سؤال الهويَّة بين الأصالة والمعاصرة في الفكر العربي المعاصر
محمد عابد الجابري وحسن حنفي مرجعًا.
تمهيد:
تتمخض قضايا الفكر العربي في مجملها من رحم صراع قائم بين ازدواجيات كثيرة نخص منها بالذكر، الأصالة والمعاصرة، القطرية والقومية، الليبيرالية والاشتراكية. فما بين ماضي الحضارة العربية الذي مازال حلم استرجاعه يداعب أجفان العرب. وبين واقع أوروبا الذي يفرض نفسه حاضرا للعالم. ومابين طموح قومي لتحقيق وحدة عربية و نظريات أقوامية تنتفض لأجل الثقافات المحلية. وبين طرح الملكية المشتركة لوسائل الإنتاح وتشجيع حرية التنافسية.
ما بين هذه المفارقات علق الواقع العربي المعاصر في وضع يطلق عليه الجابري حالة “انشطار”. وهو وضع لا يعكس صراعا بين القديم والحديث فحسب. بل حتى على المستوى الذاتي والوجودي انشطر الكائن العربي إلى هويتين ; هوية تمثلها الأنا التي تنتمي للماضي وأخرى تنتمي للحاضر ويمثلها الآخر في شخص الغرب .
وضعية حرجة “يجد الأنا العربي نفسه فيها يتحدد بماض يريد تجاوزه وبحاضر لم يعد له “[1]والفكر العربي المعاصر بذلك لا يعبر فقط عن جملة القضايا والأفكار التي قدمت في الفترة المعاصرة. بل أكثر من ذلك يترجم توترا جمعيا لأمة تعيش محنة الاغتراب عن الزمن
هل سيتسنى لها الاستقرار بالعودة للماضي ومحاكاته أم بالالتحاق بركب الحاضر الذي يقوده غيره؟
هل ستخضع أفكارها للواقع وتجاريه أم أنها ستخضع هي لأفكار الغير وتسعى لتغيير واقعها وفقها؟ هل الهوية هي التي كان يعبر عنها ب “نحن” تحت لواء الأمة أم أنها قد تتحقق بالحرية التي تدعو إليها مبادئ الغير؟
الهم النهضوي: إشكال واقع أم أفكار
علاقة الفكر والواقع عند الجابري:
ارتبطت إشكالات الفكر العربي المعاصر منذ عصر النهضة بسؤال عرف بالسؤال النهضوي: لماذا تقدم الآخر وتأخرنا نحن؟ تراتبت عن هذا السؤال ثنائيات مفهومية، اتخذت فيما بعد أشكال صراع بين القديم والحديث، الماضي والحاضر. أمام تباث هذه الإشكالات منذ عصر النهضة، مرورا بالربيع العربي، وصولا إلى يومنا هذا. نتساءل عن الجدوى أساسا من هذا الصراع وسياقات طرحه. هل مسألة الصراع بين الأصيل أو القديم والمعاصر أو الحديث هي وضع تطرحه ضرورة التغيير أم أنها مواقف أفرزها الصراع الطبقي وطورها لخدمة المصالح الطبقية؟
يجيبنا محمد عابد الجابري قائلا: ” أن إشكالية الأصالة والمعاصرة في الفكر العربي الحديث والمعاصر لا تعكس بالضرورة وضعا طبقيا ولا تعبر بالضرورة عن مصالح طبقية[2]“
