أدبالتنويري

زارع الرَيحان.. بين سلاسة اللغة ورصانة الهيكل المعماري

صدرت عن دار “الرافدين” ببغداد رواية “زارع الرَيحان” للقاصة والروائية العراقية المٌقيمة بلندن هاجر القحطاني وهي باكورة أعمالها الروائية التي ستحفر اسمها جيدًا في ذاكرة المشهد الروائي العراقي الذي يتعزّز كل عام بأسماء إبداعية نسوية مهمة أمثال حوراء النداوي، شهد الراوي، غادة صدّيق رسول وغيرهنّ الكثير.. ومَنْ يقرأ هذه الرواية بإمعانٍ كبير وحسٍّ نقدي عالٍ سيكتشف من دون عناء أنه يقف في مواجهة نصٍ سردي متين من حيث هيكله المعماري، وبناء شخصياته، وعمق ثيماته الرئيسة والفرعية، بل وذهبت أبعد من ذلك حينما أتقنت الجملتين الاستهلالية والختامية وإن تأخرت الأولى قليلًا لكنها ظهرت في نهاية التمهيد الذي قدّمه الراوية صفاء حينما قال: “كتبتُ هذا فحسب لأنني لم أكن لأنجو إلّا بالكتابة”.

تتمحور الثيمة الرئيسة لهذه الرواية على تجربة علمية يقوم بها الدكتور حمزة؛ وهو طبيب نفسي عراقي مُغترب في النمسا بدعم من ابنيّ عمه حامد وواثق اللذين يعيشان في العراق ويوفران له المال وإدارة المشروع.. “يحاول الدكتور حمزة بمساعدة فريق مصغّر من الأطباء والمختصين خلق بيئة قياسية لمعالجة آثار اضطراب ما بعد الصدمات العاطفية الحادة التي تسببها الحروب والعيش في ظل القهر المزمن”.. وما أكثر هذه الحالات أو الأمراض القابلة للعلاج خاصة بعد الاحتلال الأنغلو- أمريكي للعراق في 2003 وحتى الوقت الحاضر.. وعلى الرغم من أنّ العدد الإجمالي للأشخاص الموجودين في هذا المنتجع يقارب الخمسين شخصًا إلّا أنّ عدد المرضى أو المشاركين هو 13 شخصًا؛ عشرة ذكور وثلاث إناث تتراوح حالاتهم بين الاكتئاب والقلق المزمن إلى الانفصام.

تتألف رواية “زارع الرَيحان” من أربعة فصول مرّقمة عدديًا.. تدور أحداثها زمنيًا خلال ستة أشهر تقريبًا في أثناء الحرب على داعش إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار أنّ مدة التجربة العلمية ثلاثة أشهر لم يكملوا منها سوى خمسة أسابيع تنضاف إليها مدة العلاج ببغداد، والنقاهة في إسطنبول، وتليها العودة إلى العراق، واللقاء الأخير الذي دبّرته ضُحى بين الراوية صفاء وريحان التي يحبها وتوهّم أنها تبادله الحُب بحبٍ أعنف.. أمّا المكان فهو ينحصر بين محافظة واسط ومدينة الصويرة التي تحمل طابعًا ريفيًا فيما يتعلق بالعادات والتقاليد الاجتماعية في الأقل.. لا تقتصر الأبعاد المكانية على واسط وبغداد وإسطنبول وإنما تتعداها إلى النمسا التي قدِم منها الدكتور حمزة وترك ابنه وطليقته النمساوية هناك، وتصل إلى مصر أيضًا على اعتبار أنّ الدكتور محمد ماهر قد قَدِم من القاهرة وسبق له أن درّس في إحدى الجامعات العراقية ببغداد.

ثنائية الشرق والغرب من جديد

يتبنّى صفاء عملية السرد بضمير المتكلم ويلعب دور الشخصية الرئيسة منذ مستهل الرواية حتى نهايتها، كما يتناصف دور البطولة مع شخصية “ريحان” أو “هي” كما أطلقت عليها الروائية هاجر القحطاني، وسوف تُطلق تسمية “هو” على الدكتور حمزة، الطبيب النفسي المرموق القادم من النمسا لتضعنا من جديد أمام ثنائية الشرق والغرب حتى وإن كان هذا الطبيب عراقي الأصل لكنه أمضى 35 سنة في الغرب تشرّب فيها بالثقافة النمساوية وامتحّ فيها من عاداتهم وتقاليدهم الاجتماعية الشيء الكثير.

