توطئة:
توظيف الشرطة بين شيء وشيء نهج دراسي ثقافي قديم. وقد برزت الدراسات المُشَرّطَة في قضية تعدد الهويات[1]. كأن يقول المرء إنني عربي-أمريكي أو يقول إنني مثقف-قَبَلِي-محرّقي-بحريني-عربي. هذا البحث يقترح تجديد دراسات التصوف نحو آفاق جديدة عبر استخدام الشّرطات. مثلا وضع شرطة بين التصوف-الطب أو بين التصوف-المدينة أو بين التصوف-البستنة أو بين التصوف-الانشاد وهلّم جرى. أصبح موضوع تجديد دراسة التصوف قضية ملحة خصوصا أنه وقع في براثين التكرار الذي فرضته عليه دراسات الاستشراق. دراسات التصوف المشرطة (Hyphenated Sufi studies) نهج معرفي جديد تطمح هذه المقالة من تدشينه كرافد من روافد دراسات التصوف.
مثالبُ الاستشراق:
من خلال إقحام المنهج المُشَرّط في دِرَاسَاتِ التّصَوّفِ تحاولُ هذه المقالة أن تُخْرِجْ التّصوف من دوّامات التّكرار والإنتاج المتشابه المتمثّل في طرق تناول التّصوف وعرضه ونشرهِ، إذ نجدُ كثيراً من النصوص الاستشراقية تنمّط التّصوّف بوصفه حالةٍ مستغرقة في عَقْدِ حلقات تُدَار بين الشّيخ والمُريد، بمعزلٍ عن واقع الحياة[2]؛ كتابات تُوهِم القارئ أنّ المتصوّفة غير معنيين بالمُتغيّرات التي أحدثها تتالي موجات التّعولم، ولا منشغلين بتحدّيات المعاش اليومي ومتطلبات أسرهم[3].
ساهمتْ بعض تلك الدراسات الاستشراقية في إنتاج مثل هذه التّخيّلات عن التصوّف وأهله وذلك نتيجة إطباق سيطرتها على أروقة الدّراسات الشرق أوسطية في الجّامعات الغربية لعهود طويلة. فمن خلال كتابات كبار المستشرقين، رسم بعض “الاستشراق” كيفية تدريس التّصوف وطوّقه بحدود وتعريفات فرضت ميول الاستشراق ونزعاته على المتصوّفة[4].
فالصوفيّ قديماً وحديثاً يُصَوّر على أنّه منشغلٌ في العشق الإلهيّ، ويهيم درويشا ينظم شعراً روحانيّاً زاهداً بعيداً عن متطلّبات الحياة. ويُبْرَز الصّوفي بوصفه إنساناً يتنقل من مقامٍ إلى مقامٍ (مقام التوبة، مقام الصبر، مقام الشكر، الرجاء.. إلخ). ومع مسالك طرقه وارتقاءاته، تتقلّب أحواله (المراقبة، الحبّ، الشوّق، الأنس، اليقين، وغيرها..)، تبعاً للمقام الذي هو فيه. كما تُطرح ثقافة التّصَوف بصفتها ثقافة غامضة مثيرة غير مفهومةٍ لكونها ذات لغةٍ غير مألوفةٍ ولها مُصطلحات عصيّة على الشرح[5].
كما ينجح الاستشراق من خلال شرح حرص المتصوّف على قراءة الكتب الصوفيّة القديمة واستمرار إنشاده شعراً صوفياً قديماً جداً في تأكيد فكرة أنّ الصوفيّ يصون بنيته المعرفيّة القديمة عبر الأزمنة. بعد ذلك يخلص الاستشراق إلى أنّ الصوفي يتمكن بهذه الطريقة من إبقاء الماضي حيّاً في حواضره المكانيّة والوقتيّة،
على أنّ بعض ما كَتبَ الاستشراق عن التصوّف جيد، لكن جوانب خلل الاستشراق متفشية حيث أنّه أنتج لنا نظرةً ثابتةً جوهرانيّة استاتيكية جامدة صلبة ومُنَمّطة عن التصوّف[6]. ليس هذا فحسب؛ بل إنه لم يُقدّم طرائق تحليليةً ولم يطوّر نماذج فكريّة [7] قادرة على استيعاب السبب وراء وجود طرق صوفيّة مُتعددة ومتنوعة مُتقاربة ومُختلفة ولها سياقاتها وانفعالها وفاعليتها، ولها ما لها من سيولة في جريانها في فروع الماضي ومستمرة في ثنايا “الحاضر” الذي نعيشه[8].
وفي النتيجة، يؤكّد بعض الاستشراق أنّ كلّ تنوّع لا يعدو كونه شكلاً مختلفاً للبنية ذاتها، وينفي ذلك النوع من الاستشراق، بشكلٍ أو بآخر، إمكان التغير أو التحوّل في البنية الصوفيّة في أزمنتنا المُعاصرة أو من التّحادث البنيويّ للتعامل مع مستجدات الزمن. ولا يستطيع الاستشراق -على سبيل المثال- أن يفسّر لماذا يتحول الأوروبي المُنغمس في أوروبيته ومدنيته المتطوّرة إلى التصوف.
تشرح مثل هذه الأمثلة فشل الاستشراق الذريعٍ؛ إذ كيف سيعيش هذا المتمدّن المتحوّل الأوروبيّ تصوّفه؟ هل سيتخلّى عن حداثته لينسجم مع صورة استشراقيّة وهميّة، أم سيثبت أنّ المتصوّف يعيش بقوّة في كلّ الأزمنة الحاضرة والتالية مثلما عاش في الأزمنة الماضية؟
وعليه فإنّ هذه المقالة تقوّضُ عدداً من الرؤى الاستشراقيّة حول التصوّف الإسلاميّ.
تحدّيات العولمة واحتياجات المحلّيات:
أما بخصوص ثورة الاتصالات و”السوشيال ميديا”، فهي ظاهرةٌ تتكشّف بمستجداتها وتحدياتها بشكلٍ متواصل. منذُ انتشار شبكات الإنترنت العنكبوتيّة، بدأت المعلومات الرقميّة الكونيّة من ثقافات وخلفيّات فكريّة مختلفة تتدفق على جماعات التصوف[9]؛ بما يُفيد أنّ العولمة ساهمت في توسيع نطاق الرؤيا الصوفية، وفتحت آفاقاً جديدة لفهم كيف يتفاعلَ الصوفي في أطراف الكون المُتباعد عنه وفي الأوان ذاته يحتضن المكان المحلّي المتوشج به.
إنّ منهج الصوفي وثيق الصّلة بمجتمع اليوم والآن[10]. هو كذلك يتدبّر القضايا التي تتكاتف الآن لتحدد وتَشكّل معالم وجهة الإنسانية فيما بعد الآن من مستقبل. إنّ القضايا المتعلقة بالقيم المجتمعية والتنوّع الثقافي والمحافظة على البيئة والمساواة الاقتصاديّة وفضّ النزاعات لها اعتباراتها في التعاليم الإسلامية.
وعلى مرّ التاريخ، سعى كثير من كبار الصوفيين إلى معالجة هذه القضايا. واليوم، يطبق هؤلاء الذين يمارسون التمارين الصوفيّة معرفتهم بالتصوّف في مجالات عدّة، كالتنمية المستدامة والتعليم والعلاج والأدب والقانون وعمران المُدن وتربية الأبناء والعلوم والتقانة، وكذلك في الحوارات مُتعددة الثقافات [11].
التاريخ والنص الصوفيّ:
يمتلكُ التصوّف التاريخَ، كما يمتلك النصّ والتجربة لمجاراة العولمة وتغذية مُتطلبات الهويات المحليّة، بل إن التصوّف يقسم “الوجود” من خلال أبعاد ثلاثية: الشريعة، والحقيقة، والطريقة؛ أي أنه يرسم المسار الذي يربط بين عالم الشريعة والحقيقة.
أ ــ الشريعة بُعدٌ يرمز إلى حزمة الأنظمة الفقهيّة والقانونيّة التي تنظّم علاقات المُجتمع وتوزّع أدوار أعضائه.
ب ــ الحقيقة بُعدٌ يرمز إلى رؤية روحيّة وتأويليّة وتعبيريّة وتخيليّة وعلمية لكلّ ما لم يتمّ التعرّف إليه في بعد الشريعة للوجود.