بيد أن القول بأن قضايا الفكر العربي المعاصر لا تعكس الواقع الذي يعد الصراع الطبقي محرکا أساسيا فيه. قول يمكن أن نفهم منه وجود هوة بين الفكر والواقع. بدوره لا ينفي الجابري هذا القول بل يؤكده ويقر بوجود استقلال نسبي للأفكار عن الواقع. ذلك لأن الفكر يعكس الواقع بصورة مشوهة وغير كاملة. ” إن الفكر، في مستويات معينة . إذ يعكس الواقع حتى في أدنى درجات استقلاله النسبي لا يعكسه كما تفعل المرآة التي يرى فيها الشخص وجهه بكل قسماته وتجاعيده، بل غالبا ما تكون الصورة المنعكسة متموجة متداخلة الأجزاء كالصورة التي تعكسها المرآة المهشمة “[3] فلا تتسنى لنا إمكانية الربط بين الواقع والأفكار إلا عبر عملتين ; تحليل الواقع تحليلا يرمي إلى الكشف عن بنيته وتطوراته وتغيراته الصورية. ثم تحليل صورة الواقع كما تنعكس في وعي الناس أي الكيفية التي يستوعب بها عامة الناس هذا الواقع. لاستخلاص الطريقة التي يفهم بها الصراع الطبقي. ساعتها يمكن أن نتحدث عن ربط جدلي بين الواقع. بيد أن هذا التوفيق لا يحصل دائما. لأن الفكر بدوه تسمه تفاوتات على مستوى اتصاله بالواقع. فمن الممكن أن يتصلا عندما يتعلق الأمر بالجوانب السوسيوبوليتيكية. لكنه يغدو شبه مستحيل في القضايا التجريدية التي تفتقد أحيانا صورا فيزيائية لها في الواقع المادي المحسوس. يقول الجابري في هذا الصدد ” فالقضايا النظرية التجريدية كالقضايا المنطقية والفلسفية والرياضية. تفصلها عن الواقع مسافات على سلم التجريد، يصعب معها، إن لم یکن من المستحيل. ربطها بأي واقع اجتماعي أو فيزيائي معين [4]” . والأمر نفسه يصدق على المجال الإيديولوجي. فرغم للتطورات التي يشهدها العالم يظل المعتقد هو نفسه ثابتا. ولا يمكن لفكرة قديمة أن تظل حية إلى إذا تحولت إلى مذهب. بالتالي لا يمكننا الحديث عن إيديولوجية أو لنحافظ على تعبير ” أفكار “تتلاءم والواقع الراهن أو تعكسه في ظل هذه المفارقة بين ثبات وسكون الإيديولوجية وتغير وحركة الواقع، اللهم ان اتخذت قالبا دينيا. وقد يحدث أن تبتدع طرقا للمواءمة في سياقات يكون الدافع فيها سياسي، طبقي ,وبموجب يكون تأصيل المعاصر واستحضار القديم على اعتبار سلطته الرمزية بدافع مصلحي بحث.
هذا الاتصال والانفصال بين الفكر والواقع لا ينفصل عن صلب إشكالنا الأساس. الذي هو الصراع بين الأصالة والمعاصرة. فالواقع لا يرتفع عن الحيز الزمني الذي يؤطره. في المقابل تتمتع الأفكار بالقدرة على التحرك في مختلف الأزمنة. بصيغة أخرى ; إذا قلنا إن واقع اليوم واقع مشروط بظرفية الحداثة وبضرورة مواكبة تطورات العصر . قولنا ذاك لا يمنع آخر من أن من يطرح الماضي کنموذج للاحتذاء به في تغيير الواقع. فحينما يتعلق الأمر بالأفكار يغدو التنقل عبر الأزمنة لا مشروط.
هذا لا يعني أن التجديد بما هو محاكاة للغرب واقع محسوم. وأن إحياء النموذج القديم مجرد أفكار. ولكنه إن دل على شيء فإنما يدل على أن الفكر لا يمكن أن يتصل كليا بالواقع ولا أن ينفصل عنه. بل إن العلاقة بينهما علاقة جدلية. أينما كان واقع فهناك أفكار ساهمت في حدوثه وهناك أفكار تمخضت منه.
