منذ بدء الحرب الهمجية التي تشنها قوات الاحتلال الصهيوني على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة منذ أكثر من عام، وجميع الشرفاء والمناضلين في سبيل الحرية في لبنان يقفون كالصنوان مع غزة وأهلها ضد العدوان والبطش الصهيوني.
وأظهرت حرب التطهير العرقي والإبادة الجماعية التي ينفذها جيش الكيان الصهيوني بحق أهلنا في قطاع غزة ـ من ضمن ما أظهرت ـ أن القضية الفلسطينية لم تكن يوماً على جدول اهتمام القادة العرب – باستثناءات قليلة. ولم تكن يوماً قضيتهم الأولى، إلا على الورق، وفي الخطب النارية فقط. غزة التي تُذبح وتستغيث فلا تُغاث، والأقصى الذي يصرخ العون فما من سامع، والقدس التي تتوق للنجدة فلا مُلبي، والفلسطيني الصامد الصابر المعاند الثابت يترك اليوم وحيداً بلا عون ولا مدد من الأشقاء العرب ـ الرسميين ـ الذين بات بعضهم يتبنى الرواية الصهيونية، وبعضهم أصبح يعتبر فلسطين وشعبها وقضيتها عبئاً يجب التخلص منه. إلا في لبنان واليمن والعراق، حيث يرفض الشرفاء الإذعان للهوان والذل الذي ارتضاه بعض العرب.
لم يبق للفلسطينيين سوى الله وسواعدهم والقلة القليلة من الأنظمة العربية التي قطعت عهداً بالوفاء لفلسطين وأهلها، وبعض الشرفاء في العالم. أما بقية العرب فلن تجد من بينهم من يهتم بمصير فلسطين في هذه الزمن الرديء.
وليعلم العالم أجمع أن الدماء الفلسطينية واللبنانية وصمة عار على الياقات البيضاء لقادة هذا العالم، وأن صراخ الأطفال وعويل النساء في فلسطين ولبنان ستظل شظية خزي في أعناق المتخاذلين من العرب إلى يوم الدين.
لعل من تثبيت الثابت أن نقول إن أي مثقف، أو مواطن، أو مسؤول عربي، أو إسلامي يرضى بالتسليم بالأمر الواقع بوجود إسرائيل فوق كافة الأراضي الفلسطينية، دون قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس. وأن من يتساوق مع الأفكار والتبريرات الإسرائيلية التي تقدم روايتها حول المجازر والمجاعة في غزة. وكل من يدعو إلى الأفكار التحررية وإلى العدالة وفي نفس الوقت ولا يبدي اليوم تضامناً واضحاً معلناً مع الشعب الفلسطيني. وكل من يتصالح مع الإرهاب الصهيوني. وكل من يفرط بالحقوق وتضحيات الشهداء. وكل من يشتت الأنظار نحو صراعات طائفية ومذهبية. وكل من يتعامل مع المقاومة في العلن بالخطب الحماسية ويتعامل في السر بالمؤامرات. كل هؤلاء هم أعداء للشعب الفلسطيني واللبناني، ويقفون ضد حقوقهم المشروعة، ومتآمرين مع العدو الوطني والقومي. وخائنون للعهود بلا ضمير وطني أو إنساني.
فمن العار أن يجري التهليل والتصفيق من قبل البعض للقنابل والصواريخ والفوسفور الأبيض الذي تسقطه طائرات النازيين الجدد فوق رؤوس البشر والحجر والشجر في غزة ومناطق متعددة في لبنان. لكل هؤلاء أقول سوف تظل المقاومة الفلسطينية واللبنانية صامدة في مواجهة الإرهاب الصهيوني، وسوف تنتصر لأنها ببساطة لا تستسلم.
_______
*سوسن كعوش/ صحفية فلسطينية مقيمة في لبنان.
اكتشاف المزيد من التنويري
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.