كتاب النص المتشظِّي (المشروع الصهيوني من ريف دمشق إلى قطاع غزة)

المؤلف: بليغ حمدي إسماعيل.
الناشر: وكالة الصحافة العربية ناشرون.
سنة النشر: مارس ٢٠٢٥.
صدر مؤخرا عن وكالة الصحافة العربية ناشرون بالقاهرة الكتاب الثاني والثلاثين للدكتور بليغ حمدي إسماعيل أستاذ المناهج وطرق التدريس بكلية التربية جامعة المنيا، ويروي هذا الكتاب ثلاث قصص أو بالأحرى حكايا الراهن العربي ؛ الأولى قصة الصراع العربي الصهيوني، والقصة الثانية مذبحة غزة، والقصة الثالثة حكاية سورية التي تواجه ثمة مساعٍ ومحاولات مستدامة من جانب الكيان الصهيوني لمحاولة تقويضها وجعلها محافظة إسرائيلية وفق سلسلة من الإجراءات الممنهجة التي تستهدف هدم المقاومة الداخلية، واستقطاب أطماع الفارين من دمشق إلى خارجها، وكلا المشهدين أكثر جدارة باستقراء الحالة الراهنة لواقع الأمة.
وبين القصة الأولى والأخيرة قصة وسطى هي قصة الخريطة العربية الحائرة بين التقسيم الجغرافي السياسي، والتمزق الفكري الذي أحدثه الكيان الصهيوني ببلاد العرب، ومنذ وفاة النابه العربي ابن رشد والفلسفة العربية لاتزال مغرورقة في تفاصيل التنظير لطروحاته الفلسفية دون عناء البحث عن إيجاد فلسفة تبدو واقعية للمواطن العربي الاعتيادي الذي ينفر بالضرورة من فعل القراءة والتأويل وإعمال العقل.
لذا فإن كل الكتابات التي تواترت بغير اتفاق بعد رحيل ابن رشد عن دنيانا مجرد ارتحال اضطراري لتفسير ما خطه الفيلسوف الكبير بغير طرح فكرة الوظيفية أو التطبيق أو حتى هاجس القابلية للتداول المجتمعي، مما أفقد الفلسفة العربية مكانتها الطبيعية التي تحققت بدمغ التاريخ الذي لا يكذب ولا يزيف الحقائق على يد الفارابي وابن سينا وإن كانا قيد ورهن أرسطو وكتابه ما بعد الطبيعة.
ويرى المؤلف أنه ربما يجنح بعيدا حينما يظن أن الفلسفة السياسية اليوم هي كابوس المعرفة، بعدما كانت لقرون بعيدة ضاربة في القدم فن تكوين وإبداع وصنع المفاهيم من أجل تطبيقها، لكن اليوم وإن تشدق دارسو الفلسفة بكنه علومهم هي مجرد استيراد أفكار ونظريات ومن ثم إعادة صياغتها بصورة تقريرية قد تبدو سخيفة مطلق الأمر.
وكارثية الفلسفة السياسية العربية هي الاستغراق المستدام في الأفكار الماركسية التي باتت منتهية الصلاحية وغير جديرة لا بالطرح الفكري أو بالتنظير، أو حتى بنقد تلك الأفكار لأنها بحق أفكار فاشلة وبليدة كشفت عن مرض أصحابها ونوازعهم التحريضية لمجرد التحريض فحسب.
وظلت الفلسفة العربية وهي تسبح في بحر الماركسية تفتش عن وجه لخطابها دونما جدوى، ففي كل سطر نجد ملمحا أو رائحة ماركسية لا يمكن الفكاك من أسرها، حتى استقر الأمر بهذه الفلسفة المكرورة بالإيمان المطلق بفكرة توطين التيارات الفلسفية الغربية والاكتفاء بنقلها.
ويقول روبيرت انتوني في كتابه الماتع ” ما وراء التفكير الإيجابي ” نصًا: ” لديك القدرة على العزف، لكنك بحاجة إلى فهم الموسيقى ” وفي ضوء سياق العبارة فإن الكاتب العربي في ظل تسارع القارئ المعرفي بحاجة أيضا إلى فهم جيد لخصائص هذا القارئ وطبيعته المتجددة بفضل الجموح المعلوماتي وطغيان المعارف إلكترونيا. وأن ما يسرده من وقائع باتت صالحة لأزمنة بائدة قد تتسم بالبلادة أيضا.
