حول إشكاليَّة الأقوال الفلسفيَّة لابن باجه

image_pdf

سيــــــــاق القــــــــول:

يندرج هذا القول أولا: في سياق التفاعل مع النقاش المطروح حول الأقوال الفلسفيَّة لأبي بكر ابن باجه، التي شكك بعض الباحثين في نسبتها (ج.د.العلوي) وذهب البعض إلى إثباتها ( م.إ.فيومي) وبين هذا النفي والإثبات، تظهر صورتان متعارضتان لفيلسوف سرقسطة وفاس، الأولى: تنفي عنه أي حضور للأفلاطونيَّة المحدثة والاتِّجاه الإشراقي–لأن هذه الأقوال تعبِّر عن مضمون أفلوطيني وإشراقي واضح- والثانية: تراها امتدادًا طبيعيًّا لفكر الرجل وتطوّرا في فلسفته، وبين الموقفين موقف ثالث: يعتبر هذه الأقوال رسائل بين ابن باجه وصديقه ابن الإمام، وما يظهر منها غريبا عن فيلسوفنا فهو في الحقيقة لابن الإمام(ج.راشق).

وثانيا: في سياق أكاديمي داخل ورشات لتحليل وقراءة نصوص الفلسفة العربيَّة الأندلسيَّة، التي شاركت فيها إلى جانب ثلَّة من الباحثين والطلبة تحت إشراف الأستاذ جمال راشق، و كانت لحظة لإعادة فتح النقاش حول هذه الأقوال وقراءتها وتمحيص مفاهيمها، مع مقارنتها بنصوص سابقة أو لاحقة عليها، وهو الأمر الذي مثَّل فرصة لإعادة طرح الأسئلة حولها، ومراجعة حجج النفي والإثبات من خلال مقارنتها بالنصوص الثابتة لابن باجه، وفتحها على النصوص التي تتقاطع معها في المصطلح والأفكار خاصَّة نصوص برقلس وأفلوطين وابن سينا…، وتأكد لنا من خلال كل هذا العمل أنَّ هذه الأقوال تبقى لغزا  يصعب الوقوف فيه على حل، نظرا لتعدُّد الآراء وتعدّد الفروض والحجج بين الأطراف المتنازعة حوله، الأمر الذي سنوضحه في هذا القول حتى يقف الباحث على حجم المشكلة التي تطرحها هذه الأقوال.

 

1-موقف جمال الدين العلوي:

يعتبر الباحث جمال الدين العلوي (1992/1945م) صاحب سبق علمي في تحقيقه للرسائل الفلسفيَّة لابن باجه(460ه/533هـ)، خصوصا رسائل القسم الثاني، فهو أول من حقَّقها ودرسها مجملة، ولقد بذل المحقِّق جهدا علميا واضحا في مستوى إخراج الكتاب والتقديم لكل رسالة بدراسة مختصرة لموضوعها والإشكالات التي تطرحها، وكذلك ما نلاحظه في الهوامش من غنى مادتها، وكثرة المقارنات والتصويبات، واجتهاد الباحث في قراءة الكثير من خرومها.

وهو عمل لا يرقى له إلا من مرن خاطره وحدّ نظره وعلى شأنه في دراسة المخطوطات وعانا صعوبتها وألمَّ بفلسفة ابن باجه.

والجميل أنَّ الباحث لم يقف عند هذا الحدّ بل تجاوزه، إلى موقفٍ نقدي تجاه هذه الرسائل، تمثَّل في: تشكيكه في نسبتها لفيلسوف سرقسطة وفاس، فقد انتبه العلوي ومكانه من فلسفة ابن باجه معروف، إلى أنَّ رسائل القسم الثاني، تطرح صورة غريبة للفيلسوف لم نعهدها في باقي تواليفه، مع غياب ذكرها في الفهارس القديمة المعروفة، بل الأكثر من ذلك يقول العلوي: ” …معظم ما ورد فيها يتعارض والروح العامَّة السائدة في الخطاب الفلسفي الباجوي”[1]، وأسس الباحث شكوكه على ما يلي:

  1. مضمون الرسائل غريب مقارنة مع ما لا يرقى اليه الشكّ من المتن الباجي.
  2. استعمال مفاهيم غريبة عن المتن الباجوي في هذا القسم من الرسائل (مفاهيم الأفلاطونيَّة المحدثة) بينما مفاهيم ابن باجه في باقي المتن هي مفاهيم مشائيَّة.

قول الناسخ:”ووقع لي مجموع تتضمَّن ما هذا مثاله من كلام الشيخ الكبير الوزير أبي بكر رضي الله عنه فانبتها كما ترى[2]

وانسجاما مع شروط البحث العلمي والموضوعيَّة فيه، افترض العلوي إمكانيَّة نسبة الرسائل لابن باجه من خلال:

  1. إما كتبها في المرحلة العلميَّة المنطقيَّة.
  2. إما في المرحلة الثانية الطبيعيَّة.
  3. إما في المرحلة الثالثة الباجويَّة.

كانت هذه هي دعوى جمال الدين العلوي وحججه وكذا فروضه حول إمكانيَّة نسبتها، ليذهب في الأخير إلى أنه لا إمكانيَّة لنسبتها لرجل.

فروض جمال الدين العلوي (جدول1([3]

الفروض النتيجة    
ف: الأول -هذا الفرض مردود، لأن المرحلة الأولى من حياة ابن باجه تميزه بالاهتمام بعلوم التعاليم والمنطق والرياضيات ولا يمكن قبوله بسبب:

1.أن المناخ العلمي بسرقسطة لم يكن يسمح بالتأثر بالأفلاطونيَّة المحدثة.

2.ما الذي يفسِّر اهتمامه بالعلم الطبيعي الأرسطي في المرحلة اللاحقة وهو ما يتعارض ومنحى هذه الأقوال.

3.لم يذكر ابن طفيل و ابن رشد شيئا عنها.

   
ف: الثاني -هذا الفرض مردود أيضا للأسباب التالية:

1.تعارض واضح بين مضمون هذه الأقوال والإشكاليَّة التي تمحور حولها الخطاب الفلسفي الباجوي في مرحلته الأخيرة.

2.اختلاف المعجم الفلسفي لهذه الأقوال مع المصطلحات الفلسفيَّة التي يستخدمها الرجل في تواليفه.

3.منظومة مرجعيَّة بعيدة عن المنظومة المرجعيَّة لأبن باجه.

   
ف: التالث -وهو الافتراض الممكن:

1.قد تكون منحولة على ابن باجه.

2.قد تكون منسوبة إليه خطأ.

3.قد يكون المقصود بأبي بكر المذكور في تقديم الناسخ شخص آخر غير فيلسوفنا.

   

 

2-اعتراضات إبراهيم فيومي على شكوك العلوي:

ولكن هذا التشكيك الذي دافع عنه العلوي لم يسلم من انتقادات حاولت إعادة النظر في فروضه، حيث نجد عند الباحث ابراهيم فيومي (1938/2006م([4]في كتابه تاريخ الفلسفة الإسلاميَّة في المغرب والأندلس موقفا مخالفا يقضي بتهافت حجج العلوي.

فقد أسَّس فيومي اعتراضه على ما ذهب إليه العلوي من خلال ما يلي:

أولا: إن فرض تأليفها في المرحلة الفكريَّة الأولى، لا يمنع صحَّة نسبتها لابن باجه لأنه دليل استبعاد وليس دليل ممانعة، فالعلوي أثبتها لابن باجه ثم بدأ يناقش تاريخ كتابتها حسب تقسيمه لمراحل الفكر الباجوي.

ثم إنّ الجو السرقسطي لا يمنع إمكانيَّة شيوع الأفكار الأفلاطونيَّة والإشراقيَّة، ويشير فيومي إلى ابن مسرة(269/319ه( وحضور الجانب الأفلاطوني عند ابن طفيل(494/581ه(، وانتشار كتب الغزالي(450/505ه(أيضا، مما لا يمنع ابن باجه من التأثر بهؤلاء قبل أن يقف على المذهب الأرسطي، ثم إن انتقاد ابن باجه للغزالي دليل على اطّلاعه على هذا الاتجاه.

ثانيا: أن ما انتبه اليه العلوي من أنّ مضمون هذه الرسائل تفرض دراية فلسفيَّة وهو ما توفَّر لابن باجه في المرحلة الأخيرة، ذلك أكبر دليل على صحَّة نسبتها.

ويسرد الفيومي أدلة تاريخيَّة حول شيوع الأفلاطونيَّة والاشراقيَّة في سرقسطة وبلاد الأندلس عموما، ظهرت قبل ابن باجه، ومن بين الأمثلة يذكر أحمد بن علي الكرماني الذي اعتبر أول من أدخل “رسائل اخوان الصفا” إلى الأندلس وكان يسكن سرقسطة، ويقول عنه صاعد الأندلسي(419/462ه(:” ولا يعلم أحد أدخلها الأندلس قبله وتوفي سنة 458 بسرقسطة”.

ثم يقول فيومي مخاطبا العلوي:” ألست ترى معي أنه من الصعب أمام هذا الحشد الهائل من الفلاسفة أن نفرض أنهم جميعا من دعاة التيار المشائي”[5].

ويتَّفق فيومي مع العلوي في أنّ تاريخ كتابتها لا يعود إلى المرحلة الأولى لأنها تستلزم دراية بعلوم فلسفيَّة وخبرة لم تتوفَّر لفيلسوفنا إلا في المرحلة الأخيرة وهذا ما دفع فيومي إلى تأكيد صحَّة هذه الرسائل وزعمه أنها تعود للمرحلة الأخيرة، ويؤسِّس هذا الموقف على الحجج التالية:

  1. هذا الفرض صحيح ثابت، ولا يرى عند العلوي ما يدعم نقده، لأن حججه غير قويَّة بل إنها تعبر عن عبقريَّة الرجل وإبداعه وتجديده على مستوى المصطلح الفلسفي[6].
  2. يستشهد ببعض الفقرات التي يظهر فيها أن ابن باجه لم يتم القول في الاتّصال وأنه سوف ينفذ لصديقه ابن الامام أقوالا حال كتابتها، وهو وعد تحقَّق بهذه الرسالة.[7]
  3. قد تكون الرسائل من تحرير ابن الامام تلميذ ابن باجه خصوصا أن هذا الأخير أجاز له تبديل العبارة في رسائله، لكن لم يتمكَّن من إضافته إلى مجموعه.
  4. أن ابن الامام يذكر أن لابن باجه تعاليق في الإلهيات غير هذه وأن المجموع لا يحصر تواليف الفيلسوف.[8]
  5. أما أنها لأبي بكر آخر فلم يستطع العلوي أن يقيم عليه الدليل.
  6. أما عن عبارة الناسخ “وقع لي” فهي دليل نسبة الرسائل للرجل لأنه حصل عليها من مجموع آخر غير ابن الإمام والقاضي الأديب.

إن تأكيد نسبة الرسائل إلى ابن باجه هو الأقرب إلى الصواب، نظرا لما تمثّله من امتداد لرسالتي الوداع والاتصال، ثم هو معقول لأننا نعلم أنه لم نعرف في فكرنا الفلسفي تيارا قام على مذهب خالص دون التأثّر بالمذاهب الأخرى، فأغلب الفلاسفة جاءت فلسفتهم مزيجا من الاتِّجاهات وابن باجه أحدهم.

موقف ابراهيم فيومي (جدول2(:

الفروض (العلوي) الاعتراضات (فيومي)
الفرض الأول -هذا الفرض دليل استبعاد وليس دليل ممانعة.

-لا مانع من تأليفها في مرحلة مبكّرة قبل اتّصاله بالفلسفة الأرسطيَّة.

-المناخ العلمي بسرقسطة لعب دورا كبيرا في التبادل الثقافي وخاصّة الأفلاطونيَّة المحدثة.

-ظهور تيار إشراقي مع ابن مسرة وابن طفيل دليل على شيوع التيار الإشراقي.

-حضور الأفلاطونيَّة والإشراق عند المشتغلين بالفلسفة قبل ابن باجه وفي زمنه بسرقسطة.

الفرض الثاني -نؤكّده نؤيّده، باعتبارها محاولت لتجاوز بعض الثغرات في الإرث الأرسطي وليس تحولا لإبن باجه عن فكره.

-استعماله لمعنى جديد على المفاهيم الأرسطيَّة، فهذا اجتهاد وإبداع.

-في مواضع كثيرة من نصوص الرجل يعد فيها بقول سوف يكتبه.

-قد تكون بعض هذه الرسائل إضافات من ابن الإمام.

-قول الناسخ: »وعسى أنه قد علق فيه مالم نعثر عليه «

-المجموع ترك الباب مفتوحا لاحتمال مؤلفات أخرى لابن باجه لأنه:

·      لم يحصر جميع تواليف ابن باجه.

·      صاحب المجموع يحتمل أن يكون لابن باجه غير ذلك في الإلهيات.

·      صاحب المجموع يذكر أن للرجل كلاما لا يتميَّز في غرضه.

الفرض الثالث -لا يوجد دليل على القول بأنها منحولة أو منسوبة للرجل.

-كثير من الرسائل لم ترد أيضا في مجموع ابن الإمام وقائمة ابن أبي أصيبعة ولا يرقى لها الشك.

قد يكون إبن باجه كتبها وإلى ابن الإمام ولم تصل.

-وقد تكون وصلت إليه ولكن حالت ظروف دون ضمّها لمجموعه.

-قول الناسخ:  “وقع لي” دليل نسبتها ولا يوجد ما يوجب الشك فيها.

وينتهي فيومي إلى الخلاصة التالية: “ليس في الرسائل مخالفات فاضحة لا في موضوعها، ولا في مضمونها، ولا في مفاهيمها، أو في مضمونها، أو في رؤيتها الفلسفيَّة، توجَّب على الباحث الشك فيها وتوجَّب على الباحث البحث عن أدلة شكيَّة تنفي نسبتها عن صاحبها[9].”

3-موقف جمـــال راشــــــق:

يؤسِّس الباحث جمال راشق لأطروحة حول نسبة هذه الأقوال، في كتاب صدر تحت عنوان “بين الحكيم والوزير رسائل فلسفيَّة بين ابن باجه وابن الإمام دراسة وتحقيق[10] وهو عمل خصّصه لدراسة هذه الأقوال وعددها ثلاثة عشر قولا مع دراسة حاول فيها تقديم حجج وأدلّة على أطروحته التي يذهب فيها إلى أن هذه الأقوال يمكن اعتبارها مراسلات بين الفيلسوف وتلميذه ابن الامام وذلك للأسباب التالية:

-وجود عبارات تفيد المخاطبة.

-أغلب رسائل ابن باجه التي لا يرقى لها الشك مع ابن الإمام.

-قول الناسخ في عنوان القول الحادي عشر:”وهو آخر ما وجد من قول الحكيم فيما دار بينه وبين الوزير“.

وقد يعترض البعض بالقول أن ابن باجه لم يراسل فقط ابن الإمام وأن من بين تواليفه رسالة إلى يوسف ابن حسداي اليهودي، فما الذي يمنع أن تكون هذه الأقوال أو بعضها مراسلات بينه وبين إبن حسداي، لكن هذا الاعتراض مردود عليه لسبب بسيط وهو أن ناسخ المخطوط كتب في آخر هذه الأقوال:”وهذا آخر ما دار بينه وبين الوزير“.ولقب الوزير عرف به ابن الامام، دائما يصفه به في جميع الرسائل التي لا يرقى لها الشك، أما ابن حسداي فلم يكن وزيرا.

وقد ذهب راشق في دراسته حول نسبة هذه الأقوال إلى تقسيمها لأقول اعتبرها رسائل من ابن باجه لأن مضمونها يتفق مع المنحى الفلسفي للرجل، وأخرى ينسبها إلى ابن الامام لأن مضمونها غريب على فيلسوفنا.(أنظر الجدول3(

ورغم الجهد الذي بذله الباحث في قراءة هذه النصوص وتصنيفها إلى رسائل لابن باجه وأخرى لابن الإمام، غير أن هذا الموقف يصعب دعمه وقبوله، لأننا لا نملك بين أيدينا اليوم أي تواليف أو نصوص لابن الإمام الاشبيلي يمكن أن نقيس عليها بعض هذه الأقوال لتكون دليلا على نسبتها له، فالرجل في ما نعلم لم يترك عملا ولا مصنفا يعبر عن لغته وأسلوبه وأفكاره، وهو ما يجعل نسبة بعض هذه الأقوال أو جزء منها لابن الإمام فيه نظر[11].

ولا بد من التأكيد على أن علاقة ابن باجه مع ابن الإمام كانت قويَّة، لدرجة طلب فيها منه أكثر من مرة مراجعة تواليفه وتبديل العبارة والنيابة عنه في إزالة القلق عنها، طلبا يبدو صريحا في رسالة الوداع[12]، وهناك دليل آخر لتدخّل ابن الإمام في ما كتب ابن باجه بكتاب الأثار العلويَّة[13] وكتاب الكون والفساد[14]، ففي الكتاب الأول يرد تدخل ابن الامام في صلب المثن، وفي الكتاب الثاني في طرة الورقة على شكل هامش.

قد يكون تدخل ابن الإمام في هذه الأقوال من أجل التخفيف من محنة الاشتغال بالفلسفة وعلوم الأوائل بسبب التهم التي قذف بها في سيرته.[15]غير أن الباحث يتجاوز هذا الفرض لصالح فرضه الذي أكد فيه أن هذه الأقوال مراسلات جرت بينهما، وهو ما يعني أنها آخر ما وصل إليه المشروع الباجوي، أما المواضيع الغريبة عن فلسفة ابن باجه فهي كلام ابن الامام، وقد ظلت هذه الأقوال مع ابن الإمام ولم يتمكن من إضافتها للمجموع، وهو ما يفسر انفراد مخطوط أكسفورد بهذه الأقوال الذي يعتبر مخطوطا مشرقيا، مع العلم أن ابن الإمام رحل إلى الشرق حيث كان يراسل ابن باجه، وهذا أيضا ما يفسر عبارة الناسخ “ووقع لي” أي سيثبت في مجموع ابن الامام أقوالا لم تكن فيه.

موقف جمال راشق:(جدول3)

الفروض عنوانه                                         حججه
ف: الأول لا يمكن نسبتها لابن باجه -بسبب مفاهيمها التي توظف في معنى بعيد عن الروح الباجيَّة المعروفة(مثال: الفطرة الفائقة…).

-تستند هذه الأقوال إلى خلفيَّة تعود لنظريَّة الفيض(مثال: الخير المحض/مشكاة الأنوار/عيون المسائل).

-إشادتها بالغزالي في حين ينتقده ابن باجه في تواليفه الأخرى.

ف: الثاني صعوبة نسبتها لشخص اخر -في هذه الأقوال ما لا يمكن الشك في نسبته للرجل.

-في هذه الأقوال ما وعد بالنظر فيه في الأقوال التي التواليف التي لا يرقى لها الشك.

-في هذه الأقوال أمثلة تحضر لدى الرجل بتواليفه التي لا يرقى لها الشك.

-الإحالة في هذه الأقوال  على الإسكندر والزرقالة توجد في تواليف الرجل.

ف: التالث مراجعة ومذاكرة بين ابن باجه وتلميذه ابن الأمام -يطلب ابن باجه من ابن الامام تبديل العبارة والنيابة عنه في إصلاحها(مثال: رسالة الوداع).

