التنويريفكر وفلسفة

الحُبّ ضرب من انكشاف الوجود

ليس هناك ما يُشعِر الإنسانَ بمتعة وجوده في العالَم كالحُبّ والإيمان. أجمل ما يتجلى في الإنسان الحُبّ، وأجمل ما يتجلى فيه الإنسانُ الحُبّ، وأعذب صلة وجودية بين إنسان وإنسان تتحقّق بالحُبّ، وأعذب طور وجودي للإنسان الحُبّ. الحُبّ ضربٌ من انكشاف الوجود وتجلي ما هو مضيء في الإنسان، واحتجاب العناصر المظلمة، واضمحلالها إلى أدنى مرتبة ممكنة. الحُبّ الأخلاقي بلا شروط ولا قيود نعمة إلهية، لا يظفر بها إلا الأخلاقيون النبلاء. كأن الإنسان يغيب في الحُبّ عن الزمان والمكان والمادة ويختفي ظلامها، وكأن الزمان يتحول إلى صفر، ‏عندما يحضر هذا النوع من الحُبّ. لا ينكشف النورُ إلا بمرآة يتجلى فيها، ‏الإنسانُ الأخلاقي يتجلى فيه نورُ الله، الأخلاق مرآة نور كائن مضيء. الحُبّ الأخلاقي ليس حالة شعورية مؤقتة أو عابرة، إنه رحلة وجودية يعيد الإنسانُ تعريفَ ذاته فيها ويوجد بطور جديد.

مادام الحُبّ رحلة وجودية، فكلّ رحلة وجودية يخوضها الإنسان لن يعود بعد خوضها لما كان هو عليه قبل ذلك.كلُّ ما هو وجودي في الحياة منبع إثراء وتكريس لكينونة الإنسان، سواء أكان من نوع مبهج أو من نوع موجع، وإن كان كل منهما يحدث أثره من جنسه وبكيفية تشاكله. الذي يعيش الحب بوصفه تجربة وجود يولد ولادة جديدة، بالحب يولد الإنسان بطور وجودي أغنى. الذي لا يحب من هو جدير بالثقة والمحبة يبذر مشاعره. الحاجة للحُبّ والإيمان من الاحتياجات الوجودية العميقة التي لن يستغني عنها وجودُ أي إنسان، وكلما ازداد عدد المحبين تزداد محبته لهم، وتشتد حاجته إلى التواصل معهم وتحذير محبتهم. يتذوق الإنسان عذوبةَ الحُبّ بوصفه رحلة وجودية يتحقّق بها، وان كان لا يستطيع التحدث عنها إلا بحدود ما تتسع له الكلمات، تضيق اللغة عن التعبير لرسم صورة واضحة للوجود. ليست هناك لغة مكتفية بذاتها، ‏اتساع أفق المعاني يخنق الكلمات.

الكائن المحب مضيء يفرض حبه على من يكون حوله. الحُبّ ضوء حيثما كان يبهج القلوب.‏ الحُبّ يطهر الروح من الظلام. مَن يستثمر في الروح يفرض حبّه حتى على القلوب القاسية. الحب الاستثنائي الأصيل يتحقق فيه الإنسان بطور وجوديّ أجمل وأثرى. يتذوق الإنسان الحب بوصفه رحلة وجودية يتحقّق بها، ولا يستطيع التحدث عنها إلا بحدود ما تتسع له الكلمات، تضيق اللغة عن التعبير لرسم صورة لما يتحقّق به الإنسان من أطوار وجودية. يحتاج كلُّ إنسان الحُبّ وربما تزداد حاجته للحُبّ لو ازداد عدد المحبين في العائلة والأصدقاء ومَن يتواصل معهم، يرى الإنسان كلما ازداد عدد المحبين ازدادت محبته لهم وتضاعفت حاجته إلى محبتهم.

في الحُبّ خاصية عجيبة يتميّز بها، وهي قدرته على إعادة إنتاج مكونات ولادته ومنابع إثرائه من داخله؛ لذلك يتجذّر الحُبّ ويصفو ويُثمر عندما تتّسع مساحةُ محبّة الإنسان لغيره، ثمرة الحُبّ هي الحُبّ لا غير.كلُّ حُبٍّ يتكرس وينمو على شاكلته، إذ يتفاعل كلّ إنسان مع الحُبّ بما يتناسب مع نمط الحُبّ ونمط شخصيته. إن إعادة إنتاج الحُبّ وإفاضته ترتبط بنمطه وكيفيته، ودرجة تفاعل الروح واستلهامها له.

 مكافأة الحُبّ هي الحُبّ، ما يطلبه الحُبّ هو الحُبّ، لا يرتوي الحُبّ إلا بمزيد من الحُبّ. يتسع القلب ويضيء ويبتهج كلما اتسع فضاء الحُبّ فيه. بهذا المعنى يتجاوز الحُبّ كونه تجربة عاطفية، فيصير نافذةً لانكشاف أعمق لوجود كينونة الإنسان. الأثر الخلّاق للحُبّ يظهر بإثراء الهوية الوجودية للإنسان، وشعوره بتوكيد الذات، وكأن وجوده امتد فاستوعب مَن يحبّه. معادلة الحُبّ تؤثر وتتأثر بطرفيها وقدرتهما على البناء الرصين للصلة الوجودية. يتعذر أن تنهار صلةٌ وجودية راسخة يلهمها الحُبّ، ويحميها ضمير أخلاقي يقظ. 

الحُبّ استراحةُ الروح حين تأوي إلى ما يشاكلُها من أرواح. الحُبّ ‏الأصيل راحةُ الأرواح المتعبة بوصفه أعذبَ معنى يتذوقُه الإنسانُ في حياته.مهما كان الانسانُ ‏صغيرًا أو كبيرًا يحتاج الحُبَّ والدعمَ العاطفي. دورُ العاطفة في التربية والتعليم أكبرُ من دور العقل، إذا أراد المعلّمُ التأثيرَ الفَعَّال في أذهان تلامذته ومشاعرهم عليه أن يبدأ بتحفيز عواطفهم. الخلطةُ السحرية لمعادلة التربية والتعليم تغذّيها العواطفُ قبل العقل. متى ازدادت العواطفُ ازدادَ تحفيزُ المواهب وايقاظُ الوعي وإثراءُ المهارات، الاعترافُ بمنجز التلميذ والاعجابُ بجهوده وتشجيعُه إكسيرُ التربية والتعليم. ‏التاريخُ البشري صنعته العواطف مثلما صنعه العقل، بل كانت مساحة العواطف وتأثيرها أوسع.

عندما يُحبّ الإنسان عائلته ومَن يعيش ويتعامل معهم، فإنّهم ينجذبون للالتحام به، ويحفزهم على المبادرة بالعطاء؛ وتأمين المزيد من تضامنهم وتكافلهم، من دون حاجة إلى طلب أو رجاء. الحُبّ يتحكم بالإنسان، ولا يتحكم الإنسان بالحُبّ، وغالبًا ما يحدِّد الحُبّ خيارات الإنسان ويرسم مسارات حياته ويصنع مآلاته. الحُبّ حالةٌ لا تخضع خضوعًا قهريًا للعقل والإرادة، لا ينبثق الحُبّ دائمًا بطول المعاشرة، ولا بتمارين أو ارتياضات خاصة. كلُّ ذلك يمكن أن يساعد على تنمية الحُبّ وتجذيره، لكن لا يوجده إن لم ينبثق بذاته. للحُبّ طاقة تنصهر فيها عناصرُ نفسية وعاطفية وروحية قابلة للانصهار في مركب واحد، يثري الحُبُّ حياةَ الإنسان ويعزّز ثقته بنفسه، ويجعله قادرًا على خلق طموحات وأحلام جميلة تضيء آفاق غده اللامرئية.

الحاجة لإيقاظ الشعور بالأمان والمحبة والتقدير من أعمق الاحتياجات في النفس الإنسانية. المحبّةُ أقلُ بكثير من الكراهية، عواملُ صناعة الكراهية متعددةٌ ومتنوعة وكثيرة داخل النفس الإنسانية وفي المحيط الذي يعيش الإنسانُ فيه، لا تصنعُ المحبّةَ إلا الأنفسُ النبيلة. قوة الإنسان في قدرته على توليد المعاني الروحية والأخلاقية والجمالية لحياته وتنميتها وتغذيتها، المحبّة والإيمان من أغزر الروافد لتوليد هذه المعاني.كما لا يستغني الإنسان عن حاجات الجسد الأساسية لاستمرار حياته، لا يستطيع أن يستغني عن المعاني الضرورية للشعور بالأمان والحماية من وحشة الوجود وهول غربته.

الحُبّ الأصيل لا ترتقي إليه إلا القلوب السليمة من الأمراض. الاستثمار في الحُبّ يجعل الحياة تتسع لقبول المختلف والعيش معه بسلام. تضيق الحياة كلما ضاقت مساحة الحُبّ في قلب الإنسان، مثلما تكتئب الحياة كلما ضاق فضاء الأمل والحلم والمتخيل في ذهن الإنسان.

الحُبّ الذي أتحدث عنه هو حُبّ صاحب الضمير الأخلاقي الصادق. هذا النوع من الحُبّ قوة لا ضعف، ثمرة حُبّ الأبوين للأبناء الرعاية والإيثار والتضحية. لا كنزَ أثمنُ في الحياة من محبّة قلب تصفو مودته. الحُبّ بلا ثقةٍ متبادلةٍ ولا شعورٍ بالأمانِ المتبادلِ زائفٌ. مَنْ كان صادقًا مع نفسه، صادقًا مع الناس، صادقًا مع ‏الله، ينبض قلبه بالمحبة والرحمة والحنان، وتتذوق الأرواحُ الصافية المحبةَ الإلهية في كلماته.

القلبُ الذي يعيشُ الحُبَّ لا تدركه الشيخوخة، حيثما يكونُ الحُبُّ يكونُ معنى الحياة. الحُبُّ يغيّر مادام متوهجًا. في الحُبّ يتجلى أجملُ ما في الإنسان، وتنبعثُ منابعُ الخير المودَعةُ في أعماقه. في التربية والتعليم الحُبُّ يغيّر، يوقظُ العقلَ، ويروي المواهبَ، ويطوّر المهاراتِ، ويفجّر الطاقاتِ الكامنة. الحُبُّ يتكفلُ حمايةَ الإنسانِ من الشر الأخلاقي، عندما تتحدثُ لغةُ الحُبّ تصمتُ لغةُ الشر.


اكتشاف المزيد من التنويري

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

عبد الجبار الرفاعي

مفكر عراقي، ‏متخصص في الفلسفة وعلوم الدين. من مؤسسي علم الكلام الجديد وفلسفة الدين في المجال العربي. منذ أكثر من ثلاثين عامًا يكرّس منجزه لبناء أرضية معرفية لفلسفة الدين وعلم الكلام الجديد بالعربية. -عضو المجمع العلمي العراقي. -كتبت حتى اليوم 25 اطروحة دكتوراه ورسالة ماجستير لدراسة مشروع عبد الجبار الرفاعي في تجديد الفكر الديني. -أستاذ جامعي لفلسفة الدين وعلم الكلام الجديد وعلوم الدين بجامعة الأديان والمذاهب. أشرف على وناقش 80 اطروحة دكتوراه ورسالة ماجستير. رئيس مركز دراسات فلسفة الدين في بغداد، ورئيس تحرير مجلة قضايا إسلامية معاصرة، منذ إصدارها عام 1997 وحتى اليوم. آثاره المطبوعة 54 كتابًا. مواليد الرفاعي جنوب العراق، 1954. دكتوراه فلسفة إسلامية، بتقدير إمتياز، 2005. ماجستير علم کلام، بتقدير إمتياز، 1990. بكالوريوس دراسات إسلامية، بتقدير إمتياز، 1988. أمضى أكثر من 40 سنة تلميذًا وأستاذًا في الحوزة. انخرط في دراسة علوم الدين في حوزة ي النجف سنة 1978، وحضر دراسة المقدمات وبعض السطوح فيها، ثم أكمل بقية دراسة السطوح والبحث الخارج في حوزة قم، ودرس الفلسفة والعرفان فيها. حضر دروس البحث الخارج في الفقه واصول الفقه لمدة ثمان سنوات، في الحوزة العلمية في قم، حتى تأهل علميا للاستناد الى نظره الخاص والاجتهاد في فهم الدين وتفسير نصوصه، والاستنباط الفقهي. أصدر مجلة قضايا اسلامية، وهي مجلة فكرية نصف سنوية تعنى بتجديد الفكر الديني، ورأس تحريرها للسنوات 1994-1998. توقفت سنة 1998. أصدر مجلة قضايا اسلامية معاصرة سنة 1997 ورأس تحريرها، وهي مجلة محكمة متخصصة بفلسفة الدين وعلم الكلام الجديد، يصدرها مركز دراسات فلسفة الدين في بغداد – بيروت. صدر منها 80 عددًا، وما زالت تصدر منذ 25 عامًا. مدير مركز دراسات فلسفة الدين في بغداد، أصدر المركز أكثر من 300 كتابًا. أصدر سلسلة كتاب: “قضايا اسلامية معاصرة”، ورأس تحريرها، صدر منها أكثر من مائة كتاب في بيروت. أصدر سلسلة كتاب: “فلسفة الدين وعلم الكلام الجديد”، ورأس تحريرها، صدر منها ثلاثون كتابًا مرجعيًا في بيروت. أصدر سلسلة كتاب: “ثقافة التسامح” الدورية في بغداد سنة 2004، ورأس تحريرها، صد منها عشرون كتابًا. أصدر سلسلة كتاب: “فلسفة وتصوف” في بيروت، ورأس تحريرها، صدر منها عشرة كتب. أصدر سلسلة كتاب: “تحديث التفكير الديني” في بيروت سنة 2013، ورأس تحريرها، صدر منها خمسة عشر كتابًا. الجوائز: جائزة الانجاز الثقافي الأولى للترجمة والتفاهم الدولي في الدوحة، على منجزه الفكري الرائد وآثاره في تأصيل المعرفة وثقافة الحوار وترسيخ القيم السامية للتنوع والتعددية والعيش المشترك، قيمة الجائزة مائة ألف دولار. الدوحة – قطر 14 ديسمبر 2017. الجائزة الأولى للبطريركية الكلدانية في العراق على أعماله الفكرية، بوصفها أهم انتاج فكري صادر في العراق للعام 2020. الدرع الذهبي للحركة الثقافية بأنطلياس في لبنان، لدوره في إغناء المنجز الثقافي في العالم العربي، 2013. اعترافا بالمهمة التي نهضت بها، وبوصفها الدورية الأهم المتخصصة بفلسفة الدين وعلم الكلام الجديد بالعربية، خصّص “المعهد البابوي في روما” التابع للفاتيكان كتابَه السنوي 2012 لمجلة قضايا إسلامية معاصرة. صدر الكتاب بالايطالية والانجليزية والفرنسية، في 320 صفحة. الجائزة الأولى على اطروحته للدكتوراه، في مباراة تنافست فيها أكثر من 200 رسالة واطروحة جامعية، 2009. الجائزة الأولى لكتاب الوحدة الإسلامية في طهران على جهوده في الكتابة والنشر والدعوة للوحدة والعيش سويًا في فضاء التنوع والاختلاف، 2005. الجائزة الأولى للمؤرخ حسن الأمين في لبنان على منجزه المعرفي وجهوده الثقافية، 2003. من آثار عبد الجبار الرفاعي المطبوعة: متابعات ثقافية: مراجعات وقراءات نقدية في الثقافة الإسلامية، 1993. المرأة والأسرة في الإسلام، 1993. ترجمة كتاب شرح المنظومة في الفلسفة الإسلامية للأستاذ مرتضى المطهري، في أربعة مجلدات، 1992-1993. ترجمة كتاب: محاضرات في الفلسفة الإسلامية للأستاذ مرتضى المطهري، 1994. موسوعة مصادر النظام الإسلامي، في عشرة مجلدات، 1996. منهج محمد باقر الصدر في تجديد الفكر الإسلامي، 1997. تطور الدرس الفلسفي في الحوزة العلمية، 2000. مناهج التجديد، 2000. الفكر الإسلامي المعاصر: مراجعات تقويمية، 2000. محاضرات في أصول الفقه، في مجلدين، 2000. مبادئ الفلسفة الإسلامية، في مجلدين، 2001. جدل التراث والعصر، 2001. فلسفة الفقه ومقاصد الشريعة، 2001. علم الكلام الجديد وفلسفة الدين، 2002. مقاصد الشريعة، 2002. الاجتهاد الكلامي: مناهج ورؤى متنوعة في الكلام الجديد، 2002. ترجمة كتاب: العقلانية والمعنوية (بالاشتراك) للأستاذ مصطفى ملكيان،2005. ترجمة كتاب: التدين العقلاني، (بالاشتراك) للأستاذ مصطفى ملكيان، 2005. مقدمة في السؤال اللاهوتي الجديد، 2005. التسامح ومنابع اللاتسامح، 2005. التسامح ليس منة أو هبة، 2006. تحديث الدرس الكلامي والفلسفي في الحوزة العلمية، 2010. إنقاذ النزعة الانسانية في الدين، 2012. صدرت طبعته الثالثة 2019 بعنوان: الدين والنزعة الانسانية. تمهيد لدراسة فلسفة الدين، 2014. الدين وأسئلة الحداثة، 2015 الايمان والتجربة الدينية، 2015 الدين والظمأ الأنطولوجي، 2015، صدرت طبعته الثالثة 2019. الحب والايمان عند سورن كيركگورد، 2015 علم الكلام الجديد: مدخل لدراسة اللاهوت الجديد وجدل العلم والدين، 2016. الهرمنيوطيقا والتفسير الديني للعالم، 2017. الدين والاغتراب الميتافيزيقي، 2018، صدرت طبعته الثانية 2019. الشيخ أمين الخولي: الهرمنيوطيقي الأول في عالَم الإسلام، 2020. مقدمة في علم الكلام الجديد، 2021. الدين والكرامة الإنسانية، 2021. . مسرات القراءة ومخاض الكتابة . ⁠مفارقات وأضداد في توظيف الدين والتراث. المؤلفات غير المطبوعة: شرح كتاب “كفاية الأصول” في أصول الفقه، للشيخ محمد كاظم المعروف بالآخوند الخراساني، في خمسة مجلدات. شرح كتاب “نهاية الحكمة”، للعلامة محمد حسين الطباطبائي، في ثلاثة مجلدات. شرح كتاب “دروس في علم الأصول، الحلقة الثالثة من دروس في علم الأصول”، للسيد محمد باقر الصدر، في مجلدين. شرح كتاب “المنطق”، للشيخ محمد رضا المظفر، في مجلدين.

مقالات ذات صلة

اترك رد