لا بدّ من الاعتراف أولًا بأنّ هاجر القحطاني قد نجحت في تشيّيد الهيكل المعماري للرواية، وبرعت في بناء الشخصيات الكثيرة التي قاربت الخمسين شخصية متنوعة تجمع بين الأطباء والمختصين والمرضى والموظفين والحرّاس والطباخين وما إلى ذلك.. وربما تكون شخصية الراوي صفاء هي الأكثر إغراءً لأنه لم يحضر لكي يخضع للتجربة العلمية وإنما ليدوّنها.. لعل من المفيد الإشارة إلى أنّ مدير المشروع حامد آل عايد هو الذي يستهل السرد في الصفحات الأولى من الرواية وحجتهُ في ذلك هو تعريف صفاء بمرافق المنتجع وأجنحته المتعددة التي يسعى طاقمها جميعًا لإنجاح هذه التجربة العلمية التي تبدو غريبة وغير مألوفًة في بلد مثل العراق خرج لتوّه من حربٍ كونية وما يزال يقاتل داعش على قسم كبير من جغرافية بلده.

نتعرّف في الفصل الأول على طبيعة المنتجع المُؤلَف من ثلاث طبقات تضم غرفًا متعددة للمقيمين والمقيمات.. وثمة جناح مخصص للدكتور حمزة ومساعديه الخمسة وهم على التوالي: الدكتور أحمد، المختص بالعلاج النفسي السريري، والدكتور رائد، طبيب نفسي عراقي من النمسا، واستيفان الموصلّي، زميله في الكلية، طبيب عام من بغداد قرّر أن يدرس العلاج الإدراكي السلوكي في ألمانيا، والدكتور محمد ماهر من مصر.. يعتقد الدكتور حمزة بأهمية هذه التجربة العلمية وضرورتها المُلحّة للبلد الذي عانى سنواتٍ طوالًا من العنف والخوف والاضطراب.. وبما أنّ الراوي هو الشخصية الرئيسة فلا غرابة أن نراه يدوّن دائمًا الملحوظات السريعة والكلمات المفتاحية في النهار لكي لا تفوته شاردة أو واردة.. فهو يحب المُراقبة الدقيقة عن بُعد ويهوى التفرّج على العالم وحياة الآخرين.. يمكن ملاحظة أولى أوهام الراوية حينما يتحدث عن “ريحان” ويقول: “ظننتُ أنها ابتسمت لي”.. ثم يُضيف بأنه التقط كل إشارة ونأمة صدرت عنها.. وحينما اقترحت عليه أن يطلبا شايًا قرب حوض السباحة اعتبر هذا الطلب “تصريحًا كاملًا بالحُب” مع أنّ وثيقة عقد العمل فيها اشتراطات صعبة تمنع إقامة العلاقات الخاصة أو الحميمة وتحظر إفشاء الأسرار.. على الرغم من التصاريح والأذونات التي حصل عليها حامد من مجلس المحافظة ووزارة الداخلية إلّا أن شيوخ العشائر كانوا مستائين جدًا من هذا المنتجع الذي يبدو بالنسبة لهم مكانًا مشبوهًا لا علاقة له بالأبحاث والتجارب العلمية التي تُطبق على المرضى النفسيين الذين هرست الحروب والمخاوف أعصابهم.. الأمر الذي أحبط البعض منهم وجعلهم يشعرون باليأس لأننا لا نتغيّر ونصبح مثل بقية بلدان العالم المتحضرة.. لا يجد الراوية غضاضة في القول بأنه كان مُراقبًا فاشلًا لأنه سرعان ما صار يتوق لسرد قصته الشخصية بينما يتمحور جوهر عمله على رصد قصص الآخرين وتدوينها بدقة شديدة تقتضيها الأمانة العلمية.

التشبّث بالقوانين المدنية الحديثة

تبلغ الأحداث ذروتها في الفصل الثاني من الرواية، فالمقيمون الثلاثة عشر هم مرضى بشكل من الأشكال كما أشرنا سلفًا وأنّ انفلاتهم أمر متوقع في أية لحظة.. وهذا ما حدث مع عبّاس الذي عرفناه كرسّام ماهر طوّر علاقته العاطفية مع ضُحى التي تُعاني هي الأخرى من قلقٍ عصبيٍ مُزمن.. وبينما كان عبّاس متوترًا كانت الشرطية مها تمشي خلفه وتصرخ بهاتفها النقّال فطلب منها أن تبتعد عنه وتسلك طريقًا آخرَ غير أنها استمرت في الصراخ المُستفز فشتمها وغيّر طريقه لكنها ظلّت تمشي بمحاذاته وتتكلم بصوت حاد، وحينما ضايقتهُ ليفسح لها الطريق دفعها فسقطت على الصخرة ثم سالت الدماء من تحتها وحينما تأخرت سيارة الإسعاف أجهضت الشرطية جنينها ذا الشهور الأربعة.. وبما أنّ عبّاسًا لا عشيرة له فلا بدّ لأصحاب المشروع والقائمين عليه أن يتحملوا مسؤولية الحادث.. لم يقبل حامد بفكرة الفصل العشائري التي اقترحها الشيخ ثابت وأكّد له بأنهم يفضّلون الذهاب إلى المحكمة.. فمن غير المعقول أن يلجأ أصحاب المنتجع العلمي والقائمين عليه إلى الأعراف العشائرية وهم الذين يؤمنون بالعلم والمعرفة ويحملون الشهادات العليا من خيرة الجامعات الأوروبية أن يفكروا بـ “العطوة” أو “الدّكة العشائرية” ويبتعدوا عن القوانين المدنية الحديثة.. الأمر الذي سيعرّضهم إلى إطلاق النار من قِبل عشيرة الشرطية مها ويدفعهم إلى التفكير بإغلاق المنتجع ومغادرته خلال مدة قصيرة.

تتكشف العديد من الشخصيات في هذا الفصل حيث تسلّط الروائية هاجر القحطاني الضوء على شخصية الراوية صفاء الذي عرف خلفية والده الشيوعية، ومحنة خاله الذي سُجن لأسباب سياسية ثم أعدمه رفاقه عندما اشتدت قبضتهم على كرسي الحُكم فانشغلت أمه بعائلة شقيقها القتيل فوضعت أولاده الثلاثة في المتن وتركته في الهامش لا يلوي على شيء.. كما نتعرّف أيضًا على أسرة “ريحان” التي اختفى والدها في سنتها الأولى حيث سُجن لأسباب سياسية مع أمها التي سوف يُفرج عنها بينما يتوارى الأب في مدارج النسيان ولا يعرفون له أثرًا حيث تتطلّق أمها الحسناء غيابيًا وتتزوج من ضابط أمن ظل يلاحقها منذ خروجها من السجن لكن سوف يموت بعد عامين بسبب مرض غريب ألمّ به فتنتقل للعيش، هي وأختها الكبرى، مع جدتها بعد هجرة خالهما الوحيد.. وبعد مدة قصيرة تموت الأم منتحرة بالسُمّ لتترك لنا هذه الضحية مُدججة بالأمراض النفسية التي لا تتحملها صبية صغيرة لم تجتز عامها السادس.

التعالق مع السمفونيات والأغاني واللوحات الفنية

تتكثف المعلومات الطبية فتُطلعنا الروائية بواسطة الدكتور حمزة على “منهجية الخيط الأبيض” وعمل الدماغ البشري الذي يُشبه كأس سوائل ملونة تُحدّد الحالة المزاجية للشخص.. لا يترك الراوية أي إنسان له علاقة حتى وإن كانت عابرة مع “ريحان” فقد نقل هواجسه إلى الدكتور حمزة لأنه لاحظَ أنّ هذا الأخير يقضي وقتًا لافتًا في الحديقة مع ريحان.. ما يميز هذا الفصل أيضًا هو تعالق الروائية هاجر القحطاني مع بعض الأغاني العراقية والعربية مثل أغنية “يا لجمالك سومري ونظرات عينك بابلية” التي غناها فاضل عوّاد، وأغنية “القلب يعشق كل جميل” لأم كلثوم، وأكثر من ذلك فهي تتواشج مع لوحات فنية مشهورة مثل “الصرخة” لأدوارد مونغ التي تحفّز المرضى أو المشاركين على البوح أو الاعتراف ربما.. بينما لا يحتاج المدير حامد إلى أكثر من صوت المطرب العراقي سعدي الحلي لكي يبوح بكل شيء.

