التنويريمكتبة التنويري

صدور كتاب “التربية المعاصرة وتحديات التطوير”  للدكتور بليغ حمدي إسماعيل

صدر حديثا عن وكالة الصحافة العربية ( ناشرون ) كتاب “التربية المعاصرة وتحديات التطوير ”  من تقديم وتحقيق الدكتور بليغ حمدي إسماعيل أستاذ المناهج وطرائق تدريس اللغة العربية بجامعة المنيا بجمهورية مصر العربية، وتضمن الكتاب مجموعة من المقالات التربوية المتخصصة في المناهج وطرق التدريس، وعلم النفس، والتربية اللغوية لمجموعة من رواد التربية الأوائل الذين رصدوا المشهد التربوي والتعليمي منذ منتصف القرن العشرين.

ويؤكد الدكتور بليغ حمدي على ثمة حقائق من أجل تطوير التربية العربية الراهنة، فنحن بحاجة ماسة إلى تجديد الخطاب التربوي نفسه، وإيجاد إطار مرجعي يحكم الظاهرة التربوية التي تمارس في مؤسساتنا التعليمية الضاربة بالوطن العربي شرقا وغربا، وإذا كانت الحياة اليوم تتسارع بصورة رهيبة، فبات أولى الاكتراث بضرورة تنويع خطابنا التربوي العام مستهدفين خلق جيل جديد من الطلاب يستطيعون مواجهة تحديات المستقبل. وإذا كانت التربية الفوقية التي تصدر عن صانعي القرار التعليمي لا تعكس واقعنا المدرسي الحقيقي، وهذا يزيد من تفاقم أزمة التربية التي قد تشارف نهاياتها إذا لم ندرك المفارقة القيمية بين قرار تربوي يصدر، ومشهد تعليمي مغاير.

ويطرح الدكتور بليغ حمدي إسماعيل في تقدمته للكتاب مجموعة من التساؤلات التي تثير الذعن حيث يقول : ” ونحن بالفعل أمام ملامح عصية على التأويل وصعبة المراس في تفسيرها أيضا، تلك الملامح التي لا يمكن حصرها وقصرها على وجود إدارة تعليمية فاشلة وباهتة وأكثر خيبة لواقع تعليمي متأزم بالفعل، ولا على مستوى المعلم الذي صار ينتظر قرارات وزارته كمن يقبع خلف باب زنزانته انتظارا لأخذه غرفة تنفيذ حكم الإعدام من خلال قرارات وتعليمات ودورات تدريبية وهمية وورش عمل كارتونية، وتطبيق أنظمة لا تصلح لبيئة تعليمية تحتاج إلى تطهير شامل وكامل”.

ويستطرد قائلا في المقدمة : “وماذا أيضا ؟ نكتشف على الدوام أننا نمارس قبيل المعاناة عشوائية في التخطيط التربوي لمؤسساتنا التعليمية، وبسؤال لأحد أساتذتي الذين غفل عنه صانعو القرار التربوي رغم أنه الرائد في مجال التربية الراهنة عن عدم وجوده في مكان صناعة القرار التربوي أفادني بأن السياسة التعليمية العربية منذ سنوات بعيدة لا تشجع على الاستقرار، وأن القادم يطبق فكرة تربوية ستمحي بعد زوال منصبه وهكذا، أصبحت لدينا قناعة بأننا نعشق الانطلاق من نقطة الصفر”.

ويشير الدكتور بليغ حمدي إسماعيل إلى نقطة الصفر الغالبة على سياساتنا التربوية تجعلنا نؤكد على ملمح رئيس للتربية العربية التي تشارف على النهاية ؛ أحادية الرؤية التربوية، فمشكلة التخطيط لا تزال تقف عند عائق الأحادية وجنوحها بغير اكتراث أو اقتناع للأخذ بفكرة المشروع الجماعي للتخطيط، حتى ورش العمل والندوات الجمعية التي تعقد ليل نهار بمؤسساتنا التربوية العربية نجدها تدور حول فكرة محددة سابقا وهو أمر محمود، لكن غير المحمود أن هناك ثمة محاور ثابتة لا يمكن الخروج عنها رغم كوننا نردد صباح مساء بضرورة إمطار الأدمغة وتكريس ثقافة العصف الذهني للرؤى والطروحات النقدية البناءة.

ولا يمكن اقتناص أزمة المؤسسة التربوية العربية في المنتفع الأول بها، ألا وهو الطالب نفسه، الذي يظل المصطلح حائرا على تسميته ؛ فمرة يدعى طالبا، ومرة أخرى تلميذا، ومرة ثالثة متعلما بحجة الالتزام بتطبيق استراتيجيات التعلم النشط. وهو في الحقيقة رغم شغبه واستمرائه الفوضى مسكين يستحق الشفقة ؛ لأنه ضحية بعض الإدارات التعليمية الفاشلة التي قد تعاني من فقر الإعداد التربوي المهني، ومعلم خائب لم يكترث بالحصول على درجات علمية تتخطى حاجز الشهادة الجامعية الأولى، ومناهج بائسة انتهت صلاحيتها التعليمة في ظل عالم تربوي متسارع ومتصارع معرفيا ومهاريا.

والكتاب بطرح مسألة التربية باعتبارها مهمة وأمانة وقضية وجود ضد الذين يتزاحمون على أمر التعليم ومشهد التعلم، فحتى الذين لا يدركون كنه التربية، يفطنون حد اليقين أننا على مشارف نهايتها التي تبدو منطقية بعض الشيء، وهذا الوعي الذي امتثل ليقين الفعل جاء من سؤال مفاده هل تمتلك المؤسسة التعليمية العربية مقومات التربية؟. والسؤال بهل يقتضي دوما إجابة بالإيجاب أم بالنفي، وفي المشهد التعليمي الراهن وفي ظل أزمات التربية المتلاحقة تغدو الإجابة الحتمية بالنفي غالبا.

