الزَّهراءُ والإمام الحسين؛ سطورٌ من السَّيرة والمسيرة

image_pdf

هنا مصر المحروسة، التي ترتبط بسيدنا وإمامنا الحسين بن علي بن أبي طالب بأقوى روابط الإنسانية وربما أقدسها أيضاً، مصر التي تعترف بفضله وفضل جده المصطفى (صلى الله عليه وسلم) على البشرية جميعها، وكم بمصر من الشمائل منها أنها تعتبر محبة الحسين قربة من أعظم وأجل القربات التي توصل بنا إلى محبة نبينا الأكرم محمد (صلى الله عليه وسلم)، ولقد شرف الله مصر وأرضها وشعبها بأن جعلها مثوى لآل البيت وعلى رأسهم إمامنا الإمام الحسين (رضي الله عنه وعن أبيه) ويكفيك أن تغمر منطقة الحسين زائراً لتشاهد كم المريدين المدفوعين بشوق وحب يملأ جوانحهم وقلوبهم ويجدون سعادة غامرة عند الزيارة لا إلى الضريح بل إلى الذكرى والتذكرة وإلى شوق أبدي لرسولنا الأكرم، ولم لا والحسين أحد الذرية الصالحة الشريفة ونسمته الطاهرة وزهرته اليانعة وسيد شباب وشهداء الجنة إن شاء الله.

والإمام الحسين بحق هو شخصية مثيرة للجدل، بدليل هذا الكم الهائل من البشر الذين يتوافدون على كل المساجد التي تحمل اسمه في شتى بقاع الأرض، وهو الأكثر جدلاً في التاريخ الإسلامي وخير دليل حجم القنوات الفضائية التي تتناول سيرته ليل نهار، وكم الصحائف اليومية التي تتناول مسيرة حياته وكأنه بالفعل فاصلة التاريخ، وإذا كانت الكتب والوثائق تؤكد أن رأسه الشريف هنا بالقاهرة، وجسده الطاهر يرقد بالعراق، بينهما بحر من الوصل والخفقان لذكراه.

والإمام الحسين هو الشخصية الإسلامية الفريدة التي من الصعب تناولها تاريخياً بصورة مجردة رتيبة، ويكاد من المستحيل أن يُكتب عنه سطر واحد بغير إطلالة لغوية تشير إلى رقته و سماحة خلقه والعبور على مكارمه وشمائله الشخصية،وكم يتم الحديث عنه بكتابة تاريخية فقط دون إشارات بيانية لغوية وجده المصطفى (صلى الله عليه وسلم) هو إمام البيان، وأبوه (كرم الله وجهه) هو سيد البلغاء ونهجها السديد.

ومن اللطيف أننا ونحن نتناول بعضاً من سيرة ومسيرة الإمام الحسين (رضي الله عنه) أن نمر قليلاً على الزهراء السيدة فاطمة بنت الحبيب محمد (صلى الله عليه وسلم) وهي الصديقة والطاهرة والزكية والراضية، والبتول وفقاً لطهارتها وكثرة تعبدها، وعن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: ” كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا مريم ابنة عمران، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد ” (رواه البخاري ومسلم والترمذي). وعن أم المؤمنين السيدة عائشة بنت الصديق (رضي الله عنهما) قالت: ” سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: ” سيدات نساء أهل الجنة أربع: مريم ابنة عمران، وفاطمة بنت محمد، وخديجة بنت خويلد، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون “.

وعن مجاهد، أن النبي (صلى الله عليه وسلم) خرج من بيته وهو آخذ بيد فاطمة، وقال: ” من عرف هذه فقد عرفها، ومن لم يعرفها فهي فاطمة بنت محمد، وهي بضعة مني، وهي قلبي، وهي روحي التي بين جنبي، من آذاها فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله “.

وتشير كافة الكتابات التي تناولت سيرة السيدة الطاهرة فاطمة (رضي الله عنها) بأنها كانت راجحة العقل، طاهرة القلب، نقية الروح، زكية النفس، رقيقة الطبع، شديدة الاعتزاز بانتسابها إلى أبيها الرسول الأكرم (صلى الله عليه وسلم)، وتؤكد المصادر التاريخية التي تناولت سيدات بيت النبوة بأنها كانت قوية الإيمان، ثابتة اليقين بالله، صابرة على الشدائد، قانعة بالكفاف.

وكما تشير الباحثة الرائعة الدكتور عائشة عبد الرحمن أن النبي (صلى الله عليه وسلم) استبشر بمولدها خيرا، لاسيما وأن مولدها جاء في العام الخامس قبل المبعث، وهو العام الذي ارتضت فيه قريش النبي الأمين الصادق حكماً فيما اشتجر بينها من خلاف على وضع الحجر الأسود بعد تجديد بناء الكعبة المشرفة.

ومن الوقائع التي لا تنسى في حياتنا وحياة السيدة فاطمة (رضي الله عنها) حينما خرج النبي إلى قريش، وقد نزل عليه قوله تعالى: (وأنذر عشيرتك الأقربين) فجعل ينادي: يا معشر قريش، اشتروا أنفسكم.. لا أغني عنكم من الله شيئاً، يا بني عبد مناف، لا أغني عنكم من الله شيئاً، يا عباس بن عبد المطلب، لا أغني عنك من الله شيئاً، ويا صفية عمة رسول الله، لا أغني عنك من الله شيئا، ويا فاطمة بنت محمد، سليني ما شئت من مالي، لا أغني عنك من الله شيئاً ” (رواه البخاري في كتاب الوصايا، ومسلم في كتاب الإيمان).

وهنا خفق قلب الطاهرة فاطمة (رضي الله عنها، حناناً وتأثراً فهمست تقول: ” لبيك يا أحب ولد وأكرم داع “. وهذا الخبر يؤكد اعتزاز النبي (صلى الله عليه وسلم) بابنته الطاهرة لاختيارها بالقول دون غيرها من أخواتها جميعاً، بل من بين أهل بيته الخاص. ولقد دخلت السيدة فاطمة آنذاك على أمها سيدة نساء العالمين الفاضلة الخيرة الطاهرة العاقلة السيدة أم المؤمنين خديجة بنت خويلد تحدثها، والدنيا لا تسعها من فرط السعادة والفرحة والزهو عما سمعت من دعوة أبيها لقومه أن يشتروا أنفسهم فإن أحداً لن يغني عن أحد من الله شيئاً، حتى فاطمة بنت محمد، لن يغني عنها أبوها النبي شيئاً إن لم تؤمن بالله.. وهي قد آمنت وصدقت بالنبي والرسالة، وباعت الدنيا بالآخرة.

وبعد أن انتقل النبي الأكرم (صلى الله عليه وسلم) إلى الرفيق الأعلى أمضت السيدة فاطمة ستة أشهر من حياتها عابدة قانتة راضية بقضاء ربها راعية لزوجها وأبنائها  حريصة كل الحرص على أن تغرس التقوى والإيمان في صدورهم جميعاً واليقين بالله والثقة فيه، انتقلت هي إلى الرفيق الأعلى وهي في سن الثلاثين من عمرها في الليلة الثالثة من رمضان. وقام الإمام علي (رضي الله عنه) فاحتملها باكياً ودفنها ليلاً، وعاد محزونا هو المسلمون بعد أن شيعوا إلى القبر آخر بنات النبي (صلى الله عليه وسلم). وعلى حسب قول بنت الشاطئ عن الطاهرة السيدة فاطمة (رضي الله عنها) تتغير الأحداث والدول، وتبقى أم أبيها ملء الحياة في ذريتها الطاهرة آل النبي (صلى الله عليه وسلم).

و ما أحفل الكتب والتراجم التي تناولت سيرة الإمام الحسين وهي تعرض بالتفصيل قصة جهاده حتى الاستشهاد، وقصة الصراع السياسي بينه ومعاوية ثم زياد ورحلته إلى الكوفة، لكن السطور القادمة لن تتناول بشئ من السياسة أو أحوال الخلاف القائم آنذاك والذي يمكن رصده في حالات التمزق بين الشعوب العربية، ولن نكترث بحادثة تاريخية تخص مواضع تعذيبه والتنكيل به لآنه باختصار لا يزال في القلب جرح لا يندمل، ونزف بالفؤاد لا يتوقف، لكن هذه السطور تتناول بصورة يسيرة وبسيطة بعضاً من الحسين الإنسان البعيد عن أمور الحكم والسياسة والجهاد، وهو الأمر الذي ينبغي لنا أن ننقله إلى أبنائنا الصغار، وعليه أن نشدد لأقراننا وإخواننا الكبار تأسياً بسيرته ومسيرته العطرة.

والإمام الحسين الذي اختار النبي الأكرم (صلى الله عليه وسلم) اسمه بعد أن أسماه أبوه بحرب كان يناديه دوما النبي (صلى الله عليه وسلم) بابني، وقد اشتق اسمه النبي من الحسن والكمال، وما أجملها حياة أن يسيتقظ الصبي كل نهار ليرى نور وجه النبي (صلى الله عليه وسلم) وما أحلاها معيشة أن يحبو الصبي ويشب في أحضان المصطفى (صلى الله عليه وسلم) وفي ظل رعاية كريمة رائعة من أبوين هما علي بن أبي طالب السيدة الطاهرة فاطمة. وكم من مرة شوهد النبي (صلى الله عليه وسلم) وهو حامل الحسين على عاتقه حباً له معلناً هذا الحب وتلك المكانة بقلبه وداعياً لم أحب الحسين بقوله: ” حسين مني وأنا من حسين، اللهم أحب من أحب حسيناً “.

ومن صور حب النبي (صلى الله عليه وسلم) للحسين، ما رواه يعلي بن مرة (رضي الله عنه) أنه خرج مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى طعام دُعيا إليه، فإذا حسين في الطريق مع غلمان يلعب، وتقدم الرسول (صلى الله عليه وسلم) أمام القوم باسطاً يده، وجعل الغلام يفر هاهنا وهاهنا، وجعل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يضاحكه حتى أخذه، فوضع إحدى يديه تحت قفاه،، ووضع الأخرى تحت ذقنه، وقبله، وقال: ” حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسيناً،حسين سبط من الأسباط “.

وحينما مرض النبي (صلى الله عليه وسلم) مرضه الأخير، دخلت عليه ابنته الطاهرة السيدة فاطمة (رضي الله عنها) ومعها ابناها الحسن والحسين، وقالت له: ” يا رسول الله، هذان ابناك فورثهما. فقال (صلى الله عليه وسلم) أما الحسن فله سخائي وهيبتي، وأما الحسين فله شجاعتي وسؤددي “.

ولاشك أن الإمام الحسين (رضي الله عنه) قد ورث عن أبي الإمام علي بن أبي طال (أكرم الله وجهه) صفات الشجاعة والفروسية والإقدام، ونهل من فيضه شمائل الورع والتقوى والفقه والعلم، وهو يختلف في كثير من الأوجه عن أخيه الإمام الحسن (رضي الله عنه) فالحسن صاحب أناة ورفق، يؤثر السلم دوماً متبسط في الحديث، أما إمامنا الحسين (رضي الله عنه) فكأبيه علي (رضي الله عنه) صارم في الحق لا يحب الرفق ولا الهوادة ولا التسامح فيما لا ينبغي التسامح فيه، ولم يكن الحسين يوماً من أيامه ميسراً على نفسه من أمر الدنيا، غير متبسط في حديث، يتجرع مرارة الصبر على ما لا يحب.

ولصحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مع الحسين مواقف كثيرة جميعها تشير إلى مكانة الحسين وتقدير الرجال ومن هم ؟ إنهم خيرة الرجال الأنجم الزاهرة صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فها هو عبد الله بن عباس (رضي الله عنهما) يمسك الركاب للحسين إذا أراد أن يركب ويسوي له ثيابه معتزاً بذلك. ومما يروى عن مكانة الحسن علماً وفقهاً ومكانة في الجهاد والشجاعة وحزم الرأي أنه كان (رضي الله عنه) في جنازة فاغبرت قدماه، وأقبل أبو هريرة (رضي الله عنه) ينفض عنهما الغبار، فقال له الحسين (رضي الله عنه): ” أتفعل هذا ؟ “، فقال له أبو هريرة (رضي الله عنه): دعني، فوالله لو علم الناس منك ما أعلم لحملوك على رقابهم.

وكان  من الممكن أن نختصر الجهد والوقت في هذا الجزء الذي يتحدث عن بعض قليل من شمائل وخصال وصفات سيدنا الإمام الحسين (رضي الله عنه) بسؤال قصير وبسيط لكن الإجابة عنه طويلة أبد الدهر نفسه، السؤال باختزال شديد: ما بالك بحفيد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وابن علي وفاطمة رضي الله عنهما ؟ طفل يربو على ملامح جده (صلى الله عليه وسلم) وأبيه (كرم الله وجهه)، وتبارى كتاب السير والتأريخ الإسلامي في تحديد وتوصيف شمائل الإمام الحسين (رضي الله عنه) فقيل عنه أن نور النبوة وعظمة الإيمان كانتا تكسيان وجهه الكريم، وله شخصية عظيمة آسرة للقوم إذا تحدث، وهيبة وجلال بشري إذا مشي، ولقد توافرت له من الصفات الجسدية ما أمكنه من تحقيق الهيبة والمكانة، فقد كان ربعة القامة، قوي البنية، واسع العينين فيهما تحد وقوة، ضخم العضلات. أمَّا صوته فكان جهورياً قوياً به غنه يأسر بها الأذهان والأفئدة.

ومأساة من تحدث عن الإمام الحسين أنه اقتصر حياته على الصراع التاريخي مع بني أمية فقط، دون الارتكاز على أمر أهم وأجل من قصة الصراع السياسي ألا وهو علم الإمام وفقهه، وما أدراكم بابن علي بن أبي طالب باب مدينة العلم وسيد البلغاء والخطباء، فلقد ورث عنه جيد القول، وفطنة الحديث، واكتسب من معاشرته لأبيه سرعة الحفظ والفهم، ومعظم المؤرخون يغفلون أن الإمام الحسين كان كثير الجلوس في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يلقي الدروس والمواعظ والناس في تزاحم.

ومن حكمه ونثائره البليغة، يقول الإمام (رضي الله عنه): ” حوائج الناس إليكم من نعم الله عليكم، فلا تملوا النعم فتعود نقماً “. وقال: الحلم زينة، والوفاء مروءة،والصلة نعمة، والاستكثار صلف، والعجلة سفه، والسفه ضعف، والغلو ورطة “. وفي هذه الحكمة الأكثر بلاغة يصف لنا الإمام الحسين ويحدد صفات وخصالاً ينبغي للإنسان المؤمن أن يتحلى بها و يتجنب بعضها كالغلو الذي أصبح يضرب كل مفاصل حياتنا بدءاً من الإحساس والتفكير وانتهاء بالسلوك والتصرف.

وكتب التاريخ الإسلامي تروي ـ جميعها ـ بأن الإمام الحسين كان محارباً ومجاهداً، متناسية الملمح الأكثر وضوحاً في سيرته ومسيرته، وهو التقوى والورع، وكم من العجب والدهشة أن تشير كتب تلك الحقبة الزمنية التي كان فيها سيدنا الإمام الحسين، لكن واقع سيرة الإمام تشير على يقين بأنه كان قدوة للزاهدين كأبيه علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)، وهو بفضل دعاء جده المصطفى (صلى الله عليه وسلم) كان محبوباً من الجميع، كان يقضي نهاره صائماً، وليله قائماً متعبداً، ومن أقواله حين كان يتضرع إلى الله تعالى: ” اللهم أنت ثقتي في كل كرب، ورجائي في كل شدة، وأنت لي في  كل أمر نزل ثقة وعدة، فكم من هم يضعف فيه الفؤاد، وتقل فيه الحيلة، ويخذل فيه الصديق، ويشمت فيه العدو، أنزلته بي، وشكوته إليك، رغبة فيه إليك عمن سواك ـ ففرجته وكشفته، فأنت ولي كل نعمة، وصاحب كل حسنة، ومنتهى كل غاية “.

وعُرِفَ عن الإمام الحسين تسامحه ونقاء سريرته، وكم من حادثة سردها التاريخ الإسلامي تشير إلى أنه كان كثير قبول المعذرة وعفوه عن المسئ، ومن تلك الحوادث ما جاء في موقعة صفين حينما وقع بصره على عبد الله بن عمرو بن العاص وكان حينئذ في صفوف أعداء أبيه علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)، ووقتها قال الإمام الحسين لنفسه: ” كيف ينضم هذا العابد إلى صفوف معاوية ؟ “. لكنه كان واثقاً أن من أن تقواه ستهديه إلى الحق. وبعد مرور عدة سنوات دخل الحسين مسجد جده (صلى الله عليه وسلم) ووجد جماعة من الناس جالسين في حلقة فحياهم بالسلام، فرد جميعهم التحية وكان من بينهم عبد الله بن عمرو بن العاص فرد التحية بصوت مرتفع وكأنه يريد بذلك أن يلتفت إليه الإمام، آملاً في عفوه وصفحه، فلما انصرف الإمام الحسين قال عبد الله بن عمرو لمن حوله: ” ألا أخبركم بأحب أهل الأرض إلى أهل السماء ؟ قالوا: بلى، قال: هذا الماشي. ما كلمني كلمة منذ ليالي صفين، ولأن يرضى عني أحب إلى من أن يكون لي حمر النعم “. فقال أبو سعيد الخدري الصحابي الجليل (رضي الله عنه): ألا تعتذر إليه ؟. قال: بلى، ورجاه أن يتوسط إليه عنده.

وفي ليلة الغد توجها معاً إلى الإمام الحسين، وترك عبد الله بن عمرو بالباب، وأخذ أبو سعيد الخدري يرجو الحسين، حتى أذن لعبد الله بن عمرو بالدخول. وحينما دخل سأله الإمام الحسين: أعلمت يا عبد الله أني أحب أهل الأرض إلى أهل السماء ؟ فأجاب: إي ورب الكعبة. فقال الإمام الحسين: فما حملك على أن قاتلتني وأبي يوم صفين، فوالله لأبي كان خيراً مني ؟. فقال عبد الله بن عمرو: أجل، ولكن أبي قد شكاني إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فقال: يا رسول الله، إن عبد الله يقوم الليل ويصوم النهار، فقال لي رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ” يا عبد الله، قم ونم، وصم وأفطر، وأطع عمراً “. فلما كان يوم صفين أقسم علي، فلم أجد بداً من طاعته فخرجت. أما والله ما اخترطت سيفاً، ولا طعنت برمح، ولا رميت بسهم. وهنا اتضح موقف عبد الله بن عمرو للإمام الحسين، فقبل عذره وسامحه.
________
*الدكتور بليغ حمدي إسماعيل/ أستاذ المناهج وطرائق تدريس اللغة العربية (م)./ كلية التربية ـ جامعة المنيا.

جديدنا