قراءات نقدية جزائرية لاتفاقية سيداو: بمنظور قانوني سياسي
مركز الشهاب للبحوث والدراسات الجزائر عبّر عن موقف بلاده من اتفاقية سيداو

اختلفت القراءات التحليلية لاتفاقية “سيداو” بين الباحثين و المحللين السياسيين و رجال القانون و في مختلف جوانبها السياسية ، الاقتصادية و الاجتماعية ، لاسيما الجانب الديني حسب دستور كل دولة و خصوصية المجتمعات، و قد اثارت الاتفاقية كثير من التساؤلات لأن واضعوها يريدون فرضها على المجتمعات الإسلامية ، الاتفاقية تتحدث عن نظام عالمي جديد يسمح للغرب التحكم في ثروات العالم بأسره و بعقد صهيوني لتهيئة الأجواء لامتلاك العالم كله، فالاتفاقية تتعلق بالتدخل في شؤون الدولة و بالتالي الموضوع لا يتعلق بالمرأة فحسب ، بل بقوانين أخرى، و الكشف عن ما وراء هذه الاتفاقية بحاجة إلى خبراء في القانون يعملون بالتعاون مع خبراء في الأمن القومي
و كما تم التعريف بها، فاتفاقية “سيداو” CEDAW ، هي معاهدة دولية اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ، تم التوقيع عليها في 1996 ، و وقعت عليها اكثر من 189 دولة بعد أن صُنِّفَتْ على أنها وثيقة الحقوق الدولية للنساء، و منها الجزائر التي رفعت مؤخرا بعض التحفظات ، كان لابد من تسليط الضوء أكثر حول ما تتضمنه هذه الاتفاقية من مواد و تقريب الفكرة و توضيح الصورة للجماهير، لاسيما و هناك من فهمه محدود إلى درجة أن هذه القضايا ينظر إليها بمعاني مبسطة جدا و سطحية، و لأن مواد هذه الاتفاقية ليست موضحة بشكل جيد ، و خلفها غايات لا تخدم سوى المجتمعات الغربية، و بالتالي هي تحتاج إلى قراءة ما بين السطور، و بمنهج عقلاني ، و هذا يحتاج إلى متخصصين في القانون ومنظرين ذوو معرفة و خبرة واسعة و شاملة ، خاصة و أن المواد التي تضمنتها اتفاقية سيداو تحمل شحنات إيديولوجية أفرزها الفكر الغربي تقوم على ثنائية غرب/ شرق، فالاتفاقية ركزت على المرأة التي رأت نفسها وسط ظروف معينة أنها على الهامش و لابد من قوانين تحميها و تقضي على كل أشكال التمييز بينها و بين الرجال، أي تحقيق المساواة المطلقة، و جعلها تتأثر بقيم الحداثة، و تبنيها كما يقال ثقافة خارج السور ، يحركها لوبي صهيوني.
هي قراءات نقدية في رهنات الهوية و السيادة قدمها منظرون في جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في ندوة نظمها مركز الشهاب للبحوث و الدراسات بحضور مديرها الدكتور علي حليتيم و هو طبيب مختص في الأمراض العقلية و باحث و محلل ، ذلك بغية الوصول إلى توصيات و إيصالها إلى صناع القرار على مستوى عربي و للمسؤولين الجزائريين ، لمواجهة الضغوطات التي وضعتها اتفاقية سيداو، أو “جائحة” سيداو كما وصفها الدكتور محمد بن ترار من الجزائر مختص في التاريخ و القانون، و ذلك لما حملته هذه الاتفاقية من مفاهيم و مصطلحات في غاية الخطورة على المجتمع العربي و الإسلامي مثل مفهوم الاختيارات الإنجابية، الصحة الجنسية، المثلية ( السّحاق و اللواط) ، إباحة الإجهاض، أو الحمل الغير مرغوب فيه، تحديد النسل، أي أن للمرأة الحق في أن تنجب من الشخص الذي تريده هي و ترغب فيه و هذا كما قالوا يدخل في باب “الزنا”، بل إباحة مباشرة للزنا، و قد اعتبره القانون الجزائري جريمة من جرائم النظام العام ، و ما تراجع الزواج في الجزائر ( كعينة) ناتج عن مثل هذه الاتفاقيات، التي أباحت حرية ممارسة الجنس خارج الزواج، و قد أشار قانون الأسرة الجزائري في مواده ( 30، 40 ، 41 ) إلى خطورة ما جاءت به الاتفاقية خاصة في المسائل المتعلقة بالطلاق و العدة، و آفة الخلع و ما شابه ذلك، فهذه الاتفاقية قضت على الأسرة المسلمة في كل ابعادها الدينية و الاجتماعية فمسخت نفسها و انسلخت عن هويتها و تراثها الأصيل باسم الحداثة و العصرنة.
ربما لا يختلف اثنان أن عصر التنوير وسّع في حرية المرأة و تحريرها و ضمان حقوقها فيما سُمِّيَ بـ: ” الجندر” بهدف التمييز بين الجنس البيولوجي والأدوار التي تحدّد سلوكيات الرجال والنساء ، و قد تم ترسيخ هذا المفهوم شخصيات مثل جون ماني وسيمون دي بوفوار، على اعتبار أن الجندر ما هو إلا بناء اجتماعي وثقافي وليس بالضرورة نتيجة عوامل بيولوجية بحتة، كان للمرأة الجزائرية موقف من هذه الإشكالية، تقول الدكتورة خديجة بتقة تخصص علاقات دولية، أن الاتفاقية موضوع الجدل منحت للمرأة آليات تمكينها على المستويين المحلي و الدولي من خلال التعاون الجندري و سياسيا بمنحها حق الترشح و الانتخاب ، و هذا يختلف في المنظور الإسلامي عن اتفاقية سيداو ، لأن هناك ضوابط في الإسلام تحدد حقوق و واجبات المرأة و الرجل من أجل حفظ الدين و النسل و المال، و لتوسيع الفكرة هناك من قدم نظرة ابستمولوجية في فلسفة سيداو، أي تأسيس مساواة كاملة بينها وبين الرجل في كافة مناحي الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
و من هؤلاء الدكتور علي حليتيم مدير مركز الشهاب للبحوث و الدراسات ( الجزائر/ سطيف) ، فهو يرى في محاضرته أن الاتفاقية تخفي وراءها الإنسان الغربي و هي ترجع إلى المركزية الغربية، و الغرب من خلال تحليله للظاهرة نقل المرأة نقلة نوعية لكنه أدخلها في مسارات غير بشرية، مقدما صورة واقعية للحركات النسوية و انقسامها إلى موجات ، و هي اليوم تسعى لتوسيع علاقتها مع الأخر و لها اتجاهات أخرى أخطر، مثل تمكين المرأة من أن تكون بدون رحم في ظل التحولات الجنسية ، ( الوالد و الوالد البيولوجي أو الأم و الأم البيولوجية) و كيف يتكيف الطفل مع وضعه الجديد، يشير هذا الطبيب أن الحركة النسوية الراديكالية هي المتحكمة في صناعة القرار و الاتفاقيات و في كل الجمعيات النسوية، وصل الأمر إلى تشريع أشكال أسرية كالأسر المثلية ، و على حد قوله هو فالاتفاقية تحمل روح الحداثة الغربية و روح النظرة الاستعمارية و لها حرية التحكم و حرية القرار، فالجزائر كمثال رأت أنه من الضروري تأمين المجتمع من خلال رفع التحفظات، و مواجهة الإشكاليات المتعلقة بالخصوصية في ظل التداخل الحضاري والعولمة.
كانت هناك مطالب بإجراء دراسة كرونولوجية للاتفاقية منذ التوقيع عليها إلى اليوم، و معرفة أهدافها بعمق ، خاصة و ما كشف ه المحلل و الخبير الاقتصادي البروفيسور فارس مسدور يُعَدّ خطير جدا و يهدد أمن الجزائر ، عندما قال أن الكشف عن ما وراء هذه الاتفاقية بحاجة إلى خبراء في القانون يعملون بالتعاون مع خبراء في الأمن القومي لضمان الأمن الفكري و الثقافي و الاجتماعي و كذلك الأمن الاقتصادي في إشارة منه إلى قانون المناجم، و قانون الاستثمار، و ذلك من أجل بيع أراضي الجزائر إلى الكيان الصهيوني و إدخال شركات عمل بأسماء عربية من أجل التملك، منتقد صمت الأئمة في التغاضي عن كشف الحقائق و الدفاع عن الأّمّة الإسلامية، الجدير بالذكر أن اتفاقية سيداو حملت عده وثائق لفهم بنودها، أهمها تقارير الظل، و هي تقارير أكاديميين و جمعيات مرتبطة ببرامج دولية ممولة لتقديم معلومات دقيقة عن بلدها مقابل امتيازات و هي خطر على المجتمع الإسلامي لأنها شكل من اشكال التجسس على الدول.
علجية عيش
اكتشاف المزيد من التنويري
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.






