*د. خالد التوزاني / د. محمد الزكري القضاعي.
على الرغم من أنَّ فقهاء الإسلام قد فطنوا منذ وقتٍ مبكِّر من تاريخ الإسلام، إلى نبذ القرآن الكريم لظاهرة تعضل (Masculinity) الرجل على المرأة (مثل ابن قدامة في المغني 7/368) إلا أنَّ بعض الفقهاء فهموا قوامة الرجل على أنَّها “تعضّل” الرجل على المرأة، مع أنَّ القرآن يصرح بالنهي في كثير من آياته، ومنها قوله تعالى: (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا “تَعْضُلُوهُنَّ” أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ.) ـ سورة البقرة، الآية: 233.
ولذلك لم يكن غريباً أن يقول الفقهاء بحرمان تعضل الأب على ابنته ويقصدون بذلك عندما يفرض الأب رأيه بشكل يخل من تحقيق المصلحة التوافقية المتفق عليها بينه وبين أفراد أسرته وذلك في حالة منعها من الزواج بكفئها من رجل تحبه وترغب به ويرغب بها. أي أن الأب يرى بمصلحة غير تلك المصلحة التي تراها ابنته. وهذا أمر منهي عنه في القرآن والسنة. إذ يجب أن تدخل الأسرة في حوار متكافئ بين الولي وموليته للتوصل إلى مصلحة متفق عليها.
قال الفقهاء القدماء إن في حالة ما إذا تعضل الولي بفرض رأيه على موليته في قضية الزواج تسقط في هذه المسألة ولايته لعدم جدارته بأن يكون وليًّا توافقيًّا وتنتقل الولاية في هذه المسألة إلى الولي الأبعد من مثل الجد. بل يسمى الولي إذا تعضل على بناته في قضية الزواج فاسقا وتسقط عدالته وولايته. بل إنه على المشهور من مذهب الإمام أحمد تسقط حتى إمامته فلا يصح أن يكون إماما في صلاة الجماعة في المسلمين. (محمد الزكري 2019).
اتِّجاه متأخِّر أفتى بخيريَّة جنس الرجل على جنس المرأة
أصحاب هذا الاتِّجاه يتَّخذ موقفاً تكون فيه قوامة الرِّجال على النِّساء قوامة تكليفًا وتشريفًا كما يقولون، استنادا إلى قولِ الله جل وعلا: ﴿الرِّجالُ قوَّامون على النِّساء بما فَضَّلَ اللهُ بعضهم على بعض وبما أنفقوا﴾ [النساء:34]، قال الشيخ ابن باز كما هو في موقعه في تفسيره للآية: “فالرجل له قوامة على المرأة، لأن الله فضله عليها؛ فالرجال أفضل من النساء في الجملة، مع قطع النظر عن الأفراد. قد يكون بعض الأفراد غير ذلك، وقد تكون بعض النساء أفضل من بعض الرجال، لكن جنس الرجال أفضل من جنس النساء، ولهذا جعل الله لهم القوامة على النساء، ثم أمر آخر وهو الإنفاق (ما بذل لها من المال من الجهاز من المهر وتوابعه) فصار له القوامة عليها بالأمرين بتفضيل الله له عليها، وبما بذل من المال”.
وقال الشيخ ابن عثيمين مثل قول الشيخ ابن باز، ولم يكن رأيهما معا نشازا من الأقوال حديثا وقديما، ذلك أنَّ نظرتهم للقوامة لها أصول مبثوثة في بعض تفاسير القدماء، التي ترى أنَّ القوامة امتياز للرجل بسبب فضله على المرأة، كما جاء في تفسير ابن كثير والطبري.
ويشمل هذا الفهم للقوامة أيضاً ما ذهب إليه الشيخ محمد رشيد رضا، الذي اعتَبر بدوره أنَّ سبب القوامة هو تفضيل الله تعالى الرجال على النساء في أصل الخلقة. ولم يكن رشيد رضا الوحيد الذي نقل هذا النظر، بل سواه كثيرون لا يخلو منهم هذا الزمان أيضا، وهم نقلة عن غيرهم من الفقهاء السابقين الذين نقلوا بدورهم الأحكام عن سابقيهم، ونقلوا معها ثقافات أصحابها وظروف عصورهم وأحوال الزمن الذي عاشوه. مونية الطراز (2016).
ويستند المتأخِّرون عما ورد عند بعض المتقدمين من أرا ء من مثل:
قال ابن كثير في تفسير قول الله تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ): “أي الرجل قيم على المرأة، أي هو رئيسها، وكبيرها، والحاكم عليها ومؤدبها إذا اعوجت”. (إسماعيل بن كثير).
قال ابن جرير: “يعني بذلك جل ثناؤه (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ) الرجال أهل قيام على نسائهم، في تأديبهن، والأخذ على أيديهن فيما يجب عليهم لله ولأنفسهم (بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ) يعني: بما فضل الله به الرجال على أزواجهم من سَوقهم إليهم مهورهن وإنفاقهم عليهن أموالهم، وكفايتهم إياهن مؤنهن، وذلك تفضيل الله تبارك وتعالى إياهم عليهن، ولذلك صاروا قُواماً عليهن، نافذي الأمر عليهن، فيما جعل الله إليهم من أمورهن”. (محمد بن جرير الطبري)
وقال الجصاص في تفسير الآية: “قيامهم عليهن بالتأديب والتدبير والحفظ والصيانة، لما فضَّل الله الرجل على المرأة في العقل والرأي وبما ألزمه الله تعالى من الإنفاق عليها، فدلت الآية على معان أحدهما: تفضيل الرجل على المرأة في المنزلة وأنه هو الذي يقوم بتدبيرها وتأديبها، وهذا يدل على أن له إمساكها في بيته، ومنعها من الخروج، وأن عليها طاعته وقبول أمره ما لم تكن معصية، ودلت على وجوب نفقتها عليه”. (أحمد بن علي الرازي الجصاص.)
معنى القوامة في الأنوار المحمَّديَّة
يقول الله تعالى “الرجال” قوَّامون على “النساء” ولم يقل “الذَّكر” قوَّام على “الأنثى”.
لذلك يفهم أهل التصوُّف الرجولة بمعنى أنَّها مقام يؤهِّل ذلك الذكر إلى بلوغ مرتبة يحمل فيها بعضًا من الأنوار المحمديَّة، فلا تكتمل في الذَّكر مقامات الرجولة إلا إذا توفَّرت فيه هذه الأنوار الستة وإن كان حرف الواو مكرّرا فله نوران حسب الشكل فيجب على كل رجل حقيقي أن يتوفَّر فيه ما يلي:
1) البصيرة الناتجة عن السكينة والوقار..
2) نكران الذات كذلك عن السكينة والوقار لتحمُّل عبء الأسرة..
3) امتثال أمر الله في إتيان ما أمر به واجتناب ما نهى عنه..
4) الذكورية مع الميل إلى الجنس ليكون الخلف الصالح..
5) الموت في الحياة من أجل الحق ومعناه ترك الشهوات التي من شأنها أن توصله إلى المحرَّمات أو الشبهات..
6) يكون الفرح الكامل بما رزقك الله لتكون لأنعمه شاكراً ولآلئه ذاكرا..
و متى خلا شيء من نور من هذه الأنوار الستة في الرجل إلا و كان فيه نقص في مقام القوامة، فيكون نقصه على قدر الانتقاص.
و كذلك متى توفرت الأنوار في المرأة إلا كانت مؤهَّلة لإقامة هذا نور القوامة في الرجل. (محمد السعيدي، 2017). لذلك يفهم أهل التصوّف النّسُوّة بمعنى أنها مقام تؤهِّل تلك الأنثى إلى حمل الأنوار المحمدية، فلا تكتمل فيهن النّسُوّة إلا إذا توفرن على هذه الأنوار الستة وإن كان حرف الواو مكرَّرا فله نوران حسب الشكل فيجب على كل امرأة حقيقية أن يتوفر فيها ما يلي:
1) البصيرة الناتجة عن السكينة والوقار..
2) نكران الذات كذلك عن السكينة والوقار لتحمل عبء الأسرة..
3) امتثال أمر الله في إتيان ما أمر به واجتناب ما نهى عنه..
4) الأنثوية مع الميل إلى الجنس ليكون الخلف الصالح..
5) الموت في الحياة من أجل الحق ومعناه ترك الشهوات التي من شأنها توصل إلى المحرمات أو الشبهات..
6) يكون الفرح الكامل بما رزقك الله لتكون لأنعمه شاكرة ولآلئه ذاكرة.
هكذا يفهم المتصوف والمتصوفة القوامة من منطلقات مختلفة جدا عن تلك التي ذهب إليها الفقهاء المتأخرون والذين يجدون فقههم يقود بشكل من الأشكال الى ممارسة شيء من التعضل على المرأة تخرج في صيغ فرض الأب على ابنته زوج معين أو عمل معين. (بليغ حمدي إسماعيل، 2020).
القرآن ومطلب ولاية يتكافأ فيها شركاء المصلحة قوامة وتعضلا
على المستوى العامي لا يوجد أحد منا لم يسمع بتعبير “لا تتعضل علي” أي لا تشتد علي، أي لا تمنعني عن مرادي، أي لا تغلق الأبواب في وجهي. واللافت للانتباه أن عاميتنا ليست فقط ملمة بمفردة تعضل، لأنها لا تستخدمه في قضية الزواج فقط، بل في كل القضايا التي يكون فيه الرجل والمرأة طرفي حوار فيه أخذ وعطاء.
هنا يستحب بنا أن نتساءل هل التعضلات على مستوى الفقه محصورة فقط في قضية الزواج؟ أم أن مقصد الآية الكريمة هو توسيع مدارك الوعي الأسري لكي يحقق كافة مناحي مصلحة الأسرة. هل يمكن إذا توسيع فقه التعضل ليعني القدرة على إنتاج مواقف توافقية بين أعضاء الأسرة حول أفضل كافة السبل لتحقيق “المصلحة” دون تشتيت الأسرة؟
مثلا ماذا لو أرادت فتاة أن تدرس الطب وهو متاح لها ولكن ولي أمرها يصر أن تدرس تخصص التعليم ضد رغبتها فهل يسمى ولي الأمر هنا عاضل وتسقط ولايته في هذا المحور؟
وعلى مستوى عش الزوجية لو تم تقسيم شؤون الحياة بين الزوج وزوجته إلى محاور ومواضيع يجب فيها أن ينجح الزوج بالامتناع عن التعضل مع زوجته لكيلا يتحول إلى فاسق في نظر الشرع. وفي حالة ما قام الزوج بممارسة ولايته على زوجته بنهج التعضل أي بفرض رأي لا يخدم مصلحة الأسرة بشدة فهل في هذه الحالة يسقط شرط السمع والطاعة للزوج في هذا الملف؟
لا يجب أن نستثني في زمن متعولم بثقافات كونية من استثناء تعضل المرأة في صيغة البنت أو الزوجة على الرجل. فكما أن الانخراط في ثقافة توافقية مطلوبة من الرجل فهي أيضا مطلوبة من المرأة. نحن بدون شك في أمس الحاجة إلى إعادة فتح ملف “فقه العضالة أو التعضل” ومن فتح ملف فقه “القوامة” ومن ثم توسيع نطاقه ليكون بشكله المطوّر محور تشكيل وعي شرعي جديد يعطي الرجل والمرأة الحافز الديني على تجنب القوامة بمعنى تعضل الواحد على الآخر وتحفيزهما لتجنّب سلوك فرض رأي ما على الشريك الآخر. بل يجب على الرجل والمرأة وخصوصا الرجل في الثقافة العربية وعلى بنته وزوجته خوض حواراتهم بمعايير التكافؤ بين شركاء المصلحة لتحديد ما هو مصلحة الأسرة وكيف يمكن تحقيقه بشكل لا تعضلاتي أي لا يتعضل الرجل فيه على المرأة ولا تتعضل المرأة فيه على الرجل وذلك ببث ثقافة إنتاج تعريفات أسرية لما هو مصلحتها بشكل ونهج توافقي لا قسري.
وبشكل يسمح للقوامة النورانية من أن تأخذ مجالها. فإذا كانت الزوجة نضجت قوامة أنوارها في شق من المكون السداسي للأنوار المحمدية فعلى الرجل أن يذعن لقوامتها ليتلقى الأنوار عبر زوجته، لا حرج في ذلك ولا عيب، والتاريخ الإسلامي يشهد على نماذج من هذه القوامة؛ فهذا الشيخ الأكبر ابن عربي يتحدث في الفتوحات المكية عن شيخته فاطمة بنت المثنى: “خدمت بنفسي امرأة من المحبات العارفات بإشبيلية يقال لها فاطمة بنت ابن المثنى القرطبي، خدمتها سنتين وهي تزيد في وقت خدمتي إياها على خمس وتسعين سنة، وكنت أستحي أن أنظر إلى وجهها وهي فى هذا السن من حمرة خديها وحسن نعمتها وجمالها تحسبها بنت أربع عشرة سنة، وكان لها حال مع الله، وكانت تؤثرني على كل من يخدمها من أمثالي، وتقول ما رأيت مثل فلان – تقصد ابن عربي – إذا دخل علي دخل بكله لا يترك منه خارجًا عني شيئًا وإذا خرج من عندي خرج بكله لا يترك عندي منه شيئًا”.. (رنده عطية، 2020).
يذكر ابن عربي في مؤلفه أن خدمته للقرطبية وانتفاعه بما أفاض الله عليها من علمه كان أحد أسباب تكلمه بعلم الحروف “علم الأولياء” مقرًا بولادته المعنوية منها دون سواها، وفي هذا يقول: “تصبح المرأة ـ فيما لو أصبحت قطبًا خليفة ـ هي صاحبة الوقت وسيدة الزمان، خليفة اللّه في أرضه، ونائبة سيد المرسلين في أمته، وارثة للاصطفاء والاجتباء والخصوصية الآدمية”. (ابن عربي)
ويقر ابن عربي وطلابه الذين خلفوه من بعده، أن فاطمة المثنى كان لها الدور الأكبر في تغيير نظرة هذا الصوفي للمرأة، وهي القناعة التي عبر عنها بقوله إنه لا مانع تكوينيًا أو كونيًا من وصول المرأة إلى أعلى مراتب الولاية.. وإن كان قد قال أنه لم يقع ضمن خبرته لقاء امرأة في موقع القطب، صاحبة الزمان، الغوث الخليفة. لكنه يرى أن النساء والرجال، يشتركون في جميع مراتب الولاية حتّى في القطبية؛ فكل ما يصح أن ينال الرجل من المقامات والمراتب والصفات يمكن أن يكون لمن شاءَ اللّه لها من النساء؛ لذلك فطريق الولاية أمام المرأة مفتوح.. لا سقف يحدّها إلا مرتبة النبوة وشخص النبي (صلى الله عليه وسلم)، فالمرأة وإن لم تظهر بالفعل في دنيا الناس في موقع القطبية إلا أنّه في قدرتها ذلك، ومن ثم في عالم الروح تتساوى الحظوظ بين المرأة والرجل، وينعكس هذا التساوي في نظرة أعلام الصوفية لها.
علما أن في دراسته المعنونة “التديّن الصوفي في طبعته النسويّة ورهان النوع الاجتماعي: لالة ميمونة رمز الصلاح الأنثوي” يُشير الباحث المغربي مراد جدّي إلى أنَّ التديُّن الصُّوفي أتاح للمرأة موقعاً مُتميّزاً مقارنةً بأنساق التديّن الأخرى. مراد جدّي (2016)،
لكن الكاتب يلاحظ، في دراسته ذاتها، أنّ التمايز بين الذكورة والأنوثة في الحقل الصوفي بشكل عام، “موجودٌ” لكنه ليس ظاهراً كما في غيره من أنماط التديّن، ويمكن تجاوزه، وعدد النساء الصالحات بالنسبة للذكور قليل، إلا أنه يمكن القول، إنّ “تيّار التصوّف كان أكثر تقبّلاً لحضور المرأة داخله، وعددهنّ يتجاوز كمّاً وكيفاً النسبة التي يُمثلنها بين جمهور الفقهاء”. تمام محسن (2019).
