الطرق الصوفيَّة مصدرا للأمن الاجتماعي الإفريقي زمن “كورونا”

image_pdf

مقدِّمة:

لا يرتاب في أن الطرق الصوفيَّة([1]) قد أرست في أغلب بقاع المعمورة الإفريقيَّة مبادئ للتعاون والتآزر مناسبة وملائمة لمواجهة مصاعب الحياة وتعقيداتها، كما واكبت التطـوّرات والأحداث بذكاء اجتماعي بديع، بعيد عن التشدُّد والتعصُّب، موافق لروح الإسلام الوسطيَّة السمحة.

وهو الأمر الذي مكّن من مواجهة الظاهرة الإلحاديَّة، وانعـدام اليقيـن الذي خلّفه نشاط المدارس الفكريَّة الماديَّة الطارئة على المنطقة الإفريقيَّة، بما في ذلك القراءة المتشدِّدة للإسلام، والتي أفرزت مجموعات جهاديَّة متطرِّفة تحسب أنها وحدها من يمتلك الفهم الحقيقي للدين.

وبهذه الوسطيَّة التي أصبحت سمة بارزة في الفكر الصوفي عموما، استطاع هذا الفكر أن يقف أمام مختلف التيارات المذهبيَّة الغاليَّة والمتعصِّبة، ليجد طريقه إلى مختلف أقطار العالم الإفريقي، وصار قادرا على ممارسة التوجيـه والتأطير الروحي العقدي داخل هذه الأقاليم.

وفي ظلّ ما يشهده العالم الإفريقي اليوم إزاء جائحة “كورونا” من تداعيات وتحدّيات سياسيَّة واقتصاديَّة واجتماعيَّة خطيرة، فإن طرقا صوفيَّة([2]) عديدة في مختلف البلاد الإفريقيَّة قد انخرطت إلى جانب الهيئات الرسميَّة في البلدان التي تحتضنها في أنشطة تكافليَّة تضامنيَّة، وأخرى تحسيسيَّة توعويَّة، بدلا من أن تقف جامدة حيال ما يجري من أحداث.

فأصبحت الطرقيَّة الملجأ الآمن لاستمداد معاني الإسلام الحقيقة، في زمـن الظمأ الـروحي واستشراء التشدُّد الديني، إلى جانب مساهمتها كمصدر لتعزيز الأمن الاجتماعي في إبداع طرق في التكافل والتضامن الاجتماعي، كلما طرأت على حياة الإنسانيَّة أزمات تستدعي مدّ يد العون.

وقد دعا غير واحد من شيوخ تلك الطرق الصوفيَّة الإنسانيَّة جمعاء إلى الابتعاد عن الصراعات وسفك الدماء والحروب، كما أكَّدوا على أن هذا الوباء فرصة ثمينة للعودة إلى حظيرة القيم الإنسانيَّة، محذّرين أصحاب القرار في بلدان هذا الكوكب اللطيف من الاستمرار في سياساتهم الاستعماريَّة والعدائيَّة الديكتاتوريَّة، ومحاولاتهم خرق مبادئ حقوق الإنسان؛ لأنَّ هذا هو الدمار والخراب بعينه.

فكيف استطاعت الطرق الصوفيَّة أن تكون مصدرا للأمن الاجتماعي في ظل جائحة “كورونا”؟ وكيف تمكّنت من أن تنفذ إلى أعماق المجتمع مع تفويض شعبي؟ وما هي أهم العوامل التي جعلتها تتقلّد دور القيادة والتوجيه والتأطير في المراحل الدقيقة الصعبة عموما؟ وفي أزمة تداعيات جائحة “كورونا” على وجه الخصوص؟ وما هي الأبعاد القيميَّة والإنسانيَّة التي يمكن استخلاصها من تفاعل الطرقيَّة مع الأزمات والتحدّيات الطارئة من قبيل وباء “كورونا”؟

هذا ما سأحاول الإجابة عنه في هذه الورقة، مركزا على أهم النقاط المتعلقة ب:

– الزّعامة الاجتماعيَّة سمة يعرف بها أهل التصوف.

– ارتباط الخدمة الاجتماعيَّة بالحركة الصوفيَّة.

– تشوّف الطرق الصوفيَّة إلى مدينة فاضلة تسودها قيم الإسلام الكونيَّة.

 

أصبحت الطرقيَّة الملجأ الآمن لاستمداد معاني الإسلام الحقيقة، في زمـن الظمأ الـروحي واستشراء التشدُّد الديني، إلى جانب مساهمتها كمصدر لتعزيز الأمن الاجتماعي في إبداع طرق في التكافل والتضامن الاجتماعي، كلما طرأت على حياة الإنسانيَّة أزمات تستدعي مدّ يد العون.

أولا: الزّعامة الاجتماعيَّة سمة يعرف بها المتصوِّفة

لقد برزت الطرق الصوفيَّة كأحد الهيئات الفاعلة في المجال الاجتماعي الإفريقي، والتي تشكّلت عبر المسار التاريخي بما تقتضيه ظروف المجتمع، وهنا يظهر مدلول المقولة الصوفيَّة التي تردَّدت بين ألسنة الصالحين، بأن الصوفي ابن وقته، فرغم ما يمكن أن تحمله من دلالات أخرى تربويَّة، إلا أن هذا المعنى الاجتماعي يبقى واردا عندهم، ولذلك يقول أحد الباحثين المغاربة: “إنَّ التصوّف السنّي تحوّل عبر تاريخ المغرب إلى مؤسَّسة ذات “سلطة رمزيَّة” بفعل تفاعل الصلحاء والأولياء مع المجتمع، مما جعل الربط([3]) والزوايا([4]) من الثوابت الحضاريَّة بالمغرب، ومن المفاتيح التي لا بد من مراعاتها في قراءة التاريخ الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي المغربي، وامتداداته العربيَّة الإسلاميَّة والإفريقيَّة والأوروبيَّة المتجذرة”([5]).

ولعل ما يؤكَّد “السلطة الرمزيَّة” للطرق الصوفيَّة هو الدور الكبير الذي تعنى به في مجال التوجيه والتأطير الديني في كثير من بلدان العالم الإفريقي، ولذلك نجد أقطاب تلك الطرق يتفاعلون مع قضايا الشؤون الدينيَّة بتزكية من المجالس والهيئات العلميَّة الرسميَّة في تلك البلدان، وهو ما يجعل طبقة عريضة من الشعب يستجيبون باطمئنان وتسليم للقرارات الصادرة عن المشيخة التي ينتمون إليها.

ولقد فرضت هذه “السلطة الرمزيَّة” للزعامات الصوفيَّة حضورا قويا في الشراكة والتسيير السياسي والاجتماعي والديني في بلدانهم، ومن ذلك القرار الصادر عن الزعامات الصوفيَّة المتعلِّق بإلغاء جميع الاحتفالات الدينيَّة على مستوى البلد المتواجدة فيه، تنفيذا لقرار المجالس الوزاريَّة بإلغاء التجمّعات بغية مواجهة فيروس “كورونا”. ولا شك أن هذا القرار يعكس اهتمام المتصوّفة البالغ بكل الوسائل التي تحفظ النفس البشريَّة، وذلك لأن حفظ النفس من ضرورات الشريعة ومقاصدها الكبرى، وبتمام صحّتها يكون مناط التكليف.

ثم إنَّ رتبة الشيخ والمقدّم الصوفي تفوق رتبة زعيم القبيلة والوجيه السياسي في بلدان إفريقيَّة كثيرة. وقد نال المشايخ حظّا من هذه الزعامة من خلال البعد القيمي الذي يمثّلونه وما حافظوا عليه من زهد وإنفاق وتعليم وتربيَّة، بل ومقاومة في وجه الزعامات الاجتماعيَّة التقليديَّة التي كانت تضطهد الساكنة بشكل كبير.

وفي الغالب، فإنَّ الزعامة الاجتماعيَّة للمتصوّفة في إفريقيا مستندة إلى عوامل أساسيَّة، من أبرزها:

– حجم الوعود الدنيويَّة والإشارات الروحيَّة التي يطلقها المشايخ الصوفيون، إلى جانب حرصهم على تحقيق رغبات ومطالب المريدين، وهو ما يضفي على الشيخ طابع التقدير والقداسة.

– البنية التنظيميَّة وشبكة العلاقات في المجتمعات والدوائر الصوفيَّة، وهي علاقات متحرّكة فاعلة تنتقل عبر الأجيال.

– المصاهرة، وهي تلعب دورا وثيقا في تمتين علاقات الطرق الصوفيَّة وانتشارها.

 

رتبة الشيخ والمقدّم الصوفي تفوق رتبة زعيم القبيلة والوجيه السياسي في بلدان إفريقيَّة كثيرة. وقد نال المشايخ حظّا من هذه الزعامة من خلال البعد القيمي الذي يمثّلونه وما حافظوا عليه من زهد وإنفاق وتعليم وتربيَّة، بل ومقاومة في وجه الزعامات الاجتماعيَّة التقليديَّة التي كانت تضطهد الساكنة بشكل كبير.

ثانيا: ارتباط الخدمة الاجتماعيَّة بالحركة الصوفيَّة

إنّ من ضمن الأبعاد الاجتماعيَّة للتصوّف جانب الخدمة الاجتماعيَّة والعمل الخيري، إذ لم ينعزل الصوفيَّة في إفريقيا عن مجتمعهم بشكل مطلق كما هو شائع، وتدل مواقفهم على أنهم كانوا إيجابيين شاركوا أفراد مجتمعهم همومهم وآلامهم، وسعوا جاهدين لكشف الضوائق عنهم، متمسِّكين بتعاليم الكتاب والسنة التي تحثُّ على التكافل والتعاون، عن طريق البذل والإنفاق لإسعاف المنكوبين وإراحة الفقراء والمحتاجين.

فالعمل الاجتماعي بالنسبة للصوفي هو وسيلة للرقي في مدارج المقامات، وسبب لتخليَّة الباطن من قيود المادة، كما أن العمل التربوي قد يتجلَّى عن طريق العمل الاجتماعي، قصد تربية السالكين على النفع والعطاء تجاه المسلمين. بل وجدنا من أهل التصوُّف من بنى منهجه التربوي على مفهوم الصدقة، وهو أبو العباس السبتي([6]) أحد صوفيَّة مدينة مراكش، الذي كان يعمل على تزكية نفوس مريديه من خلال نزع مواطن الشحّ والبخل التي قد تعتريهم في سيرهم، وتحليتها بأخلاق الإيثار والجود والكرم، وقد وصف أحد الدارسين هذا التوجُّه بقوله: “فهناك مذهب صوفي مغربي بحت، يرجع الفضل في وضع أسسه ونشر دعوته لرجل من أهل القرن السادس، هو أبو العباس السبتي الذي كان يرى أن لُباب القوانين الشرعيَّة هو الصدقة، فكان يجلس في الأسواق والطرق ليحض الناس على البذل والجود مردّدا كلماته الخالدة: (أصل الخير الإحسان وأصل الشرّ البخل). وقد اشتهر مذهبه أيما اشتهار حتى نعته معاصره الحاتمي في فتوحاته المكيَّة بصاحب الصدقة في مراكش”([7]).

ونحن نتخبَّط في مستنقع “كورونا” الرهيب فإنَّ كثيرا من الطرق الصوفيَّة([8]) وكعادتها قد استصحبت مبادئ الخدمة الاجتماعيَّة، وأخلاق الجود والكرم في زمن “كورونا” الذي لا نرى منه إلا كائنا مجهريا ومسماريا يهدِّد السليم قبل السقيم. وتتجلَّى هذه الخدمة الاجتماعيَّة في:

– توزيع مواد غذائيَّة على عدد من فقراء المريدين وغيرهم من سكان الأحياء الفقيرة.

– حلّ أزمات المريدين وغيرهم: من خلال دفع الديون والضرائب عنهم، وإمداد أبنائهم بوسائل التواصل بغية تمكينهم من استئناف دروسهم التعليميَّة التي تسهر وزارات التربيَّة والتعليم على بثِّها عن بعد.

– مساهمة الحضرات الصوفيَّة في صناديق الإعانة التي فتحتها الحكومات كمبادرة وطنيَّة للتضامن ضدّ جائحة فيروس “كورونا”.

 

العمل الاجتماعي بالنسبة للصوفي هو وسيلة للرقي في مدارج المقامات، وسبب لتخليَّة الباطن من قيود المادة، كما أن العمل التربوي قد يتجلَّى عن طريق العمل الاجتماعي، قصد تربية السالكين على النفع والعطاء تجاه المسلمين.

ثالثا: تشوّف الطرق الصوفيَّة إلى مدينة فاضلة تسودها قيم الإسلام الكونيَّة

مهما تعدَّدت المواقف من التصوّف، فلا أحد ينكر الدور الكبير الذي يلعبه في بناء الخلق الاجتماعي البناءَ العمليّ المنهجيّ، الذي يعنى فيه بالقدوة والمثل والسلوك والتوجيه والمتابعة، كما أنه لم يثبت أن أحدا تشرّب من تلك الطرق الصوفيَّة قد تورَّط في عمليات إرهابيَّة بغيضة، فالتصوّف صاحب المثاليَّة الخلقيَّة، وحامل لوائها، ومن بين صفوفه برز رجال أفذاذ، حملوا إلى العالم أروع ما تحمله الآثار الطيِّبة والذكريات العطرة، والبطولات النادرة في مكارم الأخلاق والفضائل.

وقد استطاع التصوّف الطرقي بإفريقيا أن يصهر جميع ساكنة البلدان التي يسود فيها ضمن بوتقة مجتمعيَّة وروحيَّة واحدة، حيث ذوّب هذا التصوّف جميع الفوارق الموجودة بين العربي والبربري، أو بين الحضري والبدوي، أو بين الأسود والأبيض، وهكذا استطاع هذا التصوّف توحيد المسلمين والمسيحيين واليهود داخل منظومة روحيَّة واحدة. ونشير هنا إلى أن متصوّفة المغرب – مثلا – قد انفتحوا على غيرهم من أصحاب الملل والنحل الأخرى في ضوء مبادئ التسامح والمحبَّة، “فاحترموا الأقليات الدينيَّة من يهود ومسيحيين، وأشركوهم معهم أحيانا في صلوات الاستسقاء، بل إن بعض أهل الذمة أسلم على أيديهم لما لمسوه فيهم من حميد السجايا ومكارم السلوك الحضاري، أو نتيجة انبهارهم بكراماتهم الصوفيَّة”([9]).

ثم إنَّ نموذج المدينة الفاضلة كان حاضرا وبقوة في مخيال شيوخ الطرق الصوفيَّة، وهذا ما لاحظه الباحث السنغالي، سام بوسو امباكي، في مشروع أحمدوا بمبا([10])، مؤسِّس الطريقة المريديَّة([11])، الذي أراد لمدينته طوبى أن تسود فيها قيم العدل الاجتماعي، ومقومات الرخاء الاقتصادي، وأن تتحقَّق فيها السعادة لجميع الأشخاص، وأفضل هؤلاء خادمهم، ولا فرق بينهم إلا بالتقوى.

وانطلاقا من البعد الديني الذي يعطي للمحبَّة والصحبة قوة إيمانيَّة نفسيَّة تمثل شحنة إيجابيَّة في استتباب الأمن الاجتماعي، فقد حثَّ العارفون والأولياء الناس على سلوك سبل التراحم والتآخي بينهم، وأن يجتمعوا على كلمة واحدة سواء بينهم، خصوصا في وقت الأزمات والكوارث، وفي مواسم القحط والجفاف، لأن ذلك من أقوى الأسباب في استجلاب الرحمات، وفيض الخيرات، ودفع الآفات.

ولا يهمل الصوفيَّة الجانب الروحي في تحقيق الأمن الاجتماعي، ولا يأمرون بترك الدعاء عند حلول البلاء، كما أنهم لا يقبلون إهمال اتّخاذ الأسباب الماديَّة المعينة على محاربة الأزمات والآفات على حساب الدعاء والصلاة، بل يضعون كلا منهما في منزلته ومكانه.

وقد سجّل التاريخ أن كثيرا من الناس كانوا يستسقون بالأولياء والعارفين -رضي الله عنهم- أثناء مواسم الجفاف والقحط بركة ورجاء وتوسلا، ومن ذلك استسقاء الناس بالولي الصالح أبي زكريا، الذي أظهر ذلّه وفقره وحاجته إلى الله -تعالى- “ورمَى بقلنسوته عن رأسه إلى الأرض وكان أقرع وقال: يا رب هذا الأقرع يسألك الغيث. فوالله ما نزل الناس عن ذلك المكان -أي عن (تانْسالْمت)([12])– حتى مطروا مطرا غزيرا”([13]).

وفي هذا السياق، وجريا على دأب الأسلاف والصالحين بالتضرُّع إلى الله في أوقات الأزمات، فقد دعت الزاوية الريسونيَّة([14]) بمدينة شفشاون، في بلاغ لها، كل شيوخ الطرق الصوفيَّة والزوايا المغربيَّة والعلماء وجميع المغاربة، إلى الانخراط في الحملة الإلكترونيَّة الوطنيَّة للدعاء والابتهال إلى الله، بأن يحفظ المغرب وسائر البلدان، وبأن يرفع وباء “كورونا”، عملا بقول الله تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾([15]).

 

وفي الختام، تمثِّل الطرق الصوفيَّة ظاهرة دينيَّة بارزة في تاريخ المجتمعات الإسلاميَّة الإفريقيَّة؛ حيث تعاظم تأثيرها الديني ونفوذها الاجتماعي. كما جسَّدت هذه الطرق في إفريقيا خلال مراحل الأزمات طليعة المساهمين في تدبيرها، ولعل ذلك يعتبر دليلا على نجاح هذا النموذج الديني في إشباع حاجة الفرد الروحيَّة والنفسيَّة، وفي تحقيق الأمن الاجتماعي في مختلف أبعاده.

 

تمثِّل الطرق الصوفيَّة ظاهرة دينيَّة بارزة في تاريخ المجتمعات الإسلاميَّة الإفريقيَّة؛ حيث تعاظم تأثيرها الديني ونفوذها الاجتماعي. كما جسَّدت هذه الطرق في إفريقيا خلال مراحل الأزمات طليعة المساهمين في تدبيرها، ولعل ذلك يعتبر دليلا على نجاح هذا النموذج الديني في إشباع حاجة الفرد الروحيَّة والنفسيَّة، وفي تحقيق الأمن الاجتماعي في مختلف أبعاده.

 

_________

([1]) الطرق: جميع طريق، وهو: المذهب والسيرة، وقد عرّف الإمام أبو حامد الغزالي (ت: 505هـ) -رحمه الله تعالى- الطريق الصوفي بأنه عبارة عن: “تقديم المجاهدة ومحو الصفات المذمومة وقطع العلائق كلها والإقبال بكنه الهمة على الله تعالى؛ ومهما حصل ذلك كان الله هو المتولي لقلب عبده، والمتكفل له بتنويره بأنوار العلم، وإذا تولى الله أمر القلب فاضت عليه الرحمة، وأشرق النور في القلب، وانشرح الصدر، وانكشف له سر الملكوت، وانقشع عن وجه القلب حجاب الغرة بلطف الرحمة، وتلألأت فيه حقائق الأمور الإلهيَّة”. ينظر:  إحياء علوم الدين، أبو حامد الغزالي، ج: 3، ص: 26، دار الفجر للتراث، القاهرة: ط2، 2013م.

([2]) نذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر إطلاق الطريقة العزميَّة الصوفيَّة بمصر، حملة بعنوان «الصوفيَّة ضد كورونا»، بمشاركة المئات من شباب الطريقة، من جميع محافظات مصر، حيث بدأ المريدون التابعون للطريقة في تعقيم القرى والمراكز من فيروس كورونا في أكثر من محافظة، أبرزها: «محافظة البحيرة، ومحافظة الغربيَّة، ومحافظة الإسكندريَّة، ومحافظة الإسماعيليَّة، ومحافظة سوهاج، وأسوان، وأسيوط».

 

([3]) الرُبط: جمع رباط، والرباط في الأصل المكان الذي يرابط فيه الجنود المسلمين للجهاد في سبيل الله، لكن رباط التصوف هو المكان الذي “يرابط فيه جماعة الصوفيَّة للعبادة ومجاهدة النفس وكسر شهوتها… ولكن مع مرور الزمن صارت الربط تقدم كثيرا من الخدمات الاجتماعيَّة والدينيَّة والثقافيَّة والتربويَّة، ومما ساعدها على أداء رسالتها إيقاف الكتب والأرزاق عليها، وكان بعض العلماء يتخذون منها أماكن للمطالعة والكتابة والاستنساخ يساعدهم على ذلك وجود المكتبات العامرة فيها”. ينظر: أصالة الحضارة العربيَّة، ناجي معروف، ص: 466، دار الثقافة، بيروت، ط3، 1975م.

([4]) الزاوية: والرباط هما مركزان خاصان بهؤلاء السادة الصوفيَّة للاستعداد للجهاد، وقد خرجت الزاويَّة عن نطاقها المحدود إلى المجال الاجتماعي الواسع، إذ سنجد للزاويَّة عدة أدوار ووظائف داخل المجتمع الذي تسود فيه.

([5]) المجال الحيوي للأولياء بالمغرب، الأدوار الدينيَّة والعسكريَّة والاجتماعيَّة، ضمن : التصوف السني في تاريخ المغرب، نسق نموذجي للوسطيَّة والاعتدال، سعيد بنحمادة، تقديم وإشراف: إبراهيم القادري بودشيش، ص: 186، سلسلة مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء.

([6]) هو أبو العباس أحمد بن جعفر الخزرجي، مولده بسبتة عام أربعة وعشرين وخمسمائة، نزل مراكش وبها مات عام أحد وستمائة، وذلك يوم الإثنين الثالث من شهر جمادى الآخرة ودفن بباب تاغزوت، وشيخه هو أبو عبد الله الفخار صاحب الشيخ الفقيه أبي الفضل عياض بن موسى اليحصبي. ينظر: التشوف إلى رجال التصوف وأخبار أبي العباس السبتي، أبو يعقوب بن يوسف بن يحيي التادلي، تحقيق: أحمد توفيق، ص: 477-451، منشورات كليَّة الآداب بالرباط، مطبعة النجاح، الدار البيضاء، ط2، 1997م.

([7]) معلمة التصوف الإسلامي، عبد العزيز بنعبد الله، ج: 1، ص: 85، دار نشر المعرفة للنشر والتوزيع، الرباط، ط1، 2001م.

([8]) نذكر هنا على سبيل المثال توزيع الطريقة التجانيَّة بالجزائر إعانات على شكل(قفة تضامنيَّة) في أكثر من بلديَّة، أبرزها: «بلديَّة واد سوف، وبلديَّة تماسين، وبلديَّة تغزوت».

([9]) -ثقافة الوسطيَّة في التصوف السني بالمغرب-، التصوف السني في تاريخ المغرب، د. إبراهيم  القادري بوتشيش، ص: 44،  منشورات الزمن، سلسلة شرفات رقم:27، الطبعة الأولى سنة 2010م.

([10]) للتوسع في دراسة شخصيَّة الشيخ أحمدو بمبا، يمكن مراجعة كتاب: إرواء النديم في سيرة الشيخ الخديم، للشيخ محمد الأمين جوب السينغالي.

([11]) المريديَّة: هي طريقة أسسها الشيخ، أحمدو بمبا بن حبيب الله السنغالي (ت: 19 يوليوز1927)، وأنهى بتأسيسها فترته القادريَّة التي أخذ أورادها على يد الشيخ الموريتاني، بابا بن الشيخ سيديا الأبييري (ت: 12 يناير 1924)، وتنتهي أوراد المريديَّة عند الشيخ أحمدو بمبا ثم ترتفع بعد ذلك إلى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، كما تقول التعاليم والأدبيات المريديَّة الشائعة.

([12]) المقصود هنا تانسّالمت أي المصلى خارج البلد.

([13]) التشوف إلى رجال التصوف وأخبار أبي العباس السبتي، أبو يعقوب بن يوسف بن يحيي التادلي، (مصدر سابق)، ص: 138- 139.

([14]) الطريقة الريسونيَّة: كانت طريقة النخبة من الأشراف والقواد والأعيان، أخذتها عن العارف بالله أبي محمد عبد السلام بن علي ابن ريسون الحسني التطواني عن آبائه، ينظر: السفر الصوفي، محمد بن جعفر الكتاني الإدريسي الحسني، جمعه واعتنى بطبعه وضبطه أسامة بن محمد الناصر الكتاني، و م. الزمزمي بن محمد المنتصر الكتاني، ص: 47، دار الكتب العلميَّة، بيروت، ط1، 2005م.

([15]) غافر: 60.

جديدنا