في الأدب كما في الفن والحياة، لابد من وجود مسافة الأمان ومساحتها السحرية، وهي المسافة التي تحفظ للإبداع جمالياته ولا تعدم معانيه أو تخنقها في زاوية ضيقة أو مفضوحة.
عدتُ من أزمور وأنا مندهش ومُعجب بالنهر العظيم، أم الربيع، القادم من الأطلس المتوسط، عابرا مئات القرى والحقول والمدن على امتداد حوالي ستمائة كلم، مانحا الجميع من مائه بسخاء كبير، وحينما يصل مُلتفّا حول أزمور التي يتركها على يساره، ولالة عائشة البحرية على يمينه.. يصبحُ مشيه مزهوّا قبل أن ينتبه أن المحيط الأطلسي القابع في المنحنى، بقناع أزرق متموّج، ينتظره ليلتَهمَ ما تبقى منه في قضمة واحدة بلا رحمة.