الملخص:
يتناول هذا المقال ظاهرة العولمة وأبعادها ومخاطرها على الهويَّة لدى شباب المناطق الحدوديَّة، مع ضبطٍ لمفهومي العولمة والهويَّة، في عصرٍ تتضارب فيه المصالح والقيم والتنوُّع الثقافي الذي يجعل من العسير الحديث عن الهويَّة وتماسكها إضافة إلى الوقوف على أبعادها الثقافيَّة والاقتصاديَّة والاجتماعيَّة ودور الوسائط والوسائل التكنولوجيَّة في مواجهة خطر الذوبان في قوالبها المعروضة. انقسم الفضاء السوسيو ثقافي لثقافة الأطراف بين توجّهٍ فكري متشدِّد وتحت أثر التقليد والانبهار بثقافة الاستقطاب، خاصَّة في مرحلة المراهقة التي تعتبر مرحلة مضطربة وعنيفة، التي تنمو فيها مرحلة الصراعات الكامنة في الأنا ذاتها، وينتج عن ذلك الإحساس بالضياع في مستوى العلاقة مع الذات، وهذا ما يعمِّق أزمة الهويَّة لدى الشباب. وقد تكون إحدى الأسباب لنشأة التطرُّف في عصرٍ هيمنت فيه العولمة.
الكلمات المفاتيح: العولمة، الهويَّة، تقنيات التواصل، الفضاء الحدودي.
المقدّمة:
لقد أصبح الخوض في مسألة الهويَّة وأثر العولمة عليها وتحدّيات الحداثة هاجسًا قد تسلَّل إلى معظم الفضاءات الفكريَّة والعلميَّة الأكاديميَّة والإعلاميَّة والثقافيَّة والاقتصاديَّة عموما باسم المثاقفة، حيث يتمّ انحسار الهويَّات الخاصَّة لبعض شباب المناطق الحدوديَّة التي تسلب هويتهم الفرديَّة وتضمن للآخر السيطرة على عقول بعض الشباب غير القادر على أن يجعل لنفسه حدثا أو حركة مخلخلة لهذا التوازن الثقافي المسقط لصالح الآخر، فالأحداث التي ترتبط بشكل أساسي بالحدود في مستواها الذهني قد تتعدَّى ذلك الترابط بفقدان الذات لهويتها. فظاهرة انضمام بعض شباب مناطق الحدوديَّة إلى المنظّمات الإرهابيَّة، وما نتج عنه من هجوم داعش على مدينة بنقردان في 7 مارس 2016 لم تكن ظاهرة عاديَّة أو اعتباطيَّة بل سبقتها عديد الأشياء وارتبطت ارتباطا وثيقا بالفضاء الاجتماعي والاقتصادي، وقد ينذرنا الواقع اليوم إلى استمرار هذا الغليان لدي شباب الجهة في ظل غياب الإحاطة الاجتماعيَّة والثقافيَّة مع التطوّر لوسائل التواصل الحديثة التي أحدثت شبكة تهدف إلى مجتمع شبكي واحد تربطه مصالح اقتصاديَّة وثقافيَّة واجتماعيَّة، ففي الاقتصاد تشير العولمة إلى التدويل الاقتصادي وانتشار علاقات السوق أو الاقتصاد الكوكبي عبر فضاءات افتراضيَّة .وفي السوسيولوجيا ينصبّ الاهتمام نحو التنميط الثقافي غير إنَّ أهمّ إشكالات العولمة هي جعل العيش معا في نظام عالمي واحد يضع المجتمعات الحدوديَّة في مأزق يجبر أفرادها على تحديد هويتهم بطرائق جديدة، ويشهد العالم تسارعا مطردا في تغيير معالمه وتشكيل بنيته الثقافيَّة، ممّا فتح الباب واسعا أمام تلاشي وذوبان الثقافات المختلفة في ثقافة ” عالميَّة ” واحدة، وهذا ما أدَّى إلى إعادة طرح سؤال الحداثة والعولمة وتحديات الهويَّة الثقافيَّة في شباب المجتمعات العربيَّة حيث ازداد الإلحاح في الخطاب الديني المتشدِّد إلى جملة المعوقات التي تحول دون تطور الشعوب، وتسعى إلى استغلال واستقطاب شباب المناطق الحدوديَّة عبر هذه التقنيات الحديثة.
نسعى في هذا البحث إلى إبراز العلاقة بين فقدان الهويَّة عبر العولمة وتداعيات تأثيرها على مجتمع الحدود، والتحدّيات التي يواجهها الشباب، خاصّة من خلال الوسائل التكنولوجيَّة التي باتت تشكِّل خطرا يخترق القيم الثقافيَّة الموروثة في هذه المجتمعات.
الإشكاليَّة:
تؤدي أزمة الهويَّة والعولمة لدى الشباب في المناطق الحدوديَّة بانقسام لثقافات دخيلة عن المجتمع المحلي بين توجيه فكري يقوم على منطق الانبهار بثقافة جديدة متشدّدة دخيلة تسعى لاستقطاب الشباب ضمن شبكة علائقيَّة واسعة معقّدة الروابط تتضمَّن كل أشكال التواصل مع مليشيات وجماعات متطرَّفة، تتداخل وتتفاعل فيها كل أشكال العلاقات ضمن نشاط الاستقطاب والتهريب وتخفي شبكة من الاتفاقات الضمنيَّة بين هذا الجانب أو ذاك تكون فيه العلاقات متداخلة بشكل كبير، قد يستحيل تتبّعها بشكل دقيق وتصنيفها بسهولة. فهي روابط كانت إحدى أهم الأسباب الكبرى لعمليَّة الاستقطاب،الشباب المهمّش، حيث أصبحت من أهم القضايا الملحَّة التي يعيشها الشباب بأقصى الجنوب التونسي، على الشريط الحدودي مع ليبيا ومن هذا المنطلق صارت أهميَّة دراسة أثر العولمة كتحوّل فكري على الفضاء السوسيو –ثقافي للمجتمعات الحدوديَّة، حيث أصبحت تتعظَّم باستمرار نتيجة التغيّرات التي تحدثها آليتها المتمثلة في تكنولوجيات الاتصال الحديثة في هذا الفضاء وأصبح لها الدور الفعال في الحياة الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة بالجهة، وكان للعامل المادي ولوسائل التواصل الدور الفعال في عمليَّة استقطاب الشباب المراهق، وفي هذا الإطار حاولنا التطرّق إلى كلّ ما يتعلّق بمفهوم الهويَّة وأزمتها وآثار العولمة في ذلك.
فما هي أهم ملامح أزمة الهويَّة لدى الشباب بالمناطق الحدوديَّة وكيف استطاعت بعض الجماعات الإرهابيَّة الهيمنة على أفكار بعض الشباب؟ وكيف ساهم الجانب الثقافي والاجتماعي والاقتصادي في أزمة الهويَّة بالمناطق الحدوديَّة عبر وسائل التواصل الحديثة؟
ما هي التحدّيات التى فرضتها العولمة على الفضاء السوسيو ثقافي للمناطق الحدوديَّة ؟
كيف ساهمت تكنولوجيا الإتصال في أزمة الهويَّة لدى شباب المناطق الحدوديَّة المهمَّش؟
وهل إنّ العوامل المؤثِّرة في هذه الأزمة، هي العوامل، الثقافيَّة، الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة؟
المفاهيم:
- المفاهيم ومصطلحات ( العولمة والهويَّة ).
- أبعاد العولمة ومخاطرها على الهويَّة .
- مفهوم القيم:
1-ماهيَّة العولمة:
تعدّ تعريفات العولمة أكثر من أن تحصى، وهذا دليل على كونها أضحت ظاهرة معقّدة وغير محدّدة، حيث يصعب على الباحثين اليوم وضع تعريف جامع مانع، يحيط بجميع مكوناتها، ونستأنس بتعريف طه عبد الرحمان الذي حاول فيه الإحاطة والاجمال بهذا الموضوع، حيث يقول: « العولمة هي السعي إلى تحويل العالم إلى مجال واحد من العلاقات، أو قل مجال [i][ii]علاقي واحد – عن طريق تحقيق سيطرات ثلاث: ” سيطرة التقنيَّة في حقل العلم وسيطرة الشكل في حقل الاتصال، وسيطرة الاقتصاد في حقل التنمي1ة “[1]، فهي ليست ظاهرة بالمفهوم السوسيولجي الضيق، ذلك لأن العلاقة بين المفاهيم والظواهر من أكثر القضايا تعقيدا في الفكر الإنساني، بمعنى أن العولمة ليست ظاهرة تاريخيَّة وحضاريَّة موضوعيَّة، بل هي آليَّة وسيرورة اقتصاديَّة وسياسيَّة لاستدامة النظام الرأس مالي وقيمه الحاكمة، حيث «تمثّل حقبة التحول الرأسمالي العميق للإنسانيَّة جمعاء، في ظل هيمنة دول المركز وبقيادتها وتحت سيطرتها وفي ظل سيادة نظام عالمي للتبادل غير المتكافئ »[2].
ان صياغة تعريف دقيق للعولمة تبدو مسألة عويصة لتعدد تعريفاتها التي تأثرت بميول واضعيها الاديولوجيَّة وموقفهم منها رفضا وايجابا، ويمكن القول أنها ظهرت كواقع أو كظاهرة فعليَّة في ثمانينات القرن الماضي، وقد ارتبطت بأحداث كبرى على رأسها انهيار المعسكر الشرقي ( الاتحاد السوفياتي ) الانفجار المعرفي في مجال التقنية والمعلوماتيَّة، إضافة إلى ظهور منظمة التجارة العالميَّة عام 1995، ومقرها جنيف، وظهور ما يسمى بالتبادل الاقتصادي الحر إلى جانب ظهور الشركات متعدّدة الجنسيات .
هذا وينطوي مفهوم العولمة على عناصر التنافر والشدّ والجذب حتى قيل إنها ظاهرة عرضيَّة تتعلّق بتطور المجتمع البشري والتغيرات العالميَّة ممّا أدى إلى صعوبة تحديد مفهوم جامع مانع، ومع تباين واختلاف التعاريف الا أنّها تأخذ عدة ظواهر أهمها التقدم الهائل في وسائل الاتصال خاصة الانترنت والقنوات الفضائيَّة، وهيمنة الغرب وخاصة أمريكا إلى جانب سقوط المعسكر الشرقي، حيث تأخذ مظاهر الهيمنة أبعاد عسكريَّة واقتصاديَّة وسياسيَّة وثقافيَّة .
ومن مظاهر التباين في هذه التعريفات انطلاق كل باحث أو مفكر من مجال اهتمامه، حيث إنّ أكثر المفكرين المسلمين ينبّه إلى كون العولمة استعمار جديد في ثوب اقتصادي تحكمه المصالح الماليَّة والاقتصاديَّة، يستعمل قيما تدعم هذه المصالح إنه بحث حثيث على الأسواق والسعي للتسويق يخضع إلى منافسة غير متكافئة وربما غير شريفة من ناحية ويؤدي من ناحية أخرى إلى ضرب واختراق ما يواجهه من قيم وممارسات.
فالعولمة تعني: نفي الآخر وإحلال الاختراق الثقافي، والهيمنة، وفرض نمط واحد للاستهلاك والسلوك .
يرى الجابري أنّ العولمة: « ترجمة لكلمة globalisation التي تفيد في معناها اللغوي العميم: تعميم الشيء وجعله شاملا، واذا لاحظنا أن كلمة globe تعني كرة، وتستعمل علما لتدل بالتحديد على الكرة الأرضيَّة ان استطعنا أن نربط العولمة بهدفها الاستراتيجي: أعني تعميم نمط من الحياة على الكرة الأرضيَّة كلها ومن هنا الاسم المرادف للعولمة ” في الخطاب العولمي المعاصر يعني لفظ planétarisation وهو ما يترجمه بعضهم بـ : ” الكوكبيَّة “، والمقصود جعل كوكب الأرض كله مسرحا لنمط معين من التعامل المالي والتجاري، وبالتالي الحضاري: وهو النمط الأمريكي[3].
واذا سلَّمنا بأن العولمة هيمنة واستعمار في شكل جديد بلا هيمنة سياسيَّة مباشرة أو وجود عسكري واضح، وأنها فرض نمط واحد للاستهلاك والسلوك، فهي «غزو ثقافي اجتماعي اقتصادي سياسي يستهدف الدين والقيم والفضائل والهويَّة، كل ذلك يعملون له باسم العولمة وحقوق الانسان » .[4]
و من ثمّة العولمة هي سعي لهدر كل الهويات وصهرها في النمط الأمريكي الاستهلاكي فماذا نعني بالهويَّة ؟.
- ماهيَّة الهويَّة
الهويَّة: مأخوذة من ” هو ..هو ” بمعنى جوهر الشيئ وحقيقته، ونجد عبد القاهر الجرجاني في كتابه ” التعريفات ” يقول: ” انها الحقيقة المشتملة على الحقائق اشتمال النواة على الشجرة في الغيب . ” [5]
فهويَّة الشيء هي ثوابته التي تتجدد لا تتغير، تتجلى وتفصح عن ذاتها، دون أن تخلي مكانها لنقيضها، طالما بقيت على قيد الحياة [6]
” ان هويَّة أيَّة أمة هي صفاتها التي تميزها عن باقي الأمم لتعبر عن شخصيتها الحضاريَّة ” [7]، فهي مجموع السمات والمميزات التي تميز الفرد عن الجماعة كما تميز فردا عن آخر، بل جماعة بشريَّة عن أخرى وأمّة عن أمّة أخرى نظرا لاختلاف الموجود بين الأمم من الناحية الجغرافيَّة والثقافيَّة والاجتماعيَّة والنفسيَّة واللغويَّة والعرقيَّة ..[8] .
فالانسان كان يبحث منذ البدايات عن مرآة يمكن أن يجد فيها صورة هويته المشتّتة، وقد جمعت وجرى فهمها أخيرا، وهو يعثر على غذاء بحث كهذا في اللغة والفلسفة والأدب» .[9]
لقد اعتبر الجابري مثلا أنّ ( التراث ) محدّد الهويَّة العربيَّة التي ابتدأت حسبه من صحيفة النبي إلى لحظة تفكّك الخلافة العباسيَّة » [10]
هذا ويثير مصطلح الهويَّة أسئلة شتى، حيث يعد من المفاهيم القلقة من الناحية النظريَّة، باعتبار أن كل العلوم الإنسانيَّة والاجتماعيَّة تقدم تعريفا متقاربا مع خصوصيَّة كل علم، غير أنها تجتمع كلها على خاصيَّة تميز مفهوم الهويَّة ألا وهي مسألة الخصوصيَّة والتميّز عن الغير .
ففي الفلسفة تعرف الهويَّة على أنها: ” حقيقة الشيء من حيث تميزه عن غيره وتسمى أيضا وحدة الذات” [11]
أما في علم الاجتماع فتعرف بكونها ” عمليَّة تمييز الفرد لنفسه عن غيره أي تحديد حالته الشخصيَّة ” .[12]
أما في علم النفس فتعرف الهويَّة على أنها ” كون الشيء أو مثله من كل الوجوه، الاستمرار والثبات وعدم التغيير. [13] والهويَّة كمصطلح تناوله عدة باحثين من مختلف الاتجاهات والنظريات فعلم النفس الميداني يدرس الهويَّة من جانب الاضطرابات النفسيَّة كما هي الحال عند عميد المدرسة التحليليَّة ،S.FREND في ضياع الهويَّة عند الهستيري.
أما بالنسبة للميدان الاجتماعي،أو علم النفس الاجتماعي فهو عبارة عن عامل من عوامل شخصيَّة الفرد يأخذ يعطي، يفعل ويتفاعل يؤثر ويتأثر .
هذه الوضعيَّة النفسيَّة يفسرها التيار التحليلي بالتطور وبالاحتكاك بالآخر، وتدخل نفسي داخلي وخارجي فالهويَّة ليست عامل بيولوجي أو لون البشرة أو الجنس لكن الهويَّة هي بعد متفاعل مكونة من استعدادات فطريَّة ومعطيات اجتماعيَّة وثقافيَّة واقتصاديَّة، وعائليَّة، فالصورة التي يعطيها الفرد عن هويتيه بعد دخوله في التفاعل مع جماعته هي التي تضع الفرد في صراع دائم من خلال تأثيره بما تحمل الجماعة من تصورات ومبادئ مختلفة، فيصبح يعيش في حالة من عدم الاستقرار النفسي ما يفقده هويته ويصبح تائها وتحدث له أزمة. ويؤكد الباحث “اريك اريكسون ” “ERIK ERIKSON ” إن الأزمات ترافق الإنسان في شتى مراحل تصوره، ولكل مرحلة أزمة، وتتبلور أزمة الهويَّة إبان مرحلة المراهقة فتبقى آثارها جليَّة على حياة الإنسان حتى مرحلة الثبات، وقد أطلق “اريكسون ” أزمة الهويَّة أو تشوش الهويَّة
Identity confusion على عجز الناشئة عن تقبل الأول الذي يطالبهم المجتمع به،ويصبح غير قادر على الاستقرار والتواصل بين الذات والهويَّة، فأزمة الهويَّة تشعره .بحالة من التشويش داخل الذات.
فالإنسان من غير هويَّة لا معنى له حيث، رأى الاجتماعيون بان المجتمع القوي هو ذلك الذي يعتز بهويته كواحدة ثابتة وتتمثل أبرز مقومات هويَّة الأمة، في الدين واللغة والسلالة والتاريخ، في حين يشكل العلم إحدى أهم رموز الهويَّة.
أما إذا أخذناها من جانب علم الاجتماع فهو يعتبر أن بعد الهويَّة عند الفرد نسبي وهو يستند إلى الدور الذي يلعبه داخل مجتمعه، كذلك المكانة الاجتماعيَّة الذي ينتمي إليها فيصبح الشخص الاجتماعي يقوم بدور يمثل مختلف الأدوار، والوضعيات التي يحتلها داخل الجماعة التي ينتمي إليها وهنا تحدَّدت الأزمة بسبب التغيرات التي تطال ثقافة الشباب إلى جملة من الإشكاليات في مجموعها تأثير المحيط الخارجي انتشار العولمة،والتطرف الديني،أسواق المال غير أن الخطورة لا تكفي في الانفتاح المعقلن،على ثقافة الأخر وإنما في الانغماس في هذه الثقافة والانبهار بها إلى درجة تفضيلها على ثقافة مجتمعه وبذلك يستهدف النسيج الثقافي ويصبح مهددا بالذوبان في ثقافة الأخر المغايرة،
و هذا يحدث حالة في التناقض البنيوي داخل النسيج الاجتماعي في المجتمع الواحد بفضل ضعف الانسجام بين ثقافة الشباب وثقافة المجتمع وهذا ما يتضمنه ذلك من اغتراب الثبات عن ذاته الثقافيَّة واستلابه من أصالته الحضاريَّة، وهنا يشير الباحث كيفن هوسن Kevin Hawses إن مفهوم الأزمة بحاجة إلى دراسة وفهم المدخل والعوامل التي أدَّت إلى حدوثه، ولا يدرس بمعزل عن سياقاته الاجتماعيَّة والاديولوجيَّة، ومن هنا يرى أركسون أن نجاح المراهق في أزمة الهويَّة التي يمرّ بها يتوقّف على ما تقوم به من استكشاف للبدائل والخيارات في مجالات الاديولوجيَّة والاجتماعيَّة وكذلك ما يحققه من التزام، أو تعهد بالقيم والمعايير السائدة في مجتمعه. وبناء على ما يحققه المراهق من نجاح أو فشل، من حلّ أزمة الهويَّة يتجه إلى أحد قطبي الأزمة فأما أن يتجّه إلى الجانب الايجابي منها فتضع هويته ويعرف نفسه بوضوح، وهو ما يعرف بانجاز الهويَّة وأما أن يتّجه إلى الجانب السلبي منها ويظل يعاني من عدم وضوح هويته وعدم معرفته لنفسه في الوقت الحاضر، وسيكون في المستقبل بما يعرف بتشتّت الهويَّة.
أما الباحث جون تملسون:John Tomlinson فيرى أن الهويَّة الثقافيَّة كانت نوعا من الكنز الاجتماعي، الذي تملكه الجماعات المحليَّة ولكنه شيء هش يحتاج إلى الحماية والحفاظ عليه ومع تعمق هذه التناقضات، واستدامتها مع توالي الأزمات على المجتمعات العربيَّة انعكست هذه الوضعيَّة المأزومة على الشباب العربي، أي بات يشعر بحالات من الاغتراب عن الذات والمجتمع، وأكثر من ذلك أصبح يعيش حالة من ضياع ثقافي وتضييع،فيصبح الشباب يتعلق بدولة داعمة للإرهاب أو يصنف نفسه أمير المؤمنين أو يلبس قميصا ويجعل من نفسه داعية للإسلام.
هذا الأمر أصبح خطيرا ويمثل اعتداء على إحدى رموز هويتنا وهو العلم، فالعلم ليس مجرد تشدد بالدين وإنما هو رمز الأمة، والعجب في الأمر هذا الشباب ينساق وراء تيارات متطرفة تعمل لحساب دول أجنبيَّة ترفض هويتنا وتحقر من شانها وتعادي مصالحنا القوميَّة على المستوى الدولي .
3 مفهوم القيم
- جاء في المعجم الوسيط: أنَّ قيمة الشيء هي قدره، وقيمة المتاع هي ثمنه، ويقال ما لفلان قيمة، أي ماله ثبات ودوام على الأمر.(ابراهيم. 1979: 768)
- وجاء في لسان العرب: القيمة واحدة القيم، والقيمة ثمن الشيء والتي تقوم مقامه. (ابن، منظور.1956: 500)
ويرى حميد خروف أنه على الرغم من اختلاف الباحثين في تحديد مفهوم القيم بسبب ارتباطه بجوانب نفسيَّة،اجتماعيَّة واقتصاديَّة، فإنه يمكن رصد ثلاثة منظورات رئيسيَّة هي:
- المنظور الفلسفي: الذي يؤكّد أصحابه على أن للقيم وجودا مستقلا خارج العقل الإنساني، تتصف بمطلقيَّة، فهي ناجمة عن طبيعة الأشياء.
- المنظور السيكولوجي: فإنّ أصحابه يؤكدون على الصفة الفرديَّة للقيم والتعبير عنها، وبالتالي فهي تفصح عن نفسها في أنماط من السلوك الإنساني التي تنشأ عن ذات فاعلها وتخضع للتعبير المستمر.
- المنظور الاجتماعي: ينظرون للقيم باعتبارها تقديرا للأشياء والموضوعات، وهي تنشأ نتيجة التفاعل الاجتماعي بين الأفراد والبيئة المحيطة بهم، وهي إحدى محددات السلوك الإنساني، متداخلة في كل مجالات الحياة بالنسبة للفرد والمجتمع على حد سواء.
ومن التعريفات التي أعطيت لمفهوم القيمة من هذا المدخل ما يأتي:
كما يمكن تعريفها على أنها « معيار عام ضمني أو صريح فردي أو جماعي يعتمده الأفراد والجماعات في الحكم على السلوك الاجتماعي قبولا أو رفضا »
كما يعرفها مقدم عبد الحفيظ على أنها: « كل ما يعتبر جديرا باهتمام الفرد وتفضيله مقارنة بما هو غير مفضل وغير جدير بالاهتمام وتجدر الإشارة إلى أنه بالرغم من اختلاف المنظرين في العلوم الاجتماعيَّة في تعريف مصطلح القيمة إلى أنهم متفقون على أن القيم تقوم مقام المعايير في توجيه السلوك لتحقيق عدة أهداف في حياتنا اليوميَّة ».
- الإطار النظري:
يعرّف »مانيال كاستال «الشبكة على »أنها أشكال مرنة أو هي بني مفتوحة قابلة للاتساع إلى ما لا نهاية، وقادرة على إدماج روابط جديدة إذا ما كانت هذه الروابط قادرة على التواصل داخل الشبكة[14]« إذا كان هذا المفهوم قد استعمله »كاستلز« في إطار دراسته المجتماعات الشبكيَّة، فإنّ نقله إلى حقل سوسيولوجي آخر والاستفادة منه ممكن بشرط تطويعه لغايَّة ذلك، مثال تحديات العولمة وإنعكساتها الهوياتيَّة وهذا ما يفسر أنّ العولمة تساهم في تغييرا لأوضاع الثقافيَّة والاجتماعيَّة والاقتصاديَّة، سواء في بلدان المنشأ أو بلدان الاستقبال وهو ما يفسّر ميْل الشباب لتحويل قسط من أموالهم للبحث عن مشاريع تنمويَّة لدى عائلتهم ببلدان المنشأ ومن الانتقادات الموجّهة لها أنّها لا تشير إلى العوامل الهيكليَّة الخارجيَّة ولا حتى الداخليَّة التي تؤدي إلى ارتفاع عدد المهاجرين، والتي يمكن أن يكون لها تأثير والتأثر على حجم وطبيعة الهجرة كما أنّها تقصى من جهة أخرى الغرباء عنها أي الأفراد والمجموعات ممن من لا ينتمون إليها، كلّ هذه العوامل من شأنها أن تضعف دور الشبكات الاجتماعيَّة في تحليل ظاهرة تحديات العولمة وإنعكساتها الهوياتيَّة وهي تعتبر من بين الأسئلة التي تطرحها السوسيولوجيا المعاصرة ما بعد الحداثة التي تتسم بالبحث في الميكرو-اجتماعي،بناء علي مناهج فعلانيَّة لها دور هام في كشف تناقضات المجتمع الصناعي وممارساته عبر مجتمع الشبكات في عصر المعلومات ومن خلال هذه الدراسة سنحاول تقديم مقاربات بشأن بعض المفاهيم المؤطرة لشبكة التواصل ودورها في تحديات العولمة وإنعكساتها الهوياتيَّة وكذلك الاقتراب من بعض المحطات النظريَّة التي دشنها كاستالز كامجتمع الشبكات لتأسيس رؤيَّة مغايرة لبعض أنماط المجتمعات المعاصرة .
ومن هنا سنحاول الاعتماد على نظريَّة المجتمع الشبكي لدى كاستالز لما لمسناه من تغير في بنية المجتمع المحلي من خلال الحركات الإجتماعيَّة الشبكيَّة التي طغت على ثقافة الشباب التي كان رائدها “مانويل كاستالز”.
نحن نعيش اليوم في هذا الفضاء الحدودي في مجتمع شبكي لم تعد فيه وسائل التنشئة تلعب أدوار هامة، حيث تحول دور العائلة والمدرسة إلى مستويات أدنى مما كانت عليه قبل ثلاثة عقود، لذلك يقول كستالز: “يمثل مجتمع الشبكات مجتمعاً يقوم هيكله الاجتماعي حول شبكات تنشطها تكنولوجيا الاتصال والمعلومات عبر شبكات كمبيوتر متصلة عن بعد.”[15]
هذه الظاهرة التقنيَّة التي غزت العالم ووصلت تداعياتها إلى العالم العربي وإلى الفضاء االحدودي بالجنوب التونسي، ونظرا لما أصبحت تمثله من مجتمع افتراضي جديد تلاشت فيه كل القيم والقيود والأخلاق والثقة وبذلك أصبحت ظاهرة فريدة من نوعها، فهي نوع من نمط لإتصالي الجديد ساهمت في إحدات عوالم أجتماعيَّة جديدة عبر سكان الحدود على كافة المستويات الإجتماعيَّة والثقافيَّة والإقتصاديَّة فهي بمثابة ملتقى حضاري ثقافي اقتصادي عالمي وسوق لتجاريَّة العالميَّة وهذا ما سنلاحظه من خلال دراستنا هذه فهي مجموعات متنوعة شاملة لها كل ما يتعلق بالمجتمعات الحدوديَّة، أصبحت هذه الشبكة تحقق عمليَّة تواصليَّة تفاعليَّة رفيعة المستوى بين مستخدميها من كافة الدول المصنعة كما أنها سهلت لهم عمليَّة البيع والشراء كما استدعت في بعض الأحيان ضرورة تمثلهم رقميا في هويات افتراضيَّة أو شبكة أو هويات على الأنترنت للهروب من المتابعة الأمنيَّة فماذا يعني هذا النوع من الهويات في المجتمعات الرقميَّة ومجمع هذه الدراسة؟
يعتبر عدم الكشف عن الهويَّة والاعتماد عن ما يسمّى الهويَّة الافتراضيَّة سمة رئيسة لدى اغلبيَّة الشباب بالجنوب التونسي في هذا العالم الشبكي خاصة لدي الجماعات والمليشيات الحدوديَّة، كما أصبح اليوم يسمح لهم بتجريب العديد من الهويات وهذه استراتيجيا يقوم بها تجار الممنوعات حتى لا ينكشف امرهم “وذلك بتشكيل هويَّة بواسطة طرق ووسائل أتيحت لهم ووضعت تحت تصرفهم [16] “وبذلك يصبح موضوع الهويَّة الإفتراضيَّة اشكاليَّة يجب التطرق اليها، خاصة في عالم التقنيّة فهي تمثل الربط التكنولوجي بين الكيان الحقيقي والافتراضي فيجد الأفراد أنفسهم يلعبون أدوارهم ويتمثلونها في أشكال التفاعل المتاحة في هذه الشبكات الرقميَّة مثلما هو الحال في الحياة الطبيعيَّة ولقد دعم قوفمان هذا الاستنتاج حيث “يرى أن “التفاعلات بين المجتمع تحدث بطريقة تعتمد على التوقعات حسب حالة أو ظرف التفاعل وهي تؤثر في اتصال الفرد المشارك في الاتصال المتبادل “[17]،أذن، فهو يعتبر أن عمليَّة التفاعل الاجتماعي هي أداة لتنفيذ دور ما، وفي هذا السياق أطلق الصادق رابح، على الهويَّة الرقميَّة بأنها تسعى إلى القفز على محرمات الهويَّة الاجتماعيَّة وبذلك أصبحنا إذن نعيش في مجتمع شبكي لم تعد فيه وسائل التنشئة تلعب أدوارا هامة بل أصبحت هذه التقنية هي المحدد الرئسي، وتحول دور الأسرة والعائلة إلى مستوى أدنى مما كان عليه قبل ثلاثة عقود ويقول الصادق رابح (“يمثل مجتمع الشبكات مجتمعا يقوم هيكله الاجتماعي حول شبكات تنشطها تكنولوجيا الاتصال والمعلومات التى عالجها كاستالز)[18] .
ومن جانب آخر اعتبر يرغن هابرماس الهويَّة مسألة ثقافيَّة ومؤسساتيَّة ومركزيَّة بالنسبة لمجتمع الشبكات، حيث تنامي الخطاب الإفراضي الهوياتي وأبرز فاعليته في المشهد المجتمعي الجديد الذي يجعل من التقنية نواته الأساسيَّة التى سهلت على الفاعلين التواصل، إنّ هذه النظرة على الرغم من أنها تقدم بعض الحلول الأوليَّة لهذه الإشكاليَّة فإنها تجعلنا غير قادرين على تحديد الطبيعة والميكانزمات المتحكـِّمة في الصيرورات التفاعليَّة الكبرى عن طريق ما يسمى بلغة هابرماس “بروتكولات التواصل ” التي يتم إيجادها وتقويمها ايجابيا بالنظر إلى قدرتها على تقدير المستويات العلائقيَّة، مقدما حقيقة أنّ الثقافة الكوسموبوليتانيَّة حاضرة عند حيز صغير من الأفراد فحسب والحقيقة أنّ هذا التقويم خاضعا أساسا لطبيعة نتائج هذا المسار التفاعلي الذي يتأثر بدوره بتناقضات متشعبة، يتجاوز حسمها قدرة تأثر الأشخاص.
كيف يحضر التواصل في مسارالمجتمع الشبكي للفضاء الحدودي؟ لتحديد ما المقصود بهذه البرتوكولات التواصليَّة “على نحو فرضياتي” يتطلب الأمر تحليلا امبيريقيا من الممكن أن يتجاوز حدود هذا التصور النظري الموسوم يالمعياريَّة: » إن ثقافة المجتمع الشبكي الشامل هي ثقافة بروتوكولات التواصل التي توجد إمكان هذا الأخير (التواصل ) بين مختلف الثقافات في الأساس، ليس بالضرورة تقاسم القيم، لكن بتقاسم قيمة التواصل على الخصوص«[19]من هنا يتسنى لنا القول، إنّ الثقافة الجديدة أي ثقافة مجتمع الشيكات لا توجد عن طريق المحتوى، بل عن طريق الصيرورة، إنها ثقافة التجارة عبر تقنيات التواصل ويلخص في هذا الإطار كاستلز، فرضيَّة مفادها أنّ ثقافة مجتمع الشبكات هي ثقافة بروتوكولات التواصل بين مختلف الثقافات في العالم، حيث تطوّرت على أساس المعتقد المشترك في سلطة التشبيك والتعاون الحاصل من خلال عطاء الآخرين والأخذ منهم أي على أساس التبادل (الأشياء، الحاجات الخ…) حيث نجد اليوم شباب من بنقردان يتجول عبر هذه التقنية.
يمكن القول إنَّ “هذه الشبكة التي كانت تمثِّل خطرًا على البعض أصبحت اليوم تمثل حلًّا من حلول المهرب في الفضاء الحدودي سوى في الشراء والبيع.
- المنهج:
إنّ المنهج هو الطريق أو السبيل الذي يسلكه الباحث لدراسة وتتبُّع ظاهرة اجتماعيَّة معينة أو حالة من الحالات للوصول إلي هدف أو أهداف معلنة. وبصفة عامة تعرف المناهج بأنها مواقف ملموسة تجاه المواضيع، فمادلين قراويتز GRAWITZ تقول:”إننا نستطيع أن نعد معظمها مجموعا متناسقا من العمليات المستعملة لبلوغ هدف أو عدة أهداف جملة من المبادئ التي تواجه كل بحث منظم جملة من المعايير التي تتيح اختيار التقنيات وتنسيقها. إنها تشكِّل بطريقة متفاوتة التجريد والحسيَّة الدقَّة أو الغموض مخطط عمل تابع لهدف”[20] فالمنهج في البحوث الاجتماعيَّة على هذا المعني يمكن تعريفه بأنه تلك الإجراءات الواجب إتباعها في عمليَّة التقصي والبحث عن المعلومة وذلك بقصد وصف الظاهرة وتفسيرها وتحليلها وتحديد أبعادها وخصائصها بشكل شمولي حتى يسهل التعرف عليها وتمييزها عن بقيَّة الظواهر، وعادة تسمى هذه المحطات بالتقنيات. ولقد حاولنا الاعتماد على تقنية المقابلة والملاحظة بالمشاركة وهي الأكثر تلاؤما مع اشكاليتنا وحاولنا تطبيقها على عينة معتبرة قصد الحصول على معطيات دقيقة تمكّننا من الإجابة على الأسئلة التي هي من صميم موضوعنا، فيمكن القول إن تقنية المقابلة الموجّهة ملائمة ومطابقة للمشكل المطروح، هذا مع الأخذ بعين الاعتبار المشاكل والصعوبات التي تواجه الباحث في ميدان عمله وذلك لما للموضوع من حساسيَّة .
هذا كما اعتمدنا كذلك تقنية الملاحظة بالمشاركة وهي تقنية تجميع وتصنيف حقائق ومعلومات من الوسط الاجتماعي، للفاعلين المعنيين، وهي الطريقة المناسبة لرصد الأحداث والتصرفات عن قرب في لحظة وقوعها دون شاهد عن ذلك، وتمكننا من التعمُّق في دراسة المجتمع كما هو. وقد ارتأينا القيام بمعاينات ميدانيَّة فالمعرفة السيوسيولوجيَّة الحقيقيَّة هي تلك المبثوثة في التجارب الجينيَّة، والتفاعل الآني للفاعلين الاجتماعيين[21] فهي مهمة لفهم خفايا المجتمع المدروس وموقف يصبح فيه الباحث الاجتماعي، بقدر الإمكان عضوا في الجماعة التي يقوم بدراستها ويكون الباحث جزءًا من الجماعة ولا يعرف أعضاء الجماعة له دورا آخر[22]،فالإطار المرجعي هذا يمكِّن الباحث من القيام بالملاحظة بالمشاركة قدر المستطاع وتوجيه الأسئلة بطريقة تلقائيَّة.
ولقد تعرضا إلى نقطتين مهمتين خلال اعتماد هذه التقنيَّة، تتمثل الأولي في مدي صعوبة إنجاز هذه المقابلات نظرا لتميز تلك الشبكات الممتهنة بالانغلاق، وبالرغم من صعوبة إجراء المقابلات استطعنا إقناع تسعة فاعلين رئيسين لهم نفوذ. هذا وقد وظّفنا علاقاتنا الاجتماعيَّة العائليَّة والشخصيَّة، للوصول لمن قمنا بمقابلتهم بضمان سريَّة هويتهم وطمأنتهم، بأن ما سيدلون بيه هو لغاية علميَّة فقط. فوافقوا رغم وجود بعض الاحترازات والخوف من المعطيات التي سيدلون بها، ويمكن القول إنَّ هذا الشعور بالخوف قد لا يعطي لنا الحقيقة لكن حاولنا ربط الأشياء ببعضها البعض وذلك باستعمال تقنية الملاحظة المباشرة وذلك للكشف عن خفايا ظاهرة تشتغل ضمن منظومة خفيَّة تتعامل كثيرا بالرموز.
*أزمة الهويَّة لدي شباب المناطق الحدوديَّة:
إنَّ البحث عن وجود أزمة الهويَّة لدي شباب المناطق الحدوديَّة والتي ساهمت فيها التكنولوجيا الحديثة داخل فئة من الشباب المهمَّش ليس بالأمر الهيِّن فالتطورات المختلفة على الميدان من الصعب تحديدها لأنه يوجد عدة مشاكل علينا الالتزام بكل قوانينها أو على الأقل أغلبها،لجمع أكبر عدد من الفاعلين لمعرفة رأيهم المتعلق بموضوع اهتمامنا في هذا البحث ولتحديد العناصر المؤثِّرة على جماعة الشباب أو طريقة الاستقطاب ومدى تأثير المجتمع المستضيف على هذه الفئة وكيفيَّة تأقلمهم مع الصعوبة الجديدة.
ولقد حاولنا تحقيق التوافق بين مختلف الأسئلة، كما اعتمدنا الابتعاد عن عدم ذكر بعض المواضيع الحساسة وخاصة كيفيَّة الانضمام إلى هذه المجموعة، رغم إنها كانت الحلقات الدينيَّة المتطرفة تقوم علانا وأمام مراء ومسمع كل أجهزة السلطة في وقت ما فحاولنا القيام ببعض الأسئلة التي ترتبط حسب تقييمنا الشخصي بمدى التمسّك بالهويَّة الوطنيَّة، ومدى الرضى بالنظام الاقتصادي والاجتماعي بالجهة لمعرفة أهم استراتيجيات هذه الجماعات التي حاولت في بداية الأمر الاستثمار في عقول الشباب بتشجيع عن التهريب، وقد أخذنا العيّنة من مجموعة الشباب الذين انتموا إلى مجموعات التطرف الديني، والتي كانت لهم تجربة على الميدان، وكانت على هيئة مختلفة في السنّ ومختلفة في اللباس والعقيدة ولقد كان مكان إجراء المقابلة في منطقة حدوديَّة مهمَّشة ظهرت فيها ظاهرة التطرُّف والتعصّب الديني .
حيث أصبح الشاب في المناطق الحدوديَّة يعيش داخل جماعة متكونة من مجموعة أفراد، ومن خلال ذلك يندمج الفرد ضمن هذه الجماعة ويصبح يؤثر ويتأثر، ذلك، وهذا التجاذب يسمح له بتكوين شخصيته وهويته ومن هنا يكون للبعد الثقافي والاجتماعي والاقتصادي دور كبير، من ذلك حيث يولد له حالات من الصراع والأزمات داخل هذه الثقافات، صعوبة التكيف معها ونجد هذا خاصة في مرحلة المراهقة، التي تعتبر مرحلة عنيفة 1 وتتكون له رغبات وأفكار داخليَّة، وينتج عن ذلك الإحساس بالضياع في مستوى العلاقة مع الذات وهذا ما يعمق الأزمة.
- انعكسات تحديات العولمة بالفضاء الحدودي بالجنوب التونسي
عندما نتحدث عن التحولات السوسسيو ثقافيَّة بالمجتمع الحدودي بالجنوب التونسي في ظل العولمة واجب أن نتحدث عن هذا الفضاء المهمَّش منذ 1881 والذي كان أهم مورد رزق به التهريب، ولكن مع الأزمة السياسيَّة أو التحول الديمقراطي 2011 الذي أحدث غياب الدولة الليبيَّة وضعف الدولة التونسية، أفرزت تلك الحقبة تمركز مجموعات ومليشيات على الحدود مع ظهور تقنيات التكنولوجيَّة الحديثة التي أصبحت مستباحة لدي الجميع أصبحنا نلاحظ البناء الاجتماعي يتغير بشكل كلي في هذه العشريَّة السوداء حيث ساهمت هذه التجارة الحديَّة بإستقطاب العديد من الشباب المهمش وفي نفس الوقت كان فرصة لبعض الجماعات لاستقطابه للجهاد فالمجتمع التونسي الحدودي عرف عديد التغيرات الإجتماعيَّة عبر الحقبة التاريخيَّة وكان السد المنيع للدولة حتى مع الاستعمار الفرنسي 1956 ولكن لكل مرحلة خصائصها وملامحها الخاصَّة بها، ففي سنة 2011 لاحظنا الفضاء بالجنوب التونسي أصبح مرتعا لعديد الجماعات وانتشرت ظاهرة استقطاب الشباب المراهق في الجماعات الإرهابيَّة ظاهرة معقدة، ترتبط بكل ما يعيشه الشباب من أزمات نفسيَّة واجتماعيَّة واقتصاديَّة ، وقد ركزنا في هذه العينة عن العناصر البارزة، والتي تعتبر قياديَّة وقد كان للجانب الثقافي دور كبير حيث إن أغلب المبحوثين، يكن لهم مستوي علمي مع أنهم يعتبرون قياديين على الميدان، هذا كما ساهمت مشكلة البطالة وخصوصا في المناطق الحدوديَّة في عمليَّة الاستقطاب، حيت كانت إغراءات ماديَّة كبيرة تصل إلى 25 ألف مليون أور للالتحاف بالجماعة،هذا مع وجود خطاب ديني متشدد يقوم علي فتح الباب على حياة أخرى بعد الاستشهاد، والعيش مع حوريات الجنة كل هذه الأفكار هيمنت على عقليَّة الشاب المراهق، وكان للجانب المادي دور كبير في عمليَّة الاستقطاب، وكانت الفترة التي تكونت فيها هذه الجماعات فترة غياب الدولة في تونس 2011 إلى 2012 وظهور الدولة الإسلاميَّة، كما اتسمت ليبيا بكثرة العصابات المسلحة استغلتها هذه المجموعات على الشريط الحدودي مع تونس، ويعزِّز هذا قول شاب يقول إمَّا أن أصبح رجلا أو أموت، وآخر يقول 25 ألف دينار أور “أخدم عمري الكل منصور همش” يقول لا توجد دولة إلا الدولة الإسلاميَّة فهذه الحالات قد يشعر خلالها الفرد العاطل عن العمل في سن المرهقة بالظلم الذي قد يدفعه إلى أن يصبح ناقما على المجتمع فهو يعتبر نفسه لا خيار له غير اللجوء إلى هذا التنظيم ويبرز نفسه بلباس القميص، كل هذه العوامل ساعدت على عمليَّة استقطاب الشباب فالشاب المراهق ينصهر مع هذه المجموعة، وهنا يقول دوركايم محللا العلاقة بين الهويَّة الفرديَّة والهويَّة الجماعيَّة:ي وجد في كل منا كائنان: كائن فردي يتكوَّن من المشاعر والأحاسيس التي تتصل بالحياة الخاصة من ناحية وكائن اجتماعي يتكون من منظومة الأفكار والمشاعر والعادات التي تعبِّر فينا عن المجموعة من ناحية أخرى، وإنَّ تلاحم هذين الوجهين هو الذي يكون الكائن الاجتماعي. ويسأل الشاب نفسه من أنا ومن جانب آخر أصبح الشباب في الوطن العربي يعيش أزمة حقيقيَّة تدعى أزمة الهويَّة الثقافيَّة، والتي يعدّها علماء النفس والمختصون من أخطر أزمات المراهقة [23] وهذا ما يعسّر الحديث عن الهويَّة وتماسكها وهو ما يولد حالات من الصراعات، والأزمات داخل فئة من الشباب بفعل تداخل هذه الثقافات وصعوبة التكيّف معها خاصّة في مرحلة المراهقة التي تعتبر مرحلة مضطربة وعنيفة وهي مرحلة الصراعات الكامنة في الأنا ذاتها، إذ ينمو لدى الفرد الإحساس بالذات في علاقته بالآخرين وتتكون لديه أفكار ورغبات داخليَّة وينتج عن ذلك الإحساس بالضياع في مستوى العلاقة مع الذات،[24] وهذا ما يعمّق أزمة الهويَّة لدى الشباب قد تكون إحدى الأسباب لنشأة التطرف وعدم التسامح والتعصب ففي فترة ما بين الطفولة والمراهقة تتكوّن لديه أفكار ورغبات داخليَّة، ويحاول أنّ يثبت هويته الشخصيَّة “الذاتيَّة ” التي تتكوّن من خلال تواجد الشباب في المناخ المحيط ويبرز أهدافه وأماله وإمكانيته فيتغيّر البعد النفسي الاجتماعي الجديد الذي يظهر خلال المراهقة وينتج عنه إحساسا بهويَّة الأنا إذا كان إيجابا أو إحساسا بتمييع الدور إذا كان سلبيّا ومن هنا يسعى المراهقين إلى بلورة جميع المعارف التي اكتسبوها عن أنفسهم، فهي توجهها مواقف ومعارك سبق له كسبها حيث تصبح هذه المرحلة الخطيرة “مرحلة المراهقة ” وهكذا تتبلور شخصيَّة كل إنسان على أساس الفرص والإمكانيات التي يوفرها له المجتمع، ومن هنا تختبر قدرات واستعدادات الأنا المتراكمة لتكميل أو تميع المواهب والمهارات ليحدّد المراهق هويته وذلك بتواجده مع المحيط ووضع انطباعات الآخرين عن ذواته، ويكون أخطر شيء في هذه المرحلة هو غموض الدور، وينتج عن ذلك حالات فقدان الإحساس بالانتماء للذات [25] والضياع والتفكّك في مستوى العلاقة مع الذات وهو ما يعمّق أزمة الهويَّة لدى الشباب في مجتمعنا، ولعلّ المتابع لمشكلات أزمة الشباب اليوم، وفي ظلّ هذه التغييرات التي يعيشها العالم من جوانب مختلفة يمكن أن يرى عدّة إشكاليات تؤسِّس مشروعيتها من خلال اشتغالها على الملامح العريضة لدى هذا الجيل وقد أصبحت تلوِّح بقوّة في مظاهر الانحراف والتطرّف والإرهاب والخروج من معايير العقل الجمعي” مثال انهيار الخطاب الديني ” المغلق المتشدّد الذي يصور للمراهق عديد الأشياء التي اشتغلنا عليها في بحثنا هذا. وقد لاحظنا إن للجانب الثقافي دورا كبيرا خاصة في ظل انتشار العولمة [26]، واستغلال بعض الجماعات الإرهابيَّة لهذه الوضعيَّة النفسيَّة الهشَّة للشباب فكان تركيزهم عن الجانب الثقافي والجانب المادي، ولكن نشير إلى هذه الجماعات لها استراتيجيات أخرى، فبعد التغرير بهم للالتحاق بالجماعة لا يمكنهم الرجوع إلى الوراء، إمَّا التقدم إلى ساحة الحرب وإمّا الموت.
v دور العولمة في التمازج بين التهريب والإرهاب بالفضاء الحدودي
شهد الفضاء الحدودي بالجنوب التونسي منذ الحقبة الاستعماريَّة بداية القرن الماضي علاقات اجتماعيَّة وشائجيَّة بين الجهة الغربيَّة من ليبيا ومناطق الجنوب التونسي وساهمت بذلك في حراكيَّة ديناميكيَّة لتصبح منذ 2011 تشابكيَّة ساهمت فيها وسائل الاتصال الحديثة إلى جانب هشاشة الوضع الأمني، أصبح كل العاطلين عن العمل مهربين وكثرت الجماعات الإرهابيَّة والمليشيات الحدوديَّة، وقد يعني ذلك إن بعض المهربين في علاقات إستراتجيَّة مع الإرهابيين وأصبح الأمر يتعلّق بشبكات منظمة يصعب اختراقها، على الرغم من تشديد القوات العسكريَّة والأمنيَّة، ولكن هذه المجموعات نجحت في إدخال عديد البضائع كالأسلحة والأدويَّة وبعض أنواع المخدرات عن طريق بعض المهربين الذين لهم معرفة كبيرة بمسالك التهريب، وقد ساهم في ذلك بشكل كبير الوضع الأمني المنفلت في ليبيا والعلاقة بين المهرب والإرهابي التي أصبحت تخضع لإستراتيجيات خاصة الربح السريع، وهذا هدف المهربين الدخلاء وقد عملت بعض التنظيمات الإرهابيَّة على توسيع نشاطها بعد أن كان يعتمد على الغنيمة ثمّ إلى اللجوء إلى التهريب والذي تجاوز التهريب البسيط إلى المحظورات كالمخدرات والأسلحة، ولقد استغلت هذه التنظيمات الوضع العام كعدم الاستقرار الأمني أحيانا على الحدود التونسيَّة الليبيَّة وذلك بعقد صفقات مشبوهة مع المليشيات الليبيَّة لترويج الأسلحة والمخدرات،وفي نفس الوقت التمركز على الحدود لمحاولة فسح المجال للمهربين للمرور في أمان.
في ظل هذا التطور السريع لشبكات التواصل أصبحت العلاقات عن طريق الرموز أحيانا سلم تستلم، ومن هنا يمكن القول إنّ الفاعل الاجتماعي السلبي يقع استقطابه بسهولة سواء فكريا أو ماديا من قبل الإرهابيين ويصبح هوا لذي يقوم بتنفيذ عمليَّة التهريب بنفسه أو بواسطة مساعديه، لكن الفاعل الإيجابي لا يتدخل في تنفيذها مباشرة بل يعمل على دعمها كمسح الطريق من المليشيات، أو تموين المهرب بالسلع التي هي في الأصل ممنوعة أو محرمة وموصومة في نفس الوقت وفي كلتا الوضعيتين هنالك (تدخل ايجابي أو سلبي)، لأن الفاعلين يعتبرون شركاء في عمليَّة التهريب[27] حسب تصريحات الإرهابي الهاشمي المدني الذي أكّد تحول ثلاثتهم (وهم، ح الرطيبي، وج بن محمود و.) إلى مدينة بنقردان باتجاه ذهيبة تلافيا للدوريات الأمنيَّة القليلة العدد بذلك الطريق[28]. وبعد عدة استكشافات تمكنت هذه المجموعة وبالتنسيق مع شخص ليبي من جلب 16 قطعة كلاشينكوف وعدد 370 طلقه رصاص عبر مدينة ذهيبة بمقابل مادي قدره 6 آلاف دينار وهذه العمليَّة أمنها المدعو (ح، الرطيبي) بإخفاء البضاعة لديه[29]. وكان يعتمد بصفة كليَّة على التقنيات الحديثة كل هذه الجزئيات تعطينا فكرة واضحة عن مسرح العمليَّة بين الفاعل السلبي والفاعل الإيجابي،فاهتمام قوفمان بالجزئيات الدقيقة للحياة اليوميَّة هو ما نجده اليوم لدى بعض المهربين فهّم يعتبرون الحياة مسرحا فعندما يقع تداخل بين الذاتي والموضوعي في الممارسات اليوميَّة للفاعلين يكون للمهرب لغة قابلة للوصف وتحمل شحنة معنويَّة حيث إن المهربين لهم رموز مشفرة كما لهم تواصل غير لفظي ووجه لوجه وهنا يرى قوفمان “أن النفس ليست ملكا فقط للفاعل ولكنها نتاج لتفاعل مأسوي بين الفاعل والوضعيَّة من اللحظة التي تبرز فيها[30]،”عندما يتفاعل الأفراد لا يحتاجون إلى لحظة وصف وتأمل فاهم يعقدون الاجتماعات مباشر لكن خطاباتهم لا يفهمها إلا هم يقول “قوفمان ” انتبه للخطاب اليومي هو خطاب موضوعي لكنه محّمل بالمقاصد فكل خطاب له معان فالإرهابي عندما يقول في مجموعة من المجتمع “الشويهات سرحو اليوم” أو “الذيب غار البارح على السارح” هذا خطاب يومي نجده لدى الفاعل لكن يحتاج إلى الوصف والتأويل لدى من يفهمه خاصة المجموعة المعنيَّة بذلك فالحياة الاجتماعيَّة لدى الإرهابيين هي لعبة والاشتراك في اللعبة فيه اتفاق ضمني على قواعد اللعبة وذلك بالاشتراك في المعاني والدلالات بين الفاعلين الاجتماعيين،أي يضع الإرهابي نفسه مكان آخر لأنهم يحملون نفس الدلالات والإشارات وبذلك تصبح عمليَّة التواصل ممكنة في ما بينهم وتصبح الحياة كمسرحيَّة دون أن يفهم الغير وهنا يصبح للفاعل الاجتماعي عقل لخزن هذه المعاني ويدخل في هذه العمليَّة التفاعليَّة.
فالرموز في نظر الفاعلين هي عبارة عن حركة أو دلالة عن كلمات لا يعرفها غيرهم وكل رمز له معنى معين لدى الإرهابي ولهذه المعاني أهميَّة كبيرة ضمن مسار التفاعل، وهي معانٍ نتاج المتفاعلين مع بعضهم،من هنا يقع تداخل الإرهاب والتهريب، وتنشأ بينهما علاقة متينة فشبكات التهريب لا هدف لها سوى الربح المادي الكبير والسريع، فإذا توسَّعنا قليلا في الموضوع، وجدنا أن الإرهابي بحاجة ملحَّة للمهرب، حيث إن المجتمع لا يرى في التهريب جريمة تمسّ بالمصالح خاصة بعد هذا التطوّر التكنولوجي السريع في العالم التي أصبحت هي التي تحدِّد المكان والزمان لا يمكن فهم هذه الظاهرة وسرعة انتشارها على امتداد الفضاء الحدودي بالجنوب التونسي بعد سنة 2011 دون الرجوع إلى السياق العام الذي أفرزها وهو “مجتمع الشبكات “والعولمة المتخفيَّة “التي أثارت تحولات عميقة في هذا الفضاء على جميع المستويات الثقافيَّة والاجتماعيَّة والإقتصاديَّة والسياسيَّة أصبحت الحدود التونسيَّة والليبيَّة في ظل سياق بتعبير “أربارت شولتز” “الحدود- الشبكيَّة” أو بالتعبير الخلدوني “بالتّخم” أو كما تسمَّى في هذا الفضاء “تجارة الحد” “تجارة الخط “تجارة الشغل” أو كما يسميها البعض ” شبكات الحدود “[31] حيث أصبح تجار الحدود لهم علاقات مرتبطة بكل الشبكات التجاريَّة العالميَّة وتزامن هذا مع تبوُّؤ الصين مركز الصدارة بين دول العالم حيث حقَّقت استثمارات سنة 2011 تفوق ألف وخمسمائة مليار دولار[32] (1.524.4 مليار دولار) وبحسب بعض الدراسات التي تتضمَّن جانبا استشرافيا،ستبقى الصين محافظة على مركزها الأول في الأعوام المقبلة حيث أصبحت تشكل قوة عظمى ولعل هذا يشير إلى أنَّ أغلب السلع التي تدخل عبر هذا الفضاء الحدودي هي من الصين ولقد لاحظنا ذلك خلال تقنية الملاحظة المباشرة ويؤكّده أحد المبحوثين رفض ذكر اسمه من خلال دراسة الحالة يقول: “إننا نعتمد على خارطة الشبكة العالميَّة للتجارة الموازية تربط جلّ القارات وخاصَّة عديد البلدان العربيَّة والإفريقيَّة والآسيويَّة وليبيا، السودان، مصر، الصين، حيث يوجد ترابط بين الشبكات العالميَّة للتوزيع وبين المهربين دون أن يعرفوا بعضنا،في أغلب الأحيان يكون التعامل والتبادل بأسماء مستعارة “ومن هذا المعطى نلاحظ إنَّ الشبكات التجاريَّة التونسيَّة الموازية تنخرط هيكليا وتنظيميا في سباق العولمة المتخفيَّة أو بمعنى أدق كما يقول “كاستالز “قوة الروابط الضعيفة “وبذلك تنجح هذه الشبكات العالميَّة في السيطرة على العالم وعلى المجتمع المستهلك وخاصة البضاعة الموصومة، أي السلع المقلَّدة التي لا تلتزم بمعايير الجودة التي تميّز البضاعة الأصليَّة، ومن هذا المنظور الفني تنعت هذه البضاعة بالوصم فهي بضاعة موازية وتغري المستهلك لسعرها الزهيد وهي بضاعة مصنوعة بتكنولوجيات أمريكيَّة في الصين ودول جنوب آسيا وبتمويل من مؤسَّسات ماليَّة أمريكيَّة تكون معدَّة للتصدير لأسواق دول الجنوب حصريا وتمنع منعا باتا من الدخول لأسواق دول الشمال التي تخصص للبضائع ذات المعايير الأصليَّة حيث تشدّد الرقابة على جميع المنتجات، ففي الغرب بصفة خاصة ينظر إلى هذه البضاعة نظرة الوصم لأنها بضاعة مقلدة وزهيدة وقد يعني ذلك أنها توفر مرابيح كبيرة وهذا ما ساهم في انتشارها عبر مجموعات ديناميكيَّة لها علاقات مع شبكات التجارة في المجال الحدودي التونسي الليبي وخاصة بعد الثورة التونسيَّة سنة 2011 وساهمت فيها بشكل كبير العولمة المتخفيَّة وكان لها الدور الفعال في ترويجها في كامل تراب الجمهوريَّة، ومنذ سنة 2011 شاهدت تطورا كبيرا خاصة على مستوى الشراء والنقل، ممَّا يدفع باتجاه أن العولمة اليوم سهَّلت طرق التواصل في جميع الأسواق بالعالم، فالمهرب اليوم أصبح طرفا في هذه الأسواق العالميَّة وفرض نوعيَّة البضاعة وقيمتها من مكانها الأصلي عبر هذه التقنيات الحديثة، فإذا ألقينا نظرة على الخارطة العالميَّة للتجارة الموازية نجد هذه الأسواق في جل القارات وخاصة البلدان العربيَّة والإفريقيَّة والأسيويَّة فهي تنخرط في هيكلها وتنظيمها سياقيَّة العولمة المتخفيَّة وتفتقر إلى أبسط مقومات الهويَّة ومن هنا يمكن أن ندرك مدى ترابط مفهوم التهريب بمفهوم التزوير وعملياته، ويمكن القول إن التهريب جزء من الإرهاب الغذائي، لأنَّ أغلب المنتجات المهرَّبة تفتقد إلى الهويَّة الأصليَّة والملكيَّة الأصليَّة وتخطي مسألة تقليد السلع الاستهلاكيَّة والعملة وتدليس السيارات في الفضاء الحدودي باهتمام واسع، وهذا يفهم منه أن المهرب اليوم لا تعنيه نوعيَّة البضاعة بل قيمة المرابيح ولكل بضاعة لها مختص فمثال السيارات تجد الميكانيكي والعملة أعوان الصرف في السوق السوداء، ولعل هذا يبيِّن لنا أنَّ كل شبكة مختصَّة حسب إختصاصها، وهوما يجعل لكل بضاعة مقلَّدة أرضيَّة خصبة تتنامى، وكذلك تتنامى عصاباتها وفي نفس الوقت لها عديد الآثار على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، حيث تؤدِّي عمليات التهريب إلى بروز طبقات مستفيدة من اللاعبين الكبار (مافيا التهريب) الذين يتسبّبون في التأثير سلبًا على البيئة الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة وحتى السياسيَّة، فالذين يمارسون عمليات التهريب يجنون من وراءها مرابيح طائلة وفي نفس الوقت يقومون بغسل الأموال لإدخالها في الدورة الاقتصاديَّة دون الاهتمام بالجدوى الاقتصاديَّة لاستثمار هذه الأموال بما يعارض هذا القانون والقواعد الاقتصاديَّة وهو على حساب التنظيم، كما يسبِّب بعض الآثار على المجتمع ويحقِّق منافع لفئات معينة في المجتمع، ولعل هذا يشير إلى أنَّ التهريب يؤدّي إلى التأثير السلبي على مصداقيَّة السياسيَّة الاقتصاديَّة ويقوّض ثقة المنظمات الماليَّة والاقتصاديَّة بإقتصاد البلد وتبقى محاولات الإصلاح الاقتصادي عقيمة بسبب ضعف الاقتصاد الوطني ويؤدّي إلى زيادة في معدّلات التضخّم عن وضعها الحالي بسبب زيادة معدلات الطلب، مما يؤدي ذلك إلى زيادة معدلات أسعار ببعض المواد الاستهلاكيَّة فضلا على تطور بعض القطاعات وتدمير الصناعة المحليَّة نتيجة عدم تكافؤ من جراء دخول السلع الأجنبيَّة بدون دفع رسوم وأداء ديوانيَّة، مما يجعلها رخيصة أمام المستهلك المحلي الذي يحجم بدوره عن شراء المنتجات المحليَّة، وينجم عن ذلك انخفاضًا في مردوديَّة هذه المنتجات من حيث آثارها على المؤسسة خاصة الصناعيَّة والزراعيَّة وبذلك تختفي السلع المحليَّة تدريجيا من الأسواق تاركة مكانها للسلع الأجنبيَّة ويتسبب هذا الاختفاء في غلق المؤسسات وتسريح العمال وهذا ما يؤدي إلى ارتفاع البطالة، وقد مثلت العولمة أحد أهم الفاعلين فيها وهذا ما نتجت عنه هجرة داخليَّة للفضاء الحدودي بالجنوب التونسي فلقد لاحظنا في السنوات الأخيرة حركيَّة بشريَّة وتجاريَّة لم تشهدها المنطقة من قبل من كامل تراب الجمهوريَّة ساهمت فيها عدة عوامل كهشاشة الوضع الأمني بتونس وغياب الدولة في ليبيا، أدت إلى غلاء المعيشة جراء تهريب المواد الغذائيَّة الأساسيَّة والأدوية والمنتجات الفلاحيَّة نتيجة الأزمة في ليبيا وأصبحت كل المسالك الموازية التي تؤدي إلى ليبيا رغم تدخل الجيش والحرس والديوانة في عديد من المرات وبذلك تم القبض على العديد من المهربين وحجز عدة أنواع من السلع والعملات الأجنبيَّة، وأقراص المخدرات ولكن بقيت مقاومة الظاهرة جدا متواضعة أمام الحجم الحقيقي للتهريب ونفهم من هذا أن بعض شبكات التهريب والإرهاب لهم تنظيم خاص بها، ويفهم من هذا أنها صنعت لنفسها مكانة خاصة بها على الشريط الحدود خاصة من جهة ذهيبة وأصبحت وسائل التواصل هي المحددة لتواصل وقد سجلت اللجنة الفرعيَّة لمقاومة التهريب المتمثلة في الوزارة الأولى، تزايد نسبة التهريب بنسبة 330 % مقارنة بـ2011 حيث استنتجنا تطور نشاط الفاعلين حتى بعد سقوط بعض رؤوس شبكاتها في قبضة الأمن واشتملت ظاهرة التهريب إستراتيجيات أخرى هذه الفترة بتهريب بعض البضائع لأخرى أهمها الذهب والأسلحة والأدويَّة والعملة الصعبة وتطورت بعض السلع الموازيَّة التي فرضتها شبكات تهريب تقليديَّة منذ الثمانينات وبعد 2011 إستغلت هذه الشبكات خبرتها على الحدود وأصبحت منتشرة على الفضاء الحدودي تقودها مجموعات شبابيَّة إنخرطت فيها أخيرا وانتشرت العلاقات عبر التطور السريع للعولمة وأصبح لوسائل التواصل الافتراضي دور كبير في عمليَّة تبادل السلع بما فيها عمليات الشراء والبيع عن بعد وخاصة من بعض الدول” كاوشنقاي الصينيَّة وروسيا واتشاد والخرطوم (السودان) وطرابلس (ليبيا) ” حيث تحول الفضاء الحدودي من مجتمع تقليدي تربطه روابط اجتماعيَّة وثقافيَّة وسياسيَّة إلى مجتمع شبكي تربطه شبكات تواصل فتغير مفهوم المجتمع من مجتمع تقليدي إلى “مجتمع شبكات “فالمجتمع الذي كان ذو صفة ستاتيسكيَّة ثابتة وله وجود نهائي ومعطى مقدّم سلفا سابق للفرد، لم يصمد أمام التحوّلات العالميَّة وأمام التطوّر السريع لوسائل التواصل فكيف نفهم المجتمع ومن منظور شبكي سوسيولوجي إنثروبولوجي ؟
مما يفهم نشأة مجتمع جديد،فالمجتمع لم يعد ثابتا ساكنا بل هو متغيّر ومتحرّك “يتشكل ثم ينحلّ ثم لا يلبث ويتشكل من جديد ” وهذا التشكّل والانحلال والتغيّر الذي يطرأ إنما هو ناتج عن التفاعل الاجتماعي،فالفاعل الاجتماعي له ذات تتمثل التنشئة الاجتماعيَّة وتستنبط ولكنها تفعل فيها فعلها استنادا إلى العقل الذّي يوجّه ويعدّ فالمجتمع هنا لم يعد معطى جاهزا بل أصبح بناء يساهم فيه الفاعلون الاجتماعيون ولماّ كان الفاعلون عدّد فإن كل واحد منهم سيساهم في الفعل وسيتخذ موقفا يختلف عن الآخر وفق ذاته المخصوصة، وسيصبح المجتمع عبارة عن ركح مسرحي يلعب فيه كل فاعل دورا وخلال لعب الأدوار وتقمصّها سيتخّذ كل فاعل اجتماعي لنفسه قناعا يلبسه بحسب الأدوار التي يلعبها ومن هنا حاول عالم الاجتماع كاستالز أن يقدم مقاربات وبعض المفاهيم المتعلقة بالمجتمع الشبكي والتي تعد من صميم الانتقال إلي نظام التقنيات العالميَّة في مجتمع المعرفة والتي ساهمت بشكل كبير في الانتقال من الروابط القويَّة المباشرة إلي الروابط الضعيفة أي نجاعة العولمة عبر الاتصال الرقمي فيمكن القول آن كاستالز قد أسس رؤية مغايرة لبعض أنماط المجتمعات المعاصرة وبذلك تغيرات العلاقات الاجتماعيَّة لتصبح مجموعة معقدة في التفاعل إلى جانب المعضلة الحتميَّة لتقنية فأصبحت التكنولوجيات هي المجتمع والمجتمع هو الأداة.
الخاتمة:”
يمكن القول إن أفضل طريقة لمواجهة تحديات العولمة هو نشر الوعي بضرورة الانخراط في معركة البناء فليس بمقدور أي انسان الانفلات من تأثيرات العولمة على المستوى الفردي أو الاجتماعي، ولذلك على المجتمعات العربيَّة والإسلاميَّة التأقلم الإيجابي والانخراط في المعترك الثقافي العالمي، وذلك لحماية الشباب من سلبيات العولمة عن طريق إقحام كل الشرائح الاجتماعيَّة بهيئاتها المختلفة ومؤسساتها الحكوميَّة أو المؤسسات التربويَّة وحتى الأسرة بالبرمجة الصحيحة والمراقبة الواعية والتوظيف الفاعل والإيجابي لهذه الوسائط للحفاظ على الثقافات المحليَّة وتطويرها والبعد عن الذوبان داخل قوالب الهويات العولميَّة حيث تبين لنا أن ما شهدته منطقة بنقردان ليس وليد الصدفة، بل إن هذه التنظيمات كانت تعمل على استقطاب الشباب منذ مدة وكانت ركزت، في عمليَّة الاستقطاب على الجانب الثقافي والمادي في مرحلة أولى ثم وظّفت الجانب العقائدي في مرحلة ثانية، وركزت علي الخلايا النائمة، ففي البداية كانت هذه الجماعة تعمل علنا نظرا لغياب الدولة ولعدم انتباه الجميع ،ثم بعد ذلك اتخذت أسلوب تكوين خلايا نائمة ووفرت لهم كل أساليب النجاح في الاستقطاب وركزت خاصة عن عامل البطالة والجانب الثقافي والمادي فالثقافة الغربيَّة[33] أصبحت تخترق الحدود انطلاقا من ترويج النماذج الثقافيَّة ذات الطابع الغربي[34] وألغت بذلك إمكانيات التثقف كخيار تطوعي، ولعل ذلك من أبرز مخاطر ظاهرة العولمة التي باتت تهدد الهويَّة العربيَّة الإسلاميَّة لدى الشباب.
ويمكن القول اليوم إن مرحلة الشباب من أهم المراحل الخطيرة على الإطلاق، ومما لا شك فيه اليوم، أن المرجعيات الثقافيَّة المتعدّدة تجعل الشاب لا يشعر بالانتماء ولا يملك هويَّة متميزة[35]، كما إن الماضي يعجز عن علاج مشكلات الحاضر، ومن مؤشرات الخطر التي يواجهها الشباب العربي اليوم هو الانسياق مع الثقافة العالميَّة، والتشبث ببعض قشورها وتغلغل الثقافات الأجنبيَّة في عقله.
قائمة المراجع
أ- المراجع العربيَّة:
التائب كرشيد {عائشة}حركة الهجرة السريَّة والتجارة الموازيَّة عبر الحدود التونسيَّة الليبيَّة وظاهرة التهريب بأقصى الجنوب التونسي، أطروحة دكتوراه جامعة تونس،1996-1997. ص 219
عاطف غيث {محمد}، قاموس علم الاجتماع، دار المعرفة الجامعيَّة، مصر، 2002 ص 316
باعشن علي عبد العزيز،أزمة الهويَّة الثقافيَّة لدى الشباب العربي
أزمة الهويَّة عند الشباب المسلم.
عماد عبد الغني، سوسيولوجيا الثقافة، المفاهيم والإإشكاليات من الحداثة إلي العولمة،بيروت،مركز الدرسات الوحدة العربيَّة،2006،ص294.
عبد الحميد طلعت وأخرون تربيَّة العةلمة وتحديات المجتمع،القاهرة دار فرحة،2004،ص،53.
الذوادي مجمد،بعض الجوانب الأخرى لمفهوم التخلف الأخر في الوطن العربي،الوحدة،السنة 5،العدد،50نوفمبر 1988،ص،81
بكار عبد الكريم،العولمة،عمان:دار الإعلام،2002،ص،84
ب- المراجع الفرنسيَّة:
[1]GRAWITZ M .méthodes des sciences. Sociales.10édition .Dalloz 1996.page 318WILLIAM Kornhuse.The Politics Of MassSociety.glenco.free.1959
[1]” طه عبد الرحمان روح العولمة والمستقبل ” الأربعاء 28 يناير 2004 ظن www.tahaphilo.com
[2]جون توملينسون: تحديات العولمة وآثارها على العالم العربي، ” مجلة اقتصاديات شمال افريقيا، عدد 6، ص 24.
[3]محمد عابد الجابري: العولمة ومسألة الهويَّة بين البحث العلمي والخطاب الاديولوجي، www.minculture.gov 04-04-01-11-01-2011
[4]سلسلة كتاب المعرفة (7) نحن والعولمة من يربي الآخر، بحث للأستاذ أسعد السحمراني، أستاذ بكليَّة الامام الأوزاعي بلبنان، بعنوان تسويق الاستهلاك وترويج الكاوبي والهامبرجر، الطبعة الأولى 1420 هـ / 1999م، ص 129 .
[5]الجرجاني، التعريفات، دار العالم الكتب، بيروت، الطبعة الأولى 1407 هـ / 1987 م، ص 314
[6]محمد عمارة، مخاطر العولمة على الهويَّة الثقافيَّة، دار نهضة مصر للطباعة والنشر ـ الطبعة الأولى، فبراير 1999 ص6
[7]ندوة الهويَّة العربيَّة عبر حقب التاريخ، للمدة 25 – 1997/ 6/ 26 م، المجمع العلمي تغداد الكلمة الافتتاحيَّة للندوة، ص: 7 .
[8]رشيد عويدة، www. Maaber.iergLisue- octobre 12/ edtorial .htm
[9]جون فرانسوا ماركييه، مرايا الهويَّة، الادب المسكون بالفلسفة، ترجمة .كميل داغر، مراجعة لطيف الزيتوني، بدعم من مؤسسة الفكر العربي، دار النشر، المنطقة العربيَّة للترجمة، ط1، 2005، ص 13 .
[10]الجابري، مقاله، تشكل الهويَّة العربيَّة، المنثورة بجريدة الاتحاد الاشتراكي، العدد الصادر بتاريخ 6 افريل 2010.
[11]المعجم الفلسفي اصدار مجمع اللغة العربيَّة الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميريَّة القاهرة / 1979 /208 .
[12]معجم مصطلحات العلوم الاجتماعيَّة: أحمد زكي بدوي / مكتبة لبنان، بيروت، ط1، 1977، ص 185 .
[13]معجم علم لنفس: فاخر عاقل، دار العلم للملايين بيروت، ط1 1985 م، ص 55 .
[14] Castelles Manual (200 1), la société en réseau, l’ere de l’information, Edition Foyard, Paris, p576.
[15] Ibid, p19
[16] Guy Parmentier, Sylvie Rolland0les « consommateur des mindes virtuels ; Construction identitaire et expérience déconsommation dans Second Life », Recherche et Application en Marketing 2009, vol, 24, n3, p43.
[17] Ibid, p, 46.
[18] الصادق رابح، “الأنترنت كفضاء مستخدم لتشكيل الذات”، المجلة المصريَّة لبحوث الرأي العام،8(2)،2007، ص266.
[19] CastellsL Manual informationalism Networks .and the Networks .and the Network Society a Theoretical Blueprint in Manuel Castells ED The Network Society Across – Culniral Perspective Northamption .MA. Edward Elgar.2004
[20]GRAWITZ M .méthodes des sciences. Sociales.10édition .Dalloz 1996.page 318
التائب كرشيد {عائشة}حركة الهجرة السريَّة والتجارة الموازيَّة عبر الحدود التونسيَّة الليبيَّة وظاهرة التهريب بأقصى الجنوب التونسي، أطروحة دكتوراه جامعة تونس،1996-1997. ص 219
عاطف غيث {محمد}، قاموس علم الاجتماع، دار المعرفة الجامعيَّة، مصر، 2002 ص 316
باعشن علي عبد العزيز،أزمة الهويَّة الثقافيَّة لدى الشباب العربي
_________________________________________________________________________
WILLIAM Kornhuse.The Politics Of MassSociety.glenco.free.1959..،
أزمة الهويَّة عند الشباب المسلم.
[27] Gérarad Vekna et al: la grande triche_ethique, corruption et effaires international. Edition la décoverte, Paris p76
[28] -إعترفات الإرهابي الهاشمي المدني خلال استنطاقه في 23/10/2014 في ملف واقعة شباو واد الليل موضوع قرار ختم البحث عدد 32518/3
[29] ملف واقعة شباو وادي الليل، مرجع سبق ذكره
[30] Goffman Irving La mise en scène de la vie quotidiene ; la présentation du soi, les Editions de Menu ite ,1973, p150
[31]Christiane Arbaret-Schulz (et al) (GROUPE Frontière),La Frontière, un objet spatial en mutation, Espaces Temp,net 29/10/2004 .
[32] Conférence des Nations unies sur le commerce et le développement (CNUCED),Rapport sur l’investissement dans le monde 2012,vue d’ensemble ,Vers une nouvelle génération de politiques de l’investissement (NEW York GEN2VE nations unies,2012.
الدكتور الحسين السعيدي
جامعة صفاقس