ج ــ أمّا الطريقة؛ فهي بُعدٌ يرمز إلى أهميّة التجربة وإلى محوريّة خوض كلّ إنسان للتجربة، ليتمكّن من ربط أجزاء الوجود المنتمي إلى عالم الملك والوجود المُنتمي إلى عالم الملكوت.
من جهةٍ أخرى، هناك أدوات مُهمة للتجربة؛ منها الصّحبة واللغة والرقص والغناء والفنّ والعمارة والخطّ والطهي والكتابة والبناء والعبادة والقانون، من ضمن أدوات أخرى.
وللطريقة قواعد طوّرها شيوخ التصوّف ونظموها في مجموعة مقالات تعد من جواهر عقائد الصوفية المؤسسة لخوض التجربة الصوفية، أو العمل الصوفي، سواء كان فردياً أم جماعياً، تراثياً أم معاصراً،
الطّرُق إلى الله بعددِ أنفس الخلق:
هذهِ الركيزة الصوفيّة المؤمنة أنّ الطرق إلى الله كثيرة جداً لأنّها بعدد أنفسِ الخلق جميعاً[12]، مهمة جداً؛
فهي تروّض الصوفي مبكراً لتقبل اعتناق “الفَرْدَانِيّة” المؤسسة للتعدد الثقافيّ الكونيّ. تعد هذه العقيدة من ناحية انعكاساً لإيمان وثيق بالفردية، إذ إنّها لا ترى حَرَجاً في أن يخوض كلّ صوفيّ في فهمه الخاصّ لجني معنى التجربة الصوفيّة.
لكلّ مَقامٍ حالٌ
يرى التصوّف أنّ مشوار المتصوّف ينتقل من مقامٍ إلى مقام، يخوض المتصوّف في كلّ مقام حالةً نفسيّة ووجدانية تنتابه، تختصّ بذلك المقام[13]. هناك على سبيل المثال مقام المحبّة، ومعه يخوض المتصوّف حالة المحبين، ومع مقام الرجاء تعتري المتصوف حالة المرتجين، وهلمّ جرى.
في الواقع، يحوم موقف هذا المنشور حول فكرة أنّ “كلّ تجربةٍ صوفيّة هي فردانيّة متفرّدة في نوعها ولا يمكن أن تتكرر في تجارب بقيّة السالكين”. إنّها “فردانيته” غير ثابتة، بل هي سائلة تجري في سهول ووديان “المقامات” لتنتج “أحوالاً” نفسية وسيكولوجية غير قابلة للتكرار.
ومن خلال تفهّم الصوفي لهذه المقالات الصوفيّة الأساسية، يتهيّأ وعي كلّ صوفي إلى تقبّل أن يكون لغيره من المتصوّفة طرقهم المختلفة الخاصّة بهم. إنّ التصوف في عمقهِ الجوهري عقيدة قائمة على تقبل التعدديّة بصياغات بلا نهائية.
الصوفي ابن زمانهِ ووقتهِ
هناك إشارة صوفيّة أخرى لا تقلّ أهميّة عن سابقاتها، جاء فيها: “الصوفيّ ابن زمانه ووقته”[14]، وقد تكون هذه العقيدة أهمّ وقودٍ يدفع الصوفيّ إلى أن يدرس زمانه ومكانه لكي يتفهّم شروطه الماديّة ليكون جزءاً منها. فالصوفي يخوض تجربة الفناء في زمانه ومكانه بالاندماج فيهما، ومن خلال الاندماج النسبيّ الماديّ ينطلق الصوفيّ إلى الاندماجيات غير المحسوسة في الوجود ليخوض تجاربه الروحانية. ثم إن أفق “التجربة” أفق منفلتٌ غير مُنْجَز يتّسم بالامتداد واللاتحديد؛ إنها خاصية وثيقة لا تنفلت مع كلّ تجربةٍ إنسانية، ومواصفات ترفع سقف التحدّي للمشتغلين في الكتابة عن موضوع التجربة الصوفية.
