التنويريفكر وفلسفة

المنهج أفقا للبحث  في العلوم الاسلامية

بين ضبط الفهم وتأصيل الاستدلال: قراءة في مركزية المنهج ووظائف أصول الفقه في المعرفة الإسلامية

تقديم

نقول في البداية إن اكتشاف المنهج الناظم للمعارف والمنتج للعلوم والمعين على الفهم والتلقي والاستدلال ،كان من أبرز ما وصل إليه العقل البشري عامة ،والعقل الإسلامي بصفة  للمنهج ،اذ  شكل ا الاكتشاف فتحا جديدا، و مثل طفرة معرفية كبيرة في تعامل الإنسان وتفاعله مع المعارف والعلوم بشكل عام  .

ورغم هذه العناية المبكرة ،ظل المنهج من القضايا الشائكة والمسائل المركبة التي حظيت بمتابعة الباحثين والدارسين قديما وحديثا  ، بحيث  كان الحرص على انتقاء المنهج خيارا معرفيا ، ومطلبا أولويا  ضمن  مطالب المعارف الاسلامية.

لأن العادة التي  تتوقف  عليها  النتائج  تتوقف على مدى سلامة  اختيار المناهج في جهة البحثمن حيث الحرص على السلامة في  المسالك  المركبة لعناصر المنهج  وهو يشتغل   على  المعرفة في التخصصات العلمية  “..

-المنهج عند علماء الإسلام

 انطلاقا من هذا الاعتبار  الكاشف لموقع المنهج بين المعارف والعلوم الاسلامية ،نقول إن المناهج المعرفية بجميع أنواعها وفروعها وأشكالها وأقسامها ،كانت حاضرة عند علماء الإسلام ثابتة في عقولهم ،و متأصلة في أذهانهم ،يسيرون عليها في بحوثهم ،و يتقيدون بها في دراساتهم ، فقد كانت لهم عناية راسخة ،واهتمام بالغ و متابعة خاصة بمناهج العلوم  و بمسالكها،وإن كانت وجهتهم الخاصة هو عنايتهم الشديدة بمناهج  البيان وبطرائق الفهم للنصوص الشرعية، لأن مطلب العلوم  في الثقافة الاسلامية ومدارها  وقصدها  الأعلى وهي تتفاعل مع المعرفة ، كان هو البيان والتبيين و الفهم والتلقي .

فلما كان الوحي هو مركز المعرفة في التراث الإسلامي.فإن جميع العلوم والمعارف جاءت خادمة للوحي  محققة  لمعانيه ومسددة لمقاصده،فالمعارف بجميع مكوناتها  وفروعها ،كانت بدايتها و منطلقها هو تحقيق الدلالة في القرآن الكريم…

بحيث تحول النص الشرعي  ليكون منطلقا  للجهود الفكرية  والعلمية للمسلمين وهو القطب  الذي تدور حوله مختلف الدراسات والبحوث العلمية.

الثقافة العربية الإسلامية وقضية المنهج

 بخصوص الثقافة العربية الإسلامية في بنيتها وأنساقها وأشكالها، أنها ثقافة نشأت  بسبب  الحاجة الماسة والمقتضى العلمي اللازم  والضروري في  تأسيس منهج يضبط عملية الفهم ، ويسدد عملية البيان من خلال العناية بالأصول و الشروط الكاشفة   للضوابط  المساعدة على التفسير والبيان  والاستمداد،وهو ما دفع  بعلماء الإسلام إلى الاعتناء و الاهتمام  بمنهج الفهم ،و بمسالك البيان ،و بطرائق الاستمداد وبأشكال التلقي للمعنى  من النص القرءاني.

 في هذا السياق فإن الناظر في النسق الثقافي والفكري الذي كان يحكم بنية العلوم الإسلامية ،يلاحظ  ويقف على مدى حضور علوم الفهم والتفسير والبيان والاستمداد في بنية العلوم الإسلامية، وقد تجسدت  هذه العناية وتجلت بشكل خاص في العلوم  التفسيرية والبيانية التي تصدرت معظم مدونات  وكتب علم التفسير،وقد جاءت  هذه العلوم حاملة للمنهج وكاشفة لعناصره،ومظهرة لمعالمه ومجلية لمستوياته  الخادمة والمسددة للتفسير ،و  المؤسسة لمعالم البيان.

وكتب التفسير والأصول واللغة اختارت في مقدماتها أن تحمل خطابا صريحا يتعلق بالمنهج المتصل بفهم القرآن الكريم وبيانه وتفسيره ،ما يجعل إدراج المقدمات التفسيرية ضمن سياق الاشتغال بالمنهج تأصيلا وتحقيقا وتعقيدا . 

لأن المنهج  ظل هو السبيل  الأسمى من أجل تفهم النص القرآني ،وبه يتم تحصيل المعنى منه،إذ عادة ما يختزل المنهج بين المفسرين في كونه مجموعة من القواعد المنظمة، والأصول الضابطة، والشروط الحاكمة، والمسائل المسددة والطرق المعينة على تلقي  المعنى السديد في القرآن الكريم، وعلى استيعاب معانيه، وتحصيل دلالته، وتمثل مقاصده العليا…..

والمنهج عادة ما يختزل في المسالك والطرائق التي يلتزم بها المفسر  والمشتغل على النصوص وهو يسعى الى   التفسير  والبيان للمضامين المحمولة   في كتاب الله..

وبناء بناء على هذا المعطى  المشار إليه ،فإن الذي ترسخ في وعي الدارسين قديما وحديثا، ورغم اختلاف التخصص وتنوع التوجه الفكري وتعدد الرؤى واختلاف المذهبيات ،والاختيارات والمرجعيات  والنساق المركبة لبنية العلوم الإسلامية أن جميع العلوم التي نشأت في الحضارة الإسلامية ،إنما هي علوم اتجهت نحو خدمة القرآن الكريم في جميع جوانبه ومستوياته ومكوناته خاصة ما اتصل بالتوثيق والتحقيق والرسم والقراءة ، أو  ما اتصل بالبيان والفهم والتفسير والاستمداد….

وهذا الحضور القوي لمناهج الفهم والبيان في التراث الإسلامي ملاحظة بارزة ومأخذ قوي يلحظه كل  مشتغل ومتتبع للدراسات والبحوث القرآنية بشكل عام،وهو يعود الى محورية البحث في القرآن الكريم وفي كل ما أنتجته الأمة الإسلامية من بحوث ودراسات وعلوم و فهارس ومعاجم وموسوعات ذات صلة قوية مباشرة بالبحث في القرآن الكريم.

وهذا يعني أن هذه  البحوث القرآنية  تعكس الجهود العلمية والبحثية الكبيرة  التي بذلت في القرآن الكريم وهي الجهود  التي لم تبذل في غيره من الكتب سماوية كانت أم غير سماوية. بحيث يتعذر إحصاء أو تقييد أو رصد أو جمع جميع هذه البحوث والدراسات والمؤلفات المنجزة في كل ما له صلة  سواء بالتفسير أو تعلق الأمر بالبحوث في القرآن الكريم وعلومه.

علم أصول الفقه: الأهمية و الموقع

يعتبر علم أصول الفقه من أهم العلوم التي أنتجتها الحضارة العربية الإسلامية ،وقد تحدث ابن خلدون ت808ه في المقدمة عن علم أصول الفقه وعن قيمته العلمية والمعرفية والمنهجية فقال” اعلم أن أصول الفقه من أعظم العلوم الشرعية وأجلها قدرا،وأكثرها فائدة، وهو النظر في الأدلة الشرعية، من حيث تؤخذ منها الأحكام الكلية….”.. 

من جهة أخرى اعتبر ابن خلدون 808هـ علم أصول الفقه، من العلوم المستحدثة في الملة، بحيث لم يكن المتقدمون في حاجة إليه…وإنما نشأت الحاجة إليه بعد فساد الألسنة، واختلاط المسلمين بغيرهم من أهل الديانات الأخرى….

وأكد على هذه الأهمية العلمية لعلم أصول الفقه الدكتور طه عبد الرحمن عندما قال: “إن علم أصول الفقه الذي يعد بحق أعظم علم أنشأته الحضارة الإسلامية إنشاء…”.

فهو من العلوم التي اجتمع فيها المنقول مع المعقول،والتحم فيها النص مع الرأي، واجتمع النظر مع الاجتهاد،إذ جاء في مستصفى الإمام الغزالي”ت 505 ه”، في سياق حديثه عن علم أصول الفقه: “فأشرف العلوم ما ازدوج فيه العقل مع السمع. واصطحب فيه الرأي مع الشرع. وعلم أصول الفقه من هذا القبيل” .

وهذا المعنى نفسه هو الذي أكده صاحب كتاب “قواطع الأدلة” الإمام السمعاني الشافعي المذهب الذي نص :أن علم أصول الفقه:”هو أصل الأصول وقاعدة العلوم:”

2. علم أصول الفقه: وظائفه ومهامه

  يعتبر علم أصول الفقه علما منهجيا كاشفا، ومجليا لطرق الاستدلال، ومعينا على  الاستنباط ،ومساعدا على تفهم النصوص الشرعية.

وهو من جهة أخرى علم مسدد لفهم وتفهم  النصوص الشرعية، والوقوف على معانيها ومقاصدها،وهو علم محصن للنص من أن يبعد عن معناه ودلالته الأصلية “قد كان عالم الأصول مندفعا برغبة أكيدة ،وبقصد نبيل في حماية النص وصيانته من أن يصير مجالا للتزيد والاقحام ،ومطية للتحريف و التعسف ،وإسقاط الذات  بالقوة على النص ومعانيه…”.

هذه الوجهة الاستنباطية والاستدلالية في هذا العلم، جعلت علماء الأصول يشتغلون على القواعد اللغوية والدلالية التي تسعى إلى تفسير النص وتلقي المعنى في الخطاب، فالقواعد الأصولية تحضر بجميع أنواعها وفروعها وأشكالها في مباحث الأصوليين، لأن هذه القواعد تعين على الفهم، وتساعد الاستنباط والاستدلال.

فالغاية من هذه القواعد الأصولية هو أن تعصم عقلية الفقيه من الزلل في الاستنباط ، وأن تحفظ العقل من الوقوع في الخطأ،وتعمل على توجيه الفقيه ليأخذ بالطريق السديد والسليم في الفهم والاستدلال والتفسير والبيان ، وهذه القواعد هي ضرورية لكل من اختار النظر،وقصد الاجتهاد في القضايا والمسائل ذات الصلة بالفقه و بالتفسير.

وعلم أصول الفقه يجسد ويظهر مدى حضور المنهج في العلوم الإسلامية ،ذلك أن المنهج في أصله هو مجموعة من القواعد المتعلقة بالتفكير والناظمة للنظر والكاشفة للضوابط والمسالك والطرق المعتمدة في الوصول الى الحقائق، وأن الغاية من هذه القوانين،هو إعانة الفقيه ومساعدته على تفهم النصوص الشرعية قصد بناء الاستدلال على الأحكام الشرعية في النوازل التي لم ترد فيها نصوص صريحة. 

فهذا العلم حامل و متضمن لمنهج دقيق له تعلق وصلة مباشرة بالتفسير والبيان والتأويل والتلقي،فهو يظهر مدى حضور القضية المنهجية في العلوم الاسلامية.

 3. الحاجة إلى علم أصول الفقه

  من المتفق عليه بين جميع علماء التفسير قديما وحديثا أن تحقيق البيان، وتحصيل الفهم السليم من المقتضيات الأساسية ومن الشروط الضرورية  في تفهم  النص  القرآني وتحصيل معناه ، بناء أن الأصل في النص الشرعي هو البيان،وأن لا تكليف إلا ببيان، فتحقيق هذا القصد هو من أبرز مقاصد علماء الأصول  في اشتغالهم على  التفسير للقرآن الكريم  والسنة النبوية ، ليكون  هذا المعنى المحمول في القرءان الكريم  والسنة النبوية  خطابا واضحا  في التكليف، لأن من شرط التكليف ومقتضياته ولوازمه  البيان والوضوح ،وإفهام المكلف ما كلف به .

