موسوعة العملات المصريَّة لخبير النقود مجدي حفني
بعد سنوات طويلة من جمع نوادر العملات المصريَّة، صدر في القاهرة موسوعة وكتالوج العملات المصريَّة للخبير المصري مجدي حفني، الموسوعة التي صدرت بالقطع الكبير في 500 صفحة، الموسوعة ضمَّت معلومات دقيقة وحصر شامل للأوراق النقديَّة المصريَّة مع تحليل لها ولرموزها.
نشــــأة البنكنوت في العالم
كان الذهب من أهم الثروات منذ القدم، لهذا أقبل الناس على اقتنائه واكتنازه، ولما كان الاحتفاظ به مُثيراً للمخاطر تفنَّن الناس في ابتكار الطرق والوسائل المختلفة للمحافظة عليه من عبث اللصوص، وكان الأغنياء في الشرق قد احتاطوا للأمر حيث وجدوا أن باطن الأرض وتجاويف الحوائط مكانٌ آمنٌ للاحتفاظ بثرواتهم على عكس أثرياء الغرب وأمرائه الذين وجدوا أن الخزائن المنيعة للصياغة وتجار الجواهر أفضل مكان لحفظ ثرواتهم مقابل حصولهم على شهادات بتلك الودائع وتُسلم لهم عند الطلب.
وكانت تلك الشهادات تحمل اسم الشخص المودع وتثبت إيداعه مبلغًا معينًا من المال، وتؤكِّد استعداد الصيارفة للدفع في حدود هذا المبلغ، فقد كان المودع هو الوحيد الذي له حق سحب الوديعة، وقد وجد كل من المودعين والصاغة بخبرتهم وتجربتهم أن يصدر الصاغة شهادات بقيم مناسبة حيث يستطيع أصحاب الثروة استخدامها للوفاء بالتزاماتهم ولسداد ديونهم من خلال تظهيرها أي التوقيع على ظهر هذه الشهادات، والتي أصبحت تمثِّل نقوداً ورقيَّة في شكلها المبسط؛ ومن هنا نشأت مهنة الصيارفة، فتحول تجار الجواهر والصاغة إلى تجار نقود يتقاضون الأموال من عملائهم ويحفظونها مقابل شهادات يصدرونها تتداول بعيدًا عنهم، لتعود إليهم بعد فترة وفي مقابل هذا يدفعون القيمة المرقمة عليها، وقد تعاملت بعض البنوك بنفس الطريقة لإصدار شهادات بقيم مناسبة ومختلفة.
وقد لاحظ الصيارفة والبنوك عدم رد الإيصالات إليهم إلا بعد فترة طويلة والبعض الآخر من هذه الإيصالات لم يرجع في الحقيقة لأنهم يتمتعون بثقة وقدرة على السداد؛ ولذلك فكر بعضهم في إصدار صكوك مناسبة وثابتة دون إيداع الذهب أو الفضة لديهم؛ لذلك أصبحت مجموعة الصكوك المتداولة تزيد عن الذهب المودع لدى الصراف أو في البنك. وقد أسرفت بعض البنوك في إصدار هذه الصكوك، فتعرضت لمخاطر التوقف عن الدفع، وبالتالي حدث إفلاس نتيجة عدم ثقة الجمهور بها. ولذلك قررت الحكومات حق إصدار العملات إلى أكبر البنوك القائمة في هذا الوقت، فقد صدر في إنجلترا قانون يدعى قانون بيل “Peel” في سنة 1844م وهو أول قانون لدستور البنك Bank Character Act الذي تم بموجبه منح أحد البنوك الإنجليزيَّة حق امتياز إصدار أوراق العملات الإنجليزيَّة التي تعد نقودًا قانونيَّة.ومن المعروف تاريخيًا أن أقدم أوراق العملة التي ظهرت في العالم كانت في الصين حيث صدرت في عهد دولة “منج” الصينيَّة وهي محفوظة في المتحف البريطاني حاليًا.
تطوُّر العملات المصريَّة بداية من القرن التاسع عشر
بدأ مجدي حفني موسوعته من عهد الوالي محمد علي باشا الذي تولى حكم مصر سنة 1805م، وكانت النقود المتداولة في مصر ذلك الوقت معظمها تركيَّة وإنجليزيَّة وفرنسيَّة وقليلًا من النقود المصريَّة (ضرب في مصر)؛ حيث كانت النقود المصريَّة يتم سكّها بدون نقش الفئة عليها، والتي كانت تُعرف من الوزن والحجم ونوع المعدن، وكانت أسعار هذه العملات تختلف بين الحين والآخر (صعودًا وهبوطًا)؛ حيث إن سعر معدن الذهب والفضة متذبذبٌ بصفة مستمرة. فأخذ محمد علي إصلاح النظام النقدي المصري على عاتقه، فأصدر ديكريتو سنة 1808م بتسعير رسمي للنقود، وقدر البندقلي الذهب بثمانيَّة قروش والمحبوب الإسلامبولي بستة قروش والمحبوب المصري بخمسة قروش والقرش الواحد بأربعين بارة أو أربعين فضة وفي سنة 1821م أصدر فرمانًا لإعادة تحديد قيمة جميع العملات الأجنبيَّة الموجودة في مصر، كما أصدر ديكريتو سنة 1834م بإتباع مصر نظام المعدنين رسمياً وجعل العلاقة بين الذهب والفضة 15.52:1، وكانت وحدة النقود المصريَّة قطعة ذهب قيمتها عشرون قرشًا وآخرى فضة قيمتها عشرون قرشًا أيضًا وزنها أكثر من الذهب بمقدار 15.52 مرة.وبدأ في نقش الفئة على النقود المصريَّة لأول مرة سنة 1835م، ثم تلاها سك أول جنيه مصري من الذهب سنة 1836م
وفي عهد الوالي محمد سعيد باشا تأسس بنك مصر أو (Bank of Egypt) سنة 1856م، ويعتبر أول فرع لشركة مصرفيَّة في مصر، وكان مركزها الرئيس في لندن ولها فرعان في مصر؛ الأول في الإسكندريَّة والثاني في القاهرة، وهو ليس بنك مصر الحالي الذي أسسه طلعت حرب باشا سنة 1920م باسم (Banque Misr) كما يذكر مجدي حفني، وقد أصدر(Bank of Egypt) عملات في صورة سنداتٍ مقبولة الدفع بعدة فئات مختلفة. أما في عهد الخديوي إسماعيل باشاتأسس بنك الأنجلو إيجيبشان أو (Anglo Egyptian Bank) سنة 1864م في لندن برأس مال 2 مليون جنيه بشراكة رأس مال فرنسي، ثم تغير اسمه سنة 1867م إلى (Anglo Egyptian Banking Company)، وعاد إلى اسمه الأول سنة 1887، ثم تم إدماجه في أحد بنوك بنك باركليز (Barclays) سنة 1925م. وقد أصدر بنك الأنجلوعملاتٍ في صورة سندات بفئات محتلفة للتعامل في مالطا.لكن في عهد الخديوي محمد توفيق صدر ديكريتو في 14 نوفمبر سنة 1885م بشأن العملة،أهم ما فيه أن تكون وحدة العملات المصريَّة هي الجنيه المصري وينقسم إلى مائة قرش وينقسم القرش إلى عشرة أعشار (عشرة أجزاء)، وهذا النظام العشري سهل في الحسابات وأفضل من السابق حيث كان القرش يساوي أربعين بارة. وأصبح لمصر عملة موحدة هي الجنيه المصري الذهبي وبذلك انتهى رسميًا العمل بقاعدة المعدنين (الذهب والفضة). وأصبحت مصر تتبع قاعدة الذهب أساسًا للنظام النقدي. وكان الجنيه الذهبي المصري يُسك بكميات قليلة؛ لذلك سُمح باستمرار التعامل ببعض العملات الذهبيَّة الأجنبيَّة وكان أهمها الجنيه الإسترليني، وبينما ظل للجنيه المصري الذهبي قوة إبراء قانونيَّة كاملة، أصبح الجنيه الإسترليني الذهبي الذي كان سعره أعلى من قيمة ما يحتوي عليه من ذهب بالنسبة للعملات الأجنبيَّة الأخرى وسيلة المبادلة الرئيسة وتحولت قاعدة النظام النقدي بمصر من قاعدة ذهب عاديَّة إلى قاعدة ذهبيَّة إسترلينيَّة، وقد حددت الحكومة المصريَّة سعر الصرف القانوني للجنيه الإنجليزي 97.5 قرشًا والجنيه العثماني 87.75 قرشًا.
وشهد عهد الخديوي عباس حلمي الثاني إنشاء البنك الأهلي، منح الخديوي عباس حلمي الثاني حق امتياز إنشاء البنك الأهلي لمسيو/ رفائيل سوارس في عام 1898م. ولما كان مسيو/سوارس في حاجة للمزيد من المال لاستغلال الامتياز الممنوح له فقد نجح في الحصول على معاونة مستر أرنست كاسل ومسيوكونستنتان ميشيل سلفاجو وقيد عقد الشركة الإبتدائي بالأسماء التالية:
1- أرنست كاسل من لندن خمسون ألف سهم قيمة الواحد 10 جنيه 500000 جنيه إستراليني.
2- كونستنتان ميشيل سلفاجو وشركاه خمسة وعشرون ألف سهم قيمة الواحد 10 جنيه 250000 جنيه إستراليني.
3- إخوان رفائيل سوارس وشركائهم خمسة وعشرون ألف سهم قيمة الواحد 10 جنيه 250000 جنيه إستراليني.
المجموع (مائة ألف سهم) سعر 10 جنيهات للسهم الواحد أي (مليون) جنيه إستراليني. وبذلك أصبح البنك الأهلي بنك الحكومة ومؤسسة لإصدار وصرف للأوراق الماليَّة المصريَّة برأس مال مليون جنيه إستراليني.
وفي 25 يونيو 1898م صدر أمر عال باعتماد نظام البنك ومن ثم بالترخيص في تأسيسه، ولاذي انفرد به مجدي حفني بالنص الآتي:
أمر عال
نحن خديوي مصر
بناء على ما عرضه علينا ناظر الماليَّة وموافقة رأي مجلس النظار
أمرنا بما هو آت:
(المادة الأولى)
تعتمد نظامنامة البنك الأهلي المصري المرفقة بأمرنا هذا وتكون جزءاً مكملًا له، ولا يجوز تعديلها إلا بعد تصديقنا.
(المادة الثانية)
للبنك الأهلي المصري الامتياز بإصدار أوراق ماليَّة تدفع لحاملها عند تقديمها وذلك حسب القيود والشروط المدونة في النظامنامة المذكورة ولا يمنح هذا الامتياز لبنك آخر طول مدة بقاء الشركة.
(المادة الثالثة)
على ناظر الماليَّة تنفيذ أمرنا هذا.
صدر بسراي رأس التين في 25 يونيو 1898م
عباس حلمي
بأمر الحضرة الخديويَّة
ناظر الماليَّة: أحمد مظلوم رئيس مجلس النظار: مصطفى فهمي
نشأة البنكنوت في مصر
عقب صدور المرسوم استقال السير إلوين بالمر من عمله كمستشار مالي في الحكومة المصريَّة، وكان يتقاضى مرتب 2000 جنيه مصري في السنة، وتقديراً لجهوده تم تعيينه أول محافظ للبنك الأهلي المصري براتب 4000 جنيه سنوياً، وظل يشغل منصب محافظ البنك الأهلي المصري حتى وفاته سنة 1906م بأسوان.