وهذا التوجه هو ما دفع الآلاف من الشباب إلى احتكار ثمة أسماء بعينها دون غيرها في القراءة، وأصبح هؤلاء الكتاب هم الاختيار النهائي لديهم بغض النظر عن ما يقدمه الكاتب من أفكار أو رؤى جديدة، فقط لأن بعض هؤلاء الكتاب استطاع في لحظة ضعف لدى القارئ أن يقتنص كل عواطفه واحتياجاته وأحلامه المؤجلة والمؤججة أيضا والقابلة للاشتعال، فأصبح هذا القارئ المسكين أسيرا مطلقا لدى الكاتب.
واستحال حال الكاتب في علاقته بالقارئ إلى علاقة البشر بالنهر كما قال روبيرت أنتوني في كتابه ” يذهبون إلى النهر وهم يشعرون بالسعادة، لكن النهر لا يبالي بهذا أو ذاك ويستمر في التدفق”. وما كان يظنه الكاتب من ثوابت راسخة في قواعد الكتابة لم تعد كفيلة اليوم في تحقيق مقاصده التي سعى من أجلها، لاسيما في ظل الأفلام الوثائقية التي قد تدحض أفكاره وتزعزع ما جاء به في كتابه من معلومات وحقائق أصبحت شبكات التواصل الاجتماعي هي وحدها صاحبة القرار الأخير في قبول أو رفض طرح الكاتب.
وأصبح المحك الرئيس في قبول الكاتب اليوم هو الإقناع والقدرة على المحاججة، لذلك قد يبدو منطقيا طرح بعض أسئلة عن قناعاتنا القرائية السابقة، من مثل: هل نجح محمد حسنين هيكل بكتابه الأكثر شهرة ” خريف الغضب ” في إقناعنا بأن ما خطه من سطور كفيلة بأن تجعلنا نتجه صوب أفكاره بعيدا عن التعاطف مع رئيس وزعيم شعبي ووطني خالد هو بطل الحرب والسلام محمد أنور السادات ؟
وهل أفلح نزار قباني في دواوينه الخمسين أن يفقدنا عذرية اللغة من خلال طرحه الشعري الذي فجر اللذة أكثر مما فجر الإحساس باللغة ذاتها؟
حتى ونحن نقرأ الروائية الجزائرية أحلام مستغانمي في رواياتها وكتبها ” ألسود يليق بك “، مرورا بـ ” عابر سرير ” و ” نسيان “، و” عليك اللهفة “، انتهاء بكتابها اللذيذ ” شهيا كفراق ” هل استطاعت أن تقربنا بخطى وئيدة باتجاه المشاعر المحايدة البعيدة عن تطرف العاطفة؟
وغيرهم كثير، مثلما صنع روبيرت أنتوني في كتابه ” ما وراء التفكير الإيجابي ” من طاقة إيجابية ودافعية للتفكير والحياة على السواء، ربما تيقن أنه خلق مساحات من الطاقة والحيوية لدى قرائه المريدين.
باختصار إن كل ما يصنعه الكاتب من محاولات قد تبدو بائسة بالنسبة له وحده، هو في الحقيقة عالم استثنائي يقفز بالقارئ إلى عنان السماء حتى يظن هذا القارئ أن كاتبه هو ملكه وحده، وأن ما صنعه نجيب محفوظ في حكاياته هي الشوارع التي تخص القارئ الفلاني وحده، وهي تلك المقاهي الشعبية التي يجلس عليها ذاك أيضا بمفرده أو بصحبة أقرانه من بسطاء الشعب.
ولكن في ظل الهيمنة الروائية التي تطغى على مساحات الفنون الأدبية الأخرى كالشعر والمسرحية وبالطبع المقالات والدراسات السياسية شديدة التخصص، تصبح الكتابة السياسية التأريخية خطرا كبيرا على العقول والمدخرات النقدية والأفئدة والعواطف والعيون أيضا.