 إن علم أصول الفقه من حيث علم مركب من مجموعة من العلوم ، فإن موضوعه العام والأساسي هو الاستنباط ،والاستدلال على الأحكام الشرعية  ،وتفهم النصوص الشرعية لاستجلاء معناها والوقوف على مقاصدها. 

وهناك من الدارسين من اعتبر علم أصول الفقه من أبرزا لعلوم التي سعت إلى وضع القوانين، ورسم الضوابط ذات الصلة بتفسير الخطاب  وتلقي المعنى بصفة عامة…..

ولقد أكد على هذه المهمة والوظيفة لعلم أصول الفقه حديثا الشيخ الإمام الطاهر بن عاشور عندما قال “:إن علم الأصول يضبط قواعد الاستنباط ويفصح عنها ،فهو آلة للمفسر في استنباط المعاني الشرعية من آياتها…..

وتحقيق هذا المبتغى، والوصول إلى هذا  الهدف ،وإدراك القصد ، مشروط  بمدى تحصيل  الفهم السليم ،و الاستمداد الصحيح للمعنى من النص الشرعي ،فهما سليما تقره وتعترف به ضوابط اللغة العربية في التخاطب ،وتشهد لها قوانينها  وأصولها في الأداء ،و مقتضياتها في الإبلاغ  ،وأعرافها  في التخاطب والخطاب ،و وتؤسسه سننها في التعبير مع ضرورة مراعاة المقاصد  اللغوية والشرعية في تلقي المعاني من النصوص الشرعية.

ومن أبرز مساعي هذا العلم:

  1. السعي نحو تفهم النص وفق ما تقتضيه اللغة العربية، وهو المسعى الذي كان من وراء استحضار الأصوليين للمباحث اللغوية والدلالية والبيانية والمعجمية ، بشكل موسع في ثنايا  مصنفاتهم وفي مباحث كتبهم،”فلما كانت معظم التكاليف الشرعية لها استمداد من علم العربية وعلومها ، فقد أولى حذاق هذه الشريعة علم العربية  ما يستحق من العناية والاهتمام  ،واستعانوا على ما هم عليه بالقواعد الخادمة والصانعة للمعنى.

ومن الجهات التي كانت موضوع مدارسة علماء الأصول اعتنائهم باللفظ في جميع جهاته ومستوياته،فهي جهات متعددات ومختلفات ومتنوعات تحكمها اعتبارات مختلفة ومرجعيات متعددة.

لأن التحقق من اللفظ ضرورة منهجية في الفهم والبيان والتبقي “فالبلاء والاشكال الذي يقع لمتفهم النص هو أن يوقع   المعاني الكثيرة  على اللفظ دون ان يعمد الى التحقق من ذلك اللفظ  في جهة الوضع والاستعمال “فالبلاء والاشكال هو خلط المفاهيم “وايقاع المعاني الكثيرة على اللفظ الواحد”. 

2. تحصين النص وحمايته من التعسف ،ومن القراءات التحريفية التي لا تنضبط  للأصول ،ولا تتقيد بالقواعد والمقتضيات، ولا تحترم الكليات و الشروط الناطمة لتفهم النصوص الشرعية، فحماية النص القرءاني من جميع أشكال  التحريف كان  من أبرز المهام والأهداف التي اشتغل عليها علماء أصول الفقه في مدارستهم للقضايا اللغوية،بحيث كان سعيهم وهدفهم هو تفويت الفرصة على كل من يريد تغيير وتبديل  المعنى الأصلي في النص……

3. العناية بالقواعد اللغوية والتفسيرية ،في  مسار تطور علم أصول الفقه ، فقد ظهر  هذا العلم مع المتأخرين على شكل قواعد  وكليات ،وظيفتها البيان ،ومهمتها التفسير للوصول إلى المعنى بقسميه اللغوي والشرعي المحمول في النص الشرعي، ذلك أن  لسان العرب واسع وشاسع،وليس من السهل الاحاطة به في جميع مستوياته وعناصره،ولهذا قام علماء الأصول باستقراء كبير،و بتتبع واسع لتراكيب وأساليب اللغة العربية،قاصدين من ذلك  استمداد الكليات ،واستخلاص القواعد اللغوية ،لتكون  هذه القواعد والكليات عونا مساعدا ،وطريقا معينا للراغب والقاصد في  تفسير كتاب الله ،وبيان سنة نبيه عليه الصلاة والسلام .

