أدبالتنويري

اختتام الدورة الرابعة لمهرجان الشعر المغربي بمراكش

مقام شعري وموسيقي يضع فهرس الدورة الرابعة

حج المئات من جمهور الشعر إلى حديقة “عرصة مولاي عبدالسلام”، مساء الأحد 13 نوفمبر، ضمن احتفاء دار الشعر بمراكش بالشعر والشعراء المغاربة في اختتام مهرجانهم الشعري الرابع بمدينة مراكش التاريخية، في اتساق مع هوية المهرجان وأيامه حيث حافظ الجمهور على شغفه اليومي للفعاليات. وصدح صوت الفنانة نبيلة معن، في لحظة تمازج شعري وفني أرخى “قداسا” على المكان، بين القصيدة والعزف تغني الفنانة نبيلة معن . قرأ الشاعر محمد بلمو يومياته الخاصة بالحجر الصحي، وتنقلت الشاعرة زكية المرموق بين صورها واستعارتها الشذرية القصيرة، في حين التأمت “انجراحات” الشاعر كمال أخلاقي وهو يصيغ مساحة البياض بين ظلال الشجر والجمهور، في لحظة حسية خاصة، انفلتت في لحظة بين الشاعر وجمهوره. فقرة “رؤى شعرية”، سهرت الشاعرة مريم الميموني على تنسيق لحظاتها، فيما خص الثلاثي، وصال حاتم وياسين الرازي ومحمد آيت القاضي، مفتتحها بلحظة فنية من الطرب الأصيل.

وحطت “فراشات الشعر”، من مرتفقي ومرتفقات ورشات الكتابة الشعرية للموسم الخامس، بحديقة “روابي” صبيحة يوم الأحد، ضمن احتفاء خاص بما يزيد عن مائة مستفيد. وحضر سعادة الدكتور عبدالله لعويس، رئيس دائرة الثقافة في الشارقة، والأستاذ محمد القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية في الدائرة، والأستاذ رشيد المسطفى رئيس قسم التعاون بوزارة الشباب والثقافة والتواصل، لفعاليات توزيع شواهد المشاركة والإستحقاق، في احتفاء خاص بعشاق الشعر وتخطيط قبلي، لدار الشعر بمراكش، لمستقبله.

شعراء قادمون من المستقبل، والأطفال يلتقون في “دارهم”

وقدم الشاعر بدر هبول فقرة قصيدة مغربية، بعد مقامات على الناي من أداء الفنانة مينة الجواوي، قرأ الشاعر اسماعيل آيت إيدار “أصيص” من مجازات القصيدة، عابرا إلى مساحات تشغل الشاعر اليوم. عن المعنى ومجازاته، اختار الشاعر عدنان عبدالحق أن ينسكب على البياض، عابرا بقصيدته فيما يشبه التماس بين اللغة والمعنى واللامعنى. ولأنه مهرجان الشعر والشعراء المغاربة، بالجمع، قدمت الشاعرة سالمة لحميدي بعضا من عيون الشعر الحساني، ضمن إبداعاتها وسفرها في “سحر لغنا”، فيما كرست الشاعرة الأمازيغية ملعيد العدناني صوتها المتفرد في القصيدة الأمازيغية. شاعرة تفرد بحس حداثي مساحات، وتصبغ على النص الشعري انشغالا خاصا بتيمة الراهن اليوم.

وقد شهدت حديقة عرصة مولاي عبدالسلام، عصر يوم الجمعة 11 نونبر، الانطلاقة الفعلية لفعاليات الدورة الرابعة من مهرجان الشعر المغربي، والذي نظم على امتداد ثلاثة أيام، وشهد مشاركة أكثر من أربعين مبدعا وناقدا وفنانا. وانطلق حفل الافتتاح بعرض شريط وثائقي يوثق أهم لحظات الموسم الخامس لبرمجة دار الشعر في مراكش، ويسجل محطات الدار الثقافية على مدى العام. وأكد الأستاذ عبد الإله عفيفي، الكاتب العام لوزارة الشباب والثقافة والتواصل، قطاع الثقافة على الأهمية التي أضحت تحتلها دار الشعر بمراكش، في المشهد الثقافي المغربي والعربي، وهو ما يزكي هذا التعاون الثقافي المثمر والخلاق القائم بين وزارة الشباب والثقافة والتواصل المغربية ودائرة الثقافة في الشارقة، كما ثمن التميز الذي رافق أنشطة دار الشعر في مراكش منذ تأسيسها. من جهته، ألقى سعادة الدكتور عبدالله العويس كلمة تناول فيها أهمية استمرار الفعاليات الثقافية في تعزيز العلاقات بين مثقفي الوطن العربي، من مشرق الوطن العربي الكبير إلى مغربه، منوها بمبادرات دار الشعر بمراكش، وبرمجتها الغنية واحتفائها بالشعراء والتجارب الشعرية على تنوعها.

