أوّل دراسة عربيَّة لحركة النشر في الوطن العربي 2015-2019

image_pdf

 

قريبا يُطلق اتحاد الناشرين العرب أول دراسة تفصيلية عن حالة النشر في الوطن العربي، تُعدّ الأولى من نوعها عربيًّا. وصرح محمد رشاد رئيس اتحاد الناشرين العرب: إن إدراك اتحاد الناشرين العرب لأزمة صناعة النشر العربية، جعله يسعى سعيًا حثيثًا نحو التعامل مع هذه الظاهرة، خاصة بعد الأزمات الأخيرة التي أثرت سلبًا على الصناعة، فاضطر العديد من الناشرين إما إلى تخفيض عدد الإصدارات السنوية أو تخفيض عدد العاملين في دار النشر، أو التوقف بصورة مؤقتة.

زاد هذا من تفاقم معاناة الناشرين التي بدأت من سنوات، كما تم إلغاء أو تأجيل العديد من معارض الكتب العربية، وقد كانت متنفسًا هامًّا لتوزيع الكتاب، فقدها الناشرون.

وما نقدمه اليوم هو دراسة عن حالة النشر في المنطقة العربية عن السنوات من 2015 إلى 2019، كشفًا لمدى معاناة الناشرين من التزوير والقرصنة، ليس على صعيد المزور والمقرصن المحدود القدرات فحسب، بل أيضًا على صعيد الشركات الدولية الكبرى، فقد تفاقمت هذه الظاهرة وأصبحت كارثة تدمر صناعة النشر العربي.

لقد نشط اتحاد الناشرين العرب في مواجهة العديد من الصعوبات، وكانت سلسلة الندوات مع مدراء معارض الكتب العربية إحدى الوسائل ذات الفاعلية قي تذليل العديد من المعوقات، كما كان لمؤتمرات الناشرين العرب دور إيجابي، فضلاً عن التنسيق مع الاتحادات المحلية.

لذا جاء تكليف الدكتور خالد عزب بإعداد هذا الدراسة ليطرح المشكلات والواقع الذي تعيشه حركة النشر، وكذلك الآمال وهو ذو خبرة يعتد بها في هذا المجال.

إن أكثر ما يرصده في هذه الدراسة هو واقع حركة النشر ومشكلاتها طارحًا تساؤلات وحلولًا، راصدًا لجميع الظواهر مقدمًا طرحًا عامًّا للمناقشة لتُبنى عليه سياسات طبقًا لواقع الصناعة.

وقد رأى مجلس إدارة اتحاد الناشرين العرب إفراد الدراسة عن حالة النشر في الدول الأعضاء باتحاد الناشرين العرب، تمهيدًا لبناء مشروع أكبر لإعداد دراسة تفصيلية عن كل دولة بهدف الوقوف على حالة النشر من حيث الازدهار والعثرات.

تعد هذه الدراسة مادة متاحة للباحثين والدارسين فضلاً عن الناشرين لإقامة دراسات أخرى عليها، وعلى الأرقام الواردة به، فضلاً عن أن اتحاد الناشرين العرب سيتيح كافة المواد التى جمعت فى أثناء هذه الدراسة لخدمة حركة النشر والبحث العلمى، وسيقيم الندوات ويتواصل مع صُناع القرار بشأن الإفادة مما اقترحته الدراسة، من مثل:

ضرورة اتخاذ الخطوات لإقرار النشر كصناعة وطنية في الدول العربية تساهم في الدخل الوطني.

إعادة النظر في طبيعة إنتاج المحتوى العربي.

اقتراح إقامة مؤتمر بين الاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات واتحاد الناشرين العرب بشأن علاقة المكتبات بحركة النشر العربية.

تظهر الدراسة أن أولى تحديات حركة النشر العربية، هي عدم الاعتراف بالنشر كصناعة في ظل قوانين تتعامل مع الصناعة بوصفها منتج ملموس، هذا المنتج إما أن يكون غذاء/ ملابس/ أدوات/ مركبات/ وغيرها من المنتجات الملموسة، لكن الكتاب أيضًا مادة ملموسة، لكنه لا ينتج إلا في دار نشر، تتلقى أو تخطط لتلقى منتجًا إبداعيًّا في المجالات كافة، لتقديمه ثم تحريره ثم تصحيحه لغويًّا ثم تنتجه على الحاسب الآلي في هيئة كتاب، ثم طبعه أو طرحه على شبكات الإنترنت رقميًّا، ليخرج لنا هذا المنتج مارًّا بمراحل متعددة، هي ما يمكن أن نسميه خط إنتاج الكتاب، كم من يد عاملة شاركت في إنتاج الكتاب، إن أي كتاب مر على الأقل على 6 من المتخصصين لضبطه وإخراجه، ناهيك عن طباعته، لذا فإن عدم الاعتداد بالكتاب وصناعته، مثَّل قصورًا في العقود الماضية عن فهم آليات الإنتاج المعرفي.

إن عملية النشر صناعة ثقيلة، مركبة، عميقة، بعيدة التأثير، واسعة المجال، بالتالي نستطيع أن ندرك لماذا هناك قصور في التعامل مع هذه الصناعة الصعبة.

صناعة ثقيلة: لأنها تضم أطرافًا متعددة وتحتاج لتجهيزات قد يستغرق إنتاج الوحدة منها (الكتاب) عامًا وليس يومًا أو ساعة أو دقيقة.

صناعة مركبة: لتباين أطرافها من حيث التخصصات بدءًا من مدير الإنتاج (النشر) إلى المصحح اللغوي إلى الإخراج الفني إلى الطباعة، إلى صناعة الورق والأحبار، أو منتجي البرمجيات ومفعليها إلى المسوقين، حتى يصل هذا الإنتاج إلى المستهلك، هذا بدون إضافة المؤلف صاحب الفكر والعلم، إما أن يكون فردًا أو عدة أفراد.

صناعة عميقة: لأنها تتطلب فكرًا وعلمًا، هذا الفكر والعلم لابد أن يكون في كل وحدة منتجة على حدة (كتاب) مختلف يطرح الجديد عن كل ما سبقه من كتب، فالمنتجات هنا ليست تكرارية، بل إن كل كتاب له موضوع قائم بذاته، من هنا فإن التنوع هو سمة هذه الصناعة، وعند إنتاج أي كتاب فإنه يطبع منه كمية يدفع بها الناشر ويحاول أن يقنع القارئ لكي يستحوذ على نسخة من كل كتاب، وبالتالي تأتي مرحلة التسويق للكتاب.

كشفت الدراسة أن الاتجاه العام هو النمو المتزايد فى حركة نشر الرواية المطبوعة، هذا الاتجاه يشهد نموًّا مطردًا فى السنوات الأخيرة خاصة منذ العام 2006 إلى الآن، ولعل فن الرواية هو المحفز الأقوى حاليًّا لاستمرارية حراك النشر العربى، فالأجيال الجديدة التى اعتادت على الدردشة على شبكة الإنترنت تعتبر الرواية عالمًا آخر موازيًا من الحكايات يجذبهم، كما جاء انتقال بعض المتفاعلين على شبكة الإنترنت من هذا الفضاء إلى الكتاب الورقي بكتاباتهم إلى الدفع لعالم الكتاب الورقي بأجيال جديدة على غرار ما يحدث في مطبوعات بمعرض الكويت الدولي للكتاب ومعرض الشارقة ومعرض الرياض، لكن هذا الاتجاه نراه فى مصر أيضًا فى عدد من دور النشر التى اتجهت لهذا المنحنى، ويبقى السؤال الأصعب؟

هل لهذا النمط من مستقبل؟

فى حقيقة الأمر إن هذا النوع من الأدب هو أدب وقتي يختفي كتابه مع الزمن، هذا ما يذكرنا بظواهر أدبية صاحبت صعود نجيب محفوظ وأدبه، فاختفت هذه الظواهر وبقي أدب نجيب محفوظ، وقد أدركت بعض دور النشر هذا الأمر، فنظمت ورشًا متخصصة فى الكتابة الإبداعية، أفرزت نتائج إيجابية.

فى مجالات النشر العام، هناك ازدهار نسبي خاصة فى أدب السيرة الذاتية الذى ينحو نحو نوع من الحكي حول ما دار فى عالم السياسة، مع تصاعد وتيرة الأحداث السياسية في الوطن العربي والحنين إلى القادة السابقين فى بعض الدول، وتظل السياسة وموضوعاتها تشد القراء مع إيقاعها المتسارع، لكن تبقى الفلسفة هي الإبداع الذي ما زال بكرًا في الوطن العربي، ومن المتوقع أن يجذب المزيد من القراء فى ظل أزمات: الهوية، المستقبل، الصراعات العرقية والدينية، فضلاً عن الكتب الاجتماعية والتاريخية بدعوى الحنين إلى الماضى، فى حين يظل الكتاب الديني محققًا أو مؤلفًا منافسًا يزاحم الرواية على مكانتها فى تصدر محتوى النشر العربي.

ويعد غياب الأدلة السياحية من خريطة العديد من دور النشر العربية إشكالية كبرى، خاصة أنها طوق النجاة لحركة النشر العربية فيما عدا المغرب وبصورة نسبية مصر وتونس، لا تساهم دور النشر العربية في إنتاج أدلة سياحية وما يصاحبها من منتجات مطبوعة للسياح، بلغات متعددة مثل الإنجليزية والفرنسية والإيطالية والألمانية والصينية وغيرها، هذا ما يعني ضرورة إعداد ورش كتابة هذه الأدلة التي لها مواصفات محددة، كما أن الأدلة تعتمد على سوق توزيع كبير، فضلاً عن تنوع في العديد من البلدان التي تعد حركة السياحة بها أساسية على غرار دبي التي تنتج أيضًا أدلة بعدد من اللغات بصورة جيدة.

إن الاتجاه العام دوليًّا فى حراك النشر يقودنا إلى انتهاء عصر الموسوعات التى تطلق حاليًّا رقميًّا، بإمكانيات بحث عالية وسريعة، على غرار الموسوعة البريطانية، هذا ما أدركته العديد من المواقع العربية كموقع الوراق الإماراتي الذى يضم أكثر من ألف كتاب من أمهات الكتب التراثية فى الأدب والشعر واللغة العربية ويتيح القراءة مجانًا مع محرك للبحث النصي، وكذلك العديد من المواقع، إذا لم يعد من المجدي طبع تفسير ابن كثير، أو فتح الباري بشرح صحيح البخاري أو تاريخ الطبري وغيرها من المجلدات، هذا ما سيوجه رأس المال الذي كان يُضخّ في الموسوعات لفضاءات جديدة في عالم النشر.

تضمنت الدراسة جداول تكشف بالتفصيل حركة النشر في الوطن العربي ككل، وفي كل دولة على حدة، وضمت جداول تكشف حركة الترجمة بالأرقام، وكذلك طبيعة المضمون المنشور، ولأول مرة دراسة بالأرقام لمعارض الكتب العربية، ومن هذه الجداول:

أعداد الكتب المنشورة في الدول العربية (2015-2019)
الدولة/ السنة عدد الكتب المنشورة
2015 2016 2017 2018 2019
الإمارات 1436 1281 2061 2249 2968
الأردن 1936 1983 1254 2477 3920
البحرين 301 420 370 280 265
الجزائر 1177 2924 3316 1074 1504
السودان 1004 1183 1347 1012 853
السعودية 3042 2390 2730 4220 8121
الصومال 743 872 1409 2000 1320
العراق 7650 7900 8050 8200 8400
الكويت 615 162 318 343 330
المغرب 2448 2807 3833 6000 4219
اليمن 130 334 253 355 495
تونس 1291 2291 2035 2240 2780
سورية 1211 983 1143 1480 1050
عُمان 502 489 588 631 767
فلسطين 356 207 720 1104 829
قطر 417 488 677 811 1020
لبنان 6453 7621 8536 8612 7479
ليبيا 1008 720 680 620 760
مصر 22500 23900 24000 22000 23000
موريتانيا 381 435 510 510 550

 

أعداد الكتب المنشورة في الوطن العربي

 

السنة عدد الكتب
2015 54601
2016 59390
2017 63830
2018 66218
2019 70630
______________

*الدكتور خالد عزب. 

جديدنا