والسند في اتخاذ القواعد اللغوية مصدرا ومادة معينة على التفسير والبيان هو اتساع اللسان العربي،وهذا ما صرح به  الإمام الشافعي ت204ه عندما قال “إنما خاطب الله بكتابه العرب بلسانها على ما تعرف من معانيها، وكان مما تعرف من معانيها اتساع لسانها….”..

و أهمية القواعد اللغوية في التفسير والبيان، كانت من إشارات الشيخ الطاهر ابن عاشور في تفسيره “التحرير والتنوير إذ قال: “إن القرآن كلام عربي،فكانت قواعد العربية طريقا لفهم معانيه، وبدون ذلك يقع الغلط وسوء الفهم” .

 والقواعد اللغوية المعينة على التفسير،عادة ما تحضر في أمهات كتب ومدونات علم الأصول،وهذه القواعد تم تشييدها من خلال استقراء أساليب اللغة العربية ،وعلى مدلول العبارة الصحيحة في لسان العرب ،لأن القرآن الكريم  والسنة النبوية نزلا باللغة العربية…،وهذه القواعد الأصولية  اللغوية ،هي ضرورية للفقيه والمفسر والمستنبط للأحكام الشرعية

في هذا السياق فإن الناظر في النسق الثقافي والفكري الذي كان يحكم بنية العلوم الإسلامية يلاحظ مدى حضور علوم الفهم والتفسير والبيان والاستمداد في بنية العلوم الإسلامية، وقد تجسدت  هذه العناية وتجلت بشكل خاص في العلوم  التفسيرية والبيانية  والدلالية والمعجمية التي تصدرت معظم مدونات وكتب التفسير وعلم أصول الفقه ،وجاءت  العلوم  التفسيرية حاملة للمنهج كاشفة لعناصره ،ومظهرة لمعالمه ومستوياته  الخادمة  للتفسير ،وهو المنهج الذي عادة ما يلتزم ويأخذ به المفسر في  تفسيره وبيانه  لكتاب الله.

إذ لا يتيسر التفسير لغير المتمكن من المنهج، ولا العارف بالماسك و بضوابط التفسير التي تأخذ بمقتضيات اللغة العربية وبشروطها  .

فرغم اختلاف العلوم من البناء والشكل والنسق ،ورغم تعدد أسمائها وأوصافها ، فان تبدو من الناحية المنهجية علما واحدا جهته موجهة   للفهم والتفهم  للنص القرءاني، ما جعل البحث اللغوي يحضر في العلوم أهم   الخادمة للفهم .

4. نظرية الاعتبار في العلوم الإسلامية للدكتور عبد الكريم عكيوي:.منشورات المعهد العالمي للفكر الإسلامي السنة :2008 ص10.

المنهج أفقا للاستدلال في العلوم الاسلامية: الاستدلال المنهج في العلوم الاسلامية

تقديم

من القضايا المركبة في المعارف الإسلامية قديما وحديثا قضية المنهج،وكان الحرص على انتقاء المنهج خيارا معرفيا  و مطلبا أولويا  بين المعارف الإسلامية.