يبدو أن الأصالة والمعاصرة لا تتعلق بمجرد موقفين يمكن الحسم بينهما بالاختياربين العودة للماضي واستقاء اللبنات الأساس التي كان الوجود العربي يرتكز عليها قبل الانحطاط. وبين تبني النموذج الغربي المعاصر بوصفه مثالا لهذا العصر بأسره. بل أن الامر أعمق من ذلك. فكل تيار تتفرع منه اتجاهات متعددة تتلون في الغالب بلون الإيديولوجيات السائدة.يقول الجابري: ” وهكذا نجد بين دعاة المعاصرة من يحملون إيديولوجيات ذات مضامين ليبيرالية، وآخرين يبشرون بإيديولوجيات اشتراكية، تطورية، إصلاحية، أو ماركسية لينينية. كما نجد فيهم صاحب النزعة القطرية الضيقة وداعية القومية العربية، وقد يتفقان أو يختلفان في المضمون الايديولوجي الذي يعطيه كل منهما لدعوته: ليبرالي، اشتراكي.. الخ. أما دعاة الأصالة فتتوزعهم، هم كذلك عدة اتجاهات: فمن سلفيين رافضين لكل نظم العصر ومؤسساته وفكره وثقافته، باعتباره عصر جاهلية، يجب تركه جملة وتفصيلا والعودة إلى النبع الأصيل، إلى إسلام السلف الصالح الذي يتحدد أساساً بعصرالسول… إلى سلفيين معتدلين يقبلون من حضارة العصر ومؤسساته ما لا يخالف أحكام الشريعة الإسلامية أو ما يمكن تبريره داخلها…[5]“
هذه التشعبات المتعددة داخل كل صنف. تكشف عن وجود ازدواجيات أخرى إضافة إلى ازدواجية الأصالة والمعاصرة. ولكل زوج ميدانات خاصة به تحدده وتؤطره. إذ ينتمي الزوج الأصالة والمعاصرة إلى ميدان القضايا النظرية. في حين تتحدد الخيارات الإيديولوجية التي تعبر عنها المصالح السوسيوطبقية بالزوج الليبيرالية – الاشتراكية. ومستوى ثالت يتحدد بالثنائي النظرية_ القومية. وهو ميدان القرار السياسي <<العربي>>. المتعلق بالقضية الوحدوية المشترك بين العرب.
وحيثما كان هناك ازدواج هناك صراع بين الأصيل والمعاصر، الليبيرالي والاشتراكي. القطرية والقومية. الأنا والآخر.
أمام هذه السياقات التي يتداخل فيها عاملي الزمن والمكان، التاريخي والجغرافي. يتضح جليا أن قضايا الفكر العربي المعاصر ليست اختيارا أو مسارا قد يتبعه المفكر أو الباحث. بل إنها تكاد تكون قدرا يفرضه الواقع. واقع يعوزه التغيير. ولما كان التغيير مرهون بتغيير الأفراد قبل الجماعات. مصداقا لما جاء في الكتاب الحكيم: ” إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِم[6]ْ “. كان من الصعب أن نتحدث عن حلول فردية لذات مثقلة بماضي كانت الجماعة فيه مرفأ الأمان. واليوم أضحى الآخر <<الغرب>> هو سبيلها وبديلها للمضي قدما. فكأنما قدر الكائن العربي ألا يعيش تجربة كوجيطو ، يستقيم فيها القول ب: ” أنا”. كان يعبر عن نفسه في الماضي ب “نحن”، واليوم هو أمام رهان أن يكون مثل “الآخر ” كي يتفادى أن يعدم ما تبقى من هويته في الفراغ.
إن أزمة الإنسان العربي ليست أزمة صراع بين تيار وآخر فالصراع متجذر في طبيعة الوجود برمته. بل هي أكثر من ذلك أزمة اغتراب ماهوي. كوجيطو مجروح بتعبير فتحي المسكيني.
أزمة الهوية العربية بين التعددية و الاغتراب :
هوية متعددة أم هوية غيرية؟ مسألة تعدد أم اغتراب؟
إذا ما ساءلنا الهوية من وجهة نظر فلسفية فهي مسألة مشتركة بين الجميع. مهما اختُلف بشأن تحديدها. شأنها شأن المعنى قد تكون مشتركة من حيث الوجود ، الا أنه لكل شخص تيمة خاصة تجعله يحافظ على الاعتقاد بأنه هو نفسه. لكن ، ماذا يعني أن أحمل هوية؟ وإلى أي حد يكون تجنيس الهوية إمكانا موضوعيا؟ ماهي الهوية تحديدا؟
” الهوية مجموعة من السمات التي تسمح لنا بتعريف موضوع معين. وبناء على ذلك فان التحديد الخارجي للهوية يكون بالبحث عن هذه السمات وتحديدها. “[7]
بالاستناد العملي على تحديد ميكشيلي للهوية. يكون البحث عن سمات الانسان العربي -في ظل تعدد المواقف ازاء الهوية – مخرجا لتكوين صورة واضحة عن هوية الانسان العربي. وعليه التالي سؤال ماهوي مألوف.
