-تقديم
نظرا للأهمية العلمية للمفاهيم والمصطلحات التي تنتمي إلى علوم التربية بشكل عام من أهمية، بحيث لا تستقيم علوم التربية، ولا تغدو معارفها واضحة للمتلقي، بدون وضوح لمصلحاتها، ومفاهيمها”.[1] .
ما يعني صراحة أن التحقق من المفاهيم التربوية يعتبر ضرورة علمية ملزمة للباحث في علوم التربية.
في هذا السياق سنعمل على مقاربة مفهوم المنهاج التعليمي من حيث دلالته المصطلحية في علوم التربية.
-تعريف “المنهج
عرف المنهج بعدة تعاريف منها الطريق والسبيل وهذا المعنى هو المعنى اللغوي.
أما المنهج في الاصطلاح هو الطريق والسبيل والمسالك “التي يسلكها الباحث من أجل البرهنة على إشكالية البحث أو على فرضياته التي عادة ما تكون في مقدماته وفي مداخله، والتقيد بالمنهج القصد منه هو الوصول إلى إجابات، ولو نسبية، لإشكاليه البحث أو لفرضياته التي تطرح على شكل اسئلة مفتوحة وتكون في مقدمة البحث “[2].
وأغلب الدارسين يتداولون ويستعملون المنهج للدلالة على “مجموعة من الوسائل والآليات والعناصر والمسالك الفكرية الموظفة للبرهنة على أفكار، أو تحقيق غاية أو الوصول إلى هدف معين يتعلق بالبحث العلمي”[3].
وعادة ما تقترن السلامة في النتائج بالسلامة في المناهج، وفي حسن اختيار المناهج والوسائل والأدوات ما يعني أن الحرص والعناية في اختيار المنهج وضبطه في جميع مراحل البحث ومساره، يبقى فوق كل حرص، بل إن هذا الحرص يجب أن يوضع في سلم الأولويات، لأن السلامة في النتائج كما سبق الذكر، متوقفة ومقترنة على مدى السلامة في اختيار وانتقاء مناهج البحث [4].
وقد حدد المعالم الكبرى للمنهج الدكتور عبد الرحمن بدوي في كتابه “مناهج البحث العلمي” بقوله: ” المنهج هو الطريق المؤدّي إلى الكشف عن الحقيقة في العلوم بواسطة طائفة من القواعد العامة التي تهيْمِن على سيْر العقل، وتحدِّد عملياته كي يصل إلى نتيجة محددة ومعلومة”.[5]
المنهاج الدراسي–
إن المنهاج التعليمي أو الدراسي، ورغم تباين الرؤى والاختيارات والاتجاهات في تعريفه، وتحديده، وفي عرض ومكوناته ،فهو في حقيقته ” خطة عمل متصلة بتنظيم جامع للأهداف والمضامين والأنشطة ا لتعليمية والأدوات الديداكتيكية والوسائل التعليمية وطرق التعليم والتعلم وأساليب التقويم والدعم “، ويضم المنهاج جهة العلاقات الصفية فيما يعيشه المتعلم داخل القسم وخارجه من علاقات وتفاعلات صفية بينه وبين أقرانه وبين العناصر المقومات التي منها تتركب عناصر العملية التعليمية .
ويذهب البعض إلى أن المنهاج يختزل مجاله ونطاقه وجهاته، ليحدد في كونه ذلك “الوعاء الحامل والمستوعب للمواد الدراسية والمتضمن للمعارف والأنشطة التي تقدم للمتعلم في إحدى مساراته ومستوياته الدراسية ” [6] .
والمنهاج بهذا الوصف، هو أكبر من المقرر وأوسع منه في المكونات والعناصر، وعادة ما يتم تصريف المنهاج في المقر ر الدراسي،لأن المقرر هو جزء أساسي وعنصر فاعل من العناصر التي منها يتركب المنهاج الدراسي.
والمقرر هو الوعاء الحامل للدروس والأنشطة الصفية وحتى الأنشطة التقويمية، حسب جداول واستعمالات زمنية سنوية أو فصلية، ويخضع المقرر في غالب الأحيان لمنطق المواد التعليمية وللتوجيهات الرسمية المحمولة في الدلائل البيداغوجية، والمقرر الدراسي له صلة وعلاقة الكتاب المدرسي بل هو المجسد والحامل للمقرر الدراسي[7].
وبصفة عامة فالمنهاج الدراسي: هو منظومة وخطة من العناصر المترابطة تبادليا، والمتكاملة وظيفيا، تسير وفق نموذج متسلسل، وخطة عامة يتم عن طريقها منح المتعلمين المعارف والمهارات الحياتية التي يحتاجون لها في حياتهم الخاصة والعامة، قصد تحقيق الاندماج والتأهيل في المجتمع [8].
والمنهاج عادة ما يحمل التصور والرؤية المستقبلية والمخطط العام والفلسفة التربوية الذي تأخذ بها الدولة، وتسير عليه في سياستها التربوية، وبرامجها التعليمية، وهو المعبر عنه بفلسفة الدولة في مجال التعليم والتربية والتدريس، لأن المنهاج يحمل الأهداف العامة والغايات البعيدة، واختيارات المجتمع في التربية والتعليم.
خصائص المنهاج
ويتسم المنهاج بعدة خصائص من أبرزها:
– أنه يحمل الغايات الكبرى التي تحملها المنظومة التعليمية.
– ينطلق من مجموعة من الغايات والكفايات المراد تحقيقها في نهاية مستوى دراسي أو سلك دراسي أو مسار دراسي محدد .
-يعد إلى استحضار التقويم والتخطيط وتدبير المواد التعليمة وطرائق التدريس، والفضاء الدراسي والتنشيط والأنشطة الداعمة.
– يعمل على احترام معيار التدرج، واحترام مراحل النمو، والإيقاع الزمني في بناء التعلمات.
– يسعى إلى اعتماد هندسة لغوية منسجمة، تراعي مبدأ التناوب اللغوي في مختلف المستويات.
– السعي نحو تحقيق التلاؤم والانسجام بين البرامج والمناهج التعليمية وبين مقتضيات العصر ومستلزماته، وهو العصر الذي اخذ يسمى بعصر المعرفة العملية الإجرائية.
تركيب
ان المنهج الدراسي يبقى “خطة عمل متصلة بتنظيم جامع للأهداف والمضامين والأنشطة ا لتعليمية والأدوات الديداكتيكية والوسائل التعليمية وطرق التعليم والتعلم وأساليب التقويم والدعم والمعالجة، وما يعيشه المتعلم داخل القسم وخارجه من علاقات وتفاعلات صفية.
وبصفة اجمالية فالمنهاج الدراسي أو التعليمي هو تصور مستقبلي ومخطط عام يعبر عن فلسفة الدولة والمجتمع في مجال التعليم والتربية طلبا لتحقيق أهداف وغايات محددة لها توافق وانسجام بفلسفة المجتمع ورهاناته واختياراته الكبرى في التربية والتعليم[9].
[1] – المعجم الموسوعي الجديد لعلوم التربية لأحمد أوزي اصدار مجلة علوم التربية الرباط السنة : 2006 :ص5
[2] :خطاب المنهج في التراث العربي الإسلامي ل محمد بنعمر من منشورات أوراق نماء تاريخ النشر :8-5-2017.
[3] إشكالية المنهج في العلوم الإنسانية : المنهج البنيوي مثالا للدكتور بغورة الزواوي: مجلة البصائر الأردنية العدد: المجلد:12-العدد:-2- السنة:2008.ص: 43
[4] [4] نظرية الاعتبار في العلوم الإسلامية للدكتور عبد الكريم عكيوي: منشورات المعهد العالمي للفكر الإسلامي السنة :2008. ص10.
[5] – مناهج البحث العلمي للدكتور عبد الرحمن بدوي إصدار المطبوعات المصرية مصر السنة :1977 ط:الثانية ص:87
[6] اللسانيات النسبية وتعليم اللغة العربية لمحمد الاروغاي-منشورات اختلاف الجزائر السنة 2011 ص::22
[7] علم النفس التربوي: قضايا ومواقف لأحمد اوزي إصدار مجلة علوم التربية السنة :2000 : 19
[8] مفاهيم ومصطلحات تربوية “المنهاج “مجلة دفاتر التربية والتكوين العدد:12 السنة :2017ص:104
[9] المنهج المدرسي من منظور جديد. إبراهيم والكثري، راشد وعلي، سر الختم. الرياض: مكتبة شعبان. الشبلي، إبراهيم. السنة : 1996 .ص:22