وكان للبنك الأهلي المصري حق الامتياز بإصدار البنكنوت لمدة خمسين عاماً، وقد كانت أوراق البنكنوت تحمل تعهداً من محافظ البنك بأن يدفع لحامل السند مبلغًا بالعملة المصريَّة (ذهب) عند الطلب. لذلك قضى نظام البنك أن يُحتفظ بالرصيد الذهبي بمركز البنك بالقاهرة على أن لا يقل عن 50 ٪ من قيمة الإصدار من البنكنوت والباقي سندات في فروع البنك، ويعتبر الغطاء ذهباً كان أو سندات ضماناً خاصاً لصالح حملة البنكنوت وفي حالة تصفيَّة البنك يُستخدم هذا الرصيد لتأمين رد قيمة هذه الأوراق دون غيرها.
وكانت أوراق البنكنوت تُصمم وتُطبع في إنجلترا بمطبعة (برادبوري وولكنسون) بلندن، وقد أصدر البنك الأوراق النقديَّة بالترتيب الآتي:
خمسون قرشًا في 1 يناير 1899م، جنيه واحد في 5 يناير 1899، خمسة جنيهات في 10 يناير 1899م، عشرة جنيهات في 13 يناير 1899م، مائة جنيه في 15 يناير 1899م، ثم بعدها في 21 مارس 1904م أُصدرت ورقة فئة الخمسين جنيهًا.
وبناءً على طلب البنك الأهلي في 20 / 3 / 1899م أصدرت نظارة الماليَّة منشوراً إلى جميع جهات الحكومة بقبول أوراق النقد الصادرة من البنك الأهلي المصري؛ كما اشترطت الحكومة تعيين وزير الماليَّة مندوبين اثنين من قبل الحكومة لدى البنك لمدة خمس سنوات ولهما حق الإشراف على الإصدار، وأن يزودا بمجموعة من المفاتيح الخاصة بالخزائن التي تحتوي على أوراق النقد، وأن يكون لهما حق الرقابة على الخزائن المودع بها الغطاء من ذهب وسندات، واشترطت أيضًا أن يتحمل البنك مسؤوليَّة صرف قيمة الأوراق المزورة في بعض الحالات الخاصة، وقد وافق مجلس إدارة البنك على هذه الشروط.
مراحل إصدار البنكنوت المصري
قبل الحرب العالميَّة الأولى 1899 – 1914م
بدأ البنك الأهلي المصري في مايو 1899م استخدام أوراق البنكنوت لأول مرة في مصر، فطرح ما قيمة 60.000 جنيهاً، لم يتداول منها سوى 15.000 جنيهاً فقط، وظل الباقي محفوظًا في قسم العمليات المصرفيَّة. فقد كان تداول الأوراق بطيئاً في البداية، حيث كانت تُصرف مكافأة لكل صراف يوزع كميات كبيرةً من أوراق البنكنوت إلى أن اعتاد الجمهور على التعامل بهذه الأوراق فزاد تداولها تدريجيًا كما يتضح من الجدول.
استمرَّت النقود الذهبيَّة وخاصةً الجنيه الإسترليني وسيلةً للتبادل في مصر مع أوراق البنكنوت الصادرة من البنك الأهلي والقابلة للاستبدال بالذهب عند الطلب، وكان الذهب حتى تاريخ اندلاع الحرب العالميَّة الأولى عام 1914م هو النقد القانوني للمدفوعات التي تزيد قيمتها عن جنيهين اثنين؛ وبنشوب الحرب العالميَّة الأولى بدأ الاندفاع على البنوك لاستبدال أوراق النقد بما يعادلها من ذهب مما أدى إلى مطالبة البنك في لندن بتزويدهم بكميات من الذهب، ولكن باستمرار الحرب أصبح استيراد الذهب ونقله إلى مصر أمراً عسيراً وباهظاً ومليئاً بالمخاطر، لذلك صدر أمرٌ عالٍ بوقف استبدال هذه الأوراق بالذهب وباعتمادها نقداً قانونياً في 2 من أغسطس عام 1914م.
الحرب العالميَّة الأولى 1914 – 1918م
يُلاحظ من الجدول أن كميات البنكنوت المُصدرة زادت بمعدل كبير بداية من سنة 1916، 1917، 1918م بينما لم يزد المُصدر من العملات ذات الفئات الصغيرة (النقود المعدنيَّة) بذات النسبة، لذلك طرحت وزارة الماليَّة سنة 1916م عملةً ورقيَّة جديدةً من فئة (10 قروش)، ثم طلبت من البنك الأهلي في 25 يونيه سنة 1917م إصدار ورقة بنكنوت من فئة جديدة (25 قرشًا) للتغلب على أزمة العملة الصغيرة وطبعت لأول مرة عملة من فئة (25 قرشًا) بتاريخ 5 أغسطس سنة 1917م وطُرحت للتداول في أواخر العام. وظلت تُصدر هذه العملة حتى سنة 1951م، وهي أطول مدة لورقة مُصدرة من البنكنوت المصري دون تغيير التصميم.
بين الحربين 1919 – 1938م
انتهت الحرب العالميَّة الأولى سنة 1918م، ولكن ظلت آثارها في معظم دول العالم ومنها مصر؛ حيث زادت حركة البيع والشراء حتى نهايَّة سنة 1919م؛ وذلك واضح من أوراق البنكنوت المُصدر في تلك السنة، ومع الاستقرار النسبي الذي صاحب انسحاب معظم القوات الأجنبيَّة من الأراضي المصريَّة، وإصدار قرار في سوريا سنة 1920م بإلغاء التعامل بالنقد المصري كعملة أساسيَّة، واستبداله بالنقد الورقي الجديد (السوري – اللبناني)، وإعلان العملة المصريَّة عملةً غير قانونيَّة في فلسطين سنة 1928م، وقيام الشعب الفلسطيني بتبديل العملات المصريَّة التي بلغت 2 مليون جنيه تقريباً، وقد أدى كل ذلك إلى انخفاض المصدر من البنكنوت المصري تدريجياً كما هو موضح في الجدول السابق.