مُشكلتنا
كيف يمكن لنا إزاحة الصّور النمطيّة التي ألبستها الدراسات الاستشراقية للتجارب الصوفية؟
إنّ مُهمّة هذا المقالة، وكلّ من يروم أن يكتب عن “التجربة الصوفيّة”، مُهمة محفوفة بالمخاطر؛ ما دامت تجعل من الرمزيات والاحتمالات مصدراً للكتابة عن التصوف. وعلى هذا النحو تبدو الكتابة عن مستقبل الكتابة الصوفيّة الإبداعية عمليّة محفوفة بالمخاطر، خصوصاً إذا توسّلت بالذاتية القائمة على الآمال الرومانسية أو التشاؤمية الغاضبة، أو توسلت بالموضوعية القائمة على استثمار أرقام ضبابية. فما العمل؟
تصَوّفُ العَصْرِ بيننا ومعنا من زوايا غير مألوفة:
تسلط مقالتنا الضوء على أهمية خوض تجارب كتابيّة؛ تجارب لا تسعى أن تتوصل إلى يقينيات مع التأكيد أنه عند خوض تجربة كتابيّة في ميادين تصوفية غير مطروقة، أننا بصدد إنتاج كتابات شعثاء مُبعثرة[15].
لقد وجدنا أن الكتابات الشعثائية غير المنتظمة في قوالب الفِكر الحداثي لا تكسر فقط قضبان حَبْس الاستشراق للتصوف وتخرجه من سياقاتها، بل تقودنا أيضاً إلى فضاءات ما بعد الحداثة.
لقد وجدنا من خلال الحديث عن “التصوّف عبر أبواب غير مطروقة” أحد السُّبُل الميدانية والمعرفية المُمكنة والمُتاحة لإخراج دراسات التصوّف من حالة تكرار تناولهِ وجمود مواضيعه.
يروم هذا العمل الى تسليط الضوء على “التجربة الصوفيّة” التي يسلكها المُتديّن الصوفيّ من خلال رؤية تؤمن أنّ التصوف مُحيط حاضن، يمتلك القدرة على احتضان “غيره” وتوفير أسباب الحياة لذلك الشيء أو الكائن غير الصوفي في ثناياه، وفي الأوان ذاته يعمل التصوف على رؤية الله فيه وإعادة عملية الاتصال مع الله الموجود في ذلك الكيان المحضون؛ وهكذا يترك التصوف بصمته على غيره.
عندما يحتضن التصوّف الأشياء غير الصوفيّة، يضعنا أيضاً أمام احتمالات أخرى؛ فيحتمل أن يبقى بعض من التصوّف الذي كان قبل الحضانة قائماً، ويحتمل أيضاً أنّ يكون بعض من الكيان الذي احتضنه التصوّف لم يتأثر بالتصوف، لكن ما يهمنا في بحثنا هنا أن ما احتضنه التصوف أدى إلى تكوين هجين من تصوف مع شيء آخر، وهذا الهجين هو موضوع بحثنا في هذه المقالة.
وهكذا يجد الباحث المُهَجّن أن التهجين الذي ينتج من احتضان، مثلا، التصوّف للقانون، أو بوصفه حاضناً للغناء والمسلسلات التلفزيونية، وحاضناً للعلمانية، وحاضناً “لليوغا” و”الريكي”، وحاضناً للديكور، وحاضناً للبيئة الطبيعية، وحاضناً للحدائق، وحاضناً للمعمار وتصاميم بيوت العبادة، من ضمن محاور أخرى، سبلا ثرية غير مطروقة للكتابة عن التصوف.
منهج دراسات التصوف المشرطة (Hyphenated Sufi studies):
تأسيساً على ما سبق، بداية ورغبةً في تقعيد هذا المنهج الجديد في قراءة التديّن الصوفي، وتفاعله مع المحيط المحليّ والكونيّ، أخذنا شتّى العلوم وبعض مناحي حياتنا اليومية مع ربطها بالأفق الصوفي،
وذلك بإنشاء رابط بين الدراسات الصوفية من خلال “شَرطة”/ “واصل” يربطها مع الدراسات الاجتماعية والفنية والقانونية واللغويّة والثقافيّة، وغيرها. تولد من ذلك ثنائيات مشرّطة: التصوّف ــ القانون، التصوّف ــ القصة، التصوّف ــ الغناء، التصوّف ــ البيئة، التصوّف ــ العلاج، التصوّف ــ الأدب، التصوف ــ المدينة، التصوف ــ الاستمرار، التصوف ــ الرمز، وغيرها.
