التنويريمنوعات

الإمام السيوطي أعظم علماء مصر ومتحفه المفقود

إن أكثر ما يبكي ويحزن أي مصري هو عدم تقدير العلماء في مصر، فما بالنا بعالم جليل زادات مؤلفاته على 600 مؤلف أكثرها ترجم لأكثر من لغة، بل كان سابقا لعصره، فهو من العلماء المسلمين الذين ألفوا في علم الأثار فترك لنا كتاب ( تحفة الكرام في أخبار الأهرام) وهو ممن أدرك أن الأطعمة سيكون لها شأن في الثقافة العالمية فحفظ لمصر الإبداع في رسالته ( منهل اللطايف في الكنافة والقطايف ) فسجلت العديد من الابتكارات في إعداد الكنافة القطايف للمصريين، لكن أعظم وأفرد ما قدمه كتاب هو الأول من نوعه عالميا في حقوق الملكية الفكرية وهو ( البارق في قطع السارق ) وهو فيه يؤسس للحفاظ على حقوق المؤلفين والشعراء من السطو على مؤلفاته بعد أن سطا البعض على أربعة مؤلفات له، وغير ذلك فقد ألف في تفسير القرآن الكريم، وعلم الحديث والتاريخ والفقه وأصول الفقه، لم يترك علما من علوم عصره إلا وألف فيه، خاصة أنه زهد الحياة بعد أن بلغ الأربعين عاما، فانقطع للتأليف فقدم لنا الكثير .

هذا العالم العظيم الذي يزور ضريحه المتواضع في قرافة السيوطي إلى جوار ميدان السيدة عائشة والقلعة، آلاف من كافة أنحاء العالم يزورون ضريحه ويقرؤن الفاتحة له، يقدرونه ونحن لا نقدره للأسف، وإلا لما أهملنا ضريحه، فكيف لنا أن نقدره كما قدرت أوزبكستان الإمام البخاري فأنشئت ضريحا يليق به في مدينة سمرقند وإلى جواره أنشأت متحف الإمام البخاري الذي يزوره الآلاف من كافة أنحاء العالم الإسلامي، حتى صار معلما دوليا وتراثا إنسانيا .

هذا النابغة السيوطي ألف أول كتاب له وهو في سن 17 عاما، وتوالت مؤلفاته حتى غار منه علماء عصره فتعرضوا له، فكانت المناظرات والمشاحنات بينه وبينهم كاشفه لعلمه وقدراته حتى اعترفوا بفضله، ولد السيوطي عام 849 هجرية / 1444 ميلادية وتوفي عام 911 هجرية / 1505 ميلادية، أي أنه كان خاتمة المدرسة العلمية المصرية في العصر المملوكي، العصر الذهبي لمصر في العصور الإسلامية، وهو الذي يؤكد بعلمه ريادة مصر في هذا العصر، في كافة العلوم، سجل السيوطي حياتة في سيرتة الذاتية البديعة (التحدث بنعمة الله ) .

إن توجيه نداء عبر هذا المقال سيكون لكل محبي العلم، بل إن الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف كثيرا ما تحدث قبل توليه الوزارة عن علم السيوطي، فهل حان الوقت لكي يثبت تقديره للسيوطي بالسعي لإنشاء متحف للسيوطي إلى جوار قبته التي دفن بها مع إعادة تأهيل القبة بما يليق بمقام هذا الإمام، سيسأل السائل عن أي متحف أتحدث، متحف لمؤلفات السيوطي من المخطوطات المحفوظة في دار الكتب ومكتبة مخطوطات وزارة الأوقاف ومكتبة الأزهر، ويعرض معها مقتنيات تعكس السياق الذي عاش فيه السيوطي من أدوات الكتابة ولوحات الخط ومؤلفات أساتذته ومؤلفات تلامذته، فضلا عن ما يحكي سيرة حياة هذا الطفل اليتيم الذي صار نابغة عصره .

لكن سيسأل سائل وأين يقام المتحف، سأجيب عليك في خانقاة أردوكين وهي خانقاة دفنت بها زوجات السلطان المملوكي الناصر محمد بن قلاوون وتبقي منها قبتين وإيوان، وهنا يجب إجراء حفائر والكشف عن أساسات الأجزاء الأخرى منها، وإعادة إنشاء الخانقاة لتكون متحفا ومركزا لدراسات الإمام السيوطي، وهو ما سيجذب لمصر الآلاف من محبي السيوطي وسيعطي لمصر  مكانة مفقودة، وسيبعث الأمل في نفوس الأجيال الجديدة، بأن مصر تقدر العلم والعلماء، أعلم أن وزارة الأثار لا تلفت لمثل هذه الأمور، ولكن أعلم أن بها علماء يقرون هذا الطرح، بل آمل منهم أن يكون لديهم الحماس لمثل هذا الطرح .


اكتشاف المزيد من التنويري

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد