قراءة نقديَّة في كتاب (إشكاليَّات التعليم الإلكتروني وتحدّياته في ضوء جائحة كورونا)

image_pdf

 

1- مقدمة:

دفعت جائحة كورونا المؤسسات التعليمية في مختلف دول العالم إلى تطوير بدائل مناسبة ومبتكرة للتعامل مع الواقع الذي فرضته الجائحة. أهمها الانتقال إلى التعلم عن بعد، وتدريب أعضاء هيئة التدريس على استخدام برامج التعليم ومواده وأدواته عبر الإنترنت. وبما أن التعليم الإلكتروني جديد في عالمنا العربى على الأقل، فقد صاحبته إشكاليات التعليم الإلكتروني العديد من العوائق والمعضلات التي من الممكن تجاوزها مسـ تقبلاً. لهذا، حاول وتحدياته في ضوء جائحة كورونا العديد من الباحثين إيجاد مقترحات ممكنة لمختلف هذه المعضلات من أبرزهم الأستاذ الدكتور علي أسعد وطفة في كتابه الأخير (إشكاليات التعليم الإلكتروني وتحدياته في ضوء جائحة كورونا، قراءة سوسيولوجية في جدليات التفاعل والتأثير). تناول من خلاله مظاهر التفاعل بين الأزمة التي أحدثها فيروس كورونا والتعليم الإلكتروني عن بعد في مختلف مستويات المراحل التعليمية. كما قدم تصوّراً شموليّاً لتأثيرها في العملية التعليمية. خاصة بعد إغلاق المدارس والمؤسسات الأكاديمية في مختلف أنحاء العالم.

2- هذا الكتاب

صدر هذا الكتاب في طبعته الأولى عن مركز دراسات الخليج والجزيرة العربية بجامعة الكويت، سنة 2021، في 425 صفحة من الحجم المتوسط. يتكون من مقدمة وعشرة فصول وخاتمة. جاءت كالتالي:

الفصل الأول (كورونا من الصدمة إلى الأزمة)، الفصل الثاني ( في مفهوم التعليم الإلكتروني وإشكالاته من التعليم عن بعدِ إلى التعليم الإلكتروني)، الفصل الثالث (الأطفال في مواجهة الإعصار .. جيل في مهب كورونا)، الفصل الرابع (التعليم عن بعد بوصفه خياراً إستراتيجياً: تجارب عربية وعالمية )، الفصل الخامس (التجربة التربوية لدول الخليج العربي في مواجهة كورونا، الفصل السادس ( من التعليم التقليدي إلى التعليم الإلكتروني: أنظمة التعليم الأساسي في مواجهة الجائحة أنموذجاً)، الفصل السابع (التعليم العالي والجامعي في مواجهة كورونا تجارب عالمية وعربية)، الفصل الثامن (مسـ تقبل التعليم العالي والجامعي في ظل أزمة كورونا)، الفصل التاسع (مستقبل التعليم العام فيما بعد أزمة كورونا)، الفصل العاشر (كورونا: دروس وعبر: هل ستؤدي صدمة كورونا إلى، يقظة التربية العربية؟ )، ثم خاتمة عامة (كيف نحوّل الكارثة إلى فرصة).

3- أهمية الكتاب:

تكمن أهمية هذا الكتاب في مسألتين أساسيتين. ترتبط الأولى بالباحث علي أسعد وطفة أستاذ علم الاجتماع التربوي بكلية التربية (جامعة الكويت)، الذي ارتبط اسمه بالعديد من المؤلفات. نذكر من بينها: «العنف والعدوانية في التحليل النفسي»، و «الجمود والتجديد في العقلية العربية»، و «بنية السلطة وإشكالية التسلط التربوي في الوطن العربي»، و«التنشئة الاجتماعية في دولة الكويت»، و « المدخل إلى التربية»، و«الشباب والمرأة»، و«الشباب قيم واتجاهات ومواقف»، و «التربية وحقوق الإنسان». كما ترجم مجموعة من الأعمال الهامة. مما مكنه من تعميق البحث بشكل متميز في قضايا التربية والتعليم والعولمة والثقافة. لما عرف عنه من حصافة فكرية ونزعة نقدية عميقة. أما المسألة الثانية، فتتجلى في تركيز الكتاب على إشكالية شائكة. ترتبط بقضايا التربية والتعليم في زمن كورونا. مما جعله، يحرز قصب السبق في هذا الجانب الشديد الأهمية على مستوى الموضوع. علاوة على كونه يتميز بأسلوب ومنهجية جديدين من خلال بحثه في التفاعل والتأثير بين مختلف عوامل هذه القضيّة ومتغيّراتها، واستقصائه لمختلف الجوانب الإشكالية التي تتعلق بالتربية والتعليم الإلكتروني.

4- المقدمة

حدد الأستاذ الدكتور علي أسعد وطفه في المقدمة إشكاليات التعليم الإلكتروني وتحدياته في ضوء جائحة كورونا. لأن الجائحة الحالية تمثل حسب تصوره ظاهرة عالمية كوكبية. ترسم مفصلاً تاريخياً لمرحلة جديدة في تاريخ الفكر الإنساني. فالكارثة اليوم لا تتمثل جوهريًا في الأعداد الهائلة للمصابين بالجائحة، بل في مضاعفاتها الهائلة في مختلف مجالات الحياة. لهذا، انطلقت الدراسات التربوية والأبحاث العلمية في محاولة للكشف عن الجوانب المظلمة للأزمة، وابتكار وسائل المواجهة وطرق الدفاع والحماية، ودراسة التأثير البعيد والقريب لهذه الأزمة في المجتمع الطلابي على مستوى الكوكب، في محاولة جادة لفهم ما يجري. ومن ثم الانطلاق إلى مواجهة التَّحديات الصَّعبة التي لم يشهد لها التاريخ مثيلاً. دفعت المؤسسات التعليمية في مختلف دول العالم إلى تطوير بدائل مناسبة ومبتكرة للتَّعامل مع الواقع الذي فرضته الجائحة أبرزها الانتقال إلى التعلم عن بُعْدِ، وتدريب أعضاء هيئة التدريس على استخدام برامج التعليم ومواده وأدواته عبر الإنترنت.

5- الفصل الأول / كورونا من الصدمة إلى الأزمة

يستعرض الفصل الأول إشكالية الصدمة الأولى للفيروس التي أدت إلى الإغلاق الشامل للمدارس والمؤسسات التعليمية وما ترتب على هذا الأمر من تحديات فرضت نفسها على التعليم ومؤسساته في مختلف أنحاء العالم. وكان من أكثر القطاعات تأثراً هو مجال التربية والتعليم. فقد فرض الخوف من العدوى وضرورة التباعد الجسدي محاذير أصابت العملية التعليمية التقليدية في مقتل. وتمَّ اللجوء إلى إغلاق المؤسسات   التعليمية، والاستعاضة عن الدرس التقليدي الحضوري ببعض البدائل، من أهمها التعليم الافتراضي، أو التعليم عن بُعْدِ. ولئن وحد الخوف والهلع من جائحة كورونا الإنسانية، فإنَّ مختلف المشكلات التي أنتجتها هذه الجائحة قد عمقت الفوارق بين الدُّول النَّامية والدول المتقدّمة، مثلما عمقتها داخل المجتمع الواحد بين الفقراء والأغنياء وهكذا فإنَّ الخبراء والباحثين والمنظمات الدوليَّة يتوقعون أن تمتد آثار جائحة كورونا السلبية إلى الأجيال القادمة، وأنَّ البشريّة ستحتاج وقتاً طويلاً لمعالجة تلك الآثار، وأنَّ تاريخ الإنسان ما قبل كورونا على هذا الكوكب لن يكون كما بعده.

6- الفصل الثاني / في مفهوم التعليم الإلكتروني وإشكالياته من التعليم عن بُعْد إلى التعليم الإلكتروني):

تناول الباحث في هذا الفصل مفهوم التعليم الإلكتروني وتداخلاته مع مختلف المفاهيم المتاخمة له مختلف المستويات التعليمية. لأنَّ هذه المقارنة بين مفهومي التعليم الإلكتروني والتعليم عن بُعْدٍ في حالة الطوارئ، ستمكّن في المستقبل من تعقب آثار التعليم في حال الطوارئ، وتأثيرها في الثقافة التربوية العامة، وفي الرأي العام حول صلاحية التعليم عن بُعْدٍ في مستقبل التربية والتعليم في العالم. كما ستساعد المقارنة بين هذين المفهومين على فهم أعمق لفلسفة التعليم الإلكتروني ومضامينه التربوية. وتعزّز فهمنا لخريطة المفاهيم وشبكاتها التي تغطي مختلف أشكال التعليم عن بُعْدٍ وتجلياته الإلكترونية على كلُّ التصورات السائدة التي تحيل التعليم الإلكتروني إلى مجرد ممارسة تكنولوجية لنقل المعلومات عن بُعْدِ. يأخذ التعليم الإلكتروني حسب الباحث صورة منظومة معرفية حيّة متكاملة الأبعاد قوامها التفاعل الحيوي بين الثورة الرقمية والفكر التربوي في أكثر تجليَّاته أنسنة وتميزا. وهنا يجب علينا أن نلح على أهمية الفصل بين التعليم عن بعد في حالة الطوارئ التي شهدها العالم على مدار سنة (2020)، وبين التعليم الإلكتروني الذي يحتاجُ إلى درجة كبيرة وعالية من الإعداد والتنظيم. لهذا، يرى الباحث أن التعليم عن بُعْدِ الذي فرضته حالة الطوارئ، لا يخرج عن التعليم التقليدي عن بغدٍ. حيث يتم نقل المعلومات بصورة جامدة وفقًا للمنهج التقليدي في التَّعليم. لهذا، يختلف التعليم الإلكتروني عن التعليم التقليدي عن يُغد في المستوى والدرجة والقيمة. لكونه يقوم على فلسفة محددة وأهداف مصممة لتحقيق أفضل مستويات التعليم والتربية عند الأطفال والناشئة. لكن ليس ممكنا أبدًا تبنّي هذا التعلم الإلكتروني من دون فلسفة جديدة للتعليم. تتوافق مع تطورات العصر في أكثر مظاهره الرقمية الذكية حضورًا وتطورًا. يقوم التعليم الإلكتروني في فلسفته التربوية على إزالة الحواجز بين الأطفال في دائرتي المكان والزمان.

7- الفصل الثالث / الأطفال في مواجهة الإعصار جيل في مهب كورونا.

كرّس الباحث الفصل الثالث لمعالجة التأثيرات التي فرضتها جائحة كورونا على أطفال العالم وعلى حياتهم ونشاطاتهم في مختلف أنحاء العالم. فمن نافلة القول التَّذكير بأنَّ الأطفال والناشئة يعيشون في ظلُّ ثلاثة فضاءات حيوية للتنشئة الفضاء الاجتماعي، والفضاء الطبيعي، والفضاء المدرسي). تتكامل هذه الفضاءات في عملية التَّشكيل الرُّوحي والنفسي والجسدي للطفل. كما تُبنّى شخصيته من خلال تفاعله في المدرسة مع أقرانه وفي النوادي والملاهي. وبحلول الأزمة وتطبيق الحجر الصحي، فقد الطفل جناحي وجوده. إذ حُرِمَ من الفضاء الاجتماعي (المدرسة) ومن الفضاء الطبيعي. وهذا أدى إلى نوع من التدمير الكبير في شخصيَّة الطفل وكينونته الاجتماعية. مما أفضي في المحصلة إلى وضعية شديدة التأزم. أثرت بصورة مباشرة في تنشئة شخصية الطفل وتربيته. أما الفضاء الثالث (الجو الأسري)، فهو مشبع بمسؤوليات كبيرة جدًّا.صعب على أفراد الأسرة جميعًا تحمل هذا الضَّغط الكبير الهائل الذي أخذ أبعادًا عدة سيكولوجية،وتربوية،واجتماعية ضاغطة وخطيرة بمعنى أنه مهما يكن من التسليم بقدرة التعليم الإلكتروني في المنزل على أن يحلَّ جزئيًّا إشكالية التعلم والتعليم، فإنَّ هذا التعليم عن بُعْدٍ ينأى عن القصدِ في مجال بناء الشخصية. وهنا تكمن حسب الباحث إحدى أكبر مشكلات الحجر الصحي والتعليم عن بعد. لكن على الرغم من كلَّ الفروض، فيظل سؤال مهم قائم يدور في خلد الكثيرين مفاده: هل سيستمرُّ زخم التعلم الإلكتروني فيما بعد كورونا، أم أنه سيختفي وتعود الأمور إلى مسارها السابق؟ على الرغم من تتعدد الآراء هنا بين من يظن أن تعود الأمور إلى ما كانت عليه، ومن يعتقد أنَّه لا رجعة عن التعليم الإلكتروني الذي طال انتظار التحول إليه بشكل أكبر.

8- الفصل الرابع / التعليم عن بُعْدٍ بوصفه خياراً إستراتيجيّاً ( تجارب عربية وعالمية):

عالج الباحث في هذا الفصل التعليم عن بُعْدِ بوصفه خياراً إستراتيجيّاً لمواجهة الأزمة في مخلف التجارب العربية والعالمية. وصف الباحث تجربة الخليج في مواجهة كورونا بالتجربة الناجحة والمميزة بالمقارنة مع الدول العربية الأخرى. فقد سارعت دول الخليج العربي إلى احتواء الآثار السلبية لهذه الأزمة، وتمت إدارتها بدرجة عالية من المهنية والقدرة على التكيف واستطاعت أغلب الأنظمة التَّعليمية تحقيق الانتقال السلس إلى التعليم عن بُعْدِ في حالة الطوارئ لمتابعة الدراسة والتحصيل العلمي للطلبة والتلاميذ في مختلف المراحل التعليمية. فمهما يكن من أمر، فإنّه بقدر ما انطوت عليه هذه الجائحة من صعوبات جمة، إلا أنها تمثل فرصة حد ذاتها للاستفادة منها. لأن لدى دول الخليج القدرة على تحقيق إنجازات تتجاوز مجرد استعادة  الأمور إلى سابق عهدها.

9- الفصل الخامس / التجربة التربوية لدول الخليج العربي في مواجهة كورونا

كرس الأستاذ الدكتور وطفة الفصل الخامس للبحث في معطيات التجربة التربوية لدول الخليج العربي في مواجهة الأزمة. فقد كانت هذه التجربة فريدة من نوعها. نظراً لتميّز دول الخليج بقدراتها المالية الكبيرة وبدرجة عالية من النمو الاقتصادي والتقدم العمراني والتَّعليميّ في مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية. حيث شكلت أزمة كورونا، منطلقًا وحافزًا دفع دول الخليج العربي إلى إعادة هيكلة التعليم

بأنظمته وفلسفاته وتوجهاته، وإحداث تحولات جذرية في مسيرة بناء الهوية التعليمية. الفصل السادس / من التَّعليم التَّقليدي إلى التعليم الإلكتروني (أنظمة التعليم الأساسي في مواجهة الجائحة أنموذجا) :

استعرض الباحث في الفصل السادس إشكالية العلاقة بين التَّعليم التَّقليديّ والتَّعليم الإلكتروني. كما تناول الخصائص التي تميز كلاً منهما في سياقه التاريخي من أجل البحث في الكيفيات التي يتم فيها الانتقال. إلى التعليم الإلكتروني عن بعد في ظل الكارثة. لكن انعكست تحدّياتِ التجربة الحالية في التعليم عن بُعْدٍ في حالة الطوارئ كثيراً بصورة سلبية على بنية الرأي العام حول صلاحية التَّعليم عن بُعْدٍ ومدى قدرته على التجاوب مع احتياجات التعليم ومتطلباته الحضارية. حيث قام المعلمون بنقل المحتوى الجامد عن طريق الشبكة بصورة جامدة لا حياة فيها. وصف الباحث هذا الأسلوب بكونه صورة سلبيَّة من التَّعليم التَّقليدي الذي يُنقل عبر الإنترنت. بمعنى أنَّ التَّعليم عن بُعْدِ الذي نشاهده اليوم، هو التَّعليم التَّقليدي عينه. لكونه لم يتغير إلا في طريقة النقل. لذا، فإن الآباء والمعلمون والطلاب، صُدموا بسلبيات هذا التَّعليم، وتوهموا أنَّ التَّعليم الإلكتروني النموذجي لا يختلف عن الذي يشاهدونه اليوم ويجربونه بصورة اعتباطية. لكنهم حسب الباحث، لا يعرفون مزايا التعليم النموذجي الإلكتروني. خلص الباحث في هذا الشأن إلى تصور كانط الذي يذهب إلى أن تربية الأطفال وفقًا للمفهوم الإنساني، لا يجب أن تُشتق من مقتضيات أحوالهم الراهنة، لكن من مستلزمات الأحوال المستقبلية المتطورة للجنس البشري. بمعنى أن المنهج التربوي ترسمه حركة التاريخ العام، وليس تجارب الماضي.

10- الفصل السابع / التعليم العالي والجامعي في مواجهة كورونا تجارب عالمية وعربية:

كرّس الفصل السابع لمناقشة التحديات التي فرضت نفسها على التعليم العالي والجامعي في مواجهة كورونا في سياق التجارب العالمية والعربية. كما بحث الكيفيات التي اعتمدتها مختلف البلدان في التصدي للكارثة ومتابعة التحصيل العلمي عن بعد في ظروف كورونا وتعقيداتها. فعلى الرغم من أن معظم مؤسسات التعليم العالي لم تستثمر تقليدياً في التعليم الإلكتروني والتعليم عن بُعْدِ بوصفهما ركيزتين أساسيتين في تجربة التعليم الجامعي، فإنَّ أزمة كورونا جاءت لترسيخ إيقاع التغيير القائم على الذكاء الاصطناعي الذي بدأ يحدث تغيرات جوهرية في بنية التعليم العالي وإستراتيجياته. فمن المؤكَّد أنَّ الأزمة الحالية ستؤدّي إلى تسريع هذا الاتجاه الرقمي في مختلف الجامعات في العالم. وربما ستؤدّي كذلك تجارب التعليم عن بُعْدِ التي فرضتها كورونا على الجامعات والمؤسسات الأكاديمية إلى تعزيز التوجهات المستقبلية وإلى تحديث التعليم الجامعي، وترويضه على معطيات.