الحرب العالميَّة الثانية 1939 – 1945م
في بداية الحرب العالميَّة الثانية تمتعت مصر بهدوء نسبي، بينما بلغ النزاع في أوروبا أشده، وكانت الصدمة الكبرى بالنسبة إلى مصر يوم أعلنت إيطاليا الحرب في 10 يونيه سنة 1940م؛ إذ ترتب على ذلك تغييرٌ جوهريٌ في مركز البلاد الاقتصادي، فأصبحت الملاحة في حوض البحر الأبيض المتوسط محفوفةً بالمخاطر وندر الشحن مما أدى إلى هبوط كبير في الصادرات وخاصةً محصول القطن.
وكان زحف الجيوش الألمانيَّة والإيطاليَّة من الغرب خاطفًا في آخر يونيه سنة 1942م حتى أصبحت على مسيرة 60 ميلًا من الإسكندريَّة، فقد كان طبيعيًا في هذه الظروف أن يحدث الاندفاع على البنوك، وكان على البنك الأهلي أن يواجه من أصحاب الودائع فيه ومن البنوك الآخرى مسحوبات ضخمة من البنكنوت حتى أشرف المخزون من البنكنوت على النفاذ وهبط المخزون لدى البنك الأهلي من أوراق البنكنوت من 22.2 مليونًا من الجنيهات إلى 8 مليون. لذلك تم دعوة مجلس إدارة البنك إلى اجتماع عاجل يوم 2 يوليه سنة 1942م ناقش فيه أن المخزون لدى البنك سينفذ إذا لم ترد في الوقت المناسب كميات البنكنوت السابق طلبها من إنجلترا، وتم في الوقت نفسه عقد اجتماع آخر في وزارة الماليَّة بحضور وكيل الوزارة ومراقب مصلحة المساحة ومندوب عن البنك الأهلي للتشاور في موضوع تكليف مصلحة المساحة بطبع البنكنوت في مصر، وتقرر في ختام اجتماع مجلس إدارة البنك الأهلي إعادة إصدار الأوراق التي تعتبر عادة غير صالحة للتدوال وإعادة إصدار الأوراق الملغاة (موراتوريوم) التي كانت معدةً للحرق ولا سيما الفئات الكبيرة منها، وقد رؤى أن إصدار الأوراق المُلغاة بختم ومُعدة للحرق أمرٌ غير مرغوب فيه وتعهدت مصلحة المساحة ببذل أقصى ما في وسعها لطبع بعض أوراق البنكنوت على وجه السرعة.
طبع ورقة فئة 100 جنيه بمصلحة المساحة المصريَّة
طبعت مصلحة المساحة في 6 يوليه 1942م ما قيمته 6 ملايين من الجنيهات المصريَّة فئة المائة جنيه (60 ألف ورقة) لتفادي الأزمة، ولكن حدث تطور في الحرب، حيث توقف تقدم القوات الألمانيَّة والإيطاليَّة في العلمين، فعادت الثقة في النفوس وتوقف سحب أوراق البنكنوت، وبسبب توقف سحب أوراق البنكنوت وخوفًا من تزييف هذه العملة (فئة 100 جنيه المطبوعة بمصلحة المساحة) لم تطرح للتداول.
البنك الأهلي المصري كبنك مركزي
صدر القانون رقم 57 لسنة 1951م بشأن إنشاء بنك مركزي للدولة، وإن كان في واقع الأمر لم ينشئ مؤسسةً جديدةً بهذه الصفة، بل أضفى الصفة على مؤسسة قائمة بالفعل وهي البنك الأهلي المصري، وكان من أهم ما استهدفه القانون 57 لسنة 1951م تمصير البنك على أن يكون المحافظ ونائبه وجميع أعضاء مجلس الإدارة من المصريين.
ومع صدور القانون عُين أول محافظ مصري للبنك وهو الدكتور/ أحمد زكي سعد في 12 /5 /1951م، وعند التفكير في إنشاء بنك مركزي في مصر كانت الحكومة مخيرةً بين إيجاد منشأة جديدة من أساسها وبين خلع اختصاص البنك المركزي على منشأة قائمة بالفعل، وقد اختارت الحكومة ثاني الأمرين لأنه أفضلهما من كل وجه، أما اختيارها للبنك الأهلي المصري بالذات فكان الباعث عليه أن البنك المذكور هو البنك الذي كان في الواقع بنكًا مركزيًا للبلاد، والذي كان يقوم بأغلب الخدمات التي تقوم بها البنوك المركزيَّة عادة.
قانـــون رقم 57 لسنة 1951م بإنشاء بنك مركزي للدولة
نحن فاروق الأول ملك مصر
قرر مجلس الشيوخ ومجلس النواب القانون الآتي نصه وقد صدقنا عليه وأصدرناه:
مادة 1: يكون البنك الأهلي المصري البنك المركزي للدولة.
مادة 2: يقوم البنك بتحقيق الأغراض الآتيَّة
أ- ثبات قيمة النقد المصري.
ب- تنظيم الائتمان بما يكفل المصلحة العامة باعتبار المقرض الأخير، وذلك في حدود مقتضيات هذه المصلحة وخاصة عند وقوع اضطراب اقتصادي أو مالي محلي أو عام.
وعلى وجه العموم التعاون مع السلطات العامة في المسائل الخاصة بالسياسة النقديَّة والمصرفيَّة.
مادة 12: يظل للبنك امتياز إصدار أوراق نقد لحاملها الممنوح للبنك الأهلي المصري بموجب الأمر العالي الصادر في 25 يونيه سنة
1898م الخاص باعتماد نظام البنك المذكور والمعدل بالقانون رقم 66 لسنة 1940م. وتكون عمليات إصدار أوراق النقد قائمةً بذاتها ومستقلة تمامًا عن العمليات الآخرى التي يزاولها البنك، ويمسك البنك حسابًا خاصًا لتلك العمليات. وتُعين فئات أوراق النقد التي يجوز إصدارها بقرار من وزير الماليَّة بعد الاتفاق مع البنك.
مادة 13: يوزع صافي الأرباح الناشئة عن عمليَّة إصدار أوراق النقد بعد خصم المصروفات المعتمدة بمعرفة مراقبي الحسابات بين الحكومة والبنك بنسبة 85% للحكومة و15% للبنك.