بحيث شكلت مسالة المنهج من حيث الاختيار والانتقاء مسلمة من ضمن  مسلمات الدراسات المنهجية قديما وحديثا بحيث  أن سلامة الأفكار والنتائج في أي تخصص معرفي، أو علمي ،يتوقف على مدى سلامة المنهج ،وصحة الطرق، والمسالك الموصلة إلى المعرفة في ذلك التخصص

وعليه وانطلاقا من هذا الاعتبار ،نقول إن المناهج المعرفية بجميع أنواعها وفروعها وأشكالها وأقسامها ،كانت حاضرة عند علماء الإسلام ثابتة في عقولهم ،و متأصلة في أذهانهم ،يسيرون عليها في بحوثهم ،و يتقيدون بها في دراساتهم ، فقد كانت لهم عناية راسخة ،واهتمام بالغ و متابعة خاصة بمناهج العلوم ،وان كانت وجهتهم الخاصة هو أخذهم وتقيدهم بمناهج الفهم والتفهم و العناية بطرق الإظهار الظهور ،والبيان والتبين  ،بناء  أن مدار العلوم  في الثقافة الاسلامية ، كان هو البيان والتبين كما قال الجاحظ قديما.

المنهج المنتج للمعرفة في الثقافة الإسلامية

على هذا الاختيار، فاكتشاف المنهج ،كان من أبرز الطفرات  العلمية التي تحققت للعقل البشري في ممارسته للمعرفة، فمن أبرز مؤكدات العناية بالمنهج في العلوم الإسلامية ، أن  هذه العلوم    كان من  مقدماتها ومداخلها هو  أنها تتشكل  وتتركب من  شقين وبنائين، وتتفرع الى عنصرين  أحدهما شق نظري وآخر شق  تطبيقي عملي،    مثال   ذلك  ، علم الفقه الإسلامي الذي يمثل الجانب التطبيقي ،حيث واكبه علم أصول الفقه الذي يمثل الجانب النظري، فالعلاقة بينها هي علاقة النظرية بالتطبيق، وعلم أصول التفسير  مع علم التفسير ،فكل واحد له تعلق وصلة بالأخر، بحيث لا يقع الانفصال او التقاطع  بين ما هو نظري وما هو تطبيقي في العلوم الاسلامية .

علوم الفهم  في الثقافة الإسلامية

شكل  اكتشاف المنهج نقلة نوعية حققها العقل البشري ما يعني أن أنفس ما اهتدى إليه العقل البشري هو اكتشاف المنهج باعتباره مجموعة من الطرق والمسالك المرشدة  والهادية إلى تحصيل المعرفة..

فالمنهج  له حضور  متميز  في التراث العربي الإسلامي عامة، باعتبار أن المنهج هو من أهم آليات البحث وفي ممارسة التفكير، و هو  من الطرق المساعدة على المعرفة، وهو مفتاح العلوم،و  أساس كل فكر ،وركن كل دراسة،  وعماد كل بحث…

علما أن المنهج في بنائه العام يهدف إلى تقييد مستعمليه ،ومد مستخدميه  بالطرق الصحيحة ،و إلزامهم بالمسالك السديدة القويمة في تحصيل العلم ،وفي اكتساب المعارف…..

لقد أدركت الثقافة العربية الإسلامية في بداية نشأتها  أن الحاجة ماسة وضرورية إلى تأسيس منهج يضبط عملية الفهم ، ويسدد عملية البيان ، و ينظم عملية التأويل من خلال إظهار الأصول المعتمدة ووضع الشروط المبينة  ،و الضوابط  المعينة على التفسير والبيان،وهو ما دفع  بعلماء الإسلام إلى الاعتناء و الاهتمام  بمنهج الفهم  ،وبمسالك البيان ،و بطرائق الاستمداد وبأشكال التلقي للمعنى  من   النص القرءاني.

منهج الفهم  والتلقي في العلوم الإسلامية

المنهج المنتج للمعرفة في الثقافة الإسلامية على هذا الاختيار، نقول إن اكتشاف المنهج الناظم والمنتج للمعرفة ،والمعين على الفهم والتلقي  والاستدلال ،والمساعد  على الوصول الى المعارف التي تتعلق بالمعرفة بصفة عامة ، كان من أبرز ما وصل إليه العقل البشري عامة ،والعقل الإسلامي بصفة خاصة. فهذا الاكتشاف يشكل فتحا جديدا، ويمثل طفرة معرفية  خاصة في تعامل الإنسان  ،وتفاعله مع  إنتاج المعرفة بشكل عام  .