نتج من اتخاذنا هذا المنهج أن توصلنا إلى ثلاث خلاصات على الأقل، تبقى أقرب إلى إقرارات وليس إثباتات:
أ ــ الخُلاصةُ الأولى: عدم قابلية اختزال التصوف أو ذوبانه ذوباناً مُطلقاً في ثنايا علوم أخرى، وتكاملهما، والعكس صحيح.
ب ــ الخُلاصةُ الثانية: استحالة كينونة وجود أحدهما من دون وجود الآخر؛ فالتصوف لا يمكن أن يقف بوصفه علماً إلاّ بوجود علوم ليست من جنسهِ، أي ليست من مادة التصوف، والعكس صحيح.
ج ــ الخلاصةُ الثالثة: بوجود مساحة تجارب تسمح لجذب مادّة التصوّف العلوم الأخرى إليه لإنتاج هجين أو حالة من المتاخمات أو الخليط أو الانصهار، والعكس صحيح.
ونريد أن نؤكد أنّ الإضافة في دراسات التصوّف لا تتقدّم بشكلٍ أفضل من خلال تذويب الحدود بين التصوّف وبقيّة المعارف والعلوم والتجارب بطمسِ الاختلافات. عندما نضع واصلة فإننا من خلال الاحتفاظ بالواصلة نؤكد على وجود الاختلاف، وهو اختلاف لا يمكن التغلّب عليه أبداً، لكنّه اختلاف يدعو باستمرار إلى خوض تجربة المشاركة والاستكشاف بإظهار عدم إمكان التغلّب على الواصلة، ووجوب المُشاركة في عملية مستمرة لإعادة عمل الواصلة. ومن ثم، تتمثل مهمّة الباحثين والممارسين على حدّ سواء في إظهار قيود الواصلات الحاليّة وإيجاد استراتيجيات لها، وهذه دعوة مفتوحة لكافّة الباحثين والمهتمين للاشتغال على أحد أهم أنماط التديّن الإسلامي الموجود في مقدمة أنماط التديّن المغذية والمدافعة عن المُشترك الإنساني، في حقبةٍ حضاريّة تتطلّب الانتصار لهذا المُشترك ومواجهة خطاب النهائيات والأيديولوجيات المتشددة، أيّاً كانت مرجعيتها.
د. محمد الزّكري القضاعي
الهامش
[1] كثير من كتب في موضوع الهويات المشرطة. أحد من أبدع في طرح الموضوع هو الأستاذ Pedro-Miguel Carmona-Rodríguez. للمزيد اطلع على مقالته التالية:
Hyphens, Boundaries and Third Spaces: Identity and Cultural Politics in Afro-Caribbean-Canadian Writing
(https://orcid.org/0000-0001-8722-3861).
[2] التصوف ليس مجرد طقوس. ولا يمكن اختزاله في رسوم معينة، بل هو أكبر بكثير من تلك التخيلات. زهرا صبري تحدث عن هذا وافتتحت نقدها ورفضها لمثل تلك الاختزالات في مقالتها التالية:
Zahra Sabri, “Why ‘Sufism’ is not what it is made out to be”, Herald Magazine (2018),
https://herald.dawn.com/news/1398514.
[3] من أحدث الدراسات التي تتبعت قصور مناهج دراسات التصوف ووقوعها في أتون تجاذب علاقات القوى المشكلة للمعارف والصانعة للتنمطات الثقافية هي تلك الدراسة التي كتبها البروفيسور ألكسندر كنيش. ركز ألكسندر كنيش على أن الخلل في المنهج، ومن أن المنهج يصنع الثوابت السابقة على الحقل مما يعرض المنتج المعرفي حول دراسة التصوف من إعادة انتاج ثوابت المنهج القبلية متجاهلا حقائق الواقع التاريخية والميدانية. للمزيد تصفح:
Alexander Knysh, Sufism: A New History of Islamic Mysticism (Princeton University Press, 2017).
[4] هذه الدراسة بتطرقها الى تدخل سياسات أقسام الدراسات الإسلامية الجامعية في توجيه سياقات المشاريع العلمية قد لامست جرح أكاديمي عميق تعاني منه الجامعات. هذه المقالة كشفت التهديد الخطير الذي تمارسة الجامعة على مصداقية المخرجات الأكاديمية بلا تردد أنصح من يهتم بالتعرف على عمق هذا الجرح قراءة بحث هبة خضر:
Hiba Khodr, “Policies and Politics Surrounding Islamic Studies Programs in Higher Education Institutions in
the United States”, Contemporary Arab Affairs Vol. 11, No. 3 (SEPTEMBER 2018), pp. 3-24 (22 pages) (University of California Press).
