بعد تهجير الإيزيديين من قراهم وبلداتهم إثر سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على الموصل، الكارثة الإنسانيَّة الأهم التي شهدها هذا القرن. ورغم استعادة مناطق واسعة من محيط جبل سنجار، ما زال مركز قضاء جبل سنجار خاضعاً لسيطرة التنظيم الإرهابي. وتشير الإحصاءات غير الرسميَّة إلى أنَّ عدد النازحين الإيزيديّين يبلغ 75% من مجموع الطائفة وتعيش النسبة الباقية تحت قبضة “داعش” أو في مناطق خارج العراق.
في كتابه المعنون: “الموت الأسود: مآسي نساء الإيزيديَّة في قبضة داعش” الصادر عن مطبعة خاني في دهوك، العراق، يوثّق الإعلامي العراقي خضر دوملي شهادات الإيزيديّات اللواتي تمكّن من الهروب من داعش. وقد أجريت المقابلات مع الناجيات الهاربات من تلعفر أو الموصل أو مدينة الرقة السوريَّة.
جاء خطف الإيزيديّات من سنجار ضمن خطّة منهجيَّة، تضمّنت مراحل عدّة، كما يؤكِّد دوملي، حيث أشارت التقديرات الأوّليَّة إلى أنَّ أكثر من 5 آلاف امرأة وطفل إيزيدي اختطفهم “داعش” وفقاً لمعلومات وشهادات جمعها نشطاء وناشطات من المخيّمات وأماكن وجود النازحين، وعدد آخر من الجهات والمراكز والمؤسّسات والشخصيّات.
نفّذ حكم الإعدام في أكثر من 400 رجل بحسب شهود عيان نجوا من مجزرة قرية كوجو جنوب
مدينة سنجار، ونّقلت النساء والأطفال إلى مواقع مختلفة بغية تشتيتهم وتفتيت
العوائل. تبرز الشهادات التي أدلت بها الفتيات الناجيات حجم المآسي التي تعرضن
لها. وتحت عنوان “عودة زمن العبيد” يلفت الكاتب إلى تحويل عوائل بكاملها
عبيداً في مزارع ومعامل تابعة لقيادات “داعش” ضمن المناطق التي سيطروا
عليها. سعى التنظيم الإرهابي من خلال سبي النساء وخطف الأطفال إلى تحقيق أمرين:
توزيع المختطفات على أمرائه وتجنيد الأطفال الأيزيديّين ليصبحوا مقاتلين، حيث تبرز
شهادات الأطفال تلقيهم تدريبات على السلاح في مراكز ومدارس خاصّة بالتنظيم
الإرهابي.
تأتي أهمّيّة الكتاب من أنه يوثّق لأبشع الجرائم المرتكبة بحق الإيزيديّات، ويعتبر
خطوة متواضعة تحتاج لاستكمال عبر تأسيس أرشيف رسمي يؤرّخ لمأساة الإيزيديّة إحدى
أقدم الديانات في العالم.