فاكتشاف المنهج ،كان من أبرز الطفرات  العلمية التي تحققت للعقل البشري في ممارسته للمعرفة، فمن أبرز مؤكدات العناية بالمنهج في العلوم الإسلامية ، أن  هذه العلوم كان من  مقدماتها ومداخلها هو  أنها تتشكل  وتتركب من  شقين وبنائين، وتتفرع الى عنصرين  أحدهما شق نظري وآخر شق  تطبيقي عملي،    مثال   ذلك  ، علم الفقه الإسلامي الذي يمثل الجانب التطبيقي ،حيث واكبه علم أصول الفقه الذي يمثل الجانب النظري، فالعلاقة بينها هي علاقة النظرية بالتطبيق، وعلم أصول التفسير  مع علم التفسير ،فكل واحد له تعلق وصلة بالأخر، بحيث لا يقع الانفصال أو التقاطع  بين ما هو نظري وما هو تطبيقي في العلوم الاسلامية .

علوم الفهم  في الثقافة الإسلامية

شكل  اكتشاف المنهج نقلة نوعية حققها العقل البشري ما يعني أن أنفس ما اهتدى إليه العقل البشري هو اكتشاف المنهج باعتباره مجموعة من الطرق والمسالك المرشدة  والهادية إلى تحصيل المعرفة..

فالمنهج  له حضور  متميز  في التراث العربي الإسلامي عامة، باعتبار أن المنهج هو من أهم آليات البحث وفي ممارسة التفكير، و هو  من الطرق المساعدة على المعرفة، وهو مفتاح العلوم،و  أساس كل فكر ،وركن كل دراسة،  وعماد كل بحث…

علما أن المنهج في بنائه العام يهدف إلى تقييد مستعمليه ،ومد مستخدميه  بالطرق الصحيحة ،و إلزامهم بالمسالك السديدة القويمة في تحصيل العلم ،وفي اكتساب المعارف…..

لقد أدركت الثقافة العربية الإسلامية في بداية نشأتها  أن الحاجة ماسة وضرورية إلى تأسيس منهج يضبط عملية الفهم ، ويسدد عملية البيان ، و ينظم عملية التأويل من خلال إظهار الأصول المعتمدة ووضع الشروط المبينة  ،و الضوابط  المعينة على التفسير والبيان،وهو ما دفع  بعلماء الإسلام إلى الاعتناء و الاهتمام  بمنهج الفهم  ،و بمسالك البيان ،و بطرائق الاستمداد وبأشكال التلقي للمعنى  من   النص القرءاني.

منهج الفهم  والتلقي في العلوم الإسلامية

لقد أدركت الثقافة العربية الإسلامية في بداية نشأتها  أن الحاجة ماسة وضرورية إلى تأسيس منهج يضبط عملية الفهم ، ويسدد عملية البيان ، و ينظم عملية التأويل من خلال إظهار الأصول المعتمدة ووضع الشروط المبينة ،و الضوابط  المعينة على التفسير والبيان،وهو ما دفع  بعلماء الإسلام إلى الاعتناء و الاهتمام  بمنهج الفهم ،و بمسالك البيان ،و بطرائق الاستمداد وبأشكال التلقي للمعنى  من   النص القرءاني.

 في هذا السياق فإن الناظر في النسق الثقافي والفكري الذي كان يحكم بنية العلوم الإسلامية يلاحظ مدى حضور علوم الفهم والتفسير والبيان والاستمداد في بنية العلوم الإسلامية،  وقد تجسدت  هذه العناية وتجلت بشكل خاص في العلوم  التفسيرية والبيانية التي تصدرت معظم مدونات وكتب التفسير،وجاءت  العلوم  التفسيرية حاملة للمنهج كاشفة لعناصره ،ومظهرة لمعالمه ومستوياته  الخادمة  للتفسير ،وهو المنهج الذي عادة ما يلتزم ويأخذ به المفسر في  تفسيره وبيانه  لكتاب الله.

محمد بنعمر


اكتشاف المزيد من التنويري

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى