النظريَّة النقديَّة المعاصرة؛ مدرسة فرانكفورت نموذجًا

حسام الدين فياض

ترفض النظرية النقدية ربط الحرية بأي تنظيم مؤسسي أو منظومة فكريَّة محدَّدة، إنها تبحث في الافتراضات والأغراض الخفيَّة للنظريَّات المتضاربة وأشكال التطبيق القائمة. وليست هذه النظرية بحاجة إلى توظيف ما يعرف ﺑ”الفلسفة الدائمة “، إذ تصرّ على أنَّ التفكير يجب أن يستجيب للمشكلات الجديدة والاحتمالات الجديدة للتحرُّر التي تنبثق عن تغيُّر الظروف التاريخيَّة. كانت النظريَّة النقديَّة – التي تتَّسم بأنَّها متعدِّدة التخصُّصات، وتجريبية في جوهرها على نحو فريد، ومتشكِّكة على نحو عميق في التقاليد والمزاعم المطلقة كافة – مهتمَّة دائماً، ليس فقط بالكيفية التي عليها الأمور بالفعل، وإنَّما أيضاً بالكيفيَّة التي يمكن أن تكون الأمور عليها أو يجب أن تكون عليها. وقد دفع هذا الالتزام الأخلاقي مفكِّريها الكبار لتطوير مجموعة من الموضوعات والمحاور ومنهج نقدي جديد غيَّر وجه فهمنا للمجتمع.

دور النُّخب؛ قراءة في العلاقات المعقَّدة بين المدنيِّين والعسكريِّين (السودان)

الصادق الفقيه

يهدف هذا البحث إلى تحليل العلاقات المؤسَّسيَّة القائمة بين القوَّات المسلَّحة/العسكريِّين والمدنيِّين، بقيادة النخب السياسيَّة، في إطار عمليَّة توحيد بحثهم عن السلطة. فقد شهدنا، في تاريخ السودان الحديث، العديد من محاولات تصوير/خيانة هذه العلاقة بين هؤلاء الشركاء غير المخلصين، كما يصفهم بعض المحلِّلين السياسيين، الذين يزعم كل منهم أنَّه يعمل على تعميق الديمقراطيَّة في البلاد. وهذا هو السبب في أنَّ جميع فترات التحوُّل الديمقراطي، بأطوال أزمانها المختلفة في كل مرَّة، تمثِّل حالة رهانيَّة عندما كانت العلاقات بين القوى المدنيَّة والعسكريَّة على المحك. خلال تلك الأوقات، اعتقدت بعض القوى المدنيَّة أنَّه كان من الضروري تفكيك الهياكل العسكريَّة المعقَّدة، التي كانت تسيطر على ما يبدو على السلطة، في حين يتآمر آخرون على الاستيلاء على السلطة باستخدام القوَّة العسكريَّة ذاتها. لذلك، كلَّما حاول المدنيُّون استعادة السيطرة على الدولة وضمان توحيد القوى الديمقراطيَّة، أصرَّ الجيش دائماً على الاحتفاظ بنصيب من السلطة بأيديهم.

موجز الكتابة التاريخيَّة من النهضة الأوروبيَّة إلى الحوليَّات الفرنسيَّة؛ في التجديد المنهجي والإبستمولوجي  

عبد الرحيم الوسعيدي

تتوخى هذه الدراسة تسليط الضوء على مسار تجديد بنية الكتابة التاريخية من عصر النهضة الأوربية إلى مدرسة الحوليات الفرنسية، وتكمن أهميتها في أنها ترافق معالم التغير الاجتماعي والتاريخي والفكري في أوربا، على ضوء المتغيرات المنهجية والإبستمولوجية الغربية، وتلقي الضوء أيضا على التحولات الجديدة في مناهج الكتابة التاريخية، وصولاً إلى منعطف حاسم وهو منعطف غيَّرَ الرؤى القديمة رأسا على عقب؛ لحظة انتصار الفكر الفلسفي وزيادة الوعي العقلاني تطوره خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر في أوربا، ودحض مختلف أشكال الهرطقات، بل وتجاوزها، ثم استقلالها نهائيا خلال القرن التاسع عشر مع المدرسة الوضعية، من خلال مناهج البحث في الوثائق والأرشيف انسجاما مع القول: “لا تاريخ دون وثائق تاريخية ” إلى تاريخ شمولي مع الحوليات الفرنسية.