ملخَّص البحث:
تتوخى هذه الدراسة تسليط الضوء على مسار تجديد بنية الكتابة التاريخية من عصر النهضة الأوربية إلى مدرسة الحوليات الفرنسية، وتكمن أهميتها في أنها ترافق معالم التغير الاجتماعي والتاريخي والفكري في أوربا، على ضوء المتغيرات المنهجية والإبستمولوجية الغربية، وتلقي الضوء أيضا على التحولات الجديدة في مناهج الكتابة التاريخية، وصولاً إلى منعطف حاسم وهو منعطف غيَّرَ الرؤى القديمة رأسا على عقب؛ لحظة انتصار الفكر الفلسفي وزيادة الوعي العقلاني تطوره خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر في أوربا، ودحض مختلف أشكال الهرطقات، بل وتجاوزها، ثم استقلالها نهائيا خلال القرن التاسع عشر مع المدرسة الوضعية، من خلال مناهج البحث في الوثائق والأرشيف انسجاما مع القول: “لا تاريخ دون وثائق تاريخية ” إلى تاريخ شمولي مع الحوليات الفرنسية.
كلمات مفتاحية: النهضة الأوروبية، الحركة الإنسية، التجديد المنهجي، الابستمولوجيا، المدرسة الوضعية، الحوليات، الكتابة التاريخية.
تمهيد: إشكاليَّة البحث: قراءة موجزة في تجديد الكتابة التاريخيَّة من النهضة إلى الحوليَّات الفرنسية
عرفت أوربا منذ نهايات العصور الوسطى إلى القرن السابع عشر الميلادي حركة جديدة ثقافيا، كانت بدايتها من فلورنسا[1]، في إيطاليا لتتوسع شيئاً فشيئاً لتشمل كل من فرنسا، وإسبانيا، وإنجلترا وألمانيا، وهولندا وباقي أنحاء أوربا، وهي حركة تجديد شاملة في مختلف المجالات التقنية والعلمية والفكرية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية. انبثقت هذه النهضة على ضوء التحولات المادية والفكرية والتاريخية التي شهدتها أوربا غداة قيام موجة من الاصلاحات الدينية والتخلص من المظاهر التقليدية القديمة التي كانت حكرا على مناحي الحياة اليومية في أوربا.
النهضة الأوربية: بداية معالم التجديد
استوجب هذا المفهوم النهضوي الجديد في أوربا وما رافقه من حركة في الإصلاح الديني والكشوف الجغرافية، إلى “توجيه النخب الأوربية في القرن السابع عشر إلى مراجعة الذات، وإعادة الاعتبار إلى تراث الماضي ومتطلبات المجتمع؛ ما جعل الكتابات التاريخية الأوربية في هذه الفترة تتخذ منحى معاكسا لتوجهات عصر النهضة خلال القرن السادس عشر. عبرت عن هذه التوجهات المدرسة التاريخية الأوربية ذات الطابع الروحي والمرجعية الحضارية والتحليل الاجتماعي، “فأعادت بذلك التوازن الذي افتقده الفكر الأوربي؛ بسبب اندفاع رواد النهضة وحماسة مثقفيها ( الإنسانيين)، ونظرتهم الواقعية إلى الحياة وتقييمهم الأشياء وتناولهم حوادث التاريخ”[2]. وهي مرحلة انتقالية مفصلية في التجديد التاريخي؛ أي “الخروج عن السياجات التي تفرضها الكتابة التاريخية التقليدية.
خلال هذه الفترة حدث منعطف تاريخي بارز في تحول الكتابة التاريخية، حيث رافق ذلك قفزات جديدة، موضوعيا ومنهجيا؛ نتيجة فعل الكشوف الجغرافية، ونمو في الحركات العقلانية والتوسع الأوربي وأثره البالغ على الكتابة التاريخية الحديثة، فإن النتائج الفكرية التي ترتبت على فترة التحول العظيمة التي تمثل بداية الوضع الفكري والاجتماعي الحالي، وهي مرحلة تمتد زمنيا من حوالي 1450م إلى حوالي 1750م، “حيث شهدت هذه الفترة اكتشافات جغرافية هائلة كان لها أكبر الأثر على الفكر والأنظمة الأوربيين”[3]، كما أعقبت هذه التحولات التي أحدثتها الكشوفات الجغرافية، هزة نوعية في بنية الكتابة التاريخية، فلم تعد العزلة تراوح مكانها داخل أوربا، بل أصبح اتصال واضح بين الحضارات المختلفة العالمية، وهو عامل يفسر إلى حد كبير الباعث في تحويل نمط الكتابة التاريخية، والحث على احداث تغيير مناحي الإنسان المختلفة، وبالتالي تغيير في الأسلوب التاريخي وفي مجال اهتمامات المؤرخ، ومن ثم ترتب عن هذه الحركة الأوربية تغيرات عظيمة في المفاهيم والمناهج التاريخية، وليس هناك من بين المؤثرات الغير المباشرة لحركة التوسع الأوربي على الكتابة التاريخية ما هو أكثر أهمية ووضوحا من مساعدتها في وجود الفلسفة الطبيعية الناقدة، التي يمثلها أصدق تمثيل كل من) فرانسيس بيكون (Francis Bacon)، رينيه ديكارت (René Descartes)، جون لوك ((John Locke[4] …وآخرون)، الأمر الذي أدى إلى تأـسيس مدارس فلسفية بالغة الأثر في الكتابة التاريخية، بينما نرى أن المؤرخين العقلانيين بذلوا جهودهم للتوصل إلى مدخل ثقافي عريض للتاريخ وعملوا جادين على إدخال بعض الخاصيات والأسس الاجتماعية عند تحليلهم للتاريخ بل ونظرتهم إلى انتشار فكرة التاريخ العالمي خلال القرن الثامن عشر، إذ ظهرت كتابة تاريخية مضمنة في كتب تهتم بالتاريخ العالمي في شكل تاريخ تعاوني، من أهمها “تاريخ العالم منذ بدايته حتى الوقت الحاضر ” وهو الكتاب الذي ظهر بين سنتي 1736 – 1765م، كان أبرز من ألف الكِتاب كُتاب إنجليز منهم، (جون كامبل، جورج سيل، يوحنا سونيتون[5] …)، ودأبت الكتابة التاريخية في تجاوز ملحوظ للكتابات القديمة “وتجاوز الرؤية الانفرادية للتاريخ، ودمج تحولات السكان، والاقتصاد، والأخلاق، والقوانين وكل التغيرات المجتمعية”[6]. “أخذت الكتابة التاريخية منحى تصاعديا في تطورها، حيث أبدعت مفاهيم جديدة، ومن ثمّ تـأسيس اتجاهات أكثر بحثا وتأويلا ومنهجا للوقائع التاريخية، فمن نظرية التقدم”[7]، خلال القرن السابع عشر والثامن عشر، “نشأت فلسفة التاريخ” مع فيكو، ومونتسكيو، وفولتير، وروسو[…].
- الحركة الإنسية
كان للحركة الإنسية أثر هائل في تضاؤل عنصر المعجزات في عملية تفسير أحداث (التاريخ) فضلاً عن تضاؤلٌ ” الآثار العاطفية” ولذلك لا ينبغي أن نتصور أن الغالبية من الإنسانيين كانوا من الخارجين على الدين أو المتشككين فيه، وإنما معظمهم تجاهلوا، ولم ينكروا مزاعم اللاهوت والجدل الديني الذي كان يسيطر على جل مناحي الظواهر الاجتماعية والكونية الطبيعية. “وعلى أيدي الإنسانيين ازداد الطابع التاريخي لعلم التاريخ وضوحا ورسوخا، ذلك أن اهتماماتهم تركزت أساسا في حضارة الماضي البعيد”[8]. والواضح أن الحركة الإنسية أحدثت تقدما أدبيّاً وثقافياً واضحا في مجال الكتابة التاريخية، أكثر مما بصمته من تقدم في المنهج العلمي.
لقد اعتبر الإنسانيون حركة التاريخ الجديدة أحد التخصصات المحورية داخل الدراسات الإنسانية Studia humanitatis))،[9] كانت هذه الخاصية جزء من البرنامج الثقافي الأوسع للإنسانية “فمنذ ظهور العلوم الإنسانية مع الثورة الصناعية وهي تتقلب بين مناهج متعددة تتفاعل تارة فيما بينها، وتستفيد تارة أخرى من نتائج العلوم الطبيعية “[10]، كان للتاريخ تأثير بالغ في ركب هذه الموجة الجديدة ومجاراة روح الوضع المنهجي الجديد في أوربا مستفيدا من التحولات الكيفية التي عرفتها الكتابة التاريخية، مثلت هذه الخطوة تعزيزا كبيرا لوضع التاريخ. فبدلاً من اعتباره على أنه يقع على الأطراف وبعيدا عن المركزية كما كانت تنظر إليه ثقافة القرون الوسطى. أصبح الآن يحتل مركز الصدارة.
ركزت المناهج الجديدة للكتابة التاريخية في عصر النهضة الأوربية إلى إعادة ربط قنوات الاتصال مع التقليد اليوناني والروماني؛ يعني دراسة جديدة متأنية للمؤرخين الكلاسيكيين فضلا عن الاعتماد على فكرهم واساليبهم الخاصة في الكتابة التاريخية، ولم يكن سهلا تصور ثورة شاملة أحدثت قطيعة نهائية مع الفكر القديم الإقطاعي الذي عمر طويلا، والحقيقة أنه لم يكن ذلك موضة أدبية، بل استجابة سريعة لمجتمع ينحو سريعا إلى التطور مستفيدا من انشقاق الكنيسة التي كانت تسيطر على المعالم الكبرى لمظاهر حياة الانسان. “ولم يتحرر التاريخ نهائيا من هذا المنظور، إلا في القرن الثامن عشر مع فلاسفة الأنوار الذين أكسبوه صفة مادية”[11].
