قطب اللُّغات في المنهاج الجديد
ـ تقديم
يعرف قطاع التربية والتعليم المدرسي حركيَّة مستمرَّة ودائمة، وهي حركيَّة تترجمها التغيرات السريعة، والتحولات الطارئة التي مسَّت بنيات ومؤسَّسات المجتمع المغربي، بسبب التحوّلات التي فرضتها الثورة الرقميَّة، وما أحدثته هذه الثورة من تأثير وتداعيات، ومن أثرعلى المتعلِّم والمدرسة والمجتمع على حدٍّ سواء .
وقد ارتبط الاهتمام بتعليم اللغات في سياق خاص، يتحدَّد هذا السياق في اتِّساع الطلب وتزايده، على تعلُّم اللغات الحيَّة بشكل عام واللغة العربيَّة بشكل خاص، باعتبار اللغة هي وسيلة للتواصل الحضاري والثقافي بين الشعوب والحضارات والأمم.
إضافة إلى هذا الاعتبار، فاللُّغة ظلَّت من أحد شواغل الحقول المعرفيَّة المختلفة، ما جعلها تحتلّ في المنظومة الفكريَّة الحديثة موقعًا متميِّزًا،ومكانة خاصَّة .
اللسانيَّات التعليميَّة وتعليم اللغة العربيَّة
تعدُّ اللغة الأداة الصانعة والمركّبة للمعالم النفسيَّة والاجتماعيَّة لشخصيَّة الطفل والمتعلِّم على حدٍّ سواء، وبالأخصّ في المراحل العمريَّة الأولى التي يمرُّ منها المتعلِّم .
فاللُّغة لها أهميَّة خاصَّة في عمليَّة التعلُّم، فهي المدخل لاكتساب التعلُّمات الأساس للمتعلِّم. بحكم الوقع المهمّ الذي احتلَّه الطلب على تعلُّم اللغات، ونظرا للعلاقة الرابطة بين اللُّغة والتعلُّمات وقطاع التدريس، ونظرًا للتداخل والترابط القائم بينهما، وحاجة كل طرف للآخر، فقد نشأت اللسانيات التعليميَّة أو اللسانيات البيداغوجيَّة اللغويَّة، للاشتغال على تعليم اللغة العربيَّة في الوسط المدرسي والتعليمي، والإجابة على مختلف المشاكل البيداغوجيَّة، والصعوبات البيداغوجيَّة التي تعترض العمليَّة التعليميَّة في جهة اكتساب اللغة، وبالأخصّ جهة الصعوبات التي تقف أمام المتعلِّم، في تحصيله واكتسابه للغة.
فاللسانيات التعليميَّة هو علم جديد يشتغل على تعليميَّة اللغة العربيَّة، وهو المسمَّى بعلم اللغة التطبيقي- أو اللسانيات التعليميَّة، أو البيداغوجيا اللسانيَّة، وهناك من سمَّاه ونعته بديداكتيك اللغات .
ـ قطب اللغات في المنهاج الجديد للتعليم الابتدائي
نال قطب اللغات في المنهاج الجديد للتعليم الابتدائي،موقعًا متميّزًا من حيث المساحة الزمنيَّة المخصَّصة له،ومن حيث الوحدات الجديدة التي أدخلت فيه، ومن حيث الأهداف والكفايات المخصصة له، وهذا يعود أن الخيار التربوي والبيداغوجي الذي سار عليه المغرب، وراهن عليه في جميع الإصلاحات التربويَّة، كان هو تعزيز تعليم اللغات عامَّة، واللغة العربيَّة بشكل خاص، لأنَّ اللغة العربيَّة هي من أحد مكوِّنات النسيج الحضاري والثقافي للهويَّة الوطنيَّة في المغرب.
إضافة إلى هذا الاعتبار، كان الرهان البيداغوجي على توظيف اللغة العربيَّة الفصيحة، في التواصل الاستعمال المدرسي اليومي، وجعلها مادة للتدريس،، فقد اعتمد المنهاج التعليمي الدراسي للغة العربيَّة على مبدأ الوحدات التي تتأسَّس على التدرُّج، انطلاقا من اعتبار النمو النفسي للمتعلِّم، وإيقاعه الزمني والنفسي في التعلُّم، دون إغفال أو إهمال هذا المعطى الديداكتيكي، وهو مبدأ التكامل الداخلي بين مكوِّنات مادة اللغة العربيَّة.
ـ اللغات في المنهاج الجديد للتعليم الابتدائي إشكاليَّة الإخفاق
رغم الموقع المهمّ للغات في المنهاج الجديد للتعليم الابتدائي، فإنَّ نتائج مختلف التقويمات المنجزة وطنيًّا ودوليًّا، والصادرة مؤخّرًا، كشفت بالملموس عن التدنِّي الملحوظ في المكتسبات الدراسيَّة للمتعلِّمين، و يعزى هذا التراجع إلى عدَّة عوامل منها العوامل البيداغوجيَّة والديداكتيكيَّة، وأخرى تعود إلى المتعلِّم، تتحدَّد في عدم ملائمة المقرَّرات الدراسيَّة، والطرائق التعليميَّة المعتمدة مع الحاجيات التربويَّة الأساسيَّة للمتعلِّمين من جهة، وعدم توافق هذه المناهج والطرائق مع المستجدَّات التي يعرفها حقل مهن التدريس من جهة أخرى.
ما جعل العناية في تشخيص هذا التعثُّر، تتَّجه إلى مناهج وطرائق تدريس اللغات،لأثرها المباشر في تعثُّرات المتعلّمين في محور اللغات.
ـ بحوث ودراسات في تعثُّرات المتعلِّم في تحصيل اللغات
حاولت كثير من الدراسات تشخيص تعثُّرات المتعلّمين في تحصيل اللغات عامَّة واللغة العربيَّة بشكل خاص ومنها :
ـ “المنجز اللغوي لتلميذ المدرسة المغربيَّة دراسة ميدانيَّة للتعثرات بحث ميداني لمجموعة من الطلبة استغرق البحث ثلاث سنوات بإشراف هشام فاتح. وهو من منشورات كليَّة اللغة العربيَّة مراكش:2015.
ـ الطفل واكتساب اللغة للدكتور لغالي احرشاو: مجلَّة علوم التربية العدد:12- السنة 1987.
ـ ـ إكراهات تدريس اللغة العربيَّة للدكتور لغالي احرشاو موقع الأستاذ السنة :1999.
ـ ـ الندوة الدوليَّة: ديداكتيك التعدُّد اللغوي: تعليم وتعلُّم اللغات مجوع مداخلات منشورات كليَّة علوم التربية المغرب:2015.
اكتشاف المزيد من التنويري
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.