التنويريمكتبة التنويري

الجبَّة والقفطان بين المشرق والمغرب العربيَّين

في جرأة غير معتاده من دار نشر عربيَّة، نشرت دار القدس في القاهرة كتاب (طرز خاصَّة من تراث الأزياء الشعبيَّة التقليديَّة – الجبَّة والقفطان بين المشرق والمغرب العربيين).

الكتاب من تأليف الدكتورة هبة أحمد ياسين وهي أستاذة في جامعة حلوان، تعتبر الجبَّة ملبسا رئيسًا طوال الحقب التاريخيَّة للحضارة الإسلاميَّة، وكانت للرجال والنساء على حدٍّ سواء، والجبَّة كما تذكر المؤلفه ثوب يلبس فوق الثياب، كان استعمال الجبَّة صيفًا وشتاء مع اختلاف في نوعيَّة القماش المستخدم والاتِّساع، اعتمدت في زخرفتها على الأشرطة الطوليَّة من الفراء وذلك في الشتاء، وفي الصيف كانت تزيَّن بالأشرطة الحريريَّة، وقد تترك بدون زخارف.

تذكر المؤلِّفة، أن القفطان قديم قدم العراق، وكلمة قفطان كلمة تركيَّة تعني تغطية الملابس، وتشير المصادر أن العالم العربي عرف القفطان في القرن 16 م، وكان مخصصا أساسا للاحتفالات وكانت تنطق خفتان وتحولت إلى قفطان بعد دخول العثمانيين لمصر، والقفطان نوع من الملابس عرفه المجتمع العباسي وهو عبارة عن رداء مفتوح من الجهة الأماميَّة، ومزرر من ناحية الصدر، وله كمان يصلان إلى المرفقين، وطوله قد يصل إلى المرفقين، قارنت المؤلفة بين القفطان في مصر وبلاد المغرب العربي فيشير المستشرق الإنجليزي وليم لين بأن القفطان سترة طويلة من القماش الحريري والقطني العامر بالخطوط، وأحيانا تكون هذه الخطوط مزينة بالرسوم أو الأزهار، وهذه السترة تتدلى حتى تبلغ  كعب القدم، ولها كمان طويلان، ويشد القفطان بحزام عبارة عن شال ملون .

يذكر مؤرخ الفنون الشعبيَّة سعد الخادم أن لبس القفطان في مصر أصبح مقصورا على علماء الأزهر والمشايخ بعد أن تأثرت مصر بالذوق الغربي في الأزياء، وكان قفطان السيدات يسمي يلكا.

مقالات ذات صلة

تذكر المؤلفه أن الانتشار الجغرافي للإسلام ساهم في انتشار القفطان، لذلك يعد القفطان في المغرب متجدرا، ظهر في المغرب مع الموحدين في القرن 12 م، حيث كان سلاطين الدولة يبحثون عن لباس مهيب يليق بمكانة السلطان المغربي، كان القفطان في تلك الحقبة يأخذ روحا مغربيَّة مستمده من لباس القبائل فالقفطان المغربي كان داكن اللون بأكمام قصيرة، وتذكر المؤلفة أنه في القرن 15م صار القفطان لباسا نسويا بفاس، حيث يصفه الرحالة ليون الأفريقي فيقول: ( ولباس النساء جميل، إلا أنهن في أيام الحر سوى قميص يحزمنه بنطاق، ويلبسن في الشتاء عريضة الأكمام ومخيطة من الأمام مثل ثياب الرجال ) وفي القرن 17 الميلادي .

كان القفطان المغربي النسائي لباسا فضفاضا مصنوعا من الصوف أو  المخمل من أي لون ويغطي الجسم كله، إلا أنه كان مفتوحا من الرقبة، وكان لهذا الطراز طوقا، أو خطا على مستوى الوسط، وكذلك حواشي القفطان مطرزه بخيوط ذهبيَّة، وتم تثبيت القفطان بأحزمة واسعة من الحرير والذهب، وإلى الآن ترتديه العروس في حفلات الزواج بالمغرب، وخلال القرن 19 م كانت جميع القفاطين المغربي للنساء والمعروضة اليوم في متاحف المغرب مفتوحة من المقدمة، وتغلق بصف من الأزرار والحلقات الصغيرة، ولها حزام يصنع من الديباج على شكل خيط من الفضة .

الكتاب حافل بالتفاصيل والصور والأشكال ممَّا يجعله محاولة فريدة لتوثيق الأزياء التقليديَّة في المنطقة العربيَّة، بل ومحاولة للبحث في جذورها وأوجه التشابه بينها، وعليه فقد طرح تسجيل الجبَّة والقفطان في اليونسكو على قائمة التراث اللامادي مطروحا بصورة كبيرة في ضوء هذا الدراسة التي تقدم تفاصيل لا حصر لها .


اكتشاف المزيد من التنويري

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.