11- الفصل الثامن / مستقبل التعليم العالي والجامعي في ظل أزمة كورونا

تناول الباحث في هذا الفصل مستقبل التعليم العالي والجامعي في ظل أزمة كورونا باعتبارها تجربة مؤلمة وصعبة على المجتمعات الإنسانية التي عليها أن تعدَّ العدّة، وتوفّر الطاقات والإمكانات المتاحة لضامن مستقبل آمن للأطفال والطلاب والناشئة في مجال التربية والتعليم. مما تطلب اجتراح المبادرات العلمية الذكية في مواجهة الأزمات والتغلب على أشدّ التحدّيات والأزمات. وهنا لابدَّ للمؤسسات التعليمية من أن تتبنى الابتكارات العلمية والإلكترونية الجديدة، وأن تعمل على استكشاف الحلول الإبداعية لمختلف المشكلات التي يمكن أن تواجه سري العملية التربوية في مستقبل الأيام. وعليها أيضًا العمل المستمر لتطوير إمكانياتها وزيادة فعالياتها الإبداعية في مجالٍ تبنّي التكنولوجيا الحديثة الذكية المتطورة في وبعد هذا كلّه يمكن القول: إنَّ هناك جامعات متقدمة تقوم بالتعلّم النّموذجي عن بُعْدٍ في أفضل المستويات التربوية.

12- الفصل التاسع / مستقبل التعليم العام فيما بعد أزمة كورونا

أما في الفصل التاسع، فقد ركز الباحث على مستقبل التعليم العام والأساسي فيما بعد أزمة كورونا. فتحت تأثير كورونا، بدأ الآباء والطلاب والمعلمون في جميع أنحاء أوروبا يتكيفون مع الوضعية الجديدة للتعليم عن بُعْدِ الذي يتجه إلى أن يكون تعليماً إلكترونيّاً نموذجيًا بامتياز. وحين تبدأ المدارس في إعادة فتح أبوابها من جديد، فإن هذا الأمر لن يتطلب التكيف مع استخدام التكنولوجيا، بل تطوير هذه التكنولوجيا التعليمية وإعداد المحتويات الإلكترونيّة والترسانات الرَّقميّة ضمن قوالب تربوية جديدة ومتطوّرة ومتكيفة مع متطلبات الثورة الرَّقميّة في مختلف مجالات الحياة الإنسانية.

الفصل العاشر / كورونا: دروس وعبر، هل ستؤدي الصدمة الكورونية إلى يقظة التربية العربية؟ يستعرض الفصل العاشر الدروس والعبر المستفادة من أزمة كورونا، كما يبحث في الوضع العربي المتأزم وصيرورة الانتقال التربوي إلى عالم الثورة الرقمية تحت تأثري الصدمة. كما يبحث في الكيفيات التي يمكن فيها للأزمة أن تحرّض المدرسة العربية على التفاعل مع معطيات العصر وتحولات الثورية في مستقبل الثورة الصناعية. من هنا يكرّر المفكرون عبارة: إن ما بعد كورونا لن يكون كما قبلها.

13- الخاتمة: كيف نحوّل الكارثة إلى فرصة؟

خلص الباحث وطفة إلى أن النَّقطة الأكثر أهميَّة التي وقف عليها الإنسان بفضل الصدمة، هي هذا الارتباط المصيري بين التربية والاقتصاد وحركة التطور المعاصرة التي تنتشر بلا حدود على صورة ثورات علمية رقمية متدفقة في إطاريّ الزمان والمكان. حيث اكتشف للتوّ أنَّ التربية التي لا تتحرَّك في هذا الفضاء، سيُحكم عليها بالفناء والاندثار. لأن مواكبة المدرسة للثورة الصناعية الرابعة مصير حتمي إذا أرادت التربية، ومن ورائها المجتمع الاستمرار في الوجود وظيفيًا وحضاريًا. مما يؤسس حسب الباحث لنزعة ثورية في التربية والتعليم. تقوم على تحرير المدرسة من براثن الممارسات التقليدية المتآكلة والمتهالكة في مختلف الأبعاد والتجليات.
_____________

قراءة نقدية في كتاب الدكتور علي أسعد وطفة :

إشكاليات التعليم الإلكتروني وتحدّياته في ضوء جائحة كورونا

(قراءة سوسيولوجيّة في جدليات التفاعل والتأثير)

الناشر: مركز دراسات الخليج والجزيرة العربية – جامعة الكويت – 2021 .

عدد الصفحات: 425 صفحة

عرض وتقديم: د. نادية بلكريش مديرة تربوية، باحثة في المجال التربوي.

جديدنا