[5] يجب الإقرار بأن الأعمال النقدية التي قدمها الأستاذ كارل أرنيست دشنت فضاء الجدل الاستشراقي – الاستشراقي ومثالبه في إنتاج التصوف لا دراسته. افتتاحيات أرنيست (على وجه الخصوص) محاولة لنفض اليد من فكرة أن السلطة المعرفية على نحو مباشر أو غير مباشر تستطيع أن تستمر دون نقدا. للمزيد تتبع كل مقالات كارل أرنيست التي أشرنا اليها في هذا البحث.
Carl W Ernst, It’s Not Just Academic! Essays on Sufism and Islamic
Studies, (SAGE publications, 2019).
[6] Algis Uždavinys, Sufism in the Light of Orientalism, Acta Orientalia Vilnensia 6, no. 2
(January 1, 2005). https://www.journals.vu.lt/acta-orientalia-vilnensia/article/view/3966.
[7] Carl W Ernst, “Sufism, Islam, and Globalization in the Contemporary World:Methodological Reflections on a
Changing Field of Study” Academia, (2006), https://www.academia.edu/4416963/Sufism_Islam_and_Globalization_in_the_Contemporary_World_Methodological_Reflections_on_a_Changing_Field_of_Study.
[8] Kamal Gasimov, “Sufism as a Product of Collective Imagination: On a New History of Islamic Mysticism”,
voices on central Asia, (27-12-2017). https://voicesoncentralasia.org/sufism-as-a-product-of-collective-imagination-on-a-new-history-of-islamic-mysticism/.
[9] Carl W Ernst, “Ideological and Technological Transformations of Contemporary Sufism”, Academia, (2005),
[10] Meena Sharify-Funk, William Dickson, Merin Shobhana Xavier, Contemporary Sufism: Piety, Politics, and
Popular Culture, (Routledge Publications, 2017).
[11] لا يمكن ونحن في هذا السياق تجاهل أهمية الكتاب الذي حرره Alexandre Papas حيث إنه عبر مجموعة مقالات كتبها نخبة واعية وضّحوا حقيقة انخراط المتصوفة في كافة جنبات الحياة الميدانية. فلا يمكن ولا يعقل أن يبقى المتصوف خارج شروط الظروف الزمانية والمتطلبات الجهوية. بلا تردد يمكننا التأكيد أن مقالتنا تجري في ذات السياق وسياق ما كتبه الكسنر كنيش وكارل ارنيست. للمزيد عد إلى:
Alexandre Papas (editor) Sufi Institutions, (Brill, 2020)
[12]القول بهذا قديم وقد تطرق اليه ابن تيمية عندما سئل عمن يقول الطرق إلى الله عدد أنفاس الخلائق. هل قوله صحيح؟ فكان رده: ” إن أراد بذلك الأعمال المشروعة الموافقة للكتاب والسنة: كالصلاة والصدقة والجهاد والذكر والقراءة وغير ذلك . فهذا صحيح. وإن أراد إلى الله طريقا مخالفا للكتاب والسنة ; فهو باطل. “تجد هذا في مجلد الآداب والتصوف في كتاب علم السلوك صفحة 454
https://www.islamweb.net/ar/library/index.php?page=bookcontents&ID=1039&flag=1&bk_no=22).