بأمر حضرة صاحب الجلالة فاروق
وزير الماليَّة : فؤاد سراج الدين، وزير العدل : عبد الفتاح الطويل، رئيس مجلس الوزراء : مصطفى النحاس
قرار رقم 94 لسنة 1959 بإلغاء أوراق النقد ذات المائة جنيه والخمسين جنيهاً.
خلال العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956م تم تهريب كميات كبيرة من أوراق البنكنوت المصري إلى خارج البلاد وخاصة الأوراق فئة 100 جنيه وفئة 50 جنيهاً، وأثر ذلك بالسلب على سعر الجنيه المصري، فأصدرت الحكومة في 16 / 4 / 1959م قراراً بإلغاء أوراق النقد ذات المائة جنيه والخمسين جنيهاً وعلى كل حائز لهذه الأوراق استبدالها من أي بنك بمصر، وذلك في خلال أسبوعين، وتعتبر هذه الأوراق لاغيَّة وغير قابلة للصرف بعد انتهاء مدة الأسبوعين من إصدار القرار.
إنشاء دار طباعة البنكنوت في مصر
– بدأ مشروع إنشاء دار طباعة البنكنوت في مصر بتوقيع عقد بتاريخ 1960/7/18م مع شركة (جيسيك وديفرينت) بألمانيا الغربيَّة لتزويد الدار بما يلزمها من أحدث الآلات والأجهزة والمواد والخبرة الفنيَّة لطباعة البنكنوت، وقد بدأ إنتاج الدار من الفئات المختلفة لأوراق البنكنوت تباعاً اعتباراً من 6 فبراير 1967م، وقد شارك الخبراء الألمان العاملين المصريين في تلك البداية وحتى منتصف عام 1969م، حيث عاد الألمان إلى بلادهم، وقد تمكن الفنيون المصريون وحدهم من مواصلة الإنتاج والتشغيل بكفاءة عالية.
صنــاعة البنكنــوت
أولاً: الورق وتستورده مصر على هيئة أفرخ مصنوعة من القطن 100% تضاف إلى عجينته أثناء التصنيع مواد كيمائيَّة تكسبه المرونة والقوة لتمكنه من الاستمرار في التداول أطول مدة ممكنة مع وجود شعيرات في الأرضيَّة من المكون الرئيس للورق تظهر تحت الأشعة فوق البنفسجيَّة (UV)، ويستورد الورق به.
– (علامة مائيَّة) تتكون أثناء التصنيع نتيجة اختلاف كثافات الترسيب على ألياف الورق، هذا الاختلاف في الكثافات يعطي ظلالاً متدرجة على شكل العلامة المائيَّة ثلاثيَّة الأبعاد؛ ولا يستطيع تصنيع هذه العلامات المائيَّة إلا شركات متخصصة ومعدودة في العالم.
– ( شريط معدني) مغناطيسي تأميني يدخل في مرحلة التصنيع، بحيث يكون داخل طبقات الورق يمكن لماكينات العد قراءته والتمييز بين العملة الأصليَّة والمزيفة، وقد تطور من شريط معدني بسيط مُصمت ورفيع ليصبح أكثر عرضًا ويتضمن كتابة الفئة بطريقة التفريغ تُرى تحت الضوء النافذ بوضوح، وهذا الشريط يُعطي إشعاعاً تحت الأشعة فوق البنفسجيَّة ومن الممكن احتواؤه على رقم كودي يتم بواسطة الكشف عن أصليَّة الورق باستخدام أجهزة خاصة.
– (شريط مدكك) تأميني يُرى ظاهرياً متقطع، ومن خلال الضوء النافذ يُرى متصلاً، ويظهر عليه شعار الجمهوريَّة (النسر) ورقم الفئة، وفي الفئات الكبيرة (100 جنيه و200 جنيه) يكون ثلاثي الأبعاد (متحرك) عند إمالته ويظهر الخرطوش أو عين حورس مع التحريك.
– (علامة) على أحد أطرف الفرخ جهة اليمين، وذلك حتى لا يتم قلب الفرخ أثناء الطباعة فينتج أوراق بنكنوت ذات علامة مائيَّة معكوسة بالخطأ.
– (مساحة الأفرخ) غير متساويَّة فهي تختلف حسب الفئة.
ثانياً: الأحبار وتستوردها مصر من أكبر الشركات العالميَّة والمتخصصة في أحبار طباعة البنكنوت، والتي يتم تجهيزها بمواصفات خاصة وسريَّة تامة طبقاً لتوصيات الهيئة الدوليَّة لمكافحة التزييف والتزوير، كما أن الطريقة التي تمتزج بها الألوان أثناء الطباعة ينتج عنها ألوان أخرى تشبه ألوان الطيف يصعب تزييفها أو تقليدها.
ثالثاً: مرحلة التصميم
يجب اختيار مصمم موهوب وصاحب خيال إلى جانب الدراسة النظريَّة ليكون لديه القدرة على التجديد، ويجب أن يكون لديه خلفيَّة ثقافيَّة كبيرة عن بلده ويتمتع بإحساس فني عالٍ، ويتبع الخطوات التالية.
1- وضع الفكرة وتصورها مع استخدام العناصر الإسلاميَّة للوجه والفرعونيَّة للظهر، ويتم اختيار العناصر المكملة حسب العصر الذي ينتمي له الأثر المستخدم في التصميم.
2- يتم توزيع التصميم على المساحة المستخدمة مع مراعاة وضع العناصر التأمينيَّة في أماكنها، وهذا يحتاج إلى دقة ومهارة وصبر للعمل في مساحة صغيرة جداً لعدة أيام.
رابعاً: يتم التنسيق بين المصمم والخطاط على نوع الخط (عربي وإنجليزي) المستخدم على العملات، ثم يتم التنفيذ عن طريق الخطاط يدوياً.
خامسًا: تُشكل لجنة متخصصة من خبراء البنك وعمداء كليات الفنون وخبراء التزييف والتزوير والأمن العام وأجهزة سياديَّة تُعرض عليهم مجموعة من التصميمات تختار التصميم الذي يشمل العناصر المطلوبة لكل الجهات والأفضل والأنسب للتنفيذ.
سادساً: مرحلة الحفر على الصلب وهي أصعب وأدق مرحلة وفيها يقوم الحفار باستخدام الميكروسكوب وآلة خاصة دقيقة بتصغير لشكل التصميم وحفره يدوياً على قالب من الصلب أو النحاس، بحيث يترجم التصميم إلى خطوط محفورة ويكون لكل نقطة حساب خاص بالحفر، فكلما كان اللون في التصميم غامقاً يكون الحفر أعمق.
سابعاً: نقل التصميم من القالب الصلب إلى لوحات طباعة ثم أكليشيهات قابلة للتنفيذ.
ثامناً: يتم عمل مجموعة من التجارب اللونيَّة مع استخدام لون سائد للفئة الواحدة بحيث يكون لكل فئة لون سائد مميز.
تاسعاً: تجتمع اللجنة المختصة مرة أخرى لاختيار المجموعة اللونيَّة ويتم عرضها على مجلس إدارة البنك لاعتماد اللون النهائي لكل فئة.
الطبـــاعة
– طباعة الأرضيَّة الوجه والظهر في آن واحد على ماكينة السيمولتان طباعة أوفست (سطحيَّة) وتُترك لتجف.
– طباعة الشكل الرئيس للظهر (بارز) على ماكينة إنتاليو تحت ضغط عالٍ بهدف نقل الأحبار الموجودة في خطوط الشكل المحفور على الصلب إلى الورق وتُترك لتجف، وهذه الطباعة البارزة تعطي خشونةً لملمس الورقة.
– طباعة الشكل الرئيس للوجه (بارز) بنفس طريقة طباعة الظهر.
– في مرحلة منفصلة تتم طباعة علامة أمان مغناطيسيَّة تُسمى (SPARK) وهي عنصر متغير لونياً وبصرياً عند تغيير زاويَّة الرؤيا يُظهر رقم الفئة، تُطبع سلك اسكرين خاص، وهي مكلفة، لذلك تُستخدم في الفئات الكبيرة فقط 100 جنيه و 200 جنيه.
– الترقيم والتاريخ والتوقيع على ماكينة واحدة وتُسمى (ماكينة الترقيم)، ولكن كل واحدة منها على طارة مختلفة.
– يلاحظ أن الترقيم جهة اليمين يختلف في الحجم عن جهة اليسار، وفي الفئات الكبيرة تكون الأرقام لونين اثنين مختلفين في كل رقم، وهي مكلفة جداً ولا يظهر هذا الاختلاف إلا تحت جهاز الـUV (الأشعة فوق البنفسجيَّة).
– يُلُاحظ أن في كل خطوات الطباعة السابقة (الأوفست أو الإنتاليو أو الترقيم) أن كل ماكينة عليها كاميرا خاصة ترصد الأخطاء ليتم استبعادها أول بأول، ورغم ذلك فإن استبعاد التالف لا يتم بنسبة مائة في المائة.
– لذلك بعد الترقيم يتم فرز الأفرخ التالفة يدوياً، حيث يُستبعد الفرخ التالف كاملاً، ولا يُستبعد الفرخ الذي به عيبٌ على مستوى الوحدة.
– مرحلة القص والتشطيب تتم لكل 100 فرخ ينتج عنها وحدات متساويَّة متفق عليها، بحيث ارتفاع الورقة ثابتاً 7 سم والعرض يزيد 0.5 سم لكل فئة أكبر؛ فالورقة فئة 25 قرشاً عرضها 13 سم والخمسين قرشاً 13.5 سم وفئة الجنيه 14 سم، حتى يصل عرض الورقة فئة مائة جنيه إلى 16.5 سم وفئة 200 جنيه 17سم، وبعد مرحلة القص والتشطيب يتم الفرز واستبدال الورق التالف بورق إحلال.
المصمّمون والخطّاطون
أهم ما يميز العملة الورقيَّة هو التصميم والرسومات الموجودة على الوجه أو الظهر، وهذه الرسومات بدون توقيع، مما يجعلنا نتساءل عن اسم المصمم. ويمكن تقسيم تصميمات العملة إلى مرحلتين؛
المرحلة الأولى :- وهي تصميم العملة قديماً، وكان التصميم و التنفيذ والطباعة في إنجلترا، حيث إن المصمم الأجنبي كان يستعين بالصور التي التقطها المستشرقون الذين حضروا إلى مصر منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر في تصميم وجه أو ظهر العملة.
المرحلة الثانية:- وهي تصميم العملة حديثاً، وكان التصميم والتنفيذ والطباعة في مصر، وكان للمصمم المصري النصيب الأكبر في تصميم العملات بعد تشغيل مطابع البنك المركزي سنة 1967م. كل الكتابات والأرقام الموجودة على العملات الورقيَّة (وجه وظهر) باللغة العربيَّة أو الأجنبيَّة منذ طباعة البنكنوت المصري سنة 1899م كانت من إبداع خطاطين مصريين.
– أول من خط الكتابات والأرقام العربيَّة والإنجليزيَّة الموجودة على العملات الورقيَّة المصريَّة (البنك الأهلي) من سنة 1899 وحتى سنة 1916م هو الخطاط محمد بك جعفر.
– أول من خط الكتابات والأرقام العربيَّة والإنجليزيَّة الموجودة على العملات الورقيَّة المصريَّة (البنك المركزي) من سنة 1967 وحتى سنة 2005م هو الخطاط عبد المتعال محمد إبراهيم.
– أول إصدارللعملات الورقيَّة بمطبعة البنك المركزي المصري سنة 1967م تصميم الفنان أحمد يوسف بالتعاون مع فريق عمل ألماني.
– أول إصدار لفئة عشرين جنيهاً مصرياً سنة 1976م بتصميم الفنان عباس الشيخ، وتم الحفر على الصلب في ألمانيا.
– أول من حفر على الصلب تصميمات العملات الورقيَّة في البنك المركزي هو الفنان صابر سعيدة سنة 1993م.
– أول إصدار لفئة خمسين جنيهاً بعد إلغاء التعامل بها سنة 1959م كان سنة 1993م، ويعتبر أول إنتاج مصري متكامل (تصميم وحفر على الصلب وطباعة)، وكانت تصميم الفنان مصطفى أبو الوفا وحفر على الصلب الفنان صابر سعيدة وطباعة في مطابع البنك المركزي المصري.
– أول انتاج مصري متكامل لفئة المائة جنيه كان سنة 1994م تصميم وحفر على الصلب الفنان صابر سعيدة.
– أول إصدار لفئة مائتي جنيه مصري كان سنة 2007م تصميم الفنان مجدي أحمد وحفر على الصلب الفنان صابر سعيدة.
– أول تصميم لفئة 500 جنيه مصري سنة 2007م تصميم الفنان مجدي أحمد وحفر على الصلب الفنان صابر سعيدة (لم تصدر) للتدوال.
– أُسند للفنان صابر سعيدة تعديل تصميم الورقة النقديَّة فئة خمسين قرشاً المصدرة سنة 1981م، والتي أصدرت بالتصميم الجديد سنة 1985م.
– أُسند للفنان عمر فتح الله دياب تعديل تصميم الورقة النقديَّة فئة عشرة جنيهات المصدرة سنة 1987م، والتي أصدرت بالتصميم الجديد سنة 2003 م.
تجارب ونماذج العملات الورقيَّة
صور أرشيفيَّة لنماذج تصميم عملة
هي صور فوتوغرافيَّة لبعض النماذج المقترحة لتصميم العملات الورقيَّة سواء لوجه أو ظهر العملة، أحياناً كان المصمم الأجنبي يستخدم بعض الرسومات والعناصر (غير مصريَّة) في التصميم المبدئي وفي حالة الموافقة النهائيَّة على التصميم تستبدل بأخرى مصريَّة.
يتم طباعة عدد من الصور الفوتوغرافيَّة للتصميم المقترح بحيث تحتفظ المطبعة بنسخة في أرشيفها وعرض الباقي على الجهات المختصة لإبداء الرأي.
1 – نموذج لتجربة لون
بعد اختيار اللجنة المختصة أحد التصميمات المطابقة للمواصفات واعتمادها يتم عمل مجموعة من الألوان المختلفة لكل فئة وتعرض على اللجنة لاختيار لون سائد للفئة الواحدة يميزها عن الفئات الأخرى، فمثلا في فترة الستينيات تم اختيار اللون الأزرق لفئة 25 قرشاً واللون الأسود لفئة 50 قرشاً واللون الأخضر للجنيه..إلخ، وهذه بعض النماذج لتجارب بألوان مختلفة عن ألوان العملة التي أصدرت.
عناصر التأمين على أوراق البنكنوت
تعتبر أوراق البنكنوت أحد أهم مظاهر السيادة للدولة، ولمكافحة التزييف والتزوير تصدر أوراق البنكنوت بها عناصر تأمين مختلفة بما يتفق مع قيمة الورقة الماليَّة؛ فالفئات الكبيرة لها عناصر تأمينيَّة أكثر من الفئات الصغيرة، مع مراعاة تغيير هذه العناصر كل فترة واستخدام أحدث الطرق التأمينيَّة وخاصةً في الفئات الكبيرة.
ويمكن تقسيم عناصر التأمين كالتالي:
أ – الجمهور: المقصود بها علامات التأمين التي يعرف من خلالها الجمهور أصليَّة الورقة ومنها ”العلامة المائيَّة – الشريط المعدني – الشريط المتقطع – العنصر المتلقلق – العنصر المتكامل وجه وظهر“.
ب – المشتغلون في مجال العملة: بالإضافة إلى العناصر السابقة ملمس الورقة من المعروف أن أوراق البنكنوت لها ملمسٌ خاصٌّ يميزه العاملون في البنوك ومكاتب الصرافة، وإذا توفر جهاز أشعة فوق بنفسجيَّة (UV) يمكن استخدامه، فتظهر بعض الرسومات الخاصة لكل فئة تحت أشعة هذا الجهاز.
جـ – رجال البحث الجنائي: بالإضافة إلى العناصر السابقة يتم عمل تأمين لورقة البنكنوت تظهر بالفحص المعملي واستخدام المواد الكيميائيَّة واستخدام أجهزة مكبرة لفحص الكتابات الدقيقة وأجهزة خاصة أخرى للتمكن من التعرف على أصليَّة الورق من عدمه.
و يراعى تغيير تصميم البنكنوت كل 15 سنة، وذلك رغم أن عمل تصميمات جديدة وطباعتها مكلفٌ مادياً جداً للدولة.
أولاً: العلامات المائيَّة
العلامة المائيَّة على أوراق البنكنوت تتكون أثناء تصنيع الورق، ونتيجةً لكثافات مختلفة لترسيب ألياف الورق، فإنه يعطي ظلالاً متدرجة على شـكل العــلامة المــائيَّة ثلاثيَّة الأبعــاد، وقد استخدمـت العــلامة المــائيَّة (أبو الـهول) علـى أوراق البنــكوت المصري لأول مـرة في1926/7/1، وذلك على جنيه الفلاح M4 (1 L.E.)، وفيما يلي العلامات المائيَّة التي استخدمت في البنكنوت المصري، وبعض هذه العلامات استخدمت مرتين (A) فترة أولى و(B) فترة ثانية.