معرض حروفيات 7/7 وماجدة اليحياوي تحيي حفل الافتتاح

افتتح “الحرف” الديوان الرابع لدار الشعر بمراكش، وانطلق مهرجان الشعر المغربي بمعرض حروفيات 7/7، بمشاركة سبعة فنانين مغاربة حروفيين قدموا لوحاتهم طيلة سبعة أيام، وشارك محمد تيفردين، وعبد الرحيم حمزة، ورشيد زيزي، وأرشكيك لمليح، وعبد الإله الهلالي، وعبدالله بوركا، ولحسن الفرسيوي، فيما قدم الباحث الدكتور محمد البندوري لوحات حاملة لحس حوار شعري وفني. وقدم الفنان رشيد زروال معزوفة فنية على آلة الناي، وهي مقاطع من انشغالاته العميقة والتي يطور من خلالها مشروعه البحثي الموسيقي، في سفر بين ألوان موسيقية كونية وتراثية.

وقدم، كل من الشاعر والباحث نجيب خداري والشاعر والناقد الدكتور نورالدين الزويتني، أسماء الفائزين في مسابقة دار الشعر بمراكش، والموجهة للشعراء والنقاد والباحثين الشباب، الدورة الرابعة من جائزتي «النقد الشعري»، و«أحسن قصيدة»، وتأتي الجائزتان ضمن فعاليات الدار، وفي سياق اهتمامها بالتجارب والأصوات النقدية والشعرية الجديدة، ودعمها للمواهب الشابة، والعناية بنتاجهم الإبداعي. وهكذا توجت لجنة التحكيم المسابقة، في جائزة «النقد الشعري»، نال المركز الأول الناقد مبارك أبعزي عن بحثه الموسوم ب «الانزياح في الشعر الأمازيغي»، وحل في المركز الثاني، مناصفة، كل من الناقد عبد الحق وفاق عن بحثه “القصيدة المغربية الحديثة والمعاصرة بين القطيعة والامتداد: من الثلاثينيات إلى الحساسية الشعرية الجديدة”، والناقد نبيل الهومي عن بحثه “جماليات الابداع في شعر السهيلي (ت 581ه) : التناص والأسلوب”، فيما جاء ثالثاً، في صنف المقالة النقدية”، الناقد سعيد موزون عن بحثه «التشكيل النصي وبناء الخطاب في ديوان» حدثنا مسلوخ الفقروردي لأحمد بلبداوي”.

وفي جائزة «أحسن قصيدة» جاء المركز الأول مناصفة بين الشاعرين حمزة الخازوم (قصيدة سيرة دائمة لأمنا الأرض) وفريد عبد الرحيم (أمنا التي ذبحت)، وتناصف يوسف كوزاغار (قصيدة رؤى) وعبدالله آيت بوذيب (قصيدة نجوى الأرض) المركز الثاني، وحل في المركز الثالث مناصفة عمر راجي أمنار (قصيدة أمازيغية) وعيني امنيصير (حساني، وقد اختارت لجنة التحكيم القصائد الخاصة للنشر في الديوان الجماعي “إشراقات شعرية”. بعد تتويج الفائزين اختار مهرجان دار الشعر بمراكش الاحتفاء بالتنوع الثقافي المغربي، ومن خلال تكريم باذخ جمع أطياف القصيدة المغربية. وهكذا اختارت الدورة الرابعة تكريم الشاعر والباحث أحمد بلحاج آيت وارهام، احتفاء بعطاءاته ومنجزه الشعري والبحثي. فيما شكل تكريم الشاعرة (الحسانية) خديجة لعبيدي “ناها”، احتفاء بأصوات شعرية نسائية من الجنوب المغربي، تميزت بتجربتها الإبداعية. أما الشاعر محمد واكرار، فيعتبر اليوم أحد أهم الأصوات الشعرية الحديثة في المنجز الشعري الأمازيغي، بل استطاع أن يعطي ملمحا حداثيا لهذا المتن.

