قراءة في كتاب “التميُّز في التعليم العالي -مداخل إصلاحيَّة”

نظرة عامة:
وقع الكتاب في (320) صفحة من القطع المتوسط موزعة على سبعة فصول، قدم خلالها المؤلف نظرة تربوية عامة ورؤية شاملة لملامح ومتطلبات التميز في التعليم العالي وقدم عدة مداخل وتوجهات لتجويد العمل الأكاديمي والإداري في الجامعات، وتعزيز القدرة التنافسية.
ومن باب الشفافية والموضوعية كانت الكتابة عن هذا الموضوع شائكة، فقد أشاد المؤلف بقدرة الجامعات الفلسطينية على الاجتياز، وبمحاولاتها المتعددة والمستمرة لتحقيق القدرة التنافسية ومواكبة التسارع التكنولوجي بمرونة إستراتيجية عالية، لكنه عرض مجموعة من الاعتبارات الاجتماعية والسياسية التي أثرت على ضمان الجودة ونشر ثقافتها فيها، ولم يحمل جهة بعينها تقصير بقدر ما كان يدعو علميا إلى الإصلاح والتأثير.
شمل الكتاب على سبعة فصول أساسية، هي:
الفصل الأول- مرتكزات الثقة والجودة في مجتمع المعرفة
وقد استعرض المؤلف من خلاله تداعيات مجتمع المعرفة على أدوار الجامعات، ومرتكزات تحقيق الثقة والجودة في أدوار الجامعات من خلال: (الجودة، التخطيط الإستراتيجي، اللامركزية-استقلال الجامعات، المشاركة، المساءلة والشفافية، إدارة رأس المال الفكري، إدارة الابتكار)، آليات تسويق الإنتاج العلمي في مجتمع المعرفة، وتطوير الممارسات التسويقية للبحث العلمي من خلال(التطبيق التكنولوجي للبحث العلمي، تكافؤ الفرص ي البحث العلمي، البحث العلمي بين الاستقلالية والتأثيرات الخارجية، تقييم البحث العلمي).
كما تحدث بالتفصيل عن الجوانب التي تتمي بها الجودة في الجامعات، وهي: (جودة التصميم، جودة الأداء، جودة المخرج)، وحول متطلبات ضمان هذه الجودة أسهب الكاتب في الحديث حول:
- معايير الجودة الأكاديمية
- الاعتماد القائم على وضع هذه المعايير وأساليب تعديلها، وإجراءات التقييم الخارجي.
- ثقافة الجودة في التعليم على اعتبار أنها مسألة تتضمن أنشطة وآليات تغطي (تطوير المناهج، مهام ومسؤوليات العاملين)
تحددت خلاصة الفصل في ضرورة الانتباه إلى العلاقة بين رأس مال القطاع الخاص ومؤسسات البحث العلمي لتجويد عملية الانتاجية، والمشاركة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والخروج من النمط المدرسي للجامعة إلى الجامعة المنتجة بكوادرها وأبحاثها .
ركز الكاتب في ص28 عن الجودة الشاملة في التعليم الجامعي والمتطلبات اللازمة لتنفيذها واستعرض (مجلس الجودة حيث يجب أن يكون أعضاءه من الأكفاء المشهود لهم بالكفاءة ومن ينطبق عليهم قانون التعيين، وليس التخمين الولائي والمخالف للنظم والقوانين المعمول بها في الجامعة ويجب إعادة النظر في نظام الترقيات وآلياته وتحدث عن فريق تصميم الجودة وتنميتها والذي يتبع للمجلس ليضع الإستراتيجيات التطويرية وأيضاً لجنة توجيه الجودة(علاقة الجامعة بالمؤسسات الأخرى) ولجنة قياس الجودة وتنظيمها (التقييم الداخلي والخارجي).