يقرّر حامد خروج الدكتور ماهر أولًا فـ “للأغراب الحق في أن يكونوا أول المُغادرين عند الخطر المُحدق”.. حيث وصل إلى بغداد من دون أن تعترضه سيطرة رجال الشيخ ثابت.. تتفاقم أزمة عبّاس النفسية حيث أغلق الباب عليه ولم يفتحه حتى كسروه فوجدوه فاقد الوعي لكنه سمع أحدهم يقول بأنّ عباس مات فتكفل الدكتور حمزة بنقله وتشييعه ودفنه بعد إخبار عائلته بما حدث.. أمّا الدكتور ماهر فقد شرح للراوية بأنّ “الناس الذين يعانون من متلازمة القلق الناتج عن الصدمة يصعب عليهم الاندماج في علاقات قريبة”.

تستمر الروائية هاجر القحطاني بتقنيتها الميتاسردية حيث تتعالق مع السمفونية الخامسة لغوستاف مالر، ثم تشتبك مع فيلم “موت في البندقية” للمخرج الإيطالي لوتشينو فيسكونتي.. وضمن هذه التنقلات الميتاسردية سنعرف أن عبّاسًا قد نُقل إلى الطب العدلي الذي يُحيطنا علمًا بأن سبب الوفاة هي “جرعات زائدة من حبوب المنوّم مع كحول” علمًا بأنّ الحارس “طاهر” هو الذي أوصلَ له قنينة الشراب.. تتعمّق هواجس الراوية وتساؤلاته الغامضة التي لا يجد لها أجوبة مُقنعة بشأن تعلّق “ريحان” بالدكتور حمزة، ولم يفهم سرّ انشدادها له، وإعجابها الشديد به.. وهو يرى بأنّ “ريحان” قد وهبتهُ الحياة، وها هي تميتهُ مرة أخرى.. ويؤمن بأن العبث بالحياة والموت جريمة.. لا يصدّق العديد من زملائه في العمل بقصة الحُب التي توهمها وحتى الفلاح سعد وصف حالته بأنها “ليست حُبًا، أو هو حُب من النوع الضار ” وطالبهُ أن يحمي نفسه منه لا أن يُغرقها فيه.. الغريب أنّ الراوية صفاء يطلب من الدكتور رائد الدخول إلى غرفة الاعتراف أو المشاركة وعلى صوت باخ المُهدّئ والمُحفِّز على الكلام يبوح بما يعتمل في داخله، فنفهم بأنه من مواليد سنة 1980، وكان والده سجينًا سياسيًا في ذلك الوقت.. ثم يُعرّج على ابنة خالته التي ظلت كما هي عليه قبل الزواج وبعده، ولعل هذه الزيجة توهجت لمدة شهر قبل أن تخبو نهائيًا فلاغرابة أن يبحث عن امرأة بديلة يحبها ويتعلّق بها على الدوام.. لقد أحبّ الراوية الدكتور رائد وأدخلهُ إلى أعماقه بسهولة ويسر..

تتفاقم مشكلة المنتجع أكثر حينما يلتقط الراوية خلافًا لمواثيق العمل صورًا للدكتور حمزة وريحان ويبعثها إلى الشيخ ثابت فيجن جنون هذا الأخير ويقرر مع حامد إخلاء المنتجع الذي أصبح مصدرًا للإشاعات والنزاع بين الأهالي بينما أرادوه واحة طمأنينة وشفاء.. أرادت ريحان أن تشتكي على الراوية لكن العم سعد سوف يخبره بأنها كانت تعامله كأخ أو كصديق ليس أكثر ولهذا السبب فهي لم تقدّم الشكوى وفاء للصداقة التي جمعتهما ذات يوم عندها هذا الرجل الطيب.. يبدو أن التجربة العلمية قد فشلت لكنها نجحت مع الراوية فقط لأنه أفاق من سبات طويل وأوهام كثيرة لا حدود لها.. ولمناسبة ختام المشروع قرر حامد أن يدعو زوجته وابنتيه لحفل الغداء الذي أعدّوه لهذه المناسبة.. وعلى الرغم من كل الصعوبات التي سببها الراوية لريحان إلّا أنّ هذه الأخيرة اعتذرت له بكل جوارحها إن كانت قد أوحت له بشيء لا أساس له وختمت اعتذارها بالقول: “نحن جميعًا متعبون ومرتبكون.. يجب ألّا نعوّل على ما فعلناه وقُلناه هنا”.

جملة ختامية شديدة الدقة والتعبير

يمكن إيجاز أحداث الفصل الرابع والأخير من الرواية بحادث الاصطدام الذي تسببت فيه عدة سيارات حيث أُصيب صفاء بكسر في أعلى الذراع وعدد من أضلعه، بينما بُترت ساقيّ حسنين، وفقد حامد زوجته، ومات الدكتور حمزة.. يدخل صفاء إلى المستشفى ويخرج منه بعد عدة أسابيع، ويسافر إلى تركيا للعلاج والنقاهة.. وفي إسطنبول تكتشف زوجته أنه على علاقة بامرأة أخرى وأنه يريد الانفصال عنها لكنها تقاتل من أجل زوجها وبيتها ولا تريده أن يتهور من أجل نزوة عابرة.. وعلى الرغم من توتراته الأسرية ينكبّ على مدوناته لمدة عشر ساعات في اليوم وينجزها خلال مدة أسبوعين ويتهيأ لتسليمها إلى حامد الذي أعطاه رواتب سنة كاملة.. يعثر الراوية على صفحة فيسبوك ضحى ويتواصل معها حيث ترتب له لقاءً مع ريحان في مقهىً بالجادرية ويتبادلان أحاديثًا شتى فبعد أن مات غريمه الدكتور حمزة اعتقد أن طريقه قد بات سالكًا إلى قلب ريحان لكنها تفاجئه برغبتها في الزواج من حامد الذي فقد زوجته إلهام في الحادث، وأنها لم توهمه طوال مدة تعارفهما فقد كانا مجرد أصدقاء لا غير حتى أنّ العم سعد قد عرف بهذا الصداقة التي لم تتطور إلى الحُب والتعلّق العاطفي.. وأنّ مشاعره الملتهبة قد تأثرت بأجواء المنتجع.. تنهي الروائية هاجر القحطاني نصها السردي الناجح بجملة ختامية شديدة الدقة والتعبير تأتي على لسان صفاء الذي يريد أن ينام بعد جولة طويلة جدًا حيث يقول: “تسرّب خدرٌ موجع إلى روحي واشتهيت النوم إلى الأبد”.

وفي الختام لا بدّ من الإشارة إلى أنّ هاجر القحطاني هي روائية متمكنة من فنها وقادرة على العطاء السردي المتقن في رواياتها القادمة طالما أنها تتوفر على لغة سردية ناصعة، وقدرة واضحة على اجتراح الثيمات الرئيسة والثانوية، وبناء الشخصيات التي تنتمي إلى خلفيات ثقافية واجتماعية متنوعة.. إنها روائية وساردة تعد بالكثير وأنّ نجاح هذه الرواية سيضعها في الصف الأول من خارطة الروائيين العراقيين الكبار الذين لن يغادروا ذاكرة القرّاء بسهولة..

يا زارع الريحان حول خيامنا

لا تـزرع الريحان لست مقيمُ

نظري الى وجه الحبيب نعيمُ

وفراق من اهـوى عليّ عظيمُ

ما كل من ذاق الهوى عرف الهوى

ولا كل من شرب المُدام نديمُ

ولا كل من طلب السعادة نالها

ولا كـل مـن قــرأ الكتاب فهيمُ

مالي لسان ان اقول ظلمتني

والله يشهد انـــك المـظـلـومُ

انا الذي ما كنت ارحم عاشقاً

حتى عشقت وها انا المرحومُ

***

ابو فراس الحمداني

……………………………

بقلم: عدنان حسين أحمد (لندن)


اكتشاف المزيد من التنويري

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

اترك رد