الخرس الأُسري؛ أسبابه وعلاجه في ظلِّ وسائط الإعلام الجديدة

image_pdf

أبدى مختصون موقفهم الرافض لمطالب المنظمات النسويَّة العلمانيَّة في الجزائر والتي وصفوها بالأخطبوط الخطير الذي يتسلل داخل البيوت لهدمها، حيث أصبحت هذه الجمعيات والمنظمات تتدخل في كل شيء حتى في القرار السياسي، من خلال تغيير القوانين المتعلقة بالأسرة وحماية أفرادها، كما رفض مختصون العمل باتفاقيَّة “سيداو”  التي تم اعتمادها في 18 ديسمبر 1979 من قبل الجمعيَّة العامة للأمم المتحدة، وقالوا إنَّ التشتت الأسري بدأ مع بداية القرن العشرين عندما بدأ استخدام وسائل الإعلام الجديدة، التحق فيها أفراد الأسرة نحو ” الفردانيَّة” أو ظاهرة “الخرس الأسري” كما اصطلح عليها في علم الاجتماع.

تعدّ الأسرة أهم وحدة اجتماعيَّة ترتكز عليها المجتمعات الإنسانيَّة في إطار التفاعل الاجتماعي الذي يعتمد حسب علماء الاجتماع على الحوار والتواصل، ومن خلال هذا التفاعل يكتسب الفرد القيم الإنسانيَّة، وغياب هذين العنصرين (أي الحوار والتواصل) يكون له أثر سلبي على الأسرة وتماسك أفرادها، وقد أشار باحثون في هذا المجال وأن الدراسات الاجتماعيَّة والنفسيَّة أثبتت أن التكنولوجيَّة الحديثة شتتت المجتمع، وأن مواقع التواصل الاجتماعي خلقت لدى الفرد علاقات افتراضيَّة لدى جيل من الأبناء، فكانت العزلة الاجتماعيَّة حتى داخل الأسرة، أو بالأحرى داخل الغرف على حساب الوقت الذي يخصصونه للتفاعل مع أسرهم، وشجعت هذه الوسائط على التفاعل الافتراضي على حساب التفاعل الواقعي، وأسست روابط وعلاقات افتراضيَّة، حيث استعمل الأبناء هذه الفجوة الرقميَّة ضمن نشاطاتهم اليوميَّة فحدث شرخ كبير بين الآباء والأبناء، وظهر ما يسمى بـ: الخرس الأسري وهو يعني فقدان لغة الحوار والتواصل بين أفراد الأسرة، ويعدُّ من أكبر المشاكل التي تواجه الأسر وتُوسع الفجوة بين أفرادها، وتتولد بدلًا منها لغة العنف والضغينة، لتدفع نحو التفكك الأسري؛ فغياب الحوار السبب الرئيسي لزيادة حالات الطلاق مثلا وضياع الأبناء وفشلهم وتعرضهم لكثير من المشكلات النفسيَّة والانحرافات السلوكيَّة والفكريَّة والأخلاقيَّة.

 كما تسببت السياسة والحداثة  في ابتعاد الأبناء عن آبائهم وفقدت الأسرة الجزائريَّة (كعينة) ما يسمى بالعائلة الكبيرة، التي فيها يُحْتَرَمُ الكبير وتكون له الكلمة والقرار،  حيث أصبح الشاب حين يقبل على الزواج  يطالب بالاستقلاليَّة  عن أسرته، مقلدا الحياة الغربيَّة التي تعطي للشاب او الفتاة الاستقلاليَّة بدءًا من سنّ الثامن عشر، وقد ساهمت التكنولوجيا الحديثة في إحداث تحولات مست العديد من القطاعات الاجتماعيَّة وبالأخص المنظومة التربويَّة، إذ يلاحظ انشغال التلاميذ بالهواتف الذكيَّة أثناء حضورهم الدرس داخل القسم، والتلميذة في الطور المتوسط لا تدهب الى الدراسة إلا بعد أن تتجمل بالمساحيق وكأنها في يوم زفافها ودون تعميم طبعا، فالأسرة الجزائريَّة اليوم أضحت مهددة وأمام تحديات كبرى، في ظل الانتشار الواسع للمنظمات النسويَّة العلمانيَّة التي كانت سببا في تراجع القيم، مما أدّى إلى هدم الأسرة الجزائريَّة باسم قانون الأسرة، هناك باحثون سلطوا الضوء  عن مثل هذه الظواهر الإجتماعيَّة، وكان الشباب ضحيَّة أفكار فاسدة، أسسوا جمعيات ونوادي، كما نراه في مجموعة 95 المغاربيَّة التي تضم ( الجزائر، تونس والمغرب)، تأسست هذه المجموعة بدعوة من الجمعيَّة الديمقراطيَّة لنساء المغرب في سنة 1991، أين  التقت جمعيات من تونس، الجزائر والمغرب وقررت تأسيس مجموعة 95 المغاربيَّة بهدف التنسيق والإعداد لمؤتمر بكين العالمي في طبعته الرابعة، و قدمت هذه المجموعة مقترحات من أجل تقنين مغاربي للأحوال الشخصيَّة، وكان من بين أهم مطالبها هو إبرام عقد الزواج بين المرأة والرجل بعيد عن الوليّ، منع تعدد الزوجات، حيث اعتبرت المجموعة التعدد جريمة يعاقب عليها القانون، ومنع زواج شخص مرتبط بعلاقة زوجيَّة قائمة ومعاقبته بالسجن عند المخالفة، عدم اعتبار اختلاف الأديان مانعا للزواج.

 كما دعت المجموعة إلى إعطاء المرأة الحق من الزواج من غير المسلم،  وحريَّة الإجهاض، وغيرها من المطالب التي تشجع أكثر على تحرّر المرأة، وقد أشار مختصون  إلى بنود اتفاقيَّة “سيداو”  من أجل القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة، علما أن هذه الاتفاقيَّة صادقت عليها170  دولة  بما فيهم الجزائر عام 1996 ماعدا الولايات المتحدة وسويسرا، وشملت الاتفاقيَّة 30 مادة،  لاسيما المادة رقم 02، التي شملت فرض الحمايَّة القانونيَّة للمرأة، والعمل على إلغاء التشريعات والقوانين والممارسات والعادات القائمة على التمييز، كذلك الفقرة الثانيَّة من المادة 09، والمادة 11 التي أعطت الحق للفتاة الراشدة أن تزوج نفسها بنفسها دون وليّها، وهي حسب المختصين مواد مُمَيَّعَة، من خلالها يفرض النموذج الاجتماعي الغربي على العالم الإسلامي، وخرق المجتمعات عن طريق هذه المنظمات والجمعيات النسويَّة العلمانيَّة، حيث سجل هذا الخرق في كل من مصر، الجزائر، تونس والمغرب، لا توجد أرقام دقيقة، لكن هناك إشارات تبين أن حالات الخلع في الجزائر بلغت 10 آلاف حالة في سنة 2021، وهذا بالمقارنة  مع الأرقام التي تم الكشف عنها في سنة 2008، بحيث لم تتجاوز  3500 حالة خلع، مع تسجيل  44 ألف حالة طلاق، لدرجة أن هذه المنظمات العلمانيَّة ذهبت إلى الإعتراف بحق الزوجة في أن تخلع نفسها بنفسها.

 السبب يعود إلى  تفنن هذه الجمعيات والمنظمات العلمانيَّة وتلاعبها بالمصطلحات، كما هو في كلمة ” الجندر” وهي الدعوة إلى إلغاء الفوارق بين الجنسين، وقد عرف هذا المصطلح تطورا في اتفاقيَّة “سيداو”، كذلك مصطلح الهُويَّة الأنثويَّة، أي تضخيم الأنوثة وطغيانها على كل الأصعدة، وهي ظاهرة موجودة حتى في البرلمان فيما اصطلح عليه بنظام “الكوطة”، والأنثويَّة حسب الخبراء تعني الاستغناء عن الرجل، أي أنه بإمكان المرأة اليوم أن تعيش بدون زواج، طالما هي ليست في حاجة إلى الرجل الذي يقيدها ويفرض عليها سيطرته، وطالما هي تملك كل وسائل العيش من سكن وسيارة يجعلها في غناء عن الرجل، وهناك مصطلحات هدامة جدا، مثل الصحة الإنجابيَّة، وهو مصطلح نسوي نوعي يبين للفتاة الصغيرة كيف تمارس علاقات متعددة، ومصطلح الإجهاض الآلي، والحريَّة الإباحيَّة، والأخطر من ذلك كله انتشار  ظاهرة الاتجار بالرحم وهي عمليَّة مقننة في المجتمع الغربي.

 ورقة علجيَّة عيش

جديدنا