وفي ص31 تطرق المؤلف على التخطيط الإستراتيجي من خلال تعزيز البرامج المطلوبة وتطويرها وإلغاء أو تغير البرامج الغير مطلوبة أو دمجها ببرامج حديثة حسب المتطلبات العصرية وأيضاً تطوير نظام القبول في الجامعات وكلياتها وتعزيز دائرة أو قسم الموارد البشرية حيث اختيار المناسب للشاغر حسب معايير مهنية خالة وإعطائه مهامه الحقيقية وليس أرشيفاً للموظف فقط. وأبرز من خلال ما خط به قلمه إلى فوائد التخطيط الإستراتيجي في البند (3) التوظيف الرشيد.. هل العمل بنظام الساعة أو الراتب المقطوع وزيادة الأعباء التدريسية على عضو هيئة التدريس يساعد في تحقيق الجودة؟
أما في ص37 فقد أكد على أنه لتجويد أي برنامج تعليمي، يجب توحيد كافة المناهج الدراسية حسب الإستراتيجية التعليمية الوطنية والدولية (مناهج وكليات ومعاهد)، وفي الاستقلال الجامعي حيث أن كل جامعة لها نظامها المالي الخاص، والإداري بحيث لا يتعارض مع نظام التعليم العالي . واستعرض آليات تسويق البحث العلمي كمدخل للجودة الأكاديمية، لما له من الفوائد والعوائد على الباحث (الترقية) وعلى الجامعة من حيث: (غزارة الأبحاث وجودتها ما يعزز مركزها وترتيبها والمردود المالي للباحث) وعلى المجتمع بما فيها من نتائج تنموية مجتمعية. واقترح إنشاء بنك معلومات وطني محوسب يوزع على كافة المؤسسات البحثية يرصد كافة البحوث ليساعد في تصنيفها وعدم تكرارها، وأكد على أن المساءلة والشفافية هي أهم عناصر مكافحة الفساد.
الفصل الثاني- صيغ مقترحة لتنمية أعضاء هيئة تدريس التعليم العالي مهنياً كمدخل للجودة الأكاديمية:
أكد الكاتب من خلال الفصل على تحقيق الجودة الأكاديمية من خلال التنمية المهنية لأعضاء هيئة التدريس، وهو ما يتطلب الالمام بأعمال الآخرين وأداءهم، والتبادل المعرفي والتفاعل المشترك، وذلك من باب أن الجودة الأكاديمية تؤكد على الانتفاع وتبادل الخبرات.
وبهذا الصدد، استعرض الكاتب مفهوم التنمية المهنية، وأهدافها، التحولات المطلوبة في وظيفة التدريس، في البحث العلمي، وفي بناء وتطوير المناهج، في تقنية المعلومات، كما استعرض بعض صيغ التنمية المهنية في الدول الأجنبية، من حيث: (الأهداف، ومحتوى البرنامج، والنتائج المتوقعة)، وفي الدول العربية مثل، تجربة الجامعة الأردنية، وبعض الجامعات المصرية، وجامعة الخرطوم)، وحدد أوجه الاستفادة منها في الواقع الفلسطيني، واجتهد في وضع إطار عمل لتنمية أعضاء هيئة تدريس مهنياً، محددا (المنطلقات الأساسية، أبعاد الإطار، مقومات نجاح تطبيقه)
تناول الفصل أيضا حسم الجدل حول المفهوم الوظيفي لعضو هيئة التدريس في الجامعات، فهل كل من يحمل شهادة الدكتوراه هل يستطيع أن يباشر عمله فوراً في عملية التدريس والبحث؟ وهل يجوز للمستجد في الشهادة أن يتعين رئيساً لقسم أو لعمادة قبل خبرته الأكاديمية؟ وبالنسبة لتقويم خصوصية التدريس حيث أنه يجب العمل على المتابعة حسب النتائج التقويمية، والتركيز على التحولات المطلوبة في دور عضو هيئة التدريس، وهي:
- التحول من المحاضر الواحد إلى استخدام فرق التدريس ( الصديق الناقد)
- التحول من ذهاب الطالب للجامعة إلى ذهاب الجامعة للطالب.
- التحول من أن الجامعة مكاناً واحداً للتدريس إلى أن الجامعة شريك مع مؤسسات أخرى في التدريس.
- التحول من مركزية القرار فيما يتعلق بالتدريس إلى منح أعضاء هيئة التدريس الاستقلالية والقوة لتصميم البيئة التعليمية والبرامج.
- التحول في التدريس من التقويم الدوري إلى التقويم الفوري من خلال التفاعل المباشر بين الطالب وعضو هيئة التدريس بواسطة تقنية المعلومات.
- التحول من توظيف عضو هيئة التدريس لأداء مهام بسيطة إلى توظيفه لتأدية مهام متعددة ومعقدة.
وعرض الكاتب الكفايات اللازمة لجودة أداء أعضاء هيئة التدريس، وذلك بتحديد العوامل المؤثرة في جودة الخطاب التربوي للمرحلة الجامعية:
- مستوى الإعداد والتدريب.