-تدخل ابن الإمام صلب كتاب الآثار العلوي.

-تدخل ابن الإمام في كتاب الكون والفساد بطرة الورقة على شكل هامش.

-تدخل ابن الإمام في هذه الأقوال من أجل تجنيب أستاذه محنة الاشتغال بالفلسفة.

ف: الرابع مراسلات بين الفيلسوف وتلميذه ابن الإمام -وجود عبارات في هذه الأقوال تفيد المخاطبة(مثل: فيما تجادبناه/وانظر مع نظرك).

أغلب أعمال ابن باجه التي لا يرقى لها الشك مراسلات مع ابن الإمام.

-قول الناسخ في عنوان القول الحادي عشر: » وهو آخر ما وجد من قول الحكيم فيما دار بينه وبين الوزير« .

-وقول آخر تحت عنوان: »وكتب رضي الله عنه إلى الوزير أبي الحست ابن الإمام « .

 

يترتب عن هذا الفرض الأخير حسب جمال راشق[16]:

  1. أن هذه الأقوال هي آخر ما وصل إليه المشروع الباجي.
  2. أن المواضيع الغريبة عن فلسفة ابن باجه هي كلام ابن الإمام.
  3. ظلت هذه الأقوال مع ابن الإمام ولم يتمكن من إضافتها للمجموع وهو ما يفسر:
  • إنفراد مخطوط أكسفورد بهذه الأقوال وهو مشرقي لأن ابن الإمام رحل إلى الشرق حيث كانت بينه وبين الحكيم مراسلات.
  • هذا ما يفسر عبارة الناسخ» ووقع لي«أي سيثبت في مجموع ابن الإمام أقوالا لم تكن فيه.

ملاحظات جديدة عند جمال راشق:

  1. إحالة مضمرة في هذه الأقوال على كتاب الصور الروحانيَّة للإسكندر وهو كتاب يحيل عليه ابن باجه في موضعين داخل تواليفه التابثة النسبة.
  2. تسربت عناصر الأفلاطونيَّة المحدثة لإبن باجه بسبب وقوعه ضحيَّة الخطأ في نسبة كتاب الصور الروحانيَّة إلى الإسكندر وهو لبرقلس.
  3. يذكر ابن باجه كتابا عن العلم الإلهي وربما يقصد رسالة الفارابي في العلم الإلهي وهي أيضا منحولة له، لأنها لبرقلس.

خــاتـــــــمــــــة:

بعد المقارنة بين المواقف الثلاثة من مشكلة نسبة الأقوال الفلسفيَّة لابن باجه، ومناقشة فروض وحجج كل واحد منها، نصل في الأخير إلى أن جميعها وقف دون الحسم بشكل واضح فيها، وذلك لغياب شرط مهم في أي موقف أو طرح نصدره على أسس علميَّة، وهو شرط إثبات الفكرة أو الحكم بالنص والوثيقة الصريحة، طبعا لا نبخس المجهود الكبير الذي بذله الباحثون حول هذه الأقوال، لكنه يبقى مجرد اجتهاد وتأويل لبعض العبارت أو الفقرات في هذا القول أو ذاك، إن شرط العودة إلى النصوص هو الكفيل بفك لغز هذه الأقوال، وخاصة تلك النصوص والشذرات التي لم تحقق بعد في بعض المخطوطات التي تحتوي تواليف ابن باجه، منها ما هو معروف وأخص بالذكر مخطوط برلين (بلونيا خزانة كراكوف 6035( ومخطوط طشقند (92/2385( ومنها ما ستكشف الأيام عنه.

 

مصــــــــــــادر ومراجــــــع:

ابن باجه، أبوبكر، رسائل فلسفيَّة لأبي بكر بن باجه، تحقيق وتقديم: جمال الدين العلوي، دار الثقافة ودارالنشر المغربيَّة، بيروت/الدارالبيضاء، 1983.

ابن باجه، أبوبكر، رسائل ابن باجه الإلهيَّة، تحقيق وتقديم: ماجد فخري، ط.1، دارالنهار للنشر، بيروت،1968.

ابن باجه، أبوبكر، كتاب الكون والفساد، تحقيق وتقديم: محمد المعصومي، مجلة مجمع اللغة بدمشق، عدد: 42، 1967.

ابن باجه، أبوبكر، كتاب شوح الاثار العلويَّة، تحقيق: محمد مساعد، دفاتر مجموعة البحث في الفلسفة الإسلاميَّة، مركز الدراسات الرشديَّة، منشورات كليَّة الأداب ظهر المهراز فاس المغرب، 1999.

راشق، جمال، ابن باجه سيرة وبيبليوغرافيا، الرابطة المحمديَّة للعلماء، دارالأمان، ط.1، 2017.

راشق، جمال، بين الحكيم والوزير رسائل فلسفيَّة بين ابن باجه وابن الإمام، دراسة وتحقيق، دار النشر فضاء أدم، مراكش، 2017.

 

-ابن باجه, أبوبكر، رسائل فلسفيَّة لأبي بكر ابن باجه, تحقيق وتقديم جمال الدين العلوي, بيروت والدارالبيضاء: دارالثقافة, 1983,ص21[1]

[2] – رسائل فلسفيَّة لأبي بكر ابن باجه, م.ن,ص38

[3] – يذهب العلوي مع ذلك أن الفرض التالث لا ينبغي أن يأخذ بإطلاق لأن بعض الأقوال من هذه الرسائل, إذا حذفنا منها الفقرات ذات المنحى الأفلوطيني لا نقف فيها  على ما يمنع نسبتها لإبن باجه.(الرسائل, ص 51)

 

[4] – فيومي,ابراهيم, تاريخ الفلسفة الإسلاميَّة في المغرب والأندلس, دار الجيل, بيروت, 1997

-ابراهيم فيومي, تاريخ الفلسفة الاسلاميَّة في المغرب والأندلس, ص.378.[5]

– ابراهيم فيومي, تاريخ الفلسفة الاسلاميَّة في المغرب والأندلس, ص.380.[6]

– ابراهيم فيومي, تاريخ الفلسفة الاسلاميَّة في المغرب والأندلس, ص.382.[7]

– ابراهيم فيومي, تاريخ الفلسفة الاسلاميَّة في المغرب والاندلس, ص.384.[8]

[9] – ابراهيم فيومي, تاريخ الفلسفة الاسلاميَّة في المغرب والاندلس, ص.385

[10] – راشق.جمال, بين الحكيم والوزير رسائل فلسفيَّة بين ابن باجه وابن الإمام دراسة وتحقيق,فضاء أدم, مراكش, 2017

– نظم في هذا الموضوع بكليَّة الأداب بمراكش ورشات لقراءة وتحليل نصوص الفلسفة العربيَّة الأندلسيَّة تحت إشراف جمال راشق وتنظيم ألان نيفيس سنة 2018 وكان أول نص تمت مدارسته هو رسائل ابن باجه.[11]

-رسالة الوداع,ضمن رسائل ابن باجه الإلهيَّة, تح. ماجد فخري, دار النهار, بيروت, 1968,ص ص 172.173[12]

[13] -ابن باجه, كتاب الكون والفساد, تح. محمد المعصومي, مجلة مجمع اللغة بدمشق, عدد 42, 1967, ص.428

[14] -ابن باجه, كتاب شرح الاثار العلويَّة, تح. محمد مساعد, مركز الدراسات الرشديَّة, فاس, 1999, ص.72

-أنظر: راشق. جمال, إبن باجه, سيرة وبيبليوغرافيا, دار الأمان, الرباط, 2017, ص.23[15]

[16] – راشق.جمال, بين الحكيم والوزير رسائل فلسفيَّة بين ابن باجه وابن الإمام دراسة وتحقيق, م.س, ص45ص46

جديدنا