أحمد حسنين باشا أسطورة القصر والصحراء

image_pdf

هل يكتب التاريخ المتخصّصين أم أن التحقيق الصحفي يدخل ليكسر حدَّة جفاف كتابات المؤرِّخين في كتاب “أحمد حسنين باشا.. أسطورة القصر والصحراء” سترى أنك تعيد قراءة التاريخ مرَّة أخرى، محمد السيد صالح مؤلِّف الكتاب يعيد تقديم لنا شخصيَّة أحمد حسنين باشا رجل الدولة بصورة مختلفة عمَّا شاع عنه في الكتابات التاريخيَّة أو حتى الدراما.

الدكتور مصطفى الفقي قدَّم شخصيَّة أحمد حسنين في مقدِّمته للكتاب على النحو التالي:-

يحفل التاريخ الحديث للأمم والشعوب بشخصيات محوريَّة تلعب أدواراً استثنائيَّة في حياة الدول، وبعض هذه الشخصيّات يملك قدرات هائلة على المناورة السياسيَّة والذكاء الحاد، مع فروسيَّة في الأخلاق، والتي قد لا تخلو من غموض وتبدو عبر التاريخ شخصيات مؤثِّرة، ولعل نموذج “أحمد حسنين باشا” في التاريخ المصري الحديث هو تعبير عن شخصيَّة فريدة، جمعت من كل بستان زهرة في عصرها الذي تألَّقت فيه، وأثَّرت في أحداثه، فهو ابن عالم أزهري جليل أوفده للدراسة في “انجلترا” فاجتمعت لديه الثقافتان العربيَّة الإسلاميَّة والأوروبيَّة الغربيَّة، كما كان بطلاً في لعبة السلاح (الشيش)، ورحالة جغرافيَّة رفيع القدر، لأنه ارتاد الصحراء المصريَّة مكتشفاً واحاتها ودروبها ووديانها، حتى امتلك مفاتيح أسرارها وتعرف عليها، وكان هو السياسي والرياضي والمغامر، فضلاً عن دوره المعروف داخل القصر الملكي رائداً لـ “الملك فاروق” بتكليف من والده “الملك فؤاد”، حيث اصطحبه في فترة الدراسة بـ “انجلترا” ثم عاد به لكي يكون رئيس ديوانه ومستشاره الأول. وقد تعلَّقت به الملكة الوالدة “نازلي” وتزوّجته زواجاً عرفياً، ومثلما كانت حياته غامضة، فإنَّ نهايته كانت هي الأخرى غامضة، فقد لقي مصرعه في سيارته على كوبري قصر النيل، نتيجة اصطدامها بإحدى سيارات الجيش الإنجليزي حينذاك.

 

المؤلِّف في هذا الكتاب حاول أن يعالج كل القضايا الشائكة المرتبطة بأحمد حسنين باشا بدءًا من إعداد الملك فاروق لتولى العرش إلى الشكوك حول زواج الملكة نازلي من حسنين باشا إلى مقتله على كوبري قصر النيل، هنا يذهب بنا المؤلِّف إلى قبر أحمد حسنين الذي صمَّمه المعماري حسن فتحي، وهو مهمل حالياً وقد حاول المؤلِّف لفت انتباه السلطات المختصَّة لأهميَّة هذا الضريح الذي يقع في طريق صلاح سالم بالدراسة.

 

استخدم المؤلِّف حاسته الصحفيَّة في كتاب فزار أسرة أحمد حسنين باشا، وحصر ما كتب عنه في الصحف والكتب وحلّل وانتقد لكننا في النهاية نستطيع أن تلقي الضوء على روايته حول الأسرة والتي تعدّ شهادة تعزِّز من أهميَّة الكتاب فيذكر ما يلي:-

 

لم أكن أعلم وأنا أزورها ومع زميلتي المصوّرة “عزة فضالي”، ويقودنا الخبير البيئي العلامة “محمود القيسوني”، وإليه يعود الفضل في إتمام هذا اللقاء؛ لم أكن أعلم أن “جيدة هانم” ابنة أحمد حسنين باشا هي ابنته من زوجته لطيفة هانم ابنة شويكار هانم الزوجة الأولى للملك فؤاد قبل “نازلي”.. ارتباك معلوماتي أحسست بارتباك وأنا جالس إلى السيدة الثمانينيَّة الجميلة بشقّتها البسيطة على نيل الزمالك- مولودة في 1934- أي قبل مقتل والدها باثني عشر عاماً. تداخل المعلومات استدعى مني على الفور على أن أخوض في تاريخ هذه المرحلة أكثر حتى يخرج هذا الموضوع دقيقاً.. وكان لي ذلك.

 

غير أن المفاجآت لم تنته في هذا اللقاء، الزاخر- بالمعلومات فقد انساب حديث – السيدة الجميلة عن المحطات الصعبة والمهمَّة في تاريخ والدها: زواجه من الملكة نازلي، وكيف استقبلت والدتها الأمر. وكيف كان شعورها وهي طفلة حيال ذلك. وكيف تعاملت معهم “نازلي” بعد مقتل والدها، وهل لدى العائلة رواية مختلفة حول ظروف حادث الوفاة وملابساته فوق كوبري قصر النيل، وهل تتقاطع روايتهم مع الرواية السائدة أم لا.. كل هذا بالإضافة إلى مفاجآت أخرى شدَّتني في هذه التفاصيل عندما وصلت رحلة والدها إلى محطَّة “الدفن”.

 

كان محمود القيسوني – العاشق لأحمد حسنين باشا ولتاريخه وريادته لاكتشاف الصحراء والواحات الممتدة بطول الصحراء الغربيَّة – قد أخبرني أن المهندس حسن فتحي- المعماري العالمي الشهير وصاحب المدرسة الرائدة في البناء- هو الذي صمَّم ونفَّذ ضريح أحمد حسنين باشا في 1946. لكن “جيدة هانم” أضافت سبباً لذلك وهو أن حسن فتحي كان زوج شقيقة أحمد حسنين باشا، وكان – أيضاً- عاشقاً لسيرته وإنجازاته، لذلك صمَّم له الضريح عن حبّ.

جديدنا