- حجم الكثافة الصفية ونسبة الطلبة بالنسبة للأستاذ.
- إصلاحات المناهج وتطويرها.
- لغة التعليم والوسائل التعليمية.
الفصل الثالث/ معايير الجودة في بيئة التعلم الافتراضية في الجامعات
كان عرض الكاتب لهذا الفصل مشوقا، ومتسلسل منطقيا، حيث بدأ بالحديث عن التعليم الالكتروني، أهدافه وميزاته، ومعوقاته، وسمات الجامعة الافتراضية والفصل الفائق، كما استعرض مفهوم بيئات التعلم الافتراضية، وقارن بين بيئات التعلم الافتراضية مع بيئات التعلم التقليدية، ومتطلبات بناء بيئات التعلم الافتراضية في الجامعات، وعرض بعض التجارب الأجنبية في مجال التعلم الافتراضي، وآليات توظيف الشبكة الاجتماعية فيس بوك في عملية التعليم بالجامعات، بعد أن حدد إيجابيات شبكات التواصل في الجامعات، وكيفية تدريب أعضاء هيئة التدريس في الجامعات على الاختبارات الالكترونية، والحاجة إلى التدريب الالكتروني من حيث: (أهم مقومات برامج التدريب الالكتروني، الاختبارات الالكترونية، مراحل تصميم الاختبارات الالكترونية، خصائص الاختبارات الالكترونية).
أكد الكاتب في هذا الفصل على أن نجاح التعليم الالكتروني يعتمد على نوع المؤسسة التعليمية فهناك مؤسسات وجاهية تتطلب الحضور والتفاعل بين الطالب والأستاذ وما يترتب على هذا التفاعل نظرياً وعملياً في تقويمه الذاتي، وأن هناك مؤسسات تعمل على الدمج بين التعليم الوجاهي والالكتروني، كالجامعات المفتوحة، وهناك الجامعات التي تعمل عن بعد وتتميز بالتعليم الالكتروني فقط.
حيث يمكن اللجوء إلى التعليم الالكتروني كعامل مساعد في حالات الطوارئ مثل الجائحة الأخيرة (كورونا) أو الزلازل أو الحروب، ويمكن استخدام كافة التكنولوجيات المتاحة لتطوير العملية التدريسية ولتحسين توصيل المطلوب للطلبة، من خلال التركيز على منظومة الجودة في:
- المدخلات: (خصائص الطلبة، خصائص المعلمين ومهاراته، خصائص الجهاز الإداري، المناخ العام والروح المعنوية، الموارد المادية والأصول الثابتة، البرامج التعليمية، والخدمات الداعمية).
- العمليات: (التي لا بد أن تتناسب مع المدخلات، وتتمثل في أدوات نقل المعرفة والانظمة الالكترونية والتقنية، والأنشطة والعمليات الإدارية والرقابية على القياس والتقويم، وتأكيد الجودة والتغذية الراجعة)
- المخرجات: وهي التي تعبر عن مدى تلبية التعليم الافتراضي لاحتياجات الطلبة، وتتمثل في: (النواتج التلعيمية المعرفية والمهارية والوجدانية، ونواتج الخصائص الشخصية وتحسين الجودة)
ولخص حديثه حول جودة البرامج التعليم في البيئة الافتراضية، مؤكدا على أنها يجب أن تشمل:
ولابد أن يدعم نظام المعلومات في الجامعة كل العمليات والأنشطة المرتبطة بهذا الموضوع، مثل:
- البناء الهيكلي للنظام.
- المحتوى التعليمي.
- أساليب التعليم والتدريس.
- المقررات الدراسية وتحديد مواصفاتها.
- توزيع المواد الدراسية.
- إتاحة مصادر التعليم.
- التحكم الذاتي في المعارف والمعلومات.
- الاتصال والتواصل مع أعضاء التدريس.
- تنظيم عملية التعليم.
- دعم الأنظمة المساعدة للطلاب.
الفصل الرابع/ التميز الأكاديمي في ضوء بعض التجارب
لعل ما يميز هذا الفصل من الكتاب، ما تناوله من سيناريوهات إصلاحية نحو تحقيق التميز الأكاديمي في الجامعات من خلال التقويم المستمر، وذلك انطلاقا من تصاعد التنافسية وتزايد المنافسين الجدد في ظل تداعيات العولمة والتقدم العلمي والتكنولوجي.
بدأ الفصل بتعريف التميز بمنظوريه (الواسع، الضيق)، ومببرات الحاجة إليه، وما حددته المؤسسة الأوروبية للجودة من مفاهيم، أهمها: ( إضافة قيمة للمستفيدين، وتحقيق المستقبل المستدام، وتطوير القدرة التنظيمية، وتسخير الإبداع والابتكار، والنزاهة، والحفاظ على النتائج)، كما استعرض مداخل التميز الأكاديمي(إعادة تشكيل الثقافة الجامعية، تنمية الشخصية وسمات التميز، البيئة الداعمة للابداع)، كما استعرض بعض التجارب والممارسات العالمية فيه، مثل تجربة جامعة فودان الصينية، وجامعة بنسلفانيا، وجامعة ولاية تكساس، وجامعة مانشيستر، وأوجه الاستفادة منها.
كما وضع الكاتب سيناريو إصلاحي نحو تحقيق التميز الأكاديمي في الجامعات، موضحا من خلاله: (الافتراضات الأساسية للسيناريو الإصلاحي، والتداعيات المحتملة للسيناريو الإصلاحي، ومبرراته، وأوجه التميز الأكاديمي المطلوية) كما حدد أوجه التميز الأكاديمي الأكثر إلحاحا، خاصة في مجال التقويم المستمر: من حيث الجهة التي ستقوم بعملية التقويم، أو العملية التي سيتم تقييمها، أو وقت التقويم، والاستفادة من الاتجاهات الحديثة في التقويم، والقرارات المتعددة، واعتبر الكاتب أن المقارنات المرجعية بالأفضل للبرامج هي من أهم مداخل الجودة لما تشمله من مقارانات في: (أهدافها، أهميتها، دوافع تبني برنامج المقارنة المرجعية، أنواعها، العوامل الرئيسة لنجاحها)، مؤكدا على أن المقارنة المرجعية، إما أن تكون :
- المقارنة المرجعية الداخلية :المقارنة بين مختلف الأنشطة والأعمال داخل المنظمة نفسها (بين مختلف وحدات وأقسام وفروع الأعمال).
- المقارنة المرجعية الخارجية: مقارنة أداء المؤسسة مع مؤسسات أخرى رائدة – محلية أو عالمية، والتي تعمل نفس مجال المؤسسة .
- المقارنة المرجعية التنافسية تقوم على أساس المقارنة المباشرة مع الأفضل من المنافسين لتحقيق مستويات أفضل في الأداء لذلك تسمى أيضا المقارنة المرجعية في الأداء.
- المقارنة المرجعية الوظيفية : يعمل هذا النموذج على تحليل ومقارنة الوظائف الخاصة بالمؤسسة مع الوظائف المماثلة والتنظيمية مع المؤسسات المنافسة وغير المنافسة ( مثلا الوظائف الإدارية، إدارة الموارد البشرية، متابعة الطلبات، المخرجات…).
- المقارنة المرجعية العامة : من أهم وأقوى أنواع المقارنة المرجعية، وبالمقابل هو أصعب الأنواع التي يمكن تنفيذها. إلّا أن هذا النوع يركز على طرق عمل الأشياء وكيفية إنجازها مقارنة مع المؤسسات ذات الأداء الأفضل .
- المقارنة المرجعية الاستراتيجية : تستخدم من أجل عمل تحسينات شاملة للأداء من خلال دراسة الاستراتيجيات طويلة الأمد التي مكنت المنظمات الأخرى من النجاح في تحقيق الأداء العالي.
كما استعرض الكاتب مدخلا حديثا في الجودة، وهو مدخل القرارات المتعددة CIPP والذييتضمن أربعة عناصر هي: تقويم سياق البرنامج (Context)، وتقويم المدخلات (Input)، وتقويم العمليات أو الأنشطة (Process)، وتقويم المخرجات أو النواتج (Product). والذي تتطلب الجودة من خلاله:
1. التعرف إلى المستهدفين ذوي الحق في الانضمام لبرنامج ما.
2. توضيح حاجاتهم المطلوبة من البرنامج.
3. تحديد المعلومات لبناء وتصميم برامج وخدمات مفيدة تستجيب لهذه الحاجات.
4. تقويم البرامج والمساعدة في توجيهها لتطبيقات فعالة.
5. تقويم جدوى البرامج وجدارتها وأهميتها ومدى نزاهتها.
