التعريب: الواقع والآفاق

image_pdf

مقدِّمة

 لعل التطور العلمي والتكنولوجي الهائل والسريع الذي نعايشه يوميا ، يفرض على الأمة العربية إن أرادت الخروج من خندق العزلة والتخلف، مواكبة هذا التطور الشامل والمتلاحق الذي لا يرحم ولا يشفق على المتخاذل، بتوظيف ما تملكه من إمكانات مادية ولغوية وثقافية وتاريخية وحضارية ومعنوية، قصد استقبال جميع ما يفد عليها من الأمم المتقدمة من كم هائل من الأفكار والعلوم، التي تستوجب التعامل معها وفق خطة علمية ومنهجية دقيقة، لأنه لا سبيل إلى استيعاب أي علم دون فهم المصطلحات ، ولا سبيل إلى تحليل وتعليل ظواهر أي علم دون فقه المصطلحات ، ولا سبيل إلى تجديد أي علم دون تجديد المصطلحات أو مفاهيم المصطلحات، والاعتماد على اللغة العربية في استقبال هذا الوافد بلغة أجنبية ضرورة قومية وضرورة اجتماعية وتربوية وعلمية . فاللغة العربية ، لغة قديمة وحية وغنية ، حملت رسالة دينية إنسانية موجهة إلى كافة البشرية ساهمت في إغناء الحضارة الإنسانية على مر العصور بمدها بمصطلحات في مجال الفلسفة والهندسة والرياضيات والفلك … ،  فلا غرو إذن ، أن تصمد في وجه كافة محاولات الطمس التي انتهجها الأتراك و الاستعمار الغربي في الدول العربية ، وبخاصة دول المغرب العربي، لأن اللغة كائن حي، ولا حياة لها إلا بحياة أصحابها فبفضل عنايتهم بها تنمو هذه اللغة،  لهذا فقد عني الباحثون العرب منذ القدم بطرق تنمية اللغة العربية ، فبحثوا عن الطرق التي تتكئ عليها ، لتحافظ على نفسها وعلى حياتها ، وتساير في نفس الوقت التطور الذي يحصل من حولها ، فتحدثوا عن الاشتقاق والمجاز والترجمة والتعريب والنحت ، أما نحن ، سنركز في دراستنا على التعريب بوصفه من أهم المبادئ والوسائل التي يرتكز عليهما في إثراء و تطوير اللغة.

1ـ لماذا التعريب؟ وهل التعريب ضرورة؟

يكاد يتفق كل المهتمين بالحقل اللغوي ووضع المصطلح على أهمية التعريب ، لأن له ضرورات سياسية واجتماعية واقتصادية وحضارية ونفسية وتربوية ولغوية ، يرى الدكتور علي القاسمي أن استقلال البلاد سياسيا لا يعد استقلالا تاما إلا إذا استعملت لغتها في جميع مؤسساتها ، وأن تكون لها شخصيتها وكيانها المتميز عن غيرها من الأمم ، وفيما يتعلق بالتعريب الاجتماعي ، فإنه يتطلب استخدام اللغة العربية في جميع نواحي ومستويات الحياة الفردية اليومية ، كما يستلزم استبعاد اللغات الأجنبية كوسيلة للارتقاء الاجتماعي أو كمؤشر للتمييز بين طبقة اجتماعية وأخرى . ويتلازم هذا المفهوم الاجتماعي للتعريب مع التعريب الحضاري ، والذي بدوره يستهدف التفتح العربي الفكري على مقومات الحضارة العالمية الحديثة من ناحية ، وتحرير الإدارة العربية من التخلف التكنولوجي والتعبئة الثقافية والاقتصادية الأجنبية من ناحية أخرى[1]، أما كون التعريب ضرورة تربوية وعلمية ، فلأنه مهما ترتفع معرفة التلاميذ باللغة الأجنبية فهي تبقى على العموم أقل من معرفتهم بلغتهم القومية ، قراءة وتفسيرا ونطقا[2].

ويمكن التعليم باللغة العربية من الاستيعاب بشكل أعمق مما لو كان بلغة أجنبية ، لأن جل الدراسات الميدانية ، أثبتت أن أصلح لغة للتعليم هي اللغة التي يفكر بها الطالب ، مفاهيم العلمية ، إذا ألقيت على الدارسين باللغة التي يفكرون بها نفذت بيسر إلى في أذهانهم فتفاعلوا معها ، وأمكنهم أن يبدعوا من خلالها[3].

الناحية النفسية أشار علماء النفس إلى أن تلقين الطفل العلوم والمعارف بلغة أجنبية يخلق فيه عقدة النقص والشعور بالانحطاط لإحساسه بأن اللغة التي يتحدث بها والده ويتخاطب بها والده … ليست مؤهلة لتوصيل المعارف أو العلوم»[4].

ومن الناحية اللغوية فالتعريب ساهم في إثراء اللغة، ونموها وتطورها، ويجعلها مواكبة لمتطلبات العصر والتطورات العلمية، ويبعدها عن الجمود والسكون والعزلة، أما اقتصاديا فينبغي اعتماد التعريب وسيلة، للتنمية الاقتصادية وذلك بإشاعاتها في جميع المؤسسات التعليمية والإعلامية، تيسيرا لأبناء الأمة الواحدة على التواصل والتفاهم والتعامل بسير من غير تكلف.

II-إطار التعريب العام وتطور دلالاته تاريخيا:

 – التعريب وتطور دلالاته تاريخيا:

لقد عرف العرب منذ القديم بتفتحهم عما حولهم من حضارات وأمم كانت تتجاور معهم من بلاد من غير تكلف؛ لقد عرف العرب منذ القديم بتفتحهم عما حولهم من حضارات وأمم كانت تتجاور معهم من بلاد فارس والشام والعراق والحبشة ومصر ، وتسربت إليهم كثير من المصطلحات العلمية المتصلة بعلوم الطب والبيطرة والفلك والزراعة مثل (السدانة، السقاية ، الرفادة ، المسحاة ، المذرة ، الربان ، المرفأ… ) ولما جاء الإسلام وبدأت الفتوحات الإسلامية ، خرجت اللغة العربية من الجزيرة مع أهلها ، فاندمجوا في الأجناس والألسنة الجديدة ، فأخذ الضعف والوهن يصيب اللغة ، ففطن لذلك العرب ، فظهرت علوم لضبط العربية وكان أولها علم النحو ، ثم جمعوا اللغة العربية ، لتظهر بعد ذلك علوم کثيرة غير النحو ، مثل العروض والبلاغة ، وإلى جانبها نشأت علوم تحافظ على الشريعة ، وتلك هي علوم الدين ، من فقه وتفسير وحديث ، وسارت الأمور على هذا الحال ، إلى أن أقدم العلماء العرب  في العصور العباسية على نقل علوم الأمم القديمة من أشوريين وبابليين وفينيقيين ومصريين وفرس ويونان ورومان ، عن طريق التلخيص والترجمة والتدوين بلغة أخرى ثم إلى العربية.

وبفضل هذه الجهود ظهرت مصطلحات جديدة عن حياة جديدة ، و مجتمع جديد ، خضعت لمنطق النمو والتطور حسب الحاجة ، واعتمد واضعوه على النقل والاشتقاق غير مهتمين بأن يكون عربيا أصيلا أو معربا ، دخيلا ، وفي كثير من الأحيان كانوا يفضلون المعرب لتأديته المعنى بصورة أدق وأكمل ، فاستشرت المصطلحات الفارسية في الإدارة ، والمصطلحات اليونانية في العلوم الفلسفية والطبيعية ومع ذلك ، كان أسلافنا من العلماء حريصين على توحيد لغتهم العلمية ، وأن يحافظوا على وحدة الفكر ، حتى صار العالم يتعلم في بلد ويتولى مسؤولية التدريس في بلد عربي آخر  يبعد عنه ، من غير لبس أو تباين في الاستعمالات للمصطلحات العلمية ، إلا أن اللغة العربية قد أصيبت بنكبة حقيقية تمثلت بعزلها عزلا تاما عن تدريس العلوم الحديثة ، وبفرض اللغة التركية في المدارس ، وعمل المفوضون من أعداء العروبة على ترسيخ فكرة عجز العربية عن تدريس أي علم حديث [5] ، ثم جاءت النهضة العربية في القرن التاسع عشر والقرن العشرين لتضع العرب في مواجهة الحضارة المعاصرة والتي تتسم بسمات كثيرة لعل أهمها المعاصرة والعالمية[6]، فوجدت اللغة العربية نفسها مجبرة للدخول في صراعات كثيرة مع لغات أخرى خاصة بعد الهجمات الأجنبية التي حاولت إحلال لغاتها محل اللغة العربة وعزلها عن مجالات التعليم والبحث والإعلام وعن مسار التطور التاريخي للمجتمع العربي ، وبمرور الزمن اتسعت الهوة الفاصلة بين لغتنا والتطور الاجتماعي.

 وقد بذلت جهود كبيرة لمواجهة هذا الوضع ، وتمكنت بعض الدول العربية من الحفاظ على اللغة  بحيث تقوم بدور رئيسي في بعض المجالات كالأدب والسياسية والإعلام والدين ، وظل الاعتماد على اللغة الأجنبية والترجمة في التعبير عن احتياجاتها الأخرى مستمرا حتى أصبحت اللغة العربية تابعة للتطور بدلا من أن تكون مواكبة له .[7]» 

وأصبحت في المقابل المجامع اللغوية العربية، منكبة على البحث عما يقابل تعابير أجنبية باللغة العربية بدوافع قومية لا بدافع الحاجة الفعلية التي يستدعيها التعبير، لأن الأفكار والمبتكرات تنشأ عندهم فيطلقون عليها مصطلحات خاصة بلغاتهم أو بلغات قديمة، وحينما نطلع عليها يبدأ البحث عن مصطلح علمي وبذلك تبدأ الخطوات الأولى في طريق التعريب.

2 – الهدف من التعريب ودلالته العامة

التعريب في العربية صورة لظاهرة لغوية عامة ، ترضخ بحكمها اللغات إلى الضغط الحضاري التاريخي فتتحسس لنفسها توازنا بين دفاعها عن نفسها وقدرتها على استيعاب الحد الأدنى من الدخيل ويقوم هذا التوازن بقدر قوة المجموعة اللسانية حضاريا[8]، فالهدف من التعريب هو أن تكون اللغة العربية أداة تثقيف ومعرفة وتنظيم اجتماعي واقتصادي و توجيه سياسي[9]، ويمتد مفهوم التعريب ويتسع ليصبح قضية تحررية وطنية يواجه بها المثقفون العرب أشكال الاستعمار والتبعية الثقافية ، ويعملون من خلالها على إرساء الهوية العربية الأصيلة[10]، إلى أن يصبح ضرورة لابد منها لترسخ العلم ونشره في المجتمع؛ والتعريب يعني باختصار إعطاء اللغة العربية في البلاد العربية منزلتها الطبيعية كلغة قومية تضطلع بمهمة التعبير بصفة رئيسة أساسية على كافة المضامين والمفاهيم المتداولة في المجتمع ، كما تعتمد لغة رئيسة في البحث والتعليم بجميع مراحله واختصاصاته و تتخذ لغة عمل الإدارة والاقتصاد والإعلام و كافة مرافق المجتمع ومؤسساتها .[11]

III تعريفات التعريب:

  1. لغة: إن تعريب العلوم ظاهرة فريدة تفيد في إدراك الأبعاد والمفاهيم الحضارية ، ووعيها ، ثم أداء معانيها ودلالاتها باللغة العربية ، فتصبح المفاهيم الجديدة جزءا من اللغة العربية حتى تبدو وكأنها غير منقولة ، لأنها صياغة عربية لفظا ووزنا ومعنى ومعاني التعريب متعددة[12].

فالتعريب لغة مصدر الفعل المضعف عرَّب وتعريب الاسم الأعجمي أن تتفوه به العرب على منهاجها[13]، ونفس المعنى سار عليه صاحب تاج اللغة وصحاح العربية[14] ، وفي المعجم الوجيز ، التعريب هو « صوغ الكلمة بصيغة عربية عند نقلها بلفظها الأجنبي إلى اللغة العربية[15]، وورد في تاج العروس من جواهر القاموس لفظ التعريب بمعنى تهذيب المنطق من اللحن ، وكذلك التكلم عن القوم . وصرف ما لا ينصرف[16])، وهو نفس المعنى الذي ورد في معجم ترتيب القاموس المحيط على طريقة المصباح المنير وأساس البلاغة[17].

  • اصطلاحا : أما في معجم الشامل في علوم اللغة العربية ومصطلحاتها وردت لفظة التعريب بمعناها الاصطلاحي “إدخال الألفاظ الأعجمية في اللغة العربية بشرط الحاجة الشديدة وتحويل الكلمة بحيث تطابق طريقة العرب في إدخال الكلمات الأعجمية[18]“، ويستفاد من هذا أن ظاهرة التعريب قديمة قدم اللغة العربية وأهلها ، بحكم التجاور مع غيرهم من الشعوب والأمم ، وورود ألفاظ أعجمية في قصائد الشعراء الجاهليين يزکي هذا المنحى، ويستنتج من هذه التعريفات أن التعريب هو نقل الألفاظ الأعجمية إلى العربية بإحدى الوسائل المعروفة عند النحاة واللغويين »[19]، أو هو عملية صرفية قياسية تعتمد على قبول لفظة أصلها غير عربي لتنضم إلى اللغة العربية بعد صقل وزنها على أحد الأوزان العربية»[20]؛ أما إذا بقيت على وزن صرفي غريب فعادة ما يطلق عليه بعض الدارسين مصطلح الدخيل مثل الدكتور علي القاسمي الذي يمثل للدخيل ، بالأكسجين والتلفون ، وللمعرب بالفلسفة والبنج ، ويضيف أنه يطلق أحيانا على المعرب اسم الاستعارة ، أي استعارة ألفاظ من لغة أخرى عندما تدعو الحاجة إلى ذلك . وتطرأ على الألفاظ المستعارة تغيرات صوتية وصرفية لتنسجم مع بنية اللغة المستعيرة ، وتندمج فيها ويسهل الاشتقاق منها[21].  أما الدخيل فقلما يبقى على صورته الأولى ، فإما أن يتحول إلى معرب بعد إخضاعه للنظام الصوتي والصرفي للغة العربية، وإما ينقل معناه إلى اللغة العربية لاحقا ( التلفون – الهاتف )، وبهذا نكون أمام ما يصطلح عليه بالترجمة التي هي نقل الكلام من لغة إلى لغة أخرى ، والكلام هو الجملة أو الجملة المفيدة وهكذا فإن الترجمة هي “إيصال فكرة أو إبلاغ أو قل هي التبليغ أو تحويل ذلك البلاغ إلى لغة أخرى ، وإعطاؤه شكلا مكتوبا أو مسموعا أو وضع صيغة مطابقة لصيغته في لغة النقل »[22]، وفي هذا السياق هناك كثير من المهتمين اللغويين ، لا يميزون بين التعريب والترجمة ، كما هو الشأن للدكتور ممدوح محمد حيث يعتبرهما وسيلة واحدة لوضع المصطلح العلمي . أما نجاة عبد العزيز المطوع فيعتبرهما أمرين متلازمين ويتطلبان نمو اللغة العربية بشكل متطور لتواكب ركب الحضارة[23].

IV– أي تعريب نريد ؟

إن مفهوم التعريب الذي يسعى عدد من المختصين إيجاد منهاج علمي دقيق له ، يتجاوز ذلك المفهوم البسيط الذي بسطناه فيما سلف ، من خلال التعريفات المستقاة من المعاجم ومن الكتب المهتمة بالمجال، المتمثل في البحث عن المقابلات العربية للألفاظ الأعجمية إلى مفهوم أشمل ، حيث يصبح التعريف عملية ومجهودا علميا يرمي إلى تعميم اللغة العربية واستخدامها في كل ميادين المعرفة البشرية ، وفي كل مظاهر الحياة الإنسانية والاجتماعية والفكرية والتعريب بهذا المعنى يغدو « حافزا قويا لتطوير اللغة العربية والفكر العربي بآن واحد[24].

V منهاج استقبال المصطلح العلمي ودوره في التعريب :

طرح الدكتور الشاهد البوشيخي أسئلة جوهرية في سياق حديثه عن منهاج استقبال المصطلح الوافد، أي ما يفد على اللغة العربية من مفاهيم ومصطلحات من لغات أجنبية من بينها: «بأي منهاج يتم التعريب والترجمة اللفظية، وبأي منهاج يتم التعريب والترجمة المفهومية- إن صح التعبير”.

ويقترح حسب وصفه – خطة عملية منهجية، تكاملية، للتعامل مع المصطلح الوافد، ما دام هو الوسيلة الرئيسة لتكوين المعارف وتنظيمها وتطويرها، تقوم على ثلاثة مبادئ: إحصاء ممتلكات الذات، واستيعاب ما لدى الآخر من علم بعلم في مختلف التخصصات، ثم الاقتراض الحضاري بعلم من خارج الذات حسب حاجات الذات. وهذا يعني الرجوع إلى النص التراثي وبذل الجهد لاستجلاء ما يختزنه من ممتلكات، ثم التركيز على لغة النص الاصطلاحي، وفهمها فهما سليما، الاقتراض الحضاري السليم، ثم الوصول إلى مجال منهج دراسة النص، واستنباط اللازم بما لا تدعو إليه الحاجة من غير الذات، وفي الأخير التعامل مع مجال الوافد من خارج الذات واستيعابه عند أهله بالتخصص فيه، بلغات أهله ثم بتتبع آثاره فينا بالدرس العلمي، وكل ذلك بغية الوصول إلى التوجهات الاستراتيجية الشاملة ، حينها يمكن من بين المسكنات توظيف المصطلح المنشأ والموفد معا في خطاب الذات . وغير الذات[25]، (ويخلص أنه لا سبيل إلى استيعاب أي علم دون فهم المصطلحات ، ولا سبيل إلى تحليل وتعليل ظواهر أي علم دون فقه المصطلحات ولا سبيل إلى تجديد أي علم دون تجديد المصطلحات أو مفاهيم المصطلحات)[26]، ويفهم من كلام الأستاذ الشاهد البوشيخي أن التعامل مع الوافد علينا ضرورة لا مفر منها شريطة التسلح بالخطة العلمية المتكاملة والوافد من المصطلحات – العلمية بشکل حركة دائمة لا تنقطع أبدا، تسير متوازية مع التطور العلمي في كافة المجالات، لذا لن يسمح لنا ولأي أمة أخذ الوقت الكافي للتنقيب والبحث عن المقابلات الملائمة ، فلا بد من استثمار الإمكانات اللغوية المتاحة والنصوص التراثية والاتكاء على الجهود المبذولة هنا وهناك ، قصد مسايرة ركب التطور الحضاري والعلمي .

1-ما يمكن مراعاته عند التعريب.

تبقى المشكلة الحقيقية في تعريب العلوم ليس عجز اللغة العربية في صياغة المصطلحات للوافد عليها ، وإنما في إيجاد المصطلح الواحد والموحد على صعيد الوطن العربي . ولهذا الغرض يرى الدكتور علي القاسمي عند تعريب الألفاظ يراعي ما يأتي :

ترجيح ما سهل نطقه في رسم الألفاظ المعربة عند اختلاف نطقها في اللغات الأجنبية .التغيير في شكله ، حتى يصبح موافقا للصيغة العربية ومستساغا .

– اعتبار المصطلح المعرب عربيا ، يخضع لقواعد اللغة ويجوز فيه الاشتقاق والنحت ، وتستخدم فيه أدوات البدء والإلحاق ، مع موافقته للصيغة العربية . تصويب الكلمات العربية التي عرفتها اللغات الأجنبية واستعمالها باعتماد أصلها الفصيح – ضبط المصطلحات عامة والمعرب منها خاصة بالشكل ، حرصا على صحة نقطه ودقة أدائه[27].

2.الجهود العربية لتوحيد الاتجاهات الثقافية وتنسيق الجهود في مجال التعريب:

بالنظر إلى حجم الخطورة التي أصبح يشكلها ازدواجية المصطلح العلمي والتقني في الأقطار العربية في القرن العشرين ، وبتعدد المصطلحات للمفهوم الواحد وتباينها من بلد لآخر . فقد فطنت الدول العربية لذلك واتخذت من جامعة الدول العربية منذ نشأتها سنة 1945 أداة لتوحيد الاتجاهات الثقافية بالاعتماد على الموروث ، والتاريخ العربي ، وتغذيتها بما يجد في العالم من مكتسبات علمية ، ولهذا الغرض عقدت مؤتمرات وحلقات ، وكانت حلقة بنغازي المنعقدة سنة 1961 لبحث مشكلات التعليم الجامعي في البلاد العربية قد خرجت بمجموعة من التوصيات تجمع على ضرورة التسريع بتعريب التعليم بالكليات بالتدرج ، مع العناية بتعليم اللغات الأجنبية ، ثم التشجيع على التأليف والترجمة باللغة العربية؛ وفي الحلقة الثانية بيروت سنة 1964 ، أوصت بإنشاء اتحاد الجامعات العربية ، ومن بين أهدافه ، توثيق التعاون بين الجامعات والمعاهد العالية العربية ، ثم تنسيق جهودها في تحقيق أهداف الأمة العربية .

وفي سنة 1969 تحولت اللجنة الثقافية التابعة لجامعة الدول العربية إلى المنظمة العربية للتربية والثقافية والعلوم، واعتبرت وكالة مخصصة تستهدف دعم الوحدة الثقافية العربية والرفع من المستوى الثقافي في الوطن العربي، تمكنا له من الإسهام في الحضارة الإنسانية، وذلك قصد تطوير اللغة العربية، وألحق بها مكتب التعريب الموجود بالرباط الذي أصبح اسمه فيما بعد مكتب تنسيق التعريب في الوطن الوطني سنة 1972.

 وقامت المنظمة العربية للتربية والثقافية والعلوم بوضع تصور شامل لوظيفة المكتب وبدأ في تنفيذه عام 1984 وقسمت الخطة إلى ثلاث مراحل:

المرحلة الأولى من 1984 إلى 1989 يتم فيها إعداد معاجم تلبي الحاجة إلى المصطلحات العربية في شتى حقول المعرفة، حيث يتم تخصيص معجم لكل من ألوان المعرفة، ويجب ألا تقل عن ستة معاجم في هذه المرحلة؛

المرحلة الثانية من 1989 إلى 2000 يتم فيها الانتقال إلى إعداد معاجم التفريعات العلمية المتخصصة؛

المرحلة الثالثة ما بعد 2000. وهي بعيدة المدى ، حدد لها هدف استقبال القرن الواحد والعشرين بإنجاز شامل للتعريب ، وتوحيد المصطلحات في شتى حقول المعرفة ،[28]وبالرغم من المشاكل التي كانت تعترض عمل المكتب ، فقد تمكن من صياغة مصطلحات وتعميمها باستشارة الجهات المختصة وذات الصلة الوثيقة بمادة المعجم وإشراكها في العمل . وفي هذا السياق فإن المكتب ينسق ويتعاون مع المجامع اللغوية العربية الأربعة في القاهرة ودمشق وبغداد وعمان، وهي التي عادة ما ترسم سياسته وتخطط مشروعاته.