_ ما الإنسان العربي؟
في مدخل كتابه “مسألة الهوية العروبة… والغرب ” يقول الجابري أن سؤال “مالعربي”: “سؤال لا يحتمل إجابة واحدة، في الظرف الراهن على الأقل”. ذلك لأن الإجابة على هذا السؤال لا تعكس واقع قدر ما تعكس نظرة الذي يطرح عليه السؤال. نظرة تبلورها الإيديولوجيات و تموقفات الأشخاص. فالطريقة التي يرى بها العربي من دولة قطرية الإنسان العربي ليست نفسها الطريقة التي ينظر بها إنسان شمال إفريقيا لنفسه كعربي. وليست هي الطريقة التي ينظر بها إليه الآخر الأروبي. مما يجعل من مفهوم “العربي “. مفهوم مصنوع مشكل مسبقا.
وتعدد هذه الأجوبة واختلافها بصدد سؤال فلسفي هو أمر طبيعي. كما أن افتراض المتعدد هذا غير غريب على الحقل الفلسفي.
إذ يشكل ” إنسان التعدد ” إحدى الشخصيات المفهومية التي شيد بها الفيلسوف الفرنسي جيل دولوز مفهوم الرغبة. وهو طرح من شأنه أن يكون مخيبا لأمل الإمساك بهوية تابثة للإنسان العربي. لأن الهوية بالنسبة لدولوز محض وهم.
بحيث يشير إنسان التعدد كما ما صاغه دولوز بمعية فليكس غوتاري على واجهتين متكاملتين تتفتح الواجهة الأولى على الفرد ضمن فردانيته والواجهة الثانية على الفرد داخل المجموعة. وبالمقتضب المفيد ; ما يهمنا هنا من تعريف دولوز و غوتاري هو الجانب الذاتي الفرداني.
في كتابه “مفهوم الرغبة في الفلسفة _ مدخل إلى قراءة دولوز و غوتاري_ ” يقول الكاتب محمد آيت حنا: ” ليس معنى أن نكون متعددين. هو أن تكون لنا هويات متعددة، وإنما يعني ذلك ألا تكون لنا هوية بالمرة، هو أن نمحو هويتنا بما هي مفهوم مصاغ بشكل قبلي[8]” هنا يلتقي ثانية الجابری بدولوز في القول بأن الهوية مفهوم مصنوع ومصاغ قبلي من جهة. من جهة ثانية فهذه الثورة الكوبرينيكية لدولوز على مفهوم الهوية يرفع أي حرج عن مسألة الانتساب إلى الغرب أو لأي بقعة من العالم ذات قوة حضارية. سواء كنت أنا أو غيرى فهذا لا يعني شيء. نحن أبناء أحداثنا فحسب والحدث في ظل الظرف الراهن لا يعترف بالحدود جغرافية كانت أو فكرية.
على خلاف هذا الطرح الذي يجهض مفهوم الهوية ومن من وجهة نظر مغايرة. بالنسبة للمفكر حسن حنفي الهوية هي تطابق الانسان مع ذاته. وكل محاولة لأن يكون غیره مآلها الاغتراب. فالإنسان ما لم يتطابق مع نفسه ينحرف عنها بالضرورة. فكيف يمكن للإنسان أن يكون هو نفسه؟
في كتابه الموسوم بعنوان ” الهوية” يربط حسن حنفي الهوية بشرط الحرية. قائلا: ” ليست الهوية موضوعا تابثا أو حقيقة واقعة بل هي امكانية حركية تتفاعل مع الحرية. فالهوية قائمة على الحرية لأنها احساس بالذات، والذات حرة.[9] “
فقد يتحول الإنسان من هوية إلى غيرية عندما تعدم الظروف الخارجية الحرية الداخلية.
“وقد تتحول الهوية إلى اغتراب. تنقسم الذات على نفسها، وتتحول مما ينبغي أن يكون إلى ما هو كائن من إمكانية الحرية الداخلية إلى ضرورة الخضوع للظروف الخارجية بعد أن يُصاب الإنسان بالإحباط والإحباط عكس التحقق، وضعف الإرادة، وخيبة الأمل، وتخل عن الحرية”[10]. ما نستشفه من هذا القول هو; لكي يكون الانسان نفسه يجب أن يكون بالضرورة حرا. فهل توفر للكائن العربي قدر من الحرية لكي يمتلك هوية؟ تلك هي المسألة.