الفصل الخامس- تطوير الدراسات العليا كمدخل لتلبية متطلبات الاقتصاد المعرفي والجودة
اعتبر الكاتب أن بحوث الدراسات العليا بخلاف البحوث الأخرى هي وسيلة وغاية في آن واحد إذ بينما تكون غاية البحوث عادة هي تقصي الحقائق العلمية بهدف أثراء المعرفة وإيجاد الحلول لبعض المشكلات والمعضلات العلمية، يرى أن بحوث الدراسات العليا لا تكتفي بهذه الغايات فقط، وإنما ينبغي أن تكون وسيلة لإعداد باحثين يمتلكون أدوات البحث ويحسنون استعمالها بعد تخرجهم، أي أن منظومة الدراسات العليا تهدف إلى إعداد قادة وباحثين في آن واحد، وإلى خلق المدارس البحثية بهدف إثراء المعرفة الإنسانية، وتوظيف نتائج البحوث لخدمة المجتمع وتحقيق أغراضه في التنمية الشاملة والتقدم لتحسين مستويات المعيشة لأفراده وتأمين أمنه واستقراره في عالم تشتد فيه الصراعات وتتحكم فيه الدول بحسب قدراتها العلمية والتقنية. الأمر الذي يجعل من التركيز على جودة هذه البرامج أمرا لا يقبل التأويل أو الجدل.
ولارتباط جودة برامج الدراسات العليا بمجتمع المعرفة، رأى الكاتب أنه يجب الاعتماد على ثلاث مداخل متزامنة ومترابطة هي: (استراتيجية استيعاب المعرفة، استراتيجية تحصيل المعرفة، واستراتيجية نشر المعرفة)، كما حدد المسوغات العامة لتطوير الدراسات العليا، فيما يلي:
- الاتجاهات العالمية لتطوير القدرات البشرية.
- تأثير العولمة على منظومة التعليم والدراسات العليا والبحث
- التصاق الابتكار بالمعرفة
وفي نهاية الفصل وضع الكاتب رؤية مقترحة لتطوير الدراسات العليا في ضوء متطلبات الاقتصاد المبني على المعرفة، تتحدد ملامحها في:
- إجراء مسح وطني شامل لتحديد الإمكانات البشرية المؤهلة بمختلف التخصصات من حملة شهادة الماجستير والدكتوراه بهدف الاستفادة منها .
- استطلاع إمكانية الاستفادة من تبادل المتخصصين العرب والأجانب داخل الوطن وخارجه لدعم برامج الدراسات العليا.
- توطيد علاقات التعاون بين الجامعات والمؤسسات المعنية بموضوعات الأبحاث في مجال الدراسات بما يؤمن أفضل سبل الاستفادة من هذه البحوث .
- تيسير سبل المشاركة في الندوات والمؤتمرات العلمية والعربية والدولية ذات الصلة بنقل وتوطين التكنولوجيا والمعرفة لما توفره من فرص ممتازة لتبادل الخبرات وتعزيز العلاقات بين العلماء والباحثين .
- إعادة النظر في التخصصات والبرامج القائمة وإدخال تخصصات وبرامج جديدة تتناسب وتلبى حاجات التنمية الشاملة , لاسيما الدراسات المستقبلية .
الفصل السادس- توظيف البحث التربوي في ضوء مقومات مجتمع المعرفة والجودة
انطبق الكاتب في هذا الفصل من حقيقة مفادها أن نتائج البحث التربوي لا يمكن أن تتقدم ما لم تتطابق مشكلاته التي يتناولها مع الواقع المجتمعي، وأن تكون ملامسة لمشكلات المجتمع المختلفة وأن تخترق الموانع التي تعترض تطبيق نتائجها. وهذا ما يستلزم تنمية مهارات المعلمين البحثية، رغم ما يتعرض له البحث التربوي من صعوبات، فالعائد منه، خاصة في معاونة متخذي القرارات يجعل من المهم أن يكون المعلم هو الأقرب منها.
وطبقا للرؤية المرتكزة على الموارد Resource-based view فان بقاء الميزة والقدرة التنافسية للمؤسسات يعتمد على حسن استثمار مواردها النادرة والقيمة, وعادة ما تكون هذه الموارد القيمة متعلقة بقدر ما يمتلكه رأس المال البشري من معارف وخبرات ومهارات, وعلى قدر قدرة المؤسسات على تعظيم مواردها من المعرفة وخبرات واستثمارها الاستثمار الأمثل لخدمة أهدافها، وعلى ذلك استعرض الباحث أهمية توظيف نتائج البحوث التربوية في جودة العمل المؤسسي.
استعرض الكاتب مهارا تالبحث التربوي وأخلاقياته، ثم معوقات إنتاج المعرفة في المجتمع العربي، وحدد القضايا التي تحتاج إلى حسم وتطوير بشان تدني مستوى الفاعلية الخارجية لمنظومة البحث التربوي ، وهي:
1- من حيث مدى تواجد الارتباط الأساسي :بين الأبحاث التربوية ذات الجودة سواء كانت بحوث تطبيقية أم أساسية من جهة وبين تنمية وتحديث المجتمع من جهة أخرى. فضلا عن المزاوجة بين الأصالة والمعاصرة.
2- مدى مساهمة منظومة البحث التربوية في الجامعة :لتحويل المجتمع العربي إلى مجتمع قائم على المعرفة، ويسمح بتنافسية عالية بما يتوافق مع التطورات الهائلة المتمثلةفي الانفجار المعرفي وثورة المعلومات والاتصالات وعولمة المجتمعات والأسواق والمؤسسات.
3- ولأن المعرفة تعد أحد العوامل الاقتصادية للإنتاج كأساس للمنافسة: لذلك يظهر التساؤل الخاص بدور منظومة البحث التربوي في إنتاج وإتاحة المعرفة لرفع كفاءةالمؤسسات التعليمية.
وهنا يبرز مدى دور البحوث التربوي بالجامعة في إنتاج ونشر المعارف التي تتسم بما يلي:
• معرفة متنوعة تتسم بالجدة والأصالة.
• أفكار جديدة تتميز بالعمق والإبداع.
• معرفة قابلة للتطبيق ترتبط باحتياجات المؤسسات التربوية ويمكن استخدامها بفاعلية في الاستجابة لتلك الاحتياجات.
الفصل السابع- ربط التعليم المهني والتقني بسوق العمل.
اعتبر الكاتب أن الربط بين التعليم وعالم العمل يكتسب اليوم أهمية أكبر من ذي قبل، خاصة في مجال التعليم المهني والتقني، وهو من أكبر مؤشرات جودة المؤسسات التربوية في عالم اليوم، ولكن رغم الجهود المبذولة عربيا لتعزيز فكرة هذا النوع من التعليم، إلا أنه يعاني العديد من المشكلات والتي تؤثر في تقدم الحركة الإنتاجية، ومن هذه التحديات:
- التقدم التقني اللامحدود/ حيث تعتمد الثورة التكنولوجية على الاستخدام الأمثل للقدرات ، وقد أطلق على ذلك (ثورة العقول المبدعة) التي تعتمد على الفكر التقني والمهارات المتعددة في ظل التغير الذي طال منظومة الأعمال ونراجع الكثير من المهن والحرف، حيث أنه من المتوقع أن 60% من الوظائف الجديدة في القرن الحادي والعشرين تحتاج إلى مهارات لا يمتلكها إلا 20% حالياً .
- الاحتياجات المتنامية لسوق العمل/ فمن الضروري إحداث التوازن بين مدخلات العملية التعليمية بالكليات المهنية والتقنية ومخرجاتها من حيث تلبية الاحتياجات المتنامية لسوق العمل، ذلك من خلال توفر الأعداد المطلوبة من كل تخصص .
فالتوجه الآن نحو السوق يتمثل في عدم الحكم أو التقدير للمؤهل الدراسي إلا بعد تقويم القدرة على العمل .
- الاقتصاد القائم على المعرفة/ بعد الثورة المعلوماتية أصبح مردود عناصر رأس المال والمواد الخام لا يتعدى 15% في زيادة القيمة المضافة في حين أن 85% من الزيادة يرجع إلى التطور المهني والتقني، فالمعادلة الاقتصادية الجديدة لا تعتمد أساساً على وفرة الموارد الطبيعية بل تعتمد على عمال المعرفة الذين لديهم القدرة على توليد وإنتاج المعلومات وتحويلها إلى خبرات ومهارات تكون مصدراً للسلعة أو السلطة .
- الثقافة وتطوير آليات القبول/ حيث تمثل قدرة الاستيعاب التقني والمهني وتطوير الآليات المستخدمة في قبول الطلبة أهم التحديات المرتبطة بالربط بين التعليم والعمل، فغالباً لا تراعي الميول والاستعدادات بالقدر الذي تراعي فيه المعدلات الدراسية، فلا يزال ينظر إلى التعليم التقني والمهني على أنه الملجأ للذين تخلفوا عن مسار التعليم العام أو من اضطرته ظروفه للبحث عن تأهيل سريع للحصول على عمل.
- محدودية الموارد مقارنة بالأولويات/ حيث أن الموازنات المخصصة للكليات المهنية والتقنية لا يتناسب مع أهدافه الطموحة، ودوره في بناء قدرات يحتاج السوق أضعافها بشكل دائم ومستمر، ومن ثم وجب عن البحث شراكات مع القطاع الخاص لدعمه ودعم الاستثمار.
- البطالة وتحويلها إلى عامل إيجابي/ حيث الزيادة المستمرة في البطالة بين الشباب الذين لا تتوفر لديهم متطلبات سوق العمل وانخفاض مستوى الإنتاجية لديهم تحدياً كبيراً، وبالتالي وجب التنسيق بين قطاعات وحاجات الطلبة جهة وحاجات سوق العمل المتغيرة من جهة أخرى.
وللاستفادة من التجارب الأجنبية في تجويد التعليم التقني والمهني استعرض الكاتب تجارب مختلفة في هذا المجال، وهي ( اسرائيل، الصين، اليابان) ، ومن ثم وضع رؤية مقترحة لذلك تقوم على التخطيط الجيد والشراكة المجتمعية.
التعقيب العام:
الجودة في الإدارة الجامعية مسؤولة عن الالتزام بطريقة عمل من أجل تطوير شامل ومستمر يقوم على جهد جامعي بروح الفريق، وتضمن ذلك كافة مجالات النشاط على مستوى الجامعة توجه نحو الطالب وللتحسن المستمر في الأداء والمخرجات، ويعني ذلك التزام الإدارة الجامعية وهيئة التدريس بالجودة للحفاظ على الموقع التنافسي وتحقيق الحد المقبول من التميز في عالم قائم على التنافس.
إن التميز في التعليم العالي هدف تسعى إليه العديد من المؤسسات والجامعات حول العالم، ويعكس إستراتيجية تعليمية قوية ورؤية مستدامة تهدف إلى تقديم تجربة تعليمية فريدة ومتميزة للطلاب ويتجسد في تقديم برامج دراسية متميزة ومتنوعة تلبي احتياجات الطلاب في مختلف التخصصات، حيث إن الجامعات المتميزة بوجود هياكل تعليمية قوية وأعضاء هيئة تدريسية ذوي خبرة وكفاءة عالية.
لقد استطاع الكاتب رفد القاريء بكم كبير من المعلومات والمصطحات التي تؤكد على مدى وعيه وإدراكه لمفهوم الجودة والتميز، مؤكدا على أن تعزيز الجودة والتميز في المؤسسات التعليمية يعزز سمعتها وجاذبيتها للطلاب وأعضاء هيئة التدريس، وأن تحسين طرق التدريس وتنمية مهارات أعضاء هيئة التدريس يسهم في تقديم تجربة تعليمية متميزة، وأن الابتكار واستخدام التكنولوجيا في التعليم العالي يعزز فاعلية العملية التعليمية ويحقق مستويات عالية من الجودة والنوعية.
كما ربط الكاتب بين مكونات الحوكمة خاصة (الشفافية) بمؤشرات الجودة والتميز، واعتبر أنها تعتمد على درجة الإفصاح عن معلومات تخص الجامعة من حيث مواردها وإمكاناتها، ونقطا قوتها وضعفها وأهدافها، بالإضافة إلى النتائج المالية والتشغيلية، وعوامل المخاطرة والمرتبات والمزايا، وتتمثل أهمية الشفافية في الجامعات، من خلال:
- توفير نوع من المشاركة بين كافة عملاء الجامعات والإدلاء بآرائهم في تطوير العملية التعليمية.
- زيادة جاذبية الجامعات الحقيقية وليس القائمة على الاعلانات المزورة.
- شعور الطلاب بمسؤولياتهم عن طريق منظومة التعليم بالجامعات.
- تحقيق تحسينات وقائية وبنائية وتفاعلية.
- تعالج الشفافية ما يتعلق بمبدأ السرية في معالجة بعض القضايا المصيرية للجامعة، خاصة المالية منها.
اكتشاف المزيد من التنويري
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.