المعاجم القرآنيَّة

image_pdf

لقد حظيت اللغة العربية  بموقع  متميّز، وبمكانة خاصة في الثقافة العربيَّة الإسلاميَّة،  فهي أداة للبيان ووسيلة للتفسير، وعنصر في الاستمداد للمعنى من كتاب الله .

 بهذا الاعتبار شكَّلت المسألة اللغوية محورًا للبحث المشترك، ومرجعًا للاهتمام المتعدِّد، وأداة للعناية المستمرة بين كثير من التخصصات  المعرفية، والحقول العلميَّة  في الثقافة العربيَّة الإسلاميَّة.

فالعلوم  الإسلاميَّة على اختلافها  أنواعها وتعدُّد مرجعياتها، جعلت من اللغة العربيَّة سندها وأداتها في التفسير والبيان والاستمداد والتلقّي،ما يعني أن الحاجة إلى اللغة العربيَّة  ضروريَّة للمشتغل والباحث في العلوم الإسلاميَّة  بصفة عامَّة، وبعلم التفسير والبيان والاستمداد  بصفة خاصَّة.

وقد عبَّر كثير من علماء الإسلام  عن هذا الترابط  الوثيق  والجامع بين اللغة العربيَّة والعلوم الإسلاميَّة، وهو ما صرح به  الإمام الزمخشري  ت 538  ه بقوله :”وذلك أنهم  وافتقاره إلى العربيَّة بين لا يدفع “لا يجدون علماً من العلوم الإسلامية فقهها وكلامها وعلمي تفسيرها وأخبارها؛ إلا ومكشوفٌ لا يتقنَّع”.[1]

ومن العادة  السائدة بين الباحثين أنهم  اعتبروا علم اللغة والنحو والمعجم  من آليَّات  الفهم،ومن طرائق البيان  وإظهار المراد في كتاب الله، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم لأن الشريعة الإسلاميَّة جاءت بلغة العرب وعلى معهودها وسنتها في التخاطب، وعليه “فيصير تعلم   اللغة  العربيَّة من الضروريات على المشتغل بالقرآن الكريم” [2].

والسند في هذا القيد أن القرآن كلام عربي، فكانت قواعد اللغة العربيَّة طريقا لتحصيل لفهم معانيه،وسبيلا إلى إدراك والوقوف على مقاصده، وبدون ذلك يقع الغلط ويسوء الفهم”([3]).

فهذه الامتدادات الواسعة للغة العربيَّة في علاقتها وتداخلها مع العلوم البيانيَّة، تسلزم مزيد من المتابعة والاهتمام والبحث  في هذه العلاقة  الجامعة بين اللغة العربيَّة وعلوم الشريعة .

ومن تداعيات  هذه العلاقة، أنّ الناظر والمتابع  للنسق الثقافي والفكري الذي كان يحكم بنية العلوم الإسلاميَّة يلاحظ مدى حضور علوم الفهم والتفسير والبيان والاستمداد في البنية  المعرفيَّة المشكّلة  للعلوم الإسلاميَّة.

فالعلوم التي نشأت، وتطوّرت في أحضان التراث العربي الإسلامي، ظلَّت علوما خادمة لتفهم  النص من أجل محاولة فهمه،  واستمداد معانيه، والوقوف على مقاصده، لغاية تنزيل هذه المعاني على أرض الواقع.

ومن تداعيات هذه العلاقة ظهور نوع من المعاجم ينعت بالمعاجم الخاصَّة أو المعاجم القرآنيَّة التي تعنى بالكلمة القرآنيَّة من حيث الوضع والتداول الاستعمال .

المعاجم القرآنية

من مقتضيات التفسير ومقدّماته التحقُّق من  اللفظة القرآنيَّة التي تنتمي  إلى المعجم القرآني، فكان أول ما يجب  لمن يشتغل على التفسير والبيان لكتاب الله هو التحقق من اللفظة القرآنية من حيق المعجم والاستعمال،  وفي هذا المعنى قال صاحب المفردات الراغب الاصفهاني ت  502″ه  “وأوّل ما يجب البداءة به منها تحقيق الألفاظ المفردة، فتحصيل معاني المفردات من ألفاظ القرآن من أوائل المعارف لمن يريد أن يدرك معانيه.”[4].

والسند في التحقق من اللفظة القرآنيَّة يعود أن القرآن الكريم نزل بلسان عربيّ مبين، وتفهم  معانيه والإحاطة بمنطوقه ومفهومه يتوقف على مدى  شرح مفردات الألفاظ، والتبين من دلالتها في الاستعمال، “إذ لا خيار لمن أراد التفسير السديد سوى الاستعانة بالعلوم  اللفظيَّة لما لها من دور في البيان  .[5]

ومن أبرز هذه المعاجم  القرآنيَّة المشهورة:

 ـ-مفردات الراغب الاصفهاني ت502ه  

-عمدة الحفاظ في تفسير اشرف الألفاظ للسمين الحلبي ت756ه.

بصائر دوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروزابادي ت817ه  .

ـما اتفق لفظه واختلف معناه للإمام المبرد ت286 هـ.

المعجم الفريد في معاني القرآن المجيد لمحمد الجزار الأزهري المصري.[6]


[1] ـ المفصل للإمام الزمخشري ص :19

[2] -ا الإحياء  للإمام لغزالي:1/22

([3]) –التحرير والتوير، الطاهر بن عاشور، 1/18.

[4]– المفردات في غريب القرآن للراغب الأصبهاني   دار القلم دمشق الطبعة الثانية،السنة : 2020،  ص:6.

[5] ـ الدلالات وأثرها في تفسير القرآن لمحمد سالم أبو عامي، دار علي للطباعة والنشر: 1997.[أين الصفحة؟]

[6] .لمزيد من التوسع والتفصيل في العناية بالمفردة القرءانية   بين اللغويين يراجع:التأليف المعجمي في مفردات القرءان الكريم لأحمد الخمسي بحث نشر بمجلة التراث العربي-مجلة فصلية تصدر عن اتحاد الكتاب العرب-دمشق العدد 93 و 94 – السنة الرابعة والعشرون – السنة  2004 –

________
*الدكتور محمد بنعمر

جديدنا