وربما تلك المخاطر هي التي دفعت الكثير من الروائيين الحقيقيين ومدعي الفن القصصي أيضا إلى اختيار موضوعات قصصية ومشاهد سردية تدغدغ تلك القلوب، وتقوض تلك المدخرات وتعبث بالعيون من خلال توصيف دقيق قد يبدو بعض الشئ سفيها وقبيحا لعلاقات جسدية مستباحة، أو مزاعم باطلة لحريات غير مقيدة، وهذا ما يمكن رصده بسهولة من خلال عشرات العناوين البائسة لغويا وفكريا ومضمونا أيضا تستقطب عيون القارئ قبل عقله.
ورغم هذا التوجه المبتذل، تعد الكتابة السياسية التأريخية مفتاحا للعلوم وأداة التعليم والتعلم، ومن خلالها يتمكن الإنسان من الخروج من ضيق الجهل إلى فضاءات العلم والمعرفة، وعن طريقها يطلع على عالم الصفحة المطبوعة وما فيه من معلومات ومعارف وخبرات.
ويؤكد الكتَّاب والمفكرون على أن الكتابة السياسية هي المرآة التي يظهر فيها كل عناصر القدرة اللغوية لدى الفرد، وهي المقياس الذي لا يخطئ أبدا في تحديد القدرات الفكرية. ولا شك أن الكتابة السياسية التأريخية استحالت اليوم عملية ضرورية للحياة المعاصرة للفرد وللمجتمع على السواء، لاسيما وأنها أصبحت مكونًا رئيسًا من مكونات الثقافة وضرورةً للتواصل الإنساني.
فهرس الكتاب:
الصُّهْيُونِيَّةُ
الفصل الأول: مِن التَّبَرُّؤِ إلى الاسْتِيطَانِ إلى تَرْوِيْجِ السِّيْرَةِ الذَّاتِيَةِ
1 مفتتح للكلام.
2 العرب وإسرائيل.
3 فكرة تأسيس الدولة.
الفصل الثاني: إِسْرَائِيْل حِيْنَمَا تَرْتَدِي قِنَاعَ الاعْتِدَالِ.
1 حديث عن الصهيونية.
2 تيودور هرتزل.. المؤسس.
3 الأصل التاريخي للصهيونية.
4 إنهم قتلوا الرب
5 بروتوكولات حكماء صهيون
6 الأمن الإسرائيلي في الشرق الأوسط
7 مستقبل الحركة الصهيونية.
8 الحركة العلمية الصهيونية كحل أمني
الفصل الثالث: مَوْتُ الجُغْرَافيَا.. تَارِيخُ صِرَاعِ العَوْلَمَةِ مَعَ الخَرِيْطَةِ
1 علاقة حميمية. جدا
2 وفاة خريطة
3 اليهود. أنثروبولوجيا.
4 قراءة في عمق المزاعم اليهودية
الفصل الرابع: التَّقَصِّي الأمْرِيكِي فِي الشَّرْقِ الأوْسَطِ
1 هنا واشنطن.
الفصل الخامس الحرب على غزة.. ثمة أقوال أخرى
1 مشهد رأسي على غزة.
2 مشهد أفقي على غزة.
3 لماذا نؤيد إسرائيل ؟.
4 كلمة أخيرة عن غزة.
5 حان الوقت المناسب للإحلال.
صوب دمشق
1 الطريق إلى دمشق: ساسة، وقادة، وأنبياء !
2 سورية الأسد بين الأب والابن في سطور.
3 الموقف الأمريكي
4 المسألة السورية
5 سورية من الداخل
حديث عن النهايات
1 سُورِيَةُ مِنَ الدَّاخِل.. حَدِيثٌ عَنِ النِّهَايَاتِ
2 سُوْرِيَة.. بُرُوتُوكُولاتُ التَّعَامُلِ مَعَ الأزْمَةِ السِّيَاسِيَّةِ
3 إحْدَاثِيَّاتُ المَشْهَدِ الأخِيْرِ.. سُورِيَةُ تُدِيْرُ مَعْرَكَتهَا
4 هاشتاج حلب.. بين شاطئين
5 سورية.. السقوط الأخير.
6 الشرع ورفاقه.. المواجهة من نقط المساف صفر
7 هل انتهت قصتنا بعد ؟
اكتشاف المزيد من التنويري
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.