وقد سبق ابن تيمية بن عربي في الفتوحات المكية – ابن العربي – ج 2 – الصفحة 317 الذي كتب ” ونعوت العارف أكثر من أن تحصى فهذه بعض إشارات الطائفة في حقيقة العارف والمعرفة جئنا بها لنعلم مقاصدهم في ذلك حتى لا يقول أحد عنا إنا قد انفردنا بطريق لم يسلكوا عليها بل الطريق واحدة وإن كان لكل شخص طريق تخصه فإن الطرق إلى الله تعالى على عدد أنفاس الخلائق يعني أن كل نفس طريق إلى الله وهو صحيح فعلى قدر ما يفوتك من العلم بالأنفاس ومراعاتها يفوتك من العلم بالطريق وبقدر ما يفوتك من العلم بالطرق يفوتك من غاياتها وغاية كل طريق هو الله فإنه إليه يرجع الأمر كله وأما صفة العارف عندنا من الموطن الإلهي الذي يشهده العارفون من الحق في وجودهم وهو شهود عزيز وذلك أن يكون العارف إذا حصلت له المعرفة قائما بالحق في جمعيته نافذ الهمة مؤثرا في الوجود على الإطلاق من غير تقييد لكن على الميزان المعلوم عند أهل الله مجهول النعت والصفة عند الغير من جميع العالم من بشر وجن وملك وحيوان لا يعرف فيحد ولا يفارق العادة فيميز حامل الذكر مستور الحال عام الشفقة على عباد الله يفرق في رحمته بين من أمر برحمته حتى يجعل له خصوص وصف عارف بإرادة الحق في عباده قبل وقوع المراد فيريد بإرادة الحق لا ينازع ولا يقاوم ولا يقع في الوجود ما لا يريده وإن وقع ما لا يرضى وقوعه”
[13] تذكر موسوعة الكسنزان أن ريادة الشرح في تصنيف المقام والحال تعود الى الشيخ السراج الطوسي في كتابه اللمع في التصوف ص 65-105، ثم تبعه أبوبكر الكلاباذي ص 111 في كتابه التعرف على مذهب أهل التصوف، ثم الشيخ أبو طالب المكي في كتابه قوت القلوب ج 1 ص 178.
(https://noorlib.ir/en/book/view/14542/%D9%85%D9%88%D8%B3%D9%88%D8%B9%D8%A9-%D8%A7%D9%84%DA%A9%D8%B3%D9%86%D8%B2%D8%A7%D9%86-%D9%81%DB%8C%D9%85%D8%A7-%D8%A7%D8%B5%D8%B7%D9%84%D8%AD-%D8%B9%D9%84%DB%8C%D9%87-%D8%A3%D9%87%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B5%D9%88%D9%81-%D9%88-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D9%81%D8%A7%D9%86?sectionNumber=2&pageNumber=335&viewType=html&volumeNumber=6)
[14] كتب القشيري تحت عنوان “الوقت” في رسالته في صفحة 64 التالي: ” حقيقة الوقت عند أهل التحقيق: حادث متوهم علق حصوله على حادث متحقق فالحادث المتحقق، وقت للحادث المتوهم، تقول: آتيك رأس الشهر، فالإتيان متوهم، ورأس الشهر حادث متحقق. فرأس الشهر وقت الإتيان. سمعت الأستاذ أبا علي الدقاق، رحمه االله، يقول: الوقت: ما أنت فيه، إن كنت بالدنيا فوقتك الدنيا، وإن كنت بالعقبى فوقتك العقبى وإن كنت بالسرور فوقتك السرور وإن كنت بالحزن فوقتك الحزن. يريد: أن الوقت ما كان هو الغالب على الإنسان. وقد يعنون بالوقت: ما هو فيه من الزمان، فإن قوماً قالوا: الوقت ما بين الزمانين، يعني الماضي والمستقبل. ويقولون: الصوفي ابن وقته، يريدون بذلك: أنه مشتغل بما هو أولى به من العبادات في الحال، قائم بما هو مطلوب به في الحين. “
(https://islamictext.files.wordpress.com/2012/01/qushayri-risala.pdf).
[15] في غمرة سعيه حول وضع معيار منهجي للكتابة الإثنوغرافية في لحظة ما بعد الحداثة استحدث الأمريكي جورج ماركوس George E. Marcus مفردة نص تجريبي أَشْعَثُ فوضوي (messy text) في مقالة نقدية مهمة نشرت تحت عنوان
On Ideologies of Reflexivity in Contemporary Efforts to Remake the Human Sciences
(https://www.jstor.org/stable/1773315).
بعد ذلك التقط نورمان دينزن (Norman K. Denzin) ، و. 1941) مصطلح نص تجريبي أَشْعَثُ فوضوي (messy text). وثم توسع في شرح هذا المفهوم كمنهج كتابي ليكون مدخلا صالحا لمرحلة ما بعد الحداثة. مرحلة مشاكسة تسعى الى تجريب مالم يجرب الى الان. تطرق نورمان دينزن الى ذلك في عام 1996 في كتابه:
Interpretive Ethnography: Ethnographic Practices for the 21st Century