في نقد منظومة الأسرة التقليديَّة

image_pdf

تعتبر الأسرة وحدة اجتماعية أساسية ومعقل التنشئة الأولية التي تُلَقِّنُ الأفراد سبل الاندماج الاجتماعي، وتغرس في أذهانهم مختلف التصورات عن دينامية المجتمع والثقافة التي ينتمون إليها. تستمد المؤسسة الأسرية قيمتها من قدسية الزواج – وهو تقليد يباركه الدين ويحتفي به المجتمع – كونها نتاج هذا العقد القانوني والاجتماعي، مما يعزز دورها في نقل القيم الثقافية والاجتماعية ويمنحها صلاحيات مطلقة في التربية. إلا أن النقاش حول الأسرة ودورها في بناء المجتمع لم يخلو يوما من النقد والتشكيك في قدسيتها المزعومة، وهو ما جاء على لسان العديد من المفكرين والمنظرين على اختلاف آرائهم وانتقاداتهم.

الأسرة والنظام الطبقي:

في كتابه “أصل العائلة والملكية الخاصة والدولة”، يقدم الفيلسوف الألماني فريدريك إنجلز أفكارا ثورية غير مألوفة حول المؤسسة الأسرية وأسباب نشأتها. يزعم إنجلز أن ظهور مفهوم الأسرة المتزامن مع ظهور الملكية الخاصة لا يمكن إلا أن يكون دليلا قاطعا على أن العائلة النووية هي نتاج تغيرات تدريجية في النظام الاقتصادي والاجتماعي[1]. بينما كانت للمجتمعات البدائية بنى اجتماعية وأنماط تزاوج متنوعة (مثل الپولوجينيه والپوليجاميه وغيرهما)، باتت حاجة المرء لمن يرث عنه النسب والثروة بحكم ظهور الملكية الخاصة تحتم وجود نظام اجتماعي مثل الأسرة. مثلما يرث الأبناء نسبهم من الأب، كونه الشخصية الأبوية (patriarchal figure) في البيت، فإنهم يرثون أيضا كل ما يكتنزه من أملاك خاصة سواء أَ كان الأب شخصا ثريا أم عاملا بسيطا.

إن الأسرة بمفهومها الأصلي في تصور إنجلز هي ما تمخض عنه البحث عن سؤال طرحته الرأسمالية في أول مراحلها، وهو: كيف للثروة أن تنتقل بعد وفاة الفرد؟ بالتالي أصبحت الأسرة أداة لضمان انتقال الثروة عبر الأجيال وتم التخلي عن مجتمعات “العيش المشترك” وتبني الزواج الأحادي، مما أدى إلى نشأة نظام يترأسه الرجل، وهو نظام قائم على تمييز طبقي واجتماعي. ليست الأسرة إذن سوى امتداد لنظام الرأسمالية أو تجسيد مصغر له، خاصة أن هيمنة الرجل على المرأة داخل الوحدة الأسرية تغدى من خلال النظام الرأسمالي الذي يستفيد من العمل غير المدفوع في المنزل ويضمن عبره استمرارية عجلة الإنتاج ودعم القوى العاملة.

ينتقد إنجلز دور المرأة في ظل النظام الأبوي الرأسمالي والذي يخلق تبعية اقتصادية للزوج باعتباره المعيل الوحيد للأسرة، فتصبح الأم أو الزوجة بمثابة سلعة يحصل عليها الزوج مقابل تحمله العبء الاقتصادي لمصاريف البيت. بالرغم من التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي خلقت فرص عديدة للنساء في سوق الشغل، فإن بنية المؤسسة الأسرية لا زالت تضع الرجل موضع القائد والعقل المدبر الذي يحق له أن يحدد مسار الأسرة كما أراد. وفي واقع الأمر، لم يزد الانضمام إلى سوق الشغل النساء سوى مسؤوليات جديدة دون أن يمنحهن شيئا من السلطة التي لطالما احتكرها الرجال، حيث أصبحت المرأة تتحمل ما يعرف ب “العبء المزدوج” وتجمع بين دورها خارج المنزل كامرأة عاملة وأدوارها التقليدية داخل البيت تجاه أفراد أسرتها[2]. يمكننا القول إذن أن التحرر الاقتصادي للمرأة المعاصرة لم يخفف عنها عبء الأدوار الجندرية، بل ساهم في إنتاج أشكال حديثة من الاستغلال، وذلك على الرغم من ارتفاع عدد الأسر ذات الدخل المزدوج وظهور تيار فكري تقدمي يشجع الرجال على “المشاركة” في العمل المنزلي. تكمن المعضلة في أننا كمجتمع نُسْنِد الأعمال المنزلية تلقائيًا إلى المرأة وكأنها مسؤوليتها الطبيعية، بينما نُشِيد بجهود الرجل في المساعدة في أعمال المنزل كما لو كان ذلك أعظم إنجاز في حياته. سواء اعترفنا بذلك أم لا، فإن اللغة التي نستخدمها لمعالجة ومناقشة هذه الظاهرة تعكس نظرة تمييزية جلية، ليس فقط تجاه النساء، بل أيضًا تجاه الأفراد الذين يكرسون حياتهم للقيام بالأعمال المنزلية من طبخ وتنظيف بمقابل أو بدونه. وبقدر ما نعترف بأهمية مهارات التدبير المنزلي الأساسية، فإننا نميل سرًا إلى النظر بازدراء إلى الأشخاص الذين يقومون بهذا العمل بشكل يومي، وهو ازدراءٌ يتجلى بوضوح في العمل المنزلي غير مدفوع الأجر الذي تقوم به النساء العاملات دون أدنى مساعدة أو تعويض مادي. يقترح إنجلز إزالة النظام الرأسمالي كحل لهذه الممارسات البطريركية التي تحول العلاقات الإنسانية إلى صراع طبقي، كما يؤكد على أن الاشتراكية يمكنها أن تحول العمل المنزلي من مسؤولية تقع على عاتق المرأة وحدها إلى مسؤولية جماعية تدار بشكل اجتماعي. إلا أن إنجلز لا يجيب عن السؤال الذي يطرح نفسه بنفسه في ظل هذا النقاش: “كيف استطاع الرجل أن يحتكر أدوات الإنتاج وأن ينال قسمًا معينا من العمل دون غيره؟” خاصة وأن هذا التقسيم قد ظهر قبل تأسيس الملكية الخاصة. كانت المجتمعات الزراعية القديمة تقوم بتقسيم العمل على أساس الجنس، إذ كان يتولى الرجال مهام الصيد والحراسة، بينما تهتم النساء بالرعاية المنزلية والعناية بالأطفال. منشغلا بالجانب الاقتصادي لأصل العائلة، يغفل إنجلز عن أهمية العوامل الثقافية والاجتماعية ومساهمتها في نشأة المؤسسة الأسرية.

تأثير الاستعمار على الأسرة:

بينما كان نقد فريديريك إنجلز للأسرة مبنيا على مختلف التفاعلات بين هذا الكيان الاجتماعي والنظام الاقتصادي الذي ساهم في تطويره بما يواكب شروط استمرارية الرأسمالية، فإن فرانز فانون قد وضع الاعتبارات الثقافية والسياسية فوق كل شيء في انتقاده لما أصبحت عليه المؤسسة الأسرية الحديثة. يرى فانون أن الاستعمار يؤثر بشكل كبير على الديناميكيات داخل الأسرة المستعمَرة وعلى كيفية إدراك الشخص لهويته في إطار العائلة، حيث أن الطفل يأتي على اتصال مباشر مع هرمية قمعية وسلطة استبدادية لأول مرة داخل الوحدة الأسرية[3]. إن الأسرة هي التي تلقن الفرد القيم والمبادئ التي تساعده على شق طريقه في الحياة، وهي إما أن تكون مصدرا للمقاومة الثقافية أو أن تصبح مساحة يتم فيها ترسيخ الإيديولوجيات الاستعمارية الدخيلة. هنا يحذر فانون من قدرة الضغط الاستعماري على تقويض القيم الأصلية التي تقوم على أساسها الأسرة المستعمَرة، الشيء الذي قد يحول الوحدة الأسرية إلى محطة لتدجين العقول وحث الأفراد على تقبل الأوضاع المادية التي يفردها الاستعمار. بالنسبة لفانون، توغل العدو فكريا في المجتمع المستعمَر وتمكنه من زرع أفكار تتنافى مع التوجه الذي كانت عليه الأسرة قبل الاحتلال لا يختلف كثيرا عن توغله عسكريا في الأرض ونهبه خيراتها، لأن للحرب الاستعمارية أكثر من جبهة ينبغي على المستعمَر أن يقاتل على أطلالها لتحرير وطنه وهويته. 

العائلة كأداة لترسيخ السلطة: نماذج من العالم

في عديد من القبائل والثقافات الفرعية (subcultures) الهندية، يتم اعتماد الزواج المرتب بين عائلات من نفس المكانة الاجتماعية والاقتصادية، وفي بعض الأحيان تكون زيجة ابنة رجل بسيط من ابن رجل مهم بمثابة صفقة اقتصادية من شأنها أن تدر أرباحا كثيرة على الأسرة بأكملها. وبالتالي فإن الأسرة تصبح – في هذا السياق – بمثابة مؤسسة اقتصادية ربحية، ويصبح الزواج استثمارا وتعاملاً تجاريًا بين أسرتين. ثم إن تفشي عادة الدوطة – حيث تقدم عائلة العروس أموالا أو هدايا لعائلة العريس – يؤدي إلى تعزيز الفوارق الاقتصادية بين الأسرتين ويلغي قدسية الزواج الذي يصبح مبنيا على أساس اقتصادي أكثر من أي شيء آخر. كما أن نظام البانشيات في المجال القروي بالهند يجعل الأسرة بمثابة ثكنة حراسة تراقب تصرفات الشباب وتفرض عليهم مجموعة من القيم الدينية والإيديولوجيات الرجعية، وتعاقب كل من يرفض الانصياع لما هو متعارف عليه اجتماعيا من آراء وسلوكات. تعمل كل من البانشيات والأسرة التقليدية على تقييد حريات الشباب وفرض قيود على العلاقات بين الجنسين، بما في ذلك التوصيات المتعلقة بالزواج ومنع الزيجات “الغير متوافقة” لاعتبارات اجتماعية واقتصادية. 

في الأرجنتين، أدت الأزمة الاقتصادية سنة 2001 إلى ولوج النساء إلى سوق الشغل وإعادة توزيع الأدوار بين الجنسين داخل الأسرة. إلا أنه وبالرغم من التغيرات الثقافية التي عرفها المجتمع الأرجنتيني، سرعان ما عاد الرجال إلى مواقعهم كمعيلين اقتصاديين بعد نهاية الأزمة مما ساهم في تعزيز التصور التقليدي للسلطة في الهيكل العائلي.

أما في الولايات المتحدة الأمريكية، فلا يزال أتباع الكنيسة المورمونية يعيشون شيئا من العزلة عن باقي مكونات المجتمع الأمريكي نظرا لتقاليدهم المحافظة ونمط حياتهم المختلف. تلعب العائلة دورا جوهريا في حياة المورمون لكونها جزءا من عقيدتهم الدينية، إذ يؤمن أتباع هذه الديانة أن “الزواج هو اتحاد أبدي بين روحين في ملكوت السماء” وهو ما يسمى بالزواج الأبدي. كما أن هذه الجماعة الدينية تعتبر رب الأسرة قائدا روحيا لعائلته، مما يمنحه سلطة مطلقة ويمكنه من نقل العقيدة المورمونية لأبنائه وترسيخ قيمها في عقولهم. يشارك شباب المورمون في الخدمات التبشيرية التي تدعو عامة الناس إلى هذا الدين، وبالتالي فإن هذه التجربة تفرض عليهم مجموعة من القيود والتوقعات الاجتماعية التي تحد استقلاليتهم الفكرية وقدرتهم على اتخاذ قرارات شخصية بشأن معتقداتهم ونمط حياتهم. رغم أن نسبة كثيرة من الشباب الذين ترعرعوا في هذه الجماعة الدينية ولُقِّنوا تعاليمها يتركون الكنسية المورمونية كل سنة، إلا أنهم يحملون في اللاوعي تصورات خاطئة عن العالم الخارجي يصعب التخلي عنها دون القيام بجهد ذهني أو ما يسمى ب “تفكيك الإيمان” (Deconstruction of faith). في هذا السياق الثقافي الاجتماعي، تلعب الأسرة دور التلقين العقائدي الآلي وتحد الآفاق الفكرية للأفراد الذين ينتمون إليها.

الأسرة وظاهرة الميسوجينية:

عادة ما تكون الأسرة المسرح الأول للميسوجينية، والتي يلاحظها الأطفال منذ نعومة أظافرهم من خلال العلاقة التي تربط الزوجين ببعضهما، وفي فرق تعامل الآباء والأمهات مع أبنائهم وبناتهم. تتجلى مظاهر الميسوجينية الأسرية في احتكار السلطة والمسؤولية من طرف الأب وتفضيل الذكور على الإناث، وهي ظواهر منتشرة بكثرة في مجتمعاتنا العربية منذ القدم. يزعم البعض أن هذا التفضيل يعود إلى وراثة النسب الذي تحدثنا عنه سالفا، لكن هذا التبرير لا يعكس سوى جزء بسيط من هذه المعضلة، إذ أن تفضيل الذكور على الإناث يتجاوز مسألة وراثة النسب ليشمل تصورات أعمق حول قيمة المرأة سواء داخل وحدة الأسرة أو خارجها. في بعض الأسر ذات الدينامية السامة، تتحمل الفتيات مسؤوليات أكبر من سنهن بكثير، سواء أ كانت مسؤوليات تجاه أولياء أمورهن أو تجاه إخوانهن الذكور. كما يتم منح الأبناء الذكور حرية أكثر في التنقل والاختيار، مما يخلق فجوة عميقة بين هؤلاء الفتيات وأسرهن ويساهم في حد إمكانيات النساء وطموحاتهن منذ الصغر. إن هذه الإشكالية الاجتماعية تتطلب تحررا من الوصاية الذكورية، خاصة في الوسط الأسري الذي ينبغي له أن يكون أكثر الأوساط ديمقراطية وأمانا لكل أفراده.

ماذا يعني أن تتحرر المرأة من الوصاية الذكورية؟ أين يبدأ النضال من أجل التحرر وأين ينتهي؟ بناء على مزاعم البعض فإن زمن النضال نحو المساواة قد وَلَّى، ذلك لأن المرأة المعاصرة قد أصبحت عنصرا شريكا للرجل في مختلف الميادين والأوساط المهنية.  يصور الإعلام الحديث انضمام العنصر النسوي لسوق الشغل على أنه نهاية الحاجة إلى الحركة النسوية التي انتزعت من خلالها النساء حقهن في المشاركة في الحياة السياسية والاقتصادية، وهو بذلك يسعى إلى التقليل من شأن الممارسات الرجعية التي لا زالت تستبيح حرية النساء وفردانيتهن. لا يكفي أن نشير اليوم إلى اندماج المرأة في سوق الشغل كلما سُأِلنا عن المساواة بين الجنسين، خاصة أن هذا الاندماج كان قد جاء بشكل تلقائي بسبب الحاجة الماسة لليد العاملة والموارد البشرية عقب الحرب العالمية الثانية؛ إن مشاركة النساء في عالم الرأسمالية لا يدفع عنهن العنف الناتج عن الكره المترسب تجاههن، ولا يمنحهن سوى شيء من الاستقلالية الاقتصادية سرعان ما تسلبها القيود الاجتماعية البطريركية التي لطالما كانت تلاحق المرأة العاملة.

إن نضال المرأة من أجل التحرر من الوصاية الذكورية يشبه إلى حد ما الحركة التنويرية الأوروبية التي دعا روادها إلى ” انعتاق الفرد من الوصاية التي جلبها لنفسه “، إذ أن التحرر من الوصاية الذكورية لا يقتصر فقط على اختيار نمط حياة معين دون آخر، بل إنما هو انعتاق كامل من السلطة الأبوية التي تحاول أن تملي على النساء كيف ينبغي لهن أن يعشن. يتطلب هذا النضال إعادة تقييم الأعراف الاجتماعية والتي تحاول حصر دور المرأة في عدة قوالب اجتماعية جاهزة، وتنتزع منها فرصة الاختيار التي تعد “رفاهية” و”امتيازا” للرجال دون النساء. ينبغي على مؤسسات المجتمع المدني التي تهتم بقضايا المرأة والعدالة الاجتماعية أن تكون على وعي بأهمية التخلص من هذا النوع من الرِقّ الذي يسلب من النساء حرية الفكر، ويقيدهن بواجبات اجتماعية لا حصر لها تتجاوز قدرتهن وتستبيح إرادتهن.

يعتبر الرجل شريكا في النضال النسوي الذي يعنى بقضايا المجتمع بصفة عامة، رغم أن بعض الرجال المتمسكين بأفكار رجعية حول دور المرأة في المجتمع لا يستسيغون مسألة الاستغناء عن الوصاية الذكورية في السياق الاجتماعي، فبالرغم من إيمانهم الراسخ أن للنساء كل الحق في العيش بكرامة وحرية فإنهم لا يريدون لهذا المظهر من مظاهر تمكين العنصر النسوي أن يكون على حساب سلطتهم التي تمنحهم الأفضلية في كل من سوق الشغل والتسلسل الهرمي الاجتماعي. إلا أن مشاركة الرجل في هذا النضال لا ينبغي لها أن تجعل منه مركز الخطاب النسوي وجوهره، لأن ذلك من شأنه أن يعرض المرأة للمزيد من التهميش وبالتالي ينفي الغرض الأساسي من الحركة النسوية. على الرجل الذي يعتبر نفسه حليفًا للنضال النسوي أن يتخلى عن الأفكار الجاهزة التي تتمخض عن الوعي الجمعي لمجتمعات تشربت الميسوجينية بمختلف أشكالها وممارساتها، وأن يتمكن من التعرف على تحيزاته والعمل على تجاوزها، ذلك لأن التمييز ضد المرأة هو أمر شخصي بقدر ما هو منهجي.

باتت معركة المرأة المعاصرة تتجاوز مسألة تحرير النساء من القيود القانونية،  نظرا للتقدم الملحوظ الذي حققته مساعي الحركة النسوية في هذا النطاق، بل أصبحت تتمركز حول تصحيح الأفكار الرجعية التي تسكن الوعي الجمعي للمجتمعات الذكورية والتي باتت تسيطر على الخطاب المغاير و” المحافظ “. ليست هذه المعركة الفكرية بهدف تحرير المرأة فحسب، بل هي محاولة خلق مجتمع سَوِيّ قادرٍ على إنصاف الجميع. كما أن التخلي عن الوصاية الذكورية لا يعني إقصاء الرجال أو التنكر لهم، بل هي مقاربة تنموية من شأنها أن تبني علاقة تكامل بين الجنسين.

خاتمة:

يبقى استرجاع الذاكرة الثقافية والوطنية الحل الأنسب لردع محاولات تغيير صورة الأسرة وتحويلها إلى أداة قمعية أو مؤسسة تجارية، وهو ما يدعو إليه فانون في كتابه “بشرة سوداء، أقنعة بيضاء”، وذلك عبر إعادة ربط العائلة بجذورها الثقافية والتمسك بالتراث الثقافي وكذا ترسيخه في الوعي الجمعي للشعوب التي تعيش تحت وطأة الاحتلال. إلى جانب ذلك فإن الصورة النمطية للأسرة المتسلطة ينبغي إلغاؤها والتخلص منها بشكل تام، ﻷنها تخلق أفرادا غير قادرين على مجابهة مختلف الأنظمة القمعية التي يزخر بها العالم الخارجي، بل وتزرع فيهم الخوف والخضوع للسلطة.


[1] Engels, F. (2007). The origin of the family, private property, and the state. In L. L. O’Toole, J. R. Schiffman, & M. L. K. Edwards (Eds.), Gender violence: Interdisciplinary perspectives (2nd ed., pp. 12–32). New York University Press.

[2] Aziz, M. (2023). Women’s double burden in the family between culture and discrimination. Potret Pemikiran, 27, 227. https://doi.org/10.30984/pp.v27i2.2782

[3] Fanon, F. (2021). Black Skin, White Masks. Penguin Classics.

وسوم:

اترك رد

جديدنا