التنويريمنوعات

الجهويَّة المتقدِّمة؛ نموذج مغربي للتنمية المحليَّة

يُشكّل مشروع الجهوية الجديد في المغرب تحولًا جذريًا مقارنةً بجميع التصورات السابقة للامركزية. إنه بنية جديدة تبتعد تمامًا عن الماضي، من حيث المفهوم والأهداف والتوقعات والغايات. ويُعتبر هذا المشروع خطوة ضمن العملية المستمرة لديمقراطية الحياة السياسية والاجتماعية في المغرب.

تعتبر الجهوية المتقدمة في المغرب جزءًا من ورشات كبرى تهدف إلى تجديد المؤسسات، حيث تترافق مع مجموعة من الإصلاحات الهامة التي تشمل تنظيم وتطبيق تدخلات الدولة، ويأتي هذا المشروع استجابة للإرادة الملكية ولتحقيق السيادة الوطنية، بهدف الانتقال من الحالة ناشئة إلى المتقدمة ذات الطابع الديمقراطي والتنموي.

كانت دعوة صاحب الجلالة محمد السادس، إلى اللجنة الاستشارية للجهوية من أجل إيجاد نموذج خاص بالجهوية المغربية، يراعي الخصوصيات المحلية، ويرتبط مفهوم التنمية الجهوية بالتقدم والتخلف في مجالات الاقتصاد والمجتمع، حيث تعتبر التنمية عملية اقتصادية تتفاعل فيها عوامل قانونية وسوسيوثقافية لتحقيق تقدم اقتصادي وزيادة الإنتاج والدخل الفردي.

إنّ التنمية المحلية هي مجموعة من المشاريع الاقتصادية المنتجة محليًا، وتتطلب لتحقيقها إعداد خطة تهدف إلى إعادة تشكيل المجال باستخدام أساليب منهجية جديدة، تهدف هذه الأساليب إلى فتح المجال أمام أنماط جديدة من التنظيم والأداء، مما يجعلها محركًا للجهوية والتنمية المحلية.

كما تتجلى أهمية الجهوية المتقدمة في تعزيز الاستراتيجيات التنموية والتخطيط الاقتصادي، من خلال دعم النظام اللامركزي وتوسيع بنيته. تهدف هذه السياسة إلى تحقيق تكامل اقتصادي وإداري وتنموي، مع استثمار مؤهلات الجهات ومواردها البشرية والطبيعية.

تتضمن آليات تفعيل برامج التنمية المحلية التي تساهم في تحقيق تنمية فعالة ومستدامة، فيما يلي:

–  التخطيط الاستراتيجي: وضع خطط واضحة تستند إلى احتياجات المجتمع؛

– الشراكة بين القطاعين العام والخاص: تعزيز التعاون لتوفير التمويل والخبرات؛

-بناء القدرات: تدريب المؤسسات المحلية لرفع كفاءاتها؛

– المشاركة المجتمعية: إشراك السكان في مراحل التخطيط والتنفيذ؛

– استخدام التكنولوجيا: تحسين إدارة المشاريع وتسهيل الوصول إلى المعلومات؛

– رصد وتقييم الأداء: متابعة نتائج البرامج وتعديلها حسب الحاجة؛

– تمويل مستدام: البحث عن مصادر تمويل متنوعة لدعم المشاريع؛

– تعزيز البنية التحتية: تطوير المرافق اللازمة لدعم الأنشطة المحلية.

وفي سياق قضية الصحراء، تُعتبر الجهوية المتقدمة بمثابة حل مقترح من المغرب لتسوية هذا النزاع المفتعل، وقد أكد السيد عمر عزيمان، رئيس اللجنة الاستشارية للجهوية، أن الجهوية المتقدمة، في إطار الإصلاح الدستوري، تمثل “مرحلة انتقالية” نحو تحقيق الحكم الذاتي في الصحراء. ويُعد تنفيذ الجهوية المتقدمة في المغرب جزءًا من الجهود المستمرة والدائمة للمغرب لحل قضية الصحراء.

ولتحسين التنمية الجهوية يتطلب الأمر استراتيجيات متكاملة لمعالجة مجموعة من الإكراهات والمعيقات التي تتمثل فيما يلي:

-نقص التمويل: محدودية الموارد المالية المتاحة.

– البنية التحتية غير الكافية: ضعف المرافق والطرق.

–  غياب التخطيط الفعّال: نقص الدراسات اللازمة.

–  المشكلات الإدارية: تعقيدات تؤخر سير العمل.

–  نقص المهارات: قلة الخبرات المحلية في إدارة المشاريع.

–  ضعف المشاركة المجتمعية: تراجع انخراط المجتمع في اتخاذ القرارات.

–  الفجوات التنموية: تفاوت كبير بين المناطق.

–  التحديات البيئية: تأثيرات التغير المناخي على الموارد.

تتمتع الجهات والجماعات المحلية، استنادًا إلى الفصل 140 من الدستور، بمجالات اختصاص ضمن دائرة ترابية، حيث يعتمد التنظيم الجهوي على آليات متعددة لتفعيل برامج التنمية. ومع ذلك، يُظهر واقع المجال المحلي في المغرب مجموعة من التحديات والعوائق التي تحول دون تحقيق التنمية المحلية على المستوى الجهوي.

وفي هذا السياق، تعتبر الجهوية عنصراً أساسياً في التنمية المستدامة وفي مسار الإصلاحات التي تسعى السلطات العمومية إلى تحقيقها.

_____
*عائشة بوزرار/ باحثة في الإعلام والتسويق الرقمي.


اكتشاف المزيد من التنويري

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

عائشة بوزرار

(باحثة بماستر الإعلام الجديد و التسويق الرقمي)، جامعة ابن طفيل –القنيطرة.

مقالات ذات صلة

اترك رد