ربما على عالم الفلك الإيراني اللامع كمال الدين الفارسي (المتوفّى في حدود 1320) في كتابه تنقيّة المناظر (مراجعة لكتاب البصريّات لابن الهيثم).
وبحث ابن الهيثم في كتب المتكلّمين المعتزلة، لتعليل ظاهرتي الانعكاس والانكسار البصريَّة، اللتين اقترضتا من مفاهيم الديناميَّة للاعتماد (السعي أو الجهد) والتوليد (مراعاة نوع الجنس) بديلاً للسببيَّة الأرسطيَّة.
وصل إلى القاهرة في
عهد الخليفة الفاطمي، الحكيم، راعي العلوم، خصوصاً علم الفلك، وقد اقترح ابن
الهيثم على الخليفة مشروع هيدروليكي لتنظيم فيضان مياه النيل، وهي مهمّة مبكّرة
ومعقَّدة وتتطلَّب بناء سدّ، لكنه اقتنع فيما بعد بعدم جدوى تقنيته المقترحة
للمشروع، وتقول الأخبار بأنّه بعد اتّخاذ قراره بعدم إكمال المشروع وخوفاً من غضب
الخليفة، فقد تظاهر ابن الهيثم بالجنون وبقي تحت الإقامة الجبريَّة من عام 1011
حتى وفاة الحكيم من 1021. تمكّن في هذه الفترة من توثيق وكتابة دراساته وبحوثه،
خصوصاً كتاب “المناظر” الضخم.
واصل ابن الهيثم الإقامة في القاهرة، في حي جامعة الأزهر، حتى وفاته عام 1040.
بطاقة:
____
. ولد لعائلة عربيَّة في 1 تموز (يوليو) في 965م في البصرة، العراق.
. عمل معظم حياته قريباً من بلاط الخلافة الفاطميَّة في العراق.
. برع في مجال البصريّات والرياضيّات وعلم الفلك والفلسفة والفيزياء والطبّ وتطوير ما يسمّى اليوم بالمنهج التجريبي العملي.
. كتب أكثر من 200 كتاب تناول فيها مختلف المواضيع العلميَّة.
. تمّ الاحتفاء به في ذكرى مرور 400 عام على تطوير التلسكوب عام 2008.
. توفي في القاهرة التي قضى فيها جزءاً كبيراً من حياته في 6 آذار (مارس) 1040م.