قصائد الشعراء في حدائق الشعر المفتوحة

خطت الفنانة ماجدة اليحياوي وفرقة الجيلالي امثيرد لفن الملحون، ألق ليلة الافتتاح، فيما كان الشعراء: عبدالدين حمروش وأمينة لمريني وحمزة الخازوم (الشاعر الشاب المتوج، مناصفة، بجائزة أحسن قصيدة)، يكتبون ديوان الليلة الأولى من أماسي الشعر المغربي والشعراء المغاربة. الشاعر عبدالدين حمروش، من خلال نصوص قصيرة يربط الذات بأول الكلمات والأشياء، أما الشاعرة أمينة المريني فتربط سكنها الروحي بملاذ القصيدة، في حين أعاد الشاعر حمزة الخازوم، أحد أشبال ورشات الكتابة الشعرية لدار الشعر بمراكش، والذي تم اختياره ضمن مسابقة أمير الشعراء هذه السنة، أن يعيد تذكيرنا بالأرض ورسالتها النبيلة. الفقرة الثانية “ضفاف شعرية”، والتي انتظمت بفضاء أحمد الشرقاوي إقبال، ونسق فقراتها الشاعر مراد القادري رئيس بيت الشعر في المغرب، قدم الشاعر المكرم محمد واكرار قصيدة “المرآة”، والتي ترجمت إلى العديد من اللغات، بينما اختارت الشاعرة أسماء إدعلي أوبيهي، أحد الأصوات الجديدة في القصيدة العمودية، أن تقدم نصا سيريا تعريفيا، وخصت الشاعرة دليلة فخري، الحضور المتعطش للقصيدة، بنصوص زجلية تعتمد السخرية مع “تلوين” القصيدة بميسم الحب.

وشهد فضاء فندق روابي، عصر يوم السبت (12 نونبر)، تنظيم فقرة محاورات مع مكرمي الدورة الرابعة لمهرجان الشعر المغربي: خديجة لعبيدي الناها؛  أحمد بلحاج آيت وارهام؛  محمد واكرار. وسهر على تقديم، هذه الفقرة، الإعلامي والشاعر حسن بن منصور. وكشف المكرمون، بعضا من تفاصيل علاقتهم بالشعر، ومسارهم الإبداعي الحافل كما تم اختيار بعضا من المقاطع الشعرية في استدعاء لبنية النص الشعري (الفصيح، الامازيغي، الحساني). ختم الشاعر أيت وارهام، محاورات، باستعارات النظر، خصوصا نظرة الشاعر إلى الأفق اللانهائي.

انتقل جمهور الشعر إلى حديقة عرصة مولاي عبدالسلام، مساء، حيث تواصلت الأماسي الشعرية بفقرة “نبض القصيدة” بمشاركة الشعراء : نورالدين الزويتني، فاتحة مرشيد، حسن الوزاني، وبوجمعة العوفي وتقديم الشاعر والإعلامي مصطفى غلمان. الشاعر نورالدين الزويتني، المنشغل بالنص الشعري العابر لجغرافيات القصيدة الكونية، والشاعرة فاتحة مرشيد القريبة من شجن الذات وأسئلة كينونتها. قرأ الشاعر حسن الوزاني عن نساء في المترو وعن برج الدلو، في لحظة تماهي بين القصيدة وشاعرها. واختار الشاعر بوجمعة العوفي، وضمن حواريته الجمالية، نسقا داخليا يعبر بالقصيدة إلى آقاصي المجازات.

كان لثلاثي “دار آلة العود”، عزالدين دياني وعصام العلوي الاسماعيلي وعمر أبو كاض، أن يفتتحون “نبض” الشعر بنبض تقاسيم العود، هذه التجربة التي ترعاها دار الشعر في مراكش. وضمن فقرة “أبجديات وكوريغرافيا” حاور الفنان والشاعر السعيد أبو خالد، أداء ممسرحا، الفنان والشاعر عبدالله إمهاه، ضمن فقرة ثابتة ترسخ عمق حوارية الشعر والفنون. بين القصيدة والحضور الجسدي التعبيري للفنان على الخشبة، بين شدو المغني على العود بالقصيدة، مزج بين أنماط القول الفني.

الشعر وأسئلة التعدد: أسئلة القصيدة ورهانات التحول  

شهد مدرج الشرقاوي إقبال بكلية اللغة العربية بمراكش، تنظيم منتدى المهرجان حول موضوع “الشعر وأسئلة التعدد”، بمشاركة النقاد والباحثين: سعيد العوادي، منتنة ماء العينين، مبارك أبعزي. وأشرف على تأطير الندوة الشاعر مراد القادري، رئيس بيت الشعر في المغرب. ولعل اختيار، محور ندوة المهرجان، “الشعر وأسئلة التعدد” يترجم هذه الإرادة المؤسسة، والتي ظلت حاضرة دوما في برنامج دورات مهرجان الشعر المغربي، أن يكون التنوع الثقافي، والذي يشكل غنى وإخصاب للتجربة الشعرية المغربية، أفقا وهوية خالصة وخلاقة لهذه المبادرة الثقافية النوعية.

