التنويريمنوعات

الاتفاقيَّات الدوليَّة والإقليميّة التي تنظِّم الأمن السيبراني في المغرب



يُقدّم الدكتور إدريس عبادي في دراسة له بالمجلة الدولية للأمن المعلوماتي والرقمي،( المجلد 2، العدد 1 -2024) ، منظورًا معمقًا حول “استراتيجية الأمن السيبراني في المغرب بين التحديات والطموحات”،و تستند هذه الدراسة إلى خبرته الواسعة في مجالات العلوم السياسية والإدارة. وتتناول الاتفاقيات الدولية والإقليمية التي صادق عليها المغرب لتعزيز أمنه السيبراني، و تشمل الاتفاقيات الدولية أشكالًا مثل تسليم المجرمين والمساعدة القضائية، لكن لم يتم التوصل إلى توافق حول تطبيق “قانون النزاع المسلح” على الهجمات السيبرانية. يُعتبر البعض أن القانون الدولي الإنساني يمكن تطبيقه هنا، مستندين إلى “شرط مارتن” كحل لإخضاع هذه الهجمات لأحكامه، وعلى الصعيد الإقليمي، وُقعت اتفاقية عربية لمكافحة جرائم تكنولوجيا المعلومات في 2010، لكن لم تصادق عليها سوى سبع دول ، كما طورت الإسكوا ”إرشادات للتشريع السيبراني”، لتكون نماذج تشريعية تشمل جوانب متعددة من الأمن السيبراني.


أما على المستوى الافريقي، فقد اعتمدت “اتفاقية مالابو” في سنة2014، وصادقت عليها عدة دول، بما في ذلك المغرب، الذي أعد القانون رقم 52.21 للموافقة عليها.
-ما هي استراتيجية المغرب لمواجهة التهديدات السيبرانية؟
-ما التحديات التي تواجه المغرب في هذا المجال؟
-ما تطلعات المغرب لتعزيز أمنه السيبراني؟
بدأت بعض المدارس والجامعات المغربية في دمج دورات حاسوبية ضمن برامجها الأكاديمية، استجابةً للطلب المتزايد على المهارات في مجال الأمن السيبراني. ومن جهتها تعمل الحكومة على دعم هذا الاتجاه من خلال تمويل برنامج ماجستير تنفيذي في الأمن السيبراني في المعهد الوطني للبريد والاتصالات (INPT) لموظفي القطاع العام، بالتعاون مع الوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات (ANRT) والمديرية العامة للأمن المعلوماتي (DGSSI).
كما تم إنشاء أكاديمية تدريب لتعزيز مهارات الموظفين في منتصف حياتهم المهنية في تكنولوجيا المعلومات، واعتماد إطار عمل للأمن السيبراني لشهادات واعتماد المهنيين في الوكالات العامة، يهدف إلى تأهيلهم بشكل فعّال.


تواجه  ومعلوم أن إفريقيا  والمغرب تواجه بشكل خاص، تهديدات سيبرانية متزايدة تشمل التجسس وتخريب البنية التحتية والجريمة المنظمة، في وقت لم تطور فيه العديد من الدول الافريقية استراتيجيات وطنية للأمن السيبراني، وتلك التي لديها غالبًا ما تفشل في تحقيق نتائج فعالة بسبب نقص العناصر الأساسية والتكيف مع التهديدات المتغيرة. كما تعاني القارة من نقص حاد في الدفاع السيبراني، وهو ما يتضح من حادثة تجسس الصين على مقر الاتحاد الأفريقي بين 2012 و2017. بينما هناك تعاون إقليمي، فإن فعاليته محدودة كما يتضح من “اتفاقية مالابو” التي لم تدخل حيز التنفيذ بعد .
فيما يتعلق بالاتفاقيات الدولية،فقد  انتشرت الهجمات السيبرانية بسرعة، مما يمثل تحديًا كبيرًا للمعاهدات . تسريبات إدوارد سنودن في 2013 ،عكست ضعف هذه الاتفاقيات وكشفت عن انتهاك السيادة الوطنية. رغم توقيع المغرب على العديد من الاتفاقيات، لا تزال هناك فجوات أمنية، حيث تركز هذه الاتفاقيات على التنبيه بدلاً من الوقاية.


تعاني اتفاقية بودابست من قيود جغرافية وقانونية، في حين يقتصر التعاون الدولي على مكافحة الجريمة السيبرانية ولا يمتد لتهديدات الدول ضد بعضها. ويعوق انعدام الثقة بين القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين توقيع اتفاقيات جديدة. هناك أيضًا عقبات قانونية تتعلق بالمعايير المختلفة للنشاطات الإجرامية ونقص المعاهدات اللازمة للتعاون الفعال.
في فبراير 2016، أطلقت وزارة الصناعة والتجارة “الحملة الوطنية للوقاية من الجرائم السيبرانية”، بالتعاون مع الجامعات ومؤسسات القطاع الخاص، لزيادة الوعي بالجرائم السيبرانية وتعزيز الأمان الرقمي في المجتمع. أما في الجامعات الخاصة، مثل جامعة يوروميد، فقد أصبح للأمن السيبراني دور بارز في البحث الأكاديمي. يشمل تدريب وحدات عملية وتدريبات ميدانية، مما يمكن الطلاب من اكتساب خبرات في تنفيذ تدابير الأمان، تحديد الثغرات، وتنفيذ الهجمات المضادة.


ويستند  هذا البرنامج إلى منهجيات متقدمة في تصميم وتنظيم أمان أنظمة المعلومات، والتشفير، والبلوكشين، مما يؤهل الخريجين لفهم وإدارة الأنظمة المدمجة الآمنة، وأدوات الاتصال الآمنة، والشبكات.
منذ 2012، يسعى المغرب لوضع استراتيجية وطنية لمواجهة تحديات الأمن السيبراني، مستفيدا من التجارب الدولية وإنشاء مؤسسات وطنية. ورغم الجهود المبذولة، لا تزال البلاد تواجه تهديدات سيبرانية نتيجة صعوبات في تطبيق القوانين وقيود الاتفاقيات الدولية ، فضلا اهتمامه الكبير في تعزيز أمنه السيبراني، حيث شهد تحسنًا في تصنيفاته العالمية، واستفاد من تجارب الدول الأخرى، بالإضافة إلى جهوده في تعزيز الثقة الرقمية عبر مؤسسات التعليم العالي.
رغم الاستراتيجية المحددة التي اعتمدها المغرب في المجال السيبراني، فإن البلاد تواجه تحديات حقيقية تستدعي البحث عن حلول فعالة لمواجهتها. لكن يبقى التساؤل: متى سيتمكن المغرب من إنشاء آليات خاصة به لتأمين فضائه السيبراني دون الاعتماد على القوى العالمية؟

_______

*عائشة بوزرار: باحثة في الإعلام والتسويق الرقمي.


اكتشاف المزيد من التنويري

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

عائشة بوزرار

(باحثة بماستر الإعلام الجديد و التسويق الرقمي)، جامعة ابن طفيل –القنيطرة.

اترك رد