بعد كتابه الأول ( المغرب في عيون مصرية) ، يعود الصحفي المصري أيمن عبد العزيز في كتاب جديد بعنوان (المغرب من قريب، يوميات صحفي مصري ) وقد جاء في 244 صفحة تتقاسمها مقدمة وثمانية أبواب موضوعاتية، يستعيد فيها ملامح الحياة كما رآها بعين العاشق المتيّم، باحثا عن الجمال والسحر في الأمكنة والصداقات وفي الزمن المغربي منتقلا بين الرباط وكازابلانكا وخريبكة وطنجة وتطوان ومراكش، وما تستدرجه من تفاصيل حية ومليئة بالحياة والحب والصداقة.
ومما جاء في التقديم لهذا الكتاب والذي يُلخص رؤية وبرنامج الرحلة بكل هواجسها ومشاعرها وخلفياتها الثقافية:
“وكأنني على موعد مُقدر مع هذا البلد الجميل الذي أحببته، وأشعر أنه بات يبادلني الحب، فمنذ أن تعرفت عليه، أصبح يشدّني إليه حنين وعشق يتجددان مع كل زيارة وألفة ومعرفة بالمكان والبشر تتزايدان رحلة بعد رحلة.
تغيرت أشياء كثيرة، بدءًا من هذه الرحلة، فرغم أنه قد سبقتها سفريات سبع تجولت فيها بعدة مدن مغربية، وتلتها رحلات أخرى، فإن تلك الرحلة كانت مختلفة وحافلة بالدروس، وبعض المنغصات المزعجة، لكن بعض ما نواجهه في السفر من ظروف ومواقف غير متوقعة يتحول فيما بعد لمجرد ذكريات لا تصلح إلا موضوعا لطيفا للحكي والتندر والتعلم.
في كل رحلاتي السابقة للمغرب، كنت أتصرف وأتعامل من منطلق أنني سائح يقضى بضعة أيام متجولا بحرية هنا وهناك، دون برامج تقيد حركته، ودون التزام بميزانية محددة لفعل شيء ما، فقط تمضية وقتي في الاستمتاع بالسفر والاكتشاف”.
لكن بداية من تلك الرحلة تغير كل ذلك، فلأول مرة أسافر في إطار مهني محدد، وهو العمل مراسلا صحفيا، ولفترة قد تطول أو تقصر تبعا لتحقيق بعض الأهداف، مع اتساع الأعباء، وزيادة التنقل بين المدن للعمل، وأيضًا لتجديد أواصر المحبة مع أصدقاء قدامى واكتساب آخرين جدداً، كما كان على الالتزام بميزانية صغيرة، زاد من تأثيرها الضاغط التغير الحاد لسعر صرف الجنيه المصري، وتراجع قيمته الشرائية.
كل تلك الاعتبارات فرضت عليّ أن أنغمس مضطرًا في تفاصيل مالية وحسابات حياتية مزعجة، رغم أنني من أكثر الناس مقتا للتركيز في التفاصيل والحسابات وهي مقدمات مختلفة أدت بالتالي لنتائج وانطباعات مختلفة في تلك الرحلة عن سابقاتها. ورغم بعض الإخفاقات فإنني حققت عدة نجاحات، سعيت لبعضها وقادني القدر الجميل لأغلبها، ويبقي المكسب الأهم هو ؛ حجم المشاهدات وعمق التفاعلات والدروس المستفادة.
في هذا العمل أحاول أن أرسم ملامح بعض المدن التي تنقلت بينها والأماكن التي زرتها أو مررت بها، وأن أحكي بعض تفاصيل مواقف كاشفة عايشتها، وأسجل شهادات بعضها سلبي وأكثرها إيجابي، وأدوّن ذكريات ومواقف جميلة، حفرت في وجداني مع أصدقاء رائعين اقتربت منهم وتفاعلت معهم أولا من خلال تجربة عملي مراسلا صحفيًا للأهرام لثلاثة أشهر ونصف الشهر في الربع الأخير من عام 2018 وبعد ذلك من خلال ثلاث رحلات عمل سريعة بين عامي 2020 و2022، مع عودة سريعة للوراء قليلا أحيانًا، لاستعراض تاريخ علاقتي بهذه المدن والأماكن وهؤلاء الأصدقاء. وأعتبر تلك الرحلة، وهذا العمل، إضافة واستكمالا لتجربتي وشهادتي التي سجلتها في كتابي الأول “المغرب في عيون مصرية”ّ.