3-الخطة لتوحيد المصطلح العلمي العربي

إلا أن هذا المكتب ليس له سلطة يشارك من خلالها في اتخاذ القرارات السياسية الحاسمة، وفي هذا الشأن ينحصر دوره في لفت أنظار الحكومات العربية، والمؤسسات المتخصصة، إلى ضرورة الاهتمام بالتعريب. وقد حدد الدكتور علي القاسمي الأسس التي ينبغي أن تقوم عليها منهجية توحيد المصطلح العلمي العربي فيما يلي:

جمع المقابلات العلمية العربية للمصطلحات الأجنبية التي وضعتها المعاجم اللغوية والجامعات والمختصون والمعجميون في الوطن العربي ، ثم عقد ندوات مصغرة للمختصين العرب، ثم استكمال النقص في المصطلحات العربية في ضوء ما يرد عليه من مصطلحات من البلدان المصنعة، ثم الإعداد لمؤتمرات التعريب للنظر في المصطلحات المنسقة وتوحيدها وإقرارها وتعميم استعمالها في جميع أقطار الوطن العربي[29].

 1.3- المعجمية العربية والتعريب:

 تفتقر اللغة العربية المعاصرة إلى المعاجم العلمية، أكثر من افتقارها إلى المؤلفات العلمية وإلى العلماء، ومن هنا لجأ بعض العلماء منفردين أو مجتمعين لوضع معاجم مختصة وبجهود فردية، ومنها تتكون النواى الصالحة لصوغ معجم عام يحظى بالدراسة و النقد والرعاية بين لدن اللجان المتفرعة عن المجامع اللغوية، وبذلك قد ينتهي إلى ظهور المعجم العربي الموحد للمصطلحات العلمية، والسبيل إلى تحقيق هذا المسعى هو إشراك الدول العربية في تصنيف معجم أعجمي عربي لمصطلحات العلوم والآداب والفلسفة والمخترعات الحديثة بقرارات من جامعة الدول العربية يلزم الحكومات الانضباط إليه ، يشارك في إنجازه العلماء المختصون في المصطلحات، وذلك عن طريق وضع قوائم أو معاجم صغيرة في مصطلحات علومهم، ثم تجمع تلك المعاجم الصغيرة وتمحص فيها المصطلحات وتجمع ويضيف المعجم الموحد ويطبع[30].

– 2.3 جهود المغاربيين في التعريب:

يمكن القول بأن أقطار المشرق العربي سبقت أقطار المغرب العربي إلى التعريب، وذلك لأسباب عديدة أهمها أن الأقطار العربية في المشرق حازت على استقلالها في النصف الأول من هذا القرن ، في حين نالت الأقطار العربية في المغرب استقلالها في النصف الثاني منه ، »[31] وإن الاستعمار الفرنسي استهدف طمس الثقافة العربية بالدول المغاربية ، هذا فضلا على أن دول المشرق العربي كانت سباقة إلى النهضة التربوية، ومع ذلك فإن جهود المغاربة ظاهرة في هذا المجال ففي سنة 1960 تأسس معهد الدراسات والأبحاث للتعريب أسندت رئاسة للدكتور أحمد الأخضر غزال ، فكلف بتعريب كليات الحقوق والآداب والصحافة . وفي بحث لتوحيد المصطلح العلمي، أنشئ مكتب تنسيق التعريب فكلف عبد العزيز بن عبد الله بجمع ما يوضع للمصطلح الواحد من ترجمة أو تعريب، وعرضه على المتخصصين لاختيار الأنسب والأوفق، ثم تعميمه على دوائر الدولة لاستعماله. وبعد أن تطورت أعماله إلى وضع معجمات متخصصة، كان ينشرها في البداية بمجلة اللسان العربي، وارتفعت مصاريفه، انضم إلى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم.

وفي الجزائر اعتبر التعريب الخطوة الأولى في تكوين الشخصية الوطنية ، وهي الهدف الرئيس عند البدء بقيام أي إصلاح في التعليم العالي ، وهكذا نص الميثاق الجزائري على أن اللغة العربية عنصر أساسي للهوية الثقافية للشعب الجزائري … ولا يمكن أن يجري  النقاش حول التعريب بعد الآن إلا فيما يتعلق بالمحتوى والوسائل والمراحل[32]. وقد مرت عملية التعريب بالجزائر بمرحلتين، مرحلة احتد فيها النقاش بين الداعين إلى التعريب وبين المثقفين المتمسكين بالثقافة الفرنسية، ومرحلة ثانية بعد السبعينات اتخذت السلطة فيها قرارات حاسمة لحماية مسيرة التعريب.

وفي تونس ، احتد فيها النقاش هي الأخرى في سنتي 1970 و 1971 بين داع للتعرب ومتمسك باللغة الفرنسية ، إلا أن وزير التربية سنة 1975 صرح أن مبدأ التعريب في المغرب العربي متفق عليه دون أي تردد وفي كل المستويات الحكومية والشعبية وأنشأت بمرسوم صادر سنة 1982 ، المؤسسة الوطنية للترجمة نقلا وتعريبا[33].

VI– التعريب ومعوقاته في الوطن العربي :

المتفق عليه أن التعريب عملية مستمرة ومعقدة، ولا يجب أن ننظر إليها من زاوية إيجاد مقابلات لألفاظ أجنبية، وإنما لا بد أن نتعامل معها كظاهرة طبيعية لها إكراهاتها ، التي قد تزول مع مر الزمن والتطور العفوي ، ولعل أهم ما يقف في طريق تعميم التعريب على مستوى الوطن العربي:

– قلة المراجع العلمية والتقنية والكتب الدراسية في حقل الطب والصيدلة والبيطرة والهندسة والكيمياء والفيزياء والعلوم الحياتية ، كما يعاني المتخصصون من نقص واضح في المصطلحات العلمية العربية[34]، مما يؤدي إلى اختلاف المصطلحات  بين قطر وأخر رغم دلالتها على نفس المفهوم ،.

– عدم وجود خطة منهجية لتحديد ما يترجم منها وما يجب تعريبه لخلق مكافئ في العربية يحمل كل دلالات المصطلح[35].

– انتشار اللهجات المحلية يحول دون استخدام اللغة العربية الفصحى بصورة مرضية.

– اختلاف المناهج في التعبير والتعريب بين الجامعات والمجامع والاتحادات والمنظمات العلمية فالبعض يترجم معنی المصطلح في ضوء المعاجم اللغوية ، ويميل البعض إلى التوليد ، ويبقي آخرون الكلمة كما ينطق بها[36] .

– نقص العناصر القادرة على النهوض بأعباء التعريب، عددا وكفاءة

 – انعدام الوسائل الحديثة لتلقين اللغة العربية للكبار وخاصة لمن أتموا تعليمهم العالي في الدول الأجنبية[37]،

 – التخلف الحضاري والعلمي في معظم الأقطار العربية، والتبعية الثقافية للغرب، واعتبار اللغة العربية من البعض عاجزة عن مواكبة التطور العلمي.

VII– الحلول الممكنة لتجاوز عواقب التعريب :

– التوقف عن مناقشة مدى فعالية التعريب، والتصدي لفئة المثقفين العرب الذين لا يرحبون بفكرة التعريب،

 – تأسيس مجمع لغوي موحد، وتنشيط فعالية اتحاد المجامع العلمية العربية.

– تعميم اللغة العربية في جميع مراحل التعليم وخاصة الجامعي منها.

 – نقل الدوريات والموسوعات العلمية المشهورة إلى العربية.

– الإكثار من عقد الندوات على مستوى الوطن العربي، لتدارس شؤون التعريب ومناقشته وإقرار المصطلحات الجديدة.

– تشجيع تعليم اللغات الأجنبية لطلبة الجامعات.

– التقريب بين اللهجات العامية والفصحى،

– الرجوع إلى التراث العربي لمعرفة كل ما فيه من مصطلحات بالإضافة إلى ملاحقة المصطلحات الحديثة لإدخالها في اللغة العربية[38].

 – اتخاذ قرارات سياسية حاسمة تسير نحو توحيد الوطن العربي، حتى يصبح التعريب غاية وليس وسيلة فقط.

خلاصة:

إن اللغة العربية شأنها شأن جميع اللغات العالمية الحية ، تنمو وتتطور باستمرار ، وتتفاعل مع غيرها، وتقاوم الأخطار التي تهددها ، وقد أثبتت جميع التجارب أنها لغة العلم ولغة الأدب ، ولغة الشارع ، وأنها استوعبت كل ما نقل إليها من علوم الأمم الأخرى، لهذا فإن العمل على إيجاد المصطلح العلمي العربي يقي ضروريا ، إلا أن هذا لا يعني أن التعريب لن يتحقق دون تعريب المصطلح ، لأن التعريب في المجال العلمي يسبق تعريب المصطلحات، إذ أن تعريب العلوم يستدعي تعريب المصطلحات وإيجادها واستخدامها حتى يتم الاستقرار على المصطلح الملائم ، كما أن استعمالها المستمر هو الذي يرسخها[39].

ومع ذلك، يبقى أمر إعطاء المصطلح التراثي الأسبقية له أهميته الخاصة، ففي الكتب التراثية كثير من الألفاظ التي نحتاجها الآن لتوظيفها للدلالة على مفهوم جديد وافد من الخارج.

______________

المصادر والمراجع المعتمدة في العرض

– لسان العرب – ابن منظور – ط III س 99 . دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع.

 – تاج العروس من جواهر القاموس ، محمد مرتضى الزبيدي المجلد ، منشورات دار مكتبة الحياة . بيروت لبنان

 – تاج اللغة وصحاح العربية تأليف إسماعيل بن حماد الجوهري ، تحقيق ، أحمد عبد الغفور عطار ، دار العلم للملايين ، بيروت.

– المعجم الوجيز مجمع اللغة العربية ومصطلحاتها . محمد سعيد أسبر بلال جنيدي دار العودة بيروت.

– ترتيب القاموس المحيط على طريقة المصباح المنير وأساس البلاغة الطاهر أحمد الزاوي . دار الفكر الطبعة III –

– التعريب جهود وآفاق . الدكتور قاسم سارة . الطبعة ا س ، 89 دار الهجرة للطباعة والنشر والتوزيع دمشق.

– مقدمة في علم المصطلح ، د . علي القاسمي ط II ، س 87. مكتبة النهضة المصرية

 – قاموس اللسانيات . عربي فرنسي فرنسي عربي مع مقدمة في علم المصطلح الدكتور عبد السلام المسدي . السنة 84 الدار العربية للكتاب

– نظرات في المصطلح والمنهج الدكتور الشاهد البوشيخي . طاس 02 فاس

– مجلة عالم الفكر المجلد 19 ع 4 س 89- مقال بعنوان : آفاق الترجمة والتعريب نجاة عبد العزيز المطوع.

– مجلة اللسان العربي ع 299 س 95 : التعددية في المصطلح العلمي العربي الدكتور ممدوح محمد

– اللسان العربي ع 25 – الترجمة إلى العربية ، محمد ديداوي.

 -اللسان العربي ع 21. المصطلح الصوتي بين التعريب والترجمة الدكتور محمد حلمي هليل.

 -مجلة آفاق الثقافة والتراث . ملامح النظرية التراثية لعلم المصطلح عباس عبد الحليم س 11 ) سبتمبر 1994 دبی.


[1] – مجلة عالم الفكر، المجلد 19 ع4س89، أفاق الترجمة والتعريب ص 8 نجاة عبد العزيز المطوع.

[2] – التعريب جهود وآفاق د.قاسم سارة ص9.

[3] – التعريب جهود وآفاق مرجع سابق ص 9.

[4] – مقدمة في علم المصطلح د.علي القاسمي ص138.

[5] – التعريب… مرجع سابق ص11.

[6] – التعريب … مرجع سابق ص 11.

[7] – مجلة عالم الفكر عدد 4 ص 6و 7.

[8] – قاموس اللسانيات د.عبد السلام المسدي ص28.

[9] – مجلة عالم الفكر ع4، ص7.

[10] – التعريب … مرجع سابق ص 14.

[11] – محلة عالم الفكر ع 4 ص8.

[12] – التعريب، مرجع سابق ص15.

[13] – لسان العرب ابن منظور ج 9 ص115 ط3 س99.

[14] – تاج اللغة وصحاح العربية ت اسماعيل ابن حماد الجوهري تحقيق أحمد عبد الغفور عطار ج1 ص179.

[15] – المهجم الوجيز محمع اللغة العربية ص411.

[16] – تاج العروس من جواهر القاموس محمد مرتضى الزبيدي المجلد 1 ص 372-373.

[17] – ترتيب القاموس المحيط على طريق المصباح المنير وأساس البلاغة الطاهر أحمد الزاوي المجلد 3 ص181.

[18] – معجم الشامل في علوم اللغة العربية ومصطلحاتها محمد سعيد أسير بلال جنيدي ص 311.

[19] – مجلة آفاق الثقافة والتراث ع6 س94 ص42 دبي.

[20] – التعريب .. مرجع سابق ص16.

[21] – مقدمة في علم المصطلح ص 99 و 100.

[22] – اللسان العربي ع 299، الترجمة إلى العربية محمد ديداوي ص 55.

[23] – اللسان العربي ع 299، التعددية في المصطلح العلمي  العربي د.محمود محمد.

[24] – التعريب … مرجع سابق ص 17.

[25] – نظرات في المصطلح والمنهج ص 10 و 11 و 12و 13.

[26] – نظرات … مرجع سابق ص 15.

[27] – مقدمة في علم  المصطلح ص 112.

[28] – التعريب … مرجع سابق ص 224-225 بتصرف.

[29] – مقدمة في علم المصطلح، ص 122 و 123 بتصرف

[30] – التعريب مرجع سابق ص 183 و 184.

[31] – مقدمة في علم المصطلح مرجع سابق ص 141.

[32] – التعريب … مرجع سابق ص 127.

[33] – التعريب … مرجع سابق ص 123-124.

[34] – عالم الفكر ع 4 ص 11.

[35] – اللسان العربي ع 21 المصطلح الصوتي بين التعريب والترجمة ص 105.

[36] – عالم الفكر ع 4 ص 11.

[37] – التعريب… مرجع سابق ص 230.

[38] – عالم فكر ع 4 ص 14.

[39] – عالم الفكر ع 4 ص10.

————–
*د.عبدالكريم فاضيل/ أستاذ بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين جهة الشرق.

وسوم:

اترك رد

جديدنا