أدبالتنويري

في الحاجة إلى التدبير العقلاني لوزارة الثقافة المغربية

المرصد المغربي للثقافة

يبدو أن وزارة الثقافة تحمل ضغينة تجاه مدينة الدار البيضاء بمثقفيها ومنتخبيها وسكانها، وأنها لم تُقدر جيدا التكلفة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية لخطوتها الثانية في حرمان المدينة من معرض حمل اسمها لمدة ربع قرن وما يزيد. وإذاكان حرمان المدينة من ذلك خلال السنة الماضية قد تم بتعليل وطني، فإن مسوغات ذلك خلال هذه السنة معدومة، وتبدو سوريالية، وعدوانية،وغير عقلانية. وإذا أردنا البحث لها عن تعليل ممكن فإننا لن نجده خارج الارتجال الذي يطبع عمل الوزارة باستفرادها بالقرارات التي كان دوما للشركاء رأي فيها.

هكذا، تدبر الوزارة الشأن الثقافي بعقلية الملكية الخاصة التي يحلو لصاحبها أن يفعل فيها وبها ما يشاء، مع تجاهل تام لمن يعنيهم أمر الثقافة، سواء أتعلق الأمر بالهيئات والمنطمات ذات الصلة، أو صناع القطاع من دور نشر وغيرها، ناهيك عن الاستهتار التام برأي المثقفين ومواقفهم.

وإذا كنا قد تعودنا من وزارة الثقافة الحالية هذه المواقف غير الناضجة، فإننا نستغرب صمت الجهات المعنية بتدبير الشأن المحلي بالدارالبيضاء، نقصد بذلك مجلس المدينة، والمنتخبين الذين يتأبطون الصمت في قضية يُعد الصمت فيها مشاركة. ذلك أن نقل المعرض من الدار البيضاء إلى الرباط يضعف الموقف السياسي للهيئات المشرفة على تدبير المدينة قبل إضعاف الثقافة والمثقفين، كما يقوي وضع مدبري الشأن المحلي في الرباط مع ما يعنيه ذلك من تقوية طرف سياسي على حساب آخر.

إلى جانب هذه الاعتبارات فإن:

– نقل معرض كانت جميع دوراته ناجحة لا يفسر إلا بالتدبير غير العقلاني للوزارة؛

– برمجة المعرض في تاريخ مغاير لتوقيته السنوي، وبصورة لاتراعي برمجة المعارض الدولية سيحدث ارتباكا لدى الناشرين، حيث إن برمجة المعارض الدولية تكون محددة التواريخ سلفا؛

-برمجة المعرض في تاريخ غير التاريخ الذي جرت العادة أن ينظم فيه بالدارالبيضاء يفسر سوء نية الوزارة،إذ لما كان التاريخ مختلفا، فما المانع من تنظيم معرض الرباط، وترك المعرض الدولي للكتاب بالدار البيضاء في تاريخه المعتاد؟

– كيف تفسر الوزارة التخلي عن واحد من أكبر فضاءات العرض في العالم (معرض الدارالبيضاء) بقاعة بمئات الأمتار دون سواري تحجب العرض، واعتماد شركات للتهيئة الظرفية مع ما يعنيه ذلك من تبدير مالي؟

-لا تعبر هذه الآراء عن موقف سلبي من الرباط، أو الانتصار للدار البيضاء، فكل فضاءات المغرب من طنجة إلى الكويرة واحدة، وعلى الدرجة نفسها من القيمة والاعتبار، وإنما  هو موقف من التدبير العشوائي للوزارة مع  ما يتطلبه ذلك من اتخاذ مواقف حازمة بدايتها الانتقاد، ونهايتها المقاطعة التامة للمعرض وأنشطته من قبل المثقفين الحاملين هم الثقافة، وغير المتاجرين بها.

المرصد المغربي للثقافة


اكتشاف المزيد من التنويري

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.