![](https://i0.wp.com/altanweeri.net/wp-content/uploads/2025/02/1691641_0-1-1.jpg?resize=780%2C470&ssl=1)
في مصر مدينة تراثية عريقة اسمها فوة وهي من مدن محافظة كفر الشيخ، هذه المدينة لم تأخذ نصيبها من الاهتمام، بل فقدت جانبا من تراثها نتيجة عزوف وزارة الآثار عن تسجيله، فما هي أهمية هذه المدينة:
فوة مدينة مصرية قديمة ترجع لعصور موغلة في القدم أزدهرت في العصور الفرعونية، وما زالت المدينة الرعونية باقية أسفل المدينة الحالية، لذا يكتشف السكان من آن لآخر قطع أثرية من معبد فوة أسفل المدينة، ومنها قطعة رائعة في جامع الكوراني، لكن إلي الأن لا يوجد برنامج كشف أثري عن مدينة فوة الفرعونية .
فوة كانت أهم ميناء تجاري علي نهر النيل في العصر المملوكي، وكان بها تجار من أوربا ومن بلاد الشام وما زالت فوة تحتفظ بأسماء شوراع المدينة المملوكية، ولكن للأسف لا يعرف أحد أن المدينة المملوكية ما زالت باقية في العديد من معالم المدينة .
في العصر العثماني اشتهرت بعدد من العلماء وبصناعة التحف الخشبية خاصة المنابر ودكك المبلغين والمشربيات، فقد كانت أسرة نعمة الله الفوية حازت شهرة واسعة بانتاج هذه التحف .
هذه المدينة تضم مساجد أثرية وزوايا وقباب أثرية رائعة، وبقايا مصنع للطرابيش وغيرها، هذا ما دفعني في سنة 1988 أن أصدر أول كتاب لي ( فوة مدينة المساجد ) الذي دعم اصداره مجلس مدينة فوة حينئذ حيث كان رئيس المجلس عبد العال دخيل علي وعي بضرورة التعريف بالمدينة وتراثها، والأن بعد سنوات بدء المصريين يزورون فوة للتعرف علي تراثها بكثافة وكذلك سياح من خارج مصر، في ظل غياب كل الجهات المعنية كمحافظة كفر الشيخ ومجلس ميدنة فوة ووزارة السياحة والآثار عن توظيف تراث فوة، وللعلم أن تراث فوة اللامادي أحد أسباب جاذبيتها، فالكليم الفوي الموروث منذ قرون كحرفة تقليدية يجذب الألاف بل يصدر خارج مصر، وبالرغم من ذلك لم تقم مصر بتسجيلة علي قائمة التراث العالمي اللامادي، وفوة تشتهر أيضا بجودة اعداد الفسيخ بمعايير صحية وهو ما جذب الألاف إليه، وكذلك ببراعة أهلها في تقديم الفول علي الطريقة الفوية، مدينة كهذه ألا تستحق أن تكون علي قائمة التراث العالمي في اليونسكو .
وللأسف لا يوجد إلي الأن متحف يضم تراث فوة المنقول والمتناثر في متحف الفن الاسلامي ومتحف طنطا، ومكان المتحف موجود وهو محلج القطن الأثري والذي تم إخراجه من عداد الآثار، وسيضاعف المتحف من جاذبية فوة بل سيكون نقطة انطلاق لاقتصاديات التراث الفوي، نعم أنا متحيز لفوة، وسأظل أحبها وأروج لها، لقد روجت لها داخل وخارج مصر، وفي محافل دولية، وشجعت شخصيات هامة علي زيارتها، في الوقت الذي تتناسي فيه محافظة كفر الشيخ أهمية هذه المدينة التي تعد متحفا مفتوحا للعمارة الإسلامية .
كل ما سبق أثاره لدي كتاب محقق أصدره الباحث القدير الدكتور عمر محمد الشريف وهو مخطوط هام عثر عليه وقدمه لنا عنوانه ( العرائس المجلوة في ذكر أولياء فوة ) والذي قدم لنا معلومات وافية عن المتصوفة في فوة وعلماء فوة ومساجدها وزوايها، بل ألحق به مخطوط أخر عرفته لأول مرة منه هو ( فتح الالتجا في بيان نسب وطريقة القطب سيدي سالم أبي النجا ) وهناك عشرات المخطوطات كتبت في فوة وهذا التراث المخطوط للأسف ما زال مجهولا فقد كانت مساجد فوة عامرة بالمكتبات وألف فيها كتب تعد من النوادر، بل ما لا يعرفه الكثيرين أن طلاب العلم كانوا يسعون إلي فوة لتلقي العلم علي يد علمائها، ونحن أمام جهد قدمه الدكتور عمر الشريف حيث أنه علق علي النص المحقق بصورة وافيه .
هل نحن أمام كنز كبير نعم، فإذا أردت أن تعرف أكثر عن فوة فما عليك إلا أن تعرف سجلات محكمة فوة الشرعية حافلة بمعلومات رائعة عن المدينة الأسواق الوكالات الحمامات الأسبلة المنازل بل حتي طائفة المعماريين التي شيدت منشأت رائعة بطراز معماري مميز، ويكمل معلومات السجلات وقفيات مساجد فوة الغنية بالتفاصيل المثيرة والمصطلحات الحرفية الخاصة بالحرفيين في فوة، وفي النهاية .. هل سيكون هذا المقال دافعا للاهتمام بهذه المدينة .
اكتشاف المزيد من التنويري
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.