وينضاف اختيار التفكير في المستقبل، بعدما رسخت دار الشعر بمراكش، ومن خلال احتفائها برواد الشعر المغربي وأجياله وتجاربه وحساسياته وراهنه، ديدن التفكير في استنبات أسئلة الكتابة الشعرية لدى الشعراء الشباب ولدى فئة عمرية أساسية ورافدة للمستقبل، هي الأطفال واليافعين. وما إطلاق جائزتي أحسن قصيدة والنقد الشعري، للشعراء والنقاد والباحثين الشباب، إلا استلهام إضاءات وإشراقات نيرة ترنو ربط ماضي الشعر المغربي براهنه ومستقبله.

وهكذا، خصصت دار الشعر بمراكش، الدورة الرابعة لمنتدى مهرجان الشعر المغربي، لمقاربة أسئلة التعدد في الشعر في سعي حثيث لمواصلة استقصاء قضايا وأسئلة الخطاب الشعري الراهنة. لحظة معرفية أخرى، لمحاولة تأمل هذا النسيج الغني للمنجز الشعري المغربي، في تعدد أنماط الكتابة الشعرية وحساسياتها وتجاربها ورؤاها. وهي لحظة ضافية للاقتراب من سمات هذا التعدد، وتحديد صوره وأنساقه ومحاولة لتلمس جغرافيته. ويطرح راهن الشعر المغربي، اليوم، بما يغذي هذا الأفق الاستشكالي، ضمن هذا المنجز والمثن المتعدد (فصيحا وأمازيغية وزجلا وحسانيا)، وهو ما رسخ من خصوصية التجربة الشعرية المغربية ومدها بزخم المتخيل الشعري النابض بالرؤى وبإخصاب مضاعف.

ثلاث مداخلات عرفها المنتدى، في محاولة تحديد سمات كلية لهذا التعدد النصي والبلاغي، وأيضا في أفق تشكيل سمات هذا المنجز الشعري المغربي الحديث ومحاولة استبصار المنطلقات الكفيلة بتحديد تصورنا لمفهوم “الشعر” وأسئلة الكتابة. إن منتدى المهرجان، ظل فضاء لمناقشة الأسئلة المركزية في الشعر، ضمن استراتيجية دار الشعر بمراكش والتي تسعى إلى تمثل جزء من هذه الأسئلة، والتي تجد صداها في ندوات برنامجها الشعري السنوي. ولعل حضور، هذه الثلة من النقاد المغاربة، على مختلف انتماءاتهم ومشاربهم، الناقد الدكتور سعيد العوادي، الناقدة الدكتورة منتنة ماء العينين والناقد امبارك بعزي، لحظة ماتعة لــتأمل هذا المحور، وهذا السؤال الكبير بمزيد من المناقشة والتمحيص.

الفضاءات المفتوحة: جمهور الشعر وحدائق الشعر

اختتمت فعاليات الدورة الرابعة لمهرجان الشعر المغربي، بحديقة “عرصة مولاي عبدالسلام”، واستعاد الشاعر عبدالحق ميفراني، مدير دار الشعر بمراكش، لحظة التأسيس الأولى حينما كان الرهان الأول للدار أن تخرج بالشعر إلى الفضاءات العمومية. منذ أول دورة للمهرجان، نظمت الدار فقرات المهرجان بحدائق الشعر وبفضاءات المآثر التاريخية (قصر الباهية، قصر البديع، حديقة عرصة مولاي عبدالسلام)، اختيار واعي بجمالية الشعر واكتماله في بنية وجمالية الفضاء، لإعطاء جمالية مضافة للتلقي الشعري.

دورة رابعة من مهرجان الشعر المغربي، هنا في مدينة مراكش، بعدما استطاعت دار الشعر بمراكش أن تفتتح السنة الماضية التظاهرات الثقافية والفنية في المغرب، من خلال تنظيم الدورة الثالثة لهذا المهرجان، والذي شكل عنوانا أوحد للأمل. تواصل الدار اليوم، من خلال هذا الأفق الذي ينتصر لريادة الشعر وقيمه، ولوظيفة الشاعر في النسيج المجتمعي، وضمن حوارية الشعر مع الفنون، وأيضا الرغبة في انفتاح الشعر المغربي على قضايا الشعر وأسئلته المركزية، الانتصار لهذه الهوية المغربية المنفتحة والمتعددة.


اكتشاف المزيد من التنويري

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة