أدبالتنويري

أحمد سراج ونصوص مسرحيَّة جديدة

لا يكف الأديب أحمد سراج عن إضفاء الدهشة على أدبه فقدم لنا كتابًا مسرحيًّا يضمّ أربع مسرحيات؛ تحاور الأولى (مونودراما) مأساة دياب بن غانم وهو من أقوى مقاتلي السيرة الهلاليَّة، وعلى يده صُرِع الزناتي خليفة، وتولى السلطنة مرتين؛ مرَّة عُرِفت باسم السلطنة الكدابة والثانية بعد  قتله للزناتي، وتجري أحداثها على لسانه: ” من يُريدُ أن يذوقَ الموتَ من رمح دياب؟ من يواجهني؟ من يرى نفسه طعامًا للسبع؟ هل ستخرج من القبر يا زناتي؟ هل ستعود للحياة يا أبا زيد؟ هل تستطيعين قتلي يا جازية؟ ها أنا أقف منتظرًا؟ فمن يطفئُ هذه النارَ التي تكفي لحرقِ الخليقة؟ من.. من..؟” المسرحية الثانية: “السيف الأعمى” تقترب من جندي قتل ملكه واحتل مكانه؛ لكنه لم يكتف بالحاضر، فحاول احتلال المستقبل، ولم يكتف بابنة بل سعى إلى أن يكون أبًّا لابن لم ينجبه، ولجأ إلى صناعة نبوءة زائفة لكنها تحقَّقت:

الرجل: كان يا ما كان.. عروس البحر على الشاطئ.. نائمة متعبة.. بعد أن نهبها سارق.. والسارق صار كبيرًا.. كبيرًا.. والعروس دمعتها بحجم الخد.. والخد قمر مجروح بالورد.. وزفرتها نار بلا حد.. خرج الرجل من البحر.. قبَّل أطراف الجنية.. أحيته بلمسة عين.

هند: (في محبة ظاهرة) بل أحياها بالنور النابض من عينيه. (ينظر لها الملك في استغراب).

المسرحية الثالثة: “الجميزة” (مونودراما) بطلها موظفٌ فاسدٌ لم يستطع إرجاع إرثه؛ فسعى بنهم لسرقة كل شيء، لكنه أثناء هربه في لحظة فارقة يقف أمام رمز من رموز الحضارة المصرية: ” أين أخي الآن؟ مغتربٌ يبحث عن لقمة العيش، وعن مال يكفيه ليتزوج من فتاة جامعية تصغُرُه بعشرين عامًا. يصل الليل بالنهار.. ينامُ بنصف بطن.. ويصحو دون نوم.. كلُّ هذَا لأنَّه صدَّق الكتب التي قالت إن هناك عدلاً وحقًّا وخيرًا وجمالاً، فيما العالم يزداد قبحًا وقيحًا وظلمًا وباطلاً”. وفي النص الرابع: “الخصم الأخير” تقابلون ابن تاجر ثري، يعلمه أبوه الشرَه، وحين يكبر يزوجه من أخت أصحاب المناصب، يجد الحماية فيطغى، وكلما امتلأت بطنه زاد شرهًا.. حتى يقابل الخصم الأخير: ” لماذا لم أقبلِ الصلح؟ لا أعرف.. هل لأنني شعرت أنه سيستسلم ذاتَ يوم؟ مَنظرُه المسالم لم يكن يدلُّ عَلى صَلابتِه، وَلا طَريقتِه في العَمل، سُمعتِه النظيفة.. قلتُ سيكونُ لُقمةً سائغة، وسيكونُ عِبرةً.. سأكتشف له خطأً كل يوم، وسأعطيه العقوبة المغلظة.. لكنه كان يضعني في موقفٍ محرجٍ دائمًا.. منضبطٌ كالساعة، يقابلني بثقة واعتزاز، فيجعلني أشعرُ بأنني كُرةُ نارٍ تنحدرُ من قمةِ جبل.”

إن جرأة سراج تحسب له فأدب المسرح يعد في زماننا مغامرة ولروعة النص حصد جائزة من اتحاد كتاب مصر هذا العام، كما أن إصدار دار المثقف له أمر يحسب لها في ظل عزوف دور النشر العربية عن نشر النصوص المسرحية .

__________
*د.خالد عزب.


اكتشاف المزيد من التنويري

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة