لماذا وجَّه الفنَّانُ بصره نحو الأرض؟

image_pdf

تولَّد في ذهني السؤال أعلاه انطلاقاً من محاضرة رصينة للأستاذ موليم لعروسي بعنوان:” الفنّ بما هو فكر”[1] حيث قال إنه مع الفنان الإيطالي  جيوتو)1267-1337( سيتمّ تصويب البصر نحو الأرض. ففي  لوحته الموسومة بـ “يواكيم بين الرعاة”  )1304-1306(رسم القديسَ إلى جانب الخرفان والكلب الذي يرافقُ القطيعَ . بهذا أنزلَ الفنَّانُ القديسَ “بصرياً” إلى مستوى من ظلّ خارج قبضة الرسام. فبعد أن كان “الفنّانُ ”  مشدوداً إلى السماء، أي: يقيمُ علاقةً عموديَّة مع العالم صار ملتصقا بالأرض، أي: يقيم علاقة أفقيَّة معه .  هذه النقلة بوَّأتِ الإنسانَ مركز العالم، وهو ما عبَّر عنه  المنظور* أحسن تعبيرٍ.

هذا القولُ مكثَّفٌ جداً، ويحتاج منا بسط مَطوياتهِ أن نَسلكَ منهجاً تحليليا يرومُ بحثَ  الأسباب التي أدَّت إلى هذا التحوّل . أي لن نكتفيَ بذكر النتائج فقط،  لأنَّني أرومُ التفكيرَ مع القارئ الكريم لا قذفَهُ بسيل من المعلومات التي توجد على قارعة الطريق.

 

إذن، لماذ انتظرنا  كل هذه المدَّة – إلى حدود النهضة الإيطاليَّة- حتى تنال الجزئيات/ الأعراض نصيباً من فرشاة الرسام؟ ما السرّ في إشاحة الفنان بصره عن السماءِ  )من السمو( وتصويبه نحو الدنيا )من الدنو(؟

إنَّ التفكيرَ في فنِّ الرسمِ له عدَّة مداخل، ومنها مدخلي العلم الفلسفة .أي أنَّ هذين الأخيرين يُساعدانِنَا على فهم التحوّلات التي تَطرأُ على الفنّ البصري عموماً. بتعبيرٍ آخرَ، فنّ الرسم له أبعاد فكريَّة، وعدم إبرازها يجعله محض تقنية، وفي أحسن الأحوال أشكالاً مرئيَّة خرساءَ.

 

لنتابع، إذن، الرحلة الفكريَّة التي اقتادتنا  إلى المنظور، أي الانتقال من  المكانِ الطبيعي إلى المكان الرياضي. لأنَّ المنظورَ الذي شكّل، وَفق  موليم لعروسي، التمثيل البصري الأمثل لمركزيَّة الإنسان يستدعي في نظرنا ترييضَ المكانِ بالأساس.

1- أرسطو: الجزئيّات أو اللامفكر فيه

إن هيمنة التصوّر الفيزيائي الأرسطي شكَّل عقبة كأدَاءَ أمام الرسامين حيث لم يجرُؤوا على  التحديقِ  في الأرض، أي النظر إلى المادَّة الثقيلة: فلاحٌ يجر عربةَ بطاطيسَ، بينما كانوا مولعين  بالقبَّة السماويَّة وعالمها الأثيري.

من المعلوم أنَّ أرسطو قد أنكر الفراغَ/الخلاء )المكان الهندسي الأوقليدي(، وفي  هذا الإنكار تظهر، وفق ألكسندر كويري، أصالة أرسطو وعمقه؛ لأنَّ الإقرارَ بِهِ ، أي الفراغ، هو تقويض للمكان الطبيعي )الفوق أسمى من التحت( حيث اللاتجانسُ والتفاوتُ. في الفراغ/ الخلاء )المكان الهندسي الأوقليدي( لا ” توجد أمكنة/ اتِّجاهات مفضّلة، بل لا توجد أمكنة طبيعيَّة البتة”[2]، أي:  توجد أمكنة متساوية. ومن ثم، لا يمكن أن يجتمع الفراغُ  والنظامُ الكوسمولوجي. أي الفراغ الذي يكسرُ التراتبَ الذي يفترضه أرسطو. هذا الأخير يجعل ” الأرض في مركز الكون، وحولها توجد طبقات الماء والهواء والنار. ولكل عنصر مكانه الطبيعي الخاص به . مجموع هذه الطبقات يُكونُ عالم ما تحت القمر، وراءها يوجد عالم الأثير غير القابل للفساد، والكرات السماويَّة”[3].

هنا، بالضبط، نقفُ عند جذور الانشداد إلى فوق. فالفكر اليوناني لم يرَ ما هو كائن، بل ما ينبعي أن يكون، أي: لم تُغرِهِ الجزئيات/ الأعراض، ” فلا علم إلا بالكليّات”، يقول أرسطو. وهذا الأمر واضح إذا ما  لاحظنا الفنّ البصري السائد في اليونان أنذاك: النحت*. هذا الأخير يتّخذُ من الجسم البشري نموذجاً له. المنحوتات اليونانيَّة  تُمثّلُ الجسمَ الإغريقي بشكل مثالي لا يَعتوِرُه نقص؛ لأن ” الجسمَ الإغريقي يمتلك قيمته من المشاركة في النموذج الإلهي، لا العكس”[4].  لن نجد كرشا متدليَّة؛ لأنه ، أي النحت، يصوّرُ جسما كما أُرِيدَ له أن يكون لا كما هو كائن.

الاشرئبابُ إلى السماءِ سيستمرّ مع التصويرِ الإسلامي )الواسطي( الذي لم  يهتمّ بالتفاصيل )الأيدي، الأقدام، ملامح الوجه، الانفعالات(. وهذا الأمر دام لسنوات طوال حيث كانتِ الشخوصُ تُمَثّلُ كما لو أن لا وزنَ لها تسبحُ في عالم أثيري. لم يكنِ”الفنّانُ” يأكلُ الطعامَ ويمشي في الأسواقِ.

2-الواسطي*: غيابُ الجزئياتِ والبعد الثالث )العمق)

يقولُ ثروت عكاشة:” مدرسة[ بغداد] تغلب عليها الرسوم الآدميَّة بما فيها من قوَّة حياة وقوَّة غير ملقية بالاً بتفاصيلِ أجزاء الجسم، ولا بتفاصيل التشريح ولا بالتزام النسب بين الأعضاء ، ولا بمظاهر العواطف والانفعالات وكما هي الحال في التصوير القوطي –البيزنطي تصوّر الوجوه الآدميَّة بملامحَ غُفل من التعبير وكأنها أقنعةٌ …”[5]، ويضيفُ:” كما لم تُعنَ بقواعد المنظور ، فلم يكن للصورة غير بعدين اثنين هما الطول و العرض أما العمق فلا وجود له”[6].

المقدّمةُ الأرسطيَّة تقولُ:” لا علم إلا بالكليات”. إذن، الجزئيات/ المحسوسات/ التفاصيل ستبقي في عِداد اللامفكر فيه، أي: التفكير فيها معناه فتح النسق الأرسطي وتوسيع دائرة التفكير . إغفال الواسطي للتفاصيل ربما يرجع إلى بقايا التفكير المشائي،  فحتى وإن ظهرت مع الواسطي بوادرَ جنينيَّة تهتم بتصوير الحياة  اليوميَّة للناس، والحيوانات، والنبات تجد أن طريقة التناول تَنحُو بها إلى أشكالٍ لاأرضيَّة. فقد ” جنحتِ المدرسةُ البغداديَّة في الرسوم النباتيَّة إلى التنسيق الزخرفي، أدَّى ذلك إلى الخروج عن الحقيقة المرئيَّة للنبات”[7].

نأتي إلى العمق )البعد الثالث(، لنقولَ: إن الواسطي لم يهتدِ بقواعد المنظور التي تقتضي تصوير البعيد بعيداً والقريب قريباً ، حيث نجدُه في المنمنمةِ التي “تصوّر المقامة الحادية عشر “الساويَّة”  قد  جعل أحجام الفرسانِ في الخلفيَّة أكبر حجما من الشخص في المقدّمة”[8]. نفس الأمر نلمسه في تصوير المقامة السادسة والأربعون “الحلبيَّة” حيث نرى الشخصين [ السروجي و الحارث] فوق الأريكة يبدوان أكبر حجما من التلامذة الجالسين في مقدّمة الصورة[9].

نستشف ممّا سبق أن تصوّر الواسطي للمكان يتناسب  مع التصوّر السكولائي للعالم . أي: يعبر عن رؤيَّة كوسمولوجيَّة متناهية ؛ لأن مُنمنَماتِهِ بدون أبعاد أو غور مما يدل على عدم تجاوزه للأفق المعرفي المسيج  بفكرة التناهي. ” فالكون الأرسطي وحيد وواحد لا يوجد سواه، ولا وجود لعوالم متعدّدة خارجه، حتى الخلاء غير موجود لأن السماءَ حد مطلق لا شيء وراءها”[10]. لكن، مع جيوتو، ستظهر الإرهاصات الأولى لبناء مفهوم جديد للمكان. هذا الأخير، أي جيوتو Giotto، جاهَدَ لتطويعه رياضيا الأمر الذي تأتى له بمعيَّة فنانين آخرين من خلال اكتشافهم للمنظور. فترييض المكان هو ما يمثل في في نظر بانوفسكي الأساس الإبستمولوجي للبدايَّة الحقيقيَّة التي عرفها فنّ الرسم في عصر النهضة.

3-جيوتو، أو القدم التي وطأت أرضا لاأرسطيَّة

يقارنُ جولدشتاين  بين جيوتو التلميذ وشيمابوي الأستاذ لإبراز الثورة البصريَّة التي حدثت في فن الرسم. أي قد يكون الموضوع واحدا ، لكن طريقة التناول هي الفيصل. لنقرأ:

” ثمَّة حجرة في قاعة أوفيزي Uffizi Galler بفلورنسا تحتوي على لوحة لجيوتو على جدار ، تقابلها لوحة لشيمابوي Cimabue، أستاذ جيوتو، على الجدار المقابل، وتتناول كل من اللوحتين الموضوع نفسه، منفذاً على أسس متطابقة تقريبا-  هو موضوع السيدة العذراء  والطفل يسوع على العرش، يحيط بهما الملائكة”[11].

طريقة التناول هي التي ستُظهر لنا الثورة الفنيَّة التي نهض بها جيوتو. ثورة نقلتنا من عالم بصري إلى آخر . ففي لوحة جيوتو نجدُ الأرضَ/ الطبيعةَ بتفاصيلها* الحسيَّة قد بدأت تنال حظها من التصوير/ التفكير.

فبينما “تستقر شُخوص شيمابوي المقدَّسة في السماء، هبطت عذراء جيوتو إلى الأرض. وقد حقَّق شيمابوي تأثيره الأثيري بوضع شخوصه بالطريقة البيزنطيَّة- التقليديَّة، مسطّحة على خلفيَّة ذهبيَّة  ، بحيث تبدو معلقةً فيي الهواء، شامخة فوق المشاهد. كذلك رفع عرش العذراء بإظهار لمحات من الفضاء السماوي تحت قاعدته ، ودور المشاهد أن يراقب العذراء وهي تحلِّق في الأعالي. هذا التقديس في لوحة جيوتو  يظهر في قوة الانفعالات التي تزخر به جلستها فـ”عرشها يستقر بثبات على الأرض. تبدو قاعدته أرسخ، بفضل نقشها الرخامي المتقن. ويقدّم العرش كله كشيء له مادَّة وعمق[12].

إذن، تنشد شخوص شيمابوي  إلى السطحِ حيث تظهرُ ككائناتٍ أماميَّة دون قفا أو عجيزاتٍ، بينما شخوص جيوتو من لحمٍ ودمٍ يمكنُ أن  نتحسسَهم بالأصابع، وأجسامهم ثلاثيَّة الأبعاد. يقول جولدشتاين:”  من شيمابوي إلى جيوتو نرى الفن أخد يخلف وراءه  عالم العوالم الرمزيَّة الروحيَّة تدريجيا إلى مرآة بهيجة لعالم الواقع الدنيوي”[13]. كيف حدثت هاته النقلة؟

يقول دوهيم”: إدا كان لابد من تعيين تاريخ لميلاد العالم الحديث ، فإنّنا نختار ولا شكّ تلك السنة 1277م التي أعلن فيها أسقف باريس رسميا، إنه يمكن أو توجد عوالم كثيرة أن مجموع الأفلاك السماويَّة يمكن أن تسكنها حركة مستقيميَّة، وذلك بدون وقوع تناقض”[14].  ماذا يفيد  هذا القول؟

لم تعدِ السماءُ حدًّا مطلقاً للعالم،أي: لم يعد هناك عالم واحدد ووحيد، بل هناك عوالمَ كثيرة، ثم أن الحركةَ المستقيميَّة التي كانت حكرا على عالم ما تحت القمر قد انسحبت  على السماء. و النتيجة هي النظر إلى الكرات السماويَّة باعتبارها خاضعة للقوانين الفيزيائيَّة نفسها التي تخضع لها كرة الأرض. وهي صيغة أخرى للقول، إن العالمَ المتراتبَ )فوق/تحت( وَلى إلى غير رجعة وصرنا في عالم متساوٍ من حيث القوانين، وإذا شئنا قلنا، اكتشفنا الأرض لأول مرَّة. أرضنة العمليَّة الإبداعيَّة تعني استقلال الفنان عن السماء وعن السلطات الدينيَّة وقذف ما تجود به عبقريته إلى الخارج تحت إملاء داخلي لا خارجي.

لنلاحظ أن جيوتو بدأ في البحث عن البعدِ الثالثِ أو الإيهام ببعد العمق قبل تطبيق قوانين المنظور، مما يوحي بمسايرته لتوجه  عقلي عام يتجاوزهُ. فليوني باتيستا ألبرتي) 1404-1472 ( لم يتمكن من صياغة القوانين المضبوطة للمنظور بطريقة صالحة رياضيا*  إلا في كتابه في التصوير، المنشور عام 1435م. هذه الصياغة تتويج لعمل جماعي أرق فناني عصر النهضة. لكن الخطوةَ المهمَّةَ التي قام بها   ألبرتي  هي إبراز البعد الإنسي في المنظور؛ أي المركزيَّة الإنسانيَّة التي تحدَّث عنها موليم لعروسي ، يقول غولدشتاين:” أثبت [ألبرتي] أن نقطة التلاشي هي دالة على الرؤية البشريَّة ، وأن موقعها الهندسي يمكن الحصول عليه بتصور مثلث تتطابق قاعدته مع عيني الفنان ويتلاقي ضلعاه باتجاه رأس المثلث” [15]. نقطة التلاشي/الاستهراب** Le point de fuit توحي ببعد العمق الذي يحيلُ  في  اللوحةِ على أفق اللاتناهي. بعبارةأخرى، يتَماشى المنظور وعالم اللاتناهي. وهذ الأمر يظهرُ بشكلٍ جلي  في لوحة بوتيشيلي Botticelli.” ففي لوحة البشارة 1489-1490 تتراءى تقنيَّة المنظوريَّة بشكل بارز ومكتمل حيث يستغل بوتيشيلي تسللَ الوادي الذي يبدو في وسط جداول وقصور بعيدة للإيحاء بفكرة اللانهائيَّة وإقحام الامتداد المترامي الأطراف في فضاء اللوحة”[16].

خلاصة هذاالقول، لفن الرسم تاريخ يتكئ عليه، أي أن قراءته لا تُترَكُ نهباً للمصادفة. لا يمكن أن نتصوّر فن الرسم بمعياره الهندسي- البصري قبل عصر النهضة. فالثورات العلميَّة-الفلسفيَّة لها ما يوازيها في الفن. ومن ثم كان العلم- الفلسفة مدخلا مهما لقراءة تاريخ الفن عموما، وفن الرسم خصوصا حتى نتجنب القراءة اللاتاريخيَّة التي تعقد مقارنات كاريكاتوريَّة بين الفنانين.

 

­­­­

 

[1]– https://www.youtube.com/watch?v=qwSYJaoQtYY   نظر في 25/05/2020

* يقول بانوفسكي :” المنظور هو مهارة تمثيل عدة موضوعات تنضاف إلى الفضاء الذي ترتسم عليَّة بصورة، يبدو فيه السند المادي للوحة وكأنه تم محوه كليَّة من طرف السطح الشفاف”. نقلا عن محمد الشيكر،النهضة الغربيَّة ..الحدث والإبدالات، منشورات الزمن، العدد 75، شتنبر2016، ص48

[2] – Alexandre koyré, études galilléennes-herman,1966, p 23

[3] – سالم يفوت، من منظور تاريخ العلم: إسهام مفكري المغرب والأندلس في تكوين علم الفلك الحديث، الثقافة المغربيَّة، العدد 2، 1992 ، ص 27

* لا يمكن الحديث أبدا عن المنظور عند الإغريق، لأن هذا الأخير  يعتمد على “مفهوم اللا منتهي الذي يتحكم في مفهوم المستمر؛ فهو قد كسر العوالم المغلقة و المنفصلة والكيفيَّة المجزأة التي كانت تنتظم التمثل حتى ذلك الحين “[3]. هذا هو المسوغ الفكري لسيادة التماثيل على التشكيل لدى القدماء؛ لأن النحت ينبني على ثلاثة أبعاد حقيقيَّة، ومن ثم تناهيه.انظر ريجيس دوبري، حياة الصورة وموتها، ترجمة: فريد الزاهي، أفريقيا الشرق،2012، ط2، ص 178

[4] – نفس المرجع، ص 139

* رسام منمنات عاش في القرن الثالث عشر. زين مقامات الحريري، أي عبر عن النص بالصور . يضم مخطوط الواسطي تسعا وتسعين منمنمة )مقامات الحريري عددها خمسون(

[5]- ثروت عكاشة، فن الواسطي من خلال مقامات الحرير، القاهرة، دار المعارف، ص9

[6]– نفس المرجع، ص9

– [7]  نفس المرجع ،ص 10

[8]  – نفس المرجع، صفحة غير مرقمة

[9] – نفس، المرجغ، صفحة غير مرقمة

[10] – سالم يفوت، مرجع سابق،ص 27

[11] – توماس جولدشتاين، المقدمات التاريخيَّة للعلم الحديث، تصدير: إيزاك أسيموف، ترجمة: أحمد حسان عبد الواحد،سلسلة علم المعرفة، 2003

ص 220

* يقول ريجيس دوبري بحسه الساخر:” ففي عصر النهضة، وباستثناء ليوناردو دافينشي، لم يكن الأرسطي النفعي وورثة أفلاطون الدي يتحكمون في قلب أوروبا، أي وسطها، يريدون أو هم بالأحرى لم يكونوا قادرين على النظر إلى حقل زيتون أو طريق غير معبد أو عربة خيول”. )مرجع مدكور، ص 157(

[12] – توماس جولدشتاين، مرجع مدكور، ص220

[13]  – نفس المرجع، ص 222

[14] – نقلا عن محسن المحمدي،تعطيل المادة: أعد الجوازات النظريَّة لانطلاق منظومة الحداثة، مؤمنون بلا حدود،11

*جزء كبير من الانقلاب الدي حدث في ميدان الرسم راجع بالأساس إلى ترييض الفضاء؛ لأن المنظور لا يمكن استيعابه إلا داخل أرض رياضيَّة )المكان الأوقليدي بشكل خاص(الدي يقوم على ثلاث خاصيات كبرى: الاتصال la continuité واللانهائيَّة l’infinité  والتجانس l’homogénéité. في حين يفتقد المكان الأرسطي لهده الخصا ئص .

[15]  – توماس جولدشتاين، مرجع سابق، ص 235

** تعني في اصطلاح الرسامين النقطة التي تبدو فيه الخطوط المتوازيَّة متلاقيَّة وكأنها هاربة؛ وهي التي تعتمد في الرسم المنظوري للإيحاء ببعد العمق وبتدرج مستويات المكان المرسوم تبعا لدرجات القرب أو البعد منزاويَّة النظر الأصليَّة. انظر أردلان جمال، المنظوريَّة والتمثل مقاربة فلسفيَّة لمفاهيم المكان والرؤيَّة في فن الرسم، مجلة فكر ونقد، العدد13، نوفمبر 1998 ، ص 87. هدا النقطة أرقت فناني النهضة تدور بالأساس على تنظيم الرؤيَّة وفق منزع إنسي. بقول ريجيس دوبري:” إن نقطة اللقاء الوحيدة للخطوط المنظوريَّة في عمق  الحائط اللوحة يوجد في محور زاويَّة النظر القارة والوحيدة، المنعزلة والوحيدة للعين، أي هدا المشاهد المتمركز حول داته والدي يستعرض الفضاء  نفسه أمامه كما لو كان فضاءً جديدا )…( لقد كان لتدويت النظرة هدا بدون منازع ثمنه: أي اختزال الواقع في المدرك.) ريجيس دوبري، مرجع مدكور، ص 188(

[16] – أردلان جمال ، مرجع مدكور، ص 87

 

جديدنا