- الآليات الحضارية: النظرة الواقعية للحركة الإنسية
كان للمستحدثات الجديدة التي عرفتها أوربا، أن تنعكس على مختلف التحولات الجذرية التي نتجت عن فعل حركة النهضة، وكان من شأن الكتابة التاريخية خلال عصر الحركة الإنسية في إيطاليا، “أن أدت إلى نسف أسس المجتمع الإقطاعي”[12]، بسب ظهور النعرة الاستقلالية عند المدن الإيطالية التي ظهرت في صورة جمهوريات، بالإضافة إلى بواعث القوميات الحديثة، ومنها أحدثت الحركة الإنسية تقدما أدبيا وثقافيا في الكتابة التاريخية، ذلك أن الحركة ساندت التاريخ بل وزودته بدفعة هائلة بوصفه نوعا من الأدب، من جهة أخرى لم تحقق الحركة الإنسية للكتابة التاريخية تحرراً كاملا من سيطرة المصالح المتبادلة والرغبة في محاباة أصحاب السلطة، “وإن كانت حررته من الاتجاه الديني، فقد كبلته بقيود علمانية”[13]، ولقد كان من الممكن بلوغ المستوى الحديث في الكتابة التاريخية بسرعة أكبر لولا ما تسببت فيه حركة الإصلاح الديني من نكسة عرقلت تقدم الكتابة التاريخية، اذ بعثت بكل الحركة من جديد الاهتمامات بعلوم اللاهوت والجدل الديني بعد أن كانت الحركة الإنسية قد أضعفت منها تدريجيا وسلميا وهكذا صار ابراز التقدم غير مستطاع حتى تم سحق ذلك التحكم “بفضل ازدهار الحركة العقلانية في القرن الثامن عشر وازدياد الاتجاهات العلمانية قوة، نتيجة التوسع الأوربي والثورة التجارية ونشأة الأمم الحديثة” [14]. صادفت الكتابة التاريخية للحركة الإنسية خارج إيطاليا قبولا من كثيرين، ناصروها وشايعوها، ومنهم من تأثر بأسس مبادئ الكتابة التاريخية، ففي ظل الأنظمة السياسية الجديدة نشأت الصراعات الحزبية ذات تصورات أيديولوجية مختلفة، وبالتالي فإن الكتابة التاريخية التي انبثقت من الحركة الإنسية أخذت تبرز بين طياتها الملامح السياسية التي نلحظها في الكتابة الحديثة للتاريخ[15].
كان لظهور آلة الطباعة بالرغم من عدم وجود علاقة بينها وبين الحركة الإنسانية آثر بالغ على مستقبل الكتابة التاريخية ومناهجها، بحيث أننا لا نبالغ إذا قلنا أن أعمال المؤرخين القدامى، لم تكن أكثر شأنا أو أقوى أثرا من عمل ذلك المخترع الألماني (العظيم)[16]، ” يوهان جوتنبرغ” (Johannes Gutenberg)، في الوصول بعلم كتابة التاريخ إلى ماهي عليها اليوم؛ إذ أدت إلى تحقيق انجازات غير معهودة في مجال الطبع والنشر وتداول المعلومات. ساعدت على إنتاج عدد كبير من النسخ للمؤلفات وخاصة كتاب الإنجيل، مما أدى إلى حدوث التقارب الفكري والثقافي بين الأمم.
أ- فلسفة التاريخ مع فيكو
ظهرت فلسفة التاريخ بعد هذا التحول “مرتبطة بالإنسان، وتقدمه، ونموه، وارتقائه، وارتباطاته بغيره”[17]، لذلك افتخر الغرب وزَهَا باكتشافه ميادين لم تعرفها الحضارات القديمة وأنه هو وحده صاحب الفضل في اكتشافها مثل الإنسان والتاريخ، أو الزمان والتقدم. لم يتم اكتشاف التاريخ كوعي إنساني إلا في الغرب بعد إحياء الآداب القديمة واكتشاف الحياة الإنسانية ابتداءً من إبداعها الأدبي، وبعد الإصلاح الديني في القرن الخامس عشر، وفي القرن السادس عشر بدأ الإنسان يظهر كمركز للكون ” المذهب الإنساني” وهنا ظهرت فلسفة التاريخ”[18]. دار نقاش طويل في أوربا حول تحديد من هو الأب لفلسفة التاريخ”[19].
يعتبر فيكو Vico مؤسس فلسفة التاريخ قبل تأسيسها في فرنسا علي “يد مونتسكيو، روسو، فولتير، تورجو، كوندورسيه، أو حتى في ألمانيا على يد لسنج، هردر، كانط”[20]، في بداية الأمر تمّ ترشيح المؤرخين من هيرودوت إلى “فريدريش هيجل” (Friedrich Hegel) ولكن يبدو أن الآراء رجحت المؤرخ “جيامباتيستا فيكو” (Giambattista Vico)، 1667-1744م، بوصفه أول كاتب له إنتاج قيم في الفلسفة التاريخية[21]. حيث كان أول من نادى في القرن الثامن عشر، بوجوب نقل التاريخ من ميدان الحرب إلى مجلس الدراسة، عبر مؤلفه الذي يحمل عنوان “أصول علم جديد “؛ وهو علم يعني بتطور المجتمع الإنساني الذي يضعه فيكو في إطار مراحل وأدوار متميزة[22]. ويرجع له الفضل على تطوير علم التاريخ في أوروبا. “إن مكانته في الغرب تعادل مكانة ابن خلدون في التراث العربي الإسلامي”[23]، وحظي باهتمام قل نظيره من طرف الكثير من الباحثين الذين عبروا بالقول، أن دراسة التاريخ، قد جابت أرضا جديدة بل وخصبة، ولاسيما لما اكتشفه العالم سنة 1822م سنة ترجمة كتابه “العلم الجديد ” إلى اللغة الألمانية[24]، فقد وصفه الفرنسي جول ميشليه (Jules Michelet)، الذي نقل كتابه سنة 1826م إلى اللغة الفرنسية “أبو فلسفة التاريخ”، بشيء من الحماس بلا شك، غير أنه بحق مَهَّدَ الطريق لذلك، فهو إذن كأحد مجددي علم التاريخ، إذا كان فولتير أول من استحدث مفهوم فلسفة التاريخ فإن “جيامباتيستا فيكو”، هو أول من سعى إلى ممارستها بالدرس والتحليل في كتاباته بأوروبا دون أن يدرك التسمية الكامنة وراء هذه النوعية من الأبحاث[25].
- من مستجدات التنوير (القرن الثامن عشر)
خلال هذا القرن، الثامن عشر اتسعت فيه أسئلة الوجود والحقوق والقيم، واكتست الميول التاريخية والنظرة الإنسانية؛ “مما ساعد الكتابة التاريخية أن تنحو منحىً عملياً معتمداً على منهج النقد والتمحيص”[26]، ضمن دينامية التنوير التي عملت على قضم مساحة التفكير الديني في مختلف بلدان أوربا الغربية، ففي قرن العقل هذا[27]، كما يسميه حبيدة، “بدأت تتشكل السلطة العلمية بدل السلطة الغيبية والتنبؤية المرتبطة بالفهم التقليدي للوجود، الموروث منذ القدم، مثل الدين والتنجيم[…]”[28]. لقد مثل عصر الأنوار محطة مركزية في طريق تحول العقل الأوربي إلى عقل عِلمي يسعى إلى تطوير الحياة الإنسانية. “خلال هذا العصر ظهرت فكرة التقدم. وهذا أمر بالغ الأهمية”[29]، لأنه ارتبط ارتباطا وثيقا بالثقة في العلم وما يخلفه من إمكانيات مهمة في لتفسير ظواهر الوجود، وفهم أنظمة المجتمعات فهما ماديا، بغية التحرر من الخرافة التي يسهر عليها الأساقفة والطغيان الذي يمارسه الحكام (الملوك).
كان القرن الثامن عشر حقا عصر العقل، شهد بالأساس بروز فلسفة عقلية تجريبية مادية تؤمن بالعقل، وتنأى عن الميتافيزيقيا وترفض الغيبيات، وتنظر إلى الدين بعين الريبة، “وتهتم بالراضيات وعلم الفلك والكيمياء والطبيعة والتاريخ الطبيعي والجغرافيا والطب، وتسعى إلى التجديد والتغيير”[30]، وتتخذ من الحقيقة مبحث كل شيء، وتبحث عن الحقيقة في كل شيء. كان الاهتمام بالتاريخ في عصر الاستنارة مظهراً من مظاهر “الاهتمام بالإنسان في اعتباره مركزية التغيير في الحاضر”[31]، وتعبيرا عن الرغبة في التحرر من الأعباء الفكرية الموروثة. ومن هذا المنطلق حاولت الدراسات التاريخية صوغ التاريخ “استنادا إلى مفهوم واسع يربط الحوادث بالتطورات الحضارية في المجالات المختلفة للحياة الاجتماعية والاقتصادية، تجاوبت الدراسات التاريخية مع توجهات حركة التنوير، يتجلى ذلك من خلال “المزاوجة بين التاريخ والفلسفة وعلوم الطبيعة”[32]. ارتبطت الأفكار والرؤى التحررية بفلاسفة ومفكرين كان لهم الفضل في تأثيث الفضاء المعرفي الفكري والتاريخي.
ج – الهيستوريوغرافيا التاريخية الفرنسية أواخر القرن الثامن عشر
عرفت الثورة الفرنسية والسنوات اللاحقة بها مطلع القرن التاسع عشر الاهتمام بالتاريخ كمَّا ونوعا وزمانا، إذ شهدت هذه المرحلة حركة فكرية واسعة استرجاعية للماضي كانت بمثابة رد فعل على بشاعة الواقع وعنفه؛ خلال هذه المرحلة تحرر التاريخ في فرنسا من قبضة الفلسفة واللاهوت وحقق لنفسه مكانة مهمة في حقل العلوم الإنسانية بأقسامه المتعددة، وقد أصبحت الكتابة أكثر فعالية واحترافية، واكتسبت طرقها وأساليبها الخاصة ميزتها على العلوم الأخرى، “وكان تأثير حركة التنوير التي عرفتها فرنسا التي تأثرت بها أقطار أوربا ، وهي بالأساس عقلية تجريبية مادية تؤمن بالعقل وتنأى عن الغيبيات. كان اهتمامها بالتاريخ مظهرا من مظاهر الاهتمام بالإنسان في الحاضر”[33].
يرى عبد الله العروي في مجمل تاريخ المغرب، أن النسق التقليدي للكتابة التاريخية كان يحتل الجزء الأكبر من اهتمامات الكتاب[34]، “وهم يكتبون سير الفرسان والأبطال والملوك لكن بشكل أقل حدة بالمقارنة مع الفترة السابقة، تمَّ التحرر نسبيا من الكتابات التي ترتكز على الشخصيات الجسام وعلى مفهوم العناية الإلهية. إلا أن الخطوط العريضة لهذا التقليد ظل حاضرا في بعض الكتابات التاريخية، لم تتراجع بشكل نهائي إلا بعد قيام الثورة الفرنسية 1789م. حيث خفت بشكل كبير التأثيرات الدينية في كتابة التاريخ”[35]. واتسمت هذه الرؤية المنهجية الجديدة بتراجع الكتابة التاريخية ذات الصبغة الدينية، إلى أن أزاحت في العصر الحديث كتابة التاريخ الطبيعي الكلاسيكيات القديمة مِن على رفوف مكتبات النبلاء، البورجوازيين الأثرياء وسجل هبوط كبير في الأدب الديني أثناء القرن الثامن عشر ومستويات أكثر نزولاً خلال القرن التاسع عشر[36]. والأمر أشبه مما يمكن أن يطلق عليه ” القطيعة الإبستمولوجية” مع المناهج السابقة.
المدرسة الوضعية : « L’école positiviste »رؤية مركزية للوثيقة
في أواخر القرن التاسع عشر، خاصة في أوربا، انتظم التاريخ، بفضل موجة الوضعانية التي أطَّرت جميع المعارف الأوروبية، كعلم من العلوم الإنسانية ليتحول إلى مادة وضعانية تستند إلى نقد الوثيقة والالتصاق بها لوصف الأحداث والوقائع[37]، فبخصوص مسألة التركيز على الوثيقة التاريخية يذكر سينيوبوس ولانجلوا “أن التاريخ يكتب انطلاقا من وثائق. الوثائق هي الأثر الذي يتركه فعل الإنسان في الماضي وتفكيره. لكن قليلاً ما يترك هذا الفعل وهذا التفكير أثراً مرئيا أو دائما، يكفي أن تحدث كارثة ما ليندثر كل شيء. “ولذلك فإن كل فعل أو فكر لم يخلف أثرا مباشرا أو غير مباشر يضيع بالنسبة للتاريخ، وكأنه لم يوجد أبداً. فبدون وثائق تبقى حقب عريضة من الماضي مجهولة. لا شيء يعوض الوثائق. لا تاريخ بدون وثائق وأرشيف”[38].
في بداية القرن العشرين خضعت الكتابة التاريخية لهيمنة الاتجاه الوضعي، المتمثل في تطبيق قوانين الطبيعة على الإنسان[39]. كانت ألمانيا الموطن الأم والحاضنة الرئيسية لها، وقد انتجت ألمانيا لوحدها مؤرخين وضعيين مرموقين كانت لهم كلمة الفصل في اعطاء للتاريخ معنى خاص به مثل: “تيودور مومسان” ((Théodore Momsan، و”ليوبولد فان رانكه” (Leopold Von Ranke) الذي توفي عام 1896م، وفي فرنسا “إرنست رينان” (Ernest Renan)، وإرنيست لافيس ((Ernest Lavisse، وتشارل ساينيوبوس ( Charles Seignobos)؛ وفوستال دي كولانج[40] […]، لقد كان رد فعل الوضعيين بل والمدرسة الوضعانية بصفة عامة على أزمة العلوم الإنسانية وعلم التاريخ، هو اتخاذ العلوم الطبيعية الأسوة والمثل، كما لا ننسى أن القرن التاسع عشر هو قرن العلوم وانتصار العلوم الطبيعية (بيولوجيا الكيماء، الفيزياء …الخ)، منهجا ( المنهج التجريبي)، وتطبيقا، إن الوضعية تعتبر العلوم القائمة على التجربة وعلى المشاهدة المصدر الوحيد للمعرفة الحقة، وتنكر القيمة المعرفية للفلسفة وللميتافيزيقيا وللتفكير القائم على التجريد، وإنه بزوغ لشكل جديد من الكتابة فرض نفسه على ما بقي من تأثيرات الأدب. أصبحت الممارسة التاريخية أكثر احترافية ومنهجية خلال القرن التاسع عشر، فعلى سبيل المثال في سنة 1874م احتلت الأبحاث التاريخية لفرنسا وحدها المرتبة الثانية بنسبة 10% من مجموع الأبحاث المنجزة بفارق كبير عن الأبحاث الفلسفية بنسبة 1.1 % من أبحاثها[41]. ولأول مرة ينتصر فيها البحث التاريخي على الفلسفي، وهو ما يدل على الإقبال الملحوظ بالحقل التاريخي وتطوره، وإن مطمح هذا التاريخ الذي يمكن أن ننعته بالشامل[42]؛ هو السعي إلى استعادة الصورة العامة لحضارة ما سابقة بكل تفاصيلها وأحداثها، وهي فكرة بدأت اليوم في الاندثار. فالتاريخ ليس جمعا وتكديسا لكل أخبار الماضي، بل هو علم المجتمعات البشرية كما عبر “مارك بلوخ”[43]، يذكر “إلمر بارنز”، أنه في القرن التاسع عشر كانت هناك أربعة عوائق اعترضت تقدم الكتابة التاريخية:
- فكرة أن التاريخ يأتي وليد الأحداث والكوارث، والنظرة إلى العصور الوسطى باحتقار وازدراء. شديدين، وهي النظرة التي حمل لواءها رجال المدرسة العقلانية.
- عدم وجود تجميع جاهز للمصادر الأصلية وعدم وجود تنظيم لمادة دور الحفظ.
- عدم اتباع المناهج الناقدة عند تداول المادة التاريخية.
- عدم توافر التعليم المنتظر والكف سواءُ بالنسبة لموضوعات التاريخ أو مناهجه.
أ- تأثير ألمانيا بقيادة رانكه: (القرن التاسع عشر)
في الواقع يعود الفضل للألمان في تطور المعرفة التاريخية؛ خرج التاريخ من نطاق الأدب ليبحث عن الحقيقية الموضوعية، حيث نشأت ” المدرسة الوضعية”، حدث ذلك مع المؤرخ الشهير، أبو التاريخ المنهجي، ليوبولد فون رانكه[44]، خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر. ورانكة هذا المختص في التاريخ الحديث، والملقب بـ “نسطور المؤرخين” هو الذي رسم المعالم الرئيسية للمنهج التاريخي[45]. حيث راكم معارف كثيرة على غرار من سبقوه من العلماء أمثال “هامبولد” (Humboldt) وآخرون، وتناول الوثائق تناولاً نقديا وفي النصف الثاني من القرن نفسه، أوصل الفرنسيون التاريخ الوضعاني إلى أوجه مختلفة عن من سبقوهم من المؤرخين والمفكرين[46]. طور البحث التاريخي ليكون علما منهجياً يقوم على نقذ المصادر والروايات التاريخية والعودة إلى الوثائق الأصلية، كان رانكة أول من أوجد حلقات البحث التاريخي، يقول عنه “هرنشو”، “لم يظهر قط مؤرخ أقرب منه إلى المؤرخ المثالي”، كانت له جملة شهيرة؛ ” إن على المؤرخ ألا يحكم أو يعلّم وإنما عليه أن يظهر ما حدث فعلا”.
يقول حبيدة، “تاريخ الكتابة التاريخية هو مسار ابستمولوجي من التحرر من قبضة اللاتاريخ”[47]؛ أي أن هناك تاريخ وهناك اللاتاريخ، وهذه المسألة لها تاريخها؛ أي تاريخ التاريخ، وتاريخ اللاتاريخ. منذ العصر القديم، تحرر التاريخ من قبضة الأسطورة مع المؤرخين الاغريق بالخصوص. وفي القرون الوسطى سيطر الدين عن الكتابة التاريخية سواء تعلق الأمر بالعالم الأوربي المسيحي الغربي أو بالعالم العربي الإسلامي، “حينما سيطرت الكنيسة على العقول، هيمن اللاهوت على التاريخ، واستمرت هذه الهيمنة عمليا إلى غاية القرن الثامن عشر الميلادي الذي يعتبر عصر الأنوار، ومن خلاله تحرر التاريخ من قبضة اللاهوت بواسطة الفلاسفة”[48]. لقد كان للحركة العلمية العقلانية، المبنية على التجربة وربط الحياة بإرادة البشر والتشبع بمفهوم “التقدم”، عظيم الأثر على التاريخ، إذ تحرر من النظرة اللاهوتية الموروثة عن القرون الوسطى، “حيث خلع المؤرخ لٌبوس اللاهوتي، وصار يفهم التاريخ فهما واقعيا، “بإخراج الأنبياء والقديسين من حقل التاريخ، وكتابته بمنطق الفعل المادي، وتعاقب الإرادة البشرية”[49]، وفي القرن التاسع عشر تحرر التاريخ مرة أخرى من قبضة الفلاسفة، “ليتحول إلى مادة يتحكم فيها المؤرخون مادة وتفصيلا”[50]، نعلم أن القرن التاسع عشر هو قرن العلوم، حيث انفصلت كل العلوم وانتظمت، والتاريخ أيضا عرف استقلالية عن باقي العلوم الأخرى خاصة مع الألمان. إذا كان القرن الثامن عشر عصر الفلسفة التي حررت التاريخ من سيطرة اللاهوت، فإن القرن التاسع عشر هو قرن التاريخ بامتياز، حيث نشأ البحث التاريخي وتخلص من المطارحات الفلسفية. وفي هذا القرن أيضا “تمهنَنَ التاريخ وتَأسْتَذ؛ أي صار مهنة وارتبط بدروس ومحاضرات الأساتذة ولاسيما في فرنسا”[51]. يعتبر رانكة أحد أبز الواقفين في وجه التصور الفلسفي، وناضل من أجل أن يتحول التاريخ إلى مادة علمية. كان من اللازم أن يكون للتاريخ قواعد وأيضا من اللازم أن يكون له موضوع. ماهي هذه القواعد؟؛ ضرورة الرجوع والاعتماد على الأرشيف، والموضوع الأساسي هو الحدث، خلال هذه المرحلة وجد رانكة أن الجميع يكتب التاريخ، الأدباء، الفلاسفة، والشعراء[…]، كلهم يكتبون التاريخ، كان لابد من أن تحصل عملية التحصين للمعرفة التاريخية، لماذا ستكون هذه العملية؟ أي التحصين بالوثائق، أي ضرورة لجوء الباحث إلى الوثائق، مع ضرورة اتقان اللغة الكلاسيكية واللغة اللاتينية والاغريقية القديمة مع ضرورة معرفة طريقة فك رموزها[52]، كانت هناك نية عند رانكة لوضع حواجز في وجه غير المتخصصين في التاريخ، كانت ألمانيا قد لعبت دوراً رئيسيا في نشأة التاريخ كحقل معرفي يتوفر على قواعد معلومة وموضوع مخصوص، “ويشرف عليه أرباب قادرون على تحصين، هو الدفاع عنه في وجه الذين يستسهلونه ويتطفلون عليه”[53].
لقد شهد القرن التاسع عشر تقدما غير مسبوق على مستوى انفصال العلوم عن بعضها البعض؛ وبحثها عن أسباب التخصص وتأكيد الذات. ومن مظاهر هذا التقدم يشير حبيدة إلى:
- مراجعة النظريات السائدة وأنظمة الفهم القديم الموروثة أحيانا من المنظومة الاغريقية بالاستناد الى أدوات قياس جديدة تجمع بين البحث الميداني والتجريب المخبري.
- الانطلاق من التراكمات المعرفية الموجودة والاشتغال عليها وتطويرها.
- بروز علماء كبار كانت لهم سلطة معرفية كبيرة في ميدان اشتغالهم.
يرى كوثراني أنه ينبغي التمييز في فكر رانكه بين المنهج والفلسفة؛ يدعو إلى الفصل بين الذات والموضوع والتعامل مع الوثائق بحياد، هذا على مستوى المنهج[54]. “أما على المستوى الفلسفي؛ فكان رانكه وضعانيّاً، معتقدا أن القادم أفضل حتميًا مما مضى: يؤمن بتقدم الثقافة كمضمون متحرك وفاعل في التاريخ”[55].
وبذلك وضع رانكة قواعد أساسية في تصوره للتاريخ، ماهي هذه القواعد؟؛ يوضح حبيدة خمس قواعد أساسية للتصور الوضعاني الذي وضعه الألماني ليوبولد فون رانكة[56]:
أولا، التحقق من الوثائق وتحليلها ونقدها.
ثانيا، التحقق من الأحداث وعرضها بطريقة كرونولوجية.
ثالثا، اجتناب الحكم على الماضي والاقتصار على وصف الواقعة التاريخية كما هي.
رابعا، نفي العلاقة بين الذات العارفة (المؤرخ) وموضوع المعرفة ( الواقعة المعرفية).
خامسا، التاريخ موجود لذاتية موضوعيا وعلى المؤرخ أن يفهمه فهما موضوعيا وحياديا من دون اصدار أحكام أو استخلاص عبر.
هذه القواعد التي وضعها رانكة ستعرف انتشارا خارج ألمانيا وستنتشر أكثر في فرنسا، حيث برز مؤرخون يناصرون ذلك جملة وتفصيلا وستتوسع بمزيد من الانتشار إلى أن وصلت إلى اليابان، لكن ثمة ملاحظة مهمة في هذا المجال، هي أن الأوربيين والجامعات الأوربية كانت تتوفر على الوثائق والأرشيف ومن ثم ظهور المجلات التاريخية، في ألمانيا تأسست “المجلة التاريخية” 1859م[57]، وفي فرنسا بنفس الاسم ” المجلة التاريخية” سنة 1876م، وكذلك انجلترا بنفس العنوان ” المجلة التاريخية” وأيضا بالولايات المتحدة الامريكية” المجلة التاريخية” سنة 1895م واصلت التجربة انتشارها وانتقلت إلى اليابان، ففي أواخر القرن التاسع عشر، عندما أنشئت جامعة طوكيو1887م، من أولى الخطوات التي قام بها قسم التاريخ؛ أي شعبة التاريخ إنشاء “المجلة التاريخية “[58].
في فرنسا منح المؤرخون الفرنسيون نفسا جديدا للكتابة التاريخية ابتداءً 1876م، أي سنة تأسيس المجلة التاريخية. زاد ذلك سنة 1898م عندما تم صدور كتاب “مدخل إلى الدراسات التاريخية” سينيوبوس ولانجلوا[59]. لقد مجد مؤرخو المدرسة المنهجية الفرد، فالتاريخ في نظرهم تصنعه الذوات الفاعلة، إذ التحولات الكبيرة أحيانا لا علاقة لها غير حادث عرضي فردي[60]. لقد ساهمت “المجلة التاريخية” مساهمة كبيرة في مَهْنَنَة التاريخ، ليس فقط بواسطة المقالات المتينة والموثقة التي احترمت ” الصرامة المنهجية” المطلوبة، ولكن أيضا بفضل العروض البيبليوغرافية التي احتلت في كل عدد بابا بعنوان “قراءات نقدية” وضعت حدا فاصلا بين التاريخ المنهجي الذي يمارسه المؤرخون المحترفون، والتاريخ الذي يمليه الرأي والانتماء السياسي، كما يكتبه الهواة، مما جعلها تلعب دور الناظم أو “الدركي” الذي يمنع المتطفلين من ولوج حقل البحث التاريخي[61]، ومن أشد معارضي المدرسة المنهجية هو “هنري بير” (Henri Berr)، الذي كان يشرف على تسير مجلة “التركيب” أو “مجلة التوليف التاريخي” سنة 1900م، ورأى أن التاريخ يقوم على عمليتي التحليل والتركيب، كما أوضح ذلك في التركيب التاريخي وعلاقته مع التركيب العام[62]. وكانت هذه المجلة فضاءً خاصا وملتقى للسوسيولوجي إميل دوركهايم (Emile Durkheim)، والجغرافي “فيدال دي بلاش” ( (Vidal de La Blache، وأصدقائه الجغرافيين، وكذلك الاقتصادي “سيميان فرانسوا” (François Simiand)، وعلماء النفس من أمثال ” هنري فالون” ( Henri Wallon)، وآخرون. وعن التاريخ لوسيان فيفر ومارك بلوخ، كانت هذه المجلة بمثابة محطة رئيسية في المسار الفكري لمدرسة الحوليات[63]، وقد اعترف فرناند بروديل بفضل هنري بير وتأثيره البالغ على مؤسسي مجلة الحوليات بقوله ” أن هذا الرجل، هو إلى حد ما الحوليات قبل تأسيسها فعليا سنة 1929م[64].
الحوليات الفرنسية: شمولية العلوم الإنسانية والاجتماعية
بعد دراستنا للمدرسة الوضعية يضعنا الباحثون أمام محطة أخرى من محطات التطور في المنهج التاريخي، والأمر يعود إلى مدرسة أحدثت تحولاً كبيرا في البحث التاريخي وفرضت نفسها بقوة على الساحة في مجال تخصص التاريخ، يتعلق الأمر بمدرسة الحوليات الفرنسية. فتحت هذه المدرسة “آفاقا جديدة أمام الباحثين بسعيها لتجديد مناهج الكتابة التاريخية وأدواتها ومصادرها وإشكالاتها ومواضيعها، من خلال انفتاحها على العلوم الاجتماعية الأخرى”[65]. يمكن أن نؤرخ لولادة تيار مدرسة الحوليات بالعدد الأول من دورية المجلة الصادر سنة 15 يناير 1929م، والتي سرعان ما تحولت من مجرد مجلة إلى مدرسة تاريخية رائدة في الكتابة التاريخية[66]. كان هدف مؤسسيها هو كسر جمود المدرسة الوضعية وفك قيودها، “وتطوير منهج البحث التاريخي؛ فعملت على تجاوز الطرائق التقليدية والقواعد التي رسّختها المدرسة الوضعية في معالجة الوثائق وتحليلها. فانفتحت على حقول الاقتصاد وعلوم الاجتماع والأنثروبولوجيا والديمغرافيا”[67]، فركَّزت على طرح الإشكالات وتطوير التحليل والاستنتاج، وحدّت من التوجه نحو “التاريخ الحدثي المجرد Histoire événementielle[68]. الذي هيمن على التاريخ السياسي والعلاقات الدولية لتتعمق أكثر في التاريخ التفسيري Histoire explicative الذي يعالج التاريخ من منطق جغرافي وتحليل اقتصادي ونظرة اجتماعية، وأسهمت في ذلك الدراسات المؤسسة للتاريخ المسألة أو تاريخ الإشكالات، فحققت خطوات متقدمة سهّلتها التحولات المنهجية التي صاحبت نمو العلوم الإنسانية”[69]، “ومثلت أيضا حصيلة التوجهات الفكرية للمدارس التاريخية الأوربية الملتزمة والرومانسية والبيئية والمدارس ذات المنحى النضالي ( الماركسية والليبرالية)، وكانت ثمرة للتجربة المخبرية والممارسة النظرية والتطبيق المنهجي لمؤرخين فرنسيين أعطوا البحث التاريخي طابعاً إنسانيًا من حيث المضمون والمنهج، وأعادوا إلى واجهة البحث والدراسة في مجال التاريخ قضايا الإنسان بأبعادها المختلفة”[70]. وهذا ما أهل هذا التوجه في دراسة التاريخ لأن يصبح مدرسة متميزة ومنفتحة.
في مقدمة كتابه كتابة التاريخ، قراءات وتأويلات، استند المؤلف محمد حبيدة الكتابة التاريخية إلى مسألتين منهجيتين في التجديد الذي رافق التطور التاريخي للكتابة التاريخية الغربية، بين ما يقوله الأرشيف، من جهة، وما يقتضيه فهم البنيات والأحداث من تأويل، من جهة ثانية. وتتجلى مهنة المؤرخ في إيجاد الصيغ الملائمة لهذا التوازن قصد الانتقال في عملية البحث[71].
في سياق ذاته، وجه المؤرخ عبد الله العروي في كتابه مجمل تاريخ المغرب، اهتمام الباحثين إلى جملة من الخطوات المنهجية لتجديد الكتابة التاريخية؛ “ذلك أن الخروج عن حدود التقليد التاريخي القديم لا يكفي فيه تنظيم الأرشيفات والبحث عن وثائق جديدة في التأويل”[72]. فالتراكم الحاصل على مستوى القراءة، ونوعية هذه القراءة هما اللذان يؤهلان القارئ أو القارئ الباحث، “بلوغ درجة الكتابة، درجة التأويل، درجة توليد الأفكار والمعاني”[73]. ولهذا يرى حبيدة أن درجة الكتابة هذه، أو مرحلة الكتابة، كما يسميِّها ميشال دو سيرتو (M.De Certeau) في حديثه عن “العملية التاريخية”، والتي يحددها في ثلاث أبعاد متداخلة (الموقع الاجتماعي أو المؤسساتي، الممارسة أو تحليل الوثائق، الكتابة أو الخطاب)[74]. يرى العروي أن من أولويات تطوير البحث التاريخي تركيز الاهتمام على المنهاج التاريخي، يقول العروي: “نسمع كثيراً أن المنهاج التاريخي تقدم في الأحقاب الأخيرة. ماذا يعني هذا التقدم الذي لا يجادل في وجوده أحد؟ يعني أولا تعدد أنواع الوثائق إذ لم يعد المؤرخ يعتمد فقط على الوثيقة الرسمية المكتوبة. يعني ثانياً تحولاً في تعريف الحدث التاريخي: لم يعد ينصب اهتمام المؤرخ على وقائع معينة مثل تأسيس دولة أو هزيمة عسكرية أو بناء قصر أو وليمة زفاف[…] إلخ. يعني ثالثاً توسعاً في ممارسة النقد الذي لم يعد يتخلص في التحقيق اللغوي والزماني”[75]. انتقل المؤرخ إلى مقاضاة العالم حيث أصبح عمله يتوزع بين القاء اللوم على ما كان يسود في الماضي القديم والعصر القروسطوي[76]، وبين المديح والثناء حينما أخذ الأمر يسير في اتجاه تفكك العلوم الإنسانية واستقلالية التاريخ وعمل المؤرخ في القرن التاسع عشر.
إن الجدل الذي دار في أوربا الغربية وما رافقه ذلك من انحباس التاريخ في طبيعته السياسية، هو الأمر الذي “دفع لوسيان فيفر ومارك بلوخ” أن يخوضا ضد هذا التاريخ السياسي (المقيت) صراعا منهجيا وتقنيا، من أجل تغيير طبيعة الكتابة التاريخية وطبيعة اهتماماتها ومجالاتها المعرفية، الشيء الذي عبر عنه المؤرخان الشابان بالقول،” ان هذا التاريخ السياسي كان في الوقت نفسه تاريخ وقائع وتاريخ أحداث، فهو عبارة عن واجهة يتخفى وراءها الدور الحقيقي للتاريخ، الذي تدور أحداثه في الكواليس وفي البنى الخفية التي يتوجب الكشف عنها وتحليلها وتفسيرها”[77]. منحوا للتاريخ شرعية جديدة في المجال الواسع، للعلوم الإنسانية والاجتماعية؛ فعمل على ايجاد نقط الاختلاف وقنوات التواصل بين هذه العلوم والتاريخ من خلال التفاعل الذي حصل مع علم النفس واللسانيات والاثنغرافيا[78]. وبين فيفر في معارك من أجل التاريخ أن مستقبل التاريخ بوصفه علما يرتبط بانفتاحه على العلوم الإنسانية والاجتماعية وخروجه من دائرة التعامل مع الوثيقة، فانتقد الوضعية أشد الانتقاد على اعتبارها أنها قيدت المعرفة التاريخية بالوثائق، بينما يتطلب التاريخ الحقيقي منظوراً شاملاً للمعرفة التاريخية[79]، لقد كان إزاحة التاريخ السياسي الهدف الرئيسي للحوليات، ولا تزال الهاجس الأكبر ل “التاريخ الجديد” أو يمكن أن تحل كتابة تاريخ جديد للسياسي، أو تاريخ لتصور جديد لما هو سياسي محل النظرة القديمة للتاريخ السياسي[80]. ودار نقاش كبير على المجال الاقتصادي ولا سيما تزامن تأسيس الحوليات في نفس سنة انطلاق الأزمة الاقتصادية العالمية بعد انهيار أسهم بورصت وول ستريت1929م، وهو ما رأته المجلة مجالاً للدراسة والتأريخ، بل خصصت المجلة متابعة شاملة للتغيرات التي خلفتها الأزمة في اقتصاد العالم[81]. يتم التمييز عادة في مدرسة الحوليات بين ثلاثة أجيال؛ جيل المؤسّسَيْن، وهما لوسيان فيفر وماك بلوك،[82] ثم يأتي بعده الجيل الثاني مجسَدًا، خصوصًا، ببروديل، ثم الجيل الثالث مثل لوغوف وإيمانويل لوروا لادوري وغيرهما، وهذا التقسيم هو ما التزم به أهم مؤرخي مدرسة الحوليات وتموّجاتها، فرانسوا دوس في كتابه التاريخ المفتت: من الحوليات إلى التاريخ الجديد[83].
أ- أسباب التأسيس
من جملة الأسباب التي دفعت المؤرخان فيفر وبلوخ إلى تأسيس هذه المدرسة الجديدة هي: انتشال الكتابة التاريخية من بؤرة العادات القديمة، خاصة فك قيوده من انغلاقه على ذاته، الشيء الذي عبر عنه لوسيان فيفر سنة 1932م بـ”إسقاط الجدران العازلة”[84]، التي تجاوزها الزمن وأكداسُ المسبقات التي تعود إلى عصر بابل من الملل والأخطاء في التصور والتفهم[85]، “من جهة أخرى الرغبة الطموحة في التأكيد على اتجاهين مضمنين في المجلة الجديدة، أولها التاريخ الاقتصادي وثانيهما الاجتماعي[86]. معروف أن الدراسات التاريخية في فرنسا مرت بثورتين منهجيتين: الأولى بعد هزيمة 1870م ضِد ألمانيا، حيث تأسست سنة 1876م على يد اساتذة جامعيين، بروتستانتيين في أغلبهم ومعجبين بالتقنيات الألمانية، كما سبق أن أشرنا اليه” المجلة التاريخية”، كانت ثمرة هذا الاتجاه سينيوبوس. أما الثورة الثانية، فقد قام بها الشابان لوسيان فيفر ومارك بلوخ عندما عينا في جامعة استراسبورغ بعد استردادها من الألمان، وانضووا تحت راية مجلة الحوليات الاقتصادية والاجتماعية[87]، وعلى هذا الأساس أحدثت ثورة حقيقية في مستوى الكتابة التاريخية على مستوى الأزمنة التاريخية وحارب الأزمنة القصيرة، لينظر إلى التاريخ من خلال الأمد الطويل؛ فالتحولات المنهجية يمكن اختزالها في آخر المطاف في “حلقة واحدة هي الحقبة، فالذي يتغيَّر في مقاربة كل مؤرخ هو الأمد؛ إذ إن مؤرخ الدبلوماسية يقنع بالفترات الزمنية القصيرة، بينما يُمدّد من يهتم بالمؤسسات فترته الزمنية إلى قرن أو أكثر، أما من ينظر في التقنيات فيجول بنظره فوق مدد طويلة، تقدر بعشرات القرون”[88]. فلم يعد يهتم بعصر السلالات والشخصيات، وإنما يتناول الظواهر الاجتماعية والذهنية منذ فترات انبلاجها[89]، وانطلاقا من مجلة “الأنال” Annale)) يقول لوسيان فيفر: “سيساهم في كتابة التاريخ اللغوي والأديب والجغرافي والقانوني والطبيب وعالم الأرض وعالم الأجناس والخبير[…] بمنطق العلوم، بكل واحد يشارك بعقليته الخاصة وبمنهجه المتميز، ولا يطلب منه أن يتخلى عما يميزه، لأن مشاركته في هذه الحال تكون عقيمة”[90].
ب– الغاء حدود الاختصاص
تزامن تأسيس مجلة الحوليات سنة 1929م بسترانسبوغ بفرنسا؛ مع انفجار الأزمة المالية الكبرى من بورصة وول ستريت بالولايات المتحدة الأمريكية في نفس العام، وعمت أمريكا وأوربا، “على أن الدارسين الذين ربطوا بين الحدثين إنما عنوا بذلك ما يعنيه الربط من دلالات السياق التاريخي، وليس مجرد التزامن أو المصادفة”[91]. ومن بين ما كانت تهدف إليه هو توسيع مجال الاختصاصات التي كانت تفصل بين الباحثين[92]، والابتعاد على المجال الضيق، بالإضافة إلى الطابع الفضفاض الذي يسمح بالحديث في كل شيء، لأن الهدف هو تحطيم الجدران العازلة والقضاء على الفرقة التي تقصي التاريخ من العلوم الشبيهة، وخاصة علم الاجتماع، وقد وجد مارك بلوخ ولوسيان فيفر تحت مظلة “الاجتماعي” مع صديقهما “هنري بير”(Henri Berr)، الذي نشر ” التاريخ التقليدي والتوليف التاريخي”، وجدا هذا الإلهام ايضا في منهج التاريخ المقارن، معجبين بالتحدث عن هنري بير، كتب مارك بلوخ في كتابه ” تمجيد التاريخ أو صناعة المؤرخ، “إن التاريخ الحقيقي الوحيد الذي لا يمكن أن يكتب إلا بالتعاون، هو التاريخ الكوني”[93].
ساهمت الحوليات في رفض “أصنام قبيلة المؤرخين” بتعبير فرانسوا سيميان؛ التمركز على الفرد باعتباره صانعًا للتاريخ[94]، كما ربطت التاريخ بالعلوم الاجتماعية والمعارف الإنسانية التي حاولت الجمع بينها في تكامل يسمح بتصور شامل للتاريخ. فحاولت إلغاء حدود الاختصاص الضيق بين علوم التاريخ والاقتصاد والاحصاء والاجتماع واللسانيات والأنثروبولوجيا، وعالجت أحداث التاريخ من منطلق جغرافي وتحليل اقتصادي ومقاربة إحصائية ونظرة اجتماعية؛ لأن دراسة المجتمعات تتطلب استغلال المعارف كلها لفهمها وتحليلها. كما رأت أن منطق التاريخ هو تحليل شروط الوسط والمجال الطبيعي[95].
رأت مدرسة الحوليات أن التطور التاريخي ظاهرة بشرية فرضتها متطلبات الحياة ومنطق التعامل مع الأشياء، فحاولت دراسة المجتمع بوصفه مجموعات متحركة وليس بوصفه وحدات جامدة، انطلاقاً من المعلوم والملموس والملاحظ”[96]. لقد توصل مؤرخو الحوليات إلى صهر قطاعات علوم الإنسان، من اقتصاد وإثنولوجيا وسوسيولوجيا وسيكولوجيا اجتماعية، في مقاربة ضخمة، في نظام متطور للتحليل ينبني على المزج بين المفهوم والسرد، على صياغات سَلِسَة للأفكار، على انتقاء المفردات المعبرة والمثيرة والجذابة[97]. ولذلك وجب الانتباه إلى قضية الكتابة هذه بشكل أساسي. فقد عرفت الكتابة التاريخية تطورا كبيرا، من “حيث الرؤية والمنهج والأسلوب، خلال القرن العشرين في أوربا.
خاتمة
أفرز هذا التتبع لتطور مناهج هيستوريوغرافيا كتابة التاريخ من عصر النهضة إلى الحوليات الفرنسية إلى استنتاج ما يلي:
- تميزت الكتابة التاريخية في عصر النهضة ببعث تراث الحضارة اليونانية والرومانية، عرفت هذه المرحلة بالحركة الإنسية، الواضح أن الحركة الإنسية أحدثت تقدما أدبيّاً وثقافياً واضحا في مجال الكتابة التاريخية، أكثر مما بصمته من تقدم في المنهج العلمي؛
- إعادة الاعتبار للإنسان باعتباره الحلقة المركزية للتغيير؛
- شكل ظهور الحركات الاجتماعية والاقتصادية إغناء علم التاريخ؛
- تميزت مرحلة القرن الثامن عشر بفكر الأنوار، فقد سجلت هذه المرحلة إقبالاً كبيرً وهجوما كاسحًا على مناهج الكتابة؛ ولا سيما الكتابة اللاهوتية للعصور الوسطى، خلال هذه المرحلة تم الارتباط بالعلم بغية التحرر من الخرافة. أيضا خلال هذه المرحلة تطورت فلسفة التاريخ، وتم نقل التاريخ من ميدان الحرب إلى مجلس الدراسة، وتحرر التاريخ من هيمنة تخصصات العلوم الإنسانية والاجتماعية الأخرى. في القرن التاسع عشر تصاعد الموجة الوضعية في العلوم وإثباتها جدارتها، فقد دعا رواد هذه المدرسة التاريخية إلى ضرورة اعتماد الوثيقة وإخضاعها لمختبر التشريح في كتابة التاريخ، كما قال مؤرخو هذه المدرسة “سينوبوس” و”لانجلوا”، لا تاريخ بدون وثيقة. ومع مطلع القرن العشرين أصبحت الوضعانية عرضة لموجة من الانتقادات الشديدة، من طرف رعيل جديد من المؤرخين ولا سيما في فرنسا، “لوسيان فيفر” و”مارك بلوك”، اللذين نفخا روحًا جديدةً، ونادوا بتوسيع الدراسات التاريخية وجعلها أكثر انفتاحا على العلوم الأخرى. أخذت الكتابة التاريخية مع الحوليات أبعادا جديدة، اقتصادية، ديمغرافية وجغرافية ولسانية وسوسيولوجية، وأثروبولوجيا، وتحول التاريخ إلى دراسة كل مالة علاقة بالإنسان ومحيطه.
إجمالا، فعلى ما يبدو، تميز التجديد المنهجي والإبستمولوجي للكتابة التاريخية الذي شهده الغرب، من قيام النهضة بإيطاليا إلى تأسيس الحوليات بفرنسا، بعمق منهجي ونفس إبستمولوجي على مر السنوات، فقد يلمس ذلك القارئ أو القارئ الباحث لتاريخ أوربا بالعين الفاحصة، كما يقول حبيدة: “المطلع على تاريخ أوروبا لا يمكن أن تفوته الطريقة التي كتب بها المؤرخون تاريخهم”[98].
_________
الهوامش
1- ناصر الدين، سعيدوني، الفكر التاريخي الأوربي من القرن السادس عشر إلى القرن الثامن عشر، من لورانزو فالا إلى كوندورسيه،الدوحة/بيروت: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، )2022م(، ص4.
2 François Simiand, “Méthode historique et science sociale”, Annales ESC, no. 1 (1960). p.117.
3- هاري إلمربارنز، تاريخ الكتابة التاريخية، ترجمة أحمد عبد الرحمان برج، ج1، ([د.م]، الهيئة المصرية العامة للكتاب،1987)، ص195.
4- إلمر بارنز، تاريخ الكتابة التاريخية، ج1، (ص/210).
5 – المرجع نفسه، ص237.
6 – طحطح، الكتابة التاريخية، الدار البيضاء دار توبقال للنشر،2012(، ص72.
7 – نظرية التقدم: ظهرت أول مرة خلال القرن الثامن عشر بأوربا مع فلاسفة الانوار، تعني السعي الى حياة زاهرة ولها ارتباط بالتشوف الى المستقبل، أخذت هذه الكلمة / النظرية بالانتشار في أوربا باعتبار أن أوربا تحررت من جاذبية الماضي وأصبحت تنظر بنظرة التشوف الى المستقبل، ويعدُّ الفرنسي الملقب ب “ميرابو”) (Mirabeauأول من استعمل هذه الكلمة “التقدم” سنة 1757. وفي النصف الأول من القرن التاسع عشر ظهر فيكو بمفهوم جديد للتقدم، إذ عبر عن اعتقاده في أن التقدم البشري لا يحدث بطريق مباشر أو في خط مستقيم وإنما يأخذ شكلاً لولبيا. واوضح أنه على الرغم مما قد يبدو من وجود دورات للتطور، فإن هذه الدورات لا تعود إلى النقطة التي بدأت منها لأن دورة تكبر وتعلو عن سابقتها. في فرنسا أوضح جاك تيرجو Jacques Turgot (1729-1781) أنه كلما ازدادت الحضارة تعقيدا كلما ازدادت سرعة التقدم البشري، ولذا فإن التقدم كان بطيئا للغاية في العصور البدائية ثم ازدادت سرعته في العصور الحديثة. ينظر: محمد حبيدة، المدارس التاريخية، صص21-28؛ ينظر أيا: هارى إلمر بارنز، تاريخ الكتابة التاريخية، م.س، صص243-244.
8- هارى إلمر بارنز، تاريخ الكتابة التاريخية، ترجمة محمد عبد الرحمان برج، ج1، ( [د.م]، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1987)1،صص149-150.(بتصرف).
9 – عادل الطاهري، الكتابة التاريخية: المنعطفات الإبستمولوجيا، أسطور (الدوحة: العدد13، كانون الثاني/ يناير، 2022).
10- المرجع نفسه.
11- محمد حبيدة، كتابة التاريخ: قراءات وتأويلات، (الرباط: دار أبي رقراق، 2022(، ص11.
12- ناصر الدين سعيدوني، الفكر التاريخي الأوربي،ص4.
13- أحمد مصطفى أبو ضيف، منهج البحث التاريخي بين الماضي والحاضر، (الدار البيضاء: مطبعة النجاح الجديدة،1987)، ص87. 14إلمربارنز، تاريخ الكتابة التاريخية، ج1، ص159.
15- المرجع نفسه، ص161.
16 – أبو ضيف، ص88.
17- حسن حنفي، دراسات فلسفية: في الفلسفة الغربية الحديثة والمعاصرة، الجزء الثاني، (المملكة المتحدة: مؤسسة هنداوي، 2020)، ص121.
18- المرجع نفسه.
19- طحطح، الكتابة التاريخية، ص265.
20 – حنفي، دراسات فلسفية، ص124.
21- المرجع نفسه.
22 – كوثراني، تاريخ التأريخ: اتجاهات – مدارس – مناهج، (الدوحة/ بيروت: المركز العربي للدراسات والأبحاث ودراسة السياسات، 2013)، ص150-151.
23- طحطح، الكتابة التاريخية، ص24.
24 – المرجع نفسه.
25- المرجع نفسه.
26 – ناصر الدين سعيدوني، الفكر التاريخي الأوربي، ص6.
27- حبيدة، المدارس التاريخية، ص21.
28 – المرجع نفسه.
29 – المرجع نفسه.
30- سعيدوني، الفكر الأوربي ،ص7.
31- المرجع نفسه.
32- المرجع نفسه.
33 – وجيه كوثراني، ص157؛ ينظر أيضا: سعيدوني، الفكر التاريخي الأوربي، م.س؛ نورالدين حاطوم، تاريخ القرن الثامن عشر في أوربة ( دمشق: دار الفكر المعاصر،1986)، ص504.
34 – العروي، مفهوم التاريخ: الألفاظ والمذاهب، المفاهيم والأصول، ط4 (الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي، 2005)، ص18.
35- المرجع نفسه، ص71.
36- طحطح، الكتابة التاريخية، ص72.
37- محمد حبيدة، كتابة التاريخ، ص11.
38- Chrles-Victor Langlois et Charles Seingnobos, Introduction, aux études historiques. Paris: Edition Kimé,1992); cit, P29;
39 – حبيدة، المدارس التاريخية، ص48.
40 -عبد الهادي التيمومي، المدارس التاريخية الحديثة، ط1 (بيروت: دار التنوير للطباعة والنشر ،2013)، ص 83- 84.
41 – طحطح، الكتابة التاريخية، ص 77.
42 – “التاريخ الشامل”: اعتمدت المدرسة الماركسية دراسة هذا المفهوم في منهجها، وجعلت من العامل الاقتصادي دور مهم في صنع الأحداث التاريخية، والتركيز على الطبقات الكادحة في الدراسة وتراتبية المجتمع (الطبقات الاجتماعية).
43 – عبد الله العروي، مفهوم التاريخ، ص 72.
44- ليوبولد فون رانكه، (1795-1886) مؤرخ ألماني ولد من أسرة لوثرية متدينة درس في جامعة لايبزيج، فيما بعد أصبح مدرسا في إحدى ثانويات فرانكفورت، بدأ مسيرته العلمية مؤرخا بمؤلف ذاع صيته عن ” تاريخ الشعوب الرومانية والجرمانية” وعلى إثر هذا الكتاب نودي به أستاذاً للتاريخ في جامعة برلين عام 1825، إلى أن تقاعد عام 1871،شارك في الحياة السياسية في ألمانيا فتولى تحرير ” المجلة السياسية التاريخية”، عين عام 1841مؤرخا للدولة البروسية، فكتب مؤلفا ضخماً عن التاريخ البروسي في تسعة مجلدات، أصدر كتابه الشهير ” التاريخ الألماني في عصر الإصلاح الديني”، شرع في كتابة التاريخ الفرنسي والانجليزي، خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر بوصفهما جزءاً من التاريخ الأوربي، كتب تاريخ إسبانيا وبلاد الصرب وألقى سلسلة من المحاضرات عن التاريخ الحديث. في سن السادسة والثمانين من عمره كتب مؤلف “تاريخ العالم” ووصل بأحداثه حتى عام 1450م، وكان من أعظم إنجازاته إصدار “السيرة الألمانية العامة” في 56 مجلدا.
45 – حبيدة، المدارس التاريخية، ص34.
46 – المرجع نفسه، ص8.
47 – حبيدة، المدارس التاريخية،28.
48 – طحطح، الكتابة التاريخية، ص 72.
49 – المرجع نفسه.
50 المرجع نفسه.
51 – حبيدة، المدارس التاريخية، ص29.
52 – المرجع نفسه، ص 28- 30.
53 – المرجع نفسه، ص29.
54 – كوثراني، ص165؛ ينظر أيضا: الطاهري، ص13.
55- Charles-Victor Langlois, & Charles Seignobos, Introduction, aux études historiques. (Paris:Edition Kimé, 1992).,p.13.
Charles-Victor Langlois, & Charles Seignobos, Ibid 56-
57 – كوثراني، ص 39.
58 – حبيدة، المدارس التاريخية، ص40.
59 – المرجع نفسه.
60 – طحطح، الكتابة التاريخية، ص 81.
61- Patric Garcia, “Historiographie méthodique”, in ch. Delacroix et autres collaborateurs, historiographie s , op. cit. i.I.pp. 447 – 448
62- Henri Berr, la synthèse en histoire : Son rapport avec la synthèse général ( Paris: Albin Michel, 1953]1911[),p. 146
63 – طحطح، الكتابة التاريخية، ص85؛ ينظر أيضاً: محمد العبادي، المدارس التاريخية الحديثة ومسألة الحدود بين العلوم الاجتماعية، أمل، التاريخ، الثقافة، المجتمع، العدد15، ص29.
64 – المرجع نفسه؛ ينظر أيضا: فرناند بروديل “تكويني كمؤرخ” ترجمة محمد حبيدة، أمل، (المغرب)، التاريخ، الثقافة، المجتمع. العدد 2، (السنة الأولى 1992(، ص 115- 122.
65 – ناصر الدين سعيدوني، الطريق إلى التجديد: مدرسة الحوليات الفرنسية من الانفتاح إلى التفتت (2)، أسطور. العدد 15 (كانون الثاني/يناير2022). ص11-12.
66 – طحطح، الكتابة التاريخية، ص85.
67 – المرجع نفسه.
68 – سعيدوني، الطريق إلى التجديد )1)، ص9.
69 – المرجع نفسه.
70 – المرجع نفسه، ص8.
71 – محمد حبيدة، كتابة التاريخ، ص9.
72 – عبد الله العروي، مجمل تاريخ المغرب (الدار البيضاء/بيروت: المركز الثقافي العربي،2009)، ص22.
73- محمد حبيدة، كتابة التاريخ، ص9.
74- M. De Certeau, ” L’opération historique”, in Faire de l’histoire, dir. J. Le Goff et P. Nora,( Paris : Gallimard, 1974), pp. 3-41; L’écriture de l’histoire, (Paris : Gallimard, 1975).ينظر أيضا : حبيدة، كتابة التاريخ،ص10.
75- عبد الله العروي، مجمل تاريخ المغرب، ط 5 (الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي، 2005)، ص14.
76- Marc Bloch, Apologie pour l’histoire ou métier d’historien (Paris: Armand Colin, 1997), P.81
77 – جاك لوكوف، التاريخ الجديد، ترجمة محمد الطاهر المنصوري، (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية،2007)، ص.87.
78- Lucien Febvre, “Histoire et linguistique,” Revue de synthèse, Vol.23, no. 2(1911), pp.132-142
– Lucien Febvre, Combat pour L’histoire (Paris: Armand Colin,195379
80 – لوكوف، ص 108.
81- François Dosse, l’histoire en miettes: Des Annales à la nouvelle histoire (Paris: la Découverte, 2005), P.15
82 -إضافة إلى مارك بلوك ولوسيان فيفر، عرف زمن الآباء المؤسسين عددا من المؤرخين، منهم من مَهَّد لظهور مدرسة الحوليات في مطلع القرن العشرين. ومن أبرز الأسماء، جورج لوفيفر (Georges Lefebvre)، وهنري بير ( Henri Berr)، وفراسوا سيميان ( François Simiand)، وغابريال مونو ( Gabriel Monod)، وكامي جوليان (Camille Jullian)، و بول مانتو (Paul Mantoux)، و بيار لاكومب ( Pierre Lacombe)، ووليام لانجر ( William Langer)، وجيمس هارفي روبنسون (James Harvey Robinson)، وولويس بيرنشتاين نامير ( Lewis Bernstein Namier)، ينظر: سعيدوني، مدرسة الحوليات الفرنسية من الانفتاح إلى التفتت (1). صص 17-19.
83- سعيدوني، مدرسة الحوليات، أسطور، ص،16-19.
84 – لوكوف، ص84.
85 – المرجع نفسه.
86- المرجع نفسه.
87 – العروي، مفهوم التاريخ، ص187.
88 – العروي، مجمل تاريخ المغرب، ص22.
89 – لوكوف، التاريخ الجديد، ص13.
90 – المرجع نفسه، ص13.
91 – كوثراني، ص199.
92 – لوكوف، ص17.
93- المرجع نفسه، ص86.
94 – نفسه، ص88.
95- سعيدوني، مدرسة الحوليات (1)، ص30.
96 – المرجع نفسه.
97 – حبيدة، كتابة التاريخ، ص38.
98 – حبيدة، كتابة التاريخ، ص319.
[1] ناصر الدين، سعيدوني، الفكر التاريخي الأوربي من القرن السادس عشر إلى القرن الثامن عشر، من لورانزو فالا إلى كوندورسيه،الدوحة/بيروت: (المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، )2022م، ص4.
[2] François Simiand, “Méthode historique et science sociale”, Annales ESC, no. 1 (1960). p.117.[3] هاري إلمربارنز، تاريخ الكتابة التاريخية، ترجمة أحمد عبد الرحمان برج، ج1، ([د.م]، الهيئة المصرية العامة للكتاب،1987)، ص195.
[4] إلمر بارنز، تاريخ الكتابة التاريخية، ج1، (ص/210).
[5] المرجع نفسه، ص237.
[6] طحطح، الكتابة التاريخية، الدار البيضاء دار توبقال للنشر،2012(، ص72.
[7] نظرية التقدم: ظهرت أول مرة خلال القرن الثامن عشر بأوربا مع فلاسفة الانوار، تعني السعي الى حياة زاهرة ولها ارتباط بالتشوف الى المستقبل، أخذت هذه الكلمة / النظرية بالانتشار في أوربا باعتبار أن أوربا تحررت من جاذبية الماضي وأصبحت تنظر بنظرة التشوف الى المستقبل، ويعدُّ الفرنسي الملقب ب “ميرابو”) (Mirabeauأول من استعمل هذه الكلمة “التقدم” سنة 1757. وفي النصف الأول من القرن التاسع عشر ظهر فيكو بمفهوم جديد للتقدم، إذ عبر عن اعتقاده في أن التقدم البشري لا يحدث بطريق مباشر أو في خط مستقيم وإنما يأخذ شكلاً لولبيا. واوضح أنه على الرغم مما قد يبدو من وجود دورات للتطور، فإن هذه الدورات لا تعود إلى النقطة التي بدأت منها لأن دورة تكبر وتعلو عن سابقتها. في فرنسا أوضح جاك تيرجو Jacques Turgot (1729-1781) أنه كلما ازدادت الحضارة تعقيدا كلما ازدادت سرعة التقدم البشري، ولذا فإن التقدم كان بطيئا للغاية في العصور البدائية ثم ازدادت سرعته في العصور الحديثة. ينظر: محمد حبيدة، المدارس التاريخية، صص21-28؛ ينظر أيا: هارى إلمر بارنز، تاريخ الكتابة التاريخية، م.س، صص243-244.
[8] هارى إلمر بارنز، تاريخ الكتابة التاريخية، ترجمة محمد عبد الرحمان برج، ج1، ( [د.م]، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1987)1،صص149-150.(بتصرف).
[9] عادل الطاهري، الكتابة التاريخية: المنعطفات الإبستمولوجيا، أسطور (الدوحة: العدد13، كانون الثاني/ يناير، 2022).