1- أبو الهول
يقع أمام الهرم الثاني المقام للملك “خع – اف – رع”، وهو منحوت في صخرة واحدة من الحجر الجيري، و يمثل الإله “رع – حور – آختي” رمز إله الشمس، ويعبر عن قوة الأسد وحكمة الإنسان، وصور على شكل الملك “خع – إف – رع”، وظل محل تقديس وعبادة حتى العصر اليوناني الروماني، وقد ظل مدفوناً تحت الرمال حتى العشرينيات من القرن العشرين، حيث تمت إزالة الرمال من حوله ليظهر على ما هو عليه الآن.
2- أمن أم حات رع – ني ماعت رع (1841 – 1797 ق.م.)
هو “أمن أم حات” الثالث أحد ملوك الأسرة الثانية عشر، ويعتبر من أهم ملوكها، وحكم لمدة 44 سنة، وله هرمان أحدهما في الفيوم والآخر في دهشور.
3- الجعران
يعتبر من أشهر التمائم المصريَّة القديمة، فهو يرمز عند القدماء المصريين إلى الإله رع عند شروق الشمس، كذلك يرمز إلى البعث، وسمي عند القدماء المصريين باسم “خبر”، وهناك أحد آلهة العالم الآخر يسمى الإله خبري، واستخدمت تميمة الجعران على نطاق واسع سواءً بين الأحياء كأختام، وعند الوفاة كان يعتبر من أهم التمائم التي كانت توضع مع المتوفى.
4- زهرة اللوتس
تنمو زهرة اللوتس في البرك الساكنة في سفح التلال الصحراويَّة بالمستنقعات الواسعة في الفيوم والدلتا وعلى سطح القنوات الهادئة المياه، حيث توجد المياه كما لو كانت في حالتها عند بدء الخليقة، وتمتد جذورها في الأعماق الطينيَّة وتنتشر أوراقها العريضة المسطحة وأزهارها التي تتفتح صباحاً وتقفل ليلاً بهذه الطريقة، وقد تصور المصريون القدماء خلق العالم من الماء، واتخذوا زهرة اللوتس رمزاً لهم، فرسموها داخل المقابر وعلى أعمدة المعابد.
5- النسر
هو شعار الدولة من سنة 1958م وحتى سنة 1971م، وعاد استخدامه كشعار للدولة مرةً أخرى من سنة 1984م حتى الآن، واستخدم كعلامة مائيَّة من سنة 1958م حتى سنة 1971م.
6- تمثال الكاتب المصري
تم اكتشاف التمثال في جبانة سقارة بمحافظة الجيزة، ويرجع التمثال لبداية الأسرة الخامسة، وهو عبارة عن كتلة واحدة من الحجر الجيري الملون، يصور الكاتب وهو يجلس متربعاً على قاعدة سوداء يرتدي الشعر المستعار، وفوق قدميه توجد مخطوطة من البردي تستخدم للكتابة، ومن المفترض أن تكون في يده اليمنى ريشة للكتابة ولكنها مفقودة.
7- توت عنخ آمون (1335 – 1326 ق.م.)
حكم في أواخر الأسرة الثامنة عشر بعد إخناتون، ويعني اسمه “صورة آمون الحي”، تولى الحكم وعمره 9 سنوات ومات في سن الثامنة عشر، وترجع شهرته لا لإنجازاته السياسيَّة أو الحربيَّة، ولكن لاكتشاف مقبرته كاملة على يد هوارد كارتر عام 1922م، دون أن تمس من اللصوص، حيث طُمر مدخل المقبرة تحت ركام مقبرة رمسيس السادس التي بُنيت أعلى مقبرته، فساعد ذلك على إخفاء المقبرة عن أعين اللصوص، و تعتبر محتويات هذه المقبرة من أهم الآثار الموجودة بالمتحف المصري، وخاصة القناع الذهبي للملك، والذي يزن حوالي 125 كيلو جرام من الذهب الخالص.
8- رأس تمثال تحتمس الثالث (1478 – 1426 ق.م.)
خامس فراعنة الأسرة الثامنة عشر، ابن الملك تحتمس الثاني من الملكة (إيزيس)، امتد حكمه مدة 53 عاماً شاركته فيه عمته الملكة حتشبسوت باعتبارها وصيَّة عليه عندما كان طفلاً، ولكنه انفرد بالحكم في العام 22. كان تحتمس الثالث محارباً مقداماً قام بنحو 15 حملة عسكريَّة، ومن أشهر ألقابه التي أطلقها عليه العلماء المعاصرون هو (نابليون مصر القديمة).
9- رأس تمثال الملك خفرع ( خع اف رع) (2520 – 2494 ق.م.)
رابع ملوك الأسرة الرابعة ابن الملك خوفو من زوجة ثانويَّة، وهو صاحب الهرم الأوسط بالجيزة (هرم خفرع)، وإذا تحدثنا عن الملك خفرع فيجب أن نذكر له تمثال (أبو الهول) العظيم الذي نحت في عهد الملك خفرع.
10- رأس تمثال الأميرة نفرت
الأسرة الرابعة في عهد الملك خوفو ونفرت تعني الجميلة، وهي زوجة الأمير (رع حتب) أحد أبناء الملك (سنفرو). عثر العالم (مارييت باشا) على تمثال للأميرة (نفرت) وزوجها الأمير (رع حتب) ممثلين بالوضع الجالس بمقبرة (رع حتب) في ميدوم.
11- رأس تمثال الملك اخناتون (نفر خبرو رع) (1353 – 1336 ق.م.)
عاشر ملوك الأسرة الثامنة عشر، عقب وفاة الملك أمنحوتب الثالث، تولى ابنه أمنحوتب الرابع عرش مصر، وكان صغير السن (ستة عشر عاماً) فأعانته أمه الملكة (تي) في سنوات حكمه الأولى، وتزوج من الملكة (نفرتيتي)، وبعد أن استقرت حياته سلك مسلك الأنبياء، فنبذ جميع الآلهة وأعلن إيمانه بإله واحد أحد سماه (آتون)، وفي العام الرابع من حكمه غير اسمه من أمنحوتب الرابع إلى (إخناتون) بمعنى (النافع لآتون).
_______
*د.خالد عزب.
اكتشاف المزيد من التنويري
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.