التنويريسلايدرمكتبة التنويري

الحبّ في القرآن

لا يعوق القرآن الكريم النفس عن نيل شهواتها ولكن باعتدال وعقل وتحت مظلَّة الإيمان بالله، لذا جاء كتاب الله متخماً بالحبّ والمحبَّة، هذا ما يذكره د. محمد سعيد رمضان البوطي في كتابه المعنون “الحبّ في القرآن” الصادر عن دار الفكر في دمشق، وقد قسَّم المؤلف كتابه إلى فصول بدأها بالحديث عن حبِّ الله للإنسان ثمَّ تلاها بفصل عن حبِّ الإنسان لله، ثمَّ حبّ الإنسان لأخيه الإنسان ثمَّ ختم بدور الحبّ في حياة الإنسان. يقول الله تعالى: (۞ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا)/(الإسراء 70) وهي آية تتضمَّن المكانة المتميِّزة للإنسان الذي أمر الله الملائكة بالسجود له.

ويعرِّف د. البوطي الحبّ بأنّه التعلّق بالشيء على وجه الاستئناس به والاستيحاش لفقده، وهو معنى غير وارد في حقّ الله، فحبّ الله للإنسان هو الرضا عنه والمغفرة له، ومصير هذا الحبّ منوط بالمصير الذي يتّخذه الإنسان تجاه التكاليف التي شرّفه الله بها والوصايا التي أمره بها وهو ما يقرِّره البيان الإلهي في أكثر من مناسبة، فمن ذلك؛ قوله: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) / (البقرة 222)، وفي قوله تعالى: (وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) / (البقرة 195)، وفي قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ) / (الصف 4) وهي محبَّة تشمل المذنبين التائبين.
 هذه المحبَّة فطرة أودعها الله في الإنسان (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ) / (الأعراف/ 172).

ويجيب المؤلِّف عن سؤال حبّ الله المطلق كيف يكون؟ فالحبّ عادةً يكون بين المتناسبين من جنس واحد أو يكون إلى أماكن وديار تدرك بالحواسّ، بقوله: إنَّ كل ما يعتري النفس الإنسانيَّة من أشواق إلى أنواع الجمال الإنساني والطبيعي من تجلّيّات حبّ الله، والشوق إلى المجهول هو من تجلّيّات حبّ الله، ومن أحبَّ الله فإنّه سيحبّ عباده جميعاً. وللتحابب بين الناس قانونان؛ تحابب دينيّ بين المؤمنين، وتحابب إنسانيّ عام. ويحذِّر المؤلِّف من قصر الحبّ بين عباد الله، الأمر الذي يحدّ من حبّ الله.


اكتشاف المزيد من التنويري

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.