وكما يقول الإمام علي بن أبي طالب ر. في رده المعروف جداً والمشهور على الخوارج حينما جعلوا أفهامهم هي المرجعية القاطعة والمطلقة، فجعلوا تأويلاتهم هي المقصودة بقوله تعالى: “لا حكم إلا لله”، وفي سياق التصحيح قال علي بن أبي طالب ر.: “القرآن بين دفتي المصحف لا ينطق وإنما يتكلم به الرجال”. والدلالة الواضحة لهذا المبدأ المهم جداً والخطير، والمُغَّيب تماماً في الخطاب الديني المعاصر: إن عقل الرجال ومستوى معرفتهم وفهمهم هو الذي يحدد الدلالة ويصوغ المعنى. ومن الغريب أن نسمع في قول عرب شرق الجزيرة العربية تعبير ضارب فلانٌ فلانَ ليقصدوا: رفع الصوت عليه. والقران نزل بلغة العرب. لذلك فهم عرب شرق الجزيرة “وَاضْرِبُوهُنَّ” بمعنى التوبيخ الصوتي الصاخب.
وفي عملية التّجَدّل الفهمي الحادث بين تداخل النص الورقي والتأويل البشري يقول حامد نصر بو زيد في سياق فهمه لمقولة علي بن أبي طالب ر. “القرآن بين دفتي المصحف لا ينطق وإنما يتكلم به الرجال” قائلا: هذا كله ينفي وجود “تصادم” بين العقل والنص، وإنما يكون التصادم بين العقل ومن هم خلف سلطة النصوص؛ وذلك أنه حين تتحول النصوص إلى سلطة مطلقة ومرجعية شاملة بفعل الفكر الديني-الثقافي-السياسي تتضاءل العقلانية. والنصوص في هذه الحالة تصبح مملوكة ملكية استئثار لبعض العقول التي تمارس هيمنتها باسم النصوص. والحقيقة أن سعي الخطاب الديني لتكريس سلطة النصوص ولتكريس شموليتها هو في الواقع تكريس لسلطة عقول أصحابه وممثليه على باقي العقول. وهكذا تتكرس شمولية تأويلاتهم واجتهاداتهم. نصر حامد بوزيد (1992).
ختاما، فلا امتياز لجنس على آخر إلا بالمعيار القرآني المتمثل في قوله تعالى: ﴿يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ (الحجرات: 13) وقوله صلى الله عليه وسلم: ” أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى” (مسند أحمد).
د. خالد التوزاني
د. محمد الزكري القضاعي
المصادر
أحمد بن علي الرازي الجصاص، “أحكام القرآن”، دار الكتب العلمية، بيروت 2/236.
إسماعيل بن كثير، تفسير القرآن العظيم، إسماعيل بن كثير، دار المعرفة، بيروت 1/503.
بليغ حمدي إسماعيل (2020)، ” نظرات في التصوف: النَّصُّ الصُّوْفِيُّ.. خِطَابُ إشَارَاتٍ أمْ إحْدَثِيَّاتٌ مَعْرِفِيَّة “، (alittihad.info).
رنده عطية (2020)، “فاطمة القرطبية.. الزاهدة التي زرعت حب المرأة في صدر ابن عربي”، (noonpost.com).
الموقع الرسمي للشيخ عبد العزيز بن باز http://www.binbaz.org.sa
مونية الطراز (2016)، ” نحو تصور سليم لمسألة القوامة مفهوما وممارسة”، (t.arrabita.ma)
مراد جدّي (2016)، ” التديّن الصوفي في طبعته النسويّة ورهان النوع الاجتماعي: لالة ميمونة رمز الصلاح الأنثوي “، مؤمنون بلا حدود.
محمد بن جرير الطبري، ” جامع البيان عن تأويل آي القرآن”، تحقيق د. عبد الله التركي، دار هجر 6/687.
د. محمد بن سعد المقرن (2016)، ” القوامة الزوجية أسبابها، ضوابطها، مقتضاها “، مجلة العدل.
محمد السعيدي (2017)، ” معنى القوامة على الأنوار المحمدية”، (soulouk.com).
محمد الزكري (2019)، ” فقه “التعضل” القرآني ومطلب ولاية يتكافأ فيها شركاء المصلحة”، (middle-east-online.com).
مسند أحمد – بَاقِي مُسْنَدِ الْأَنْصَارِ- إن ربكم واحد وإن أباكم واحد، حديث رقم22978.
نصر حامد بوزيد (1992)، ” الإمام الشافعي وتأسيس الأيديولوجية الوسطية”، مكتبة مدبولي.
تمام محسن (2019)، “”كَعَبَات” غير مرئيّة في حفلات الذِكْر… صوفيّات فلسطين”، رصيف22.
تفسير المنار، رشيد رضا، 5/56.