ثالوث الفرد والمجتمع والنوع البشري في المشروع التربوي لإدغار مورين

image_pdf

مقدِّمة

     بدأت التربية كعمليَّة تعليميَّة مبنيَّة على فكرة مفادها تعليم الفرد كيفيَّة العيش داخل الجماعة الاجتماعيَّة التي ينتمي إليها (يعيش فيها)، بعبارة أخرى الغرس في ذهن الفرد استحالة حياته بمعزل عن الجماعة. هكذا كانت الرؤى الكلاسيكيَّة للتربية، وبالفعل مرَّت قرون والتربية لا تخرج عن هذا المنطق في كثير من المجتمعات البشريَّة، غير أن هذا المنطق وإن كان ناجحا إلى حدٍّ ما في الحدّ من النزاعات بين الأفراد في الاجتماع الإنساني، فإنه بقي يعاني من خلل داخلي متى ما تعلَّق الأمر بتنظيم العلاقة بين جماعة وأخرى. وبالتالي ظهرت الحاجة إلى سدِّ هذه الثغرات وبدأ الاهتمام بإيجاد حلٍّ يُحَقِّقُ توازنَ المصالح بين الجماعات الاجتماعيَّة (عرقيات، ديانات، ثقافات) داخل المجتمع، فتحوَّل الاهتمام التربوي من الفردي إلى الجماعي. ولن يكون هذا التحوَّل نهاية المشاكل التي يعاني منها الإنسان في عُمْرانه إذ أن البشريَّة مع تطوُّر وعيها وتداخل ثقافاتها بفعل اتِّصال الشعوب ستدخل في مرحلة لم يسبق لها الدخول فيها من ناحية التعقيد والتركيب، وهي مرحلة كونيَّة فيها يرتبط الفرد ليس فقط بجماعته الاجتماعيَّة وليس فقط بمجتمعه وإنما أيضا بالمجتمع الإنساني (الوعي بالانتماء إلى النوع البشري) بتعبير إدغار مورين. يمكن اعتبار هذا النوع من أعقد المراحل التي عرفتها سيرورة وتطوّر الميكانيزمات وآليَّات التربية عند البشر، وكان بالضرورة أن يكون الاشتغال على حلِّ تناقضاتها من اهتمامات الفلسفات التربويَّة. أي العمل على إيجاد استراتيجيات تجنح في تكوين الإنسان كفرد وككائن اجتماعي ينتمي إلى جماعة وكإنسان يعيش إنسانيّته (الشعور بالانتماء إلى النوع البشري).

ومن أبرز هؤلاء الذين أسهموا بمداخلات تربويَّة في الفكر المعاصر ودعوا إلى ضرورة قيام التربية على مبادئ تعير اهتماما لطبيعيَّة العلاقة بين هذه المكوّنات الثلاثة (الفرد، المجتمع، النوع البشري) الفيلسوف والسوسيولوجي الفرنسي إدغار مورين. يرى مورين بأنَّ مواجهةَ تحدّيات العالم المعاصر بكل ما يتضمّنه من تعقيدات وتركيبات لا يمكن إلا بتغيير طريقتنا في التفكير وهذا الأخير لا يتحقَّق إلا بإعادة النظر في فلسفات التربية وخلق منظومات تربويَّة تقوم على مبدأ النظر إلى الإنسان كفرد داخل الجماعة والجماعة داخل الفرد وهما داخل الكون والكون داخلهما. يدَّعي مورين ضرورة ربط علاقة مركَبة بين هذه المكوّنات ويرى بأنه لتُلَبِي التربية هذه الحاجة فلا بدّ أن تقوم على مبدأ الربط بين أربعة أسئلة تأسيسيَّة: من أنا؟ (الفرد) من نحن؟ (الجماعة، المجتمع) أين نحن؟ (الكون، البشر)، إلى أين نسير؟ (المستقبل). يقول مورين: ” أن تعرف الإنسان هو أن تُمَوْضِعَهُ داخل الكون وليس أن تَفْصِلَهُ عنه”.[1]

فما هي الأسس التي تقوم عليها العلاقة بين الفرد والمجتمع والنوع البشري في التوجُّه التربوي لإدغار مورين؟ وكيف تتشكَّل هذه العلاقة ولماذا يكون الربط بين هذه المكوّنات واجباً تربويا في ظلِّ تحوّلات وتناقضات الاتِّصال الثقافي والحضاري للعالم اليوم؟

    تلك هي الإشكاليَّة التي سنحاول الإجابة عنها في هذه الورقة، ومن أجل ذلك سنقسم الورقة إلى ثلاثة محاور تحليليَّة تندرج تحت كل محور محاور فرعيَّة، حيث سنناقش في المحور الأول تربية المستقبل ومهمّتها عند إدغار مورين، وفي المحور الثاني سنحاول التطرّق إلى العلاقة الديالكتيكيَّة بين الفرد والمجتمع والنوع البشري، ثم ننتقل إلى المحور الثالث لمناقشة الأسس التي تقوم عليها الفلسفة التربويَّة عند إدغار مورين قبل أن نختم بمناقشة سياقنا التربوي الإسلامي في ربطه بفكر إدغار مورين.

أولا: في تربية المستقبل ومهمّتها في فلسفة إدغار مورين

   إذا كانت التربية في القديم والحديث تهدف التنميَّة الشاملة للفرد والمجتمع كما أكَّد على ذلك الكثير من المربِّين أمثال إيميل دوركيم وميشيل لوبرو[2]، فإنَّ طرح سؤال أي نوع من التربية؟ ظلَّ مهمّةَ الفلسفات التربويَّة قصد إعادة النظر في الآليّات التي تمّ الاعتماد عليها خاصَّة في فترات تمرّ فيها المجتمعات بأزمات أخلاقيَّة.

من هذا المنطلق وعلى أساس ما أفرزه التقدُّم التكنولوجي والاتِّصال الثقافي بين البشر، الشيء الذي أدَّى إلى أن يعيش الإنسان في وضع ضائع مليء بجماهير متميّزة بالأنانيَّة أو إنّه “الإنسان المرمي في العالم ” بتعبير هايدغر وبفعل المسير الغامض لهذا الإنسان. ينطلق فيلسوفنا مورين لبناء مداخلته التربويَّة التي تقوم أساسا على فكرة المستقبل وليس فقط على محاولة تكييف الفرد مع حاضره أو نقل الماضي إلى هذا الفرد كما عاشه سابقون ومن ثم استطلاع مستقبلٍ يقينيٍ “التفسير الخطّي للتاريخ” والفكر البسيط بتعبير إدغار. بل بالربط بين هذه المكوّنات ربطا جدليّا مفاده؛ أنّ فهم الحاضر يستوجب الرجوعَ إلى الماضي بالنقد والدحض وأن فهم هذا الماضي يقتضي الانطلاقةَ إليه من حيثيات الحاضر كما أن استشرافَ “المستقبلِ الغامض” كما يسمّيه مورين يجب أن يَنْبَنِي على حيثيات الحاضر وتجارب الماضي (الفكر المركّب). يقول مورين:” يجب على كل تربية وتعليم يبغيان امتلاك صلاحيتهما مستقبلا، تجاوز التجزيء المؤذي، والتأسيس لفعل بديل ينبني على ضرورة الاعتراف بالطابع المركَب للإنسان”[3] تحيل هذه المقولة  إلى ضرورة الاهتمام بالمستقبل في العمليَّة التربويَّة بدلا من الاكتفاء بنقل غايات المجتمع في الماضي إلى الجيل الراهن، وإنما التركيز على تكوين إنسان متفاعِل مع عصره تفاعلَ الْأَخْذِ بالماضي أخذا تحليليّا نقديّا بطريقة تجعل الفرد يشارك في صياغة غايات المجتمع وليس أن يكون مُتبِعا سُبُل الماضي أو بالأحرى يكون سجينا داخل أوهام غايات المجتمع الماضية. بهذه الطريقة يرى إدغار بأننا سنتمكَّن من بناء فلسفة تربويَّة تقوم على حضارة كونيَّة يكون الإنسان مركزَها وتتشكَّل فيها هويَّة أرضيَّة جديرةٌ بالإنسان كما سنرى ذلك لاحقا.

إنَّ النموذجَ المستقبلي الذي يقترحه فيلسوفنا قائم على موقف إشكالي تجاه معارف الماضي والحاضر وهو موقف يرفض كل إمكانيَّة لتحقّق مستقبل قائم على يقينيات بل على مستقبل غامض، ولعلَّ أهمّيَّة هذا الموقف الإشكالي تكمن في أن أيَ تربية بغض النظر عن الفلسفة التي بُنِيَتْ عليها ومنطلقاتها المرجعيَّة فهي عمليَّة تعليميَّة تقوم على نقل معارف اجتماعيَّة وثقافيَّة ودينيَّة إلى الفرد. ومن أجل تأدية هذه المهمّة بأحسن وجه يتوجَّب علينا اتِّخاذ ذلك الموقف النقدي تجاه هذه المعارف بعيدين عن قناعات أوّليَّة تؤسِّس لفكرة “أشخاص فوق التاريخ” لا يخطؤون في قول أو فعل، وعن أفكار تؤسِّس لفكرة أن الدين يضمن للإنسان تربيته في حين أن تفاعلَ الإنسان وتعاملَه مع الدين هو كل ما يضمن له هذه التربية حيث إنه إذا أتقن التعامل والتفاعل مع الموروث الديني أو غيره من الموروثات أي التفاعل معه وفق متطلّبات العصر ووفق تداعيات الزمن والمكان ضمن لنفسه تربية ليست فقط تعني بالفرد في حاضره وإنما تجعل هذا الفرد يشارك في صياغة هذا الحاضر والاستشراف لمستقبله بشكل نقدي لا يُبْنَى على اليقين.

فالمعرفة بهذا المنطق تحتلّ مكانة مركزيَّة في العمليَّة التربويَّة عند فيلسوفنا، ولذلك يكون الانطلاق التأسيسي لتربية المستقبل عند إدغار مورين إعادة النظر في طبيعة المعرفة الإنسانيَّة التي نَبْنَي عليها أسسَنا وفلسفاتِنا التربويَّة ومن أجل ذلك يقترح مورين مدخلين نقديين لهذه المعرفة وهما كالتالي:

1.1-المعرفة الإنسانيَّة معرَّضة للوقوع في خطأ:

     وهذا المدخل يعني الاقتناع بإمكانيَّة وقوع المعارف التي نَبْنِي عليها تربيتَنا في الخطأ. في اعتقادي يُعتبر هذا الموقف من أهم المبادئ التي تقوم عليها الفلسفة التربويَّة عند مورين. إذ أنه أي (مبدأ وضع المعرفة على احتمال الوقوع في الخطأ) يُعتبر الوسيلة الوحيدة لإشراك الأفراد في صياغة غايات المجتمع، وفي تقديري لا يمكن الحديث عن التربية في غياب هذا المبدأ، لأنَّ تَقْييدَ الفرد على الأخذ دون التفكير والتحليل والنقد ليس تربية بقدر ما هو ترويض ويفرّق إيمانويل كانط بوضوح بين التربية والترويض، معتبراً أن التربية هبة التنوير، هدفها خلق مواطن حرّ الإرادة، في حين يهدف الترويض إلى خلق أتباع. وبذلك يكون “للحرّيَّة” حضورٌ لابد منه في العمليَّة التربويَّة. يقول مورين: “على التربية أن تبيِّن كيف أنه لا وجود لمعرفة مهما كان مستواها، في منأى عن الخطأ”[4]. والتربية التي تقوم على اعتبار المعرفة الإنسانيَّة مسلّمة لا يمكن أن تكون تربية تقوم على فكرة المستقبل بل بالأحرى لا يمكن أن يكون للحاضر ولا للفرد اعتبار فيها، إذ أن الاعتمادَ على هذه المعرفة كما هي في العمليَّة التربويَّة لا تفعل أكثر من إعادة إنتاج الماضي وبذلك يعيش الأفراد في حاضرٍ يفكر فيه الأموات نيابة عنهم بتعبير الكاتب المغربي طيب بو عزة.

2.1–المعرفة الإنسانيَّة معرَّضة للوقوع في الوهم:

     في كتابهما “الأيديولوجيا الألمانيَّة” بنى كارل ماركس وانجلز تصوّرها على أنَّ الإنسان حسب تاريخه القريب والبعيد بنى مجموعةً من معارفه على الوهم. ولمناقشة هذه الفكرة أستحضر مفهوم “أشخاص فوق التاريخ” الذي ذكرته سابقا، حيث إن “سياقنا الإسلامي” (أقصد بالمفهوم هنا التديّن الإسلامي في أغلب نماذجها ومذاهبها) يقوم على وهم أناس لا يخطؤون وأن ما يأتي منهم يتوجَّب له الخضوع دون مناقشة أو اعتراض، وبالتالي يمكن وصف هؤلاء بـ “أشخاص فوق التاريخ” وذلك لأن العيش في حيثيات التاريخ وواقياته يقتضي تَعَرُضَ الشخص للوقوع في الخطأ والوهم. وربما لا يكلِّفنا الأمر عناءً حينما نريد إعطاءَ مثال لهذا الادّعاء، لننظر إلى علاقة الفرد المسلم بالنصّ التأسيسي لتدينه (النصّ المقدّس) فغالبا ما نجد هذا الفرد خاضعا للأخذ بتفسيرات وتصوّرات لأشخاص يتوهَّم أنهم لا يخطؤون ولا يمكن مناقشتهم أو أنهم وصلوا في التفكير والمعرفة حدّا لا يتسنَّى للفرد الوصول إليه كيفما اجتهد، بل أبعد من ذلك فالفرد المسلم في أغلب سياقات هذا التدين لا يتجرَّأ على التعامل والتفاعل مع النص الذي يخاطبه من دون وسيط. فتكون المعارف التي نبنيها على هذا النوع من الأوهام تعيق قيامَ العمليَّة التربية على إشراك الفرد المربَى وإعداده للمستقبل. يقول مورين: ” إنَّ مهمَّة التربية إذن على هذا الصعيد، هو كَشْفُ مصادر الأخطاء والأوهام والضلالات” الأمر الذي في اعتقادي لا يتأتَّى في ظلّ توهّم احتكار الحقيقة لجماعة أو أشخاص من الناس دون غيرهم.

ثانيا: في ديالكتيك الفرد والمجتمع والنوع البشري

     يقوم تحليلُ فيلسوفنا لهذه العلاقة الديالكتيكيَّة المركبة على الإجابة عن أربعة أسئلة تأسيسيَّة ومفصليَّة في نفس الوقت وعلى كل عمليَّة تربويَّة أخذها بعين الاعتبار وذلك لإعداد إنسان كوني يحمل هويَّة أرضيَّة. فسؤال من أنا ومن نحن؟ لا يمكن فصلهما عن سؤال أين نحن؟ وهذا الأخير لا يمكن فصله عن سؤال إلى أين نسير؟ كما أنَّ تحديدَ هذا المسار مرتبط بالجواب عن السؤال الأول والثاني. وبذلك يكون إدغار مورين قد أسَّس للعلاقة الديالكتيكيَّة بين هذه المكوّنات.  تقوم فلسفة مورين في هذا المنحى على فكرة مفادها؛ أنَّ إعداد الفرد لا يمكن خارج جماعته وهذا قام عليه الكثير من الفلسفات التربويَّة الكلاسيكيَّة، فمثلا يرى إيميل دوركيم بأن الفردَ فرد داخل جماعته ولا يمكن تصوّرُ هويَّة هذا الفرد خارج الجماعة،[5] وتتمّ ترجمة ذلك في التقليد السوسيولوجي بمقولة “النسق الاجتماعي يحدِّد السلوك”. فتصوّر مورين لعلاقة الفرد بالجماعة يضع هذا الفرد داخل ثقافة الجماعة التي ينتمي إليها، فحسب مورين لا تتحقَّق إنسانيَّة الإنسان بشكل كامل إلا داخل الثقافة.[6] يمكننا أن نفهم مورين ونتَّفق معه على هذه الفكرة من منظور أن الإنسان يجد إنسانيته داخل الجماعة، أمَّا إذا كان مورين يقصد بذلك أن الإنسان يمكن أن تتحقَّق إنسانيّته داخل أي ثقافة، فإنّنا لمناقشته في هذه الفكرة نطرح عليه سؤالا يشبه سؤالَ أي نوع من التربية تصنع في الإنسان تنمية شاملة؟ بمعنى أي نوع من الثقافة تحقِّق للإنسان إنسانيتَّه؟ ننطلق من هذا السؤال لمناقشة مورين على أساس أنه ليس كل منظومة ثقافيَّة تقدِّر على ذلك، لكن في اعتقادي يمكن القول بأن كل منظومة ثقافيَّة تعتبر ذات قابليَّة لتحقيق هذا الهدف وإذا كان مورين يقصد به ذلك فإنه يحقّ لنا الاتّفاق معه، لأنَّ المنظومة الثقافيَّة التي تحدَّثنا عنها سابقا في السياق الإسلامي والتي يُعْطَى لبعض شخصياتها امتياز الخروج عن احتمال الوقوع في الخطأ والوهم وإن كانت لها قابليَّة أن تحقِّق للفرد إنسانيّته فإن ذلك لا يتأتَّى إلا بعد النقد والدحض وإعادة النظر في فكرة احتكار الحقيقة المطلقة والخروج عن احتمال الوقوع في الوهم والخطأ لبعض شخصيّاتها.

فحسب إدغار مورين لا يمكن إضفاء الطابع المطلق على الفرد وجعله الغاية العليا في حلقة علاقته بالمجتمع وبالنوع البشري، كما لا يمكن أيضا إضفاء هذا الطابع المطلق على المجتمع والنوع. فعلى المستوى الأنثروبولوجي يعتبر وجود الأفراد وجودا من أجل المجتمع وَوُجود هذا الأخير يعتبر وجودا للنوع البشري، كما أنَّ النوع البشري يحيى من أجل وجود المجتمع والأفراد. فكل طرف في هذه العلاقة غاية ووسيلة، فالثقافة والمجتمع في هذا الثالوث يخلقان تحقّقا مركّبا للأفراد والتبادل القائم بين الأفراد يأتي ليضمن استمراريَّة الثقافة والتنظيم الذاتي للمجتمع. ” كل تقدُّم إنساني فعلي يعني وجود تقدُّم موازٍ لاستقلال الفرد، وللمشاركة الجماعيَّة والإحساس بالانتماء للنوع البشري”.[7] يربط مورين تحقّقَ هذا الترابط الضروري في إعداد فرد ذي هويَّة أرضيَّة أو “أخلاق أنثروبولوجيَّة” بأمرين أو شرطين؛ الأول يتمثَّل في ترسيخ فكرة الوحدة والتنوّع البشريين والثاني في تعليم الهويَّة الأرضيَّة أو “الأخلاق الأنثروبولوجيَّة” وفيما يلي تفصيل عن هذين الشرطين:

1.2-وحدةُ وتنوعُّ البشر:

     “أن نفهم الكائن البشري هو أن نتمثَّل وحدته في قلب تنوّعه، وتنوّعه داخل وحدته. باختصار إدراك وحدة المتعدّد وتعدّد الواحد”[8] يُعدّ هذا المبدأ من أعقد المبادئ التي تجعل فكرَ فيلسوفنا أكثر تعقيدا، حيث إن فهم الوحدة داخل التنوّع والتنوّع داخل الوحدة لأمر في بالغ الصعوبة والتعقيد. لكن ببساطة يمكن استيعاب الأمر في ربطه بمبدأ الاعتراف فإذا كانت فكرة تربية المستقبل مرتبطة بشكل وثيق بـ “الحريَّة” وذلك بمنح الفرد حريَّة المشاركة في صياغة غايات المجتمع كما رأينا ذلك مسبقا، فإن فكرة التنوّع في الوحدة والوحدة في التنوّع ترتبط بـ”الاعتراف” أي أن التربية على الشعور بالانتماء إلى النوع البشري تقوم على مبدأ الاعتراف، بحيث لا يمكن تصوّر حقيقة مطلقة أو واحدة مع هذا المبدأ. “العكس لحقيقة ما ليست بالضرورة خطأ، قد يكون حقيقةً من نوع آخر”[9] فالتربية التي تروم تكوينَ فرد تكون له قابليَّة المشاركة في التنظيم الذاتي للمجتمع لا تستغني بأي طريقة عن مبدأ الاعتراف كما أن تكوينَ هويَّة أرضيَّة وغرس أخلاق أنثروبولوجيَّة في الفرد يعتمد على نفس المبدأ، بل أبعد من ذلك فإن توازنَ المجتمع واستقرارَه يَنْبَنِي على مسالمة أهله وهذه الأخيرة تستحيل وقتما يدخل المجتمع في تحويل تضارب الأفكار ووجهات النظر إلى حروب بين أصحابها.

2.2-تعليم الهويَّة الأرضيَّة:

     إنَ التقدُم الذي وصل إليه البشر في هذه الألفيَّة الجديدة وما رافقه من اتِّصال وتداخل وتفاعل عن بُعْدٍ يقتضي الاعتراف بوجود فضاء كوني يعي الإنسان بانتمائه إليه، وهو ما لخّصه مورين في سؤاله الدقيق أين نحن؟ فالإجابة عن هذا السؤال يستوجب وجود فضاء مشترَك بين البشر، فضاء كوني لا تنجح أي عمليَّة تربويَّة إلا بإعطاء اعتبار له. إذا قامت الفلسفات التربويَّة الكلاسيكيَّة على نزع الطبيعة العدوانيَّة عن الإنسان وغرس روح اجتماعيَّة متوازنة الغرائز فيه، فإنّها أي الفلسفات التربويَّة في هذه الألفيَّة الجديدة يجب أن تقوم على إعداد إنسان يعي في نفسه مركزيَّة الكونِ ويرى في الكون مركزيتَّهُ، يقول غروتيوزن: ” وحده الحكيم يحرص على الدوام كي يكون تفكيره يشمل كل شيء، فهو لا ينسى أبدا العالم، إنه يفكر ويتصرَّف حسب ما يقتضيه الكون” وفي هذه الحلقة الثنائيَّة بين الوجود الذاتي والوجود الكوني يجب أن تكون العلاقة قائمة على التأثيرات المتبادلة وليس أن تكون علاقة سلطويَّة يُهَيْمِنُ فيها قطبٌ ما على غيره، كما لا يجب أن تنظر فيها الذات إلى نفسها كمستهدَفة من طرف الآخر ولا يحقّ لها استهداف الآخر. بلغة أخرى فالذات في هذه العلاقة شرط الآخر والآخر فيها شرط “الموضوع” (الكون)، والموضوع والآخر شرطان للذات. إنَّ الوعي بهذا الانتماء الشامل يدخل فيه جميع الانتماءات الجزية (أوطان، ديانات، عرقيات، ثقافات إلخ…) ويتعارض هذا الوعي مع أي فكرة قائمة على العزو أو ممارسة تَنْفِي وجودَ الآخر وخصوصياتها. بل أكثر من ذلك فإنَّ هذا الوعي يَتَمَثَلُ في اتخاذ موقف تشاركي  Participative في الكون وهذا ما يعنيه مورين بمفهوم “الأخلاق الأنثروبولوجيَّة”. يقول فرنادسكي: ” لأوَّل مرَّة فَهِمَ الإنسانُ حقا، أنه مقيم في هذا الكوكب، ولربما عليه أن يفكر أو يتصرَّف وفق منظور جديد، وليس فقط انطلاقا من منظور الفرد، والعائلة، والجنس(البشري)، أو انطلاقا من منظور الدولة، أو مجموعة من الدول، ولكن أيضا انطلاقا من منظور كوكبي.”

تقدّم وأن ناقشنا مجموعةً من التعقيدات تمثَّلت في ترابطاتٍ مفصليَّة تقوم عليها فكرة تربية المستقبل والعلاقة بين الفرد والمجتمع والنوع البشري التي تكون فيها (إنسانيَّة الإنسان) مركز العمليَّة. لكن الأمر الذي يبقى غنيّا للبيان هو أن الفكر المركَّب الذي تقتضيه العلاقة الانعكاسيَّة والارتداديَّة لثالوث (الماضي-الحاضر-والمستقبل) والموقف النقدي الذي يجب أخذه تجاه المعرفة الإنسانيَّة في هذه العمليَّة بالإضافة إلى ثالوث (الفرد -المجتمع -النوع البشري) وثالوث (الذات-الآخر-الموضوع) تتشكَّل منها في نهاية الحلقة لايقينيَّات (غياب اليقين) لا تنجح العمليَّة التربويَّة إلا بوضع استراتيجيات وميكانيزمات لمواجهتها.

فإلى أي حدّ يمكن مواجهة اللايقينيات التي تتولَّد من هذه الترابطات المركَّبة؟

ثالثا: مواجهة لايقينيّات في العمليَّة التربويَّة عند مورين

    كانت المجتمعات التقليديَّة تبني تصوّرَها للمستقبل على وجود زمن دوري يضمن إعادةَ إنتاج ما سبق بشكل تَيَقُنِي، أو تَبْنِّي تصوّرَها لهذا المستقبل على ما هو تَقَدُّمِي وبهذا المعنى يتمّ تفسير التاريخ البشري تفسيرا خطيّا يتمّ فيه الانتقال من البسيط إلى المعقَّد أي إلى التقدُّم بشكل حَتْمي. بلغة أخرى إنَّ المستقبل بهذا التصوّر الكلاسيكي إمَّا أن يُعِيدَ إنتاجَ ما حَدَثَ في الماضي أو يضمن تقدّما وحياةً أفضلَ ممّا عليه الحاضر. إنَّ هذا التصوّر الجامد والبسيط للمستقبل يجب أن تهتمّ آلياتُ وميكانيزماتُ التربية بدحضها وتجاوزها وذلك لعدَّة اعتبارات منها؛ كون العصر الحديث يتميَّز بما يمكن تسميته بفقدان المستقبل أولا. وثانيا إن ميزة فقدان المستقبل تُمثِّل بدورها نوعا من لايقينيات يجب على التربية إعداد فرد بوعي انعكاسي بين “مستقبل مفقود” ووقوع اللامنتظَر.

إنَّ المستقبل بهذا المعنى يبقى مفتوحا وغير قابل للتكهُّن، عكس ما كان عليه في المجتمعات التقليديَّة من جاهزيَّة، إن جاهزيَّة المستقبل في التصوّر الماضوي للمستقبل ليست قائمة على التنبّؤ والتكهّن بل كانت قائمة على أساس إعادة الإنتاج التي تتمّ من خلال العمليَّة التربويَّة بآليات جامدة وأفكار ماضويَّة لا يفكر الحاضر في الخروج عنها. وبذلك يكون المستقبل جاهزا بشكل عاشته الأجيال السابقة، وهذا يُعِيدنا إلى مبدأ الحريَّة في العمليَّة التربويَّة حيث إنّه كلما وفَّرت العمليَّة التربويَّة حرّيَّة للأفراد ومشاركةً في صياغة غاياتهم كلما تَمَيَّز حاضرهم بغياب اللايقين. لأنَّ هذه الحريَّة في النهاية ليست شيئا أكثرَ من الربط بين حاضرهم وماضيهم ومستقبلهم بشكل جدلي غير خطِّي. قد يشبه التصوّر اللايقيني للمستقبل نوعا من نَفْيِ تأثيرِ المحدّدات الاقتصاديَّة السوسيولوجيَّة على مجرى التاريخ غير إنها تُؤثِّر عليه بشكل آخر وهذا التأثير لا يعني علاقة ثابتة، بل يتَّخذ هذا التأثير شكلَ مصادفاتٍ وَوُقوعَ اللاَمُنْتَظَرٍ بتعبير مورين، وعلى التربية أَخْذُ ذلك بعين الاعتبار بالمواجهة ويُلَخِصُ إدغار مورين استراتيجيَّات هذه المواجهة في النقاط التالية:

1.3-لايقينيَّة المعرفة:

    يعيدنا هذا النوع من اللايقين إلى ما تقدَّم مناقشته من طبيعة المعرفة وهذا الموقف من المعرفة يضفي طابع المرونة على آليات التربية التي لا تقوم إلا على معارف إنسانيَّة.  يقول إدغار مورين: ” المعرفة هي عبارة إذن عن مغامرة لا يقينيَّة، تتضمَّن في ذاتها وبشكل دائم إمكانيَّة التعرُّض للوهم والخطأ”. إنَّ غياب هذا الوعي اللايقيني في الفعل المعرفي الإنساني يجعل التربية تتَّخذ توجّهات دوغمائيَّة ترفض كل إمكانيَّة للتحقُّق في المعارف التي تقوم عليها التربية. إذن فكل عمليَّة لمواجهة لايقينيات المستقبل يجب أن تضفي على الفعل المعرفي الطابع اللايقيني، الشيء الذي يُمَكِنُ من إجراء فحوصات وتحققات وانتقادات قصد الوصول إلى معرفة ملائمة لحيثيات الواقع والحاضر. فالإجراء الأوَّل من ضروريّات مواجهة اللايقينيات، يتعلَّق الأمر فيه بمبدأ النقد الذي لا مجال فيه للقطع والإطلاق وإنما يكون موقفا إشكاليّا يُتَوَقَعُ فيه الوقوع في الخطأ الذي من شأنه التسبيب في صدمات المستقبل وبالتالي فالمواجهة تتمثَّل في الاستعداد والترقُّب لمثل هذا النوع من اللامنتظَر.

2.3-لايقينيَّات الواقع:

     “إنَّ واقعنا ليس شيئا آخر سوى فكرتنا عن الواقع”[10] يمكن أن نَفهمَ من هذه المقولة إشكالا ابستمولوجيًا يتمثَّل في كون الواقع مُعطَى تَمَثُلِي يتمّ تشكيلُه من خلال عمليَّة ذهنيَّة تَتَمَثَّلُ في إعادة صياغةِ الحدثِ الواقعي بشكل آخر أي إشكال العلاقة بين الصورة والحدث[11]، فكأنَّ الأمر هنا يتعلَّق بموقف شَكِي غير جَزْمِي فيما يجري في الواقع أو بالأحرى “موقف تجاه ما يحدث في الكون”. ويعيدنا هذا اللايقين بشكل ضمني إلى مبدأ الاعتراف الذي أشرنا إليه سابقا، حيث تعطي عمليَّة التربية اعتبارا لمرونة المواقف تجاه الواقع بشكل يعطي للموقف الآخر مجالا للتعبير عن ذاته دون الطمس والتهميش. إذا تمَّ الاستعداد على تبنِّي هذا اللايقين الذي يفسح المجال لإمكانيَّة تأويل الواقع بأشكال متعددة من الرؤى دون التثبت بفكرة الواقعيَّة التي يرى مورين بأنها من دون هذا اللايقين ليس أكثر من وهم قد يؤدِّي إلى النظر إلى اللاواقعيَّة كواقعيَّة ويرفض إمكانيَّة أن تتحوَّل النزعات التي تبدو لاواقعيَّة إلى واقعيَّة. يقول العالم الرياضي والفيلسوف الفرنسي بليز باسكال: ” ليس التناقض علامة على الخطأ وليس اللاتناقض علامة على الصواب”.

3.3-ايكولوجيا الفعل:

    يُعَبِّر إدغار مورين من خلال “ايكولوجيا الفعل” عن مبدأ مهمّ في العمليَّة التربويَّة وهو اعتبار الفعل البشري قرارا واختيارا في نفس الوقت، كما أن هذا الاعتبار يعطي للفعل امكانيَّة أن يأتي متناقضا لمقصده الأصلي لأنَّه مجرَّد أن يصدر من فاعله يدخل في جوٍ تفاعليٍ قد يُجَرِدُهُ عن مقاصده، وبالتالي يكون مراقبة الفعل البشري وتصحيحه أمرا ضروريا في أي عمليَّة تربويَّة. “إن إيكولوجيا الفعل تعني إجمالا الأخذ بعين الاعتبار تعقّد الفعل، وما يحيل إليه من احتمالات، ومبادرات أو قرارات، ومفاجآت، كما يتطلَّب الوعي بالانحرافات والتحوّلات”[12]، ويشير هذا المدخل الإيكولوجي للفعل إلى عدم وجود الكمال في هذا الفعل، فأي عمليَّة تربويَّة يجب أن تنظر إلى الفعل كشيء يتحوَّل أحيانا وينحرف وذلك حسب سياقاته، وبالتالي فوحده المحيط يمكنه أن يتحكَّم في هذا الفعل. فهنا تكمن أهميَّة السياق في التربية لأنه من دون النظر إلى مدى ملائمة آليَّات التربية للسياق الذي تُستخدم فيه يمكن أن يدخل المجتمع في تناقضات تتمثَّل في الجمود على مستوى ذهنيَّة المجتمع والتغيّر والتحوّلات على مستوى مكوناتها في كافة الأصعدة. فمع غياب مبدأ العَصْرَنَةِ في الفعل التربوي لا يمكن الحديث عن التقدُّم على مستوى الفكر والثقافة.

فإيكولوجيا الفعل تعطي إمكانيَّة أن تكون نتائج الفعل على ثلاثة أنواع كما أحصاها هيرشمان وهي كالتالي؛ النتيجة الأولى تتعلَّق بالتأثير السلبي بحيث أن التأثير السلبي وغير المنتظَر أكثر أهميَّة من التأثير المأمول وبالتالي يتمّ التشدّد على مراقبة هذا الفعل. والنتيجة الثانية تتعلَّق بلاجدوائيَّة التجديد، فكلما اعتقدنا أن هناك تغيير، إلا ونحن أمام نفس الشيء[13]، وتأتي النتيجة الثالثة والأخيرة لتتعلَّق بوضع المكتسبات السابقة موضع خطر.

رابعا: مناقشة وخاتمة

   أعتقد بأن سياقنا الإسلامي عموما والسياق العربي والإفريقي خصوصا يُعدّ من أحوج السياقات إلى تطبيقات تربويَّة مستمَدَّة من مداخلة إدغار مورين التربويَّة، وذلك لأن هذا السياق يتميَّز إمَّا بكون ثقافته ثقافةً نصيَّة حيث إنَّ الفعل التربوي فيه أحيانا يقوم على التفسيرات الماضويَّة لهذا النص، أو إما بكون ثقافة هذا السياق ثقافة شفاهيَّة مبنيَّة في بعض الأحيان على “القيل والقال”. في اعتقادي، إنَّ سياقا كهذا يكون الموقف الذي تقترحه فلسفة مورين التربويَّة مهما خاصَّة إذا تعلَّق الأمر بتعامل الفرد المربَى في هذه السياقات مع ما يٌنقل إليه من نصوص ماضويَّة وروايات تخصُّ أسلافَه، فهذه النصوص وهذه الروايات عن الأسلاف باعتبارها معارف إنسانيَّة يجب أن تُخضع للمراجعة والنقد والنظر إليها مع احتمال وقوعها في الخطأ والوهم. بلغة أخرى فالثقافة النصيَّة التي نبني عليها معارفنا وفلسفاتنا التربويَّة يتغيَّب فيها إشراك الفرد المربَى في عمليَّة صياغة غايات المجتمع، فالفرد في هذا السياق لا يخضع لعمليَّة تربويَّة بقدر ما يخضع للترويض حسب التفريق الكانطي للمفهومين كما رأينا ذلك سابقا. وبالتالي فاتِّخاذ موقف نقدي تجاه معارف السابقين ودحض هذه المعارف والتحقُّق فيها وِفْقَ تداعيات وحيثيات الحاضر يصبح ضرورةً ملحةً لا بدّ منها في هذه السياقات وفي أي سياق آخر يتَّخذ نفس الأشكال ويتبنَّى ذات التقليد في عمليَّاته التربويَّة. بعبارة أخرى يجب علينا إعادة النظر في مفهوم الحرّيَّة وتوفير هذه الحريَّة للفرد في العمليَّة التربويَّة حيث يكون له حقّ المشاركة في التعبير وصياغة مشروع حاضره من دون رسم حدود تفصل بينه وبين نصوص تخاطبه بشكل مباشر. بالإضافة إلى أن سياقاتنا يتميَّز بتعدّد وتنوع ثقافاته وجماعاته الأمر الذي يجعل تعليمَ مبدأ الفهم كما يراه مورين مهما، إذ إنَّ تعليمَ هذا المبدأ يساعد على تطبيق مبدأ الاعتراف في العمليَّة التربويَّة. وهذا سيساعد على تجاوز المأزق الذي تمرّ به العمليَّة التربويَّة عندنا، لأن فكرة الخروج عن الانتماءات الجزئيَّة التي طالما عشنا سجناء لها والشعور بانتماء كلي وشامل يجمع هذه الجزئيات في وحدة متنوّعة وفي تنوّع واحد بتعبير مورين، تبقى فكرةً مستحيلةَ التحقّقِ في سياقنا ما لم نُعِد النظر في علاقتنا مع الآخر عن طريق تعليم الفهم في عمليّاتنا التربويَّة.

وممّا أعتقده مهما لسياقنا الإسلامي والإفريقي في فكر مورين التربوي، تَبَنِي مبدأ اللايقينيات ووقوع اللامنتظر الذي ينتج عن الاتِّصال بالكون وعلاقتنا بهذا الكون وعن الترابط المركب بين ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا الغامض، حيث إنَّنا في هذا الاتِّصال يجب ألا ننظر إلى ذواتنا كمستهدفة من الآخر وألا ندخل مع هذا الآخر في علاقات سلطويَّة بل في علاقات تفاعليَّة تبادليَّة أو “عمليَّة تفاوضيَّة هوياتيَّة”  بتعبير الفيلسوف الهندي هومي بابا، حيث ترى الذات نفسَها في هذه العمليَّة مركزا للكون كما ترى في نفسها مركزَ هذا الكون، لأن هذا المبدأ في نهاية الحلقة سيساعد على تفكيك هويّاتنا الضيِّقة والمتخيّلة وإعادة صياغتها بشكل كوني يتميَّز بأخلاقها الأنثروبولوجيَّة.

المصادر والمراجع:

أ-الكتب

1-إدغار مورين، تربية المستقبل المعارف السبع لتربية المستقبل، ترجمة عزيز لرزق ومنير الحجوجي (منشورات اليونسكو 2002).

2-إدغار مورين، الفكر والمستقبل مدخل إلى الفكر المركب، ترجمة أحمد القصوار ومنير الحجوجي، (الدار البيضاء، دار توبقال للنشر 2004).

3-إدغار مورين، إلى أين يسير العالم، ترجمة أحمد العلمي، (السعوديَّة، الدار العربيَّة للعلوم للناشر، 2009).

4-إدغار مورين، في مفهوم الأزمة، ترجمة بديعة بو ليلة، (بيروت، دار الساقي للنشر والتوزيع، 2018).

5-إدغار مورين، المنهج، معرفة المعرفة: أنثروبولوجيا المعرفة (الجزء الثالث) ترجمة جمال شحيد، (بيروت، المنظمة العربيَّة للترجمة،2012).

6-إيميل دوركيم، قواعد المنهج في علم الاجتماع، ترجمة محمود قاسم ومحمد يروي، (الإسكندريَّة، دار المعارف الجامعيَّة1988).

7-إيمانويل كانط، تأملات في التربية، تعريب وتعليق، محمود بن جماعة، (تونس، دار محمد علي للنشر، 2005).

8-سعيد أسماعيل علي، فلسفات تربويَّة معاصر، (كويت، عالم المعرفة 198، يونيو1995).

9-عبد الله عبد الدائم، نحو فلسفة تربويَّة عربيَّة الفلسفة التربويَّة ومستقبل الوطن، (بيروت، مركز دراسات الوحدة العربيَّة، 2000).

ب-المقالات:

1-إدغار مورين، فهم شرط الانسان: رهان لتربية المستقبل، ترجمة عزيز مشواط، (مجلة رؤى تربويَّة، العدد29).

2-جرمان فاطمة، الأخلاقيات الكوكبيَّة عند إدغار مورين، (مجلة تطوير العدد8 ديسمبر2019).

3-سعيد عبد الفتاح، البنيَّة الديناميكيَّة للمجتمع المعاصر، (مجلة الدراسات والبحوث الاجتماعيَّة، العدد1 4-سبتمبر2013).

5-مسيكة خولة وداوود خليفة، التربية كرهان لتغيير المستقبل نحو توجه جديد للتربية عند إدغار مورين، (التعلميَّة، مجلة6 العدد1، ديسمبر2018).


[1] إدغار مورين، تربيَّة المستقبل المعارف السبع لتربيَّة المستقبل، ترجمة عزيز لرزق ومنير الحجوجي (منشورات اليونسكو 2002) ص45.

[2] عبد الله عبد الدائم، نحو فلسفة تربويَّة عربيَّة الفلسفة التربويَّة ومستقبل الوطن، (بيروت، مركز دراسات الوحدة العربيَّة، 2000) ص 67.

[3] إدغار مورين، إلى أين يسر العالم؟ ترجمة أحمد العلمي، (المحلة الثقافيَّة السعوديَّة في فرنسا (2007) 15ص -16.

[4] إدغار مورين، تربيَّة المستقبل المعارف السبع لتربيَّة المستقبل، ترجمة عزيز لرزق ومنير الحجوجي (منشورات اليونسكو 2002) ص 23.

[5] إيميل دوركيم، قواعد المنهج في علم الاجتماع، ترجمة محمود قاسم ومحمد يروي، (الإسكندريَّة، دار المعارف الجامعيَّة1988) ص59-64.

[6] إدغار مورين، الفكر والمستقبل مدخل إلى الفكر المركب، ترجمة أحمد قصوار ومنير الحجوجي، (الاسكندريَّة، منتدى المكتبة الاسكندريَّة،2004) ص 37.

[7] إدغار مورين، تربيَّة المستقبل المعارف السبع لتربيَّة المستقبل، ترجمة عزيز لرزق ومنير الحجوجي (منشورات اليونسكو 2002) ص 63.

[8] نفس المرجع ص 49.

[9] إدغار مورين، الفكر والمستقبل مدخل إلى الفكر المركب، ترجمة أحمد قصوار ومنير الحجوجي، (الاسكندريَّة، منتدى المكتبة الاسكندريَّة،2004) ص 86.

[10] إدغار مورين، تربيَّة المستقبل المعارف السبع لتربيَّة المستقبل، ترجمة عزيز لرزق ومنير الحجوجي (منشورات اليونسكو 2002) ص 79.

[11] إدغار مورين، المنهج، معرفة المعرفة: أنثروبولوجيا المعرفة (الجزء الثالث) ترجمة جمال شحيد، (بيروت، المنظمة العربيَّة للترجمة،2012) ص195.

[12] إدغار مورين، الفكر والمستقبل مدخل إلى الفكر المركب، ترجمة أحمد قصوار ومنير الحجوجي، (الاسكندريَّة، منتدى المكتبة الاسكندريَّة،2004) ص 64.

[13] إدغار مورين، تربيَّة المستقبل المعارف السبع لتربيَّة المستقبل، ترجمة عزيز لرزق ومنير الحجوجي (منشورات اليونسكو 2002) ص 80-83.

جديدنا