الأحاديَّة الفكريَّة في الساحة الدينيَّة

image_pdf

يركِّز حسن موسى الصفّار في كتابه بعنوان: ” الأحاديَّة الفكريَّة في الساحة الدينيَّة” إلى أهمّيَّة إرساء مفهوم الاعتراف بالآخر كون أحاديَّة الفكر تتعارض مع جوهر الإسلام، ولا سبيل لبناء مجتمع إسلامي متطوّر إلا من خلال الانفتاح على الآخر والاعتراف به ومحاورته بعيداً عن التهميش والاضطهاد.

وفي مقدّمة الكتاب يتناول الصفار قضيَّة الاختلاف باعتبارها من الأمور البديهيَّة داخل الدين الواحد أو حتّى المذهب الواحد، مستنداً إلى أنّ الاختلاف نتيجة طبعيَّة لتفاعل الإنسان العاقل مع النصّ أو مع القراءة أو التفسير، رغم أنّ النصوص المقدّسة ثابتة، لكنّها في الوقت ذاته أنّها أكثر النصوص القابلة لتعدّد القراءات، مشيراً إلى أنّ الاختلاف يخضع أساساً إلى اختلاف الزمان والمكان والتمايز العلمي والثقافي بين القرّاء.

ويناقش الصفار في كتابه أنّ الإنسان معرّض لاستعباد فكري يصادر حقّه في أن يكون بالصورة التي يختارها، وهذا ما يعارض رغبة الخالق عز وجل بحرّيَّة المخلوق، وإلا لما خلقه قابلاً للخطأ وأوجد مبدأ الثواب والعقاب. ومن هنا يشير الصفار إلى أهمّيَّة حقّ الإنسان في إنجاز القراءة الخاصَّة به بعيداً عن وصد العقول بالشمع الأحمر لأنّ الله تعالى يريد المؤمنين بكامل وعيهم وحرّيّتهم.

ويرى المؤلّف أنّ اختفاء الحرّيَّة أفسح المجال لظهور الإرهاب الفكري وحول الكثير من الدول الإسلاميَّة وغير الإسلاميَّة إلى ساحة صراع، دون أدنى معرفة بأنّ عالمنا تحوّل إلى قرية صغيرة بسبب التطوّر التكنولوجي والثورة المعرفيَّة التي أنتجها عدد من الشعوب والأمم بعد عقود من التواصل والحوارات فيما بينها، لذا فالحوار هو الحاضنة الأساسيَّة للتطوّر.

ويدعو الصفّار إلى أهمّيَّة البحث الطويل عن الحقيقة في محاولة جادّة لتجديد المجتمعات الإسلاميَّة وتعزيز الثقة بالنفس وإعادة قراءة التاريخ ومواجهة الأخطاء بروحٍ بنّاءة وشجاعة ودفع المسلم إلى مواكبة عصره والتفاعل معه.

جديدنا