[10] المرجع نفسه.
[11] محمد حبيدة، كتابة التاريخ: قراءات وتأويلات، (الرباط: دار أبي رقراق، 2022(، ص11.
[12] ناصر الدين سعيدوني، الفكر التاريخي الأوربي،ص4.
[13] أحمد مصطفى أبو ضيف، منهج البحث التاريخي بين الماضي والحاضر، (الدار البيضاء: مطبعة النجاح الجديدة،1987)، ص87.
[14] إلمربارنز، تاريخ الكتابة التاريخية، ج1، ص159.
[15] المرجع نفسه، ص161.
[16] أبو ضيف، ص88.
[17] حسن حنفي، دراسات فلسفية: في الفلسفة الغربية الحديثة والمعاصرة، الجزء الثاني، (المملكة المتحدة: مؤسسة هنداوي، 2020)، ص121.
[18] المرجع نفسه.
[19] طحطح، الكتابة التاريخية، ص265.
[20] حنفي، دراسات فلسفية، ص124.
[21] المرجع نفسه.
[22] كوثراني، تاريخ التأريخ: اتجاهات – مدارس – مناهج، (الدوحة/ بيروت: المركز العربي للدراسات والأبحاث ودراسة السياسات، 2013)، ص150-151.
[23] طحطح، الكتابة التاريخية، ص24.
[24] المرجع نفسه.
[25] المرجع نفسه.
[26] ناصر الدين سعيدوني، الفكر التاريخي الأوربي، ص6.
[27] حبيدة، المدارس التاريخية، ص21.
[28] المرجع نفسه.
[29] المرجع نفسه.
[30] سعيدوني، الفكر الأوربي ،ص7.
[31] المرجع نفسه.
[32] المرجع نفسه.
[33] وجيه كوثراني، ص157؛ ينظر أيضا: سعيدوني، الفكر التاريخي الأوربي، م.س؛ نورالدين حاطوم، تاريخ القرن الثامن عشر في أوربة ( دمشق: دار الفكر المعاصر،1986)، ص504.
[34] العروي، مفهوم التاريخ: الألفاظ والمذاهب، المفاهيم والأصول، ط4 (الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي، 2005)، ص18.
[35] المرجع نفسه، ص71.
[36] طحطح، الكتابة التاريخية، ص72.
[37] محمد حبيدة، كتابة التاريخ، ص11.
[38] Chrles-Victor Langlois et Charles Seingnobos, Introduction, aux études historiques. Paris: Edition Kimé,1992); cit, P29;
[39] حبيدة، المدارس التاريخية، ص48.
[40] عبد الهادي التيمومي، المدارس التاريخية الحديثة، ط1 (بيروت: دار التنوير للطباعة والنشر ،2013)، ص 83- 84.
[41] طحطح، الكتابة التاريخية، ص 77.
[42] “التاريخ الشامل”: اعتمدت المدرسة الماركسية دراسة هذا المفهوم في منهجها، وجعلت من العامل الاقتصادي دور مهم في صنع الأحداث التاريخية، والتركيز على الطبقات الكادحة في الدراسة وتراتبية المجتمع (الطبقات الاجتماعية).
[43] عبد الله العروي، مفهوم التاريخ، ص 72.
[44] ليوبولد فون رانكه، (1795-1886) مؤرخ ألماني ولد من أسرة لوثرية متدينة درس في جامعة لايبزيج، فيما بعد أصبح مدرسا في إحدى ثانويات فرانكفورت، بدأ مسيرته العلمية مؤرخا بمؤلف ذاع صيته عن ” تاريخ الشعوب الرومانية والجرمانية” وعلى إثر هذا الكتاب نودي به أستاذاً للتاريخ في جامعة برلين عام 1825، إلى أن تقاعد عام 1871،شارك في الحياة السياسية في ألمانيا فتولى تحرير ” المجلة السياسية التاريخية”، عين عام 1841مؤرخا للدولة البروسية، فكتب مؤلفا ضخماً عن التاريخ البروسي في تسعة مجلدات، أصدر كتابه الشهير ” التاريخ الألماني في عصر الإصلاح الديني”، شرع في كتابة التاريخ الفرنسي والانجليزي، خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر بوصفهما جزءاً من التاريخ الأوربي، كتب تاريخ إسبانيا وبلاد الصرب وألقى سلسلة من المحاضرات عن التاريخ الحديث. في سن السادسة والثمانين من عمره كتب مؤلف “تاريخ العالم” ووصل بأحداثه حتى عام 1450م، وكان من أعظم إنجازاته إصدار “السيرة الألمانية العامة” في 56 مجلدا.
[45] حبيدة، المدارس التاريخية، ص34.
[46] المرجع نفسه، ص8.
[47] حبيدة، المدارس التاريخية،28.
[48] طحطح، الكتابة التاريخية، ص 72.
[49] المرجع نفسه.
[50] المرجع نفسه.
[51] حبيدة، المدارس التاريخية، ص29.
[52] المرجع نفسه، ص 28- 30.
[53] المرجع نفسه، ص29.
[54] كوثراني، ص165؛ ينظر أيضا: الطاهري، ص13.
[55] Charles-Victor Langlois, & Charles Seignobos, Introduction, aux études historiques. (Paris:Edition Kimé, 1992).,p.13.
[56] Charles-Victor Langlois, & Charles Seignobos, Ibid.
[57] كوثراني، ص 39.
[58] حبيدة، المدارس التاريخية، ص40.
[59] المرجع نفسه.
[60] طحطح، الكتابة التاريخية، ص 81.
[61] Patric Garcia, “Historiographie méthodique“, in ch. Delacroix et autres collaborateurs, historiographie s , op. cit. i.I.pp. 447 – 448
[62] Henri Berr, la synthèse en histoire : Son rapport avec la synthèse général ( Paris: Albin Michel, 1953]1911[),p. 146
[63] طحطح، الكتابة التاريخية، ص85؛ ينظر أيضاً: محمد العبادي، المدارس التاريخية الحديثة ومسألة الحدود بين العلوم الاجتماعية، أمل، التاريخ، الثقافة، المجتمع، العدد15، ص29.
[64] المرجع نفسه؛ ينظر أيضا: فرناند بروديل “تكويني كمؤرخ” ترجمة محمد حبيدة، أمل، (المغرب)، التاريخ، الثقافة، المجتمع. العدد 2، (السنة الأولى 1992(، ص 115- 122.
[65] ناصر الدين سعيدوني، الطريق إلى التجديد: مدرسة الحوليات الفرنسية من الانفتاح إلى التفتت (2)، أسطور. العدد 15 (كانون الثاني/يناير2022). ص11-12.
[66] طحطح، الكتابة التاريخية، ص85.
[67] المرجع نفسه.
[68] سعيدوني، الطريق إلى التجديد )1)، ص9.
[69] المرجع نفسه.
[70] المرجع نفسه، ص8.
[71] محمد حبيدة، كتابة التاريخ، ص9.
[72] عبد الله العروي، مجمل تاريخ المغرب (الدار البيضاء/بيروت: المركز الثقافي العربي،2009)، ص22.
[73] محمد حبيدة، كتابة التاريخ، ص9.
[74] M. De Certeau, ” L’opération historique”, in Faire de l’histoire, dir. J. Le Goff et P. Nora,( Paris : Gallimard, 1974), pp. 3-41; L’écriture de l’histoire, (Paris : Gallimard, 1975).ينظر أيضا : حبيدة، كتابة التاريخ،ص10.
[75] عبد الله العروي، مجمل تاريخ المغرب، ط 5 (الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي، 2005)، ص14.
[76] Marc Bloch, Apologie pour l’histoire ou métier d’historien (Paris: Armand Colin, 1997), P.81.
[77] جاك لوكوف، التاريخ الجديد، ترجمة محمد الطاهر المنصوري، (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية،2007)، ص.87.
[78] Lucien Febvre, “Histoire et linguistique,” Revue de synthèse, Vol.23, no. 2(1911), pp.132-142.
[79] Lucien Febvre, Combat pour L’histoire (Paris: Armand Colin,1953).
[80] لوكوف، ص 108.
[81] François Dosse, l’histoire en miettes: Des Annales à la nouvelle histoire (Paris: la Découverte, 2005), P.15
[82] إضافة إلى مارك بلوك ولوسيان فيفر، عرف زمن الآباء المؤسسين عددا من المؤرخين، منهم من مَهَّد لظهور مدرسة الحوليات في مطلع القرن العشرين. ومن أبرز الأسماء، جورج لوفيفر (Georges Lefebvre)، وهنري بير ( Henri Berr)، وفراسوا سيميان ( François Simiand)، وغابريال مونو ( Gabriel Monod)، وكامي جوليان (Camille Jullian)، و بول مانتو (Paul Mantoux)، و بيار لاكومب ( Pierre Lacombe)، ووليام لانجر ( William Langer)، وجيمس هارفي روبنسون (James Harvey Robinson)، وولويس بيرنشتاين نامير ( Lewis Bernstein Namier)، ينظر: سعيدوني، مدرسة الحوليات الفرنسية من الانفتاح إلى التفتت (1). صص 17-19.
[83] سعيدوني، مدرسة الحوليات، أسطور، ص،16-19.
[84] لوكوف، ص84.
[85] المرجع نفسه.
[86] المرجع نفسه.
[87] العروي، مفهوم التاريخ، ص187.
[88] العروي، مجمل تاريخ المغرب، ص22.
[89] لوكوف، التاريخ الجديد، ص13.
[90] المرجع نفسه، ص13.
[91] كوثراني، ص199.
[92] لوكوف، ص17.
[93] المرجع نفسه، ص86.
[94] نفسه، ص88.
[95] سعيدوني، مدرسة الحوليات (1)، ص30.
[96] المرجع نفسه.
[97] حبيدة، كتابة التاريخ، ص38.
[98] حبيدة، كتابة التاريخ، ص319.
____________
*عبد الرحيم الوسعيدي: طالب باحث بسلك الدكتوراه بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية. القنيطرة. المغرب.