كما يشير الدكتور بليغ حمدي إلى أن التربية ليست في عين الكثيرين علماً قائماً بذاته، بل إنها لا تزال تشق طريقها في سبيل الوصول إلى درجة اعتبارها علماً من العلوم. أو يكون مرد ذلك إلى أصل الكلمة التاريخي؟ إذ أنه قد ورد أن كلمة “مربي” تعني العبد الذي كان يقود ابن سيده إلى المدرسة. وإذا كان للتربية في أكثر بلدان العالم، من أهمية فهي إنما تكمن لدى مدرسي الصفوف الابتدائية، لأنهم يؤمنون بالتربية، أما المدرسون الثانويون فهم يعتقدون بأن إتقان الاختصاص هو خير سبيل للقيام بواجب التربية. كما يعتقد آخرون بأن التربية ما هي إلا فن من الفنون أو عملية بدهية أو موهبة طبيعية. وهكذا فإن بعض الجامعات لم تخصص إلا قبل سنوات قليلة فرعاً للتربية فيها. وحتى دار المعلمين فهي لا تخرج مربين نموذجيين بل إن تلامذتها غالباً ما يتهيأون لوظائف بعيدة كل البعد عن مهمة التربية.

ولكن ما هو المبرر الذي يحول دون إقبال الناس على فرع التربية؟ ولعل الجواب هو أن أجرة المربي ضئيلة جداً بالنسبة لأجرة الاختصاصي الفني. والسبب المادي، بلا ريب، هو العامل الفعال في عدم إقبال الناس على هذا العلم. ثم إن مسألة التربية أصبحت بالنسبة للبلدان المتقدمة غير ذات بال إذا صح القول، بمعنى أنها مسألة ميسورة ومفروغ منها.

أما في البلدان النامية فالاهتمام بالتربية يبدو أشد وأقوى برغم من أن نتائجها ليست بمستوى البلدان المتقدمة، أما سبب بروز هذا الاهتمام من الدول النامية بشكل واضح فلأن حكومات هذه الدول تعتبر، وهذا حق، أن مشكلة التربية هي في أساس بناء المجتمع الحديث. على أن هناك أمراً مهماً يخص التربية وهو أن هذا العلم أو هذا الفن إنما هو واحد عند الشعوب إن من جهة إثارته اهتمام جميع هؤلاء، أو من حيث أن مواضيعه متشابهة في كل زمان ومكان ولعل أبحاث مربين كبار هو خير دليل على هذا الرأي.

ومهما يكن من أمر فإن علينا واجباً ومسؤولية كبريين في تثقيف الأجيال الجديدة وتربيتها. فكل دولة من الدول ملزمة بالمساهمة في مهمة تعميم التربية ونشرها، بحيث أن تجربتها الخاصة يجب أن تتعدى حدودها للتفاعل مع تجاوب الغير، كل ذلك لخير الإنسانية.

ويتضمن الكتاب من مجموعة من الفصول منها :

الفصل الأول ــ مشكلات التربية المعاصرة: وتضمن الحديث عن التربية والتطور، والتربية التقنية، والتربية الديموقراطية، والمستجدات المباشرة لعلمي النفس والاجتماع، والمسائل التربوية الجديدة.

الفصل الثاني ـ اللغة العربية والغاية من تعليمها: وتناول الحديث عن التهجي والمطالعة.

الفصل الثالث ـ المحفوظات والنصوص الأدبية : وتضمن الحديث عن دراسة الشعر والأناشيد في رياض الأطفال والمدارس الأولية والابتدائية.

الفصل الرابع ـ الأساليب الجديدة: وتناول موضوعات التربية الحس- حركية، والقيمة التربوية للعب،والتربية الحسية،و الأساليب الفعالة للتعلم.  

الفصل الخامس ـ منجزات ومشاكل معلقة : وتضمن الحديث عن تربية المرحلة ما قبل التمهيدية المدرسية والابتدائية،و المسائل التربوية في المرحلة الابتدائية،و التربية في المرحلة الثانوية،و التربية التوجيهية، والثقافة العامة والتخصص،و الثقافة العامة اللازمة لعصرنا،و التعليم العالي والتربية الدائمة،و التربية والتعليم الدائم.

الفصل السادس ـ إعداد المعلمين والبحوث التربوية: واشتمل على عدة موضوعات مثل أين هي تربية إعداد المعلمين؟ ،و اختيار معلمي المستقبل 3- اتجاهات جديدة في إعداد المعلمين 4- تهيئة المعلمين بالتمارين، الإعداد التجريبي،و التربية العلمية،و معاهد الأبحاث والإعداد التربوي.

والكتاب صدر عن وكالة الصحافة العربية ( ناشرون )، ومكتبة جرير السعودية في 2023.

https://bookapa.com/-9122.html

https://www.jarir.com/sa-en/arabic-books-jrb5000006151.html


كتاب : التربية المعاصرة وتحديات التطوير.

تقديم وتحقيق : الدكتور بليغ حمدي إسماعيل.

تاريخ النشر : أبريل 2023

الناشر : وكالة الصحافة العربية ( ناشرون ) ـ مكتبة جرير السعودية.


اكتشاف المزيد من التنويري

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة