المغرب وفلسطين والعلاقات التاريخيَّة
استكمالا لسلسلة الكراسي المفتوحة لمركز الأبحاث “روابط”، افتتح السيد عبد اللطيف كمات،عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالدار البيضاء، ندوة علمية (الجمعة 18 أكتوبر2024) ناقشت أهم المشاريع والانجازات التي تصب في عمق القضية الفلسطينية، وعلاقة المغرب مع دولة فلسطين من خلال تجربة واقعية واكبت إنجازات تقارب التجربة في العلاقات الدولية، والتي كانت فرصة للطلبة للتعرف على العلاقات المغربية الفلسطينية، وبتعليمات سامية من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، تم تسجيل طلبة فلسطينيين في ماستر القانون الدولي والترافع السياسي، تثمينا للعلاقات التاريخية المغربية الفلسطينية.
في كلمة ترحيبية للطالب الفلسطيني “براء شعت” بمناسبة تقديم كتاب (المغرب- فلسطين :مواعيد مع التاريخ ) لأحمد البياز، موضوع هذه الندوة التي حضرها جمهور كثيف ونوعي من وزراء وسفراء وقضاة وطلبة مغاربة وأجانب، عبّر فيها عن تقديره لدولة المغرب، ومشيرا إلى العلاقات التاريخية الوثيقة بين الشعبين الفلسطيني والمغربي، ودعم المغرب السياسي والدبلوماسي الثابت للقضية عبر التاريخ، بدءًا من صلاح الدين الايوبي،ومرورا بالسلاطين العلويين، وكذلك عن التضامن المغربي مع حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة ذات السيادة،وبناء مطار غزة الدولي برعاية مغربية محضة، و تقديره للجهود المغربية في دعم حل الدولتين وتحقيق السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط.
في المداخلات قدم الأستاذ عز الدين خمريش منسق “ماستر القانون الدولي والترافع الديبلوماسي ” نبذة مختصرة عن محتوى وأهم فصول وأجزاء كتاب ”المغرب- فلسطين :مواعيد مع التاريخ”، والذي يتشكل من أحد عشر بابا وفق منهج علمي مفتوح،شبهه بسكان البوادي الذين لا يغلقون أبوابهم الا عند السفر،وعن الشمول اللغوي والثقافي للكاتب وقدرته على الرصد وتوثيق المعطيات والجرأة الفكرية،والذكاء الاستراتيجي والديبلوماسي الذي يتميز به رجل الدولة.
وفي مداخلة للأستاذ والباحث الاقتصادي مهدي فاكر، تحدث عن أهمية بيت مال القدس الذي يواجه تحديات كبيرة من قبل السلطات الإسرائيلية التي تسعى للسيطرة التامة عليه وتحويله إلى أداة تنفيذية لسياساتها الاستيطانية والتهويدية في القدس. وتتمثل أبرز هذه التحديات في محاولات إسرائيل مصادرة أراضي وعقارات بيت المال وبيعها للمستوطنين أو تأجيرها لليهود، بالإضافة إلى صعوبة الحصول على التمويل الكافي لإدارة الأوقاف والحفاظ على مبانيها التاريخية. كما يواجه بيت المال منافسة قضائية مكثفة وتهديدات متزايدة من المستوطنين لإضعاف دوره التاريخي في الحفاظ على الهوية الإسلامية للقدس.
وواصل الحديث عن الطيران المدني المغربي ودور أكاديمية محمد السادس في تطوير قطاع النقل الجوي بالمغرب. فقد أنشئ الطيران المدني المغربي سنة 1957 كشركة ناقلة وطنية. وأما الأكاديمية التي أُنشئت سنة 2014 بالدار البيضاء فتهدف إلى تكوين أجيال من الطيارين والكوادر الفنية وفق أعلى المعايير الدولية، مما يساهم في تطوير قدرات القطاع وتوفير فرص عمل متخصصة. وخرجت الأكاديمية دفعات من الخريجين لتعزيز الطاقم البشري للطيران المدني المغربي وشركات طيران أخرى.
في مداخلة لمحمد حركات، أستاذ الاقتصاد السياسي والحكامة، قدم قراءة تقييمية للكتاب وفق المنهج الاستقرائي والوصفي،جسد فيها المعارف والمعلومات التي جاء بها الكتاب الذي تضمن مجموع من المعارف الفلسفية والانثروبولوجية والتاريخية والسياسية وأيضا، ما قدمه المغرب من مساعدات، وهبات تمثلت في اهداء الملك الراحل الحسن الثاني طائرة للبنان وذكر ما قاله “قررنا أن نضع طائرة تحت تصرف لبنان لنعطي درسا في هذا الزمان بأن التضامن والمساعدة هي السبيل للخروج من أزمات الشعوب، لا للعزلة أو العقوبات”، والقصد من هبة الطائرة للبنان أن يكون دليلا وقدوة للدول الأخرى بضرورة تقديم المساعدات وبناء جسور التضامن مع الشعوب المنكوبة، بدلاً من فرض العقوبات عليها أو عزلها دولياً أثناء مرورها بأزمات.
في كلمة للسيد أحمد البياز المدير السابق للمكتب الوطني للمطارات ومؤلف الكتاب الذي صدرت طبعته الأولي باللغتين العربية والفرنسية في 470 صفحة، تحدث عن دور المغرب البناء في دعم القضية الفلسطينية في تحليل شامل وعميق للأحداث التاريخية والسياسية والدبلوماسية ذات العلاقة، واعتبره الحضور أداة بيداغوجية قيمة لفهم دور المملكة المغربية الداعم للقضية الفلسطينية كما أبرز قوة العلاقة بين البلدين بشكل واضح. فقد أشرف الملك الراحل الحسن الثاني على مشروع إنشاء مطار غزة بعد لقائه مع الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، ومتابعته للتفاصيل الدقيقة المتعلقة بالأمن الجوي والتدريب وتشغيل المطار. كما تم إرسال حرفيين من فاس ومراكش لإضفاء الطابع المعماري المغربي على هذا المشروع، الذي يُعتبر رمزاً للسيادة الفلسطينية.
ويعتبر أحمد البياز مهندسا متخرجا من المدرسة الوطنية للطيران المدني في باريس، التي التحق بها بعد حصوله على شهادة في الرياضيات والفيزياء من جامعة دمشق. وقد كان وراء إنشاء المكتب الوطني للمطارات (ONDA)، وأكاديمية محمد السادس الدولية للطيران المدني، وجمعية المطارات العربية وأول شركة طيران خاصة. كما كان له دور رئيسي في تحديث قطاع الطيران في المملكة، وفي بناء مطار غزة، وهو أحد الشخصيات الرائدة في مجال الطيران المدني الدولي. وبصفته خبيرا دوليا في منظمة الطيران المدني الدولي، فقد تمت الموافقة على أنشطته الرئيسية من قبل منظمة الطيران المدني الدولي ومجلس المطارات الدولي. وقد كان المؤسس والفاعل الرئيسي لصندوق مجلس المطارات الدولي لدعم مطارات الدول في طريق النمو.
___
*عائشة بوزرار/ باحثة في الإعلام.
اكتشاف المزيد من التنويري
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.