من صلب كل هذه العلل التي أصابت الأنا العربية تمخض إنسان متشضي الهويات حتى على المستوى النظري، ظلت التعددية الهوياتية تسم الحركات الفكرية. فنجد هوية إصلاحية مثلها الأفغاني ومحمد عبدہ ، رشيد رضى، ابن باديس، وعبد القادر الجزائري. هوية ليبيرالية مثلها الطهطاوي، خير الدين التونسى، طه حسين، العقاد، ومحمد محمد حسين هيكل وآخرون.هوية علمية علمانية مثلها شبلي شميل، فرح أنطون، نيقولا حداد، وسلامة موسى. والذي يجمع هذه الهويات الثلاث هو حلم جماعي مسكون بهاجس التغيير.
والشيء الذي نستخلصه من كل هذا لاختلاف على مستوى الموافق ; هو محدودية إمكان الإحاطة بكل محددات الهوية: هل تتحدد بالمكان، أو العرق أو الدين أو اللغة، أو الثقافة؟
في مجمل القول، ما يمكن التذكير به هو ; أن صعوبة الحسم في اشكال الهوية تعزى إلى أسباب عدة. ذكرنا منها على المستوى النظري التباس مفهوم الهوية في عمقه الفلسفي.
وعلى المستوى الوجودي غياب شرط الحرية وتضارب ردود فعل المفكرين العرب إزاء الصدمة الحضارية التي عاشها العرب بعيد حملة نابليون بونابرت على مصر تحديدا. وقد نضيف موقفا آخر أكثر صراحة هو أن الهوية لا تقبل تجنيسا. أو أن العروبة فشلت في أن تكون أساسا إيديولوجيا للهوية.
ختاما، سواء تعلق الأمر بقضية الأصالة والمعاصرة أو اغتراب الهوية وأزمة الوحدة العربية فإنها كلها ردود فعل عن تلك اللحظة التاريخية التي فقدت فيها الأمة العربية السيطرة على اوضاعها الداخلية، فسلمت مصيرها لأيادي خارجية قسمتها وفقا لمصالحها. وكل توتر أو اعتلال أصاب الحياة العربية فيما بعد لا يمكن أن يفسر الا بغفوة حضارية أصبحت في ذمة التاريخ. ولا أحد يدري ما إذا كان هذا التشخيص الطويل للأزمة بدوره غفوة لها تداعيتها في المستقبل.
على غرار القول الذي ختم به المفكر أمين معلوف كتابه “الهويات القاتلة ” نقول: إذا كان من بديل عن النقد والكتابة فسيكون أمنية بأن يأتي يوما ما يمر فيه خلفنا على أعمال المكتبة العربية المعاصرة مستغربين أنه في زمن أسلافهم كانت هناك الحاجة بعد لقول مثل هذه الأشياء.
[1] الدكتور محمد عابد الجابري ، إشكاليات الفكر العربي المعاصر ، مركز دراسات الوحدة العربية ، بيروت ، الطبعة الثانية : سبتمبر 1990، ص 9.
[2] المرجع نفسه ، ص 13
[3] -المرجع نفسه، ص 14
[4] -المرجع نفسه، ص 14
[5] -المرجع نفسه ، ص 16
[6]– سورة الرعد ، الآية 11
[7]– اليكس ميكشيللي : الهوية،تر:علي وطفة، دار الوسيم، دمشق، ط 1 ،1993، ص ،15
[8]-محمد أيت حنا : الرغبة والفلسفة، مدخل الى قراءة دولوز و غوتاري ،دار توبقال ،ط 1 ،2011 ، ص 74
[9] -حسن حنفي حسنين ، الهوية، المجلس الأعلى للثقافة ،ط 1 ، 2012 ، ص 23.
[10] -المرجع نفسه, ص 24
____________
*سميرة الشوهاني: طالبة باحثة في شعبة الفلسفة بالمدرسة العليا الأساتذة، جامعة محمد الخامس، الرباط.
اكتشاف المزيد من التنويري
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.